
عبدالعزيز النصار... خصم قادم للمسرح التقليدي
في العام الماضي، كتبتُ مادحاً التجارب المسرحية لأحمد العونان، خالد المظفر، مبارك المانع، ومحمد الحملي، الذين حافظوا على توهجهم واستمروا في إبهار الجمهور هذا العام بأعمال تحمل روحاً عالية من الحرفية والتجديد. واليوم، لا يمكن الحديث عن الصفوف الأولى في المسرح الكويتي من دون أن نضع اسم عبدالعزيز النصار بثقة واعتزاز في صميم هذا المشهد، ليس فقط كفنان أو مخرج، بل كمشروع مسرحي متكامل أخذ يتبلور ويتبلّغ في السنوات الأخيرة، حتى بات منافساً يُحسب له ألف حساب.
عبدالعزيز النصار هو أحد أهم مخرجات مسرح النجم حسن البلام، الذي لم يكتفِ بإعطائه فرصة الظهور، بل احتضن طاقته ومنحه المساحة ليبدع ويخوض مغامرة المسرح من الزوايا التي تُشبهه، وتناسب فكره وأسلوبه، عبر «قروب البلام». هذه البيئة الحاضنة كانت بمثابة التربة الخصبة التي نما فيها النصار، لكن ما يميّز رحلته هو أنه لم يكتفِ بأن يكون امتداداً لأستاذه، بل قرر أن يكون كياناً فنياً مستقلاً، يحمل رؤيته الخاصة ويغوص في أعماق النصوص ليقدّم عروضاً تنبض بالفكرة والذكاء والجرأة.
في مسرحية «عيال إبليس»، تفوّق النصار على نفسه وقدّم بياناً ناضجاً يُعلن فيه تحرّره من كل قواعد النجاح التقليدية، ليثبت أن الإصرار والتوجّه الجاد هما القاعدة الوحيدة الحقيقية. المسرحية لا تستعرض حكاية بقدر ما تضع المتفرج في مواجهة مع فكرة: هل الإنسان هو ابن بيئته أم ابن اختياره؟ وهل يمكن للخير أن ينتج من قلب الظلمة؟ في هذا العمل طرح رؤى فلسفية مغلفة بالسخرية، جاعلاً من الضحك أداةً لتفكيك البنية الاجتماعية السلبية، ومن المسرح منبراً حين أكد أن الشيطان ممكن أن يكون على هيئة إنسان.
ما يُحسب للنصار ويُسجّل له كعلامة نُضج وتميّز، هو اختياراته الدقيقة لمن يرافقونه في رحلته المسرحية، حيث آمن بالمنظومة، ووثق في كفاءة فريقه، فكان على قدر التحدي. إن الأسماء التي شاركته العمل شيماء سليمان، غادة الزدجالي، محمد الدوسري، نوف السلطان، خالد السجاري، الدكتور موسى كاظم، محمد فايق، وخالد الثويني، لم تكن مجرد ممثلين يؤدون أدواراً، بل هم شركاء في بناء الحالة، وجنود يرفعون راية المسرح الجديد الذي يريد النصار ترسيخه. وهذا الرهان على الجماعة بدلاً من الفرد، وعلى الفكرة بدلاً من النجم، هو ما يجعل مشروع عبدالعزيز النصار أكثر نضجاً مما قد يُفهم من مجرد متابعة سريعة، هو لا يبحث عن المسرح كحدث، بل كحالة، وكرسالة.
ولا يمكن الحديث عن «عيال إبليس» من دون التوقف عند القلم الذي كتب هذا النص، الكاتب أحمد العوضي، الذي قدّم عملاً يُحسب له كتحوّل فكري في الكتابة المسرحية الكوميدية. العوضي صاغ متاهة فكرية مدهشة، مزج فيها الموروث الديني بالطرح الاجتماعي، من دون أن يقع في المباشرة أو الوعظ، ومن دون أن يفقد حسّ الفكاهة أو العمق. أما المخرج جمال الشطي، فقد لعب الدور الأهم في ترجمة هذا النص إلى عرض حي، رؤيته الإخراجية كانت شريكة في صناعة المعنى، وليس فقط في تنظيم الحركة على الخشبة، اشتغل على تكوينات المشهد كما لو أنه يرسم لوحة، وأدار الممثلين بعين سينمائية تُدرك أن المسرح لا يُخاطب العيون فقط، بل الأرواح.
نهاية المطاف: هناك نجوم لا ينتظرون التصفيق... بل يفرضونه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- الأنباء
شيماء سليمان تعود لـ «شي ثاني»
عادت الفنانة شيماء سليمان الى تقديم برنامجها الإذاعي «شي ثاني» عبر إذاعة مارينا إف إم مع المذيع علي نجم، من بعد فترة غياب بسبب ارتباطها بعروض مسرحيتها «عيال إبليس» التي مازالت تعرض بعد نجاحها منذ بداية عرضها في عيد الفطر الماضي، وكان من اللافت تفاعل الجمهور معها عبر المكالمات الهاتفية للبرنامج بسعادتهم بعودتها للبرنامج الذي يتضمن العديد من الفقرات القريبة من قلوب مستمعي «مارينا إف إم».


الجريدة
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- الجريدة
الدوسري: 100 عرض كامل العدد لـ «عيال إبليس»
كشف الفنان محمد الدوسري عن نجاح مسرحيته الجديدة «عيال إبليس» في تحقيق 100 عرض مسرحي كامل العدد منذ انطلاق عروضها بموسم مسرحيات عيد الفطر الماضي، على خشبة مسرح جمعية المرشدات في بنيد القار. وأعرب الدوسري عن سعادته بردود الفعل الإيجابية التي تحققها مسرحية «عيال إبليس» بعروضها المستمرة منذ أول أيام العيد، مضيفا أنه تم فتح حفلات جديدة نتيجة الإقبال الجماهيري الكبير على المسرحية، والتي تتجاوز عروضها 100 عرض، وتستمر حتى موسم الأضحى بيونيو المقبل. وحول ظهور الفنان حسن البلام على خشبة مسرح جمعية المرشدات بعرض «عيال إبليس» أمس، أوضح أن البلام حرص على الاحتفال بنجاح المسرحية مع فريق العمل، والجمهور الحاضر للعرض، من خلال مفاجأتهم بالظهور على المسرح وهو يرتدي ملابس عيال إبليس ذات الرداء الأحمر، الأمر الذي أسعد الجمهور، وحظى بتصفيق حار. لفتة جميلة وأشار الدوسري إلى أن هذه اللفتة الجميلة من البلام تستحق الإشادة، إذ عاد مؤخرا من عروض مسرحيته بالسعودية «مسكون ليلي» على مسرح محمد العلي بالرياض، في إجازة قصيرة، حيث استمرت عروضها حتى نهاية أبريل الماضي، لكنه حرص على دعم فريق العمل ومشاركتهم النجاح ومقابلة جمهوره المحلي الذي تشوق لرؤيته بعد غيابه عن خشبة مسرح «الفطر» بالكويت لهذا العام. وحول دوره في المسرحية، قال: «أجسد شخصية الإنسي فارس الذي يحاول الشيطان أن يوسوس له لإفساده على زوجته، ولكن في سياق الأحداث سيرى الجمهور من الذي سينتصر بالنهاية عيال إبليس أم البشر، وذلك بإطار كوميدي فانتازي ساخر»، والمسرحية من بطولة الفنانين عبدالعزيز النصار وشيماء سليمان وخالد السجاري ومحمد الدوسري ونوف السلطان ود. موسى كاظم ومحمد فايق وخالد الثويني وغادة الزدجالي، وتأليف أحمد العوضي، وإخراج محمد جمال الشطي. عروض صباحية وحول فتح عروض في الـ10 صباح كل يوم خميس، أكد الدوسري أن العروض تحظى بإقبال جماهيري، وتأتي كاملة العدد، على عكس ما يتوقع البعض بأن الموعد الصباحي لا يحظى بالإقبال، حيث تقدم المسرحية 3 عروض كل يوم خميس في الـ10 صباحا، والـ5 مساء والـ9 مساء، إلى جانب العروض المسائية اليومية المستمرة، مشيرا إلى أن تذاكر المسرحية نفذت بالكامل لجميع الحفلات حتى 19 الجاري، لذلك تم فتح الحجز يومي 20 و21، بواقع عرضين يوميا، ليتمكن الجمهور من حجز مقاعد للحضور. وأوضح أن البعض يعتقد أنها المرة الأولى التي يقدم فيها المسرح الكويتي عروضا صباحية، لكن تم تقديمها من قبل في عروض مسرحية «جلباب زوجتي» عام 1998 للفنانين طارق العلي وحسن البلام، وجاءت فكرة أن نستعيد هذه التجربة مع الجمهور، وبالفعل لاقت استحسانا كبيرا، وهو ما دفعنا إلى تكرارها نتيجة إقبال الجمهور على حجز الحفلات الصباحية. يشار إلى أن الفنان محمد الدوسري شارك في الدراما الرمضانية لعام 2025 من خلال شخصية «فايز» في مسلسل «من الأحد إلى الخميس»، تأليف علي الدوحان، وإخراج أحمد شفيق، وبطولة فوز الشطي ومحمد الدوسري وإيمان فيصل وشهد سلمان ورانيا شهاب وغيرهم.


الرأي
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- الرأي
عبدالعزيز النصار... خصم قادم للمسرح التقليدي
في العام الماضي، كتبتُ مادحاً التجارب المسرحية لأحمد العونان، خالد المظفر، مبارك المانع، ومحمد الحملي، الذين حافظوا على توهجهم واستمروا في إبهار الجمهور هذا العام بأعمال تحمل روحاً عالية من الحرفية والتجديد. واليوم، لا يمكن الحديث عن الصفوف الأولى في المسرح الكويتي من دون أن نضع اسم عبدالعزيز النصار بثقة واعتزاز في صميم هذا المشهد، ليس فقط كفنان أو مخرج، بل كمشروع مسرحي متكامل أخذ يتبلور ويتبلّغ في السنوات الأخيرة، حتى بات منافساً يُحسب له ألف حساب. عبدالعزيز النصار هو أحد أهم مخرجات مسرح النجم حسن البلام، الذي لم يكتفِ بإعطائه فرصة الظهور، بل احتضن طاقته ومنحه المساحة ليبدع ويخوض مغامرة المسرح من الزوايا التي تُشبهه، وتناسب فكره وأسلوبه، عبر «قروب البلام». هذه البيئة الحاضنة كانت بمثابة التربة الخصبة التي نما فيها النصار، لكن ما يميّز رحلته هو أنه لم يكتفِ بأن يكون امتداداً لأستاذه، بل قرر أن يكون كياناً فنياً مستقلاً، يحمل رؤيته الخاصة ويغوص في أعماق النصوص ليقدّم عروضاً تنبض بالفكرة والذكاء والجرأة. في مسرحية «عيال إبليس»، تفوّق النصار على نفسه وقدّم بياناً ناضجاً يُعلن فيه تحرّره من كل قواعد النجاح التقليدية، ليثبت أن الإصرار والتوجّه الجاد هما القاعدة الوحيدة الحقيقية. المسرحية لا تستعرض حكاية بقدر ما تضع المتفرج في مواجهة مع فكرة: هل الإنسان هو ابن بيئته أم ابن اختياره؟ وهل يمكن للخير أن ينتج من قلب الظلمة؟ في هذا العمل طرح رؤى فلسفية مغلفة بالسخرية، جاعلاً من الضحك أداةً لتفكيك البنية الاجتماعية السلبية، ومن المسرح منبراً حين أكد أن الشيطان ممكن أن يكون على هيئة إنسان. ما يُحسب للنصار ويُسجّل له كعلامة نُضج وتميّز، هو اختياراته الدقيقة لمن يرافقونه في رحلته المسرحية، حيث آمن بالمنظومة، ووثق في كفاءة فريقه، فكان على قدر التحدي. إن الأسماء التي شاركته العمل شيماء سليمان، غادة الزدجالي، محمد الدوسري، نوف السلطان، خالد السجاري، الدكتور موسى كاظم، محمد فايق، وخالد الثويني، لم تكن مجرد ممثلين يؤدون أدواراً، بل هم شركاء في بناء الحالة، وجنود يرفعون راية المسرح الجديد الذي يريد النصار ترسيخه. وهذا الرهان على الجماعة بدلاً من الفرد، وعلى الفكرة بدلاً من النجم، هو ما يجعل مشروع عبدالعزيز النصار أكثر نضجاً مما قد يُفهم من مجرد متابعة سريعة، هو لا يبحث عن المسرح كحدث، بل كحالة، وكرسالة. ولا يمكن الحديث عن «عيال إبليس» من دون التوقف عند القلم الذي كتب هذا النص، الكاتب أحمد العوضي، الذي قدّم عملاً يُحسب له كتحوّل فكري في الكتابة المسرحية الكوميدية. العوضي صاغ متاهة فكرية مدهشة، مزج فيها الموروث الديني بالطرح الاجتماعي، من دون أن يقع في المباشرة أو الوعظ، ومن دون أن يفقد حسّ الفكاهة أو العمق. أما المخرج جمال الشطي، فقد لعب الدور الأهم في ترجمة هذا النص إلى عرض حي، رؤيته الإخراجية كانت شريكة في صناعة المعنى، وليس فقط في تنظيم الحركة على الخشبة، اشتغل على تكوينات المشهد كما لو أنه يرسم لوحة، وأدار الممثلين بعين سينمائية تُدرك أن المسرح لا يُخاطب العيون فقط، بل الأرواح. نهاية المطاف: هناك نجوم لا ينتظرون التصفيق... بل يفرضونه.