
«عيون الجواء التراثية».. عبق التاريخ ورائحة الماضي
وأوضح المهندس ماجد السالم -رئيس بلدية محافظة عيون الجواء- أن بلدية محافظة عيون الجواء قامت بتنفيذ خمس مراحل ترميم وتجهيز للبنية التحتية للبلدة التراثية بالمحافظة، كما تقوم بعمل صيانة سنوية ودورية، واستقبال الوفود وضيافتهم والتعريف بالقرية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، مشيرًا إلى أن البلدة تشهد تنفيذ عدد من الفعاليات والأنشطة في المناسبات الوطنية والاجتماعية، كما تُنفذ بعض المهرجانات والفعاليات الشتوية فيها.
ويعتبر الدكتور سلمان بن محمد السلمان -أمين لجنة التنمية السياحية بمحافظة عيون الجواء سابقًا ومؤلف كتاب (عيون الجواء عبق الماضي ورونق الحاضر)-، أن البلدة التراثية نموذج رائع وجميل للبلدان النجدية القديمة، ولا يزال جزءا كبيرا منها صامدًا على حاله الذي كان عليه، والذي يشتمل على مبانٍ جميلة وأزقة متعرجة ضيقة، بعضها مسقوف.
وجهة جاذبة سياحيًا للزوار من داخل وخارج القصيم
جذب سياحي
وأشار د. السلمان إلى أن تقريرًا لهيئة السياحة صنّف البلدة القديمة في محافظة عيون الجواء أنها ضمن مواقع الجذب السياحي ذات الإمكانات العالية والموقع الذي يقع على مساحة تُقدّر بـ(6000 م)، عبارة عن مدينة تمثل التراث النجدي بمبانيها وشوارعها وسوقها القديم الذي رُمِّم جزء منه، مضيفاً أن البلدة أُدرجت ضمن القرى التراثية في المملكة منذ عام 1433هـ، موضحًا أن بلدية محافظة عيون الجواء قامت بترميم جزء كبير من البلدة شمل السوق والمجلس والممرات وعددًا من المنازل، مبينًا أن البلدة القديمة تتكون من عدد من الأحياء السكنية التي كان كل منها يحمل اسمًا يميزه عن الآخر، وهي متقاربة جدًا، ومنها اللحايق، البلاد، المالكة، الحيالة، حرشان، الصفا، عوجان، المنارة، المعلق.
لمسات جمالية
وقال د. السلمان: إن منازل البلدة القديمة بُنيت من الطين الذي يُجلب من مكان يُسمى "المطينة"، ويُخلط بالتبن ويُنفذ على شكل لبِن، ويُضاف إلى أساسات المنزل الحجارة التي تُجلب إليها من أماكن قريبة من البلدة لتكون قوية وتتحمل البناء، ويحرص البنّاء -الأستاد- على إضفاء لمسات جمالية على بعض المنازل التي يقوم بتنفيذها، فيقوم ببناء الشرف على سور المنزل ويزين واجهاتها بالزخارف الجبسية والأشكال الهندسية الجميلة وأبواب المنازل ونوافذها مصنوعة من الخشب، إمّا من جذوع النخل -السيقان- أو من خشب الأثل أو هما معًا، وتُزين غالبًا برسومات وألوان مميزة، مبيناً أنه تتكون غالب منازل البلدة القديمة من مجلس للضيوف يُسمى "القهوة"، وغرف للنوم، وصالة تُسمى "القبة"، ومطبخ، وغرفة لحفظ الأطعمة "صفة"، وحوش صغير "ليوان"، ويُعتبر مجلس الضيوف "القهوة"، أهم المكونات في المنزل، لذا يقوم صاحب المنزل بزيادة مساحته عن باقي الغرف، ويضيف إليه احتياجاته من أوجار -مكان إيقاد النار- وكمار لوضع الأواني التي يحتاجها، وفتحات للتهوية، ويُزين المجلس بالزخارف الجبسية والهندسية المنفذة بدقة وعناية.
عمارة وتصميم
وتضم البلدة التراثية عدد من العناصر منها الجامع القديم الذي يتميز مبناه بجودة العمارة وجمال التصميم الداخلي، ويتميز أيضًا بمساحته، فهو كبير وواسع ذو سقف مرتفع، وفيه عقود وأعمدة وسواري بُنيت بشكل هندسي جميل، وله سرحة بُنيت على طرازه، وتقف في أحد جوانبه منارة دائرية الشكل شامخة وجميلة، وتكمن أهميته في قِدمه، فهو قديم جدًا ولا يعرف أحد من كبار السن تاريخ بنائه، وقد رُمِّم عام 1328هـ، وأُعيد ترميمه عام 1371هـ، ويتكون من عدد كبير من الأعمدة المربوطة بأقواس مجصصة ومزخرفة زادت من روعة وجمال المسجد، كذلك تضم البلدة الكتاتيب، وهو ملحق صغير بالجامع القديم كان صغار الطلاب يتلقون تعليمهم الأولي فيه، مثل القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، ويقع ملاصقًا للجامع القديم من جهة القبلة، وقد قُسم إلى قسمين؛ داخلي مسقوف وله مصاطب للجلوس -حبوس-، وفناء صغير ملحق به، وأحيانًا يُلحق به عريش من سعف النخيل عندما يزيد عدد الطلاب الدارسين فيه، وقد كان التعليم في عيون الجواء يقوم على الكتاتيب كما هو الحال عند أهالي نجد.
حركة تجارية
وتضم البلدة التراثية أيضاً السوق الشعبي -المجلس-، والذي يُعد نموذجًا لأسواق القرى النجدية الكبيرة، ويقع قرب الجامع القديم، وقد نُفذ على نمط الأسواق الإسلامية القديمة في متسع من الأرض، وتحيط به الدكاكين من جميع جهاته، وتنتهي إليه رؤوس الشوارع العامة في البلدة، وعلى أغلب محلاته مظلات -عريش-، ويوجد فيه ما يقرب من (50) خمسين متجرًا، وكان يُسمى قديمًا بالمجلس، وقد كان يعج بحركة تجارية كبيرة كونه يخدم بلدان شمال غرب القصيم، فكان مقصدًا للباعة لتصريف منتجاتهم في ذلك الزمن من الألبان والسمن والبقل والماشية، إضافةً إلى وجود الحرفيين من نجارين وحدادين وخرازين وباعة أقمشة، ومن مكونات البلدة المدرسة القديمة، وهي نموذج واقعي لبداية التعليم النظامي بفصولها وطاولاتها وسجلاتها القديمة، وأُسست عام 1369هـ، وقد تقلد عدد ممن درس فيها مناصب كبرى في الدولة وحصلوا على شهادات عليا من داخل وخارج المملكة.
ماكينة قديمة
وتضم البلدة التراثية كذلك مزرعة قديمة تُستخدم فيها ماكينة قديمة لاستخراج الماء من البئر، وتوزع عبر سواقٍ لسقي المزروعات المتنوعة بالطريقة التقليدية، إلى جانب المرقب الذي يجاور البلدة، وهو برج قديم وأثري يقوم على أعلى أَكمة في عيون الجواء من جهة الجنوب الشرقي، وكان بناؤه دائري الشكل ومن عدة أدوار وطبقات، وقد تهدم منها الكثير، وبقي من ارتفاعه حوالي عشرة أمتار، وكان يُستخدم في مراقبة المدينة ومحيطها، وجُدد بناؤه عدة مرات منها عام 1100هـ أي قبل حوالي 300 عام تقريبًا، كما أُعيد ترميمه مؤخرًا ليكون معلمًا بارزًا من معالم عيون الجواء، ويمكن للزائر أن يشاهد من خلاله عيون الجواء من جميع أطرافها إضافة إلى البلدان القريبة منها.
آبار عميقة
وتضم البلدة التراثية عشرات الآبار العميقة المنقورة في الصخر، وبعضها مطوي بالحجارة بشكل فني وجيد، وهي قديمة جدًا، ولا يعرف لها مستنبط، ويسميها الأهالي "جاهلية"، إلاّ أن ملكيتها يتناقلها أصحاب المزارع ضمن مزارعهم، وكثيرًا ما يعثر صاحب المزرعة على بئر مطمورة، إمّا عمدًا أو هُجرت على مر السنين وطمرتها سفِي الرياح، وترتبط كل مجموعة من الآبار القديمة بقنوات تحتية تُسمى "المشاقيق"، وهي عبارة عن شق في الأرض يربط بين الآبار القديمة -القلبان-، وذلك للاستفادة من زيادة المياه في بعضها لدعم النقص في البعض الآخر، وتمر هذه القنوات في كثير من الأحيان من تحت البيوت، ويحدث أحيانًا أن تنهار سقوف القنوات فتظهر عميقة ممتدة كما حدث تحت الجامع الكبير عام 1388هـ وكثير من البيوت، ولا يزال بعض القنوات "المشاقيق" مكشوفًا يمكن تتبعه من الآبار نفسها أو من البيوت القريبة منها، ويتم استخراج المياه من الآبار بواسطة السواني، وهي طريقة معروفة عند أهل القصيم عمومًا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 4 ساعات
- صحيفة سبق
"قبول" تعلن تعديل وقت إصدار نتائج القبول وإشعارات التأكيد إلى السادسة مساء
أعلنت المنصة الوطنية للقبول الموحد في الجامعات والكليات ومقاعد الابتعاث "قبول"، عن تعديل وقت إعلان نتائج القبول وإصدار إشعارات تأكيد القبول للطلاب والطالبات ليكون عند الساعة السادسة مساء، وذلك حرصًا على استكمال الإجراءات التقنية المرتبطة بتحديث بيانات القبول. وتبدأ "قبول" اليوم الثلاثاء 15 يوليو في إصدار نتائج القبول للجامعات والكليات، حيث ترسل إشعارات الترشيح عبر الحسابات المسجلة في النظام للمتقدمين من الطلاب والطالبات في مختلف مناطق المملكة. ودعت المنصة جميع المتقدمين إلى ضرورة تأكيد القبول خلال المهلة المحددة، والتي تنتهي مع نهاية يوم غد الأربعاء 16 يوليو، مشددة على أهمية الالتزام بالموعد لضمان تثبيت المقاعد الدراسية. وتُعد "قبول" المنصة الوطنية الموحدة التي أطلقتها وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية بهدف توحيد إجراءات القبول في مؤسسات التعليم العالي، سواء الجامعات الحكومية أو الكليات التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، إلى جانب تمكين المتقدمين من متابعة طلبات الابتعاث ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين لمسار "إمداد" لمرحلة البكالوريوس.


الرياض
منذ 15 ساعات
- الرياض
«الدراسات اللغوية» تستكشف التراث واللسانيات الحديثة
أصدر مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية العدد الرابع من المجلد السابع والعشرين من مجلة «الدراسات اللغوية»، التي تُعنى بالدراسات العلمية المحكمة في مجالات النحو والصرف واللغويات والعروض. وتضمّن العدد باقة من الدراسات التي جسّدت التوازن بين استحضار التراث العربي الأصيل، والانفتاح على المناهج اللسانية الحديثة، مستلهمةً محتواها بدراسة تداولية بعنوان: «التسوية مظاهرها وأثرها في النحو العربي»، للباحثة أفراح بنت علي المرشد، التي تناولت من خلالها ظاهرة «التسوية» بوصفها بنية تركيبية دقيقة، وبيّنت تأثرها بسياقات القول وأدوات العطف، مع العودة إلى تنظيرات سيبويه، وبعض آراء المحدثين. وقدّم الدكتور أحمد بن عبدالله القشعمي دراسة توثيقية نقدية بعنوان: «النقد النحوي عند الصفدي في كتابه: غيث الأدب»، تناول فيها نصوص الصفدي وتحليلاته لقضايا الخلاف النحوي، كاشفًا عن منهجه في النقد، وأدواته البلاغية واللغوية. وفي إطار العلاقة بين اللغة والبيئة الجغرافية، ناقشت الباحثة لمياء بنت حمد العقيل في دراستها الموسومة بـ «أسماء أودية عالية نجد في الشعر العربي القديم» أصول هذه التسميات في الذاكرة الشعرية، وارتباطها بالمكان والقبائل، مشيرةً إلى استعارتها من لغات غير عربية، وتحولها إلى أعلام وصفية في النصوص الجاهلية والإسلامية. كما تناولت الباحثة سمر الفيصل أبرز التحديات اللغوية التي تواجه اللغة العربية المعاصرة، في ظل التحولات الرقمية، من خلال دراستها المعنونة بـ «التحديات اللغوية المعاصرة»، مقدمةً أدوات عملية لتمكين العربية في مجالات الإعلام، والتعليم، والتواصل الرقمي. واختُتم العدد بدراسة عروضية متخصصة للباحث عمر خَلّوف بعنوان: «تعاليق على كتاب العروض للربعي (ت: 420 هـ)»، بتحقيق الدكتور محمد أبي الفضل بدران، قدّم فيها قراءة تحليلية لتعليقات الربعي النادرة على متن العروض، مما أسهم في إضاءة جوانب مهملة من تاريخ الدرس العروضي العربي. يُذكر أن مجلة «الدراسات اللغوية» تصدر بشكل فصلي عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وتهدف إلى نشر البحوث العلمية الأصيلة التي تتسم بالجدة والرصانة والمنهجية، في مجالات اللغة العربية وعلومها.


الرياض
منذ 19 ساعات
- الرياض
"الغطاء النباتي" يُطلق مبادرة للسماح بالرعي في عدد من مناطق المملكة
أطلق المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، وإمارات مناطق جازان والباحة وعسير ومكة المكرمة، والجهات ذات العلاقة، والمجتمع المحلي، مبادرة للسماح باستمرار الرعي في أراضي المراعي الطبيعية والغابات في عدد من مناطق المملكة، وتتضمن المبادرة إشراك المجتمع المحلي والجمعيات الربحية وغير الربحية والمتطوعين في تقليم الأغصان الجافة لأشجار العرعر في مناطق مكة وعسير والباحة. ودعا المركز مربي الماشية كافة في كلٍ من مكة والطائف وميسان والعرضيات بمنطقة مكة المكرمة، ومحافظات (المندق – بني حسن – بلجرشي) بمنطقة الباحة، إضافة إلى منطقتي جازان وعسير، إلى الاستفادة من هذه المبادرة، التي تأتي في إطار جهود الحفاظ على البيئة وتنمية المراعي الطبيعية، والاستفادة من النباتات الرعوية الطبيعية، بما يُسهم في تلبية احتياجات الثروة الحيوانية في المملكة، وتعزيز استدامة المراعي الطبيعية، وحماية موائل الكائنات الحية والتنوع الأحيائي، كما يُحقق التوازن بين الاستفادة من الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة. ويُسهم تنظيم الرعي في الحفاظ على الغطاء النباتي واستدامته، من خلال منع الرعي الجائر الذي يؤدي إلى تدهور المراعي وتعرية التربة وتناقص التنوع النباتي، كما يُساعد على استعادة المراعي المتدهورة وزيادة إنتاجيتها، ويدعم الثروة الحيوانية، ويعزز الأمن الغذائي. يُذكر أن المركز يعمل على تنمية مواقع الغطاء النباتي وحمايتها والمحافظة عليها، وتأهيل المتدهور منها، واستعادة التنوع الأحيائي في البيئات الطبيعية، إضافة إلى دوره في الإشراف على أراضي المراعي، والغابات والمتنزهات الوطنية، والمحافظة على الموارد الطبيعية والتنوع الأحيائي.