logo
الحدود المفتوحة والمليارات المهّربة.. لبنان في قلب حرب مخدرات عابرة للدول

الحدود المفتوحة والمليارات المهّربة.. لبنان في قلب حرب مخدرات عابرة للدول

لا يحمل "اليوم العالمي لمحاربة المخدرات والإتجار بها"( 26 حزيران) مجرد رمزية أممية.. في بلد كلبنان، يصبح هذا اليوم اختبارًا لمدى قدرة الدولة على الصمود في وجه اقتصاد ظلّ يتغذى من اليأس والفوضى. ففي حين تُرفع الشعارات عن العلاج والوقاية والدمج، تواصل المختبرات المخفية بين جرود لبنان والحدود الشرقية إنتاج الحبوب بوتيرة تتجاوز قدرة الدولة على عدّها، ناهيك عن تفكيكها. هنا، لا نتحدث عن تجارة خارجة عن القانون فحسب، بل عن منظومة متكاملة تحاكي الدولة وتزاحمها: شبكات تمويل وتسليح، اقتصاد بديل، توازنات محلية، وخطوط عبور تربط الداخل بالمحيط. في هذا السياق، لا يُمكن أن نكتفي بإحصاء المضبوطات أو رفع الشعارات الوقائية، بل علينا أن نسأل: هل لا يزال بإمكان لبنان أن يعالج آفة تحوّلت إلى بنية قائمة بحد ذاتها؟ وهل 26 حزيران مناسبة للتوعية، أم إنذار نهائي؟
منذ بداية 2025 والمداهمات تتوالى على طول السلسلة الشرقيّة. لكن اللقطة الأبلغ كانت في 8 كانون الثاني: خمسون مليون حبّة في مجمّع واحد باليمّونة، وما تبعها من عمليات أمنية متتالية، أدت إلى إحباط عمليات تهريب كبيرة، والسيطرة على مصانع لتصنيع المخدرات، ابرزها على الحدود مع سوريا، إذ نتج التعاون الأمني بين البلدين وتبادل المعلومات، عن إغلاق العديد من المصانع التي كانت تغرق لبنان بالمخدرات.
وفق تقارير أمنية وبيئية متقاطعة، لا يزال لبنان من الدول الرئيسية المنتجة للحشيش في المنطقة، حيث تُقدَّر المساحات المزروعة سنويًا بأكثر من 4 ملايين رطل من القنّب، إلى جانب كميات من الهيروين تصل إلى 20 ألف رطل. وتُقدّر عائدات هذا الإنتاج بأكثر من 4 مليارات دولار سنويًا، يتم تهريب ما يقارب 75% منها إلى
أوروبا وأميركا الشمالية، بينما يُستهلك الباقي محليًا أو يُخزن لإعادة التصدير. في السنوات الأخيرة، برز الكبتاغون كمادة رئيسية في تجارة المخدرات المرتبطة بلبنان. ووفق تقارير أممية، بلغت القيمة الإجمالية لتجارة الكبتاغون في الشرق الأوسط نحو 10 مليارات دولار سنويًا. وتشير البيانات إلى أن 82% من المضبوطات في المنطقة بين عامي 2020 و2024 كان مصدرها سوريا، و17% من لبنان.
وأشارت أبحاث وتقارير أجنبية، اطّلع عليها "لبنان24"، إلى أنّه بعد سقوط النظام السوري أواخر عام 2024، نقلت العديد من المصانع، حيث تُدار استثمارات بملايين الدولارات في لبنان، ويجلس "الأبَاطرة الجدد" على كراسٍ أعلى من منصّات البرلمان.
على الصعيد الداخلي، تشير احصاءات سابقة إلى تفاقم ظاهرة تعاطي المخدرات في أوساط الشباب. ففي مسح أجرته وزارة الصحة عام 2017 بالتعاون مع منظمات دولية، تبيّن أن 4.7% من طلاب المدارس بين 13 و15 سنة جرّبوا المخدرات مرة واحدة على الأقل، وهي نسبة تُعدّ مرتفعة قياسًا بالسياق المحلي. كما سجّلت القوى الأمنية ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الموقوفين بقضايا المخدرات.
وسط كل هذا، يبقى الوضع الاقتصادي العامل الأول في جر المجتمع نحو السقوط في فخ العصابات، إذ إنّ الحالة النفسية التي يعاني منها العديد من الشباب اللبناني، وسط أوضاع اقتصادية مزرية، ستدفعهم للوقوع في عالم العصابات هذا، حيث يتم عرض منتجات مخدرة بأسعار رخيصة بهدف جذب الشباب والإيقاع بهم.
رغم الجهود المبذولة في ضبط معامل ومخازن المخدرات، لا تزال المعركة مفتوحة. ويُظهر الواقع أن لبنان لا يواجه فقط مشكلة أمنية مرتبطة بالمخدرات، بل أزمة بنيوية تزداد تعقيدًا مع استمرار الانهيار الاقتصادي وتراجع قدرة الدولة على فرض سلطتها، وهذا ما قد يقضي على فرص لبنان في إعادة الاندماج مع الحضن العربي، علمًا أن المخدرات كانت عنصرا مؤثرا في قطع العديد من الدول العربية لعلاقتها مع لبنان. في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، تبدو الحاجة أكثر إلحاحًا إلى تحويل هذه المناسبة من حدث رمزي إلى نقطة انطلاق لسياسة واضحة، تقطع الطريق أمام تثبيت لبنان كأحد محاور تجارة المخدرات في الشرق الأوسط.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصر التاسعة عالميا في الاستثمار الأجنبي.. وقيادي بمستقبل وطن: قفزة تاريخية
مصر التاسعة عالميا في الاستثمار الأجنبي.. وقيادي بمستقبل وطن: قفزة تاريخية

صدى البلد

timeمنذ ساعة واحدة

  • صدى البلد

مصر التاسعة عالميا في الاستثمار الأجنبي.. وقيادي بمستقبل وطن: قفزة تاريخية

قال محمود طاهر، الأمين المساعد لأمانة التنظيم المركزي بحزب مستقبل وطن، إنه في ضوء الإنجاز الاستثنائي الذي أعلنته منظمة "أونكتاد" التابعة للأمم المتحدة، والذي وضع مصر في المركز التاسع عالميًّا لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لعام 2024، فالتصنيف الدولي الجديد ليس رقمًا عابرًا، بل هو شهادة عالمية على نجاح المسار الإصلاحي الذي تقوده الدولة المصرية تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأضاف طاهر: "القفزة من 10 مليارات دولار عام 2023 إلى 47 مليار دولار عام 2024 (بنمو 373%) تُعدّ أعلى معدل نمو في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم، وتؤكد أن مصر باتت وجهة استراتيجية لا يُغفلها مستثمر دولي." جاء ذلك فى تصريحات له، مؤكدا أن هذا الإنجاز هو ثمرة عمل مؤسسي متكامل شمل تحديث التشريعات الداعمة للاستثمار وإطلاق حوافز غير مسبوقة مثل "الرخصة الذهبية"، وتطوير البنية التحتية والمناطق الاقتصادية (أبرزها مشروع رأس الحكمة) و تعزيز الشراكات الدولية التي قادها الحزب والحكومة بجهد مشترك." ولفت إلى أن التقرير يبرز تفوُّق مصر على اقتصادات راسخة وتصدرها للمشهد الإفريقي، وهو دليل على تحوُّل التحديات إلى فرص نموٍّ غير مسبوقة. وقد شارك البرلمان المصري - ممثلًا في أعضائه بدور محوري في إقرار التشريعات الداعمة لهذه الطفرة، وسيواصل الحزب العمل مع كافة مؤسسات الدولة لإزالة أي معوقات أمام المستثمرين. وأكد أن هذه النتائج هي بداية لمسيرة أوسع، وندعو كل الأطراف إلى توحيد الجهود لتعظيم هذا الزخم. مستقبل مصر الاقتصادي أصبح أكثر إشراقًا، والثقة الدولية فيها لم تكن وليدة اللحظة، بل هي جهد تراكمي يُتوج اليوم بإنجاز يُحفظ في سجلات التاريخ الاقتصادي العالمي."

الرقم كبير جدّاً... ترامب يطلب من الكونغرس زيادة في ميزانية الدفاع
الرقم كبير جدّاً... ترامب يطلب من الكونغرس زيادة في ميزانية الدفاع

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

الرقم كبير جدّاً... ترامب يطلب من الكونغرس زيادة في ميزانية الدفاع

طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الكونغرس ، زيادة ميزانية دفاعية بقيمة 1.01 تريليون دولار للسنة المالية 2026. ومع هذا الرقم الكبير، سيكون الفرق بين سنتيّ 2025 و2026 حوالي 13 بالمئة. (روسيا اليوم)

داعش بكسروان!؟
داعش بكسروان!؟

IM Lebanon

timeمنذ ساعة واحدة

  • IM Lebanon

داعش بكسروان!؟

عم بجرّب موسم الصيف بلبنان إنو يلتقط أنفاسو، من بعد حرب الـ12 يوم يلي اندلعت بين إيران وإسرائيل، وأثّرت على دول المنطقة كلّا. و'من حيث لا يدري'، إجتو ضربة أمنية قوية، مع إنتشار خبر توقيف شخص من الجنسية السورية، بمنطقة البوار بكسروان، من بعد دخولو بطريقة غير شرعية للبنان مقابل 100 دولار . والقصة ما بتوقف هون، فهالشخص اعترف خلال التحقيق معو وتفتيش هاتفو، إنو كان ينتمي لتنظيم 'داعش'، وعُثر بهاتفو على صور إلو حدّ راية التنظيم، وأخرى بيظهر فيا ببزّة عسكرية وحامل سلاح وخنجر، بالإضافة لمقاطع فيديو بتوثّق قيامو بعملية قتل شخص. ولكن أكد الموقوف إنو ما في مخطط أمني ورا زيارتو للبنان، بل دخل خلسة ليشتغل. بالمقابل، أوضح الأمين العام للهيئات الاقتصاديّة نقولا شمّاس، إنو بظل الأوضاع الأمنية الصعبة يلي قطعت فيا المنطقة، الخوف كان إنو 'تطير الصيفية بأكملا، وأكد إنو ما زلنا قادرين إنو ننقذ جزء من الصيفية، خصوصًا من بعد تجديد عدد من الحجوزات على لبنان. فهل ممكن تخلولنا هالصيفية تمرق على خير لأنو اللبنانيين تعبوا؟!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store