
هل تُعيد أزمة البحر الأحمر خريطة الأمن البحري في المحيط الهندي؟
في تحليل حديث أصدره مركز الأمن البحري الدولي (CIMSEC)، حذّر خبراء من تصاعد حاد في تهديدات الأمن البحري بغرب المحيط الهندي خلال عام 2024، نتيجة تداعيات أزمة البحر الأحمر التي اشتعلت بفعل الهجمات الحوثية المتكررة، محذّرين من أن هذه الأزمة تعيد رسم المشهد البحري في المنطقة والعالم.
ووفق التقرير، لم تقتصر الأزمة على التهديدات العسكرية المباشرة، بل ولّدت ارتدادات جيوسياسية واقتصادية عميقة أثّرت على سلاسل الإمداد العالمية والنظام الملاحي الدولي.
أوضح التقرير أن أبرز تحوّل شهده العام الماضي تمثّل في ما أسماه المركز بـ"الامتداد البحري للصراعات المسلحة"، مشيرًا إلى الهجمات الحوثية التي بدأت في نوفمبر 2023 ضد سفن مرتبطة بإسرائيل، ثم اتسعت لتشمل سفنًا أمريكية وبريطانية، وصولًا إلى استهداف سفن تجارية لا تحمل انتماءات واضحة.
وسجل المركز 128 حادثة عنف بحري مرتبطة بهذه الهجمات، من أصل 175 حادثة في المنطقة خلال 2024، مقارنة بـ69 حادثة فقط في عام 2023، وهو ما يجعلها التهديد البحري الأسرع نموًا.
استخدم الحوثيون أساليب هجومية متطورة شملت الطائرات المسيّرة، والزوارق المسلحة، والصواريخ الباليستية والموجّهة، فضلًا عن انتحال صفة جهات رسمية بحرية. وعلى الرغم من أن نسبة نجاح الهجمات لم تتجاوز 10%، إلا أن آثارها كانت كبيرة على الأرواح والبنية التحتية.
أشار التقرير إلى عودة مقلقة لنشاط القرصنة، نتيجة انشغال القوات البحرية الدولية بمواجهة التهديدات الحوثية، وهو ما فتح المجال أمام القراصنة لاستغلال الثغرات الأمنية، مما ينذر بمرحلة جديدة من التهديدات التقليدية في المنطقة.
وفي حين انخفضت كمية المخدرات المضبوطة إلى 42.24 طنًا خلال عام 2024، إلا أن عدد حوادث التهريب بقي مرتفعًا عند 127 حادثة، ما يعكس تطور الشبكات الإجرامية وأساليبها. كما وثّق التقرير 6 عمليات تهريب أسلحة وطائرات بدون طيار مرسلة للحوثيين، مما يدل على تزايد تداخل شبكات التهريب مع جماعات مسلحة عابرة للحدود.
امتدت تداعيات الأزمة إلى ما وراء البحر الأحمر، لتصل إلى سواحل شرق أفريقيا وتُربك النظام التجاري العالمي. فقد أدى تجنب السفن لمضيق باب المندب وتحويل مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح إلى تأخير الرحلات بنحو 10 أيام، وارتفاع أقساط التأمين، وتراجع إيرادات قناة السويس، فضلًا عن نقص السفن والحاويات وتحوّل مراكز الشحن.
ولم يغفل التقرير التهديدات المزمنة مثل الصيد غير المشروع والاتجار غير القانوني، واللذان يُغذيان شبكات الجريمة المنظمة ويهددان الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
اختتم التقرير بالتشديد على الحاجة إلى تبني استجابة شاملة للأزمة، تشمل تعزيز التنسيق بين الدول المشاطئة والدول الكبرى، وتطوير آليات دائمة لتبادل المعلومات والردع البحري، مشددًا على أن الأمن البحري لم يعد مسألة إقليمية، بل بات عنصرًا حاسمًا لاستقرار الاقتصاد العالمي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 25 دقائق
- اليمن الآن
نقابة الصرافين الجنوبيين: الاقتصاد ينهار والحكومة غائبة والبنك المركزي صامت
أخبار وتقارير أصدرت نقابة الصرافين الجنوبيين بيانًا شديد اللهجة عبّرت فيه عن استيائها البالغ من استمرار الانهيار الاقتصادي في البلاد، متهمة الحكومة والبنك المركزي في عدن بالفشل الذريع في إدارة السوق المصرفي وغياب أي دور فعّال لوقف التدهور المتسارع للعملة الوطنية. وأكد البيان أن ما يحدث يمثل 'انهيارًا كارثيًا' للاقتصاد، دون أن تُظهر الجهات المعنية أي تحرك ملموس أو إجراءات حقيقية لإنقاذ ما تبقى من الثقة المالية، مضيفًا أن الحكومة والبنك المركزي يتحملان كامل المسؤولية عمّا آلت إليه الأوضاع من تردٍ وانحدار. وأشار البيان إلى أن الصمت المريب من قبل الجهات الرسمية تجاه الانهيار الاقتصادي زاد من حالة الاحتقان في الشارع، وجعل الأسواق عرضة للمضاربة والفوضى وانعدام الثقة، وهو ما ينعكس مباشرة على حياة المواطنين اليومية. وفي ختام البيان، رفعت النقابة صوتها بالدعاء قائلة: 'حسبنا الله ونعم الوكيل في كل ظالم، ونسأل الله أن ينتقم ممن تسبب في هذا الانهيار وقاد البلاد إلى حافة الإفلاس'. صادر عن: نقابة الصرافين الجنوبيين


اليمن الآن
منذ 30 دقائق
- اليمن الآن
إيران تعلن توقيف مجموعة في طهران تتجسس لصالح الموساد
أعلنت إيران توقيف مجموعة من الأشخاص قالت إنها تقوم بأنشطة تجسس باسم جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي 'الموساد'، في العاصمة طهران. وأوضح نائب قائمقام مدينة بخارستان في محافظة أصفهان، مراد مرادي، في تصريحات نشرتها وكالة 'تسنيم' الإخبارية الإيرانية ليل الثلاثاء/ الأربعاء، أنهم ألقوا القبض على المجموعة أثناء دخولها إلى المدينة. وأشار إلى ضبط كمية كبيرة من المواد المتفجرة ومسيرات صغيرة مزودة بنظام استهداف، وأسلحة حربية متطورة ومعدات اتصالات متقدمة وأنظمة تحكم عن بعد، خلال تفتيش السيارة التي كانت المجموعة تستقلها. اقرأ المزيد... أطعمة "صحية" يُفضل تجنبها على معدة فارغة! 18 يونيو، 2025 ( 11:00 صباحًا ) ترقية عضوية بلادنا ممثلة بالهيئة اليمنية للمواصفات في المنظمة الدولية للتقييس (ISO) الى عضو كامل العضوية 18 يونيو، 2025 ( 10:31 صباحًا ) وأوضح أن المجموعة كانت تخطط عبر تلك المعدات لتنفيذ هجمات انتحارية واسعة النطاق في مناطق مكتظة بالسكان. وكانت قوات الأمن الإيرانية ألقت القبض على 4 أشخاص في محافظتين خلال الأيام القليلة الماضية بدعوى عملهم لصالح الموساد.


اليمن الآن
منذ 31 دقائق
- اليمن الآن
السلفية في اليمن.. تحولات عقائدية في خدمة الخارج وتفكيك الداخل (تقرير خاص)
لطالما ارتبطت الجماعة السلفية في اليمن بالخطاب الدعوي المحافظ والنأي عن العمل السياسي والصراع المسلح، ما منحها مكانة اجتماعية مقبولة في أوساط متعددة؛ غير أن هذا الطابع تغيّر بصورة جذرية منذ اندلاع الحرب وتدخل التحالف السعودي الإماراتي، إذ تحوّلت بعض الفصائل السلفية من جماعات وعظية إلى كيانات عسكرية تنفّذ أجندات خارجية وتعيد تشكيل الخارطة الاجتماعية والسياسية لليمن بما يخدم مصالح قوى إقليمية، على رأسها الرياض وأبوظبي. هذا التحوّل لم يكن ناتجًا عن ضغط الواقع فحسب، بل جاء مدفوعًا بدعم وتمويل منظم وممنهج من قِبل العاصمتين الخليجيتين لفصائل سلفية بعينها، خُصصت لها موارد عسكرية وتسليحية مكّنتها من مغادرة ميادين التعليم الديني إلى ساحات القتال والنفوذ، وقد تجسدت هذه الظاهرة بوضوح فيما بات يُعرف بـ"الألوية السلفية"، التي فرضت حضورها العسكري في مناطق متفرقة، وأسهمت في إعادة هندسة الواقع السياسي والاجتماعي في البلاد، بعيدًا عن الاعتبارات الوطنية. هذا المشهد المستجد أدّى إلى قلب المعادلة داخل التيار السلفي نفسه، فبعد أن كانت الخلافات تُدار داخل إطار فكري ونقاش علمي، باتت اليوم تُحسم في الميدان بالسلاح والنفوذ. ومع عسكرة هذه الجماعات، اختفى الصوت الدعوي لصالح لغة القوة، وتراجعت القيم الجامعة لحساب التكتلات الطائفية والمناطقية. وفي ظل تصاعد هذا التداخل، تحوّلت اليمن إلى ساحة صراع بين فصائل مسلّحة ذات طابع عقائدي، تنفذ أجندات إقليمية وتُعيد إنتاج النزاعات داخل المجتمع اليمني، ما يهدد وحدة الدولة ويعمّق هشاشة المجتمع. كما أن استمرار تمكين هذه الجماعات، من دون ضوابط وطنية، يهدد بإجهاض أي مشروع سياسي جامع، ويكرّس واقع التجزئة والفوضى، بما يحمل من تبعات محتملة على الأمن المحلي والإقليمي على السواء. المعضلة هنا لم تعد في مصير السلفية كتيار، بل في مستقبل اليمن كوطن باتت عقيدته السياسية تتشكل بأدوات دينية موالية للخارج، يُعاد من خلالها إنتاج الصراعات بأشكال أكثر تعقيدًا. أداة وظيفية في صراع النفوذ في مشهد يعكس تعقيدات التدخلات الإقليمية والدولية في اليمن، يوضح أستاذ علم الاجتماع، الدكتور عبدالقدوس مرتضى، أن التحولات في التيارات السلفية لا يمكن فصلها عن مشروع أوسع يتجاوز حدود الجغرافيا اليمنية. فالسلفية، وخاصة التيار المدخلي منها، لم تُستخدم فقط كأداة لمواجهة خصوم محليين مثل الحوثيين أو التيارات الجهادية، بل جرى توظيفها ضمن استراتيجية دولية تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة على أساس الهويات ما قبل الوطنية. ويوضح مرتضى لـ"المهرية نت" أن هذه التيارات، التي نشأت في كنف الطاعة المطلقة للحاكم، سهّلت تبرير التدخلات العسكرية الأجنبية، بدءًا من حرب الخليج الأولى وحتى التدخل في اليمن، تحت مبرر ديني يشرعن الوجود العسكري ما دام يرتبط بولي أمر ما. بذلك، لعبت الجماعات السلفية دورًا محوريًا في تمكين القوى الخارجية من التغلغل في البنية اليمنية، دينيًا ومؤسساتيًا. ويضيف مرتضى أن هذه الجماعات ساهمت بشكل مباشر في إضعاف مؤسسات الدولة اليمنية، بدءًا من مؤسسة الرئاسة، مرورًا بالبرلمان، وحتى الجيش الوطني، الذي تم تفتيته إلى مكونات متفرقة مثل "الأحزمة" و"النخب" و"درع الوطن". وبموازاة ذلك، جرى تهميش القوى السياسية الوطنية ذات الامتداد المجتمعي مثل حزب الإصلاح، ليتم إحلال التيارات المدخلية مكانها، بوصفها كيانات طيّعة ومنضبطة ضمن أجندة إقليمية مرسومة. ويحذر مرتضى من أن هذا الواقع لا يهدد اليمن وحده، بل يعكس نموذجًا متكررًا تشهده المنطقة منذ احتلال العراق، حيث يجري الدفع بالمجتمعات إلى الانقسام المذهبي والعرقي، كما في النموذج العراقي (سنة – شيعة – أكراد)، وهو ما يُراد تكراره في اليمن عبر تعدد المرجعيات الدينية والعسكرية، وإضعاف الهوية الوطنية الجامعة. ويشير إلى أن دول الخليج، حين تؤدي هذا الدور، فإنها لا تتحرك بمعزل عن المظلة الغربية، بل تنفذ وظيفة يتفق عليها ضمن ترتيبات أوسع لإعادة هندسة المنطقة. ومن هذا المنطلق، فإن الجماعات السلفية المدخلية – المنتشرة خصوصًا في المناطق "المحررة" – لا ترى في التدخل الإماراتي أو السعودي أو حتى الغربي ما يتعارض مع العقيدة، بل تراه واجبًا دينيًا تحت عنوان طاعة "ولي الأمر"، وهو ما يوفّر غطاءً دينيًا لصراعات سياسية وعسكرية مركّبة. في هذا السياق، تبدو الجماعات السلفية ليست مجرد فاعل ديني، بل أداة في مشروع أكبر يُعيد تفكيك الدولة اليمنية من الداخل، ويُعيد المجتمع إلى مرحلة ما قبل الدولة، حيث تتقدم الولاءات المناطقية والمذهبية على حساب الوطن، ويتراجع مفهوم السيادة أمام أولوية التبعية للممول. سلفية مؤهّلة للتشدّد يشير الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، حميد مجيد، إلى أن التيارات السلفية في اليمن لم تكن منذ البداية كيانات محصّنة ضد العنف، بل مرّت بتحولات متسارعة كشف بعضها عن قناعات كانت كامنة خلف خطاب شرعي ظاهري، يحث على السلم والطاعة، لكنه كان يحمل في طياته قابلية دائمة للتشدد. وفي حديثه لـ"المهرية نت"، يلفت مجيد إلى أن نقطة التحوّل الأساسية في مسار السلفية اليمنية بدأت مع حرب دماج عام 2013، التي انتهت بتهجير آلاف السلفيين، ممن كانوا ينتظرون تدخل "ولي الأمر" ويؤمنون بعدم جواز حمل السلاح ضده. لكن ما حدث، بحسب مجيد، هو أن تلك الجماعات، التي تلقت صدمات متكررة، سرعان ما انتقلت من مربع الدعوة إلى ساحات القتال، وتحوّلت إلى أدوات وظيفية في خدمة الممول الخارجي، وعلى استعداد لتنفيذ ما يُملى عليها من أجندات. ويرى مجيد أن هذا التحوّل لم يكن استثناءً ظرفيًا، بل كان انعكاسًا لتناقضات عميقة في الخطاب السلفي، حيث فُرِّغت النصوص من بعدها الأخلاقي لتُستخدم كمبرر سياسي. ومن هنا، برز استعداد هذه الجماعات للانخراط في العنف، خصوصًا حين يُعرض عليها الدعم المالي والسلاح من الخارج. وفي هذا السياق، يؤكد مجيد أن السعودية والإمارات تواصلان دعم التشكيلات السلفية المسلحة دون أي تنسيق قانوني مع الحكومة اليمنية، بل إن بعض هذه التشكيلات كـ"درع الوطن" لا تخضع لوزارة الدفاع، وتم إنشاؤها بطريقة تفتقر للشرعية الدستورية، رغم صدور قرارات شكلية بشأنها. ويشير إلى مفارقة لافتة تتمثل في أن الرياض وأبوظبي تحاصران السلفيين في الداخل وتروّجان للعلمانية، بينما تموّلان في اليمن جماعات سلفية، بعضها يمتلك تاريخًا جهاديًا أو قابلية للتحوّل إلى فصائل متطرفة. ويحذّر من أن هذا التمويل يفتح الباب أمام تسرب الأسلحة إلى تنظيمات كـ"القاعدة" و"داعش"، بل إن تقارير أمريكية كشفت عن وصول أسلحة أمريكية الصنع إلى جماعات متطرفة عبر هذا المسار. ويخلص مجيد إلى أن تشابه البنية العقائدية بين الجماعات السلفية والجهادية يُسهّل اختراقها، ما يجعل هذه الجماعات – في حال استمرار تمكينها – تهديدًا مضاعفًا لأمن اليمن والمنطقة على السواء. أداة للوصاية ووأد الديمقراطية في حديثه لـ"المهرية نت"، يسلّط الصحفي اليمني مصعب عفيف الضوء على الدور الخطير الذي تلعبه الجماعات السلفية المسلحة في اليمن، متهمًا بعض تشكيلاتها، ولا سيما كتائب أبو العباس، بالضلوع في سلسلة اغتيالات سياسية استهدفت جنودًا من الجيش الوطني في مدينة تعز، مشيرًا إلى أن التحقيقات كشفت عن دفن جثث الضحايا في منازل مهجورة داخل مناطق كانت تحت سيطرة تلك الكتائب قبل طردها إلى ريف تعز. ويؤكد عفيف أن التشكيلات العسكرية السلفية التي أنشأها التحالف السعودي الإماراتي تعدّ اليوم أحد أبرز مظاهر التحول العسكري العقائدي في اليمن، إذ تشمل ألوية العمالقة المنتشرة في الساحل الغربي وبعض المحافظات الجنوبية، وكتائب أبو العباس، و"النخب" و"الأحزمة الأمنية"، إضافة إلى كتائب سلفية تتمركز عند الحدود الجنوبية السعودية، وأخيرًا "قوات درع الوطن" التي جرى تشكيلها مؤخرًا ضمن هذا التوجه. ويلفت عفيف إلى أن عسكرة التيار السلفي، المعروف بعنفه اللفظي تجاه خصومه السياسيين والفكريين حتى قبل الحرب، يثير مخاوف جدية من انتقال هذا العنف إلى السلاح، خصوصًا في حال سيطرة التيارات الأكثر تشددًا على هذه التشكيلات، مما سيحوّلها إلى تهديد مباشر لكل من يخالف رؤيتها الضيقة للدولة والمجتمع، بما في ذلك موقفها المتشدد من الديمقراطية والأحزاب والمرأة والفن وحرية الرأي. ويعيد عفيف جذور هذا التحالف إلى التاريخ الطويل بين آل سعود والتيار الوهابي، مشيرًا إلى أن السعودية كانت دائمًا المركز الروحي والداعم المالي للتيارات السلفية في المنطقة، ومنها اليمن، حيث لاقت أرضًا خصبة لانتشار خطاب يحرم الانتخابات والديمقراطية، ويشدّد على طاعة الحاكم "ولو جلد ظهرك وأخذ مالك". بهذا المشهد المركّب، لم يعد مستقبل اليمن مرهونًا فقط بما يجري في ميادين القتال، بل بما يُعاد هندسته في بنية العقيدة السياسية والاجتماعية، عبر أدوات دينية موالية للخارج تتجاوز فكرة الدعوة إلى ممارسة دور وظيفي يخدم مشاريع الهيمنة الإقليمية. فحين تتحول الجماعات العقائدية إلى وكلاء لقوى خارجية، وتُمنح شرعية تتفوق على الدولة ومؤسساتها، فإن النتيجة لن تكون سوى تفكيك ما تبقى من الهوية الوطنية الجامعة، وتكريس واقع التجزئة والفوضى.