سمير محمود العتوم: أحلم أن تنهض الدراما الأردنية من جديد
رنا حداد
رحلة الكاتب بين الكلمة والأرض
من الشعر إلى الرواية: حياة مليئة بالكلمات
سمير محمود العتوم، الكاتب الأردني الذي أضاءت كلماته سماء الأدب، واحتلت رواياته مساحات واسعة من الإهتمام العربي. بدأ مسيرته الأدبية في عالم الشعر، حيث كانت له العديد من القصائد المنشورة في الصحف والمجلات في الأردن ودول الخليج. ولكن كالشجرة التي لا تكتفي بأن تظل جذورها في الأرض، تطلعت كلمات العتوم إلى آفاق أوسع، فانتقل إلى كتابة الرواية. أنجز روايته الأولى «الورود والعاصفة»، التي أخذت مكانًا مهمًا بين الأدباء والقراء، محققةً له شهرة واسعة.
لم تكن الرواية هي المحطة الوحيدة في حياته الأدبية، بل انتقل العتوم بعدها إلى الكتابة للدراما، حيث ألّف عدة أعمال فنية مثل مسلسل «الريم والغريب»، و»الأصيل»، و»كوكتيل حكم وأمثال»، و»كل يوم حكاية». ورغم نجاحه في هذا المجال، الا انه واجه تحديات كبيرة حين حاول تسويق أعماله في وطنه.
دراما أردنية متعثرة: الحلم الذي تأخر
رغم النجاح الذي حققه في عدة مجالات أدبية وفنية، إلا أن سمير العتوم واجه صعوبة بالغة في تسويق أعماله داخل الأردن. في حوارنا معه، أشار العتوم إلى أنه بذل الكثير من الجهد لتسويق نصوصه، حيث راسل العديد من شركات الإنتاج الأردنية، لكنه اكتشف أن الواقع يختلف تمامًا عن التوقعات. يقول «صدقيني، لم أدّخر جهدًا لتسويق أعمالي داخل وطني. راسلت شركات إنتاج أردنية عديدة، طرقت كل الأبواب الممكنة، لكنني وجدت واقع الدراما هنا يعاني. هناك تعثر واضح بالمقارنة مع ما كانت عليه الحال قبل عقود، حين كانت الدراما الأردنية علامة فارقة في العالم العربي».
ويضيف « للأسف، اليوم نواجه الكثير من المشكلات؛ نصوص جيدة توضع فوق الرفوف، يقتلها غبار الزمن قبل أن ترى النور. والنتيجة؟ إحباط عميق لا يقتصر عليّ فقط، بل يشاركني فيه كتاب نصوص وممثلون ومخرجون موهوبون يشعرون أن أحلامهم تُجهض قبل أن تولد. لذلك، حين وجدت فرصة لتسويق أعمالي خارج الأردن، عبر شركات إنتاج عربية مثل شركة M.Film الكويتية، لم أتردد. ليس بحثًا عن الغربة، بل إيمانًا بأن العمل الإبداعي يستحق أن يُرى ويسمع. مع ذلك، يظل حلمي الأول أن أرى الدراما الأردنية تستعيد مجدها، وتفتح ذراعيها لأبنائها من المبدعين.»
رحلة العتوم في الكويت: النجاح عبر الحدود
على الرغم من التحديات التي واجهها في الأردن، تمكن العتوم من تحقيق نجاح كبير في تسويق أعماله خارج حدود وطنه. وكان لدولة الكويت دور كبير في احتضان نصوصه وإنتاج أعماله، مما منح رواياته وأعماله الدرامية فرصة للتألق على الشاشة الخليجية. في هذا السياق، يذكر العتوم الدور الكبير الذي لعبه الدكتور بدر فيصل الدويش، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الكويت، والذي كان له فضل كبير في مساعدة العتوم على تسويق أعماله في هذا السوق الفني المزدهر. إضافة إلى ذلك، يذكر العتوم المنتج والممثل الكويتي الأستاذ عادل الزاهد، الذي كان له دور محوري في تبني بعض من أعماله، وجعلها تصل إلى الجمهور الكويتي.
يقول: « في الكويت، وجدت من يؤمن بالكلمة الجادة ويقدّرها. كان للأخ والصديق الدكتور بدر فيصل الدويش، الذي شغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الكويت، دور كبير في مساعدتي. فتح لي الأبواب، وقدم لي الدعم، وكانت كلماته مشجعة للغاية. كذلك كان للأستاذ عادل الزاهد، المنتج والممثل الكويتي المعروف، دور مهم في تبني بعض أعمالي، وإيمان حقيقي بقيمتها الفنية.»
من خلال هذا الدعم، تمكن العتوم من تسويق أعماله في الكويت، ولاقى عمله الأدبي والفني نجاحًا باهرًا. لكن رغم هذا النجاح، يظل الأردن في قلبه، وتظل أمنيته أن ترى الدراما الأردنية النور مجددًا.
ويضيف « أوشكت على الإنتهاء من مسلسل «الأصيل»، وهو عمل درامي من 15 حلقة، يتناول الصراع الأبدي بين الخير والشر في إطار يبرز حياة البداوة الأصيلة، مستخدمًا أسلوبًا فكاهيًا سلسًا ومتوازنًا، بعيدًا عن الكوميديا المبالغ فيها. يتميّز المسلسل بكثرة الأبيات الشعرية التي تنساب ضمن سياق الأحداث لتعكس روح البيئة البدوية». وينوه بأن «هذا العمل جاء بطلب من إحدى شركات الإنتاج العربية، وأطمح حاليًا لتسويقه داخل الأردن، رغم التحديات المرتبطة بشروط بعض شركات الإنتاج، خاصة فيما يتعلق بالتنازل الكامل عن الحقوق الأدبية والملكية، وهو أمر أحرص على عدم التفريط به».
مشتل الحياة: الزهور والأشجار كنافذة للراحة النفسية
بعيدًا عن عالم الكتابة والدراما، وجد سمير العتوم نفسه في مكان آخر يمنحه سكينةً وراحةً نفسية حقيقية: الأرض. يمتلك العتوم مشتلًا صغيرًا، حيث يزرع الأشجار والزهور، ويعيش يومياته بين المساحات الخضراء. يعتبر المشتل أكثر من مجرد مشروع زراعي؛ إنه مساحة له لتهدئة روحه، والابتعاد عن صخب الحياة اليومية.
يقول « الزراعة بالنسبة لي ليست عملًا عابرًا. بين الأشجار والزهور أجد نفسي الحقيقية. الطبيعة تعلمني الصبر، والحياة البسيطة، والفرح بأبسط التفاصيل. كل زهرة أنظر إليها أشعر كأنني أكتب قصيدة صامتة لا تحتاج إلى كلمات». الأرض هنا ليست مجرد مكان للراحة، بل هي رواية حية ينحتها العتوم يوميًا بأيديه، تنبت فيها الأحلام ويزهر فيها الأمل.
حلم لا يموت: أمل في عودة الدراما الأردنية
في ختام حديثه، أبدى العتوم أمله في أن تستعيد الدراما الأردنية مجدها السابق، وأن تجد فرصة حقيقية لرعاية المبدعين المحليين. يعتقد العتوم أن الكفاءات الأردنية يجب أن تحظى بالاهتمام والرعاية داخل وطنها أولًا، ليتمكن الإبداع من أن يثمر ويحقق النجاح. يقول «أحلم أن تستعيد الدراما الأردنية بريقها ومكانتها وريادتها في العالم العربي. لدينا طاقات بشرية هائلة من كتاب وممثلين ومخرجين، لكن هذه الطاقات تحتاج إلى بيئة حاضنة تؤمن بهم وتوفر لهم فرصًا حقيقية. الوطن أولى دائمًا بإبداع أبنائه، ولا يجوز أن يظل المبدعون مضطرين للبحث عن فرص خارج حدود وطنهم.»
وختم العتوم «ولا يفوتني أن أعبّر عن عميق امتناني لعائلتي، التي كانت الداعم الأكبر لي نفسيًا ومعنويًا، ووفرت لي الأجواء المثالية للتركيز والإبداع، فكانوا بحق من أهم أسباب نجاح هذا العمل» .
الكاتب الذي لا يتوقف عن الحلم
سمير محمود العتوم هو أكثر من مجرد كاتب؛ هو شاعر وروائي وكاتب درامي يعبر عن قضايا الإنسان بصدق وإحساس عميق. لكن ما يميز العتوم هو إيمانه العميق بالكلمة، وبأنها لا تتوقف عند حد معين. بل إن كل نص يكتبه هو استمرار لحياة كاملة مليئة بالتجارب، والأمل، والمثابرة. ورغم التحديات التي يواجهها، يبقى العتوم مخلصًا لأحلامه، متطلعًا إلى اليوم الذي ستحتضن فيه الدراما الأردنية إبداعاته، وتعود إلى الواجهة مرة أخرى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 2 أيام
- أخبارنا
افتتاح جداريات أوتاد أردنية في مديرية تربية قصبة اربد
أخبارنا : افتتح محافظ اربد رضوان العتوم، اليوم الخميس، جداريات "أوتاد اردنية"، في ساحة مديرية تربية قصبة اربد وذلك ضمن احتفالات المملكة بعيد الاستقلال. وأبدى العتوم إعجابه بالجداريات التي عبرت عن الموروث الثقافي والتراثي لمحافظات عمان وجرش واربد وعجلون والمفرق حيث أظهرت أدق التفاصيل من حيث اللباس والمأكولات الشعبية ومهنة السكان، إضافة للمعالم الأثرية للمحافظات والفنون العريقة والمشغولات اليدوية والتراثية. من جانبها، قالت مديرة تربية قصبة اربد بالوكالة هدى شطناوي ان الجداريات تحمل في طياتها دلالات ومعاني المسيرة الهاشمية الحكيمة، وتعبر عن الاعتزاز والفخر بما تمثله من قيم أصيلة للروح القومية العروبية، حيث تعتبر من اكبر الجداريات على مستوى مديريات تربية إربد . وقام بتنفيذ الجداريات مجموعة مميزة من معلمي ومعلمات اللواء وهم جهاد الحايك، وعمر العيدة، ومحمود ديارنة، وعامر جيزاوي، ومحمود شتات، وميساء العمري، وأسمى شاهر، ونور بطاينة، وريما دراوشة، وغدير بطاينة.


جفرا نيوز
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- جفرا نيوز
العتوم: مسلسلاتي نجحت في الكويت ..وتجاهلوني هنا !
رحلة الكاتب بين الكلمة والأرض جفرا نيوز - من الشعر إلى الرواية: حياة مليئة بالكلمات سمير محمود العتوم، الكاتب الأردني الذي أضاءت كلماته سماء الأدب، واحتلت رواياته مساحات واسعة من الإهتمام العربي. بدأ مسيرته الأدبية في عالم الشعر، حيث كانت له العديد من القصائد المنشورة في الصحف والمجلات في الأردن ودول الخليج. ولكن كالشجرة التي لا تكتفي بأن تظل جذورها في الأرض، تطلعت كلمات العتوم إلى آفاق أوسع، فانتقل إلى كتابة الرواية. أنجز روايته الأولى «الورود والعاصفة»، التي أخذت مكانًا مهمًا بين الأدباء والقراء، محققةً له شهرة واسعة. لم تكن الرواية هي المحطة الوحيدة في حياته الأدبية، بل انتقل العتوم بعدها إلى الكتابة للدراما، حيث ألّف عدة أعمال فنية مثل مسلسل «الريم والغريب»، و»الأصيل»، و»كوكتيل حكم وأمثال»، و»كل يوم حكاية». ورغم نجاحه في هذا المجال، الا انه واجه تحديات كبيرة حين حاول تسويق أعماله في وطنه. رغم النجاح الذي حققه في عدة مجالات أدبية وفنية، إلا أن سمير العتوم واجه صعوبة بالغة في تسويق أعماله داخل الأردن. في حوارنا معه، أشار العتوم إلى أنه بذل الكثير من الجهد لتسويق نصوصه، حيث راسل العديد من شركات الإنتاج الأردنية، لكنه اكتشف أن الواقع يختلف تمامًا عن التوقعات. يقول «صدقيني، لم أدّخر جهدًا لتسويق أعمالي داخل وطني. راسلت شركات إنتاج أردنية عديدة، طرقت كل الأبواب الممكنة، لكنني وجدت واقع الدراما هنا يعاني. هناك تعثر واضح بالمقارنة مع ما كانت عليه الحال قبل عقود، حين كانت الدراما الأردنية علامة فارقة في العالم العربي». ويضيف « للأسف، اليوم نواجه الكثير من المشكلات؛ نصوص جيدة توضع فوق الرفوف، يقتلها غبار الزمن قبل أن ترى النور. والنتيجة؟ إحباط عميق لا يقتصر عليّ فقط، بل يشاركني فيه كتاب نصوص وممثلون ومخرجون موهوبون يشعرون أن أحلامهم تُجهض قبل أن تولد. لذلك، حين وجدت فرصة لتسويق أعمالي خارج الأردن، عبر شركات إنتاج عربية مثل شركة الكويتية، لم أتردد. ليس بحثًا عن الغربة، بل إيمانًا بأن العمل الإبداعي يستحق أن يُرى ويسمع. مع ذلك، يظل حلمي الأول أن أرى الدراما الأردنية تستعيد مجدها، وتفتح ذراعيها لأبنائها من المبدعين.» على الرغم من التحديات التي واجهها في الأردن، تمكن العتوم من تحقيق نجاح كبير في تسويق أعماله خارج حدود وطنه. وكان لدولة الكويت دور كبير في احتضان نصوصه وإنتاج أعماله، مما منح رواياته وأعماله الدرامية فرصة للتألق على الشاشة الخليجية. في هذا السياق، يذكر العتوم الدور الكبير الذي لعبه الدكتور بدر فيصل الدويش، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الكويت، والذي كان له فضل كبير في مساعدة العتوم على تسويق أعماله في هذا السوق الفني المزدهر. إضافة إلى ذلك، يذكر العتوم المنتج والممثل الكويتي الأستاذ عادل الزاهد، الذي كان له دور محوري في تبني بعض من أعماله، وجعلها تصل إلى الجمهور الكويتي. يقول: « في الكويت، وجدت من يؤمن بالكلمة الجادة ويقدّرها. كان للأخ والصديق الدكتور بدر فيصل الدويش، الذي شغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الكويت، دور كبير في مساعدتي. فتح لي الأبواب، وقدم لي الدعم، وكانت كلماته مشجعة للغاية. كذلك كان للأستاذ عادل الزاهد، المنتج والممثل الكويتي المعروف، دور مهم في تبني بعض أعمالي، وإيمان حقيقي بقيمتها الفنية.» من خلال هذا الدعم، تمكن العتوم من تسويق أعماله في الكويت، ولاقى عمله الأدبي والفني نجاحًا باهرًا. لكن رغم هذا النجاح، يظل الأردن في قلبه، وتظل أمنيته أن ترى الدراما الأردنية النور مجددًا. ويضيف « أوشكت على الإنتهاء من مسلسل «الأصيل»، وهو عمل درامي من 15 حلقة، يتناول الصراع الأبدي بين الخير والشر في إطار يبرز حياة البداوة الأصيلة، مستخدمًا أسلوبًا فكاهيًا سلسًا ومتوازنًا، بعيدًا عن الكوميديا المبالغ فيها. يتميّز المسلسل بكثرة الأبيات الشعرية التي تنساب ضمن سياق الأحداث لتعكس روح البيئة البدوية». وينوه بأن «هذا العمل جاء بطلب من إحدى شركات الإنتاج العربية، وأطمح حاليًا لتسويقه داخل الأردن، رغم التحديات المرتبطة بشروط بعض شركات الإنتاج، خاصة فيما يتعلق بالتنازل الكامل عن الحقوق الأدبية والملكية، وهو أمر أحرص على عدم التفريط به». بعيدًا عن عالم الكتابة والدراما، وجد سمير العتوم نفسه في مكان آخر يمنحه سكينةً وراحةً نفسية حقيقية: الأرض. يمتلك العتوم مشتلًا صغيرًا، حيث يزرع الأشجار والزهور، ويعيش يومياته بين المساحات الخضراء. يعتبر المشتل أكثر من مجرد مشروع زراعي؛ إنه مساحة له لتهدئة روحه، والابتعاد عن صخب الحياة اليومية. يقول « الزراعة بالنسبة لي ليست عملًا عابرًا. بين الأشجار والزهور أجد نفسي الحقيقية. الطبيعة تعلمني الصبر، والحياة البسيطة، والفرح بأبسط التفاصيل. كل زهرة أنظر إليها أشعر كأنني أكتب قصيدة صامتة لا تحتاج إلى كلمات». الأرض هنا ليست مجرد مكان للراحة، بل هي رواية حية ينحتها العتوم يوميًا بأيديه، تنبت فيها الأحلام ويزهر فيها الأمل. في ختام حديثه، أبدى العتوم أمله في أن تستعيد الدراما الأردنية مجدها السابق، وأن تجد فرصة حقيقية لرعاية المبدعين المحليين. يعتقد العتوم أن الكفاءات الأردنية يجب أن تحظى بالاهتمام والرعاية داخل وطنها أولًا، ليتمكن الإبداع من أن يثمر ويحقق النجاح. يقول «أحلم أن تستعيد الدراما الأردنية بريقها ومكانتها وريادتها في العالم العربي. لدينا طاقات بشرية هائلة من كتاب وممثلين ومخرجين، لكن هذه الطاقات تحتاج إلى بيئة حاضنة تؤمن بهم وتوفر لهم فرصًا حقيقية. الوطن أولى دائمًا بإبداع أبنائه، ولا يجوز أن يظل المبدعون مضطرين للبحث عن فرص خارج حدود وطنهم.» وختم العتوم «ولا يفوتني أن أعبّر عن عميق امتناني لعائلتي، التي كانت الداعم الأكبر لي نفسيًا ومعنويًا، ووفرت لي الأجواء المثالية للتركيز والإبداع، فكانوا بحق من أهم أسباب نجاح هذا العمل» . الكاتب الذي لا يتوقف عن الحلم سمير محمود العتوم هو أكثر من مجرد كاتب؛ هو شاعر وروائي وكاتب درامي يعبر عن قضايا الإنسان بصدق وإحساس عميق. لكن ما يميز العتوم هو إيمانه العميق بالكلمة، وبأنها لا تتوقف عند حد معين. بل إن كل نص يكتبه هو استمرار لحياة كاملة مليئة بالتجارب، والأمل، والمثابرة. ورغم التحديات التي يواجهها، يبقى العتوم مخلصًا لأحلامه، متطلعًا إلى اليوم الذي ستحتضن فيه الدراما الأردنية إبداعاته، وتعود إلى الواجهة مرة أخرى.

الدستور
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- الدستور
سمير محمود العتوم: أحلم أن تنهض الدراما الأردنية من جديد
رنا حداد رحلة الكاتب بين الكلمة والأرض من الشعر إلى الرواية: حياة مليئة بالكلمات سمير محمود العتوم، الكاتب الأردني الذي أضاءت كلماته سماء الأدب، واحتلت رواياته مساحات واسعة من الإهتمام العربي. بدأ مسيرته الأدبية في عالم الشعر، حيث كانت له العديد من القصائد المنشورة في الصحف والمجلات في الأردن ودول الخليج. ولكن كالشجرة التي لا تكتفي بأن تظل جذورها في الأرض، تطلعت كلمات العتوم إلى آفاق أوسع، فانتقل إلى كتابة الرواية. أنجز روايته الأولى «الورود والعاصفة»، التي أخذت مكانًا مهمًا بين الأدباء والقراء، محققةً له شهرة واسعة. لم تكن الرواية هي المحطة الوحيدة في حياته الأدبية، بل انتقل العتوم بعدها إلى الكتابة للدراما، حيث ألّف عدة أعمال فنية مثل مسلسل «الريم والغريب»، و»الأصيل»، و»كوكتيل حكم وأمثال»، و»كل يوم حكاية». ورغم نجاحه في هذا المجال، الا انه واجه تحديات كبيرة حين حاول تسويق أعماله في وطنه. دراما أردنية متعثرة: الحلم الذي تأخر رغم النجاح الذي حققه في عدة مجالات أدبية وفنية، إلا أن سمير العتوم واجه صعوبة بالغة في تسويق أعماله داخل الأردن. في حوارنا معه، أشار العتوم إلى أنه بذل الكثير من الجهد لتسويق نصوصه، حيث راسل العديد من شركات الإنتاج الأردنية، لكنه اكتشف أن الواقع يختلف تمامًا عن التوقعات. يقول «صدقيني، لم أدّخر جهدًا لتسويق أعمالي داخل وطني. راسلت شركات إنتاج أردنية عديدة، طرقت كل الأبواب الممكنة، لكنني وجدت واقع الدراما هنا يعاني. هناك تعثر واضح بالمقارنة مع ما كانت عليه الحال قبل عقود، حين كانت الدراما الأردنية علامة فارقة في العالم العربي». ويضيف « للأسف، اليوم نواجه الكثير من المشكلات؛ نصوص جيدة توضع فوق الرفوف، يقتلها غبار الزمن قبل أن ترى النور. والنتيجة؟ إحباط عميق لا يقتصر عليّ فقط، بل يشاركني فيه كتاب نصوص وممثلون ومخرجون موهوبون يشعرون أن أحلامهم تُجهض قبل أن تولد. لذلك، حين وجدت فرصة لتسويق أعمالي خارج الأردن، عبر شركات إنتاج عربية مثل شركة الكويتية، لم أتردد. ليس بحثًا عن الغربة، بل إيمانًا بأن العمل الإبداعي يستحق أن يُرى ويسمع. مع ذلك، يظل حلمي الأول أن أرى الدراما الأردنية تستعيد مجدها، وتفتح ذراعيها لأبنائها من المبدعين.» رحلة العتوم في الكويت: النجاح عبر الحدود على الرغم من التحديات التي واجهها في الأردن، تمكن العتوم من تحقيق نجاح كبير في تسويق أعماله خارج حدود وطنه. وكان لدولة الكويت دور كبير في احتضان نصوصه وإنتاج أعماله، مما منح رواياته وأعماله الدرامية فرصة للتألق على الشاشة الخليجية. في هذا السياق، يذكر العتوم الدور الكبير الذي لعبه الدكتور بدر فيصل الدويش، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الكويت، والذي كان له فضل كبير في مساعدة العتوم على تسويق أعماله في هذا السوق الفني المزدهر. إضافة إلى ذلك، يذكر العتوم المنتج والممثل الكويتي الأستاذ عادل الزاهد، الذي كان له دور محوري في تبني بعض من أعماله، وجعلها تصل إلى الجمهور الكويتي. يقول: « في الكويت، وجدت من يؤمن بالكلمة الجادة ويقدّرها. كان للأخ والصديق الدكتور بدر فيصل الدويش، الذي شغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الكويت، دور كبير في مساعدتي. فتح لي الأبواب، وقدم لي الدعم، وكانت كلماته مشجعة للغاية. كذلك كان للأستاذ عادل الزاهد، المنتج والممثل الكويتي المعروف، دور مهم في تبني بعض أعمالي، وإيمان حقيقي بقيمتها الفنية.» من خلال هذا الدعم، تمكن العتوم من تسويق أعماله في الكويت، ولاقى عمله الأدبي والفني نجاحًا باهرًا. لكن رغم هذا النجاح، يظل الأردن في قلبه، وتظل أمنيته أن ترى الدراما الأردنية النور مجددًا. ويضيف « أوشكت على الإنتهاء من مسلسل «الأصيل»، وهو عمل درامي من 15 حلقة، يتناول الصراع الأبدي بين الخير والشر في إطار يبرز حياة البداوة الأصيلة، مستخدمًا أسلوبًا فكاهيًا سلسًا ومتوازنًا، بعيدًا عن الكوميديا المبالغ فيها. يتميّز المسلسل بكثرة الأبيات الشعرية التي تنساب ضمن سياق الأحداث لتعكس روح البيئة البدوية». وينوه بأن «هذا العمل جاء بطلب من إحدى شركات الإنتاج العربية، وأطمح حاليًا لتسويقه داخل الأردن، رغم التحديات المرتبطة بشروط بعض شركات الإنتاج، خاصة فيما يتعلق بالتنازل الكامل عن الحقوق الأدبية والملكية، وهو أمر أحرص على عدم التفريط به». مشتل الحياة: الزهور والأشجار كنافذة للراحة النفسية بعيدًا عن عالم الكتابة والدراما، وجد سمير العتوم نفسه في مكان آخر يمنحه سكينةً وراحةً نفسية حقيقية: الأرض. يمتلك العتوم مشتلًا صغيرًا، حيث يزرع الأشجار والزهور، ويعيش يومياته بين المساحات الخضراء. يعتبر المشتل أكثر من مجرد مشروع زراعي؛ إنه مساحة له لتهدئة روحه، والابتعاد عن صخب الحياة اليومية. يقول « الزراعة بالنسبة لي ليست عملًا عابرًا. بين الأشجار والزهور أجد نفسي الحقيقية. الطبيعة تعلمني الصبر، والحياة البسيطة، والفرح بأبسط التفاصيل. كل زهرة أنظر إليها أشعر كأنني أكتب قصيدة صامتة لا تحتاج إلى كلمات». الأرض هنا ليست مجرد مكان للراحة، بل هي رواية حية ينحتها العتوم يوميًا بأيديه، تنبت فيها الأحلام ويزهر فيها الأمل. حلم لا يموت: أمل في عودة الدراما الأردنية في ختام حديثه، أبدى العتوم أمله في أن تستعيد الدراما الأردنية مجدها السابق، وأن تجد فرصة حقيقية لرعاية المبدعين المحليين. يعتقد العتوم أن الكفاءات الأردنية يجب أن تحظى بالاهتمام والرعاية داخل وطنها أولًا، ليتمكن الإبداع من أن يثمر ويحقق النجاح. يقول «أحلم أن تستعيد الدراما الأردنية بريقها ومكانتها وريادتها في العالم العربي. لدينا طاقات بشرية هائلة من كتاب وممثلين ومخرجين، لكن هذه الطاقات تحتاج إلى بيئة حاضنة تؤمن بهم وتوفر لهم فرصًا حقيقية. الوطن أولى دائمًا بإبداع أبنائه، ولا يجوز أن يظل المبدعون مضطرين للبحث عن فرص خارج حدود وطنهم.» وختم العتوم «ولا يفوتني أن أعبّر عن عميق امتناني لعائلتي، التي كانت الداعم الأكبر لي نفسيًا ومعنويًا، ووفرت لي الأجواء المثالية للتركيز والإبداع، فكانوا بحق من أهم أسباب نجاح هذا العمل» . الكاتب الذي لا يتوقف عن الحلم سمير محمود العتوم هو أكثر من مجرد كاتب؛ هو شاعر وروائي وكاتب درامي يعبر عن قضايا الإنسان بصدق وإحساس عميق. لكن ما يميز العتوم هو إيمانه العميق بالكلمة، وبأنها لا تتوقف عند حد معين. بل إن كل نص يكتبه هو استمرار لحياة كاملة مليئة بالتجارب، والأمل، والمثابرة. ورغم التحديات التي يواجهها، يبقى العتوم مخلصًا لأحلامه، متطلعًا إلى اليوم الذي ستحتضن فيه الدراما الأردنية إبداعاته، وتعود إلى الواجهة مرة أخرى.