logo
الأمم المتحدة تدعو قادة جنوب السودان إلى إلقاء الأسلحة وتجنب الانزلاق إلى حرب أهلية

الأمم المتحدة تدعو قادة جنوب السودان إلى إلقاء الأسلحة وتجنب الانزلاق إلى حرب أهلية

التغيير٣٠-٠٣-٢٠٢٥

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن جنوب السودان – أحدث دول العالم ومن أفقرها – يواجه 'عاصفة كاملة' من الأزمات المتفاقمة التي تهدد بانزلاقه مجددا إلى حرب أهلية. ودعا قادة البلاد إلى 'الحوار وخفض التصعيد'.
التغيير ـــ وكالات
وتحدث الأمين العام إلى الصحفيين في نيويورك الجمعة بشأن الوضع المأساوي والخطير الذي تتكشف فصوله في جنوب السودان، مبينا أن البلاد تشهد 'حالة طوارئ أمنية' تتضمن تصاعد الاشتباكات، وقصفا جويا للمدنيين – بمن فيهم النساء والأطفال – ووجود قوات خارجية، وتوسعا إقليميا للصراع.
ووجه غوتيريش رسالة إلى قادة جنوب السودان قال فيها: 'الآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب أن يسمع قادة جنوب السودان رسالة واضحة وموحدة ومدوية: ألقوا الأسلحة. ضعوا شعب جنوب السودان بأكمله في المقدمة'.
كابوس إنساني
وأضاف غوتيريش أن 'الاضطرابات السياسية' بلغت ذروتها مؤخرا باعتقال النائب الأول للرئيس، ريك مشار، مما أدى إلى وضع اتفاق السلام 'في مهب الريح'.
وتابع أن جنوب السودان يعيش 'كابوسا إنسانيا' حيث يحتاج نحو ثلاثة من كل أربعة مواطنين إلى المساعدة، ويعاني نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع تفشي وباء الكوليرا.
كما أشار إلى 'أزمة نزوح' تعصف بالبلاد حيث عبر أكثر من مليون شخص الحدود من السودان منذ بدء القتال هناك، وإلى الانهيار الاقتصادي مع تراجع عائدات النفط وارتفاع التضخم بمعدل 300%.
وقال الأمين العام إن البلاد تعاني أيضا من 'أزمة تمويل' حيث تنخفض معظم المساعدات الإنسانية والتنموية المحدودة أصلا. وحذر من أن 'الاستهداف القبلي والسياسي من قبل قوات الأمن'، بالإضافة إلى انتشار المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، يشعل فتيل أزمة أسوأ.
دعوة إلى الإفراج عن المسؤولين المحتجزين
الأمين العام للأمم المتحدة دعا قادة جنوب السودان إلى 'إنهاء سياسة المواجهة' والإفراج عن المسؤولين العسكريين والمدنيين المحتجزين، واستعادة حكومة الوحدة الوطنية بشكل كامل.
كما حثهم على 'التنفيذ الكامل للوعود التي قطعوها من خلال التزاماتهم باتفاق السلام'، الذي وصفه بأنه 'الإطار القانوني الوحيد لإجراء انتخابات سلمية وحرة ونزيهة في ديسمبر 2026'.
ودعا المجتمع الإقليمي والدولي، بوصفهما ضامنين لاتفاق السلام، إلى 'التحدث بصوت واحد لدعم عملية السلام ومناهضة أي محاولات لتقويضها'.
وكشف أنطونيو غوتيرش عن محادثة أجراها مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي صباح الجمعة، مؤكدا دعم الأمم المتحدة الكامل لمبادرة نشر 'فريق الحكماء' وجهود وليم روتو المبعوث الخاص للرئيس الكيني. وأعلن عن العمل بتعاون وثيق مع الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد).
ظلال الحربين الأهليتين
وقال أمين عام الأمم المتحدة: 'دعونا لا نلطف الكلمات: ما نراه يذكرنا بشكل قاتم بالحربين الأهليتين في 2013 و2016، اللتين أودتا بحياة 400 ألف شخص'.
وأشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (أونميس) تعمل على مدار الساعة لتهدئة التوترات، لكنها تواجه قيودا تشغيلية.
ودعا الأمين العام إلى 'الحوار وخفض التصعيد' من أجل شعب جنوب السودان الذي قال إنه عانى طويلا وليس بوسعه تحمل نزاع آخر، محذرا من أن منطقة القرن الأفريقي 'مضطربة بالفعل ولا يمكنها تحمل صراع آخر'.
'شعب جنوب السودان قريب إلى قلبي'
الأمين العام للأمم المتحدة تحدث عن تجربته مع شعب جنوب السودان قائلا: 'شعب جنوب السودان قريب إلى قلبي. في أول زيارة لي بصفتي المفوض السامي لشؤون اللاجئين، قضيت أياما مع لاجئين من جنوب السودان – وبعد سنوات رافقتهم عبر الحدود وهم في طريقهم أخيرا إلى ديارهم. لن أنسى أبدا النبل المتأصل فيهم. كانت لديهم آمال وطموحات هائلة. لكن لسوء الحظ، ليس لديهم القيادة التي يستحقونها'.
ودعا غوتيريش إلى 'ضخ الدعم' لشعب جنوب السودان في هذا الوقت الحرج، من خلال 'الدعم الدبلوماسي والسياسي للسلام' و'الدعم المالي للمساعدات المنقذة للحياة'.
وحذر من أن 'جنوب السودان ربما يكون قد خرج عن اهتمام العالم، لكن لا يمكننا أن نسمح للوضع بالانزلاق إلى الهاوية'.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لماذا يتعمد عثمان ميرغني التضليل؟
لماذا يتعمد عثمان ميرغني التضليل؟

التغيير

timeمنذ 6 ساعات

  • التغيير

لماذا يتعمد عثمان ميرغني التضليل؟

لماذا يتعمد عثمان ميرغني التضليل؟ قلت في كثير من المناسبات أن حرب الخامس عشر من أبريل هى حرب الأكاذيب بإمتياز، حيث تم إستغلال وسائل التواصل الإجتماعي والصحف ووسائل الإعلام من أجل التضليل ونشر الدعاية وتشكيل الرأي العام عبر تزييف الوقائع واستبدال الحقائق بالتصورات والرغبات. قد كتب الأستاذ عثمان ميرغني مقالاً بعنوان 'تصريحات بابكر فيصل' يعكس حقيقة ما ذهبت إليه من وصف الحرب التي تدور رحاها في بلادنا بأنها حقاً حرب الأكاذيب، حيث تعمد بتر تصريحي لصحيفة الشرق الأوسط من سياقه، كما أنه تبرع بالحديث بلساني وتفسير كلامي حسب رغبته وليس كما قلته أو قصدت إليه. في البدء يتوجب علىَّ إيراد التصريح كاملاً حتى تتضح الصورة وينكشف التضليل : (وفي هذا الصدد، رأى رئيس المكتب التنفيذي لحزب «التجمع الاتحادي»، بابكر فيصل، أن إعادة طرح خريطة الطريق السابقة في القمة العربية، «تشبه إملاء شروط طرف منتصر على طرف مهزوم، وهو أمر لا يعكس ما يجري على أرض الواقع». كما رفضت «قوات الدعم السريع» تأييد الأمم المتحدة لمبادرة عدتها «أحادية الجانب» من طرف الجيش، قائلة إن ذلك يعرّض للخطر مصداقية الهيئة الأممية، بوصفها 'وسيطاً محايداً' وأضاف فيصل في تصريح لـ«لشرق الأوسط»، أن على طرفي الحرب العودة إلى التفاوض في «منبر جدة»، وإجراء حوار جدي لوقف الاقتتال، ويستصحبوا فيه ما تم التوافق عليه في «اتفاق المنامة»، مشيراً إلى أن ما تم التوافق حوله حينها بلغ نسبة 85 في المائة حول تفاصيل وقف العدائيات وإطلاق النار. وقال فيصل، لا توجد إرادة حقيقة كافية لوقف الحرب، وما كان يمكن تحقيقه قبل سنتين منذ اندلاع الحرب قد يصعب تحقيقه الآن. وأضاف أن إعلان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في القمة الخليجية – الأميركية بالرياض حول مواصلة الجهود لوقف الحرب في السودان «أمر جيد، ونتمنى اتباعه بخطوات تنفيذية لاستئناف منبر جدة، بدعوة الأطراف المتحاربة للعودة إلى التفاوض، خصوصاً أنه تم قطع أشواط كبيرة في المحادثات السابقة. وأشار إلى أن المرجو من «منبر جدة» أن يصل بالأطراف المتحاربة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وترتيبات إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، وإفساح المجال أمام القوى المدنية لتقرر في العملية السياسية، ما بعد إيقاف الحرب).إنتهى كتب عثمان ميرغني التالي : (هذا الحديث خطير للغاية من عدة أوجه الأول : بابكر فيصل بذلك أعطى نفسه حق تمثيل الدعم السريع وتقدير أن هذه الشروط غير مقبولة، وكان الأفضل أن يترك هذا الأمر للطرف المعني أن يقرر ذلك). وجه التضليل في حديث عثمان أعلاه هو إدعاؤه أنني تحدثت إنابة عن الدعم السريع، بينما أنا أتحدث أصالة عن الحزب الذي أمثله,وهو حزب له قراءة ورؤية للحرب وكذلك له تقديراته السياسية الخاصة والمستقلة، ولا يتخبط في أحاديثه كما يتخبط الأستاذ عثمان الذي قال بتفكيره الرغبوي المعهود في حوار مع قناة الغد قبل أكثر من عام أن 'الحرب في السودان إنتهت'. التضليل يبدو أكثر وضوحاً في بتر عثمان ميرغني لبقية الخبر الذي يقول : (كما رفضت «قوات الدعم السريع» تأييد الأمم المتحدة لمبادرة عدتها «أحادية الجانب» من طرف الجيش، قائلة إن ذلك يعرّض للخطر مصداقية الهيئة الأممية، بوصفها 'وسيطاً محايداً'). الحديث أعلاه ليس حديثي أنا بل هو رأي قوات الدعم السريع وهو الأمر الذي ينفي أنني أتحدث نيابة عنها. ويواصل عثمان ميرغني في كلامه المغرض قائلاً : ( هنا لم يكتف بابكر فيصل بالتحدث إنابة عن الدعم السريع بل تعسف وتطرف في تمثيله للدرجة التي يحكم فيها -وهو مدني بلا خبرة عسكرية- بقوة وضع الدعم السريع الميداني. الوجه الثاني : بابكر فيصل منح نفسه صفة المحكم العسكري الذي يقرر أن الوضع الميداني تميل كفته لصالح الدعم السريع.. لا أعلم على أساس أو خبرة عسكرية بنى ذلك؟ قد يوحي ذلك للبعض أنه خلط بين الأماني والحقائق). هنا أستسمح القاريء الكريم أن ينظر لحديثي كاملاً كما أوردته في صدر المقال، هل يوجد فيه أي كلام عن قوة وضع الدعم السريع الميدانية؟ وهل فيه ذكر لأن الوضع الميداني تميل كفته لصالح الدعم السريع ؟ هذا كذب صريح وتضليل فاجر ! إنَّ عدم واقعية خارطة الطريق التي قصدتها تتمثل في الجزئية التي تتحدث عن شروط الجيش المتمثلة في الآتي : إنسحاب الدعم السريع من جميع المدن والمناطق التي يُسيطر عليها وفك الحصار عن مدينة الفاشر فضلاً عن تسليم سلاحه وتجميع قواته في أماكن محددة. هذه الشروط في رأي الحزب الذي أمثله غير واقعية ولن تؤدي لذهاب الطرفين لطاولة المفاوضات. والمفارقة أن هذا الرأي قال به حزب آخر مؤيد للجيش وقد ورد رأيه في ذات تقرير الشرق الأوسط ولكن عثمان ميرغني تعمد عدم الإشارة إليه إمعاناً في التضليل, حيث جاء في التقرير الآتي : (بدوره قال رئيس حزب الأمة 'الإصلاح والتجديد' مبارك الفاضل المهدي إن خريطة الطريق المقدمة من الجيش للأمم المتحدة 'غير واقعية'). لماذا لم يتهم عثمان ميرغني 'حزب الأمة' بأنه يتحدث بالإنابة عن الدعم السريع ؟ ولماذا لم يتهمه كذلك بأن حديثه عن 'عدم واقعية' خارطة الطريق يعني أن الوضع الميداني تميل كفته لصالح الدعم السريع ؟ إن وقف الحرب لن يتم إلا بعد توفر الإرادة لدى الأطراف المتحاربة، وتوحيد الصف المدني الداخلي لممارسة أقصى أنواع الضغط على الأطراف فضلاً عن حشد الدعم الإقليمي والدولي للعب ذات الدور. الإشتراطات غير الواقعية لن تفعل شيئاً سوى إطالة أمد الحرب واستمرار نزيف الدم والخراب. ختاماً : قد ظل موقفنا الداعي لوقف الحرب ثابتاً منذ اليوم الأول لإندلاعها، ولم نتزحزح عن رؤيتنا رغم تعرضنا لحملات ضخمة من التضليل والإساءة والتخوين، ومع مرور كل يوم من الحرب يتأكد صواب رؤيتنا التي سنستمر في التمسك بها من أجل وقف معاناة الشعب السوداني، لن ننحني للإبتزاز أو التهديد والوعيد وسنتصدى لكل حملات التضليل والأكاذيب بالحجة والمنطق السديد.

لماذا قادة السودان باستمرار يفتقرون إلى الرؤية؟
لماذا قادة السودان باستمرار يفتقرون إلى الرؤية؟

التغيير

timeمنذ يوم واحد

  • التغيير

لماذا قادة السودان باستمرار يفتقرون إلى الرؤية؟

د. الشفيع خضر سعيد خلال الفترة من العام 2009 إلى 2014 إنتظم عمل «الآلية الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بتنفيذ متطلبات السلام في السودان» والتي كونها الاتحاد الأفريقي من ثلاثة رؤساء دول سابقين: ثابو مبيكي (جنوب أفريقيا) رئيسًا، وعضوية عبد السلام أبو بكر (نيجيريا) وبيير بويويا (بوروندي). وفي ملتقى الحوار الأفريقي السنوي للسلام والأمن الذي نظمته مؤسسة ثابو مبيكي في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2024، قدم الباحثان الدكتور أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة تافتس، والدكتور عبدول محمد، رئيس هيئة موظفي الآلية رفيعة المستوى لتنفيذ مقررات الاتحاد الأفريقي، ورقة بحثية عن نشاط الآلية بعنوان «آفاق السلام في السودان: دروس من اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي». وبتاريخ 14 مايو/أيار 2025، وبالتعاون مع مؤسسة ثابو مبيكي، أصدر مركز «فِكْرة للدراسات والتنمية» الورقة باللغتين العربية والإنكليزية. وفي مقال سابق لي بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2024 قدمت بعض الإضاءات عن محتوى الورقة كما قدم في ملتقى الحوار المشار إليه، وفي مقال اليوم والمقالات التالية، سألخص بعض فقراتها الرئيسية، ويمكن الاطلاع عليها كاملة في الموقع الإسفيري لمركز «فكرة» ( وجاء في تقديم «فكرة» للورقة، أنها بما حوته من دروس هامة، تكتسب أهمية بالغة في ظل الحرب الدائرة في السودان منذ العام 2023؛ وهي ليست فقط قراءة تحليلية لتجربة سابقة، بل خزانًا معرفيًا مليئًا بالعِبر لبناء سلام شامل، وإعادة تشكيل الدولة، وصياغة عمليات سياسية جامعة في السودان ومنطقة القرن الأفريقي. وأشار تقديم «فكرة» إلى أن كاتبي الورقة يوثقان بدقة كيف سعت «الآلية الأفريقية رفيعة المستوى» إلى إعادة تعريف أزمة السودان كأزمة سياسية وطنية ضاربة بجذورها في تاريخ طويل من عدم الاستقرار والعنف البنيوي، وليست مجرد سلسلة من النزاعات الإقليمية. وكان جوهر هذا التعريف هو القناعة بأن قضايا السودان ونزاعاته المتفاقمة، بما فيها النزاعات في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، لا يمكن حلها إلا من خلال عملية سياسية ديمقراطية شاملة وإعادة صياغة عادلة لعلاقة الدولة بالمجتمع، والمركز بالأطراف. واليوم، ومع تزايد التدخلات الخارجية التي تُفاقم من الانقسامات الداخلية، وتغوُّل العسكريين على تطلعات المدنيين، تبرز أهمية ما تؤكده الورقة حول الشمول، والملكية الوطنية، والشرعية متعددة الأطراف. وهي تُذكّر بأن السلام لا يُفرض بصفقات نُخبوية أو ضغوط أجنبية، بل يتطلب مشاركة شعبية واسعة وإطارًا سياسيًا قائمًا على مبادئ متوافق عليها. حددت الورقة المشكلة في السودان بأن النزاع المستمر في دارفور أدى إلى نقل الحل العسكري غير الملائم الذي تبنته الحكومات السودانية إلى الخرطوم وبقية أنحاء البلاد. كما أن المرارات الشديدة عند الكثيرين من أهالي دارفور تجاه المركز، يقابلها الآن عداء شديد تجاه مقاتلي قوات الدعم السريع، ومعظمهم من دارفور، والذين ارتكبوا فظائع في أجزاء واسعة من البلاد. ولقد فشل السودان في إدارة تنوعه، وانتشرت فيه أجندات الإقصاء، ويعاني الآن من مجاعة ولا يملك طريقاً واضحاً ليصبح دولة قابلة للاستمرار. كما أن تنافسات دول البحر الأحمر في السودان، بمشاركة مصر والسعودية والإمارات وغيرها، تعقّد آفاق أي حلول تفاوضية. الحرب أغرقت السودان في كارثة إنسانية غير مسبوقة، ودمرت العاصمة والبنية التحتية في العديد من مناطق البلاد، وأجبرت الملايين على النزوح، وتسببت في مجاعة جماعية. لكن نهج الوسطاء اقتصر على إلحاق القضايا الإنسانية بمفاوضات وقف إطلاق النار، وهو نهج لا يتناسب مع حجم الكارثة. والورقة تطرح سؤالا، أعتقد سيكون مؤلما للبعض من النخب السودانية، يقول: لماذا ينتج السودان باستمرار قادة يفتقرون إلى الشجاعة والكاريزما والرؤية والمبادئ؟ وتقترح الورقة إجابة تقول: إن استمرار الاضطرابات والعنف في السودان على مدى عقود عديدة، مقرونا مع تغلغل الفساد وفرص الثراء من خلال النهب والتهريب والابتزاز، خلق بيئة يزدهر فيها الأكثر قسوة، بينما يتراجع أصحاب النزاهة والتشاور والقيم المدنية. وهذا يخلق تسلسلاً هرمياً يصعد فيه الأقل كفاءةً للسلطة، بما في ذلك في غرف المفاوضات. علاوة على ذلك، ما يجمع كل طرف متحارب ليس التزاماً مشتركاً بأيديولوجية سياسية أو انضباط مؤسسي، بل المصالح المادية، بينما يعيدون باستمرار التفاوض على ولائهم لزعمائهم المزعومين. وهذه ليست وصفة للاستقرار والسلام. أما التردي الاقتصادي فهو سبب ونتيجة للأزمات في السودان. وأي اتفاق سلام قائم على تقاسم السلطة والثروة وترتيبات أمنية، يجب أولاً أن يضمن نموا اقتصاديا وميزانيات تنمية متوسعة. لكن الملفت للنظر في كل أجندة صنع السلام الحالية في السودان، غياب خطة شاملة لإعفاء الديون والتنمية الاقتصادية بشكل كافٍ ومستدام وموثوق لتحويل منطق «السوق الهابطة» إلى مستقبل يثق فيه المواطنون والقادة. أما المسار الحالي فينذر بالخطر، لأن السودان وقع في فك كماشة بين معاناة إنسانية مروعة ودعم خارجي للمتحاربين. والمجتمع الذي يعاني الكثير من أفراده من اليأس يصبح فيه ضبط الأفعال الوحشية أضعف. وفي الوقت نفسه، يمكن للجنرالات الذين يحصلون على أموال وأسلحة من الخارج أن يستمروا في الحرب بلا حدود، حتى في أرض مدمرة. وهؤلاء القادة، عندما يرون فرصة صفقة سياسية تمنحهم، وحدهم، حصة من السلطة والمال والسلاح، قد يكتفون بالتوقيع على ما يصفونه «باتفاق سلام» بغض النظر عن مصير الشعب. وتقول الورقة إن معظم قيادات الأحزاب والقوى المدنية السودانية بعد اندلاع الحرب في 2023، أصابتهم الحيرة والشعور بالإرهاق. صحيح انخرط الشباب في تنظيم الإغاثة بتفانٍ وإنسانية على المستوى المحلي، إلا أن هولاء القادة انخدعوا بفرحة ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 واعتقدوا حقاً أنهم قادرون على تحقيق تحول جذري. لكنهم تفتتوا بعد اندلاع الحرب، وأصبحوا عرضة للاستقطاب، خاصة مع افتقارهم للمعينات المادية، وسيطرة الأطراف المتحاربة على وسائل التواصل الاجتماعي. وسنواصل استعراض الورقة.

مآخذ على المبعوث الأممي «العمامرة»..!
مآخذ على المبعوث الأممي «العمامرة»..!

التغيير

timeمنذ 2 أيام

  • التغيير

مآخذ على المبعوث الأممي «العمامرة»..!

مآخذ على المبعوث الأممي «العمامرة»..! د. مرتضى الغالي 'رمطان العمامرة' المبعوث الأممي للشرق الأوسط و'المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في السودان' إذا كان يظن إنه سيسهم في حل أزمة السودان بامتداحه سلطة بورتسودان الانقلابية وتقريظه لها وتبنيه لأطروحاتها التي تتجاهل حماية المدنيين ومستقبل التسوية.. إذا كان يظن ذلك فإنه لن يكون (وسيطاً مقبولاً) بل لن يكون حتى (محضَر خير).. إنما سيصبح (حجر عثرة وشنكلة) في طريق حل أزمة السودان.. ومن الأفضل له وللسودان أن يكف عن السودان مساعيه ووساطته ورحلاته.. وكان الله يحب المحسنين..! لقد اجمع كثير من المراقبين على انتقاد الترحيب المتعجّل لهذا الرجل بخطة عرجاء قدمها 'إبراهيم جابر' رجل الانقلاب ومندوب الكيزان في الجيش.. ووصفها بـ(خارطة طريق) لسلطة بورتسودان الانقلابية..! كما انتقد هذه الخارطة وموقف العمامرة منها العديد من القوى السياسية والمدنية في السودان، حيث اعتبرت ترحيب العمامرة العشوائي بهذه (الخارطة العشوائية القاصرة) انحيازاً صريحاً لحكومة الانقلاب..!! بل لقد جاء الانتقاد لهذه الخارطة ولترحيب العمامرة بها أيضاً من دوائر إقليمية وعالمية..! هذه (الخارطة المفخّخة) التي قدمتها سلطة بورتسودان غير الشرعية هي خارطة جانحة وفاشلة (حتى من الناحية الفنية البحتة) حيث أنها تتجاهل أطراف ومكوّنات متداخلة في النزاع المسلح.. كما إنها تتجاهل عن عمد و(بخبث أفعواني) القوى المدنية في السودان..! وبهذا يضع العمامرة نفسه في (مركب مثقوبة) ويقف في عداء مع مكوّنات وأطراف سودانية عديدة ويظهر انحيازه لطرف واحد من إطراف الحرب هو سلطة الانقلاب والكيزان.. وهذا ليس من التقاليد المرعيّة للوسطاء الدوليين والأميين..! فما هي يا ترى دوافع العمامرة لاتخاذ مثل هذا الموقف بكل ما فيه من عجلة تفتقر للرويّة والحياد وتمثل انحيازاً مكشوفاً لطرف دون أطراف أخرى؛ ولسلطة غير شرعية حتى في نظر الاتحاد الأفريقي ودوائر إقليمية وعالمية عديدة.. دعك من الشعب السوداني وقواه المدنية..! هذه (الخارطة العرجاء) تمثل قولاً وفعلاً موقف تحالف السلطة الانقلابية مع جهة سياسية معلومة للجميع.. أما الشعب بنازحيه ومشرديه فهو آخر ما يمكن أن يهتم به أصحاب هذا التحالف..! لقد تجاهلت (خارطة إبراهيم جابر الكفيفة) أوضاع وحياة ومصائر 14 مليون لاجئ ونازح، كما تجاهلت حالة المجاعة التي يرزح تحت وطأتها 24 مليون سوداني حسب مصادر المنظمات الأممية والعالمية المتخصّصة.. فأين ذلك من ترحيب العمامرة وابتساماته لقادة الانقلاب..؟! هل أصبحت منظمة الأمم المتحدة تجيز الانقلابات العسكرية على الحكومات المدنية..؟! أم أن ذلك من تخريجات العمامرة وحده… أم تراه تناسى أنه أدخل رأسه في (البُرمة السودانية) باعتباره ممثلاً لمنظمة الأمم المتحدة ولأمينها العام..؟! هذا الرجل سبق له أن أسند تفاؤله بحل أزمة السودان على (مداميك خاطئة) ومآلات معكوسة.. مثل حكاية المرأة التي اشتكت لصديقتها عن تأخر عودة زوجها للبيت، وتوجّسها من أن يكون تزوج بإمرأة أخرى.. فقالت لها صديقتها: (تفاءلي خيراً يا زولة.. إمكن صدمتو عربية)..! لقد كشف تصريح سابق للسيد العمامرة أنه لم يكن صريحاً أو على اقل تقدير أنه لم يكن مُطلعاً بقدر كافٍ على الأوضاع السودانية.. عندما قال إن الوضع الإنساني يسجل تحسناً نسبياً في بعض المناطق (بفضل التعاون بين المسؤولين والمنظمات الإنسانية)..! وحقيقة الأمر هو أن مسؤولي سلطة بورتسودان يعرقلون جهود المنظمات الإنسانية ويشنون عليها حرباً بغير هوادة.. بل يسرقون الإغاثة ويعرضونها للبيع في الأسواق..! لقد تم توجيه انتقادات للعمامرة أيضاً بسبب تبنيه لفكرة العودة إلى مرجعيات ما قبل الحرب؛ حيث أن ما قبل الحرب.. هو القبول بالانقلاب العسكري على السلطة المدنية..! كما أخذ عليه أنه رغم طول الحوار المطوّل الذي أجرته معه صحيفة الشرق الأوسط لم يتحدث مرّة واحدة عن المكوّن المدني، واقتصر حديثه على سلطة الانقلاب وجيش البرهان والدعم السريع..! نرجو من العمامرة كمبعوث أممي ألا يتعامل مع أزمة السودانية بمنطق الدول التي تناصر البرهان وانقلابه..! ويجب ألا يفوت على الأطراف الخارجية والأممية أن سلطة البرهان (سلطة انقلابية غير شرعية) لا تحُظى حتى باعتراف الاتحاد الأفريقي..! ومع ذلك يتحدث المبعوث الأممي عن البرهان ويسميه (رئيس مجلس السيادة) في حين كان ينبغي اعتباره قائداً للجيش 'بحكم الواقع المؤسف'.. حتى لو أغفلنا أن قيادة الجيش جميعها (قيادة كيزانية).. وهذه من الأمور الواضحة التي لا تحتاج إلى تيلسكوب أو إلى (مشكاة فيها مصباح.. المصباح في زجاجة)…! الله لا كسّب الإنقاذ والانقلابيين وأنصار الحرب.. حيثما كانوا..!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store