الجيش حامي الاستقلال
بقلم : العميد المتقاعد حسن فهد ابوزيد
نحتفل هذا العام بالذكرى التاسعة والسبعين للاستقلال، والأردن يمرُّ بظروفٍ استثنائيةٍ وخطيرة، يعيشها العالم بشكلٍ عام، والعرب على وجه الخصوص. وفي ظل هذه الأجواء، يثبت الأردن كما هو عبر تاريخه الطويل أنه دولة ذات سيادة واستقلال وقانون، بالرغم من مروره بسنواتٍ عجافٍ ازدادت حدَّتها في الخمسة عشر عاماً الأخيرة، إذ يعيش أجواءً ملتهبة في محيطه أطاحت ببعض دول المنطقة، وخاصةً العربية منها، وما زالت هذه الدول حتى الآن تعاني من حالة عدم الاستقرار، بانفلات الأمن والأمان فيها.
إلا أن الأردن، وقيادته الهاشمية الحكيمة، يزداد قوةً ومنعةً وصلابةً في مواجهة كل التحديات التي تُحاول التأثير على قراره السياديّ الحرّ، وخاصةً في هذه الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها المنطقة ككل. وما يجري في قطاع غزة وفلسطين الآن من حربٍ إجرامية تهدف إلى إبادة الجنس البشري بطريقة وحشية منذ عامٍ ونصف العام ونيف، حيث يرتكب جيش الاحتلال أبشع أنواع الجرائم في تاريخ البشرية من قتل المدنيين والأطفال الرُّضَّع والشيوخ والنساء، وهدم البيوت على ساكنيها دون رأفةٍ أو رحمة، وممارسة سياسة التجويع والتشريد بهدف التهجير القسريّ لأبناء قطاع غزة.
في هذه الأجواء كلّها، استطاع الأردن أن يخرج من ذلك أقوى وأمتن، معبّراً عن موقفه مما يجري بكلّ جرأةٍ وصراحة، نابعاً من انتمائه لأمته وعقيدته الدينية السّمحة. ويعود الفضل -بعد الله سبحانه وتعالى- لسياسة قيادته الهاشمية الحكيمة الشجاعة، التي تسلّمت نظام الحكم عبر تاريخ المملكة مروراً بممالكها الأربعة بقيادة الهاشميين منذ الثورة العربية الكبرى، التي جاءت من أجل حرية وكرامة العرب واستقلالهم، فجاء الأردن ثمرةً من ثمارها، وجيشه العربي الهاشمي المنبثق من جيش الثورة العربية الكبرى، حامي الاستقلال ومنجزاته ومقدّراته.
أما منتسبوه، فهم كما وصفهم جلالة الملك عبدالله الثاني: 'الأصدق قولاً، والأخلص عملاً'، وبعد الإحالة على التقاعد وصفهم بأنهم: 'بيت الخبرة، والرديف القويّ للجيش النظامي إذا دعت الحاجة'.
فمن خلال مواكبة هذا الشعب الأردني العظيم للمنجزات الكبيرة التي تحققت منذ الاستقلال وحتى وقتنا الحاضر، صاغ الأردن قصّة وجوده منذ تأسيس إمارة شرق الأردن رسمياً عام 1923، وحتى الاستقلال الذي نحتفل به منذ عام 1946، في عهد الملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين، الذي قضى شهيداً على عتبات المسجد الأقصى دفاعاً عن القدس والمقدسات. ثم عهد الملك طلال، محدّث الدستور الأردني، إلى عهد الملك الراحل الحسين، أغلى الرجال وأشرف النسب، باني نهضة الأردن الحديثة عبر نصف قرنٍ من الزمن تقريباً في مختلف المجالات، ومن ثم إلى جلالة الملك المعزّز عبدالله الثاني ابن الحسين -حفظه الله ورعاه- لقيادة الأردن بكل كفاءة واقتدار، للسير على خطى من سبقه من الهاشميين، مترسّماً نهج الأوائل، لينهض بالأردن بكافة الصُّعُد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى أكمل وجه وليأخذ موقعه على الخريطة الدولية، للوصول بالأردن إلى برّ الأمان، بالرغم من الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة.
ومن خلال قيادته الهاشمية الحكيمة، عبّر الأردن عن موقفه في كلّ المنابر الدولية والأممية لإدانة هذه الحرب المسعورة على الفلسطينيين في قطاع غزة، والمطالبة بوقفها فوراً، ومنع التهجير، وفتح المعابر الحدودية لدخول المساعدات العلاجية والغذائية. وليس هذا فحسب، فقد مدّ الأردن يده للأشقاء، بإرسال المستشفيات العسكرية إلى الأهل في غزة والضفة، وأفشل جلالته المخطط الذي كان يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وقالها مدوّيةً وصريحةً من البيت الأبيض عند لقائه بالرئيس الأمريكي ترامب، مؤكداً رفضه القاطع لخطة التهجير التي كانت تسعى إليها أمريكا وإسرائيل.
وما زال جلالته يردّد هذا الموقف من خلال 'اللاءات الثلاث' المعروفة. وكان الأردن الأول في العالم، والمبادر بإسقاط المساعدات من الجو، بمشاركة شخصية من جلالة الملك عبدالله الثاني ووليّ عهده سمو الأمير الحسين، بالرغم من المخاطر التي قد تترتب على ذلك في ظل الحصار القاسي. وهذا ليس بجديد على الأردن وتاريخه العريق في مثل هذه المواقف.
ونحن نتفيّأ هذه الأيام ظلال هذه الذكرى العطرة المجيدة، ونستذكر من خلالها ما حقّقه الأردن من منجزات عظيمة مكّنته من الثبات والتطوّر في كل المجالات، فإننا لا بدّ أن نرجع الفضل لصاحب الفضل، بكلّ وفاءٍ وعرفان، لصانع المجد والاستقلال، ومؤسس المملكة الذي نذر نفسه دفاعاً عن قضايا العرب، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتي استُشهد في سبيلها الملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين، الذي سعى منذ تشكيل أول حكومة أردنية برئاسة رشيد طليع في شهر نيسان من عام 1921، إلى رفع كيان هذه الأمة، حتى أصبحت مملكة مستقلة ذات سيادة عام 1946، لتكون للأردنيين دولتهم، وحريتهم، وتُصان كرامتهم.
ليقف الأردن إلى جانب العروبة، ويدافع عن فلسطين، فمن هنا شارك الجيش العربي الأردني في معارك القدس، واللطرون، وباب الواد، والشيخ جراح، ليكون من أوائل المدافعين عن ثرى فلسطين ومشاركته في حرب ال٤٨ في كافة الحروب التي خاضها دفاعاً عن الأشقاء العرب وفي عام 1956 وبعد أن تحقق الاستقلال التام والكامل بتعريب قيادة الجيش ليمون الجيش عربيا بقرار عربي و وبهذا القرار تم تحديث وتطوير القوات المسلحة مما مكنها القيام لدورها على أكمل وجه لحماية الاستقلال الذي أنجز عام ١٩٤٦ وكانت أولى مهامه بعد التعريب أن شارك بصد العدوان الثلاثي على مصر عام ال٥٦ وفي حرب 1967، وحرب الجولان عام 1973، ولا ننسى النصر العظيم الذي توِّج بمعركة الكرامة الخالدة عام 1968، حيث تحقق أول نصرٍ للعرب منذ بدء الصراع العربي الإسرائيلي.
لقد سطّر فيها الجيش الأردني أروع صور البطولة والفداء، لتحكي قصص نشامى الوطن، الذين تشهد لهم أضرحتهم في القدس، وجبل المكبر، وتل الذخيرة، وحيّ الشيخ جرّاح، وتلّة الرادار، على ما قدموه دفاعاً عن القدس والمقدسات ولا ننسى ما قام ويقوم به الجيش العربي من دوره خارجياً في حفظ السلم والسلام العالمي في العديد من دول العالم والتي كانت تعاني من حالة من عدم الاستقرار فيها....حيث كانوا بيد يحملون السلاح وبيد أخرى يحملون غصن الزيتون. ويقدمون الدعم والمساعدات الغذائية للشعوب التي انهكتها الحروب في الكثير من دول العالم التي عانت من ويلات الحروب...
ويأتي احتفالنا هذا العام بالذكرى التاسعة والسبعين للاستقلال، ليُخرج الأردن من كلّ تلك المحن أقوى وأمتن، بالرغم من العواصف التي تحيط بالمنطقة، والوضع الاقتصادي غير المستقر، وتعرضه للكثير من الهزّات والرياح العاتية، التي اجتاحته منذ تأسيس المملكة وحتى وقتنا الحاضر.
ومع ذلك، نسمع بين الحين والآخر من يُنكر أو يُشوّه الدور الأردني الكبير، بالرغم من وضوح موقفه تجاه الإخوة الأشقاء العرب، وفي فلسطين وقطاع غزة، وهو موقفٌ نابع من مبادئ رسالة الثورة العربية الكبرى، بالوقوف لما فيه مصلحة الأمة، وحريتها، واستقلالها، وكرامتها… وسيبقى هذا هو الموقف الأردني تجاه قضايا الأمة موقفاً قويا نابع من قوة قيادته وجيشه وشعبه.......
مبارك للأردن، ولمليكنا المفدى، ولجيشنا العربي الهاشمي المصطفوي، حامي الحمى، وحامي الاستقلال ومنجزاته، ومبارك لشعبه الوفي.
وسيبقى الأردن حراً عربياً هاشمياً مستقلاً، أبى من أبى، ورضي من رضي…
وكل عام والوطن وقائده وجيشه وأجهزته الأمنية المختلفة وفرسان الحق، وشعبه العظيم، بألف ألف خير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


السوسنة
منذ ساعة واحدة
- السوسنة
في حجم بعض الورد
يحقّ للأردن والأردنييّن الاحتفال بيوم استقلالهم العظيم، فهو يوم عزّ وفخار، يومٌ مجيدٌ مُنيرٌ في صفحات التّاريخ، فقد جاء نتيجةً حتميّة لنضال الأجداد والآباء، فقد ناضلوا حتّى نالوا هذا الاستقلال، وإنْ لم تحتفل الدُول بأيام مجدّها فبمَ تحتفلُ؟إنّ الأردنييّن وقيادتهم الهاشميّة الحكيمة أدركوا مِنَ اليوم الأوّل للاستقلال أنّ المُحافظة على هذا الاستقلال وتقويته هو السبيل الوحيد لبناء الأردن الّذي يطمحون إليه، فالتفّ الشعب حول القيادة وبذلت القيادة والدولة كلّ جهدٍ لتحقيق هذا الطموح وهذه الأماني.وعلى مرّ العقود الثمانية من الاستقلال واصل الأردنيّون البناء في كلّ المجالات وحقّقوا الكثير ممّا يسعون إليه بالرغم من قلة الموارد ومن الظروف الصعبة المُحيطة في الأردن، إلّا أنّ استثمارهم في الإنسان واعتباره أغلى وأعظم مورد في البلاد وهذا ما أكّده الحسين الباني – يرحمه الله- حين قال: " الإنسان أغلى ما نملك" هذا ما جعلهم يكونون منارة في المنطقة يُهتدى بها في مجالات عديدة؛ ففي السياسة يُمثّل الأردن نموذجا يُحتذى داخليا وخارجيا، فقد حافظ على دولة ديمقراطية قوية في منطقة مُشتغلة، وخارجيا لعب الأردن وما زال دورا إقليميا ودوليّا جعله مِحجا للكثير من دُول العالم، فسياسته المُتزنة المُنطلقة من مصالحه العُليا ومصالح أمّته مشهود لها، ودور جلالة الملك وأثره في المحافل الدوليّة معروف واضح لا يُنكره أحد.أمّا مسيرة التعليم في الأردن فقد شهدت منذ الاستقلال حتّى هذه اللحظة تطوّرات ملحوظة؛ فالنظام التعليمي أكّد على إلزامية التعليم الأساسيّ ووفّر للطلاب كلّ الوسائل التي تُساعدهم في تحصيلهم، وتابع هذا حتّى أسس عشرات الجامعات الّتي خرّجت للأردن ولعالمنا العربيّ وللعالم مئات الآلاف من أهل العلم في كافة الاختصاصات.ونحنُ إذا نتذكّر يوم الاستقلال وبعضا من الانجازات العظيمة لا بُدّ من الحديث عن كيفية المُحافظة على استقلانا قويّا، فلكي يبقى الأردن منيعا قويّا يجب أن تظل جبهته الداخلية قويّة، وقُوتها مُستمدّة من التفاف الشعب حول القيادة، ومن تحقيق القيادة لمطالب الشعب، وهذا ما تسعى إليه الدولة الأردنية قاطبة فهي تسعى جاهدة لتمكين الجبهة الداخلية وتقوية الانتماء وروح المُواطنة، فتعمل على إحقاق الحقوق والعدل بين المُواطنين.ولكي يظلّ الأردن قويًّا عصيّا التف الأردنيون حول قيادتهم وأجهزتهم الأمنية ووثقوا بما تقوم به من إجراءات في كافّة الأمور، فلا قُوّة للوطن إلّا بقوّة أمنه.إنّ النهضة التي يسعى إليها الأردن وقد قطع فيها شوطًا كبيرًا مُنذ الاستقلال مُستمرة ولن يُوقفها أحد، وسيظلّ الأردنّ عصيّا منيعا سائرا في ركْب التطّور والازدهار، وسيظلّ شوكة في حلق الحاقدين.


الوكيل
منذ ساعة واحدة
- الوكيل
تواصل فعاليات الاحتفال بعيد الاستقلال بحضور جماهيري...
الوكيل الإخباري- تواصلت في ساحة معسكر الحسين للشباب بمحافظة عجلون، اليوم السبت، فعاليات الاحتفال بمناسبة عيد الاستقلال بحضور جماهيري كبير. اضافة اعلان وازدانت الساحات العامة والشوارع والدوائر الرسمية والبلديات والمباني والمركبات وموقع الاحتفالات الرئيسية في معسكر الحسين للشباب بعجلون بالأعلام الوطنية وصور جلالة الملك. وأكد محافظ عجلون نايف الهدايات المشاركة الفاعلة في الاحتفال، والتي عبرت عن الولاء والانتماء والفخر والاعتزاز بمناسبة عيد الاستقلال والإنجازات العظيمة التي تحققت في الأردن بفضل قيادتنا الهاشمية الحكيمة التي قادت مسيرة العمل في وطننا الغالي بكل حكمة وشجاعة. وأشار مدراء التربية والتعليم والثقافة والشباب خلدون جويعد وسامر فريحات ويحيى المومني، إلى أنه في الخامس والعشرين منْ أيار يرسم الأردنيونَ لوحة من الفَخَارِ والعز والمجد والإباء، ذلكَ التاريخ الذي يحمل بين طياته أجمل ذكريات الماضيْ التي تهب نسماتها العطرة على سماء الوطن، داعين الله عز وجل أن يحفظ وطننا وقيادتنا الهاشمية وأن يديم على وطننا نعمتي الأمن والاستقرار.

السوسنة
منذ ساعة واحدة
- السوسنة
الأردن في عيده التاسع والسبعين للاستقلال
حسام المصري مؤسس ومدير عام فريق "عزيزٌ أنت ياوطني" للعمل التطوعي في الخامس والعشرين من أيار، لا يُعدّ التاريخ رقمًا في الروزنامة، بل هو نبض وطن، وصوت شعب، وراية خُطّت بدماء الأحرار، وعرق الكادحين، وعزم القيادة الهاشمية التي صنعت من الاستقلال بوابةً للمجد، ومن التحديات جسورًا للعبور.عيد الاستقلال الـ79 ليس فقط احتفالًا بذكرى، بل تجديد للعهد مع الوطن، وتأصيل لمعنى السيادة والكرامة التي انتزعها الأردنيون بإرادتهم الحرة، وصانوها بقيادةٍ حكيمةٍ راشدة، جعلت من الأردن قصة نجاح تُروى في المحافل، ومثالًا للصمود وسط العواصف والمتغيرات.منذ عام 1946 وحتى اليوم، كتب الأردن فصوله بشرف. من معركة البناء الداخلي، إلى ميادين الدفاع عن قضايا الأمة، لم ينحرف عن البوصلة، ولم يتردد في اتخاذ الموقف، فكان واحة أمنٍ واستقرار، ومركزًا للإعتدال والإنسانية في زمن التوترات والتشظي.الهاشميون، بعروبتهم الصافية ورؤيتهم الثاقبة، قادوا المركب بحكمة، فكان جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين – حفظه الله – خير من حمل الراية، وحمى السيادة، ورعى المسيرة، بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، مجسدًا قيَم الثورة العربية الكبرى، ومواكبًا لمتغيرات العصر بتوازنٍ وحكمة.وفي هذا العيد المجيد، لا نحتفل بالماضي فحسب، بل نُراهن على المستقبل. جيلٌ شاب ينهض، ومشاريعُ تنموية تُبنى، ومبادراتٌ تُطلق، ومكانةٌ تتعزز في الإقليم والعالم. فالأردن اليوم، لا يتراجع ولا يستكين، بل يمضي إلى الأمام، بعزيمة لا تلين.كل عام والأردن أقوى بجيشه، وأمنه، وشعبه.كل عام والأردن أبهى بقيادته، ووعيه، ووحدته.كل عام واستقلالنا منارة تهدي الأجيال، وتُلهم الأوطان.عاش الأردن حرًا عزيزًا شامخًا،وعاشت ذكراك يا استقلال، وكنت لنا دومًا مجدًا لا يغيب.