logo
تحديات شرق أوسطية ضاغطة

تحديات شرق أوسطية ضاغطة

العرب اليوم١١-٠٣-٢٠٢٥

يبدو الشرق الأوسط وكأنه على صفيح ساخن حيث تنتشر العديد من النقاط الساخنة على جميع مساحاته. فى سوريا الحرب التى انفجرت وأدت إلى مقتل حوالى ألف شخص كما قيل تدل على أن السخونة ما زالت قائمة. أسباب داخلية متزايدة تتغذى دون شك لدرجة معينة بعوامل خارجية تؤدى إلى ما حصل. الجغرافيا السياسية لسوريا وموقعها فى قلب المشرق العربى والشرق الأوسط يزيد من جاذبية سوريا للتنافس والصراع الدولى والإقليمى بأشكال مختلفة، كما ذكرنا باتريك سيل فى كتابه الشهير «الصراع حول سوريا».
يتغير اللاعبون ولا تتغير اللعبة ولو أخذت أسماء وعناوين مختلفة. سؤال مطروح اليوم وقوامه: هل تسقط سوريا فى حرب أهلية قد تكون محدودة فى الجغرافيا وفى قوة النيران لكنها تبقى حربًا بين هويات سياسية متقاتلة؟ هل تسقط سوريا فى ما عرف بالماضى باللبننة أو الحروب اللبنانية؟ هل تتجه سوريا، كدروس وعبرة لما حصل، ومواكبة أطراف إقليمية فاعلة، تحديدا عربية وتركية، نحو حل حسب النموذج اللبنانى أو ما عرف «باتفاق الطائف» الذى أنهى الحرب فى لبنان؟ اجتماع دول الجوار، يوم الأحد الماضى، فى عمان والاهتمام المتزايد عربيا بالوضع السورى قد يدفع فى هذا الاتجاه. الرعاية والمبادرة والمواكبة مطلوبة دائما من الأطراف الفاعلة حتى ينجح مسار إنقاذى من هذا النوع. فانفجار سوريا يصيب الجوار القريب والبعيد بشظاياه ولذلك لا نستبعد مبادرة من هذا النوع تعمل على بلورة نظام ذات صفة تمثيلية شاملة وواسعة على أساس ما يعرف بالديمقراطية التوافقية (ليست بعيدة عن الحالة اللبنانية) قد توفر الاستقرار المطلوب إلى أن يأتى اليوم الذى تقام فيه الدولة المدنية. الدولة التى تقوم على المواطنة وليس على المحاصصة الهوياتية أيًا كانت أشكال هذه الأخيرة.
ماذا عن لبنان، حيث تستمر الحرب الإسرائيلية فى مساحة وطبيعة أهدافها فى لبنان ولو بدرجات متفاوتة. ويقال إن ذلك يحظى بتفهم أمريكى للتخلص من مواقع لحزب الله فى مناطق استراتيجية وإحداث القطيعة المطلوبة مع السيناريو الذى كان قائما بعد حرب 2006 وحتى حرب الإسناد. سيناريو كان يقوم على تفاهم غير مباشر بالطبع للحفاظ على التهدئة. المشكلة فى لبنان أن مساعدات إعادة الإعمار والإتيان بالاستثمار الضرورى للتنمية والخروج من الحالة الكارثية التى يعيشها لبنان اقتصادا، ومالا، وسياسة، وإدارة تستدعى إعادة بناء وتفعيل مؤسسات الدولة وإقامة ما يعرف ليس كعنوان بل كواقع، بدولة القانون والمؤسسات وهذه أيضا مرتبطة بالإصلاح الهيكلى المطلوب وبإنهاء الحرب بالجنوب التى قد تعود كما يحذر الكثيرون.. لبنان أمام تحد مزدوج يرتبط بعداه، الداخلى والخارجى، بعلاقة جدلية كما يقال.
ماذا عن فلسطين، قرار القمة العربية حول دعم مشروع إعادة البناء المقدم من مصر وإبقاء أهل غزة على أرضهم وكذلك العودة للطلب بتنفيذ حل الدولتين أمر أكثر من ضروري. ولكن الجزء الأخير بحاجة لأكثر من مناشدة وتذكير، خاصة أن ثلاث أشهر تقريبا تفصلنا عن المؤتمر الدولى لحل الدولتين الذى يعقد برعاية سعودية فرنسية فى نيويورك فى يونيو.
المطلوب فى هذا المجال إطلاق تحرك دبلوماسى عربى رفيع المستوى (القادة العرب) للتحرك نحو عواصم القرار المؤثرة من قبل الدول العربية ذات التأثير الكبير بسبب شبكة المصالح المتنوعة مع الدول الغربية بشكل خاص لحثها على اتخاذ الموقف المطلوب والفاعل والمؤثر على إسرائيل بسبب علاقاتها مع هذه الأخيرة. المطلوب أيضا تفعيل ما يعرف بـ«المسار الثانى» غير الرسمى الذى يضم خبراء وصناع رأى وقرار لبلورة أفكار عملية توضع أمام المؤتمر القادم وتشكل أيضا فى جزء أساسى منها خطة عمل وخريطة طريق لولوجها نحو التوصل للحل المطلوب.
بالطبع ليس ذلك بالأمر السهل مع وجود أقصى اليمين الدينى والاستراتيجى الإسرائيلى فى السلطة ولكن يجب بذل كل الجهود فى مبادرات تحضيرية كما أشرنا لبلوغ ذلك الهدف. إسرائيل تسرع عملية ضم الضفة الغربية مع ما سيؤدى بطبيعة الأمور إلى انفجار فى الوضع وخلق المزيد من العراقيل أمام ولوج مسار الحل السلمى حسب القرارات الدولية ذات الصلة، إنها مسئولية عربية أساسا ولكنها دولية أيضا لولوج باب الحل الفعلى والتوجه نحو خلق شرق أوسط جديد ما زال تحقيقه بعيدا جدا، ولكنه يبقى أكثر من ضرورى لمصلحة الأمن والاستقرار والتنمية والسلام فى المنطقة. هذه بعض التحديات، وهى كثيرة لكن التعامل معها بنجاح رغم صعوباتها أمر أكثر من ضرورى. ولنا حديث فى المرة القادمة مع «لائحة» من تحديات أخرى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عضو بالكونغرس الأميركي يدعو لقصف غزة بقنبلة نووية
عضو بالكونغرس الأميركي يدعو لقصف غزة بقنبلة نووية

الغد

timeمنذ يوم واحد

  • الغد

عضو بالكونغرس الأميركي يدعو لقصف غزة بقنبلة نووية

ذكرت قناة كان العبرية اليوم الجمعة، أن عضو الكونغرس الأميركي راندي فاين، من الحزب الجمهوري، طالب بقصف قطاع غزة بقنبلة نووية. اضافة اعلان جاء ذلك ردا على مقتل عن مقتل 2 من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وأشار فاين (جمهوري من ولاية فلوريدا) إلى ضرورة قصف غزة نوويًا كما حدث مع اليابان خلال الحرب العالمية الثانية. وسُئل النائب في مقابلة على قناة فوكس نيوز عمّا إذا كان إطلاق النار سيُغيّر مسار الهجوم الإسرائيلي على غزة. أجاب فاين: "حسنًا، أعتقد أن هذا يُشير إلى أهمية أن تكون النهاية الوحيدة للصراع هي الاستسلام الكامل والشامل لمن يدعمون الإرهاب الإسلامي". وأضاف فاين: "في الحرب العالمية الثانية، لم نتفاوض على الاستسلام مع النازيين، ولم نتفاوض على الاستسلام مع اليابانيين. لقد قصفنا اليابانيين نوويًا مرتين للحصول على استسلام غير مشروط، ويجب أن يكون الأمر نفسه هنا". النائب فاين، الذي فاز مؤخرًا في انتخابات خاصة لمقعد مايك والتز في مجلس النواب، وهو يهودي أميركي يؤيد بشدة إسرائيل وله تاريخ في الدعوة إلى العنف الجماعي ضد الفلسطينيين.

غارة إسرائيلية بمسيّرة تصيب 9 أشخاص بينهم طفلان جنوب لبنان وسط تصاعد التوتر رغم وقف إطلاق النار
غارة إسرائيلية بمسيّرة تصيب 9 أشخاص بينهم طفلان جنوب لبنان وسط تصاعد التوتر رغم وقف إطلاق النار

العرب اليوم

timeمنذ 4 أيام

  • العرب اليوم

غارة إسرائيلية بمسيّرة تصيب 9 أشخاص بينهم طفلان جنوب لبنان وسط تصاعد التوتر رغم وقف إطلاق النار

أصيب تسعة أشخاص، اليوم الثلاثاء، بجروح جراء غارة إسرائيلية في جنوب لبنان ، على ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية.وقال مركز عمليات الطوارئ التابع لوزارة الصحة اللبنانية، في بيان، إن غارة إسرائيلية بمسيرة استهدفت دراجة نارية على طريق المنصوري في قضاء صور، وأدت، في حصيلة محدثة إلى "إصابة تسعة أشخاص بجروح من بينهم طفلان"، مضيفةً أن "ثلاثة من الجرحى بحال حرجة". بدورها ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن مسيّرة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية على "طريق المنصوري-مجدل زون" في قضاء صور، وأفادت بوقوع إصابات. وتشن إسرائيل غارات في جنوب لبنان وشرقه رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما لا تزال قواتها متواجدة في خمس نقاط في جنوب لبنان. وتشدد إسرائيل على أنها لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء قدراته. وقد قُتل شخص أمس الاثنين وجُرح ثلاثة آخرون بضربات إسرائيلية على مناطق عدة في جنوب لبنان، وفق السلطات اللبنانية. من جهته أعلن الجيش الإسرائيلي أنه "قضى على أحد العناصر.. في قوة الرضوان التابعة لحزب الله" في قصف استهدف منطقة حولا جنوب لبنان أمس. ويسري منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل، تم إبرامه بوساطة أميركية وفرنسية. ونص الاتفاق على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش اللبناني وقوة يونيفيل انتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل. قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

مفاوضات فاشلة لهذه الأسباب
مفاوضات فاشلة لهذه الأسباب

رؤيا نيوز

timeمنذ 4 أيام

  • رؤيا نيوز

مفاوضات فاشلة لهذه الأسباب

منطق إغلاق الجبهات في العالم العربي، له مستهدف أكثر استراتيجية، اي ادامة جبهات ثانية، وهذا يعني ان اي جبهة يتم اغلاقها، يتم اشعال جبهة مقابلها. ملف سورية بعد سقوط النظام تم اغلاقه ودخلت سورية في مرحلة تحولات جديدة، وملف لبنان تم اغلاقه ايضا بنهاية الحرب التي جرت، وبالمقابل يبدو ملف غزة مفتوحا لأن اسرائيل لا تريد اي هدنة، ولا يهمها الاسرى وتريد تدمير القطاع كاملا حيث تم هدم 92 بالمائة من مساكن الغزيين وفقا للأونروا والحروب متواصلة، اي الجبهة مفتوحة حتى اشعار آخر، ومعها جبهة ايران المفتوحة ايضا بعد فشل المفاوضات حتى الآن، مثل ذات حالة غزة، وقد اعلن المرشد الاعلى في ايران انه لا يعتقد ان المفاوضات ستؤدي الى نتائج، بسبب اصرار واشنطن على طلباتها. هذا يعني ان اغلاق الجبهات في ملفات مثل سورية ولبنان، يستهدف التفرغ لجبهات مثل غزة وايران، حتى لا يتم استنزاف اسرائيل في جبهات مفتوحة متصلة. على الأرجح ان الجبهة المقبلة التي سيتم اغلاقها ايضا هي جبهة اليمن، لأن اسرائيل لا تريد اي جبهات تخفف الضغط عن الايرانيين والفلسطينيين، ومن المتوقع هنا ان نشهد عملا عسكريا اكبر ضد اليمن لضمان الاستفراد بجبهتي غزة وايران، خلال الفترة المقبلة، فيما يبقى السؤال حول مصير العراق وسط خريطة التجاذبات القائمة حاليا بين محاور مختلفة في المنطقة، وهو سؤال مفتوح. تشابك كل الجبهات السابقة، لا يعني انها من جذر واحد، بل هناك فروقات كبرى بين حالة وثانية، فتل أبيب تريد تقطيع كل السلسلة التي تنتج المهددات ضدها. علينا ان نلاحظ في جبهتي غزة وايران، أن اسرائيل في الحالتين لا تريد اغلاق الجبهتين سلميا، وهذا يعني ان الحديث عن هدنة في غزة، مجرد توهيم، لأن تل ابيب تريد الانتقام من الشعب الفلسطيني ذاته، والسطو على ارض القطاع، وإنهاء أي حياة فيه، بحيث تكون الهجرة نهاية المطاف قرارا لا مفر منه، فيما التشاغل بالتصريحات الدولية الاميركية والاوروبية حول الحرب على المدنيين في غزة، مجرد إلهاء لشعوب المنطقة، لأن هذه الدول هي الممولة الاولى للحرب. على صعيد جبهة ايران، فإن التوقعات مختلفة جدا، فلا طهران تريد حربا، ولا واشنطن، ولا دول المنطقة، لأنها حرب قد تقدح كل المنطقة، ولا تقف عند حدود الايرانيين، ولأن اسرائيل تتبنى سياسة انهاء المخاطر كاملة، فهي تفضل عملا عسكريا ضد طهران، ينهي قوتها، ويمنع اي رد فعل اذا تم توجيه ضربة لها، وفي الوقت ذاته ندرك طهران اليوم ان تأثير العقوبات الاقتصادية بات حادا، وانها ايضا خسرت مساحات ودول محسوبة عليها، دون ان يؤدي ذلك الى تخليها عن التخصيب النووي إلا بصفقة تعوضها على صعيد نفوذها الجيوسياسي، والاقتصادي، وهي هنا تمسك بعنق المنطقة تحت وطأة مخاوف الكل من حرب ممتدة، تحرق كل شيء في الاقليم، وتتوزع كلفها على دول كثيرة. التيار البراغماتي في ايران يفضل اغلاق جبهة ايران لكنه يريد ثمنا كبيرا مقابل هذا الاغلاق، فيما ملف غزة دفع ثمنه الفلسطينيون دون ان يتم اغلاقه حتى الآن. فشل المفاوضات في اكثر من جبهة قائمة مقصود، لاعتبارات متعددة، في طهران سيكون الخلاف على ثمن اغلاق الملف، وفي غزة يستهدف عدم الاغلاق الذهاب حتى النهاية في المخطط ضد كل الديموغرافيا الفلسطينية في فلسطين التاريخية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store