logo
إسرائيل تبحث عن مخرج: بين معركة الإرادات وهشاشة الهدنة

إسرائيل تبحث عن مخرج: بين معركة الإرادات وهشاشة الهدنة

النشرةمنذ 12 ساعات

في ​ الشرق الأوسط ​، لا نهاية واضحة لأيّ معركة، ولا هدنة تصمد إن لم تُبنَ على ميزان قوى حقيقي، يُفرض بالقوة. هكذا كان الحال دائما، وهكذا تبدو الصورة اليوم بين ​ إيران ​ و​ إسرائيل ​. ليست المواجهة الحالية مجرد تصعيد عابر، بل واحدة من أشد حلقات معركة كسر الإرادات تعقيداً، معركة يختلط فيها الدم بالصواريخ، والرسائل العسكرية بالحسابات السياسية الإقليمية والدولية.
منذ اللحظة الأولى، رفعت إيران سقف موقفها بلا تردّد. هي ليست في موقع الباحث عن حرب، لكنها أيضا ليست في موقع المساومة على حقوقها النووية والصاروخية، أو القبول بأن يُفرض عليها واقع جديد بقوة النار. موقفها كان واضحاً، كرّرته كل العناوين السياسية والعسكرية الصادرة من طهران، أنه إذا توقف العدوان، تتوقف الردود، وإذا استمر الضغط، فالمنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات.
إسرائيل، التي تغنّت طويلًا بأنها صاحبة القرار الأول في تحديد قواعد الاشتباك، اصطدمت هذه المرة بواقع مغاير. العدوان الذي خُطط له أن يُربك الداخل الإيراني، ويفرض شروط تفاوض قسرية، ويقلب النظام المعادي لإسرائيل تحوّل إلى مأزق سياسي وميداني متصاعد. فشل العدوان في ساعاته الأولى كان كفيلاً بتظهير هشاشة أمنها، رغم كل ما روّجته من تفوق استخباراتي وعسكري.
في المقابل، الأميركيون يحاولون اليوم، عبر ترامب وغيره، تصوير أنفسهم كوسطاء يُمسكون بخيوط اللعبة، يقدّمون مخرجاً سياسياً يُرضي الجميع، ويُعيد الهدوء إلى المنطقة من دون خسائر كبرى. لكن خلف هذا الخطاب، تُدار لعبة الابتزاز والتصعيد السياسي، حيث لا تفاوض حقيقي يُفتح إلا على وقع الضربات، ولا تهدئة تصمد إلا إذا شعر الجميع أن كلفة الاستمرار بالحرب باتت أعلى من أي مكاسب ممكنة.
من هنا، تبرز عقدة الهدنة المرتقبة، فهي ستكون بطبيعة الحال هدنة هشّة، محكومة بميزان ردع قلق، وتفاهمات غامضة، لأن لا أحد يملك حتى الآن ضمانة صمودها. إسرائيل تحتاج إلى وقف موقت للنار لترتيب صفوفها، والولايات المتحدة بحاجة إلى تهدئة تُخفف ضغط الملفات المتداخلة من غزة إلى لبنان، إلى مفاوضات فيينا المجمّدة، وربما تفكر بإرساء نوع من الاستقرار بالشرق الاوسط، وهنا ستكون النقطة الأساس التي تحدد مستقبل الصراع.
أما إيران، فتُدرك تماماً أن أي وقف للعمليات لا يعني نهاية المعركة، بل مجرد استراحة يُعاد خلالها ترتيب الحسابات. ولذلك، موقفها الصلب لم يتبدّل: لا مفاوضات تحت النار، ولا وقف شامل قبل ضمانات حقيقية، لا ورقية ولا إعلامية، بل ضمانات تُترجم على الأرض، تُعيد رسم المعادلات وفق ميزان ردع جديد يحفظ لها مكاسبها، ويمنع تكرار لعبة الابتزاز العسكري، وهي ستكون جاهزة لحمل إنجازاتها العسكريّة على أي طاولة تفاوض.
لكن ما بعد الهدنة، إذا صمدت فعلاً، لن يكون كما قبلها. المنطقة وقواعد الاشتباك تغيّرت، وإيران أثبتت أنها لم تخرج من هذه الجولة أضعف، بل أكثر تمسكاً بحقوقها، وأكثر استعداداً للذهاب بعيداً في معادلة الردع. أما إسرائيل، فستُعيد تقييم خياراتها وهو ما سيفتح الباب أمام أسئلة كبيرة حول مستقبل منطقتنا، وما إذا كان التفاوض سيشمل كل الملفات، وهو الأمر المتوقع.
ما يجري الآن ليس نهاية فصل من الصراع، بل بداية كتابة مشهد جديد بالكامل، هش ومتقلّب، حيث لا شيء ثابت سوى أن إيران لن تخرج منه إلا أكثر إصراراً، والمنطقة ستبقى رهينة لعبة حافة الهاوية، بانتظار ما سيفرضه الميدان والسياسة معاً.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تفاصيل غير مسبوقة للهجوم الصاروخي الإيراني.. هذا ما حصل في قاعدة "العديد" الأميركية
تفاصيل غير مسبوقة للهجوم الصاروخي الإيراني.. هذا ما حصل في قاعدة "العديد" الأميركية

ليبانون 24

timeمنذ 24 دقائق

  • ليبانون 24

تفاصيل غير مسبوقة للهجوم الصاروخي الإيراني.. هذا ما حصل في قاعدة "العديد" الأميركية

كشف سلاح الجو الأميركي، أمس الخميس، عن تفاصيل غير مسبوقة للهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد الجوية في قطر، والتي تُعدّ أكبر منشأة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط. الهجوم، الذي وقع صباح الإثنين الماضي، جاء بعد 72 ساعة فقط من الضربة الجوية الأميركية الأعنف ضد منشآت نووية إيرانية، والتي حملت الاسم الرمزي "عملية مطرقة منتصف الليل"، حين أسقطت قاذفات الشبح B-2 الأميركية 14 قنبلة خارقة للتحصينات على منشأتي فوردو ونطنز النوويتين. وفي إفادة صحفية لعدد من وسائل الإعلام ، من بينها "The War Zone"، قال الجنرال دان كاين، رئيس هيئة الأركان المشتركة ، إن 44 جنديا أميركيا فقط، موزعين على بطاريتي "باتريوت"، ظلوا في قاعدة العديد للدفاع عنها، بينما تم إجلاء معظم القوات والطائرات منها، بأمر مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وبالتنسيق مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل"إريك" كوريلا. وأضاف كاين: "تلقينا مؤشرات وتحذيرات من نية إيران شن هجوم على قواعدنا في المنطقة، صباح الاثنين. وعلى الفور، أمرنا باتخاذ وضعية الحد الأدنى من التواجد العسكري لحماية أرواح القوات". ورغم تقليص عدد القوات، واجه الجنود الأميركيون الهجوم الإيراني الصاروخي بمهنية عالية، وفقا لموقع "The War Zone". وأكد كاين أن ما جرى "يُعدّ أكبر عملية إطلاق متزامن لصواريخ باتريوت الدفاعية في تاريخ الجيش الأميركي خلال حدث واحد"، في إشارة إلى التصدي الكثيف للهجوم. وروى كاين تفاصيل دقيقة عن اللحظات التي عاشها أولئك الجنود، قائلا: "تخيل نفسك ضابطا شابا في الخامسة والعشرين، مسؤولا عن توجيه الدفاعات الجوية في غرفة التحكم داخل القاعدة ، تجلس بجانبك مجندة مسؤولة عن نظام الإنذار المبكر، تنتظران معا سقوط الصواريخ، بينما عشرة فقط من الجنود يتوزعون داخل وخارج العربات". وأضاف: "أكبرهم عمرا كان قائدا عمره 28 عاما، وأصغرهم جندي في الـ21، خدم أقل من عامين في الجيش. هؤلاء هم من واجهوا الهجوم الإيراني، وهم من أنقذوا القاعدة من كارثة محققة".(سكاي نيوز)

اقتحام 'مقام يوسف' في نابلس… ومواجهات تُسفر عن إصابات
اقتحام 'مقام يوسف' في نابلس… ومواجهات تُسفر عن إصابات

لبنان اليوم

timeمنذ 24 دقائق

  • لبنان اليوم

اقتحام 'مقام يوسف' في نابلس… ومواجهات تُسفر عن إصابات

نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية 'وفا' أن عشرات المستعمرين الإسرائيليين اقتحموا فجر اليوم 'مقام يوسف' في المنطقة الشرقية من مدينة نابلس، حيث أدّوا طقوسًا تلمودية وسط حماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأفادت مصادر أمنية لـ'وفا' أن 'عشرات المستعمرين اقتحموا المنطقة الشرقية من المدينة، وحطموا ممتلكات عامة وخاصة في شارع القدس، ما أدّى إلى اندلاع مواجهات مع الفلسطينيين الذين حاولوا التصدي لهم'. وأضافت المصادر أن 'المستعمرين اقتحموا بعدها مقام يوسف بحماية من الجنود الإسرائيليين، حيث أدوا طقوسًا تلمودية هناك'. من جانبها، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن أربعة مستوطنين أُصيبوا خلال اقتحامهم لمنطقة 'قبر يوسف'، إثر مواجهات اندلعت مع شبان فلسطينيين في نابلس.

"دادي" في البيت الأبيض... فمن يكون؟
"دادي" في البيت الأبيض... فمن يكون؟

النهار

timeمنذ 26 دقائق

  • النهار

"دادي" في البيت الأبيض... فمن يكون؟

اعتمد البيت الأبيض وسم "الأب" للإشارة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مقطع مصوّر نشره عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن استخدم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، الوصف نفسه خلال تفاعله مع ترامب في قمة "الناتو" في لاهاي. وتضمّن الفيديو الذي نشره البيت الأبيض على منصة "إكس" أغنية "Daddy's Home" للمغني الأميركي آشر، إلى جانب لقطات لترامب أثناء مشاركته في القمة. 🎶 Daddy's home… Hey, hey, hey, Daddy. President Donald J. Trump attended the NATO Summit in The Hague, Netherlands. — The White House (@WhiteHouse) June 26, 2025 وكان روته قد استخدم تعبير "الأب" في سياق ساخر خلال حديثه إلى ترامب، بعدما وجه الأخير انتقادات إلى كلّ من إسرائيل وإيران لانتهاكهما وقف إطلاق النار، رغم أن الهدنة بدت لاحقاً صامدة. وقال روته ضاحكاً: "أحياناً يضطر الأب إلى استخدام لهجة قوية لحملهما (على) التوقف". وكان ترامب قد قال الثلاثاء إن إيران وإسرائيل تتقاتلان "منذ فترة طويلة وبشدة لدرجة أنهما لا تعرفان ما تفعلانه". وفي تصريحات لاحقة لوكالة "رويترز"، أوضح روته أن استخدامه لمصطلح "الأب" لم يكن موجهاً إلى ترامب تحديداً، بل كان يقصد به الطريقة التي ينظر بها بعض الحلفاء إلى الولايات المتحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store