logo
ما هو السر وراء إقبال الشباب الأمريكي على الكنائس الروسية؟

ما هو السر وراء إقبال الشباب الأمريكي على الكنائس الروسية؟

الوسطمنذ 5 أيام

BBC
تضاعف حجم رعية كنيسة الأب موسى ماكفيرسون 3 مرات في 18 شهرًا ولديه عدد كبير من المتابعين عبر الإنترنت
يسألني الكثير من الناس: "يا أبونا موسى، كيف يمكنني أن أزيد من رجولتي إلى مستويات خيالية؟".
ففي مقطع فيديو على يوتيوب، يظهر كاهن يروّج لنوع من الرجولة القوية وغير المُعتذرة.
وهو يسخر من أشياء يعتبرها أنثوية أكثر من اللازم، مثل البنطال الضيق، وتشبيك الساقين، واستخدام مكواة الملابس، وتنسيق شكل الحواجب، بل وحتى تناول كوباً من الحساء.
وهناك مقاطع فيديو أخرى للأب موسى ماكفيرسون، وهو أب قوي البنية وله 5 أبناء، يظهر فيها وهو يرفع الأثقال على أنغام موسيقى الهيفي ميتال.
ونشأ ماكفيرسون في بيئة بروتستانتية، وعمل سابقاً في مجال تركيب الأسطح، لكنه يخدم الآن ككاهن في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا (آر أو سي أو آر) في بلدة جورجتاون في ولاية تكساس الأمريكية، وهي فرع من الكنيسة الأم في موسكو.
وتُعدّ الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا، شبكة عالمية تتخذ من نيويورك مقراً لها، وقد بدأت مؤخراً بالتوسع في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة، وذلك في الغالب نتيجة لاعتناق أفراد من ديانات أخرى لمعتقدات هذه الطائفة.
وخلال الأشهر الستة الماضية، قام الأب موسى بتعميد 75 مؤمناً جديداً في كنيسته، كنيسة "أم الرب"، الواقعة شمال مدينة أوستن.
ويقول: "عندما اعتنقتُ أنا وزوجتي الأرثوذكسية قبل 20 عاماً، كنّا نصفها بأنها السرّ الأفضل حفظاً، لأنّ الناس ببساطة لم يكونوا يعرفون ما هي".
وأضاف قائلاً: "لكن خلال العام والنصف الماضيين، تضاعف عدد أفراد جماعتنا ثلاث مرات".
BBC
تيودور، الذي انضم لكنيسة الأب موسى بعد أن ظل يرفض كل الأديان حتى وقت قريب، يرفع الأثقال 3 مرات في الأسبوع مع الأب موسى
وخلال قداس الأحد في كنيسة الأب موسى، أُدهش لعدد الرجال في العشرينات والثلاثينات من عمرهم وهم يصلّون ويرسمون علامة الصليب في مؤخرة صحن الكنيسة، وكيف أنّ هذا الدين، بتقاليده التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي، يبدو أنه يجتذب شباباً يشعرون بعدم الارتياح تجاه الحياة في أمريكا الحديثة.
ويخبرني تيودور، وهو مهندس برمجيات، أنه كان يملك وظيفة أحلام وزوجة يعشقها، لكنه كان يشعر بفراغ داخلي، وكأنّ هناك حفرة في قلبه. ويعتقد أنّ المجتمع كان "قاسياً جداً" على الرجال، ودائماً ما يُشعرهم بأنهم على خطأ، ويشكو من أنّ الرجال يتعرّضون للنقد عندما يرغبون في أن يكونوا المعيل الرئيسي ويُعيلوا زوجة مقيمة في المنزل.
ويضيف تيودور قائلاَ: "يقال لنا إنّ هذه علاقة سامة جداً في وقتنا الحاضر، لكن الأمر ليس كذلك، ولا ينبغي أن يكون كذلك".
وقد قرّر جميع المعتنقين الجدد تقريباً الذين التقيت بهم، تعليم أطفالهم في المنزل، جزئياً لأنهم يؤمنون بأنّ على النساء أن يُولِين الأولوية لعائلاتهن بدلاً من مسيراتهنّ المهنية.
ويقول الأب جون وايتفورد، رئيس الكهنة في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في سبرينغ في شمال هيوستن، إنّ التعليم المنزلي يضمن تربية دينية، ويُعدّ "وسيلة لحماية أطفالك"، فضلاً عن تجنب الحديث عن "التحول الجنسي، أو 57 تصنيفاً جنسياً في الشهر، أو أشياء من هذا القبيل".
وبالمقارنة مع ملايين المصلين في الكنائس الضخمة الإنجيلية بأمريكا، فإنّ أعداد أتباع الأرثوذكسية المسيحية ضئيلة جداً ولا تتجاوز 1 في المئة من السكان. ويشمل ذلك الأرثوذكسية الشرقية، كما تُمارَس في روسيا وأوكرانيا وشرق أوروبا واليونان، إضافة إلى الأرثوذكسية الشرقية القادمة من الشرق الأوسط وأفريقيا.
وتأسست الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا على يد كهنة ورجال دين فرّوا من الثورة الروسية عام 1917، ويُنظر إليها من قبل كثيرين باعتبارها أكثر الهيئات الأرثوذكسية محافظة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإنّ هذه الجماعة الدينية الصغيرة تُعد صوتاً صاخباً، وما يجري داخلها يعكس تحولات سياسية أوسع، خاصة بعد التحوّل الكبير في سياسة الرئيس دونالد ترامب تجاه موسكو.
ويصعب تحديد الزيادة الحقيقية في عدد المعتنقين الجدد، لكنّ بيانات من مركز بيو للأبحاث تشير إلى أنّ 64 في المئة من الأرثوذكس في الولايات المتحدة هم من الذكور، مقارنة بـ46 في المئة في عام 2007.
وتدعم دراسة أصغر شملت 773 معتنقاً جديداً هذا الاتجاه، حيث تبيّن أنّ غالبية المعتنقين الجدد هم من الرجال، وكثير منهم يقولون إنّ الجائحة (كوفيد-19) دفعتهم للبحث عن إيمان جديد. وتعود هذه الدراسة إلى الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا (أو سي إيه)، التي أسسها رهبان روس في ألاسكا في أواخر القرن الثامن عشر، وتضم اليوم أكثر من 700 كنيسة وبعثة وجماعة ودير ومؤسسة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وجميعها تنتمي إلى التقاليد الأرثوذكسية الروسية.
ويقول البروفيسور سكوت كينورثي، المتخصص في تاريخ وفكر المسيحية الأرثوذكسية الشرقية خصوصاً في روسيا الحديثة إنّ كنيسته في مدينة سينسيناتي، والتابعة للكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا "تضج بالمصلين".
ويُضيف أنه ارتاد الكنيسة ذاتها لمدة 24 عاماً، وأنّ أعداد المصلين كانت مستقرة حتى فترة الإغلاق بسبب كوفيد، ومنذ ذلك الحين بدأ تدفّق مستمر من القادمين الجدد والذين يستعدون للمعمودية، ويُعرفون باسم "الموعوظين".
ويقول البروفيسور كينورثي: "هذه الظاهرة لا تقتصر على كنيستي فقط أو على أماكن معينة في تكساس، بل هي بالتأكيد أوسع من ذلك".
ويُعدّ الفضاء الرقمي عاملاً رئيسياً في موجة المعتنقين الجدد هذه، فالأب موسى لديه عدد كبير من المتابعين على الإنترنت، وعندما نشر صورة لاختبار حمل إيجابي على حسابه في إنستغرام، حصل على 6 آلاف إعجاب بمناسبة إعلانه عن قدوم طفله السادس.
لكن هناك العشرات من البودكاستات ومقاطع الفيديو الأخرى التي يقدمها رجال دين أرثوذكس وجيش من المتابعين معظمهم من الذكور.
ويقول الأب موسى لرعيته:" إنّ هناك طريقين لخدمة الله أن تصبح راهباً أو راهبة، أو أن تتزوج، ومن يختار الزواج يجب أن يتجنب موانع الحمل وأن يُنجب أكبر عدد ممكن من الأطفال".
ويضيف قائلاً: "أروني قديساً واحداً في تاريخ الكنيسة بارك أي نوع من موانع الحمل"، أمّا عن الاستمناء، أو ما تسميه الكنيسة الإساءة للذات، فيدين الأب موسى ذلك ويصفه بأنه "أمر مثير للشفقة وغير رجولي".
ويقول الأب موسى إنّ الأرثوذكسية "ليست ذكورية، بل طبيعية"، بينما "كل شيء في الغرب أصبح مؤنثاً للغاية". ويعتقد أنّ بعض الكنائس البروتستانتية موجهة في الأساس للنساء.
ويضيف قائلاً: "لا أريد حضور قداسات تُشبه حفلات تايلور سويفت، إذا نظرت إلى لغة موسيقى العبادة، فكلها مشاعر وعواطف وذلك ليس من شيم الرجال".
أمّا إليسا بيليتيتش ديفيس، وهي بروتستانتية سابقة وتنتمي الآن إلى الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في أوستن، وتُدرّس في مدرسة الأحد ولديها بودكاست خاص، فتقول إنّ كثيراً من المعتنقين الجدد ينتمون إلى "التيار المعادي لليقظة الاجتماعية (anti-woke)"، ولديهم أحياناً أفكار غريبة عن إيمانهم الجديد، خاصة أولئك المنضمون إلى الكنيسة الروسية.
وتضيف إليسا: "يرون الأرثوذكسية كأنها ديانة عسكرية، وصارمة، وانضباطية، وذكورية، وسلطوية، الأمر مضحك نوعاً ما، وكأنّ التطرف الديني عند البيوريتانيين الأمريكيين القدامى عاد للظهور من جديد".
BUCK JOHNSON
بدأ الملحد السابق باك في استكشاف الأرثوذكسية الروسية أثناء جائحة كوفيد
عمل باك جونسون كرجل إطفاء لمدة 25 عاماً، ويُقدّم بودكاست يُدعى "كاونتر فلو" أو "التدفق المضاد".
ويقول إنه كان خائفاً في البداية من دخول كنيسته الأرثوذكسية الروسية المحلية لأنه "يبدو مختلفاً، ومغطى بالوشوم"، لكنه يخبرني بأنه قوبل بترحيب واسع، كما أُعجب ببقاء الكنيسة مفتوحة طوال فترة الإغلاق بسبب كوفيد.
ويقول باك، وهو جالس على أريكة أمام شاشتي تلفزيون ضخمتين في منزله في مدينة لوكهارت، إنّ إيمانه الجديد بدأ يغيّر نظرته للعالم.
ويضيف قائلاُ: "ما يقلقني هو النظرة السلبية الأمريكية تجاه روسيا"، مشيراُ إلى أنّ الإعلام السائد أو "إعلام المؤسسات التقليدية" يقدّم صورة مشوّهة عن غزو أوكرانيا.
ويتابع قائلاً: "أعتقد أنّ الأمر ناتج عن الجيل الذي عاش في حقبة الحرب الباردة، لا أفهم تماماً السبب، لكنهم يقولون إنّ روسيا شريرة".
وقد أيّد رأس الكنيسة الروسية في موسكو، البطريرك كيريل، غزو أوكرانيا بشدة، واعتبره "حرباً مقدسة"، مع إبداء القليل من التعاطف مع الضحايا. وعندما سألتُ رئيس الكهنة الأب جون وايتفورد عن البطريرك كيريل، الذي يعتبره كثيرون محرّضاً على الحرب، أكد لي أنّ تصريحات البطريرك قد تمّ تحريفها.
ويبدو أنّ المقاطع المصوّرة والصور التي تُظهر بوتين وهو يقتبس آيات من الإنجيل، ويُمسك بالشموع خلال القداسات في كاتدرائية المسيح المخلّص بموسكو، أو ينزل بملابس السباحة إلى مياه متجمدة خلال عيد الغطاس، قد تركت أثراً لدى البعض، فهناك من يرى، في أمريكا وغيرها، أنّ روسيا تُجسّد آخر معقل للمسيحية الحقيقية.
BBC
يقول رئيس الكهنة جون وايتفورد، في الصورة مع زوجته باتريشيا، إن التعليم المنزلي هو "طريقة لحماية أطفالك"
ومنذ ما يقرب من عقد من الزمن، انتقل كاهن آخر من ولاية تكساس كان قد اعتنق الأرثوذكسية، وهو الأب جوزيف غليسون، من أمريكا إلى قرية بوريسوغلِبْسكي الواقعة على بُعد 4 ساعات شمال موسكو، برفقة زوجته وأطفاله الثمانية.
وقال في مقابلة مع مقدم برامج روسي: "روسيا لا تعترف بزواج المثليين، ولا يوجد فيها زواج مدني، وهي مكان يمكنك فيه تعليم أطفالك في المنزل، وبالطبع، أنا أعشق التاريخ الأرثوذكسي الممتد لألف عام هنا".
وهذا التكساسي ذو اللحية الخفيفة يُعتبر في طليعة حركة تدعو المحافظين إلى الانتقال إلى روسيا. وفي أغسطس/آب الماضي، قدّم بوتين تأشيرة "القيم المشتركة" السريعة، للمهاجرين الفارّين من الليبرالية الغربية.
وعودةً إلى تكساس، يقول لي باك إنّه هو وزملاءه من المعتنقين الجدد للأرثوذكسية يديرون ظهورهم لفكرة الإشباع الفوري ولنمط الاستهلاك الأمريكي.
ويضيف قائلاً: "نحن نفكر في الأمور على المدى البعيد، مثل التقاليد، ومحبة الأسرة، ومحبة المجتمع، ومحبة الجيران، وأعتقد أنّ الأرثوذكسية تناسبنا جداً وخصوصاً هنا في تكساس".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لإجراء تحقيقات إضافية.. إرجاء محاكمة المغني المغربي سعد لمجرد
لإجراء تحقيقات إضافية.. إرجاء محاكمة المغني المغربي سعد لمجرد

الوسط

timeمنذ 17 ساعات

  • الوسط

لإجراء تحقيقات إضافية.. إرجاء محاكمة المغني المغربي سعد لمجرد

أُرجئت محاكمة المغني المغربي سعد لمجرد التي كان يُفترض أن تبدأ الاثنين قرب باريس بتهمتي الاغتصاب والعنف مع ظروف مشددة للعقوبة، على ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس من دون إضافة تفاصيل أخرى. وقال المصدر نفسه إنه ليس على علم بالموعد الجديد للجلسة، وبحسب مصدرين مطلعين على القضية يعود سبب التأجيل إلى ضرورة إجراء تحقيقات إضافية، وفقا لوكالة «فرانس برس». شار إلى أن المغني الذي يمثل حرا تحت إشراف قضائي، قد حُكم عليه بعد محاكمة أولى بالسجن ست سنوات من جانب محكمة الجنايات في باريس العام 2023. قبل تأجيل المحاكمة الثانية، طُلِب عقد جلسة استماع مغلقة وجرت الموافقة على ذلك لصالح الطرف المدني. خلال المحاكمة الأولى، دانت محكمة الجنايات في باريس لمجرد بتهمة اغتصاب وضرب شابة كان التقى بها في ملهى ليلي في باريس، في غرفة أحد الفنادق الفخمة في باريس العام 2016. - - ودأب المتهم الذي استأنف الحكم على تأكيد براءته، واعترف فقط بأنه «دفع الضحية بوحشية» على وجهها لأنها خدشته عندما كانا يتبادلان القبل. وكان قد نفى أن يكون قد أقام علاقة جنسية مع الشابة التي كانت تبلغ حينها 20 سنة. الأمل في تحقيق العدالة وقال فيكتوريين دي فاريا ودافيد شيمي، محاميا الطرف المدني، لوكالة فرانس برس قبل المحاكمة إن «هذه المحاكمة الجديدة تمثل أكثر من مجرد إجراء لموكلتنا. إنها الأمل في تحقيق العدالة بشكل كامل ونهائي». وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، رفض دافيد شيمي التعليق على قرار تأجيل المحاكمة. ومن المقرر أن يمثل لمجرد أمام محكمة الجنايات في منطقة فار في جنوب فرنسا بتهمة ارتكاب حوادث مشابهة تقريبا وقعت في سان تروبيه العام 2018. ولم يجرِ تحديد موعد هذه المحاكمة بعد. ووجهت إليه في الماضي تهمة الاغتصاب في ظروف مماثلة في نيويورك والدار البيضاء في المغرب. ويحظى لمجرد (40 عاما) بشعبية كبيرة في المغرب والعالم العربي، إذ يتابعه أكثر من 15 مليون شخص عبر «إنستغرام»، وتضم قناته على «يوتيوب» نحو 16 مليون مشترك.

ما هو السر وراء إقبال الشباب الأمريكي على الكنائس الروسية؟
ما هو السر وراء إقبال الشباب الأمريكي على الكنائس الروسية؟

الوسط

timeمنذ 5 أيام

  • الوسط

ما هو السر وراء إقبال الشباب الأمريكي على الكنائس الروسية؟

BBC تضاعف حجم رعية كنيسة الأب موسى ماكفيرسون 3 مرات في 18 شهرًا ولديه عدد كبير من المتابعين عبر الإنترنت يسألني الكثير من الناس: "يا أبونا موسى، كيف يمكنني أن أزيد من رجولتي إلى مستويات خيالية؟". ففي مقطع فيديو على يوتيوب، يظهر كاهن يروّج لنوع من الرجولة القوية وغير المُعتذرة. وهو يسخر من أشياء يعتبرها أنثوية أكثر من اللازم، مثل البنطال الضيق، وتشبيك الساقين، واستخدام مكواة الملابس، وتنسيق شكل الحواجب، بل وحتى تناول كوباً من الحساء. وهناك مقاطع فيديو أخرى للأب موسى ماكفيرسون، وهو أب قوي البنية وله 5 أبناء، يظهر فيها وهو يرفع الأثقال على أنغام موسيقى الهيفي ميتال. ونشأ ماكفيرسون في بيئة بروتستانتية، وعمل سابقاً في مجال تركيب الأسطح، لكنه يخدم الآن ككاهن في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا (آر أو سي أو آر) في بلدة جورجتاون في ولاية تكساس الأمريكية، وهي فرع من الكنيسة الأم في موسكو. وتُعدّ الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا، شبكة عالمية تتخذ من نيويورك مقراً لها، وقد بدأت مؤخراً بالتوسع في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة، وذلك في الغالب نتيجة لاعتناق أفراد من ديانات أخرى لمعتقدات هذه الطائفة. وخلال الأشهر الستة الماضية، قام الأب موسى بتعميد 75 مؤمناً جديداً في كنيسته، كنيسة "أم الرب"، الواقعة شمال مدينة أوستن. ويقول: "عندما اعتنقتُ أنا وزوجتي الأرثوذكسية قبل 20 عاماً، كنّا نصفها بأنها السرّ الأفضل حفظاً، لأنّ الناس ببساطة لم يكونوا يعرفون ما هي". وأضاف قائلاً: "لكن خلال العام والنصف الماضيين، تضاعف عدد أفراد جماعتنا ثلاث مرات". BBC تيودور، الذي انضم لكنيسة الأب موسى بعد أن ظل يرفض كل الأديان حتى وقت قريب، يرفع الأثقال 3 مرات في الأسبوع مع الأب موسى وخلال قداس الأحد في كنيسة الأب موسى، أُدهش لعدد الرجال في العشرينات والثلاثينات من عمرهم وهم يصلّون ويرسمون علامة الصليب في مؤخرة صحن الكنيسة، وكيف أنّ هذا الدين، بتقاليده التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي، يبدو أنه يجتذب شباباً يشعرون بعدم الارتياح تجاه الحياة في أمريكا الحديثة. ويخبرني تيودور، وهو مهندس برمجيات، أنه كان يملك وظيفة أحلام وزوجة يعشقها، لكنه كان يشعر بفراغ داخلي، وكأنّ هناك حفرة في قلبه. ويعتقد أنّ المجتمع كان "قاسياً جداً" على الرجال، ودائماً ما يُشعرهم بأنهم على خطأ، ويشكو من أنّ الرجال يتعرّضون للنقد عندما يرغبون في أن يكونوا المعيل الرئيسي ويُعيلوا زوجة مقيمة في المنزل. ويضيف تيودور قائلاَ: "يقال لنا إنّ هذه علاقة سامة جداً في وقتنا الحاضر، لكن الأمر ليس كذلك، ولا ينبغي أن يكون كذلك". وقد قرّر جميع المعتنقين الجدد تقريباً الذين التقيت بهم، تعليم أطفالهم في المنزل، جزئياً لأنهم يؤمنون بأنّ على النساء أن يُولِين الأولوية لعائلاتهن بدلاً من مسيراتهنّ المهنية. ويقول الأب جون وايتفورد، رئيس الكهنة في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في سبرينغ في شمال هيوستن، إنّ التعليم المنزلي يضمن تربية دينية، ويُعدّ "وسيلة لحماية أطفالك"، فضلاً عن تجنب الحديث عن "التحول الجنسي، أو 57 تصنيفاً جنسياً في الشهر، أو أشياء من هذا القبيل". وبالمقارنة مع ملايين المصلين في الكنائس الضخمة الإنجيلية بأمريكا، فإنّ أعداد أتباع الأرثوذكسية المسيحية ضئيلة جداً ولا تتجاوز 1 في المئة من السكان. ويشمل ذلك الأرثوذكسية الشرقية، كما تُمارَس في روسيا وأوكرانيا وشرق أوروبا واليونان، إضافة إلى الأرثوذكسية الشرقية القادمة من الشرق الأوسط وأفريقيا. وتأسست الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا على يد كهنة ورجال دين فرّوا من الثورة الروسية عام 1917، ويُنظر إليها من قبل كثيرين باعتبارها أكثر الهيئات الأرثوذكسية محافظة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإنّ هذه الجماعة الدينية الصغيرة تُعد صوتاً صاخباً، وما يجري داخلها يعكس تحولات سياسية أوسع، خاصة بعد التحوّل الكبير في سياسة الرئيس دونالد ترامب تجاه موسكو. ويصعب تحديد الزيادة الحقيقية في عدد المعتنقين الجدد، لكنّ بيانات من مركز بيو للأبحاث تشير إلى أنّ 64 في المئة من الأرثوذكس في الولايات المتحدة هم من الذكور، مقارنة بـ46 في المئة في عام 2007. وتدعم دراسة أصغر شملت 773 معتنقاً جديداً هذا الاتجاه، حيث تبيّن أنّ غالبية المعتنقين الجدد هم من الرجال، وكثير منهم يقولون إنّ الجائحة (كوفيد-19) دفعتهم للبحث عن إيمان جديد. وتعود هذه الدراسة إلى الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا (أو سي إيه)، التي أسسها رهبان روس في ألاسكا في أواخر القرن الثامن عشر، وتضم اليوم أكثر من 700 كنيسة وبعثة وجماعة ودير ومؤسسة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وجميعها تنتمي إلى التقاليد الأرثوذكسية الروسية. ويقول البروفيسور سكوت كينورثي، المتخصص في تاريخ وفكر المسيحية الأرثوذكسية الشرقية خصوصاً في روسيا الحديثة إنّ كنيسته في مدينة سينسيناتي، والتابعة للكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا "تضج بالمصلين". ويُضيف أنه ارتاد الكنيسة ذاتها لمدة 24 عاماً، وأنّ أعداد المصلين كانت مستقرة حتى فترة الإغلاق بسبب كوفيد، ومنذ ذلك الحين بدأ تدفّق مستمر من القادمين الجدد والذين يستعدون للمعمودية، ويُعرفون باسم "الموعوظين". ويقول البروفيسور كينورثي: "هذه الظاهرة لا تقتصر على كنيستي فقط أو على أماكن معينة في تكساس، بل هي بالتأكيد أوسع من ذلك". ويُعدّ الفضاء الرقمي عاملاً رئيسياً في موجة المعتنقين الجدد هذه، فالأب موسى لديه عدد كبير من المتابعين على الإنترنت، وعندما نشر صورة لاختبار حمل إيجابي على حسابه في إنستغرام، حصل على 6 آلاف إعجاب بمناسبة إعلانه عن قدوم طفله السادس. لكن هناك العشرات من البودكاستات ومقاطع الفيديو الأخرى التي يقدمها رجال دين أرثوذكس وجيش من المتابعين معظمهم من الذكور. ويقول الأب موسى لرعيته:" إنّ هناك طريقين لخدمة الله أن تصبح راهباً أو راهبة، أو أن تتزوج، ومن يختار الزواج يجب أن يتجنب موانع الحمل وأن يُنجب أكبر عدد ممكن من الأطفال". ويضيف قائلاً: "أروني قديساً واحداً في تاريخ الكنيسة بارك أي نوع من موانع الحمل"، أمّا عن الاستمناء، أو ما تسميه الكنيسة الإساءة للذات، فيدين الأب موسى ذلك ويصفه بأنه "أمر مثير للشفقة وغير رجولي". ويقول الأب موسى إنّ الأرثوذكسية "ليست ذكورية، بل طبيعية"، بينما "كل شيء في الغرب أصبح مؤنثاً للغاية". ويعتقد أنّ بعض الكنائس البروتستانتية موجهة في الأساس للنساء. ويضيف قائلاً: "لا أريد حضور قداسات تُشبه حفلات تايلور سويفت، إذا نظرت إلى لغة موسيقى العبادة، فكلها مشاعر وعواطف وذلك ليس من شيم الرجال". أمّا إليسا بيليتيتش ديفيس، وهي بروتستانتية سابقة وتنتمي الآن إلى الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في أوستن، وتُدرّس في مدرسة الأحد ولديها بودكاست خاص، فتقول إنّ كثيراً من المعتنقين الجدد ينتمون إلى "التيار المعادي لليقظة الاجتماعية (anti-woke)"، ولديهم أحياناً أفكار غريبة عن إيمانهم الجديد، خاصة أولئك المنضمون إلى الكنيسة الروسية. وتضيف إليسا: "يرون الأرثوذكسية كأنها ديانة عسكرية، وصارمة، وانضباطية، وذكورية، وسلطوية، الأمر مضحك نوعاً ما، وكأنّ التطرف الديني عند البيوريتانيين الأمريكيين القدامى عاد للظهور من جديد". BUCK JOHNSON بدأ الملحد السابق باك في استكشاف الأرثوذكسية الروسية أثناء جائحة كوفيد عمل باك جونسون كرجل إطفاء لمدة 25 عاماً، ويُقدّم بودكاست يُدعى "كاونتر فلو" أو "التدفق المضاد". ويقول إنه كان خائفاً في البداية من دخول كنيسته الأرثوذكسية الروسية المحلية لأنه "يبدو مختلفاً، ومغطى بالوشوم"، لكنه يخبرني بأنه قوبل بترحيب واسع، كما أُعجب ببقاء الكنيسة مفتوحة طوال فترة الإغلاق بسبب كوفيد. ويقول باك، وهو جالس على أريكة أمام شاشتي تلفزيون ضخمتين في منزله في مدينة لوكهارت، إنّ إيمانه الجديد بدأ يغيّر نظرته للعالم. ويضيف قائلاُ: "ما يقلقني هو النظرة السلبية الأمريكية تجاه روسيا"، مشيراُ إلى أنّ الإعلام السائد أو "إعلام المؤسسات التقليدية" يقدّم صورة مشوّهة عن غزو أوكرانيا. ويتابع قائلاً: "أعتقد أنّ الأمر ناتج عن الجيل الذي عاش في حقبة الحرب الباردة، لا أفهم تماماً السبب، لكنهم يقولون إنّ روسيا شريرة". وقد أيّد رأس الكنيسة الروسية في موسكو، البطريرك كيريل، غزو أوكرانيا بشدة، واعتبره "حرباً مقدسة"، مع إبداء القليل من التعاطف مع الضحايا. وعندما سألتُ رئيس الكهنة الأب جون وايتفورد عن البطريرك كيريل، الذي يعتبره كثيرون محرّضاً على الحرب، أكد لي أنّ تصريحات البطريرك قد تمّ تحريفها. ويبدو أنّ المقاطع المصوّرة والصور التي تُظهر بوتين وهو يقتبس آيات من الإنجيل، ويُمسك بالشموع خلال القداسات في كاتدرائية المسيح المخلّص بموسكو، أو ينزل بملابس السباحة إلى مياه متجمدة خلال عيد الغطاس، قد تركت أثراً لدى البعض، فهناك من يرى، في أمريكا وغيرها، أنّ روسيا تُجسّد آخر معقل للمسيحية الحقيقية. BBC يقول رئيس الكهنة جون وايتفورد، في الصورة مع زوجته باتريشيا، إن التعليم المنزلي هو "طريقة لحماية أطفالك" ومنذ ما يقرب من عقد من الزمن، انتقل كاهن آخر من ولاية تكساس كان قد اعتنق الأرثوذكسية، وهو الأب جوزيف غليسون، من أمريكا إلى قرية بوريسوغلِبْسكي الواقعة على بُعد 4 ساعات شمال موسكو، برفقة زوجته وأطفاله الثمانية. وقال في مقابلة مع مقدم برامج روسي: "روسيا لا تعترف بزواج المثليين، ولا يوجد فيها زواج مدني، وهي مكان يمكنك فيه تعليم أطفالك في المنزل، وبالطبع، أنا أعشق التاريخ الأرثوذكسي الممتد لألف عام هنا". وهذا التكساسي ذو اللحية الخفيفة يُعتبر في طليعة حركة تدعو المحافظين إلى الانتقال إلى روسيا. وفي أغسطس/آب الماضي، قدّم بوتين تأشيرة "القيم المشتركة" السريعة، للمهاجرين الفارّين من الليبرالية الغربية. وعودةً إلى تكساس، يقول لي باك إنّه هو وزملاءه من المعتنقين الجدد للأرثوذكسية يديرون ظهورهم لفكرة الإشباع الفوري ولنمط الاستهلاك الأمريكي. ويضيف قائلاً: "نحن نفكر في الأمور على المدى البعيد، مثل التقاليد، ومحبة الأسرة، ومحبة المجتمع، ومحبة الجيران، وأعتقد أنّ الأرثوذكسية تناسبنا جداً وخصوصاً هنا في تكساس".

دمى شبيهة بالرضّع تثير الجدل في البرازيل
دمى شبيهة بالرضّع تثير الجدل في البرازيل

الوسط

timeمنذ 7 أيام

  • الوسط

دمى شبيهة بالرضّع تثير الجدل في البرازيل

تشهد البرازيل انتشارًا واسعًا لهواية اقتناء دمى «الريبورن» (Reborn Doll)، وهي دمى مصنوعة يدويًا من السيليكون أو الفينيل وتتميز بواقعية مذهلة تُحاكي ملامح وسلوكيات الأطفال الرضّع، من تفاصيل الجلد والأوردة إلى القدرة على «الرضاعة» و«التبول». وقد يصل سعر بعضها إلى آلاف الدولارات. وتعود أصول هذه الظاهرة إلى الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي، لكنها شهدت نموًا ملحوظًا في البرازيل خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت قيمة سوقها العالمية نحو 200 مليون دولار في العام 2024، بحسب تقرير لشركة «ماركت ريبورت أناليتيكس»، وفقا لوكالة «فرانس برس». غابي ماتوس، شابة تبلغ 21 عامًا من مدينة كامبيناس في ولاية ساو باولو، هي من أبرز هواة جمع هذه الدمى في البرازيل. بدأت رحلتها عندما أُهديت أول دمية ريبورن وهي في التاسعة، واليوم تملك 22 دمية، تنشر عنها مقاطع فيديو عبر قناتها على يوتيوب التي يتابعها 1.3 مليون مشترك. في أحد الفيديوهات، تبدّل غابي حفاضة دميتها «رافي»، وتهمس لها بكلمات حنونة. وتقول لوكالة فرانس برس: «لطالما أحببت الأطفال والدمى، وعندما اكتشفت هذا الفن، وقعت في غرامه». - - - لكن شغفها لم يسلم من الانتقادات، خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعي. وتوضح: «في البداية كانت التعليقات إيجابية، لكن مؤخرًا بدأ البعض يهاجمني ويقول إنه يجب أن أُدخل إلى مستشفى للأمراض النفسية»، وتضيف: «نحن لا نعامل الدمى كأطفال حقيقيين، كما يظن البعض». في أبريل الماضي، تحولت الظاهرة إلى موضوع نقاش واسع بعد انتشار مقاطع فيديو لهواة يجتمعون في حديقة في ساو باولو، ومقطع آخر أثار الجدل يظهر «ولادة» دمية ريبورن من كيس شبيه بالأمنيوسي، ما أثار موجة من ردود الفعل المختلطة. الجدل لم يقتصر على الجمهور، بل امتد إلى وسائل الإعلام والمشاهير. وكتبت الممثلة البرازيلية لوانا بيوفاني مازحة على إنستغرام: «دعوا هؤلاء الأشخاص يربّون دمى الريبورن. إذا بدأوا بالتكاثر، فسيكون الوضع أسوأ بكثير». ليست دمية.. إنها حلم آلانا جينيروسو، إحدى رائدات هذا المجال، بدأت بجمع الدمى قبل 22 عامًا وافتتحت متجرًا في كامبيناس تحت اسم «آلانا بايبيز ماتيرنيتي»، حيث تُعرض الدمى داخل حاضنات ويُعامل الزبائن كما لو كانوا في مستشفى ولادة. تقول جينيروسو (46 عامًا): «الزبون لا يشتري دمية فحسب، بل يشتري حلمًا. وتضيف: «نستقبل أطفالًا وبالغين يعيشون حياة طبيعية. نعم، بعضهم يعتني بالدمى كما لو كانت حقيقية، لكن هذا ليس حال الغالبية». في العاصمة برازيليا، وصلت الظاهرة إلى البرلمان، حيث طُرحت مشاريع قوانين تقترح تقديم دعم نفسي لهواة اقتناء دمى الريبورن، أو فرض قيود قانونية على من يستخدمونها لأغراض تضليلية، مثل تجنّب طوابير الانتظار. وأثار أحد النواب الجدل عندما أحضر دمية إلى مجلس النواب وقال إنها «حفيدته»، فيما خصّص مجلس مدينة ريو دي جانيرو يومًا رسميًا باسم «يوم اللقلق لدمى الريبورن» تكريمًا للحرفيين في هذا المجال. بين الفن والمعالجة النفسية ترى عالمة النفس فيفيان كونيا أن الظاهرة تعبّر عن «حاجة إلى تواصل عاطفي في مواجهة الوحدة»، مؤكدة أن اقتناء هذه الدمى ليس إشكاليًا إلا إذا أدى إلى «ضرر اجتماعي أو عاطفي أو اقتصادي». وتقول: إذا تغيّب شخص عن عمله بحجة أن دميته مريضة، فهنا تكمن المشكلة ويحتاج الشخص إلى مساعدة نفسية». من جانبها، تدافع غابي ماتوس عن نفسها ضد الانتقادات، مشيرة إلى تمييز قائم على النوع الاجتماعي. وتقول: «لا أحد يسخر من هوايات الرجال مثل لعب الكرة أو الطائرات الورقية، لكن عندما تهتم النساء بالدمى، يُقال إنهنّ مريضات».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store