logo
بعد سقوط النظام: المرسوم 66.. مظالم ووعود شفهية

بعد سقوط النظام: المرسوم 66.. مظالم ووعود شفهية

المدنمنذ 9 ساعات

منذ عهد جمال عبد الناصر في العام 1958 يعاني أهل المزة حسب أحد ملاكها الأصليين، خالد كوكش، من الاستملاكات لأراضيهم التي حولتها الحكومات المتعاقبة إلى منطقة خدمية من جامعات ومؤسسات حكومية، ليزيد الطين بلة، المرسوم التشريعي رقم 66 في عام 2012، بزعم تطوير مناطق "المخالفات والسكن العشوائي" في جنوب شرق المزة (ماروتا سيتي) وجنوب المتحلق الجنوبي (باسيليا سيتي).
ويصار الى تحويل ملكيات الأراضي إلى "أسهم تنظيمية" تُوزع على أصحاب الحقوق بشكل مجحف، وتغيير ديمغرافي، ونزع قسري للملكيات، وتهجير لسكانها الأصليين، لتتحول رئة دمشق الغربية الخضراء، إلى كتل بيتونية، شوهت هوية دمشق، وإرثها التاريخي.
الظلم الواقع على الملاك الأصليين
تزامن تطبيق المرسوم 66 مع معاناة كبيرة للملاك للأراضي والعقارات في تلك المنطقة، ويستعرض كوكش السياق التاريخي للاستملاكات في منطقة المزة والظلم الذي سببه ذلك المرسوم. فقد استملكت الحكومة السورية أراضي أهالي المزة الزراعية لإنشاء "مؤسسات حكومية مثل مشفى الأسد الجامعي والمباني السكنية على أوتوستراد المزة، دون تعويض عادل".
بذلك تحولت المزة، حسب كوكش، من "سلة غذائية" لدمشق (مع كفرسوسة وداريا) إلى "منطقة منظمة لخدمة الدولة"، مما أفقد السكان مصدر رزقهم الزراعي.
يتابع كوكش: "صُدم الأهالي بمخطط جديد يصنف أراضيهم الزراعية خلف أوتوستراد المزة وشارع 17 نيسان والمتحلق الجنوبي كـ"حدائق خضراء"، ما يعني استملاكها عملياً". أدى ذلك إلى تظاهرات واحتجاجات عام 2000، انتهت باعتقالات أمام محافظة دمشق. وفي آخر المطاف، "نتج عن هذا الضغط تعديل المخططات عام 2010 فأُقر المخططان 101 و102، وهما أساس (ماروتا سيتي) و(باسيليا سيتي) فيما بعد".
المرسوم 66
يتابع كوكش أن أهم المظالم التي وقعت على أهل المنطقة بموجب المرسوم 66 فيما بعد، هو "نزع الملكية القسري". فقد أجبر الملاّك على التخلي عن ممتلكاتهم لصالح الجهات المنفذة للمشروع (شركات مرتبطة بالدولة غالباً)، معتبراً أن الأمر الأخطر هو البديل السكني غير المجدي، فقد "عُرض على بعض الملّاك الحصول على أسهم في الشركة المنفذة للمشروع، بدلاً من تعويض نقدي أو عقارات في المشروع الجديد".
ويشير إلى أن "هذا البديل لم يوفر للملّاك مساكن بديلة في المنطقة نفسها أو في مناطق ذات مواصفات وخدمات مماثلة، مما سبب تشتتاً للعائلات وفقداناً للجوار الاجتماعي". ولم يغفل "غياب الشفافية والمشاركة" في وضع مواد هذا المرسوم.
آليات قمعية
فُرض على المالكين، حسب كوكش، "تقديم طلبات إثبات حقوقهم خلال 30 يوماً فقط" عبر إعلانات محدودة النطاق، مما استبعد النازحين والمعتقلين والمطلوبين أمنياً.
على الجانب الآخر، تم تقييم مجحف للعقارات، يضيف كوكش قائلاً إن "التعويضات قدمت بناءً على أسعار عام 2012 (قبل ارتفاعها بسبب المرسوم)، مع تجاهل القيمة الحقيقية للأراضي والمساحة الهوائية (البناء العمودي)". كما "رُبطَ استحقاق السكن البديل بشرط الإقامة الفعلية وقت التقييم"، مما حرم الغائبين قسراً.
الأمر الملفت حسب كوكش فهو "التوزيع غير العادل للحصص". فقد خُصص 83% من مساحة المشروع للدولة (33% حدائق، 33% شوارع، 7% منشآت حكومية، 7% خدمات، 3% مرافق عامة)، بينما حصل المالكون الأصليون على 17% فقط، كأسهم في المشروع.
أبعاد سياسية واجتماعية
يعتبر كوكش أن المرسوم كان "عقاباً جماعياً للمناطق الثائرة". فقد صدر المرسوم عام 2012 بعد عام من الاحتجاجات ضد نظام الأسد، واستهدف مناطق مثل المزة وكفرسوسة وداريا التي شاركت في الحراك. ويعتبر كوكش أن المرسوم 66، كان أداة لـ"تغيير ديمغرافي" لصالح الموالين، عبر تهجير السكان الأصليين واستبدالهم بطبقة موالية.
ولم يغفل كوكش تورط محافظة دمشق في عهد الأسد وشركة الشام القابضة "في فساد بائن"، فقد أشرفت المحافظة ممثلة بالمحافظ بشير الصبان، على الهدم والتنظيم، واقتطعت 50 مقسماً لصالحها.
إلى جانب كثير من القضاة الذين رفضوا تقديم اعتراضات قانونية، والسماسرة الذين روّجوا لأسهم المشروع للمغتربين والأثرياء، بينما عاش أصحابها الأصليون في المنفى.
وعود شفهية
ويلفت كوكش أن أهالي المزة شكّلوا لجان لتقديم مقترحات للمحافظ الجديد والحكومة، بينها تعديل توزيع الحصص لتصبح 60% للمالكين و40% للدولة، واستبدال "الوحدات التدريسية الزائدة" في المخطط (8 وحدات مقررة رغم حاجة المنطقة لواحدة فقط) بأبراج سكنية تعود ملكيتها لأصحاب الأرض.
وبعد لقاءات مع محافظ دمشق الجديد ماهر مروان، الذي وعد بمعالجة المشكلات عبر تعديلات قانونية، بالإضافة الى التنازل عن "بعض مصالح المحافظة" لضمان الحقوق. إلى جانب إعادة النظر بموضوع السكن البديل، يضيف كوكش، "حتى هذه اللحظة بقيت تلك الوعود شفهية". كذلك لم يخفِ كوكش، صعوبة إلغاء المرسوم كلياً بسبب تحويل الملكيات إلى "أسهم شائعة" وبدء تداولها.
ويشير إلى"الحاجة لتشريعات جديدة تلغي المرسوم 66" وتنظم إعادة التوزيع. ويستطرد: "هذا لا يمكن تحقيقه اليوم بسبب عدم وجود مجلس شعب (برلمان) منتخب". كذلك التعويض العادل عن الأضرار المادية والنفسية، إلى جانب "محاكمة كل المتورطين في إقرار هذا المرسوم السيء الذكر".
تغيير الهوية
من جانبه، يعتبر المهندس المعماري عصام العوف، أن مشروع تنظيم كفرسوسة والمزة ومزارع الرازي وداريا والقدم، كتجسيد للمرسوم 66، يمثل "جريمة معمارية"بحق مدينة دمشق، لكثير من الأسباب، أولها "إهمال الهوية المعمارية الدمشقية".
ويؤكد العوف لـ"المدن"، أن المشروع لم يُصمم وفقًا لمعايير عالمية تحترم أو تحافظ على الهوية المعمارية والتاريخية الفريدة لدمشق. وقد تم "تجاهل السمات المميزة" مثل أنماط البناء التقليدية، والانسجام مع النسيج العمراني القديم، والعلاقة مع البيئة المحيطة.
كذلك يرى أن "استنساخ نموذج دبي، غير مقبول حضارياً"، لأنه ينفي أصالة المدينة ويحولها إلى نسخة مشوهة من مدن الخليج، متناسياً تاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين.
كما أن هذا المشروع "غير ملائم بيئياً واجتماعياً"، لأن نمط الأبراج الزجاجية والفولاذية الشاهقة ونمط الحياة المرتبط بها، قد لا يتناسب مع المناخ، أو الثقافة الاجتماعية الدمشقية التقليدية. ويضيف العوف أن "تذويب الخصوصية" يؤدي إلى فقدان دمشق لوجهها المميز، في عمومية معمارية لا هوية لها.
بين الماضي والمستقبل
يعكس هذا المرسوم، في جوهره، صراعاً بين رؤىً تتبنى الحداثة الشكلية على حساب الهوية والعدالة الاجتماعية، وبين حق المدينة في الحفاظ على تراثها وحق أهلها في الملكية العادلة والتنمية الشاملة التي تحترم تاريخهم.
تصريحات المهندس عصام العوف وخالد كوكش، تضع الإصبع على جرح معماري واجتماعي عميق خلّفته سياسات التنظيم العمراني في منطقة المزة وحولها، بموجب المرسوم 66 الذي لم يكن مجرد أداة "تنظيم عمراني"، بل آلية منهجية لاستهداف المناطق الثائرة عبر مصادرة الأملاك وتغيير هويتها الديمغرافية. اليوم، تُعتبر إعادة النظر بهذا المرسوم، اختباراً حقيقياً لحكومة الشرع الانتقالية، في التعامل مع إرث الفساد والاستبداد.
إن نجاح لجان الأهالي والمحافظة في تعديل التوزيع لصالح المالكين (60% بدل 17%)، سيكون مؤشراً على عدالة انتقالية في أحد وجوهها، بينما الإخفاق سيعمق عقوداً من الظلم.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

روسيا: إغلاق مطارين بعد هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على موسكو
روسيا: إغلاق مطارين بعد هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على موسكو

LBCI

timeمنذ 29 دقائق

  • LBCI

روسيا: إغلاق مطارين بعد هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على موسكو

أعلنت السلطات الروسية في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد، أن هجوما شنته أوكرانيا بطائرات مسيرة مستهدفة موسكو أدى إلى إغلاق اثنين من المطارات الرئيسية التي تخدم العاصمة. وذكر رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين على تطبيق "تلغرام"، أن وحدات الدفاع الجوي دمرت تسع طائرات مسيرة كانت متجهة إلى موسكو بحلول الساعة 0400 بتوقيت غرينتش. وأضاف سوبيانين أن فرق الطوارئ توجهت إلى مواقع سقوط حطام الطائرات المسيرة في الهجوم الذي وقع خلال الليل. ولم يتم الإبلاغ بعد عن وقوع أي أضرار. وأفاد حاكم منطقة تولا بأن هجوما شنته أوكرانيا بطائرات مسيرة أدى لاندلاع حريق استمر لوقت قصير في مصنع آزوت للكيماويات، وأسفر عن إصابة شخصين. وذكر حاكم منطقة كالوجا أن الدفاعات الجوية دمرت سبع طائرات مسيرة فوق المنطقة. وتحد منطقتا تولا وكالوجا منطقة موسكو من جهة الجنوب.

بالفيديو: حريق متعمد في كنيس بالقدس
بالفيديو: حريق متعمد في كنيس بالقدس

MTV

timeمنذ 32 دقائق

  • MTV

بالفيديو: حريق متعمد في كنيس بالقدس

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عن حريق اندلع في كنيس الحاخام الأكبر السابق لإسرائيل يتسحاق يوسف بالقدس، وتشتبه السلطات في أنه متعمد. وعلّق وزير الداخلية الإسرائيلية موشي أربيل، قائلاً إنّ "محاولة حرق كنيس الحاخام يوسف حادثة مخيفة واعتداء على رمز وطني". بدوره، لفت وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، إلى أنّ "مشاهد إحراق كنيس الحاخام يوسف ورسم الصليب المعقوف صادمة، وهذا الحدث مقلق ويحمل سمات معادية للسامية ويجب عدم التسامح معه".

"دعك من نتنياهو"... رسالة من تل أبيب لويتكوف: أنقذ الرهائن!
"دعك من نتنياهو"... رسالة من تل أبيب لويتكوف: أنقذ الرهائن!

ليبانون ديبايت

timeمنذ 33 دقائق

  • ليبانون ديبايت

"دعك من نتنياهو"... رسالة من تل أبيب لويتكوف: أنقذ الرهائن!

شهدت مدن إسرائيلية، مساء أمس السبت، تظاهرات حاشدة شارك فيها آلاف الإسرائيليين، احتجاجًا على استمرار الحرب على قطاع غزة، ومطالبةً بالإفراج الفوري عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس. واندلعت المسيرات الغاضبة في أعقاب إعلان الجيش الإسرائيلي العثور على جثة الرهينة التايلاندي ناتابونغ بينتا، وسط تصاعد التوتر داخل الحكومة بسبب فشل تمرير قانون إعفاء طلاب المدارس الدينية من التجنيد، ما يهدّد تماسك ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ووفق تقارير ميدانية، واجهت قوات الأمن التظاهرات بحملة قمع عنيفة طالت المناهضين للحرب، وخصوصًا في "ساحة الرهائن" وسط تل أبيب، حيث تجمّع آلاف المحتجين بدعوة من "منتدى عائلات الرهائن"، في واحدة من أضخم التظاهرات المناهضة للحكومة منذ بداية الحرب. وفي مؤتمر صحافي سابق للمسيرات، ناشد إيتسيك هورن، والد الرهينة إيتان هورن، المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف التدخل العاجل لإنقاذ نجله، مطالبًا إياه بـ"التخلي عن إطار نتنياهو التدميري" والعمل على إنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الرهائن. وقال هورن: "إذا أعدت الجميع، ستُذكر كأحد أعظم اليهود في التاريخ"، مضيفًا: "قدّم لحماس ونتنياهو إنذارًا نهائيًا.. هذه ربما الفرصة الأخيرة لإنقاذ دولة إسرائيل". وكانت كلمات والدة الرهينة ماتان زانغاوكر الأكثر تأثيرًا، بعدما انتشرت صورة لابنها مرفقة برسالة من حماس تقول: "لن يعود حيًا". وقالت، وقد غلّفها الغضب: "لم أعد قادرة على تحمّل هذا الكابوس. ملاك الموت نتنياهو يواصل التضحية بالرهائن من أجل بقاء حكومته. إنه وصمة عار!". وتردّدت في الساحة شعارات مناهضة للحكومة، أبرزها: "الشعب يختار الرهائن"، في حين أكد المنتدى الممثل لعائلاتهم أنّ "الاتفاق الشامل وحده هو الانتصار الحقيقي". وفي موقف مؤثر، طالبت نوعام كاتس، ابنة الرهينة ليور كاتس، بوقف العمليات العسكرية فورًا، قائلة: "لا ترسلوا مزيدًا من الجنود للموت... أعيدوا آباءنا باتفاق سياسي لا بحروب جديدة". وفيما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 4 جنود جدد في غزة، أقرّ بمعاناته من نقص يُقدّر بـ10,000 جندي لتأمين انتشاره، ما يعكس الضغط الكبير الذي تواجهه المؤسسة العسكرية. وأمام هذا المشهد، قال تال كوبرشتاين، والد الرهينة بار كوبرشتاين: "أعيدوا الرهائن الـ55 باتفاق واحد، الآن... كفى!". ولا تزال المفاوضات، التي تتولاها مصر وقطر والولايات المتحدة، تراوح مكانها، وسط تمسّك الحكومة بخطها الحربي ورفضها تقديم تنازلات كبيرة. من أصل 251 شخصًا خُطفوا في 7 تشرين الأول 2023، لا يزال 55 رهينة محتجزين في غزة، تؤكد إسرائيل أن 31 منهم على الأقل فقدوا حياتهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store