
"معرض الدوحة للكتاب".. عشرة أيام في شوارع الكتب
اختتمت وزارة الثقافة القطرية، مساء أمس السبت، الدورة الرابعة والثلاثين من
معرض الدوحة الدولي للكتاب
وشعارها "من النقش إلى الكتابة"، التي عرفت خلال عشرة أيام منذ الثامن من مايو/أيار الجاري أوسع مشاركة دولية ومحلية من دور النشر مقارنة بالدورات السابقة، وكذلك الأنشطة الثقافية في مساحات أرض المعرض كافة، خصوصاً المسرح الرئيسي والصالون الثقافي.
ووفق ما قاله جاسم البوعينين، مدير المعرض في تصريحات ختامية للصحافة المحلية فإنّ عدد زوار المعرض كان أضعاف ما سجلناه في الدورة السابقة، وإن من أبرز مخرجات هذه الدورة، وفقاً للبوعينين، نجاح مبادرة الترجمة التي أطلقت يوم افتتاح المعرض، إذ جرى توقيع حوالى مئة اتفاقية بين
دور نشر قطرية
ومؤسسات دولية لترجمة كتب قطرية، والإعلان عن الفائزين بجائزة معرض الدوحة الدولي للكتاب بفئاتها المختلفة، إلى جانب جائزة أفضل جناح في المنطقة المخصّصة لمنشورات الطفل. وشاركت في المعرض أكثر من 522 دار نشر من 43 دولة، من بينها 11 دار نشر من فلسطين تشارك لأول مرة، ودور نشر من الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، إضافة إلى مكتبات شارع الحلبوني السورية التي تمثل سوق الكتب الشهيرة في العاصمة السورية دمشق.
وُقّعت حوالى مئة اتفاقية مع مؤسّسات دولية لترجمة كتب قطرية
وأعلنت وزارة الثقافة عن الدورة الأولى من جوائز معرض الدوحة الدولي للكتاب، إذ فاز بجائزة التميّز للناشر القطري دار الوتد، بينما نالت دار العين للنشر والتوزيع جائزة التميز للناشر الدولي. وفي مجال كتب الأطفال، ذهبت جائزة الناشر القطري المتميز إلى دار كتاتيب، بينما فازت دار أصالة بجائزة الناشر الدولي المتميز لكتب الأطفال، أما في فئة المؤلفين، فقد فاز فيصل الأنصاري بجائزة الإبداع عن روايته "نيران توبقال"، وحازت الكاتبة القطرية عذبة المسلماني جائزة الإبداع عن كتابها "الأفق الأندلسي القصي"، وفي فئة أجمل جناح في المعرض، فازت مكتبة عبد العزيز السيد التراثية. ويبلغ إجمالي قيمة الجوائز 160 ألف ريال قطري، تُمنح بواقع 30 ألف ريال للفئات الأربع الأولى، و40 ألف ريال لأفضل جناح و20 ألف ريال لفئتي أفضل مؤلف وأفضل مؤلف شاب في المعرض.
واختيرت فلسطين لتكون ضيف شرف هذه الدورة، ومثّل جناح فلسطين الرسمي بانوراما ثقافية تعبر عن المجتمع والتاريخ والمنجز الحضاري لهذه الجغرافيا قبل وقوع النكبة على أرضها، ثم الشتات واللجوء الفلسطيني. وافتتحت الفعاليات الفلسطينية في اليوم الأول من هذه الدورة بلقاء مع وزير الثقافة الفلسطيني عماد عبد الله حمدان بعنوان "واقع الثقافة الفلسطينية".
وجرت على مدار أيام المعرض ندوات ومحاضرات وأمسيات شعرية مشتركة بين شعراء فلسطينيين وقطريين، منها "الرواية الفلسطينية في مواجهة زيف رواية النقيض" تناول فيها كل من الناقد فخري صالح ونهى عفونة العايدي والروائي أحمد رفيق عوض سرديات الفلسطينيين خلال مئة عام، طارحين أسئلة حول نقاط قوة هذه السرديات ونقاط ضعفها. وتبعتها شهادات وتجارب للرواية الفلسطينية في الوطن والشتات شارك فيها الروائي إبراهيم نصر الله والروائي حسن حميد والروائية دعاء الزعبي، وقد مثلت الشهادات عينة من واقع الحال الفلسطيني سياسياً بوصفه نتاج استعمار متواصل، فالثلاثة قادمون من ثلاث مناطق مما يعرف الفلسطينيون أنفسهم بها وهي؛ البلاد والمخيّمات والشتات.
ومن قلب القدس جاءت ندوة "واقع المؤسّسات الثقافية في القدس المحتلة"، بمشاكرة الروائية ديمة السمان والكاتب طلال أبو عفيفة والناشطة الثقافية ومديرة مركز يبوس رانيا الياس، والندوة تكشف كما في كل مرة أن القدس تتعرض للتجريف والتهويد في بث حي، وفي كل مرة ينادي المثقفون والناشطون بأن ثمة حلولاً عربية مأمولة لمساعدة المقدسيين على الثبات وعدم انهيار مؤسساتهم الرمزية. واستُضيف الكاتب عيسى قراقع والكاتب نزار التميمي ليتحدثا في ندوة حول "أدب المعتقلات في سجون الاحتلال بين الواقع والإبداع"، إذ تناولا مسيرة هذه الإبداعات والأرواح العزلاء التي تحاول بقوة الوصول إلى العالم الخارجي، كما في نموذج وليد دقة الذي واصل كتابته حتى قضى داخل السجن، وفي نموذج باسم خندقجي الذي فازت روايته من داخل السجن بالجائزة العالمية للرواية العربية العام الماضي، وحضرت القصيدة في هذه الفعالية التي تكرم ضيف الشرف، فجاءت أمسية شعرية ضمت عدداً من الشعراء الفلسطينيين والقطريين تحت عنوان "السدرة والزيتون".
وخصّصت للأنشطة والكتب والإصدارات الخاصة بالأطفال والناشئة مساحة واسعة ضمت إلى جانب دور النشر العربية والأجنبية، أنشطة تفاعلية من أبرزها ما قدمه مركز شؤون المسرح التابع لوزارة الثقافة من العروض المسرحية، وذلك من خلال أربع فعاليات نوعية قدمت على مدار أيام المعرض، تجمع بين الترفيه والتعليم في قالب فني مبسط وجاذب. من التاسعة صباحاً حتى العاشرة مساء كانت ساحات المعرض تزدحم بالأنشطة الثقافية والفنية، المعتمدة على العنصر البشري وصولاً إلى الروبوتات، ويومياً يتبادل فنانون مسرحيون حمل مهمة عروض الشارع الشعرية التي تمثل شعراء وشاعرات من أصحاب المعلقات حتى محمود درويش ونزار قباني، كما لم تتوقف طوال أيام المعرض حفلات توقيع الكتب.
مثّل جناح فلسطين بانوراما معبّرة عن المجتمع والتاريخ
وخارج مركز المعارض الكائن في منطقة الدفنة في العاصمة الدوحة، كان مسرح المياسة في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، مكاناً آخر لفعاليات معرض الدوحة للكتاب، التي تحتاج إلى مكان جماهير واسع، فاستُضيفت ليلة غنائية بعنوان "لبنانيات.. مع عمر الرحباني" بمشاركة أوركسترا قطر الفلهارمونية، وشاركت "فضاءات ميديا"، في جملة من النشاطات الثقافية من خلال جناح يضمّ قناة "العربي2" وموقع وصحيفة "العربي الجديد"، مقدماً مساحة تفاعلية أتاحت للزوار خوض تجربة إعلامية مباشرة، شملت اختبار مهارات التقديم والحوار في استوديو "العربي2"، بالإضافة إلى تجربة فيديو 360 درجة باستخدام تقنية الواقع الافتراضي، ومعرض صور يوثق أبرز محطات "العربي الجديد" منذ نشأته.
جانب من ندوة عارف حجاوي
وقدمت مجموعة "فضاءات ميديا" سلسلة من المشاركات الثقافية بدأت بـ"حديث الألف" وهي الندوة الشهرية التي تعقد عادة في مكتبة "ألف" التابعة للمجموعة، لكن هذه المرة تقرّر أن تكون ضمن معرض الكتاب، واستُضيف في هذا اللقاء الذي أقيم في الصالون الثقافي الروائي الفلسطيني السوري تيسير خلف ليتحدث عن تجربته الإبداعية التي تنهل من التاريخ والخيال.
ولم تغب ذكرى النكبة يوم 15 مايو/ أيار عن برنامج الفعاليات، إذ جاءت محاضرة رئيس تحرير "العربي الجديد" معن البياري بعنوان "أدب الإبادة في غزة.. نصوص بمداد الدم"، مبتدئاً بمقدمة حول ما وقع على المؤسّسات الثقافية في غزة، وهي ذات عدد كبير، لم يعد لأغلبها أي أثر، كما عدَّدَ قائمة من الكتاب والفنانين الذي استشهدوا منذ بدء حرب الإبادة والمستمرة إلى الآن، أما جوهر "نصوص مداد الدم"، فقد استند البياري فيه إلى كتاب "استعادات مقلقة: مئة كاتب وفنان من غزة يكتبون عن الحرب" الذي صدر في كتابين من تحرير الروائي عاطف أبو سيف. وقرأ البياري مقتطفات من هذه النصوص التي شارك فيها روائيون وقصاصون وشعراء وباحثون وفنون تشكيليون وصناع محتوى، داعياً إلى أن تُستثمر هذه النصوص في أوعية إبداعية أخرى مثل السينما والمسرح. وعلى المسرح الرئيسي كان لقاء مع عارف حجاوي الكاتب والإعلامي في تلفزيون "العربي 2"، بعنوان "اللغة العربية بخير"، دافع فيها عن التعليم باللغة العربية، وخصوصاً المواد العلمية كالرياضيات، مستنداً إلى العديد الدراسات التي تؤكد أن التدريس باللغة الأم هو الأنجع لتحصيل علمي مميز، قائلاً "إذا أردنا أن نكون فاعلين في هذا العالم، فلا بدّ أن نحمل أدواتنا الفكرية بلغتنا، لا بلغة الآخر".
كما عرفت أيام المعرض العشرة ندوات عديدة تناول بعضها "صناعة المحتوى الثقافي وتحولات الوعي العربي"، و "المعرفة بين الكتاب والبودكاست والأدب الرقمي.. التدوين والتأثير"، وسلسلة من الندوات المتعلقة بسير المكتبات الشخصية وأصحابها، وندوة حول صناعة النشر بين العالمَين العربي والغربي، والمؤسّسات الثقافية ما بين صون المعرفة ونشرها، وأخرى في البلاغة العربية ومقابلها الغربي بعنوان "معنى المعنى في البلاغة العربية واللسانيات الغربية"، وتناول الناقد والأستاذ الجامعي صبري حافظ الذي سنحت فرصة الدورة الرابعة والثلاثين من المعرض أن يعود ثانية إلى الدوحة من مكان عيشه في لندن، بعد غياب سنوات منذ كان يدرس في جامعة قطر، فكانت محاضرته "تحولات دور المثقف في الواقع العربي.. مقاربة ثقافية اجتماعية" احتفالاً بعودته والاستماع إلى نتاجه المعرفي الذي يتسم بالعمق والانخراط المباشر في التحولات السياسية والثقافية في الوطن العربي.
آداب
التحديثات الحية
نحلةٌ في معرض الدوحة للكتاب
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 دقائق
- الجزيرة
فرنسا تستدعي السفير الإسرائيلي بعد إطلاق النار على دبلوماسيين في جنين
انضمت فرنسا إلى دول أوروبية باستدعاء السفير الإسرائيلي لديها احتجاجا على إطلاق النار على موكب الدبلوماسيين في جنين. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ 4 دقائق
- الجزيرة
معاهدة مياه نهر السند تشعل التوتر بين الهند وباكستان
معاهدة مياه نهر السند تشعل التوتر بين الهند وباكستان أُبرمت معاهدة مياه نهر السند عام 1960 بين الهند وباكستان بهدف تنظيم استغلال الموارد المائية للأنهار المشتركة بين البلدين. اقرأ المزيد ومنحت المعاهدة باكستان حق استغلال ثلاثة أنهر غربية، ومنحت الهند حق الاستفادة من ثلاثة أنهر شرقية. المصدر : الجزيرة


الجزيرة
منذ 4 دقائق
- الجزيرة
ماكرون غاضب من وزرائه بعد تقرير بشأن تأثير الإخوان في فرنسا
نقل موقع بوليتيكو عن مصادر حكومية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدا غاضبا للغاية في اجتماع لمجلس الدفاع الفرنسي، ووجّه انتقادات حادة لوزرائه بعد تسريب تقرير بشأن تأثير الإخوان المسلمين في فرنسا. وذكر الموقع أن ماكرون اتهم وزراءه بعدم تقديم حلول كافية لمواجهة "التهديد" الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين. وأوضح أن التقرير كان من المقرر أن يُنشر أمس الأول الأربعاء، لكن مكتب ماكرون أرجأ نشره بعد تسريبه إلى وسائل إعلام مقربة من اليمين، الأمر الذي أحرج الرئاسة الفرنسية. وقال الموقع إن أصابع الاتهام بشأن التسريب وُجّهت إلى وزير الداخلية برونو روتايو الذي ارتفعت شعبيته بشكل كبير منذ انضمامه إلى حكومة ماكرون سبتمبر/أيلول الماضي، وتشير استطلاعات مبكرة إلى أنه قد يكون منافسا جديا في انتخابات الرئاسة لعام 2027. وناقش روتايو -الذي انتُخب مؤخرا لقيادة حزب الجمهوريين اليميني- في الأيام الأخيرة تقرير تأثير الإخوان المسلمين في مقابلات متعددة مع وسائل الإعلام الفرنسية، متهما الجماعة بمحاولة دفع المجتمع الفرنسي نحو تطبيق الشريعة الإسلامية. ووفقا لما تسرّب من التقرير، تواجه جماعة الإخوان المسلمين اتهامات بالسعي لدفع أجندتها "الأصولية" في جميع أنحاء فرنسا وأوروبا، بأنها تشكّل "تهديدا للتماسك الوطني" في فرنسا. ونقل موقع بوليتيكو عن أحد مساعدي ماكرون تقليله من دور وزارة الداخلية في هذه القضية، مؤكدا أن جميع القرارات الرسمية ستُتخذ في اجتماعات مجلس الدفاع التي يترأسها ماكرون. تنديد بالتقرير وتم إعداد التقرير بشأن جماعة الإخوان من طرف موظفين رفيعين بتكليف من الحكومة، وركّز على دور "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا"، والذي وصفه بأنه "الفرع الوطني للإخوان المسلمين في فرنسا". وندد الاتحاد بتلك الاتهامات "التي لا أساس لها" وحذّر من الخلط "الخطير" بين الإسلام والتطرف، وقال في بيان "نرفض بشدة أي اتهامات تحاول ربطنا بمشروع سياسي خارجي"، محذّرا من "وصم الإسلام والمسلمين". وتابع أن "الاتهام الدائم يُشكّل العقول ويثير المخاوف وبكل أسف، يساهم في أعمال العنف"، مشيرا إلى حادثة مقتل المالي أبو بكر سيسيه (22 عاما) بطعنه عشرات المرات، بينما كان يصلي داخل مسجد في جنوب فرنسا. وأثار التقرير ردود فعل حادة، إذ اتّهمت زعيمة اليمين المتشدد مارين لوبان الحكومة بعدم التحرك، قائلة على منصة "إكس" إنها لطالما اقترحت إجراءات "للقضاء على الأصولية الإسلامية". وقال رئيس حزبها " التجمع الوطني" جوردان بارديلا عبر إذاعة "فرانس إنتر" "إذا وصلنا إلى السلطة غدا، فسنحظر الإخوان المسلمين". لكن البعض دانوا ما يقولون إنه تزايد رهاب الإسلام في فرنسا، وقال اليساري جان لوك ميلانشون على منصة "إكس" إن "رهاب الإسلام تجاوز الحد"، واتهم المسؤولين بدعم "النظريات الوهمية" للوبان ووزير الداخلية روتايو.