
إفيه يكتبه روبير الفارس "جري الوحوش في الحرب"
تحقير العلم في الوعي هو أولى خطوات الهزيمة، لقد بدأت الحرب عندما اصطاد العدو العلماء. وإذا كنت تبحث عن المنتصر، فلا تفتح المندل، ولا تقرأ الفنجان، ولا تتابع تحليلات "الخبراء الاستراتيجيين" الذين تخرجوا من مطابخ منازلهم، يفْتون بلا معلومات ولا معرفة.
فقط تذكّر إجابة نابليون، ففي إحدى المعارك سأله جندي فرنسي:
– "هل الله معنا نحن الكاثوليك، أم مع الإنجليز البروتستانت؟"
فأجابه نابليون: "الله مع أصحاب المدافع الكبيرة."
ويمكننا اليوم تحريف الإجابة أو إعادتها إلى مصدرها، فنقول:
الله مع من يملك أكبر عدد من العلماء.
الله مع من يُقدّر العلم والمعرفة ويحترمهما.
التفكير في تقدير العلماء أعادني إلى صورتهم الهزيلة المنفّرة كما قدمتها السينما المصرية مرارًا.
يمكن أن ترى ذلك بوضوح في فيلم "عاشور قلب الأسد"(إنتاج 1961، إخراج حسين فوزي، بطولة عبد السلام النابلسي). يدور الفيلم حول عاشور – النابلسي – الذي يدرس في المعهد ويحاول لفت نظر زميلته، لكنها لا تلتفت إليه بسبب ضعفه الجسدي. وبالصدفة، يعيش عاشور بجوار عالم اخترع حقنة تمنحه القوة، وبعد أخذها، يتحول إلى نجم رياضي في المعهد.
لكن من هو هذا "العالِم"؟ شخص – ومن الآخر – "أهبل"، قام بدوره كومبارس لا يذكر أحد اسمه. مصدر القوة الجبارة يظهر كمثير للشفقة، محتقَر، ومُرذَل... وهذه للأسف ليست مجرد كوميديا، بل واقع مرير.
تكررت الفكرة عام 1977 مع فيلم "أونكل زيزو حبيبي"(إخراج نيازي مصطفى، بطولة محمد صبحي)، حيث يؤدي صبحي تقريبًا نفس دور النابلسي، ويتلقى "حقنة أعشاب ذرية" من عمّه – إبراهيم سعفان – الذي يُنادى بـ"مبلولي" ويُسخر منه طَوال الفيلم، رغم فكرته القوية.
السخرية من العلماء تواصلت مع أفلام فؤاد المهندس مثل "شنبو في المصيدة"حيث أدى يوسف وهبي دور العالم المجنون الذي يجري تجاربه على الحيوانات، وفيلم "اقتلني من فضلك" حيث لعب عبد المنعم مدبولي دور "أينشتاين" الذي يبدّل ويغيّر في الحيوانات، وفؤاد المهندس نفسه في "المليونير المزيف" كمخترع سيارة "نفيسة 606".
لاحظ أن كل هذه الشخصيات تنتمي إلى أفلام الهزل والكوميديا.
أما حين حاول فيلم "جري الوحوش" (إنتاج 1987، إخراج علي عبد الخالق، بطولة نور الشريف، محمود عبد العزيز، حسين فهمي، حسين الشربيني) مناقشة العلم بجدية، فقد وضع "العلم" ممثلًا في حسين فهمي – بثقل دمه – في مواجهة "الدين" ممثلًا في حسين الشربيني. تفشل تجربة نقل جزء من المخ، لينتصر الدين على العلم في واحدة من أكثر كوارث السينما، بدعم مباشر للأصولية المتغلغلة في تربة الهلاك المتطرفة.
هذا، بالإضافة إلى مئات الأفلام التي تروّج للجن والدجل وتشيع الشعوذة.
ثم تأتي الحرب القريبة منا، لنرى أن العلماء في معاملهم هم القوة الأعظم التي تحدد – من البداية – من هو المنتصر.
وندرك أننا درّسنا "عنترة بن شداد" أكثر من ثلاثين عامًا، نحشو بها عقول الأجيال عن بطولاته في رعي الغنم، بينما تجاهلنا قصة الدكتور علي مصطفى مشرفة، الملقب بـ"أينشتاين العرب". تجاهله كان خطوة كبرى في طريق هزيمتنا النفسية.
أفيه قبل الوداع:
الخطأ يبدأ من خلط المسميات... إطلاق لقب "علماء" على رجال الدين، و"عالِمات" على الراقصات!
وفي مسرحية "العالمة باشا"، يطلب زعيم الدولة من حكومته استدعاء "العالِمة سوسكا" للمساعدة في حل مشاكل الدولة، فيحدث الخطأ، ويُحضِرون "الراقصة سوسكا" – سهير البابلي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى مصر
منذ 2 ساعات
- صدى مصر
قصة 'المكلوم' بقلم نشوة أبوالوفا
قصة 'المكلوم' بقلم نشوة أبوالوفا ((المكلوم)) الجزء الاول سأروي لكم حكاية يندى لها القلب وتدمع لها العين، فتحملوني… أحداث قد عشتها وأحداث وذكريات قد رويت لي بلسان أصحابها، آن الأوان أن أرويها لأزيح ثقل تلك الذكريات عن كاهلي. أحمد ابن الشيخ عبد الله الرفاعي يعمل في تجارة الأخشاب بالإسكندرية مع أخيه محمود، ورثا هذا العمل أبًا عن جد فوالدهما عبد الله وجدهما الرفاعي من أكابر تجار الأخشاب. اختار الحاج عبد الله لولديه عروستان من خيرة بنات بحري نسرين ولبنى بنات الحاج عبد الرحمن منصور، نسرين عروسًا لأحمد ولبنى عروسًا لمحمود. في ذلك الوقت كان مجال التعارف بين العرسان ضيقًا قبل ليلة الزفاف، أو ربما يكون معدومًا. اختارت الحاجة درية رأفت هاتان العروستان فهي صديقة والدتهما الحاجة صفية خطاب سليلة العائلات التركية. كان أحمد ومحمود يتساءلان فيما بينهما عن شكل العروستين فلقد رفضت والدتهما أن يرياهما ولا رأي بعد رأيها. كان ذلك مؤرقًا لهما ويتبادلان الحديث عن ذلك – هل تعتقد يا محمود أن العروستان جميلتان؟ – أتمنى أن تكونا على الأقل مقبولتي الشكل، فلنسأل الحاجة درية ربما تطمئن بالنا. جلسا قرب درية يلاطفانها لترقيق قلبها، لتجيبهما عما يشغل بالهما قالت (وهي تتصنع الجدية): وما همكما بالشكل لقد اخترت لكما بنات من أكثر العائلات احترامًا وحسبًا ونسبًا. فاسقر في نفس أحمد ومحمود أن عروستيهما المستقبلتين دميمتين لا جمال فيهما، لكنهما لم يكونا أبدًا ليغضبا والدهما أو والدتهما أو يغامرا بخسارة تجارتهما مع الحاج عبد الرحمن. في يوم العرس كانت المفاجأة من نصيبهما كليهما كانت كل من نسرين ولبنى آيتين في الحسن والجمال كانا في غاية السعادة، كانت إقامتهم في نفس المنزل بالطبع مع والدهما الشيخ عبد الله لكن كان لكل منهما شقة منفصلة للنوم، وكانت اقامتهما طوال النهار في شقة والدهما. ذاب أحمد عشقًا في نسرين وكذلك محمود سقط في غرام لبنى. منذ اليوم الأول للزواج كانت درية واضحة صريحة في أنها بعد تسعة أشهر من يوم الزفاف تريد حفيدًا بين ذراعيها. حملت لبنى سريعًا أما نسرين فتأخر حملها، وكانت درية دائما ما تضايقها. أنجبت لبنى ذلك الصبي الأسمر الذي أسماه أحمد عمه بالأدهم أما نسرين فكانت درية لا تتركها بحالها وذهبت بها لكل الدايات اللوات أكدن لها أن نسرين سليمة لا عيب فيها، لكن مع عدم حملها لم تقتنع درية حتى أنها ذهبت بها للأطباء مع أن ذلك وقتها كان صعبًا ومستهجنًا من قِبل أحمد. كيف تُكشف زوجتي على رجل غريب؟! كان هذا رأي أحمد لكنه لم يكن يملك إلا السمع والطاعة أمام حكم الحاجة درية. وصف الطبيب لنسرين أدوية لتتعاطاها، في هذه الأثناء كان أدهم هو حبة قلب أحمد لا يتركه أبدًا، وكذلك نسرين كانت تحبه جدًا وكأنه ابنها واتفق أحمد ومحمود على أن أحمد إذا أنجب بنتًا فستكون هي عروسه أدهم. مع عدم حمل نسرين طالبت درية أحمد أن يتزوج – يا بني تزوج أخرى لتنجب لك الولد الذي سيحمل اسمك واسم أبيك. – ربما كانت بنتًا. – لا يهم المهم أن أرى ذريتك. – سترينها من نسرين إن شاء الله. – متى؟ – عندما يأذن الله، أنا راضٍ بقضائه، وزوجتي لا عيب فيها بشهادة الأطباء وإن صممت على زواجي بغيرها سآخذها وأغادر المنزل. لم تشأ درية أن تخسره فسكتت على مضض، لكن سكوتها لم يخلو من اللوم والتقريع لنسرين. مرت خمسة سنوات على نسرين بدون أن تحمل إلى أن أمر الله بحملها، وكانت فرحة الكل فرحة عارمة وذبحت الذبائح احتفالًا بخبر الحمل، خاصه أن لبنى هي الأخرى كانت حاملًا. وكفت درية عن تقريع نسرين وكانت كما يقولون تحملها من على الأرض حملًا وتخشى عليها من نسيم الهواء، أنجبت نسرين فتاة كالبدر في تمامه اسماها عمها عشق وقال إنها عروس أدهم وأنجبت لبنى فتاة أسماها أحمد شيماء. إنها أنا شيماء الرفاعي يكفي أن تعرفوا أني ابنه عم عشق وحافظة أسرارها، ولدت أنا وعشق في نفس اليوم، كنا كالأختين، لو كان لي أخت شقيقة لم أكن لأحبها هكذا وهي أيضًا كانت تحبني فلم يكن لديها سواي كنا كروح واحدة في جسدين، وأنا أخت أدهم الذي لم يكن لي مجرد أخ أكبر، أدهم كان أنيسي وأبي وأمي وكل ما لي في الحياة، تربينا سويًا في بيت جدي والقاصي والداني يعلم أن عشق لأدهم وأدهم لعشق. أدهم كان درعنا الحامي أنا وعشق بحكم أنه أكبر منا بخمس سنوات، كان يحبنا جدًا ويخاف علينا فلم يكن لديه سوانا، فأمي وخالتي لم تنجبا بعدنا مع أن جدتي جعلتهما تذهبان لكل الأطباء لعل وعسى، لكن الله لم يأذن لهما بالحمل مرة أخرى. كبرنا وكرهنا المدرسة التي أبعدت أدهم عنا، كان أدهم متفوقًا فهو دائمًا الأول على المدرسة، دخلنا أنا وعشق المدرسة، أدهم دائمًا ما كان يوصلنا للمدرسة صباحًا وينتظرنا عند الخروج. سنوات مرت وأصبحنا فتاتين رسميًا وتوالت التحذيرات من أمي وخالتي وقبلهما جدتي، إياكما واللعب مع الأولاد (وهل نعرف أولادًا بالأصل لنلعب معهم؟!) احترسا جيدًا إياكما أن يقربكما أحد، عندما خرطنا خراط البنات كما يقولون أصبحنا فاتنتين طويلتا القامة ذواتا شعر مسترسل ناعم، كان شعري أسود وشعر عشق كان بلون البندق، بيضاويتي البشرة. ثلاثي القوة النسائي في المنزل كما كنا نطلق على أمي وخالتي وجدتي لم يدعننا نخرج من المنزل مرة بدون طقوس الرقية والبخور لدرء العين والحسد، لم نكن نذهب للدروس خارج المنزل فكيف تخرج هاتان الجميلتان وحدهما فبالتأكيد أدهم لن يكون متفرغًا طوال الوقت لإيصالنا، لديه هو الآخر واجبات ودروس فكانت المُدرسات تأتين لنا في المنزل لإعطائنا الدروس. كانت الإجازة بالنسبة لنا هي المتنفس الحقيقي لنخرج يوميًا ونستمتع بالحياة. أدهم أو دومي كما كنا ناديه تحببًا لم يدع مكانًا بالإسكندرية ولم يأخذنا له، محطه الرمل، قصر المجوهرات، القلعة، المنتزه، كل المطاعم، لم يبق مكان لم نزره أو شارع لم ندخله، لكن مكاننا المفضل كان دائمًا بئر مسعود والشاطئ القريب منه، مشهد غروب الشمس هناك كنا عاشقين له. منذ أن فتحت عشق عيناها على الدنيا لم تكن تسمع سوى أن أدهم لعشق وعشق لأدهم فأحبت أدهم وكانت تهتم بكل تفصيله لأدهم ماذا يحب أن يأكل؟ ماذا يشرب ألوان ملابسه عطره المفضل كل شيء. كان الثلاثي دائمًا ما يستغل هذه النقطة. قالت أمي: هيا يا عشق يجب أن تتعلمي طهو المحشي فأدهم يحبه. ابتسمت أنا قائلة: هيا يا عشق اجلسي وتعلمي، أنا سأشاهد التلفاز. لتقول أمي: إلى أين يا شيما؟ – إلى التلفاز يا أمي. – لا، بل إلى المحشي يا عيني ستتعلمين مع عشق. – لا دخل لي، فعشق ستتعلم من أجل أدهم. – وأنت ستتعلمين من أجل مستقبلك الزوجي بدل أن يعيدك زوجك لي. – سيعيدني لك لأني لا أحسن طهو المحشي؟! – هلا كففت عن طول اللسان والجدال وجلست لتتعلمي. وتعلمنا كل ما كان يحبه أدهم أدهم لم يكن يضع موضوع ارتباطه المحتوم بعشق في رأسه كان مهتمًا بدراسته، كان يحبها نعم، لكنه يحبها ويهتم بها كما يحبني ويهتم بي كأخت له. كبرنا وزاد تعلق عشق بأدهم وزاد نفور أدهم ورفضه لهذا الارتباط المفروض عليه سواء وافق أم لا كان يريد حرية قراره، لا فرضه عليه فرضًا. أدهم دائمًا ما كان يطلب مني أن أجعل عشق تفهم أن مسألة ارتباطها به شيء ثانوي في حياتها، لكني لم أجرؤ أبدًا أن أخبرها أو حتى ألمح لها بذلك، فثلاثي القوة لم يدعن مجالًا لها لتفكر بغير أدهم منذ كانت طفلة، كان أدهم يحاول إفهامها أنها مثلي بالنسبة له لكن كانت تظن أنه يشاكسها. بعد أن أصبحنا بالصف الثالث الثانوي كان العرسان يتوافدون إلى المنزل بالطبع كان عمي أحمد يرفض بحجه أن البنت لابن عمها، وأنا تحجج أبي أني ما زلت صغيره وسأكمل دراستي. التحقنا بالجامعة كلية تجارة، سويًا طبعًا وهل نفترق؟ كان لأدهم سنتان باقيتان في الطب فكنا نرافقه، يوصلنا في الصباح بسيارته وعندما ننتهي تأتي السيارة بسائقها لإيصالنا للمنزل، كل من سأل من زملاءنا عن أدهم كانت عشق تجيب أنه خطيبي. أدهم كان حلمًا لأي فتاة، أسمر، وسيم، غني، طبيب. في يوم جاءت إليه فتاة من زملاءنا تحمل إليه هدية لعيد ميلاده (بعد أن علمت من الثرثارة عشق طبعًا التي لا تكف عن الكلام عنه) – صباح الخير يا أدهم. – صباح الخير كيف أساعدك؟ – علمت من خطيبتك أن اليوم عيد ميلادك فقلت يجب أن أهنئك به. – خطيبتي! من تقصدين؟ – عشق، وهل لك خطيبة غيرها؟ – وما دمت تعرفين أن عشق خطيبتي لماذا جئت تهنئني؟ اذهبي من أمامي لكيلا تسمعي ما لا يرضيك. كان يومًا فارقًا، أو القشة التي قسمت ظهر البعير، يومها جاء لكليتنا وأوصلنا المنزل وهو في غاية الضيق، عندما وصلنا كان الكل مجتمعون، فألقى إلينا بقنبلته – لن تكون عشق زوجة لي أبدًا أنا أحبها مثل شيما. قامت الدنيا ولم تقعد، عشق فقدت وعيها وترك أدهم المنزل. أحضرنا الطبيب لعشق، شخص حالتها بانهيار عصبي واكتئاب، ظلت هكذا قرابة الشهرين، أحضر عمي أدهم للمنزل. قال عمي لأدهم: هذا منزلك وسيظل منزلك سواء تزوجت عشق أم لا. رغم اعتراض والدي. لكن عمي قال: الاثنان أولادي وأولادي عندي سواء، طالما لا يريدها إذن فليكن وأنا من سيخطب له الفتاة التي يريدها. أفاقت عشق أخيرًا من الحالة التي كانت فيها وقالت أمام الكل أنها لن تتزوج أدهم أبدًا ولو كان آخر رجل على وجه الأرض. لكنها لم تخرجه من قلبها، لكم بكت في حضني كلما رأته يحدث فتاة أو ينظر لفتاة واتفقنا أن تتجاهله تمامًا، أنا كنت متأكدة من حب أدهم لعشق لكنه كان يرفض فكرة فرضها عليه، لذا كانت نصيحتي لعشق بأن تتجاهل أدهم وتتعامل معه بمنتهى البرود واللامبالاة. أما أنا أحببت باسل أول مرة رأيته فيها كنا مع أدهم في أحد نزهاتنا بالإجازة، قابلناه عند بئر مسعود (لهذا أعشق غروب الشمس عند البئر فمعه غربت أيام وحدة قلبي) وجدت أدهم ينادي قائلًا باسل جاء ذلك الوسيم وسلم على أدهم، ومن ساعتها وتربع باسل على عرش قلبي وسكن روحي، علمت بعد ذلك أنه صديق أدهم المقرب وأنه أيضًا في كليه الطب، في بعض الأوقات كان يزور أدهم ويجلس معه، كنت أتحجج بأي حجة لأدخل وكأني لا أعلم أنه في غرفه أدهم، أو أني نسيت وجوده أو أني ظننته غادر، كان قلبي يرفرف في صدري لمرآه لكني لم أخبر أحدًا سوى عشق بالطبع، كانت أمنيتي في صلاتي أن يجمعني الله بباسل، وفي كل مناسبة كنا أنا وعشق ننفي ارتباطها بأدهم لكي يعلم الكل أنهما لن يتزوجا. بدأت عشق بعيش حياتها الطبيعية بعد أن أعلن أدهم أنه لن يتزوجها تدريجيًا، والتفتت لدراستها كانت ترفض كل من يتقدم لها وكذلك أنا. أنهى أدهم دراسته وكذلك نحن. طلب الطبيب سيد ناصر من أدهم أن يتدرب لديه في مستشفاه الخاص مستشفى الناصر التي بها قسم خاص للعلاج الخيري ولها فرع في إيطاليا موطن زوجته السيدة صوفيا. أما باسل فقرر السفر للخارج وسافر قلبي معه. كنت أدفن نفسي دفنًا بأي شيء دورات تعليمية في التجارة والمحاسبة، اللغات، وعشق معي طبعًا، طلبنا من والدينا أن ننزل للعمل معهم في تجارة الأخشاب، في البداية كان الرد الرفض، لكننا لم نستسلم أبدًا طلبنا من أدهم المساعدة فتحمس وساعدنا في إقناعهم، بعد إلحاح منا وافقوا. نقلنا العمل لمستويات جديدة بالكومبيوتر والأجهزة الحديثة ودخلنا مجال التصدير أيضًا، وصفقات مع مصانع الورق، لم يكن جدي أو والدي أو عمي ليصدقوا ما استطعنا فعله وكان الجميع فخورين بنا، لم يأت ذلك بين يوم وليلة، أخذ ذلك منا مجهودا كبيرًا وتركيزًا أكبر، لم يخلو الأمر بالطبع من دعاء القوة الثلاثية لنا بأن يهدينا الله ونتزوج لنرحم من عمل الرجال ولبس الرجال وشكل الرجال فلقد عشنا الشخصية الرجولية بحذافيرها، حتى أننا قصصنا شعرنا كاريه بدون أن نخبرهم، خاصمتنا القوه الثلاثية لمده شهر لكنهن تعودن علينا بمظهرنا الجديد بعد ذلك. مرت سنتان كنا مصرتين فيهما على عملنا وعلى رفض الارتباط، علمت أن باسل عاد من الخارج وعادت معه الطيور التي كانت هجرت عش قلبي، وجه لنا باسل الدعوة لحضور حفل زفاف أخته هبة، لم نكن لنرتدي حُلة رسمية بالطبع فكل مننا كانت تريد أن تُري رجل أحلامها كيف أنها تستطيع أن تكون أنثى متى تريد. سبقنا أدهم للفرح، وكذلك سبقتنا القوة السداسية جدي، جدتي، أبي، أمي، عمي وخالتي لأننا كنا ذهبنا لمركز التجميل. دخلنا القاعة فتعلقت بنا كل الأنظار حتى أدهم لم ينزل عيناه من على عشق، أكاد أقسم أن أدهم وقع في غرام عشق أخيرًا، ذهبت لدورة المياه وعندما خرجت أردت أن أشم الهواء قليلًا بعيدًا عن صخب الحفل فضايقني بعض الشباب، وجدت باسل أمامي وكأنه كان يراقبني فنهرهم وأبعدهم عني فلقد كانوا أقاربه – لا يصح يا شباب إنها من العائلة. قال أحدهم: وهل العائلة بها قمر كهذا؟ – يبدو أنك لن ترى بعد الليلة، انصرفوا. قال باسل (موجهًا الحديث لي) لماذا جئت لهنا بعد خروجك من دورة المياه؟ – هل كنت تراقبني؟ – لا ولكن رأيتك بالصدفة. – مللت من صخب الحفل فخرجت قليلًا. – تبدين كالقمر. – هل تغازلني؟ – لا، أقول الحقيقة وما أراه أمامي. اعتراني الخجل والصمت ليقول: – أريد أن أخبرك أمرًا هامًا. – تفضل. – بدون مقدمات، أنا معجب بك وأريد أن أتقدم لكِ، لكني لا أريد أن أحرج نفسي مع صديقي، فهل سيجد مطلبي القبول لديك؟ منحته ابتسامة بلهاء ثم هرولت من أمامه وكأني متسابق ماراثوني. أما أدهم ظل طوال الحفل ملاصقًا لعشق يبعد عنها المعجبين وقال لها: – هل يعجبك هذا؟ – ما الذي يعجبني! – الرجال المتهافتون عليك. بتحد قالت: يفهمون، وأنا لم ارتد شيئا خارجًا، كما ترى ملابسي غاية في الاحتشام لا عيب فيها. – لا عيب في أنكِ تبدين كحورية وتخطفين أنظار الكل. – ليس ذنبي ان الله خلقني جميلة والكثيرون يعجبون بي. – تغيرتِ كثيرًا. – أنت اردتني أن أعيش حياتي وها أنا أعيشها. – ولكن.. – لكن ماذا؟ – أنا أريدكِ. – الآن تريدني، هل أنا لعبة في يدك وقت أن تحتاجها تجدها؟ آسفه أنا لا أريدك. صاحب ذلك مجيء باسل ناحيتهما ليقول: أدهم أريد أن أحدثك في أمر هام. – الآن يا باسل؟! – نعم. وتركتهما عشق ليتحدثا – ماذا تريد؟ – بدون مقدمات، أريد خطبة شيما. – ماذا قلت؟ – أريد خطبة شيما، حدد لي موعدًا مع والدك، وأريدك أن تقنع شيما بي لكيلا ترفضني. قال متصنعًا الغضب: ومن قال أني موافق بالأساس. – أرجوك يا أدهم أنا أتمنى الزواج بها منذ أن رأيتها، لكن كنت أنتظر إلى أن أكون مناسبًا من كل النواحي المادية، أنت تعلم أني أحب الاعتماد على نفسي. ابتسم أدهم واحتضنه: اعترف، اعترف يا عريس المستقبل. عندما عدنا للمنزل تكلم أدهم مع والدي وحدد موعدًا لمقابلة باسل. ناداني والدي: أنتِ بالطبع تعرفين باسل، لقد تقدم لطلب يدك. – ولكن… – لا يوجد لكن، اجلسي معه وتحدثي، وافقتك في رفضك للكثيرين، لكن باسل يعتبر واحدًا منا نعرف أصله وفصله، فكري جيدًا. – حسنًا سأفكر (أفكر في ماذا؟! موافقة أنا بالثلث لكن لأتدلل قليلًا) قابلت باسل، الذي جاء أولًا منفردًا ليعلم الرأي المبدئي قبل أن يأتي أهله، تركونا وحدنا في الصالة سألني: هل فكرتِ؟ – في ماذا؟ – في أكواز الذرة المباعة على الكورنيش، في ارتباطنا طبعًا. اخذت أضحك حتى دمعت عيناي، فقال: هل أنهيتِ وصله الضحك؟ سيظنون أني أدغدغك. استجمعت نفسي وتوقفت عن الضحك: نعم أنهيتها. – والآن هل أجد لديك القبول لشخصي؟ وقفت وقد احمرت وجنتاي: أبي سيخبرك. وتركته وغادرت دخل أدهم عليه ضاحكًا، ودخل والدي وتحدثا واتفقا أن يحضر الأهل بعد يومين. ثم خرج باسل وأدهم سويًا قال أدهم: ستتم صداقتنا بزواجك من شيما، لن أوصيك عليها، دعك منها ومنك، الآن أنا في ورطتي مع عشق. – قلت لك لن تجد مثلها. – عندما كانت مفروضة عليّ من الكل لم أكن أفكر فيها، عندما كانت تهتم بكل تفاصيلي لم أنظر لها، والآن، أنا مجنون بها، أحلم بها كل يوم لكنها لم تعد تبالي بي. – انت لا تفهم شيئًا، إنها ما زالت تحبك. – كيف عرفت؟ – نظراتها لك لا تستطيع أن تغيرها. – حقًا؟ – صدقني. وكانت تلك الكلمة باعثًا للأمل في نفس أدهم. #نشوة_أبوالوفا #nashwa_aboalwafa


البوابة
منذ 4 ساعات
- البوابة
مناقشة مشروعات تخرج طلاب الإعلام بالأكاديمية البحرية بالإسكندرية
نظمت الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، حفلًا لعرض مشروعات تخرج طلاب قسم الإعلام بكلية الإدارة والتكنولوجيا، تحت عنوان "حكايات من مصر"، وذلك بالتزامن مع احتفال القسم بمرور 15 عامًا على تأسيسه، وسط حضور نخبة من الفنانين والنقاد والصحفيين البارزين. وشهد الحفل مشاركة فنية وثقافية واسعة في مناقشة خمسة مشروعات تخرج متميزة، وذلك بحضور عدد من الشخصيات العامة والفنية، على رأسهم الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، والفنان أحمد عبد العزيز، والفنان أحمد بدير، والفنان إيهاب فهمي، والفنان منير مكرم، والفنان أيمن عزب، بالإضافة إلى الناقد السينمائي عماد يسري، ورزق الطرابيشي نقيب الصحفيين بالإسكندرية، والمخرج أحمد خالد موسى، والمخرج وائل فرج، والمخرج والمؤلف حكيم كمال، ومدير مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير موني محمود، وغيرهم من صنّاع الفن والإعلام. مشروعات تحاكي الواقع المصري بروح إبداعية قدم الطلاب خمسة أفلام وثائقية وقصصية قصيرة تناولت قضايا اجتماعية ووطنية متنوعة، حملت كلها عنوان "حكايات من مصر"، وعكست قدرة الشباب على التعبير عن واقعهم باستخدام أدوات سينمائية مؤثرة. "أرض الله": فيلم يوثق قصصًا لثلاثة أجانب اختاروا الاستقرار في مدينة سيناء، مستعرضًا جمال الطبيعة وسحر الأرض. "ولاء": فيلم يحكي قصة الربان ولاء حافظ، أحد أبطال القوات الخاصة، الذي أصيب بشلل رباعي بعد حادث سير، وتمكن رغم إصابته من تحقيق رقم قياسي عالمي في الغوص. "العروسة": يتناول الفيلم التحديات التي تواجه الفتيات في المجتمعات الريفية بين الحب والتقاليد. "حيّ": يرصد الفيلم حكاية لاجئ فلسطيني يعمل كـ"مصمم رقص" حوّل معاناته إلى طاقة فنية. "مرة في السنة": يوثق الفيلم الطابع التراثي والتاريخي لشهر رمضان في مصر، ومظاهر الاحتفال به في مختلف المحافظات. إشادات من الحضور أكد الدكتور أشرف زكي أن المشروعات عكست رحلة فنية داخل مصر بعيون شابة مبدعة، مطالبًا بعرض هذه الأعمال على القنوات المصرية ليتعرف الجمهور على موهبة الشباب. ووصف الفنان أحمد بدير الأفلام بأنها "بسيطة، وواقعية دون تجميل"، وأشاد تحديدًا بفيلم "ولاء" الذي اعتبره نموذجًا للبطولة الحقيقية، معربًا عن فخره بالربان ولاء حافظ. أما الفنان أحمد عبد العزيز فأكد أن المشروعات تعكس وعيًا فنيًا واجتماعيًا، وتُطمئن على مستقبل مصر من خلال شبابها الواعي والمبدع، واصفًا الأعمال بأنها صادقة وتتنوع في الموضوع والمعالجة. من جهته، أشاد رزق الطرابيشي نقيب الصحفيين بالإسكندرية، بالمستوى الفني والوطني الذي قدمه الطلاب، خاصة الفيلم الذي تناول أرض سيناء، معتبرًا أنه يجسد قيمة الانتماء، مطالبًا بترشيح تلك المشروعات للمشاركة في مهرجانات الأفلام القصيرة الدولية. كما قال الفنان منير مكرم إن فيلم "ولاء" ذكره بأبطال القوات المسلحة في حرب أكتوبر، بينما عبّر عن إعجابه بفيلم "مرة في السنة" لما يحمله من طابع تراثي مميز وروح مصرية أصيلة. إشراف أكاديمي أشرف على مشروعات التخرج والحفل الختامي الدكتور أحمد غزال، أستاذ الإعلام بالأكاديمية ورئيس قسم الإعلام، الذي أكد أن هذه الدفعة جسّدت تطورًا ملموسًا في الرؤية الفنية والقدرة على توظيف أدوات الإعلام لخدمة قضايا المجتمع والهوية الوطنية.


البوابة
منذ 4 ساعات
- البوابة
إفيه يكتبه روبير الفارس "جري الوحوش في الحرب"
تحقير العلم في الوعي هو أولى خطوات الهزيمة، لقد بدأت الحرب عندما اصطاد العدو العلماء. وإذا كنت تبحث عن المنتصر، فلا تفتح المندل، ولا تقرأ الفنجان، ولا تتابع تحليلات "الخبراء الاستراتيجيين" الذين تخرجوا من مطابخ منازلهم، يفْتون بلا معلومات ولا معرفة. فقط تذكّر إجابة نابليون، ففي إحدى المعارك سأله جندي فرنسي: – "هل الله معنا نحن الكاثوليك، أم مع الإنجليز البروتستانت؟" فأجابه نابليون: "الله مع أصحاب المدافع الكبيرة." ويمكننا اليوم تحريف الإجابة أو إعادتها إلى مصدرها، فنقول: الله مع من يملك أكبر عدد من العلماء. الله مع من يُقدّر العلم والمعرفة ويحترمهما. التفكير في تقدير العلماء أعادني إلى صورتهم الهزيلة المنفّرة كما قدمتها السينما المصرية مرارًا. يمكن أن ترى ذلك بوضوح في فيلم "عاشور قلب الأسد"(إنتاج 1961، إخراج حسين فوزي، بطولة عبد السلام النابلسي). يدور الفيلم حول عاشور – النابلسي – الذي يدرس في المعهد ويحاول لفت نظر زميلته، لكنها لا تلتفت إليه بسبب ضعفه الجسدي. وبالصدفة، يعيش عاشور بجوار عالم اخترع حقنة تمنحه القوة، وبعد أخذها، يتحول إلى نجم رياضي في المعهد. لكن من هو هذا "العالِم"؟ شخص – ومن الآخر – "أهبل"، قام بدوره كومبارس لا يذكر أحد اسمه. مصدر القوة الجبارة يظهر كمثير للشفقة، محتقَر، ومُرذَل... وهذه للأسف ليست مجرد كوميديا، بل واقع مرير. تكررت الفكرة عام 1977 مع فيلم "أونكل زيزو حبيبي"(إخراج نيازي مصطفى، بطولة محمد صبحي)، حيث يؤدي صبحي تقريبًا نفس دور النابلسي، ويتلقى "حقنة أعشاب ذرية" من عمّه – إبراهيم سعفان – الذي يُنادى بـ"مبلولي" ويُسخر منه طَوال الفيلم، رغم فكرته القوية. السخرية من العلماء تواصلت مع أفلام فؤاد المهندس مثل "شنبو في المصيدة"حيث أدى يوسف وهبي دور العالم المجنون الذي يجري تجاربه على الحيوانات، وفيلم "اقتلني من فضلك" حيث لعب عبد المنعم مدبولي دور "أينشتاين" الذي يبدّل ويغيّر في الحيوانات، وفؤاد المهندس نفسه في "المليونير المزيف" كمخترع سيارة "نفيسة 606". لاحظ أن كل هذه الشخصيات تنتمي إلى أفلام الهزل والكوميديا. أما حين حاول فيلم "جري الوحوش" (إنتاج 1987، إخراج علي عبد الخالق، بطولة نور الشريف، محمود عبد العزيز، حسين فهمي، حسين الشربيني) مناقشة العلم بجدية، فقد وضع "العلم" ممثلًا في حسين فهمي – بثقل دمه – في مواجهة "الدين" ممثلًا في حسين الشربيني. تفشل تجربة نقل جزء من المخ، لينتصر الدين على العلم في واحدة من أكثر كوارث السينما، بدعم مباشر للأصولية المتغلغلة في تربة الهلاك المتطرفة. هذا، بالإضافة إلى مئات الأفلام التي تروّج للجن والدجل وتشيع الشعوذة. ثم تأتي الحرب القريبة منا، لنرى أن العلماء في معاملهم هم القوة الأعظم التي تحدد – من البداية – من هو المنتصر. وندرك أننا درّسنا "عنترة بن شداد" أكثر من ثلاثين عامًا، نحشو بها عقول الأجيال عن بطولاته في رعي الغنم، بينما تجاهلنا قصة الدكتور علي مصطفى مشرفة، الملقب بـ"أينشتاين العرب". تجاهله كان خطوة كبرى في طريق هزيمتنا النفسية. أفيه قبل الوداع: الخطأ يبدأ من خلط المسميات... إطلاق لقب "علماء" على رجال الدين، و"عالِمات" على الراقصات! وفي مسرحية "العالمة باشا"، يطلب زعيم الدولة من حكومته استدعاء "العالِمة سوسكا" للمساعدة في حل مشاكل الدولة، فيحدث الخطأ، ويُحضِرون "الراقصة سوسكا" – سهير البابلي.