
فريق البحرين وأمريكا.. ما وراء الشعار
"فريق البحرين وفريق أمريكا هما فريق واحد"، قد تبدو هذه العبارة التي أطلقها السفير الأمريكي في المنامة، ستيفن بوندي، خلال احتفال السفارة الأمريكية في البحرين بمناسبة عيد استقلال الولايات المتحدة لعام 2025، مجرد مجاز بلاغي في سياق احتفالي. لكنها في الحقيقة مفتاح لفهم فلسفة عميقة تحكم العلاقات البحرينية الأمريكية، ونافذة لفهم كيف تنتقل الشراكات من المستوى الرسمي إلى الفضاء الشعبي والإنساني.
لم تكن كلمة السفير عرضاً نمطياً لإنجازات ثنائية أو تأكيداً مجدداً على المصالح المشتركة، بل كانت قراءة حيوية لتطور العلاقة، من كونها تحالفاً سياسياً إلى شراكة قائمة على القيم والتفاعل المجتمعي.
فحين اختار السفير أن يسلّط الضوء على الشباب والرياضة، لم يكن ذلك اختياراً عابراً، بل يعكس وعياً متقدماً بأهمية بناء جسور مستقبلية لا تقوم فقط على اتفاقيات أو تعاون أمني، بل على الاستثمار في الإنسان.
الحديث عن الشباب لم يأتِ من فراغ؛ في عالم يسير بسرعة الضوء نحو التغيير، لا بد أن تكون العلاقات الدولية مرنة ومبنية على عناصر قادرة على الصمود والتحول. والشباب، بما يملكون من طاقات وطموحات، هم هذه العناصر.
وبالمثل، فإن الرياضة، كلغة عالمية، تملك قدرة ناعمة على توحيد الشعوب بما لا تملكه الدبلوماسية التقليدية.
ولعل الجانب الأهم في خطاب السفير بوندي هو إشادته بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، ليس فقط من باب المجاملة الدبلوماسية، بل تأكيداً على أن هذه الشراكة تحظى برعاية من أعلى المستويات، وتُدار برؤية تدرك أهمية التوازن بين الأمن والتنمية، وبين الحاضر والمستقبل.
ما يلفت الانتباه أيضاً هو الإشارة إلى مجالات التعاون الواسعة: التعليم، التكنولوجيا، الطاقة، الأمن، وغيرها.
هذا الاتساع يؤكد أن العلاقة لا تُختصر في ملف واحد، بل هي نسيج متشابك من المصالح والرؤى، وهو ما يمنحها استدامة ومرونة في مواجهة التحديات.
كلمة السفير بوندي لم تكن مجرد خطاب احتفالي، بل كانت وثيقة سياسية وإنسانية تحمل بين سطورها تصوراً متقدماً لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول. علاقات تبنيها الفرق، لا الجدران. ولا يمكن قراءة كلمة السفير بوندي بمعزل عن السياق الجيوسياسي الأوسع.
فالعلاقات البحرينية الأمريكية تأتي في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات إقليمية وتحديات عابرة للحدود، من تغير المناخ إلى تحولات الاقتصاد الرقمي.
في مثل هذا الواقع، تبرز أهمية أن تقوم العلاقات الثنائية على أسس لا تتغير بتغير الإدارات أو المصالح المؤقتة، بل على رؤية بعيدة المدى تدمج الأمن بالتنمية، والسياسة بالثقافة. كما أن ما يميز الخطاب هو التركيز على القيم المشتركة، مثل التعاون والانفتاح وتمكين الأفراد، بدلًا من اقتصار العلاقة على البعد العسكري أو الاقتصادي.
وهذا يعكس تحولاً في كيفية بناء النفوذ الأمريكي خارج حدوده، نحو ما يمكن تسميته بالدبلوماسية الذكية، التي تسعى لتأسيس تحالفات طويلة الأمد قائمة على الثقة والتفاعل الإنساني.
إن رسالة الفريق الواحد ليست فقط تعبيراً مجازياً، بل دعوة لإعادة تعريف مفاهيم الشراكة والتحالف في القرن الحادي والعشرين، بأسس أكثر إنسانية واستدامة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ ساعة واحدة
- البلاد البحرينية
مدرسة الروابي تحتفي بتخريج الفوج الحادي عشر
حسين المرزوق: احتفلت مدرسة الروابي الإعدادية الثانوية بتخريج الفوج الحادي عشر للعام الدراسي 2024 - 2025، الذي يضم 170 خريجا، وبذلك يكون عدد الخريجين من مدرسة الروابي الإعدادية الثانوية 869 خريجا. وبهذه المناسبة، ألقى المدير العام لمدرسة الروابي عبدالستار العامري كلمة قال فيها 'نحتفل اليوم معا، في هذا اليوم الأغر، بثمار سنوات من الجد والاجتهاد والعطاء؛ لنكرم نخبة متميزة من خريجي مدرسة الروابي، الذين يقفون اليوم شامخين بعد أن أكملوا رحلتهم التعليمية في هذه المرحلة، وحققوا الإنجاز الذي طالما انتظروه، فهنيئا لهم، وهنيئا لأسرهم، وهنيئا لوطنهم'. وتابع 'وفي هذا العام تحديدا، نحتفي بتخرج الدفعة الحادية عشرة من أبنائنا، ليبلغ بذلك عدد خريجي مدرسة الروابي منذ تأسيسها إلى اليوم 869 طالبًا وطالبة، وهذا الرقم ليس مجرد عدد، بل هو شهادة حية على التزامنا المستمر بالمساهمة الفاعلة في دعم مسيرة التربية والتعليم، ونهدي هذا الإنجاز لمملكة البحرين العزيزة، وقيادتها الرشيدة تحت لواء حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، الذي يقود مسيرة التطوير والتنمية بكل حكمة واقتدار. إن هذا العطاء هو عربون وفاء وتقدير لما تبذله المملكة من جهود جبارة في سبيل بناء الإنسان، ونحن فخورون بأن نكون جزءًا من هذه المسيرة المبارك، كما نهدي هذا الإنجاز إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء، وحكومته الرشيدة التي تسمو بمملكتنا الحبيبة من خلال السهر على الرقي الاقتصادي والاجتماعي وتطوير شتّى مجالات الحياة بما فيها المجال التعليمي التربوي'. وأضاف 'كما نعرب في هذا السياق عن جزيل شكرنا وعظيم تقديرنا لمجهودات وزارة التربية والتعليم، وعلى رأسها سعادة وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن مبارك جمعة؛ إذ لم يدخر جهدا في دعم التربية والتعليم في المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء، بما يضمن مستقبلا زاهرا لأبنائنا في مسيرتهم التربوية التعليمية'. تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.


البلاد البحرينية
منذ 2 ساعات
- البلاد البحرينية
لماذا يتسرع البعض في اتخاذ مثل هذا القرار؟
تسلم نائب الرئيس التنفيذي طلبًا من أحد مديريه بإقالة الموظف يوسف. في اجتماعه مع المدير وجّه النائب هذه الأسئلة إليه: هل هذا هو قرارك الأخير؟ هل فكرت في تبعات هذا القرار على الموظف وأفراد أسرته؟ هل أنت مقتنع بعدالة هذا القرار لأنك وكما بيّنت لنا بأن يوسف كان متميزًا في أدائه قبل أن يتدنى مستواه في الفترة الأخيرة كما قلت؟ تابع النائب أسئلته الموجهة للمدير: هل جلست مع الموظف للتعرف ربما على أسباب تدني أدائه وإمكانية التعاون معه في وضع الحلول المناسبة للارتقاء بمستوى أدائه؟. . في الحقيقة لم يستطع المدير إقناع رئيسه بالموافقة على إقالة يوسف وخاصة أنه - أي المدير، لم يجتمع مع الموظف للتعرف على الأسباب. لحظات صمت ربما جعلت المدير يفكّر ويحلل ويجيب بصراحة بينه وبين نفسه على تلك الأسئلة التي وجهها إليه رئيسه النائب. كما وأنه وضع نفسه محل الموظف يوسف .. قطع النائب لحظات الصمت تلك قائلًا للمدير وبصوت هادئ: أنت تعلم بأن العاملين معنا يريدون منا الاهتمام بهم كأفراد، يريدون منا الاقتراب منهم أکثر، کما ويريدون منا الشعور الإنساني والعاطفي تجاههم وليس التعامل معهم وكأنهم (روبوتات) يؤدون ما عليهم دون أي إحساس وتقدير لجهودهم. . توقف النائب عن الحديث فقد دخلت السكرتيرة مكتبه لتبلغه بأن الموظف يوسف يطلب الإذن بالدخول لتقديم الحلوى له ولرئيسه المدير احتفاءً بنجاح العملية الجراحية التي أجريت لابنه والذي كان يعاني من مرض خلال الفترة الأخيرة ومنّ الله عليه بالشفاء. كما ويريد أن يشكر الإدارة على تفهمها لظروفه ودعمها له خلال تلك الفترة الصعبة. ما رأيك سيدي القارئ؟ كيف هو شعور وموقف المدير الآن؟.


الوطن
منذ 4 ساعات
- الوطن
أطفال آلاء النجار.. وأشلاء الضمير العربي
في مستشفى ناصر بخان يونس، وقفت الطبيبة آلاء النجار لتتعرف على أشلاء أطفالها التسعة، الذين أحرقهم قصف إسرائيلي غادر لمنزلها. تسعة أرواح، كانت تودعهم بقبلات صباحية دافئة، عادت إليها في أكياس سوداء ممزقة! يا لها من لحظة، حين تقف أم بلا عزاء، بلا ملامح لصغارها، والقاتل طليق، والعدالة غائبة. مأساة آلاء ليست استثناء، بل عنوان لفجيعة غزة التي تهز الضمائر، وتكشف زيف الإنسانية. في شوارع غزة، الأمهات والآباء يفتشون بين الأنقاض عن بقايا أطفالهم، رأس هنا، كف هناك. الآباء يجمعون جثث أبنائهم في أكفان بلا هوية، والصرخات تنطلق من عيونهم قبل أفواههم. لكن السؤال الأقسى، أين نحن، نحن العرب، من هذه الكارثة؟ لماذا نقابل المجازر بصمت بارد، بينما الغرب، الذي اتهمناه بالجمود، يستيقظ ضميره؟ في أوروبا وأمريكا، تتصاعد المظاهرات الداعمة لفلسطين. طلاب الجامعات في بريطانيا وفرنسا يعتصمون، مطالبين بوقف الدعم العسكري لإسرائيل. سياسياً، أوروبا شددت لهجتها، وأوضحت رأيها المعارض لهذه المجازر تصريحات وزراء وبرلمانيين كلها نددت بهذه المجاز. بينما في عالمنا العربي، تتلاشى الحملات الشعبية، وتتحول المجازر إلى أخبار عابرة، مجرد سطور وأخبار، «استشهد كذا، دُمر كذا». نطلق تنهيدة، نكتب «حسبنا الله» في تعليق سريع على وسائل التواصل، ثم نعود لحياتنا كأن شيئاً لم يكن! أي زمن هذا الذي صارت فيه دماء أطفال غزة خبراً عادياً في عالمنا، بينما يتحول إلى صرخة احتجاج في الغرب؟ أي تناقض هذا الذي يجعلنا، نحن أصحاب القضية، نغرق في اللامبالاة، بينما يستيقظ ضمير الآخرين؟ هل هانت علينا دماء إخواننا؟ هل وصلنا إلى مرحلة من الغربة الروحية تجعلنا لا نكترث لصرخة أم تبحث بين الجثث قائلة: «وينهم أولادي؟» إن هذا التناقض ليس مجرد عار، بل هو امتحان أخلاقي لنا جميعاً. فبينما يتحرك الغرب، شعوباً وسياسيين، لنصرة غزة، يبقى صمتنا نحن العرب وصمة على جبين إنسانيتنا. لقد صار واجباً على كل من يحمل نبضاً إنسانياً أن يرفض هذا الصمت، أن يقول «لا» لهذا القبح، أن يكتب، أن يصرخ، أن يتحرك. دماء أطفال غزة ليست مشهداً عابراً، بل هي اختبار لكرامتنا. إما أن ننجح فيه بإنسانيتنا، أو نسقط في عار الصمت الأبدي.