logo
سعد أردش.. رائد المسرح الذى حمل فكر "بريخت" إلى القاهرة

سعد أردش.. رائد المسرح الذى حمل فكر "بريخت" إلى القاهرة

بوابة الفجرمنذ 5 أيام

في مثل هذا اليوم، نودع واحدًا من أبرز أعمدة المسرح العربي، الفنان والمخرج الدكتور سعد أردش، الذي لم يكن مجرد فنان تقليدي، بل مفكر وصاحب رؤية، حمل لواء التجريب المسرحي، وزرع بصماته العميقة في وجدان الأجيال. رحلة فنية تجاوزت الستين عامًا، مزج فيها بين القانون والفن، وكتب فصولًا مضيئة في تاريخ الإبداع العربي.
يوافق اليوم الجمعة ذكرى رحيل الفنان والمخرج الكبير سعد أردش، أحد أعلام المسرح المصري والعربي، وصاحب مسيرة فنية استثنائية امتزجت بالوعي والثقافة والالتزام، وقد ترك وراءه إرثًا فنيًا وتعليميًا لا يزال حاضرًا بقوة في أروقة المسرح.
لم يكن أردش مجرد ممثل أو مخرج، بل مفكر مسرحي من طراز رفيع، جمع بين دراسته الأكاديمية للفنون والحقوق، فحصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1952، وليسانس الحقوق من جامعة عين شمس عام 1955، ثم واصل دراسته حتى نال دكتوراه في الإخراج المسرحي من الأكاديمية الدولية بروما عام 1961.
عاد إلى مصر في بداية الستينيات محمّلًا بأفكار المسرحي الألماني برتولت بريخت، حيث تبنى نظريته في "كسر الإيهام المسرحي"، وطبّقها لأول مرة في مصر من خلال عرض مسرحية "دائرة الطباشير القوقازية"، واستمر في تبني هذا النهج حتى آخر أيامه، ليكون ختامه مسكًا مع مسرحية "الشبكة" عام 2007 على خشبة المسرح القومي.
كان سعد أردش أحد مؤسسي مسرح الجيب في الستينيات، حيث لعب دورًا محوريًا في تقديم الأعمال التجريبية والطليعية، كما أخرج نحو 52 عرضًا مسرحيًا من بينها: الأرض، السبنسة، الإنسان الطيب، النصابين، الحرافيش، أوبرا عايدة، مهر العروسة، غراميات عطوة أبو مطوة، وغيرها من الأعمال التي تنوعت بين الكلاسيكي والمعاصر، والتجاري والتجريبي.
لم يكتفِ بالإخراج، بل شارك كممثل في عدد من الأفلام السينمائية والتليفزيونية مثل ظهور الإسلام والاختيار، وترك بصمته كذلك في الإذاعة والمقالات المسرحية والكتب، فله كتابان مهمان: "المخرج في المسرح المعاصر" و"المسرح الإيطالي منذ البدايات حتى أوائل الستينيات"، إلى جانب ترجمته لعدد من النصوص المسرحية عن اللغة الإيطالية.
وفي ذكرى رحيله، لا يزال سعد أردش حيًا في الذاكرة المسرحية، اسمه يُردد في أروقة الأكاديميات وعلى خشبات المسارح، كأحد الرجال الذين جعلوا من المسرح رسالة، ومن الفن التزامًا، ومن الرؤية بصيرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في ذكرى ميلاده الـ101.. سعد أردش أيقونة المسرح المصري وأستاذ الإبداع التجريبي
في ذكرى ميلاده الـ101.. سعد أردش أيقونة المسرح المصري وأستاذ الإبداع التجريبي

عالم النجوم

timeمنذ يوم واحد

  • عالم النجوم

في ذكرى ميلاده الـ101.. سعد أردش أيقونة المسرح المصري وأستاذ الإبداع التجريبي

يوافق اليوم 16 يونيو الذكرى الـ101 لميلاد الفنان الكبير سعد أردش ، أحد أبرز رموز المسرح المصري والعربي في القرن العشرين، والذي جمع بين التمثيل والإخراج والتأليف والتدريس، تاركًا وراءه إرثًا مسرحيًا وثقافيًا عظيمًا لا يزال حاضرًا في الذاكرة الفنية. ولد سعد أردش عام 1924 في مدينة فارسكور بمحافظة دمياط، وبدأ حياته موظفًا في السكك الحديدية، قبل أن يشق طريقه إلى عالم الفن من خلال المسرح. التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج منه عام 1950، ثم واصل دراسته في الخارج حتى حصل على الدكتوراه من الأكاديمية الدولية للمسرح بروما عام 1961. قدّم أردش للمسرح المصري تجربة فريدة، متأثرًا بالمسرح الألماني وبالأخص بفكر برتولت بريخت، حيث أدخل إلى الساحة المصرية نظرية كسر الإيهام، وقدم من خلالها عروضًا متميزة مثل 'دائرة الطباشير القوقازية' و'الشبكة'. كما أسس مسرح الجيب في الستينات وكان من أوائل من تبنوا المسرح التجريبي في مصر. عمل الراحل أستاذًا ورئيسًا لقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتقلد مناصب عدة كان أبرزها رئاسة البيت الفني للمسرح، كما نال وسام العلوم والفنون عام 1967، وجائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعماله. لم تقتصر إبداعاته على خشبة المسرح فقط، بل ترك بصمة أيضًا في السينما والتلفزيون من خلال أعمال بارزة مثل 'سكة السلامة'، 'المال والبنون'، و'شباب امرأة'.

مغامرة شهيرة تعتنق الإسلام برسالة مؤثرة «سيلينا»
مغامرة شهيرة تعتنق الإسلام برسالة مؤثرة «سيلينا»

خبر صح

timeمنذ يوم واحد

  • خبر صح

مغامرة شهيرة تعتنق الإسلام برسالة مؤثرة «سيلينا»

أعلنت المغامرة سيلينا ميلادينوفيتش عن اعتناقها الإسلام، حيث أوضحت في منشور لها على صفحتها الرسمية في 'إنستجرام' أنها اتخذت هذا القرار بعد اقتناع تام وبإرادة حرة، وأعربت عن سعادتها الكبيرة بهذا التحول الروحي، مؤكدة أنه نابع من قلبها الشخصي، وأنه الطريق الذي وجدته الأنسب لها. مغامرة شهيرة تعتنق الإسلام برسالة مؤثرة «سيلينا» | صور ممكن يعجبك: تدريب موظفي المتحف الكبير على فنون الإتيكيت استعدادًا للافتتاح وقالت سيلينا في منشورها: 'أشكركم جميعًا من أعماق قلبي على التهاني والدعم بعد دخولي في الإسلام، أنا فخورة وسعيدة جدًا بهذا القرار لأنه نابع من قلبي، وهو الطريق الذي وجدته مناسبًا لي بصدق' الرد على المنتقدين وفي رد مباشر على الانتقادات التي وجهها البعض لها، أكدت سيلينا أن هذه الانتقادات لا تؤثر عليها، مشيرة إلى أن ما يهمها هو رضا الله سبحانه وتعالى، وأنها تتبع ما تشعر به في قلبها، وأضافت: 'أما من يسيء إليّ أو ينتقدني من بعض المسيحيين، فبكل صراحة: هذا لا يعنيني، أنا أتبع ما أشعر به في قلبي، وما يدلّني عليه ربي، وليس ما يقوله الناس، هذه حياتي، وهذا قراري، ولن أسمح لأحد أن يطفئ نوري أو يهز إيماني، وأشكر من كل قلبي كل من يقف بجانبي بمحبة واحترام، الحمد لله دائمًا وأبدًا' إعلان جديد يتوج مسيرتها الشخصية قرار سيلينا ميلادينوفيتش اعتناق الإسلام يعتبر نقطة تحول هامة في حياتها الشخصية، حيث تابعت رحلتها الروحية التي تحترم فيها الإيمان والقيم، وتجسد كلماتها القوة والإصرار على إتباع ما تشعر به داخليًا دون التأثر بالآراء الخارجية. سيلينا تقرر إرتداء الحجاب وعن ارتدائها الحجاب، قالت سيلينا: 'اليوم تم إعلان إسلامي رسميًا، ولكنني أؤمن بالله منذ فترة طويلة، طوال حياتي لم أرتدِ الحجاب، لكن منذ يومين بدأت بارتدائه، قبل يومين كنت بحاجة إلى التقاط صور رسمية لجواز السفر واضطررت لارتداء الحجاب، فقررت أن أحتفظ به على رأسي طوال اليوم' وتابعت: 'اليوم، عندما أعلنت إسلامي في المركز، كنت أرتدي الحجاب أيضًا ولم أرغب في خلعه، وعندما عدت إلى المنزل، فكرت في أن أرتدي مجددًا تيشيرت وبنطال جينز، لكن فجأة شعرت بشيء داخلي يقول: 'لا، لا أريد أن أرتدي التيشيرت، أريد أن أبقي الحجاب على رأسي' واختتمت: 'الآن أفكر بجدية في أن أرتديه بشكل دائم، رغم أنني لست متأكدة بعد، لا أعرف لماذا جاءني هذا الشعور القوي، رغم أن الكثيرين يقولون إن في الإسلام يُفضل أن نمشي خطوة بخطوة، لكن هذا الإحساس جاء من أعماقي، شعرت أنني أريد أن أستر نفسي' وكانت سيلينا تعيش في جزر المالديف، وتهوى المغامرات البحرية والسفر في جميع أنحاء العالم، ومن أكثر الأماكن التي ظهرت فيها سيلينا هي الأهرامات والشوارع في مصر، قبل ارتداء الحجاب وبعده. مقال مقترح: وزير الاتصالات يؤكد أن شركات المحمول استثمرت أكثر من 2.7 مليار دولار في تطوير الخدمات

أحمد حسين.. مغامر سياسى كان يــرى فى «موسولوينى» المثل الأعلى
أحمد حسين.. مغامر سياسى كان يــرى فى «موسولوينى» المثل الأعلى

بوابة ماسبيرو

timeمنذ يوم واحد

  • بوابة ماسبيرو

أحمد حسين.. مغامر سياسى كان يــرى فى «موسولوينى» المثل الأعلى

شخصيات لها تاريخ «66» عشق التمثيل المسرحى وكان رئيساً لفريق المسرح فى الخديوية الثانوية ووزير المعارف فكّر فى إرساله لدراسة التمثيل فى الخارج. تقلّب من القومية المصرية إلى الإسلام والعروبة ثم آمن بالفاشية والنازية وعمل لصالح مع محمد محمود وإسماعيل صدقى والملك فاروق دعا لمشروع «القرش المصرى» وطبق فكرة «القمصان الخضراء» على شباب حزب «مصر الفتاة» ودعا «هتلر» لدخول الإسلام وطالب بتطبيق الشريعة سيرة هذا الرجل ارتبطت بصعود "الفاشية" فى إيطاليا، وهو الذى استورد فكرة "القمصان الخضراء" واعتبر "موسولينى" البطل والنموذج الذى يجب أن يحتذى به المصريون، وكان يتمنى أن يصبح مثل "يوسف وهبى" وسعى لاحتراف التمثيل، وفشل فى هذا المسعى، فجعل المجتمع مسرحاً يقدم له الشخصيات وينتظر منه التصفيق والإعجاب، وكتب فى مذكراته المنشورة ضمن سلسلة "تاريخ المصريين ـ هيئة الكتاب" تاريخ مغامراته السياسية التى بدأت بتأسيس جمعية تدعو إلى نشر الإسلام والدفاع عنه، ثم أسس جمعية "مصر الفتاة" وجعلها حزباً يدعم الملك فاروق، وانتهى به المطاف داعياً إلى الإصلاح الإجتماعى وغيّر الشعار من "الله.. الوطن.. الملك" إلى "الله.. الشعب" وكان رفيقه فى هذه المغامرات "فتحى رضوان" القيادى فى الحزب الوطنى القديــــــم، وكــــان "مشروع القرش" واحداً من المشروعات التى شغل بها المجتمع المصرى، واتهمته حكومة الملك فاروق بالمشاركة فى حريق القاهرة الذى وقع فى 26 يناير 1952. من يقرأ قصة حياة الرئيس عبد الناصر سوف يجد فيها ما يدل على اتباعه أفكار "مصر الفتاة" وكذلك "كمال الدين حسين" زميله فى "الضباط الأحرار" ووزير التعليم فى السنوات الأولى لثورة يوليو 1952، وكانت "مصر الفتاة" محاولة من جانب "أحمد حسين" و"فتحى رضوان" لإحياء "مجد مصر" وكان مفهوم هذا المجد هو المناداة بالفرعونية، واعتبار "الفراعنة" الأسلاف العظماء للمصريين، ثم الانقلاب على الفرعونية والتعصب للإسلام والدعوة للوحدة العربية وتأسيس الحزب الوطنى القومى الإسلامى، والانتقال من تأييد الملك فاروق والدعوة لقبول مشروع معاهدة جاء به "محمد محمود باشا" بالاتفاق مع بريطانيا، إلى الدعوة لتطبيق إصلاحات اجتماعية ـ أطلق عليها اسم الاشتراكية ـ ثم كان فصل الختام ببرقيتيـــن أرســـلهما إلى "محمـــد نجــــيب" و"جمال عبد الناصر" فى أزمة "مارس 1954" واعتقاله بسبب هاتين البرقيتين. هذه الحياة الصاخبة التى عاشها "أحمد حسين" دعتنى للبحث فى تاريخه وقراءة ما كتبته عنه الأقلام المهتمة بالتأريخ لرموز الحقبة الملكية من تاريخنا المعاصر، وكانت أولى هذه القراءات، قراءة ما كتبه هو نفسه فى مذكراته: ـ لا يزال فى ذاكرتى منظرالكُتّاب الذى كنت أذهب إليه وأنا طفل صغير، قبل الخامسة، فلا بد أن يكون ذهابى إلى الكُتَّاب فى وقت مبكر، فلا زلت أذكر "المدرسة الأوّلية" التى انتقلتُ إليها ـ بعد الكتّاب ـ وكيف انتقلتُ إلى "مدرسة البهيّة البرهانية" التابعة للجمعية الخيّرية الإسلامية، وكان عمرى يقل عن ست سنوات، ولا تزال من ذكريات الكتّاب فى رأسى، روائحه، ورائحة الحبر فى المحابر و هى مليئة بقطع القماش، وكان فى مدخل "الكتّاب" رجل وامرأة يبيعان الطعام للأولاد، ماء "اللِّفت" فى طبق صغير فنغمس هذا الماء بالخبز، أو بالأحرى "نَفِتّ" فيه الخبز فيصبح له طعما جميلا، ومازال منظر "الفَلَقة" وأحد الأولاد يعدّونه ليضربه "سيّدنا"، لا يزال هذا المنظر مرسوما فى الذاكرة، ولكنى لا أذكر أن هذه "الفَلَقة" استُعملت معى أبدأً، ولعل ذلك كان يرجع لأننى ابن "الأفندى"، الأفندى الكبير الموظف فى ديوان السلطان، وبعد ذلك الحكومة، ومازالت صورة "اللوح الصفيح" حيث كنّا نكتب عليه بالقلم "البَسْط" آيات من القرآن لنحفظها، عالقةً بذاكرتى. ويضيف أحمد حسين قوله: ـ لنتحدث الآن عن حارة "الجمّالة" حيث وُلِدتُ ونشأتُ، لا تزال الحارة هناك فى حى "طولون" فى منطقة تسمى "العمرى" ولا تزال "حارة الجمّالة" تحمل هذا الاسم على لوحة زرقاء، والحارة مسدودة فى نهايتها بحوش "الجمّالة" ولكن فتحة تتفرع منها قبيل بيتنا كانت تقودنا إلى الجبل، جبل طولون و"قلعة الكبش" ومنذ طفولتنا وفى هذه الحارة ثلاثة أماكن بارزة، بيت الشيخ ضيف، وبيت الأفندى، وحوش الجمَّالة. هذا ما ذكره ـ أحمد حسين ـ عن الحى والحارة التى عاش فيها سنوات عمره الأولى وهى تقع داخل حى السيدة زينب بمدينة القاهرة، ومنطقة "طولون" فيها جامع "ابن طولون" الذى بنى على نموذج شبيه كان فى مدينة "سامراء" العراقية، وابن طولون حكم مصر نائباً عن الخليفة العباسى، ونتوقف هنا لنقرأ ما كتبه ـ دكتور على شلبى ـ عن حركة "مصر الفتاة" وعن "أحمد حسين" فى كتاب خصصه لدراسة الحركة وتاريخها فى السنوات من "1933 ـ 1941".. يقول دكتور على شلبى: ـ أحمد حسين من مواليد القاهرة فى "8 مارس 1911" وهو ابن "محمود حسين" الذى كان يشغل وظيفة كاتب حسابات فى بعض الدوائر الزراعية وهى مهنة ورثها عن أبيه، ووالده "محمود حسين" من مواليد "كفر البطيخ" فى دمياط، وجدّه "حسين" كان يعمل "كاتب حسابات" وعندما فقد بصره تولى "محمود" القيام بمهام الوظيفة بدلا عنه، وافتتح "الكتّاب" ليعلم الصبيان القراءة والكتابة والحساب، وأمضى "محمود حسين" شبابه كاتباً للحسابات، ونقل إلى "سمنّود" ليعمل فى دائرة "السيد بك عبد العال" وتزوج من والدة "أحمد" وهى من قرية "ميت النصارى" قرب "سمنود" وتربطها صلة القربى بالزعيم "مصطفى النحاس" وانتقل والده إلى دائرة " عزيز عزت "باشا، ثم عُيّن "باشكاتب فى دائرة الأمير "كمال الدين حسين" فى نجع حمادى فى العام 1911، وتم اختياره للعمل فى ديوان السلطان "حسين كامل" واستقر به المقام فى القاهرة. مع فتحى رضوان وينقلنا ـ دكتور على شلبى ـ إلى صفحات أخرى من حياة أحمد حسين ورفيق رحلته "فتحى رضوان" وقد جمعتهما صداقة وشراكة فكرية وسياسية: ـ فى المدرسة الابتدائية التقى زميله "فتحى رضوان" ونشأت بينهما صداقة تحولت إلى شراكة سياسية امتدت حتى العام 1942، وكونا معاً فى المدرسة الابتدائية جمعية "نصرة الدين الإسلامى" ورئيسها "أحمد حسين" وهدفها نشر تعاليم الدين والحضّ على الفضيلة، ولكن ناظر المدرسة تصدى للجمعية وطلب منهما حلها وترك هذا العمل للعلماء والشيوخ، وبعد أن حصل ـ أحمد حسين ـ على الشهادة الإبتدائية التحق بالخديوية الثانوية، وظهر عليه حب فن "التمثيل" بعد أن شاهد عدة مسرحيات مدعواً مع والده من صديق لوالده يعمل فى "شركة ترقية التمثيل العربى"وفى "الخديوية الثانوية" وجد الفرصة سانحة لينشط فى مجال "التمثيل المسرحى" المدرسى، فشارك بالكتابة والتمثيل حتى أصبح رئيس فريق التمثيل بالمدرسة وكان المشرف عليه "محمود مراد" مؤلف مسرحى من أعماله "مسرحية مجد رمسيس" التى تتغنى بمجد الفراعنة، وفى الفترة ذاتها كتب ـ أحمد حسين ـ مسرحية "أبومسلم الخراسانى" وتقدم لمسابقة مخصصة للحاق بمعهد التمثيل، كان رئيسها الفنان "زكى طليمات" واستبعدته اللجنة، وحضر "على الشمسى" وزير المعارف فى حكومة الوفد 1928 وشاهد عرضاً مسرحياً يشارك فيه "أحمد" وبعد نهاية العرض، طلب الوزير مقابلة الطالب الفنان "أحمد حسين" وعرض عليه إرساله على نفقة الوزارة لدراسة التمثيل فى أوربا، ولم يكتمل المشروع، لخروج الحكومة من الحكم، لكن ناظر الخديوية "لبيب الكردانى" طلب من ـ أحمدـ تحرير مجلة المدرسة وإدارة جمعية "المحاضرات" ووقع خلاف بينه وبين الناظر، فاعتزل الأنشطة، وكان أيامها فى "البكالوريا" وحصل على الشهادة والتحق بكلية الحقوق. وكما هو معروف فى تاريخنا المعاصرأن "ثورة 1919" دعت المصريين إلى الحنين إلى عصر الفراعنة ، تعويضاً عن "الهزيمة والانكسار" تحت جيش الاحتلال البريطانى ولم تكن "العروبة " مناسبة للظرف الذى تفجرت فيه الثورة الشعبية، وكان المشترك الذى يجمع الأقباط والمسلمين هو التراث المصرى القديم، وتزامن ذلك مع اهتمام عالمى باكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وهذا الحنين أو الزهو الوطنى ظهر فى أغنيات "السيد درويش" ومن أشهرها "أنا المصرى كريم العنصرين، بنيت المجد بين الإهرامين" وظهر فى التماثيل التى أبدعها المثّال "محمود مختار"، وهو الذى استخدم نفس الأحجار التى نحت منها الفنانون القدماء تماثيلهم واتبع نفس الأسلوب المستخدم فى التماثيل المصرية القديمة، وجيل "أحمد حسين وفتحى رضوان "نشأ فى ظل هذا السياق الثقافى، فكان الشباب يهوى السفر إلى الأقصر وأسوان ليتعرف إلى آثار حضارة الأجداد، وقام "أحمد" برحلة إلى هاتين المدينتين الواقعتين فى صعيد مصر، وعندما عاد ـ محمد محمود باشا ـ رئيس الحكومة ورئيس حزب الأحرار الدستوريين بمشروع معاهدة بين مصر وبريطانيا بالتوافق مع "هندرسون" وزير الخارجية البريطانى، دعا حزب "الأحرار الدستوريون" الشعب المصرى لقبول المعاهدة باعتبارها خطوة فى تحقيق "الجلاء" وتحقيق "الأمانى الوطنية" وكوّنوا جماعة "الشباب الحر أنصار المعاهدة" برئاسة ـ حافظ محمودـ وهو صحفى رائد ومن مؤسسى "نقابة الصحفيين" فى مصر، وانخرط "أحمد حسين" فى هذه الجماعة ووقف خطيباً يدعم "محمد محمود باشا" ومشروع المعاهدة وخاطب "الباشا" الصعيدى الفرعونى بقوله: ـ بلسان الشباب الحر، بلسان مصر الفتاة أسألك أن تكون زعيماً للشباب فى الوزارة وخارجها على السواء، لا تظننّ وقد جئت بالمعاهدة أن عملك قد انتهى، فإنه لم يكد يبدأ، فإلى العمل إذن والشباب يؤيدك، فلتكن لنا مثل "موسولينى" فى إيطاليا..فلتحيا مصر، مصر فوق الجميع، فليحيا زعيم الشباب. والعجيب فى هذه القصة السياسية، أن "أحمد حسين" لم يكن يعرف أن "محمد محمود سليمان السيلينى" ينتمى إلى قبيلة عربية مازالت موجودة فى ليبيا بالاسم ذاته "سيلين" وهى من فروع "بنى سليم" القبيلة التى شاركت "بنى هلال" فى رحلتها من "نجد والحجاز" إلى أرض تونس، واسم القرية "ساحل سليم" هو تحريف "ساحل سيلين" فى أسيوط، وتحولت إلى مركز إدارى لقرى كثيرة يسكنها "العربان" شرق النيل، ولكن "هَوَس الفرعونية" و"الكذب السياسى" الذى استمرأه "الباشا" جعله يقبل الحديث عنه باعتباره فرعونياً يحمل الدم المصرى القديم، ولكن النداء الذى توجه به "أحمد حسين" إلى "الباشا" تحوّل إلى حقيقة، فالباشا قام بتعطيل "دستور1923" وحكم البلاد بالقبضة الحديدية، ولم يحصل على الاستقلال الذى تمناه المصريون، ودخل التاريخ من باب القمع والقهر و معاداة الديمقراطية. مجلة الصرخة أصدر "أحمد حسين" مجلة أطلق عليها اسم "الصرخة" فى العام 1930 وكتب فى العدد الثانى منها مقالة دعا فيها إلى تشكيل "ميليشيا فرعونية"، وفى العدد الثالث كتب مقالة أخرى دعا فيها إلى تكوين "جيش الخلاص" تكون مهمته استعادة "مجد مصر" الضائع، ولم تلق الفـــكرة قبـــول الشباب، فأوقف المـــجلة، وكرر ـ حسين ـ الخطأ "الرومانسى" ذاته وأُعجبه سلوك "إسماعيل صدقى" الذى عطل الدستور، واخترع دستوراً أسماه "دستور1930" والشعب أطلق عليه اسم "دستور الحكومة" لأن إسماعيل صدقى كان يحتقر "الجماهير"، ويرى أن المصريين "شعب جاهل" لا يستحق الديمقراطية، وسافر ـ الشاب الوطنى أحمد حسين ـ إلى باريس فى العام 1930 وكان من بين ما شاهده فى هذه المدينة تمثال لرجل من رجال التربية والتعليم فى فرنسا، وعلى قاعدته عبارة تقول "بُنى هذا التمثال باكتتاب شارك فيه أكثر من مليونى طفل" ومن هنا تولدت بداخله فكرة "الاكتتاب" لبناء صناعات وطنية، وكان مشروعه "مشروع القرش" الذى يحدثنا عنه ـ دكتور على شلبى ـ فى كتابه الذى خصصه للتأريخ لرحلة "مصر الفتاة" ومؤسسها: ـ عند عودته "أحمد حسين " إلى مصر رسم خطة للنهوض بالصناعات الوطنية بأن يشارك جميع أفراد الشعب فى إنشاء صناعات، وجعل الحد الأدنى "قرش" وسمى مشروعه باسم مشروع القرش المصرى وعرض الفكرة على "فتحى رضوان" وكمال الدين صلاح، ولجأ إلى الصحف لعرض فكرته، ولجأ إلى أوساط الطلبة فى الجامعة والمدارس العليا وبدأ بإقناع الأساتذة والطلبة واستجاب لدعوته الكثيرون ومن هؤلاء الدكتور "على إبراهيم" ـ الجراح المشهورـ عميد كلية الطب وهو الذى تولى رئاسة اللجنة التنفيذية للمشروع وهى لجنة تشكلت من الدكاترة: على إبراهيم وعبدالله العربى وعلى حسن ومصطفى مشرفة، وضمت أيضاً الشيخ أمين الخولى والفقيه القانونى " السنهورى " والاقتصادى زكى عبدالمتعال، وغيرهم. وخلق مشروع "القرش" حالة من الجدل فى المجتمع المصرى، فرأى فيه "حزب الوفد" مؤامرة تستهدف صرف الناس عن القضية الوطنية، وصدر قرار من قيادة الحزب بتكليف لجنة الطلبة المركزية "الوفدية" بمحاربة المشروع والتصدى له، ونشرت جريدة "الجهاد" الناطقة بلسان حال الحزب بياناً يعادى المشروع، لكن الإجماع الشعبى والإقبال على التبرع، جعل ـ مصطفى النحاس ـ زعيم الوفد يغيّر رأيه، ويتبرع بمبلغ اثنين وعشرين جنيهاً، وكذلك فعل "مكرم عبيد باشا" سكرتيرالوفد، وبلغت حصيلة التبرعات فى السنة الأولى للاكتتاب "17332 جنيهاً"، وهذا المبلغ جمعه سكان المدن، وكانت الأزمة الاقتصادية العالمية فى العام 1931 تعصف بالريف وسكانه من الفلاحين الفقراء، فلم يسهموا فى التبرع، وقررت لجنة "مشروع القرش" إقامة "مصنع طرابيش" باعتبار"الطربوش" كان الزىّ الذى يرتديه المتعلمون والأفنديات والتجار. القمصان الخضراء كانت القمصان الخضراء التى تبناها ـ أحمد حسين ـ مبرراً لحزب الوفد استند إليه وهو يعلن تشكيل "القمصان الزرقاء" وقبلهما كان "الشال الأخضر" الذى تميزت به "جماعة الإخوان" وهذه الأزياء التى ميزت الأحزاب مستوردة من إيطاليا وألمانيا، فى وقت كان فيه المصريون يعانون الهوان، ويرون فى "موسولينى" و"هتلر" نموذجين كبيرين، نهضا ببلادهما، ولم يتوقف "أحمد حسين" عن ابتكاراته وتقلباته، فاقترب من "على ماهر" رجل القصر، ودافع عن "فاروق" وانقلب على "فاروق" وكان يرى أن "الديمقراطية" لن تحرر"مصر" من الاحتلال البريطانى، ودعا صراحة إلى انتهاج الديكتاتورية، وزارـ ألمانيا ـ وعاد متأثراً بما رآه هناك، ووجهت إليه السلطات القضائية تهمة "التخابر مع ألمانيا" بعد أن أرسل رسالة إلى "هتلر" يدعوه فيها إلى دخول الإسلام، وصدر أمر باعتقاله فى العام 1941، ومن خلال "مصر الفتاة" طالب ـ حسين ـ فى العام 1938 بإحياء الخلافة الإسلامية ودعا إلى تنصيب "الملك فاروق" خليفة للمسلمين، وطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، وفى العام 1940 تحولت "مصر الفتاة" إلى "الحزب الوطنى القومى الإسلامى" وقيل إنه قصد استقطاب الشباب الذين أقبلوا على الانضمام إلى "الإخوان المسلمين" وفى النهاية، تحول ـ حسين ـ إلى داعية لتطبيق "الإشتراكية" على طريقة "هتلر" فهى وطنية، عرقية، إصلاحية، فى إطار النظام الملكى، رغم أن جريدة الاشتراكية التى أصدرها حملت الصور التى توضح "الفقر" الذى أصاب الطبقات الشعبية، وكانت تنشر صور المتسولين والنائمين على أرصفة الشوارع وتستخدم عبارات من نوعية "رعاياك يامولاى" وهى عبارة إدانة، موجهة إلى الملك فاروق، وهو نفسه الذى اقترب منه بالأمس ودعا إلى تنصيبه خليفة للمسلمين. وفى الختام نسوق ـ ياعزيزى القارئ ـ هذه السطور من مذكرات المغامرالسياسى الراحل "أحمد حسين" وفيها تلخيص لحالته المزاجية والفكرية وهى سطور اختص بها الملك فاروق: ـ. ولما فتُرت حماسة الشباب لمحاربة أعداء فاروق، شكَّل حرساً حديدياً يتلقى الأوامر منه مباشرةً لقتل من يريد من أعدائه، وأقدم هذا الحرس على محاولتين خطيرتين لاغتيال "النحاس"، كانت إحداهما محاولة نسف بيته فى "جاردن سيتى"، ونسف الحى بأكمله توصُّلاً لتحقيق هذه الغاية، وإذا كان فاروق قد وصل إلى حد تبرير الجرائم توصُّلاً للتخلص من ـ النحّاس ـ والوفد وحكم الوفد، فباستطاعتنا أن نتصور إلى أى حد استخدم سلطانه السياسى لتحطيم حزب الوفد وإيقاف كل نشاطه، وقد نجح فاروق فى ذلك إلى حد كبير، فقد وجد وزارات من أحزاب الأقلية تبادر إلى تلبية رغائبه وفى ظل هذه الوزارات بدأ ـ فاروق ـ يتحول بالتدريج إلى طاغية، ولقد عرف التاريخ طغاةً ولكنهم كانوا إلى حد ما مصلحين فى ناحية من النواحى، أما فاروق فقد كان طاغية مستبداً، وكان حاكماً منحلّا.. ويبقى السؤال: هل كان أحمد حسين الذى آمن بالعرش ودعا الشعب للالتفاف حوله، هو نفسه الذى كتب هذه السطور؟..

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store