
نجوم خارج القطبين.. "عبد الظاهر السقا" أسطورة مصرية أضاءت ملاعب تركيا
في زحام الأضواء التي تسطع فوق القطبين، حيث يحكم
الأهلي والزمالك
قبضتهما على المشهد الكروي المصري، هناك نجوم اختاروا دربًا مختلفًا، طريقًا وعرًا لكنه أكثر نقاءً، بعيدًا عن
ضجيج الديربي
، وصخب الجماهير المنقسمة بين الأحمر والأبيض، هم أولئك الذين تحدّوا القاعدة، ورفضوا أن يكون المجد حكرًا على من ارتدى قميصي القلعتين، فكتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في
سجلات الكرة المصرية
دون أن يطرقوا أبواب الجزيرة أو ميت عقبة.
من
ملاعب الأقاليم
إلى المدرجات الصاخبة، من الفرق الطموحة إلى
المنتخبات الوطنية
، صعد هؤلاء اللاعبون درجات المجد بعرقهم، فجعلوا الجماهير تهتف لهم رغم غيابهم عن معترك القطبين، حملوا شرف التحدي، وواجهوا إرثًا ثقيلًا يربط النجاح بألوان بعينها، فكسروا القواعد وغيّروا المفاهيم، وأثبتوا أن النجومية لا تُصنع فقط في مصانع
الأهلي والزمالك
، بل قد تولد من شوارع المحلة، أو أسوار الإسماعيلي، أو على شواطئ الإسكندرية وبالقرب من ميناء بورسعيد، في شمال مصر وجنوبها، أو حتى بين جنبات أندية لم تعتد رفع الكؤوس، لكنها عرفت معنى صناعة الأساطير.
عبد الظاهر السقا.. أسطورة مصرية أضاءت ملاعب تركيا
في سماء الكرة المصرية، هناك نجوم يضيئون بمجدهم وإنجازاتهم، يتلألأون في ذاكرة الجماهير كأنهم نُقوش خالدة لا تمحوها الأيام، ومن بين هؤلاء العمالقة، يتألق اسم عبد الظاهر السقا، ذلك القائد الفذ، والمقاتل العنيد، الذي صنع مجداً يستحق أن يُحكى للأجيال القادمة.
وُلد عبد الظاهر السقا في 30 يناير 1974، في قلب محافظة الدقهلية، حيث سطّر أولى خطواته في عالم الساحرة المستديرة بنادي المنصورة، ذلك النادي الذي كان مصنعاً للنجوم وصانعاً للأحلام، هناك، بزغ نجمه سريعاً، ليصبح مدافعاً من طراز رفيع، يمتلك من المهارة والقوة ما جعله محط أنظار الفرق الكبرى.
لم يكن طريق الاحتراف مُعبداً بالورود، بل كان طريقاً شاقاً محفوفاً بالتحديات، لكن عبد الظاهر السقا لم يكن من الذين ينحنون أمام المصاعب، بل واجهها بعزيمة الأبطال، بدأ رحلته الاحترافية في تركيا، حيث صنع اسمه كواحد من أبرز المدافعين الذين مروا على الملاعب التركية.
لم يكن سهلاً على شاب مصري أن يشق طريقه في بلد غريب، حتى إنه في أول سنة له لم يكن يتقاضى راتباً، مما اضطر عائلته إلى دعمه مادياً، كان يعاني حتى من أبسط الأمور، كوسائل المواصلات، حتى رقّ قلب أحد المشجعين الأتراك لحاله، وأهداه سيارة "شاهين"، ليبدأ بها رحلته الحقيقية في الاحتراف.
لكن الصبر والإصرار أثمرا عن نجاح مذهل، فقد حقق السقا إنجازاً فريداً بتتويجه بجائزة أفضل لاعب في الدوري التركي مرتين متتاليتين، عامي 2003 و2004، وهي شهادة عالمية على موهبته وقدراته الاستثنائية، كما تمكن من قيادة فرقه إلى نهائيات كأس تركيا مرتين على التوالي، ليؤكد أنه لم يكن مجرد لاعب عابر في سماء الاحتراف، بل كان أسطورة حقيقية تترك بصمتها أينما حلّت.
كان المنتخب المصري بمثابة ساحة العظمة الحقيقية لعبد الظاهر السقا، إذ ارتدى قميص الفراعنة في 111 مباراة دولية، ليصبح أحد أساطير الكرة المصرية. لم يكن مجرد مدافع صلب، بل كان قائداً بالفطرة، يقاتل من أجل راية بلاده بكل شجاعة. وتوج مشواره الدولي بثلاث بطولات تاريخية لكأس الأمم الأفريقية أعوام 1998 و2006 و2010، مشاركاً في أعظم الأجيال التي أنجبتها الكرة المصرية.
لكن رغم هذه الأمجاد، يبقى عام 2010 جرحاً غائراً في قلب السقا، إذ كان أحد أفراد الجيل الذهبي الذي حُرم من حلم المونديال بعد ملحمة الجزائر الشهيرة. تحدث عنها بمرارة قائلاً: "شعور قاسٍ... لقد أصبت بالإحباط أنا وكل أبناء جيلي: بركات، الصقر، أبو تريكة، وائل جمعة. لكن الأغرب أن الصغار أيضاً أصيبوا بالإحباط، مثل متعب وفتحي وحسني عبد ربه، رغم أنهم كان بإمكانهم استكمال المشوار كما فعل الجيل الحالي."
عاش عبد الظاهر السقا مغامرات لا تُنسى في ملاعب أوروبا، ومن أطرفها كانت قصته مع محمد يوسف وأحمد حسن في تركيا، حيث كانوا يسكنون جميعاً في مبنى واحد مع أسرهم، فأطلقوا عليه اسم "عمارة المصريين في تركيا"، ليصبح هذا السكن شاهدًا على لحظات الفرح والكدح والمثابرة.
أما عن أغرب المواقف التي عاشها، فكانت تلك التي جمعته بلاعب إسرائيلي خلال إحدى المباريات، حيث كان السقا يشغل مركز الظهير الأيمن، بينما كان محمد يوسف على الجبهة اليسرى، يقول السقا ضاحكًا: "كلما اقترب منا اللاعب الإسرائيلي، كنا نُشبعُه ضربًا، حتى ذهب للحكم يشكو قائلاً: هناك لاعبان مصريان يضربانني!"
لم ينتهِ مشوار عبد الظاهر السقا مع كرة القدم بعد تعليق حذائه، بل واصل مسيرته في الإدارة الرياضية، حيث تولى منصب المدير الرياضي لنادي مودرن فيوتشر، وساهم في تحقيق إنجاز كبير بالتتويج بكأس رابطة الأندية المصرية لكرة القدم في موسمه الأول مع الفريق، ليبرهن على أن القادة الحقيقيين لا يتوقفون عن العطاء.
عبد الظاهر السقا ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل هو قصة كفاح ملهمة، عنوانها الإصرار والمجد. من ملاعب الدقهلية إلى منصات التتويج في القارة السمراء وأوروبا، خطّ لنفسه سيرة ذهبية لا تُمحى. إن كان هناك درس يُستفاد من رحلته، فهو أن العزيمة والتضحية لا بد أن تثمر في النهاية، وأن من يحمل في قلبه روح المقاتل، لا يمكن أن يهزمه أي شيء.
سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة كرة القدم المصرية، ليس فقط كأحد أعظم المدافعين، بل كنموذج يُحتذى به لجيل قادم من اللاعبين الحالمين بالمجد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 37 دقائق
- مصرس
ثلاثي الأهلي يجتاح قائمة الأفضل ب الدوري في تقييم «أبو الدهب».. ومدرب مفاجأة
كشف محمود أبو الدهب نجم النادي الأهلي السابق، عن رأية في الأفضل في بطولة الدوري المصري هذا الموسم 2024-2025، موضحًا أن ثلاثي النادي الأهلي هم الأفضل عن جدارة. وقال أبو الدهب في تصريح تلفزيوني عبر شاشة «أون سبورت»: «الأفضل بين قلب الدفاع هو ياسر إبراهيم مدافع الأهلي ثم حسام عبدالمجيد مدافع الزمالك ثم رامي ربيعة مدافع الأهلي»، مضيفًا أن في مركز المهاجم الأفضلية من نصيب وسام أبو علي مهاجم الأهلي ثم ناصر منسي مهاجم الزمالك لإنه مقاتل وواحد من هدافين الدوري ثم فيستون مايلي مهاجم بيراميدز.وتابع: «إمام عاشور لاعب الأهلي عامل شغل كويس، وبعدين يجي إبراهيم عادل لاعب بيراميدز، ثم أسامة فيصل لاعب البنك الأهلي»، موضحًا أن إمام عاشور الأفضل في مصر وأفريقيا هذا الموسم.وأكد على أن طارق مصطفى المدير الفني للبنك الأهلي هو أفضل مدرب في الدوري هذا الموسم، ثم عماد النحاس المدير الفني المؤقت للنادي الأهلي، ويليهم يوريتيش المدير الفني ل بيراميدز


الوطن
منذ ساعة واحدة
- الوطن
حدث فجرا في الأهلي.. ريفيرو يضم نجم زملكاوي.. ومفاجأة كولر.. ومصير إمام عاشور
حدث فجرا في النادي الأهلي تقرير خدمي لمتابعينا يضم أهم الأخبار على الساحة الأهلاوية خلال الساعات الماضية في ظل اشتعال المنافسة على لقب الدوري والاستعداد لبطولة كأس العالم للأندية. وافق المدرب الإسباني الجديد للنادي الأهلي خوسيه ريفيرو على ضم أسامة فيصل لاعب الزمالك السابق والبنك الأهلي الحالي ويترقب فقط انهاء الأهلي كافة التفاصيل الخاصة باللاعب طالع التفاصيل كاملة من هنا . كشف الإعلامي كريم حسن شحاتة بأن مسؤولي النادي الأهلي يدفعون رواتب كولر بشكل طبيعي والأمل الوحيد هو اتفاق المدرب مع نادي جديد من أجل عدم الحصول على الراتب الشهري الخاص به. تلقى إمام عاشور لاعب النادي الأهلي عرضا مغريا من جانب نادي نيوم السعودي ولكن لم يصل بشكل رسمي للنادي الأهلي حتى الآن وتحرك مسؤولي النادي الأهلي مباشرة بعد هذه الأنباء طالع التفاصيل من هنا .


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار مصر : محمد شريف يُهنئ رامي ربيعة بعيد ميلاده الـ 32 .. ماذا قال؟
الأربعاء 21 مايو 2025 05:00 صباحاً نافذة على العالم - وجّه محمد شريف، لاعب الخليج السعودي، رسالة لرامي ربيعة لاعب النادي الأهلي بمناسبة عيد ميلاده الـ 32. وشارك محمد شريف ستوري عبر حسابه على انستجرام، وعلق عليها: 'كل سنة وأنت طيب حبيبي'. يذكر أن شريف صاحب الـ 29 عامًا ارتبط بمفاوضات مع الزمالك وبيراميدز خلال الفترة الأخيرة دون أي خطوات رسمية من الطرفين. هل وقع شريف للزمالك؟ في سياق متصل، أعرب محمد شريف، مهاجم نادي الخليج السعودي، عن رغبته القوية في العودة إلى ناديه السابق الأهلي، مشددًا على أنه لم يوقع لأي ناد حتى الآن. تأتي هذه التصريحات في ظل الأنباء التي ربطت اسمه بالتوقيع مع نادي الزمالك تمهيدًا للانتقال إليه خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة. وفي حديثه مع الإعلامي كريم رمزي عبر برنامج رقم 10 على القناة الأولى، أوضح شريف أنه لم يوقع أي عقود جديدة مع أي فريق، معبرًا عن أمله في العودة لمنافسات كأس العالم للأندية. كما أكد أن النادي الأهلي هو بيته.