logo
حرب إسرائيل وإيران.. هجمات المسيّرات تعيد رسم قواعد الدفاع الجوي

حرب إسرائيل وإيران.. هجمات المسيّرات تعيد رسم قواعد الدفاع الجوي

الشرق السعوديةمنذ 5 ساعات

بعد ساعات من بداية الغارات الجوية الإسرائيلية على إيران، الجمعة الماضي، كان بإمكان المزارعين في العراق أن يرفعوا رؤوسهم ليروا أسراباً من الطائرات المسيّرة الإيرانية تتجه غرباً، في مسلك هجومي يعيد رسم قواعد الدفاع الجوي، بحسب تقرير نشرته مجلة Scientific American.
وفق المجلة فإن أكثر من 100 طائرة قطعت مسافة 1700 كيلومتر نحو إسرائيل، تصدر أصواتاً تشبه جزازات العشب.
من هذه الطائرات كانت "شاهد-136"، المصنوعة في الغالب من الفوم والخشب الرقائقي، بطول 3.5 أمتار، وجناحين بعرض 2.5 متر، ورأس حربي يزن ما بين 40 إلى 50 كيلوجراماً.
المسيرة الإيرانية "شاهد"
"عقل" الطائرة هو مستشعر بحجم قطعة حلوى صغيرة، يقيس كل حركة، بينما يستقبل نظام GPS بحجم بطاقة ائتمان إشارات من الأقمار الاصطناعية، ويتم تحميل مسار الطائرة مسبقاً (إحداثيات الطول والعرض والارتفاع)، قبل أن تطلقها صواريخ دفع صغيرة إلى السماء.
وتُعرف هذه الطائرات بصوتها العالي، إذ يعمل محركها بقوة 50 حصاناً، أي أقوى قليلاً من محرك سيارة "فولكسفاجن بيتل" من الستينيات، وتصدر ضجيجاً يعادل دراجة نارية صغيرة – والآن تخيل هذا الصوت مضروباً في مئة، فيما يسميه بعض الاستراتيجيين العسكريين "سرب بدائي".
تتخذ أسراب الطائرات المسيّرة أشكالاً متعددة؛ ففي هجمات مثل تلك التي شنتها إيران مؤخراً على إسرائيل – أو استخدام روسيا لها ضد أوكرانيا، حيث تُعرف طائرات "شاهد" بـ"الدراجات الطائرة" – تكمن قوة السرب في عدده.
فصاروخ واحد بمدى مماثل قد يكلف أكثر من مليون دولار، بينما يمكن تصنيع طائرة "شاهد" بتكلفة تتراوح بين 20 إلى 50 ألف دولار.
تطلق قوات الحرس الثوري الإيراني المسيرة "شاهد" من قضبان محمولة، أو من شاحنات، ويقوم صاروخ دفع صغير بتسريعها قبل أن ينفصل عنها.
إغراق أنظمة الدفاع الجوي
ويصف مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية هذه الهجمات بأنها أدوات "تُستخدم بقدر ما تهدف إلى إغراق أنظمة الدفاع الجوي، تهدف إلى ضرب الأهداف، إذ تملأ شاشات الرادار، وتُجبر مراكز القيادة على اتخاذ قرارات بشأن استخدام صواريخهم الأكثر تطوراً"، وهو تماماً ما واجهته إسرائيل.
في الهجوم الأخير، وبينما كانت أكثر من 100 طائرة مسيّرة تتجه نحو تل أبيب، تم إسقاطها بواسطة مقاتلات، ومنظومة "القبة الحديدية"، ومدمرة أميركية في البحر المتوسط.
لم تكن هذه الطائرات قادرة على تعديل مسارها بناءً على تطورات المعركة. فـ"شاهد"، التي تعني "الشاهد" بالفارسية، هي طائرة من نوع "أطلقها وانسها"؛ لا يمكنها إرسال معلومات، أو استقبال تحديثات للمسار (رغم أن بعض النماذج الروسية منها زُوّدت بمعدات اتصال).
وتعتمد قوتها على الكثافة العددية؛ فالحرس الثوري يستطيع إطلاق موجات كثيفة منها، ما يُربك الطيارين والمشغلين وأنظمة الدفاع.
أسراب أكثر تعقيداً
في قلب معظم الأسراب التجريبية، توجد خوارزمية "بويدز" (Boids)، التي قدمها الباحث كريج رينولدز عام 1987. "بويد" تعني "كائن شبيه بالطائر"، وتقوم على ثلاث قواعد: البقاء قريباً من الآخرين (التمركز الجماعي)، وتجنب الاصطدام، ومطابقة السرعة.
وعندما تُطبق هذه القواعد على 1000 طائر افتراضي، تظهر على الشاشة محاكاة لسرب حقيقي. هذه هي البنية الأساسية لمنطق الأسراب، والهدف من استخدامها في الحروب.
حتى دون التواصل بين الطائرات، يمكن جعلها أكثر فتكاً عبر تزويدها بنظام GPS، واستقلالية، وأهداف مبرمجة مسبقاً، كما حدث في عملية "شبكة العنكبوت" الأوكرانية.
هجمات أوكرانيا
ففي 1 يونيو، قبل أقل من أسبوعين من تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل، قاد سائقون غير مدركين لما يحملونه شاحنات مسطحة تحمل أكواخاً خشبية إلى مواقع قرب قواعد جوية روسية.
وعندما فُتحت الأسطح، انطلقت 117 طائرة رباعية صغيرة، بحجم علبة بيتزا متوسطة، مزودة بأنظمة رؤية ذاتية وحمولة تزيد قليلاً عن 3.2 كجم. كانت تُقاد عن بُعد، لكن في حال انقطع الاتصال، أو تم التشويش عليه، فإنها تقوم بتفعيل أنظمتها الذاتية، التي تم تدريبها على صور قاذفات بعيدة المدى لتحديد نقاط الضرب.
وعندما تطابق بث الكاميرا الحي مع الهدف، اندفعت الطائرة بكامل طاقتها وضربت الهدف. وتقول الاستخبارات الأوكرانية إن 41 طائرة روسية أُصيبت، بينما تشير تقديرات أكثر تحفظاً إلى تدمير ما لا يقل عن 12 قاذفة.
الريادة الأميركية في تكنولوجيا الأسراب
رغم أن القدرة على تحديد الأهداف ومهاجمتها تجعل حتى الأسراب البدائية أكثر خطورة، فإن القدرة على امتصاص البيانات، ومشاركتها بين الطائرات، والتكيف مع المعركة، تُعد أكثر فتكاً.
هذا ما اختبرته القوات الجوية الأميركية في ميدان "وايت ساندز" في نيو مكسيكو. ففي عام 2021، أجرت تجارب ضمن برنامج "القطيع الذهبي"، حيث أسقطت أربع قنابل صغيرة ذكية قادرة على التواصل فيما بينها لتحديد أي منها سيضرب أي هدف.
وقد تم اختبار هذه الاستراتيجية داخل "محاكٍ سحابي" يُدعى "الكولوسيوم"، حيث تمتلك كل قنبلة "توأماً رقمياً" لتطوير استراتيجيات في الزمن الحقيقي.
أما برنامج "أوفست"، التابع لوكالة المشاريع البحثية الدفاعية المتقدمة "داربا" DARPA، فيدفع الفكرة إلى أبعد من ذلك، عبر بيئة افتراضية قائمة على الألعاب، تهدف إلى تمكين طيار واحد من قيادة 250 طائرة مسيّرة في مدينة وهمية، تقوم بمسح الأزقة وإرسال نموذج ثلاثي الأبعاد، أشبه بـ"جوجل ستريت ڤيو" مسلح.
وبينما تراهن إيران وأوكرانيا على الكثافة والجرأة، تسعى برامج "أوفست"، و"كولوسيوم" إلى منح الأسراب ميزة "الاستقلالية التكيفية".
أول حاملة مسيّرات طائرة
وتسابق الصين الزمن عبر تطوير طائرة "جيوتيان" الضخمة (أول حاملة مسيّرات طائرة)، بوزن 10 أطنان، قادرة على إطلاق 100 طائرة فرعية على ارتفاعات عالية.
كل هذا يضع البشرية تحت سماء قد تمتلئ قريباً بآلاف الطائرات المستقلة، لا أذكى من عصفور، لكنها تتفوق علينا في شيء واحد؛ القدرة على مشاركة كل ما تتعلمه فوراً.
مضادات المسيّرات
وقد يطلق المدافعون مستقبلاً "مضللات" ترسل إشارات GPS مزيفة لإرباك الطائرات، أو حتى جعلها تصطدم ببعضها.
وتعمل إسرائيل على تطوير ليزر لقطع أجنحة طائرات "شاهد"، بديلاً عن الصواريخ المكلفة، بتكلفة لا تتجاوز ثمن تذكرة مترو. لكن مع تطور الدفاع، سيتطور الهجوم، ودورة الابتكار ستتسارع أكثر فأكثر.
من كل ما سبق، تشير Scientific American إلى أن الطائرات المسيّرة الإيرانية من طراز "شاهد"، والطائرات الرباعية الأوكرانية، وبرنامج "القطيع الذهبي" الأميركي، تكشف، كل منها، عن ثلاث مسارات مختلفة نحو مفهوم "الاستقلالية الجماعية"، وكل منها يعيد رسم قواعد الدفاع الجوي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"صُنّاع الغد".. أكاديمية هيئة المساحة الجيولوجية تُعلن فتح باب القبول في برنامج للتدريب التعاوني
"صُنّاع الغد".. أكاديمية هيئة المساحة الجيولوجية تُعلن فتح باب القبول في برنامج للتدريب التعاوني

صحيفة سبق

timeمنذ 4 ساعات

  • صحيفة سبق

"صُنّاع الغد".. أكاديمية هيئة المساحة الجيولوجية تُعلن فتح باب القبول في برنامج للتدريب التعاوني

أعلنت أكاديمية هيئة المساحة الجيولوجية السعودية عن فتح باب القبول في برنامج "صُنّاع الغد" للتدريب التعاوني لعام 2025 ابتداءً من 18 يونيو 2025م ولمدة أسبوعين، حيث يتيح لطلاب وطالبات الجامعات والكليات من مختلف التخصصات فرصة الالتحاق ببرنامج تدريبي نوعي يهدف إلى تأهيل وتمكين الكفاءات الوطنية الشابة، ورفع جاهزيتهم لسوق العمل عبر تجربة مهنية متكاملة داخل بيئة الهيئة. وأوضح المتحدث الرسمي للهيئة طارق أبا الخيل أن برنامج "صُنّاع الغد" يعكس دور الهيئة المحوري في تنمية رأس المال البشري الوطني، عبر تدريب الطلاب على أحدث التقنيات المستخدمة في استكشاف الموارد الطبيعية، ودراسة الظواهر الجيولوجية، بما يعزز المهارات الفنية والوعي المجتمعي بأهمية علوم الأرض ودورها في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق مستهدفات التنمية المستدامة. وأشار إلى أن البرنامج يتضمن مراحل متعددة تبدأ بالإعلان عن المقاعد الشاغرة، يليها إجراءات الاختيار والقبول، ثم التسجيل والبدء في البرنامج، مرورًا بمرحلة التدريب والتقييم، وانتهاءً بالتخرج ومنح شهادة إتمام البرنامج، وتهدف الهيئة من خلاله إلى إعداد جيل مؤهل عبر تدريب يشمل الإرشاد المهني ويراعي مبادئ الاستدامة. وأفاد بأن البرنامج يعزز الكفاءات الوطنية في قطاع الجيولوجيا، فضلًا عن الإسهام في تحقيق رؤية المملكة 2030 من خلال تنمية قطاع الموارد الطبيعية والبشرية، ودعم الابتكار في علوم الأرض، وإتاحة الفرص لتوظيف الخريجين المتميزين في الهيئة أو الجهات ذات العلاقة، وفقًا للاحتياج، داعيًا الراغبين في الالتحاق بالبرنامج إلى الدخول إلى قنواتها الرسمية للتسجيل والاطلاع على تفاصيل وشروط البرنامج عبر الرابط:

الرقابة النووية : مصر آمنة إشعاعيًا.. نمتلك أجهزة رصد تعمل على مدار الساعة
الرقابة النووية : مصر آمنة إشعاعيًا.. نمتلك أجهزة رصد تعمل على مدار الساعة

العربية

timeمنذ 4 ساعات

  • العربية

الرقابة النووية : مصر آمنة إشعاعيًا.. نمتلك أجهزة رصد تعمل على مدار الساعة

في ظل التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل واحتمال حدوث تأثيرات إشعاعية في منطقة الشرق الأوسط، ترأس الدكتور سامي شعبان، رئيس مجلس إدارة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في مصر، اجتماع اللجنة العليا للطوارئ النووية والإشعاعية، للوقوف على مدى احتمال حدوث تأثيرات إشعاعية على مصر. وأفاد بيان صادر، الأربعاء، عن هيئة الرقابة النووية، أن الاجتماع شهد تسليط الضوء على تقرير يتناول المتابعة الدورية للتطورات النووية والإشعاعية، حيث أكدت الهيئة أن الوضع الحالي في مصر آمن تمامًا، ولا توجد أي مؤشرات تشير إلى احتمال حدوث تأثيرات إشعاعية. وأوضحت الهيئة أنها تمتلك أجهزة رصد تعمل على مدار 24 ساعة، تضمن سلامة وأمان المواطنين. ونوّه البيان إلى المتابعة المستمرة والمباشرة مع الجهات الوطنية المعنية، بما في ذلك الهيئة العامة للأرصاد الجوية والمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بين الأطراف المذكورة منذ عام 2022 لتعزيز التعاون في هذا المجال. خطة توعوية وإنذار مبكر كما ناقشت اللجنة العليا أهمية وضع خطة توعية تهدف إلى توضيح المفاهيم الصحيحة حول الأنشطة النووية والإشعاعية، ودحض أي مفاهيم مغلوطة قد تُثار. وأوصى الاجتماع باستمرار المتابعة الدقيقة لشبكات الرصد والإنذار المبكر، والتعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. إضافةً إلى ذلك، تمت الإشارة إلى ضرورة تعزيز قنوات التواصل مع المواطنين للحد من الشائعات وزيادة الوعي بأهمية الأمن والأمان النووي والإشعاعي. وأعلنت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية مجددًا التزامها التام بتأمين صحة وسلامة المواطنين، ونقل المعلومات الدقيقة والشفافة لتعزيز الثقة والمصداقية.

"فلكية جدة": الليلة تبدأ مرحلة التربيع الأخير لقمر ذي الحجة
"فلكية جدة": الليلة تبدأ مرحلة التربيع الأخير لقمر ذي الحجة

صحيفة سبق

timeمنذ 5 ساعات

  • صحيفة سبق

"فلكية جدة": الليلة تبدأ مرحلة التربيع الأخير لقمر ذي الحجة

يصل القمر اليوم إلى مرحلة التربيع الأخير لشهر ذي الحجة عند الساعة 10:19 مساءً (07:19 مساءً بتوقيت غرينتش), بعد أن يكون أكمل ثلاثة أرباع مداره حول الأرض. وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة، أن القمر سيشرق بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، وسيبقى يُزين السماء حتى بقية الليل، ويُرصد عاليًا في السماء بالتزامن مع شروق شمس يوم الخميس، قبل أن يغرب بعد الظهر وفق التوقيت المحلي. وعَـد فترة التربيع الأخير من أنسب الأوقات لرصد معالم سطح القمر، ويظهر نصفه مضاءً والنصف الآخر في ظلال، ما يتيح فرصة مثالية لاستخدام المناظير أو التلسكوبات الصغيرة لمشاهدة الجبال والفوهات القمرية بوضوح، خاصة على امتداد "الحد الفاصل" بين الجانبين النهاري والليلي، ويضفي تداخل الضوء والظل مشهدًا ثلاثي الأبعاد يُثري تجربة الرصد والتصوير الفلكي. وأشار إلى أنه خلال الأيام القليلة المقبلة ستتقلص المسافة الظاهرية بين القمر والشمس تدريجيًا حتى يصل القمر إلى طور هلال نهاية الشهر، ويرصد قبيل شروق الشمس، استعدادًا لوصوله إلى منزلة الاقتران، إيذانًا ببدء شهر محرم 1447هـ.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store