logo
خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة

خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة

مصرس٠٩-٠٥-٢٠٢٥

ألقي خطبة الجمعة اليوم ب الجامع الأزهر فضيلة الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول «واجب المؤمن في زمن الفتن».
وقال د. ربيع الغفير، إن من أقدار الله تعالى وأرزاقه لهذه الأمة أن تمر بابتلاءات متنوعة الأشكال والصور، ولكن من رحمته سبحانه بنا أن أرسل إلينا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي أوضح لنا كل ما يهمنا في ديننا، وبين لنا كذلك كيف نتعامل مع الفتن والأزمات، لأن في هدي النبي صلى الله عليه وسلم إلهام لنا في الصمود على الحق وتجاوز الفتن والأزمات، وهو باب من أبواب الرحمة التي منحها الحق سبحانه وتعالى لعباده، فهو بنا رؤوف رحيم كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.اقرأ أيضًا | a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4613507/1/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AF%D9%8A%D8%B3-%D9%81%D9%8A-%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%B9%D8%A9-%C2%A0%D9%84%D8%A7-%D8%AD%D8%AC-%C2%A0%D8%A5%D9%84%D8%A7-%D8%A8%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD" title="السديس في خطبة الجمعة: "لا حج إلا بتصريح" من شرط الاستطاعة وجلب المصالح "السديس في خطبة الجمعة: "لا حج إلا بتصريح" من شرط الاستطاعة وجلب المصالحوأوضح خطيب الجامع الأزهر، أن من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم الدعوية العظيمة أنه إذا ذكر الشر ذكر المخرج منه، فعندما تُذكر الفتن، يذكر صلى الله عليه وسلم كيف نواجه هذه الفتن، فمن الأمور العظيمة التي ينبغي علينا أن نراعيها عند الفتن والأزمات، الإقبال على العبادة، فالفتن من أوقات الهرج والمرج، الكل مشغول بالكلام والحديث عنها، فهذا يحلل وهذا يدلي برأيه وهذا يقول أظن وسمعت، لذلك رغّب النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة وقت الفتن والأزمات فقال: (عبادة في الهرج كهجرة إليّ)، ومنها الدعاء، فالمسلم حريص على تحقيق هذه العبادة العظيمة التي لها صلة كبيرة جدا بالإيمان بالله سبحانه وتعالى، فتجده منطرح بين يدي الله، فقير إليه محتاج إلى لطفه وكرمه ومنته.واضاف: وفي عبادة الدعاء، يتبرأ الإنسان من حوله وقوته وإبعاد للعجب والغرور عنه، وهذا أمر في غاية النفع وقت الفتن والأزمات، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من شر الفتن، فقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ". وأعرب خطيب الجامع الأزهر عن استيائه الشديد من تجرؤ البعض على الحديث في مسائل الدين بغير علم، مستخفين بأمر الخوض في أمور الدين بهذا الطريقة، مشيرًا إلى أنه إذا كان علمُنا بالدين محدود، فإن الواجب علينا هو التوجه إلى العلماء الثقات الراسخين في العلم، امتثالًا لأمر الله تعالى الذي فيه الخير والبركة والراحة والطمأنينة، حيث قال سبحانه: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾، محذرا أن يُعجب الإنسان برأيه وقت الفتن فيرى أنه هو الذي على الصواب وغيره على الخطأ، وهذا كله خطأ وقصور في العقل والتفكير قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا)، فلو رأى الإنسان نفسه أنه قد بلغا مبلغا عظيما من العلم أو الخلق أو أي شيء آخر فالواجب عليه أن لا يعجب بنفسه، وأن يحتقر غيره، مبينا أن الانخراط في الشائعات والفتن ما يتعارض مع سنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوصانا بالتمسك بكتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم.اقرأ أيضًا | «خطبة الجمعة المقبلة».. الأوقاف تحذر من الشبهاتوحذر فضيلته من الانسياق وراء الإشاعات وبخاصة التي تنتشر وقت الأزمات، لأن هذا الوقت بيئة خصبة لانتشارها، وأبدى أسفه لتصديق البعض كل ما يقل أو ينقل، دون إعمال العقل بالبحث عن الحقائق أو التفكير فالأمر بموضوعية، فالواجب علينا التروي وعدم التسرع في تصديق ونشر الأخبار، مذكرا بضرورة أن يكون المسلم حريصًا على النطق بالخير أو الصمت عن الشر، مع تجنب الفرقة والنزاع في أوقات الأزمات، واللجوء إلى الله بالتعوذ من الفتن وسد أبوابها، والاتحاد واليقظة لما يُدبر للبلاد والدين، بالإضافة إلى ضرورة تربية الأبناء على الوحدة والاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهما سبيل النجاة من كل فتنة ظاهرة وباطنة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ياسمين الحصرى: الحج يحتاج إلى قلب سليم ومن حافظ على الفجر والذكر كُتب له أجر حجة
ياسمين الحصرى: الحج يحتاج إلى قلب سليم ومن حافظ على الفجر والذكر كُتب له أجر حجة

الطريق

timeمنذ ساعة واحدة

  • الطريق

ياسمين الحصرى: الحج يحتاج إلى قلب سليم ومن حافظ على الفجر والذكر كُتب له أجر حجة

السبت، 24 مايو 2025 11:37 مـ بتوقيت القاهرة قالت الحاجة ياسمين الحصري إن من فضل الله على عباده أنه يسر لهم أبواب الأجر والخير، مشيرة إلى أن من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة وهذا الفضل العظيم يدعو الإنسان إلى عدم اليأس، حتى إن لم يُكتب له أداء فريضة الحج. وأضافت الحاجة ياسمين الحصري خلال استضافتها عبر برنامج الستات مايعرفوش يكدبوا المذاع على قناة CBC وتقدمه الاعلاميتين مني عبدالغني وإيمان عز الدين قائلة إن الحج هو قصد والعبد دائما في حاجة إلى ربه، مشددة على ضرورة أن يدخل الحاج هذه الرحلة بقلب سليم، ونية خالصة، وأن يطهر قلبه ويُصفي نيته قبل الانطلاق. وصرحت الحاجة ياسمين الحصري بأن الحج رحلة روحانية عظيمة، يعود منها الإنسان كما ولدته أمه، وأن الاستعداد لها لا يكون فقط ماديًا، بل روحيًا وأخلاقيًا.

موعد العشر الأوائل من ذي الحجة 1446هـ
موعد العشر الأوائل من ذي الحجة 1446هـ

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

موعد العشر الأوائل من ذي الحجة 1446هـ

تستعد الأمة الإسلامية لاستقبال العشر الأوائل من شهر ذي الحجة 1446 هجريًا، والتي تُعد من أعظم مواسم الطاعة والعمل الصالح في العام، لما لها من فضل عظيم ورد في القرآن والسنة النبوية. رؤية هلال شهر ذي الحجة 1446 فلكيًا أعلن المعهد القومي للبحوث الفلكية أن هلال شهر ذي الحجة سيولد بعد الاقتران الفلكي مباشرة في الساعة الخامسة وثلاث دقائق صباحًا بتوقيت القاهرة، يوم الثلاثاء الموافق 27 مايو 2025، والموافق 29 من شهر ذي القعدة. وبحسب التقديرات، سيبقى الهلال في الأفق بعد غروب الشمس لمدة تتراوح بين 38 و49 دقيقة في عدد من المدن العربية والإسلامية، مما يُرجح ثبوت رؤيته مساء ذلك اليوم، وإعلان بداية الشهر الجديد. بداية ذي الحجة وموعد وقفة عرفات وعيد الأضحى وفقًا للحسابات الفلكية، ستكون غرة شهر ذي الحجة يوم الأربعاء 28 مايو 2025. وبناءً عليه: يوم التروية: الأربعاء 4 يونيو 2025 يوم عرفة: الخميس 5 يونيو 2025 أول أيام عيد الأضحى: الجمعة 6 يونيو 2025 فضل العشر الأوائل من ذي الحجة أقسم الله بهذه الأيام في سورة الفجر بقوله "والفجر وليال عشر"، وأجمع جمهور المفسرين أن المقصود بها هو الأيام العشر الأولى من ذي الحجة. كما ثبت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام"، قيل: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". وتتضاعف في هذه الأيام أجور الأعمال الصالحة مثل الصلاة، الصيام، الذكر، الصدقة، وقراءة القرآن. صيام العشر الأوائل من ذي الحجة يُستحب صيام التسعة أيام الأولى من ذي الحجة، لثبوت ذلك عن النبي، وخاصة صيام يوم عرفة، الذي ورد في فضله أنه يُكفر ذنوب السنة الماضية والمقبلة، كما جاء في الحديث الشريف: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده".

هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح
هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح

أهل مصر

timeمنذ ساعة واحدة

  • أهل مصر

هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه:" ما حكم شراء الأضحية بالتقسيط؟ فإنَّ رجلًا يرغب في الأضحية، ولا يملك كامل ثمنها نقدًا، فما حكم شرائها بالتقسيط مِن أحد التجار أو عن طريق الصك؟ وهل يتوقف تَمَلُّك المضحي للأضحية على سداد آخِر قسطٍ مِن ثَمنها، بحيث يتنافى هذا الشراء بالتقسيط مع اشتراط مِلْكِ المضحي للأضحية قبل الذبح؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي: الأضحية: اسمٌ لما يُذْبَحُ مِن الإبل والبقر والغنم في أوقاتٍ مخصوصةٍ تقربًا إلى الله تعالى، وهي إحدى شعائر الإسلام، وأعظم الأعمال يوم النحر وأحبها إلى الله تعالى؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الأئمة: الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه. والأصل في مشروعيتها مِن الكتاب: قول الله تعالى في مُحكَم التنزيل: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۝ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 1- 2]. ومِن السُّنَّة: ما أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أنس رضي الله عنه قال: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى، وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا». قد اتفق الفقهاء على أنه يُشترط في الأضحية أن تكون مملوكةً للمضحي قبل الذبح؛ لأنَّها قُرْبَةٌ ماليَّةٌ، فلا يَصِحُّ أداؤها بلا مِلْكٍ؛ كما في "البناية" للإمام بدر الدين العَيْنِي الحنفي (12/ 4، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية الإمام الصَّاوِي المالكي على الشرح الصغير" (2/ 137، ط. دار المعارف)، و"تحفة المحتاج في شرح المنهاج" لشيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الهَيْتَمِي الشافعي (9/ 367، ط. المكتبة التجارية الكبرى)، و"الإنصاف" للإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي (4/ 105، ط. دار إحياء التراث العربي). والأصل في المِلْك أن يكون تامًّا، ويتحقق ذلك في الأضحية باجتماع المِلْكِ مع اليَدِ (الحيازة)، بحيث تكون مملوكةً للمضحي -أو المُضَحِّين إذا كانت الأضحيةُ مِن البقر أو الإبل واشترك فيها سبعةٌ فمَن دونهم- دون أن يتعلق بعينها استحقاقٌ للغير. قال الإمام أبو بكر الحَدَّادِي في "الجوهرة النيرة" (1/ 114، ط. المطبعة الخيرية): [المِلْكُ التامُّ: هو ما اجتمع فيه المِلْكُ واليَدُ] اهـ. وقال الإمام برهان الدين ابن مُفْلِح في "المبدع" (2/ 296، ط. دار الكتب العلمية) نقلًا عن الإمام أبي المَعَالِي ابن المُنَجَّى: [المِلْكُ التامُّ: عبارةٌ عمَّا كان بيده، لَم يتعلق فيه حقُّ غيره، يَتصرف فيه على حسب اختياره، وفوائدُه حاصلةٌ له] اهـ. وقد أجمع الفقهاء على أنَّ شراء الأعيان مع تقسيط ثَمَنِهَا المعلومِ المتَّفَق عليه إلى أجلٍ معلومٍ عند العقد -جائزٌ شرعًا، ويكون البيع لازمًا. قال الإمام ابن القَطَّان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (2/ 222، ط. الفاروق الحديثة): [أجمع أهلُ العلمِ أنَّ مَنْ باعَ معلومًا مِن السلعِ بمعلومٍ مِن الثمن إلى أجلٍ معلومٍ مِن شهور العرب، أو لأيامٍ معروفةِ العَدَد، أنَّ البيع جائزٌ لازمٌ] اهـ. ووَجْه صحة هذا البيع ولُزُومه: أنَّ مِلْكَ المشتري للثمنِ عند عقد البيع ليس شرطًا لصحته وجوازه، وإنَّمَا الشَّرْطُ عند ذاك هو مِلْكُ البائعِ للمبيع. قال الإمام علاء الدين الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/ 252، ط. دار الكتب العلمية): [مِلْكُ المبيعِ شرطُ جوازِ العقدِ، وملكُ الثمنِ ليس شرطًا، فإنَّهُ لو اشترى شيئًا بدراهمَ لَا يملكُها جازَ، ولو باعَ شيئًا لا يملكُهُ لَا يَجُوز] اهـ. وسبب عدم اشتراط تَمَلُّكِ المشتري للثمن وقت العقد: أنَّ المشتري قد صار ضامِنًا لثمن المبيع أو قيمته بمجرد قبضه، ولا يضر مع الضمان عدمُ مِلْكِ المشتري للثمن حال العقد؛ لأنه بيعُ عَيْنٍ بِدَيْنٍ في الذمة. قال الإمام الشافعي في "الأم" (8/ 68، ط. دار المعرفة): [البيعُ مضمونٌ على قابِضِهِ: إمَّا بالثمنِ، وإمَّا بالقيمةِ] اهـ. وقال الإمام المَاوَرْدِي في "الحاوي الكبير" (5/ 25، ط. دار الكتب العلمية): [بُيُوعُ الأعيانِ يَصِحُّ تأجيلُ الثمنِ فيها، سواء كانت العينُ حاضرةً أو غائبةً؛ لأنه بيعُ عَيْنٍ بِدَيْنٍ] اهـ. وقال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (13/ 195، ط. دار المعرفة): [قبضُ المشتري يُقرِّرُ عليهِ ضمانَ الثمن] اهـ. حكم شراء الأضحية بالتقسيط مِن صُوَر هذا البيع: ما يَحدث مِن شراء المضحي الأضحيةَ بتقسيط ثمنها المتَّفَق عليه بين البائع والمشتري عند الشراء، مع تسلُّم المشتري لها مِن البائع، وذبحِها قبل سداد باقي الأقساط، وهو بيعٌ صحيحٌ شرعًا، ولا يتنافى مع اشتراط مِلْك المشتري للأضحية قبل الذبح، حيث يَثبُتُ مِلْكُ المضحي للأضحية بمجرد تَسَلُّمِهَا وقَبْضِهَا مِن البائع، ولا يتوقف تمام المِلْك على سداد كامل ثَمنها بدَفْع آخِر قسطٍ مِنه؛ لأن "المشتري بالقبض صار مالكًا المبيعَ"، كما قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (25/ 178)، وأما باقي الثمن فهو مضمونٌ في ذمة المشتري، ولا يمنع مِن تمام المِلك كما سبق بيانه. ولا فَرْقَ في هذا الحُكم بين كون الشراء بالتقسيط مع البائع أو عن طريق الصكوك؛ لاتحاد صورتهما، ولكون المضحي في الصورتَيْن أصيلًا في المِلْكِ، إلا أنه في المعاملة مع البائع مُشْتَرٍ بنفسه، وفي الصك: مُشْتَرٍ بالوكالة، وهي جائزةٌ في النيابة عن المضحي في شراء الأضحية وذبحها وتوزيعها؛ "لأنها قُربةٌ تتعلقُ بالمالِ فتجزئُ فيها النيابة، كأداء الزكاة وصدقة الفطر، ولأنَّ كلَّ أَحَدٍ لا يَقدِرُ على مباشرة الذَّبْحِ بنَفْسه، خصوصًا النساء، فلو لَم تَجُزْ الِاستنابة لَأَدَّى إلى الحَرَج"، كما قال الإمام علاء الدين الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/ 67). وقد ثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وَكَّل في شراء الأضحية وذبحها، فعن عُرْوَةَ البَارِقِي رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ «أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه". وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كَانَتْ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي أَتَى بهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنَ الْيَمَنِ، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِائَةً، فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ» أخرجه الإمامان أحمد وأبو يَعْلَى في "مسنديهما". ولا يُشترط لِمَا بيَّنَّاه مِن لُزوم تمام مِلْكِ المضحي للأضحية قبل ذبحها أن يقَبِضَها بنَفْسه ويَحُوزَهَا، وذلك في صورة الشراء بالتقسيط عن طريق الصَّك، إذ المِلْكُ حاصلٌ للمضحي وثابتٌ له بمجرد قَبْضِ مُصْدِرِ الصَّك للأضحية؛ لأن قَبْضَ الوكيل بمنزلة قَبْضِ الموكِّل، والوكيل في القَبْضِ عاملٌ لِمُوَكِّلِهِ، ويده في حق المعقود عليه يد أمانةٍ ونيابةٍ. ينظر: "المحيط البرهاني" للإمام برهان الدين ابن مَازَه الحنفي (7/ 614، ط. دار الكتب العلمية)، و"منح الجليل" للشيخ عِلِيش المالكي (5/ 247، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (10/ 166، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (3/ 266، ط. دار الكتب العلمية). بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا شراءُ الأضحية بالتقسيط مِن التاجر مباشرةً أو عن طريق الصَّك، بشرط أن يكون الثمنُ والأجَلُ معلومَيْن عند العقد، ولا يتنافى هذا الشراء مع شرط مِلْك المضحي للأضحية قبل الذبح، بل تدخل الأضحية في ملك المضحي بمجرد استلامها من التاجر أو استلام مُصْدِرِ الصَّك لها..

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store