
أن تكون أردنيا اليوم: تحدي الهوية في زمن التحولات
اضافة اعلان
استحقاقات مهمة تفرضها الأحداث الجارية في منطقتنا منذ سنوات طويلة، وبالأخص منذ السابع من أكتوبر، حيث انتقلت الأحداث من جبهة إلى أخرى. وإنْ حاولنا اليوم البحث عن توصيف دقيق لهذه المرحلة، فلن نجد أبلغ من تسمية منطقتنا بـ"منطقة الأزمات"، وهو الوصف الأكثر دقة وواقعية لهذا الجزء من الشرق الأوسط الذي يعيش منذ زمنٍ طويل في دوامة من الأزمات المتعاقبة، من أزمة إلى أخرى، ومن كارثة إلى أخرى.لكن الأخطر من كل ذلك هو انعكاس هذه الحالة الدائمة من الأزمات المفتوحة على سيكولوجيا المواطن وطبيعة أنظمة الحكم معاً. فقد ارتهنت العقول بانتظار لحظة الحل، وتوقفت المشاريع في ظل ترقّب النهاية، واعتادت الأنظمة على إدارة الأزمات بمنطق يوميّ، فتراجعت الرؤى الوطنية، وغابت المشاريع الثقافية لعقود، حتى وجدنا أنفسنا أمام استحقاق غير مسبوق يفرض علينا التفاعل مع واقع جديد لا يحتمل مزيداً من التأجيل أو المراوغة.أردنيًا، وفي الذكرى التاسعة والسبعين للاستقلال، نعم، لا بد من إنصاف نموذج الدولة القائمة على المؤسسات البيروقراطية. قد نختلف في تقييم كفاءة هذه المؤسسات ونتفق على ضرورة تطويرها، كما هو الحال في أي جهاز بيروقراطي في العالم، ولكن الأهم أن نتذكر أن هذا النموذج ما زال صامداً أمام موجات الانهيار الطائفي والتفكك الميليشياوي التي عصفت بالمنطقة.الاستقلال اليوم يجب أن يكون عنوانه الأبرز هو وضوح المشروع الوطني، واستدعاء التاريخ الأردني لخدمة الحاضر وبناء المستقبل، لأنّ الانتماء لا يولد دون شعور حقيقي بقيمة ما ننتمي إليه. تجاوز التقصير في تقديم صورة الأردن وتاريخه وثقافته وموروثه، يتطلب إعادة إنتاج هذا الموروث الثقافي والحضاري، لأنّ بناء هوية ثقافية غنية هو أحد أركان تعميق الانتماء وترسيخ الشعور الوطني.أن تكون أردنيًا، هذا هو المطلوب اليوم، في منطقة يُعاد تشكيلها بعد سنوات من الصراعات، وسط تصاعد الانقسامات الطائفية والإثنية، وأمام أخطار متنامية تُنذر في كل لحظة بانفجار أزمات جديدة. في هذا السياق، تبقى الهوية الوطنية الحصن الأخير لمواجهة موجات التناحر والصراعات. نعم، نحن بحاجة إلى ثورة، ثورة ثقافية تنويرية، نُراجع فيها أخطاء الماضي، ونتصدى بها للأخطار التي تراكمت نتيجة غياب المشروع الوطني.نحتاج اليوم إلى مشروع نهضوي يرسم ملامح المرحلة المقبلة، وينتقل من الشعارات إلى الفعل. وهذا لا يمكن أن يتحقق دون فهم عميق لمفاهيم النهضة، ووضوح في الإجابة على سؤال: "أين نريد أن نكون غداً؟". المطلوب اليوم من العقل المركزي للدولة هو استيعاب أهمية تبنّي رؤية طويلة الأمد تُطلق فوراً، مبنية على نهضة ثقافية، تنشر الوعي، وتستعيد دور الدولة كقائد لصياغة الهوية المجتمعية والوعي الوطني، بعيداً عن شكلية الحكومات "الوظيفية" التي تغرق في تفاصيل الإدارة اليومية، والعودة إلى حكومات إستراتيجية، بيروقراطية أصيلة، تسهم في رسم شكل المستقبل الذي نريد.نعم، الأردن بلد مؤسسات، وقد نجح في تجاوز معظم أزمات الإقليم دون تداعيات مباشرة. لكن علينا أن نتذكر أنّ تحوّلات سيكولوجيا المواطن ونظرته إلى الدولة هي عملية تراكمية تُقاس عبر الزمن، وتآكل صورة الدولة في وجدان الناس ظاهرة بدأت تترسخ في المجتمعات كافة. لمواجهة ذلك، نحن بحاجة إلى مراجعات صادقة، وحركة تصحيحية يشعر المواطن من خلالها بأن هناك تغييرًا حقيقيًا يحدث على الأرض.إن مشروع النهضة الوطنية لم يكن يومًا ترفًا، ولا شعارًا عابرًا، بل هو حاجة أساسية للعبور الآمن نحو المستقبل. ولذلك، يجب أن يكون الاستثمار في الإنسان، ثقافيًا ومعرفيًا، هو عنوان المرحلة القادمة. نظرة واحدة إلى السنوات الماضية كفيلة بأن تكشف أن بذور هذا المشروع كانت حاضرة، رغم بساطة الإمكانات آنذاك، ويكفي أن نختصر فكرة النهضة التي نريدها بكلمات الشاعر حيدر محمود في قصيدته "راياتك تخفق في القمة":"أخرجنا من قلب الصخر إنسان العزّة والفخروحلفنا بجلال النهر أن نقهر بالحب العتمة."
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 39 دقائق
- رؤيا نيوز
يديعوت أحرونوت: محادثات واشنطن مع ممثلي حمـا.س مستمرة
ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، الأحد، أن المحادثات التي تجريها واشنطن مع ممثلين عن حركة حماس لا تزال مستمرة وكذلك المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى رغم أنها متعثرة حاليًا. وأوضحت الصحيفة: 'في إسرائيل يُقدّرون أن الضغط العسكري على حماس بدأ يؤتي ثماره، لكنه غير كافٍ حتى الآن'. وفي الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات الإسرائيلية لتكثيف العملية العسكرية وتوسيع سيطرة الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، جاءت الرسالة من الجانب الأميركي: 'تريثوا، لا تُسرعوا باجتياح كامل للقطاع'، بحسب الصحيفة. وأشارت الصحيفة إلى أن 'هذه الرسالة تعكس التوتر المتزايد بين تل أبيب وواشنطن، حيث تحاول الأخيرة دفع الطرفين إلى تسوية سياسية ووقف فوري لإطلاق النار، بينما ترى إسرائيل أن حماس لم تصل بعد إلى مرحلة الانهيار الكامل التي تُعد شرطًا لإبرام اتفاق بشروطها'. ورغم أن الاتصالات بشأن الصفقة متعثرة إلى حد كبير، إلا أنها مستمرة طوال الوقت في جهاز الأمن والمستوى السياسي في إسرائيل يُقدّرون أن الضغط العسكري بدأ يُؤتي ثماره بالفعل، لكن في هذه المرحلة 'غير كافٍ'، بحسب مصادر إسرائيلية. ولذلك، تُقدّر هذه المصادر أنه من المرجّح أن نشهد 'تصعيدًا في العملية العسكرية' قريبًا. اجتماع أمني ومساء الأحد، يعقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعا أمنيا بمشاركة كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية، في ظل التوتر القائم بينهم، وفي وقت تمارس فيه واشنطن ضغوطًا على إسرائيل. ولم يوقف الجانب الأميركي فعليًا اتصالاته المباشرة مع حركة حماس، والتي لا تزال مستمرة خلف الكواليس. وفي هذه الأثناء، يطلب الأميركيون من إسرائيل: 'أعطونا مزيدًا من الوقت قبل أن تُتموا السيطرة على قطاع غزة' ووفقًا لمسؤولين في الجيش الإسرائيلي، تسيطر إسرائيل بالفعل على حوالي 40 بالمئة من مساحة قطاع غزة وتخطط للسيطرة على 75 بالمئة، أي إضافة 35 بالمئة أخرى خلال شهرين. التواصل الأميركي يذكر أن المسؤول الأميركي المتواصل مع الوسطاء هو المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف. وفي الوقت نفسه، تستمر أطراف أخرى في واشنطن في إجراء المحادثات مع حماس عبر قنواتهم الخاصة، بوساطة رجل الأعمال الأميركي الفلسطيني بشارة بحبح. ووفقًا لمسؤول رفيع في الجيش الإسرائيلي، إسرائيل تتجه نحو حسم الأمور، لأن 'ليس بإمكانها السماح ببقاء حماس في غزة'. وأضاف أن حماس نجحت في تصنيع مئات الصواريخ قصيرة المدى، وعشرات الصواريخ متوسطة المدى. وعند سؤاله كيف ستبدو عملية الحسم ضد حماس، أوضح أن الخطوات التالية هي تدمير الجناح العسكري، ضرب القدرات الحكومية، احتلال الأراضي والسيطرة عليها، وإدارة المساعدات الإنسانية مع قطعها عن حماس.


البوابة
منذ 41 دقائق
- البوابة
هلع في إسرائيل.. تحقيق استخباري يحقق في مكالمات "مرعبة"
بدأ مركز "السايبر" الإسرائيلي، التحقيق بشكل موسّع عقب انتشار حالة من الهلع بين الإسرائيليين إثر تلقي آلاف الإسرائيليين مكالمات هاتفية من أرقام مجهولة تتضمن تسجيلات لـ "محتجزين يصرخون بفزع ويستغيثون باللغة العبرية". وكانت حالة من الذعر والهلع انتشرت في صفوف إسرائيليين، إثر تأكيد عدد منهم تلقيهم مكالمات هاتفية من أرقام مجهولة، قالوا إنها تبث عليهم 'تسجيلات لأسرى يصرخون رعبا في قطاع غزة'، وفق إعلام عبري. وطلب المركز، المعنيّ بالتقنيات في الحكومة الإسرائيلية، من الإسرائيليين الامتناع عن الرد على الرسائل وإهمالها، بعد تلقّي مكالمات هاتفية من أرقام شبيهة بالهواتف الإسرائيلية. وكان مَن تلقّوا المكالمات، التي بدأت يوم الجمعة، قد سمعوا أصوات استغاثة بالعبرية وصفارات إنذار، ودويّ انفجارات قوية، في الخلفية. بينما تلقّى مَن تجاهل المكالمة الأولى "اتصالاً آخر بعد ساعتين"، وفق ما روت شاهدة عيان ممن يعملون في المخابرات الإسرائيلية، لوسائل إعلام عبرية. أما مَن تجاهل المكالمة بتاتاً، فقد تلقّى رسالة مسجلة بالمحتوى نفسه. ووفقاً للمصادر الأمنية، فإنه في أحد التسجيلات سُمع صوت مقطع من فيديو كانت "كتائب القسام" نشرته في العاشر من الشهر الحالي، أظهر اثنين من الأسرى الإسرائيليين لديها. وفي الوقت الذي رجّحت فيه أجهزة أمن إسرائيلية أن تكون "حماس" هي التي تقف وراء هذه الاتصالات، في إطار حملتها وحربها النفسية، توقعت وسائل إعلام عبرية أن تكون هذه المكالمات جزءاً من حملة تخوضها عائلات "المحتجَزين" أو إحدى الحركات التي تُناصرها في معركتها ضد الحكومة. بدورها، نفت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين أن "تكون هي من تقف وراء هذه المكالمات المجهولة، مشيرة إلى أن بعض أفرادها أنفسهم تلقّوا هذه المكالمات". وحذّرت الهيئة من أن يكون توجيه الاتهامات لها محاولة للمساس بها، وجدّدت تأكيدها أن الإسرائيليين يؤيدون عودة جميع المختطَفين والمختطَفات ضمن صفقة واحدة، ولو على حساب إنهاء الحرب. المصدر: الشرق الأوسط


البوابة
منذ 41 دقائق
- البوابة
مصر تتهيأ لـ" حدث كبير وشيك".. ناشطون يصفون حالة الرأي العام
كتب مغردون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أن البلاد تتأهب لما وصفوه بأنه "حدث كبير وشيك"، في ظل هالة إعلامية قادت الرأي العام في مصر إلى هذا الطرح والتساؤل. الهالة الإعلامية، تسببت بها آراء ومواقف إعلاميين مصريين بارزين، وبعضهم مقربون من الحكومة، أشاروا في تصريحات إلى "حدث كبير وشيك"، دون توضيح طبيعته. ودفع هذا الغموض المتابعين إلى طرح تأويلات متعددة وتساؤلات عما إذا كان الحديث ينذر بتغيرات وشيكة على الساحة المصرية، سواء محليا أو إقليميا، خصوصا فيما يخص القضية الفلسطينية، وفق ما رصدت "الجزيرة" عن عدد بارز من البرامج والمقالات التي نشرها إعلاميون مصريون بارزون. بدورهم، انتقد مغردون ومدونون هذه الطريقة في إثارة "القلق" مشيرين إلى أن هذه التصريحات "كلام مبهم وغير مفهوم الهدف، وأنه "يثير القلق ولا يفيد". إلى ذلك، رأى البعض أن تحذيرات بعض الإعلاميين رغم اختلاف توجهاتهم تبدو كأنها تمهيد صريح لتأهيل الناس نفسيا لتقبّل "نقلة صادمة ومؤلمة" قد تكون قريبة. وتساءل مدونون "ما الحدث الذي يُحضّر له الرأي العام؟ ولماذا يتحدث عدد من الإعلاميين المصريين عن شيء ما سيحدث خلال الأيام القادمة؟"، مشيرين إلى أن أسلوب الترويج وتأهيل الرأي العام لقرارات وأحداث قادمة ليس جديدا في مصر، وفق رأيهم. المصدر: مواقع التواصل الاجتماعي