logo
الحجاج السوريون يتوجهون لأداء الحج من العاصمة دمشق

الحجاج السوريون يتوجهون لأداء الحج من العاصمة دمشق

الجزيرةمنذ 2 أيام

انطلقت قوافل الحجاج السوريين لأول مرة منذ 14 عاما من العاصمة دمشق صوب الأراضي المقدسة.

المصدر : الجزيرة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السينما الإيرانية.. تاريخ طويل بين التضييق والاحتفاء العالمي
السينما الإيرانية.. تاريخ طويل بين التضييق والاحتفاء العالمي

الجزيرة

timeمنذ 33 دقائق

  • الجزيرة

السينما الإيرانية.. تاريخ طويل بين التضييق والاحتفاء العالمي

في السنوات الخمس الماضية قوبلت السينما الإيرانية بحفاوة كبيرة في المسابقات الدولية، وأصبحت محط الأنظار كلما أعلن اختيار فيلم إيراني جديد في المسابقة الرسمية بأي من المهرجانات الكبرى. فعلى سبيل المثال لا الحصر شارك فيلم 'عنكبوت مقدس' (Holly Spider) و'أخوات ليلى' (Leila's Brothers) بالمسابقة الرسمية لمهرجان 'كان' عام 2022، وفي العام الماضي شارك فيلم 'كعكتي المفضلة' (My Favorite Cake) في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين. وهذا العام تعود السينما الإيرانية بقوة ممثلة في واحد من أعلامها الذين برزوا في التسعينيات، ألا وهو جعفر بناهي بفيلمه 'حدث بسيط' (It Was Just an Accident)، وقد فاز عنه بالسعفة الذهبية، وكان قد فاز بالأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام 2000 عن فيلمه 'الدائرة' (The circle)، وجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين عام 2015 عن فيلمه 'سيارة أجرة'، فكان بذلك قد حصد الجوائز الثلاث الكبرى. إذا أردنا الحديث عن الاحتفاء بالسينما الإيرانية المعاصرة، وبجعفر بناهي، ومن قبله أصغر فرهادي، وعباس كيارستامي، ومجيد مجيدي، وجميعهم قد نالوا جوائز عالمية، بدءا من 'كان' مرورا بالأوسكار وغيرها من الجوائز، فلا سبيل إلى ذلك إلا بالرجوع لسياق المجتمع الإيراني؛ ظروفه وتقلباته السياسية والاجتماعية، لا سيما من بعد الثورة التي قامت على الشاه عام 1979، ثم ما سبق ذلك منذ منتصف القرن. 'استحمار الشاه'.. صب الزيت على شعلة الثورة في كتابه 'مدافع آية الله'، يحيل الصحفي والمؤرخ المصري محمد حسنين هيكل شرارة الثورة الإيرانية وبداية زعزعة حكم الشاه إلى العام 1951، حينما قرر رئيس الوزراء محمد مصدق تأميم النفط، فأغضب ذلك بريطانيا، وكانت يومئذ مهيمنة على النفط بشركة 'الأنجلو إيرانية'، فتعاونت بريطانيا وأمريكا في الانقلاب على مصدق عام 1953، فعاد بعدها الشاه محمد رضا بهلوي، وحكم بقبضة من حديد. وفي عام 1963، أصدر بهلوي بضعة قرارات 'إصلاحية'، تحت راية ما سمي 'الثورة البيضاء'، وقد رأى أن من شأنها وضع المجتمع الإيراني على الساحة الدولية سياسيا واجتماعيا، لكنه أغضب بتلك القرارات المجتمع الإيراني المحافظ، المعتد بهويته وثقافته. وكان من أبرز الثوار على تلك القرارات آية الله الخميني، وقد وصفها بأنها ليست إلا مصالحة وانبطاحا مع الغرب، واتهم الشاه بالعمالة للغرب، ونتيجة لذلك اعتُقل الخميني، ثم نُفي إلى الخارج عام 1964. وفي محاضرة بعنوان 'النباهة والاستحمار'، يقول الكاتب والمفكر الإيراني علي شريعتي إن نظام الشاه عمل من ناحيتين: أولاهما تغييب المواطن الإيراني، وإبعاده عن 'الدراية الإنسانية' و'الدراية الاجتماعية'، وبذلك أمكن أن يساق بسهولة إلى 'الاستحمار'. والاستحمار عنده هو آلية شائعة في دول العالم الثالث، التي تحكمها دول شمولية أو سلطة مستبدة، وبذلك فهي آلية نابعة من الحكم الأوتوقراطي، وقد حدد لها شريعتي نوعين، قديم وحديث، وعدّ ما يحدث في زمن الشاه نوعا من الاستحمار الحديث، وهو أن ينشغل العامة بما تفرضه السلطات وتعده صالحا ولكن بمعاييرها، لذلك رأى أن نظام الشاه ماهو إلا امتداد للاستعمار، في ظاهره ينادي بالحداثة والعلم والتحضر، وفي باطنه لا يأمل إلا بمحو الهوية والتراث. السينما الإيرانية الجديدة.. حركة سينمائية ضد الحداثة والتغريب كانت صناعة السينما يومئذ متوائمة مع فكر الشاه، فكانت سينما تجارية بلا روح ولا هوية، متماشية مع الذوق العام العالمي، لكن مع بداية الستينيات ومنتصفها بدأت حركة سينمائية موازية، بدا صانعوها واعين للخطر المحدق بالمجتمع الإيراني، المسمى بالإصلاح. عد فيلم 'مرآة وطوب' (The Brick and The Mirror) الذي أخرجه إبراهيم كلستاني (1966)، من الأفلام المؤسسة للسينما الإيرانية الجديدة، وهي سينما نشأت جذورها في الستينيات -لا كما يشاع أنها بدأت بعد ثورة الخميني على الشاه في نهاية السبعينيات، وكان من أبرز أعمالها فيلم 'المنزل أسود' (The House is Black) للشاعرة فروغ فرخزاد (1962)، وفيلم 'كلستاني'، وفيلم 'البقرة' (The Cow) للمخرج داريوش مهرجوي (1969). الملفت هو تزامن تلك الحركة مع بدء الحركات 'الإصلاحية' التي بدأها محمد رضا بهلوي (الشاه) باسم الثورة البيضاء، فإن كان بهلوي -بتعبير شريعتي- قد فرض استحمارا حداثيا على المجتمع الإيراني يومئذ، أدى إلى تغريب تام وبعد عن الهوية، فإن تلك الحركة السينمائية كانت تؤكد وجود مقاومة ما، تنبه لها صناع السينما مبكرا وعبروا عنها. وفي فيلم 'مرآة وطوب' نرى سائق الأجرة هشام يفاجأ ليلا بطفل رضيع يبكي في كرسي سيارته الخلفي، تركته أمه وحيدا وهربت، ويقاسي هشام الأمر وحده لشعوره بالمسؤولية تجاه الطفل المتروك، حتى يلاقي صديقته تاجي، ويفكران في إيواء الطفل. ومع محاولتي مقاربة الفيلم بالسينما العالمية، وجدت تشابهات عدة بينه وبين فيلم 'سائق الأجرة' (Taxi Driver) للمخرج 'مارتن سكورسيزي'، الصادر بعد فيلم 'كلستاني' بعشر سنوات، فهما يشتركان في عمل البطل، وشعوره بالسأم تجاه مدينته، وشعوره بالمسؤولية عن الطفل، وهو نفسه شعور 'ترافيس' تجاه الفتاة التي يقابلها في فيلم 'سكورسيزي'، ثم الرغبة الكامنة في الخلاص، حتى أنهما يشتركان في تقنيات بصرية عدة. ويظهر سخط كبير متخفٍّ في فيلم 'كلستاني' فيكون الرضيع المتروك -ممثلا للمستقبل- بلا هوية ولا ملجأ، في حين يرفض الجميع مسؤولية البحث عن أهله أو إيوائه، وهنا يؤكد 'كلستاني' خطورة تلك النزعة الفردانية التي ولدتها الحداثة الغربية ويدينها، لأنها في نظره قد وضعت المجتمع الإيراني على الحافة بفقدانه المسؤولية الفردية والجماعية. يتجلى ذلك في مشهد الفيلم الأخير، حين تقف تاجي منهارة في ممر ملجأ الأيتام، ويتركها هشام ويمشي وحيدا، فيقف أمام نافذة عرض بها كثير من التلفزيونات تعرض برنامجا أجنبيا، ينادي المتحدث فيه بأهمية الاعتداد بالذات، وضرورة وجود نزعة فردانية. نرى ذلك بشكل أكثر قسوة في فيلم 'البقرة'، المقتبس عن قصة للكاتب الإيراني غلام حسين ساعدي، وقد عُرض في مهرجان البندقية عام 1971، وحصد جائزة النقاد، وعده البعض الفيلم المؤسس للواقعية الإيرانية. فقد كانت بيئة الفيلم وموضوعه شديدي الخصوصية، وحرك الفيلم المياه الراكدة بعرضه في البندقية، ولفت أنظار العالم أجمع للسينما الإيرانية وخصوصيتها، وفي الفيلم نرى الفلاح 'ماشتي' يصاب بالجنون بسبب موت بقرته، التي لا يرى هويته ولا فاعليته في شيء سوى خدمتها، حتى أنه يقبل التسليم بكونه بقرة، أو أي شيء غير أن يكون إنسانا، في مجتمع مقبل على فقدان إنسانيته. وذلك تنبؤ نابع من تشاؤم تجاه ما سيقبل عليه المجتمع الإيراني، ولذلك عد الفيلم طليعيا في وقته، لدرجة أنه أعجب الشاه في البدء، ثم منعه بحجة أنه يعطي صورة سيئة عن المجتمع الإيراني، أما الخميني فعبّر عن إعجابه بالفيلم فيما بعد. وبالمثل كان فيلم 'فروغ فرخزاد'، وهو فيلم على نقيض الميلودراما تماما، كما أنه لا يحتفي بالقبح، بل من خلال أرض المجذومين يعيد طرح سؤال جوهري؛ هل نحن مجبورون على عيش حياة لا نملك فيها خيارا؟ المزج بين الوثائقي والروائي.. على خطى السينما الثالثة اجتاحت المجتمع الإيراني في السبعينيات تقلبات سياسية واجتماعية، وناله كثير من القمع وتضييق الخناق، لكن ذلك لم يمنع صناع السينما من المضي في طريقهم، فظهرت وجوه جديدة من المخرجين، تدعّم ما بناه مخرجو الستينيات، فمنهم عباس كيارستامي، وبهرام بيضائي، وسوهراب شاهيد ساليس وغيرهم. تبنى أولئك في سينماهم قصصا بسيطة، مؤثرة وإنسانية في المقام الأول، وغلب عليها الأسلوب التوثيقي، وهو ما تبناه مخرجو السينما الثالثة في أمريكا اللاتينية ودول غرب أفريقيا والهند في الخمسينيات والستينيات، مما يتلاءم مع إمكانياتهم ورغبتهم في توثيق حقيقة ما يقاسونه لا غير. فمثلا نرى في فيلم 'حياة رتيبة' (Still life) للمخرج سوهراب شاهيد ساليس (1974) تغير حياة عامل محطة السكة الحديد من حياة بائسة ورتيبة إلى حياة أكثر بؤسا ورتابة، نتيجة قرار تعسفي بفصله، بعد قضائه أكثر من 30 عاما في عمله، ثم استُبدل بعامل جديد أكثر شبابا. بتلك القصة البسيطة جدا في ظاهرها، تظهر سمات عدة لحركة السينما الإيرانية الجديدة، منها الانتقاد السياسي والمجتمعي اللاذع، ولكن بخفة لا تحس، ففي الفيلم نستشف صراعا بين القديم والجديد، ونلتمس آثار البيروقراطية التي يروح البطل ضحية لها، ولا يستطيع استرداد حقه، ولا إيجاد مأوى لأسرته. ويغلب الطابع التوثيقي على الفيلم. يتمثل ذلك في أفلام عباس كيارستامي الأولى أيضا، التي أنتجها معهد 'كانون' (مركز تنمية الأطفال والمراهقين)، فنلحظ الأسلوب التسجيلي الطاغي على سينما عباس في تلك الأفلام: 'الخبز والزقاق' (The Bread and The Alley). 'التجربة' (The Experience). 'المسافر' (The Traveler). ويتجلى ذلك بشكل أكثر إحكاما والتباسا أيضا في أفلام تالية لعباس في التسعينيات، كما نرى في ثلاثيته: 'أين منزل صديقي؟' (Where is My Friend's House). 'الحياة ولا شيء آخر' (Life, and Nothing More). 'عبر أشجار الزيتون' (Through The Olive Trees). 'عن قرب' (Close–up). وهي جميعا أفلام يصعب التفرقة فيها بين الواقعي والمصور أغلب الوقت. ولم يقتصر ذلك على كيارستامي، بل نراه ممتدا لآخرين، منهم جعفر بناهي في فيلمه الروائي الطويل الأول 'البالون الأبيض' (The White Ballon) الصادر عام 1995، وقد كتب كيارستامي سيناريو الفيلم، ونال جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان 'كان'. يتماس الفيلم مع آخر فرنسي، هو 'البالون الأحمر' (The Red Ballon) للمخرج 'آلبير لاموريسي'، ولكن ما يميز فيلم بناهي هو الطابع الإيراني الأصيل للحكاية، الذي يؤكد عليه بناهي باختياره نهاية مفتوحة، وهي ليست سعيدة في الغالب، على عكس فيلم 'لاموريسي'، الذي ينتهي بشكل ميلودرامي واحتفائي ساحر. على نفس الخطى كان فيلم 'لحظة براءة' (A Moment of Innocence) لمحسن مخملباف (1996)، الذي يحكي فيه مخملباف حادثة قديمة له، في مزج بين الأوتوغراف والروائي، ويتميز الفيلم بخصوصية شديدة، نظرا لشجاعة مخرجه في انتقاد نفسه وحماسة شبابه في المقام الأول، ثم التطرق شيئا فشيئا للنقد المجتمعي والسياسي، بأسلوب شاعري بسيط في ظاهر القصة ومركب في بنيته. يؤكد انتهاج ذاك الأسلوب شيئين: أولهما رغبة صناع السينما في توثيق صورة حقيقية لمجتمعهم، تؤكد أصالته وهويته، وواقع ما يعيشون كما هو موجود لا كما يأملون بالضرورة، والثاني قلة إمكانياتهم والتضييق الذي كانوا يجدونه لصناعة تلك الأفلام، وهو ما يظهر في اختيارهم للأماكن والتأثيث وحتى التقنيات المستخدمة. الأطفال يكتشفون العالم.. سينما مطرزة بالبراءة لقد وصف كاتب السيناريو الفرنسي 'جان كلود كارييه' سينما كيارستامي بأنها سينما 'مطرزة بالبراءة'، وهو التوصيف الذي اختاره الناقد أمين صالح ليكون عنوانا للكتاب الذي تناول فيه مسيرة كيارستامي وأفلامه. البراءة مرتبطة بالطفولة، وكذلك الدهشة والرغبة في اكتشاف العالم، فالفضول طفولي وأصيل جدا في الإنسان، وهو ما ينبهنا له كيارستامي دوما في سينماه. ففي فيلمه 'أين منزل صديقي؟' تحديدا، يتضح أن طفل كيارستامي يتجاوز الخاص ليصل إلى العام والشامل، فالفكرة التي ينطلق منها كيارستامي في فيلمه، من خلال شعور أحمد بالمسؤولية، ثم رغبته بإيصال كراسة الواجب لصديقه أحمد، هي تنبيه في المقام الأول لضرورة وجود الضمير الإنساني. لذلك فتيه الطفل بين البيوت والحارات التي لا يعرفها، لا يعد تيه طفل صغير، بل يعبر عن مجتمع وإنسانية بأكملها في طريقها للضياع، إنه نداء لليقظة، ونزعة وجودية تتجلى في النهاية، حين يفتح الطفل كراسته ليجد زهرة صغيرة. هنا يكمن إيمان عباس بالإنسانية، متمثلة في الطفل أحمد، الذي رأى إيصال كراسة صديقه واجبا أخلاقيا وهدفا في الحياة. لم يقتصر رصد الأطفال على كيارستامي، فلقد صور 'سوهراب ساليس' فيلمه المبكر 'حدث بسيط' (A Simple Event) عام 1973، ونرى فيه معاناة أسرة مكونة من زوج وزوجة وطفل صغير، وتعكس عيون الطفل ما تقاسيه الطبقة العاملة جميعا في بيئة فقيرة. نرى ذلك أيضا في أفلام أخرى، منها: 'الصمت' (The Silence)، لمحسن مخملباف. 'أطفال الجنة' (Children of Heaven) لمجيد مجيدي. 'البالون الأبيض' (White Ballon)، لجعفر بناهي. وغيرها من الأفلام. ولم يكن تصوير الأطفال نابعا من دافع عاطفي أو إنساني بحت، بل رأى مخرجو الواقعية الإيرانية أن قصص الأطفال -على بساطتها ظاهريا- تستطيع نقد المنظومة بأكملها وتفكيكها، من غير اصطدام مباشر بالسلطة، لا سيما بعد التضييق الذي طال السينما بعد الثورة الإيرانية. 'أن لا تتنافى مع الفكر الإسلامي والثورة'.. سينما الخميني بعد نفيه خارج البلاد عام 1964، حرّض الخميني على الثورة طوال مدة نفيه للخارج، وبين عامي 1977-1979 اندلعت مواجهات كثيرة بين الشعب -ممثلا في رجال دين وطلاب وعمال ومثقفين- وبين الطبقة الحاكمة، مما أدى إلى هروب الشاه، ورجوع الخميني إلى إيران، ثم توليه الحكم. لم تكن نظرة الخميني إلى السينما منصفة، فلقد رآها فنا فاسدا، وهو نتاج المنظومة الغربية، لكن بعد استقراره في الحكم كان واضحا تجاه السينما، فصرح قائلا: السينما يجب أن تخدم الشعب الإيراني، وأن لا تتنافى مع الفكر الإسلامي والثورة. وبذلك دعا إلى 'سينما إسلامية'، ولم يكن ذلك صادما، فبعد توليه الحكم لم تستطع فئة أخرى الإدلاء بصوتها أو المشاركة في الحكم، سواء من اليسار أو غيرهم، مما أدى إلى نشوء ما سمي 'ولاية الفقيه'. بناء على ذلك غادر مخرجون كثر إيران على مدار السنين، بسبب المنع والتضييق، فمنهم بهرام بيضائي، وسوهراب شاهيد ساليس، وشيرين نشاط، ثم محسن وعباس اللذان سئما، وحاولا صنع أفلامهم في الخارج مع نهاية العقد الأول من الألفية. أفلام ترسم ملامح مجتمع متنوع لم تختلف سينما ما قبل الثورة عما بعدها، فلقد برزت تجارب كثيرة واعدة في التسعينيات، منها الأفلام آنفة الذكر للمخرجين عباس كيارستامي، ومحسن مخملباف، وجعفر بناهي، ومجيد مجيدي، وبرزت أسماؤهم في مهرجانات عالمية، منها تورونتو والبندقية ولوكارنو وكان، وحتى في جائزة الأوسكار. وقد توج فيلم بناهي 'البالون الأبيض' بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان 'كان'، وفاز فيلم عباس 'أين منزل صديقي؟' بجائزة النقاد الدولية في 'لوكارنو'، وفيلمه 'ستحملنا الرياح' بالجائزة الكبرى للجنة التحكيم بمهرجان البندقية، ورُشح فيلم 'أطفال الجنة' لمجيد مجيدي للأوسكار، وفاز عباس بالسعفة الذهبية في مهرجان 'كان' عن فيلمه 'طعم الكرز' (Taste of Cherry)، وفاز بناهي بالأسد الذهبي في مهرجان البندقية عن فيلمه 'الدائرة' (The circle). يؤكد ذلك كله مدى براعة مخرجي إيران يومئذ وذكائهم، فبرغم التضييق، وفرض القيود المجتمعية والسياسية والدينية، لم يُمنعوا ذلك من التعبير عن أنفسهم. والجدير بالذكر أن المجتمع الإيراني لم يكن قبل الثورة مجتمعا منفتحا بالصورة المتخيلة عنه، فمثلما نرى في فيلم كلستاني 'مرآة وطوب' ملاهي ليلية وخمورا ودخانا، وتظهر النساء بشعورهن وأجسادهن في مشاهد حميمية، فعلى النقيض صورة أخرى للمجتمع الإيراني في فيلم داريوش مهروجي 'البقرة'، والفرق بينهما أقل من 4 سنوات. يؤكد ذلك مدى تنوع المجتمع الإيراني يومئذ وخصوصيته، من المدينة إلى الريف ومن التحفظ إلى الانفتاح، في صراع بين القديم والجديد، وبين الحداثي والأصولي، لذلك لم يكن كل المخرجين معارضين للثورة، فقد كان محسن مخملباف مثلا داعما للثورة حتى منتصف العقد الأول من الألفية. مخرجون في السجون ومواهب تحت الرقابة لم تكن أزمة السينما دينية فقط، بل كانت متجلية أكثر في القمع السياسي، ووصل الأمر أشده حين سجنت السلطات جعفر بناهي ومحمد رسولوف في عام 2010، إثر تصويرهما فيلما عن المظاهرات التي تلت إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية. وحُكم عليهما بالسجن 6 سنوات، ثم خُفف بعدها إلى عام واحد، ومُنعا من صناعة الأفلام 20 عاما. وبعد خروجهما من السجن، ظلا يصنعان الأفلام في السر، وكانت تلك الأفلام أكثر أفلامهما شهرة، فقد فازت بجوائز في المهرجانات الكبرى. لذلك نرى حالة خاصة متمثلة في فيلم 'هذا ليس فيلما' (This Is Not a Film) لبناهي، الذي عرض في مهرجان 'كان' عام 2011، وكان قد صنعه تحت الإقامة الجبرية في منزله، ويقال إنه أرسله للمهرجان في فلاشة (ذاكرة) وضعت في كعكة كبيرة. كما فاز فيلمه 'سيارة أجرة' (2015) بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين، وفاز فيلم رسولوف 'رجل نزيه' (A man of Integrity) الصادر عام 2017، بجائزة 'نظرة ما' في مهرجان 'كان'، وفاز فيلمه 'لا يوجد شر' (There is No Evil) الصادر عام 2020 بجائزة الدب الذهبي في برلين. وبعد فوز رسولوف بالجائزة، زاد الخناق عليه واعتقل بعدها عام 2022، بتهمة التحريض على النظام، وحكم عليه عام 2024 بالسجن 8 سنوات، ولكنه هرب إلى أوروبا قبل تنفيذ الحكم. وقد عرض فيلمه 'بذور التين المقدس' (The Seed of Sacred Fig) في مهرجان 'كان' في نفس السنة، وهو فيلم قد صنعه في إيران قبل هروبه. وجدير بالذكر أن بناهي اعتُقل أيضا عام 2022 أثناء متابعته قضية رسولوف، وقد خرج من السجن عام 2023، بعد احتجاجه وامتناعه عن الطعام، ثم صنع فيلمه الجديد 'حدث بسيط'، فاصطاد به السعفة الذهبية. سينما تتحدى الحظر والتضييق ربما تدل كل تلك الصعوبات على الكيفية التي نالت بها السينما الإيرانية مكانتها العالمية، وتفسر أهمية وجود مقاعد محجوزة كل عام للأفلام الإيرانية، نظرا لصعوبة صناعتها في البدء، ثم قدرة مخرجيها على التعبير في أضيق الحدود بصدق. وبأخذ أفلام المخرج أصغر فرهادي نموذجا على ذلك، ربما تتضح حيثيات فوزه بجائزتي أوسكار عن فيلمه 'انفصال' (Separation) الصادر عام 2011، وفيلمه 'البائع' (The Sales Man) الصادر عام 2016. عُرض فيلم 'انفصال' بعد الحكم على بناهي ورسولوف، وبأخذه نموذجا يكون المستوى الأول، وهو الحيثية السياسية، وعلى مستوى آخر توجد خصوصية المجتمع الإيراني المحلية، التي تجعل موضوعاته مادة مثيرة للاطلاع، لأنها دوما جديدة على المجتمعات الغربية، فهي نتيجة لإرث كبير، وتاريخ طويل من الصراع.

"ضجيج كبير وردع قليل".. لماذا فشلت ضربات إسرائيل بتحييد جبهة اليمن؟
"ضجيج كبير وردع قليل".. لماذا فشلت ضربات إسرائيل بتحييد جبهة اليمن؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

"ضجيج كبير وردع قليل".. لماذا فشلت ضربات إسرائيل بتحييد جبهة اليمن؟

تواصل جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) تنفيذ ضرباتها الصاروخية باتجاه أهداف إسرائيلية، في إطار معركة "إسناد غزة"، وهو ما يثير تساؤلات بشأن فشل تل أبيب في تحييد هذه الجبهة رغم ضرباتها المكثفة على اليمن. وفي هذا الإطار، يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إن إسرائيل باتت تعاني اختلالا في مفهوم الردع والدفاع، إذ اعتادت تاريخيا أن تكون ضرباتها أكثر ردعا وأثرا وأقل تكلفة، لكن بالأعوام الـ30 الأخيرة باتت تقوم بعملية ردع عبر الاحتلال. ووفق حديث جبارين لبرنامج "مسار الأحداث"، فإن إسرائيل تنفذ عمليات في اليمن ذات ضجيج إعلامي وبتكلفة كبيرة، لكن بأثر ردع قليل. وبناء على ذلك، فإن إسرائيل عالقة بين البعد الإستراتيجي الاستخباراتي، وبين كل ما يريده وزيرا المالية والأمن القومي الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش و إيتمار بن غفير للحفاظ على توليفة الحكومة. وأمس الأحد، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع تنفيذ 4 عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية حيوية بصاروخ باليستي فرط صوتي وطائرات مسيّرة، مؤكدا أنهم يعملون على فرض حظر كامل على حركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون بعد النجاح في فرض حظر جزئي. بدوره، يقول الخبير العسكري العميد عابد الثور إن الحوثيين يرسلون رسالة مفادها بأنهم "يمتلكون القوة الكافية لتوجيه ضربات للاحتلال طالما استمر بارتكاب جرائم الإبادة في قطاع غزة". واستبعد الخبير العسكري ما يدعيه الاحتلال بإسقاط الصواريخ اليمنية، مشيرا إلى تقدم الصناعات العسكرية للحوثيين، وأنها "ستثير رعبا، وستصل إلى مستوى إفشال قدرة الاحتلال في اعتراضها". أما الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي فأكد أن ضربات الحوثيين تعد إحدى المشكلات التي تواجهها إسرائيل في غزة، لكنها ليست الوحيدة. وحسب مكي، فإن هذه الضربات "لا تسبب صدمة لإسرائيل في منظومة الردع فحسب، وإنما بقدرتها في التعامل مع المحيط الخارجي". وأعرب عن قناعته بأن صواريخ اليمن "سببت أزمة لإسرائيل في نظرتها لنفسها كدولة متفوقة في المنطقة". وبشأن تداعياتها، قال الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات إن عمليات الحوثيين "تزيد تكاليف العدوان على غزة، وتجعل من الزمن عدوا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومخططه الكبير". وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الحوثيين أطلقوا 43 صاروخا باليستيا من اليمن على إسرائيل، إضافة إلى ما لا يقل عن 10 طائرات مسيرة، منذ استئناف إسرائيل حربها على قطاع غزة في 18 مارس/آذار الماضي. فشل إسرائيلي وأعرب عابد الثور عن قناعته بأن إسرائيل "فشلت في ضرباتها ضد منشآت مدنية واقتصادية وحيوية يمنية"، مؤكدا أن هذه الضربات تعد جريمة واضحة. وأضاف "لو كانت إسرائيل قادرة على فرض حظر بحري وجوي على اليمن لنفذته منذ بداية طوفان الأقصى"، مشيرا إلى أن "الحوثيين يعلمون بنتائج إسناد غزة، وأصروا على ذلك للرد على المجازر". وعلى مدار الأشهر الماضية، شنت إسرائيل غارات عدة على اليمن، إحداها في السادس من مايو/أيار الماضي، وألحقت أضرارا كبيرة ب مطار صنعاء الدولي و ميناء الحديدة على البحر الأحمر. وأطلق الحوثيون 17 صاروخا منذ الثاني من الشهر الماضي، أي بمعدل صاروخ كل يومين تقريبا، مما يعطل حركة الطيران ويحدث إرباكا مستمرا في الحركة الطبيعية للإسرائيليين. من جانبه، يرى الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي أن ذهاب إسرائيل إلى تصعيد مع الحوثيين يعني تصعيدا مع إيران، "لذلك تبقى عالقة في جبهة اليمن، دون أي قدرة بسبب العمى الاستخباراتي وغياب الردع الحقيقي". وجدد تأكيده على أن ضربات الحوثيين لديها تكلفة اقتصادية واجتماعية على إسرائيل. ويشأن الدور الأميركي، قال الخبير العسكري إن واشنطن خرجت عسكريا من البحر الأحمر ، لكن إسنادها الاستخباراتي واللوجستي لا يزال مستمرا مع إسرائيل. ولا يمكن للإستراتيجية الأميركية -وفق عابد الثور- أن تتخلى عن إسرائيل، التي "لا تتجاوز قدرتها الإستراتيجية العسكرية بما لا يتخطى فلسطين المحتلة بألف كيلومتر". في المقابل، قال مكي إن الولايات المتحدة لم تبدِ أي رد فعل سياسي أو عسكري واضح باتجاه ضربات اليمن، مشددا على أن واشنطن يهمها وجود ضغوط على نتنياهو، و"ألا يشعر بالأمان المطلق". ووفق مكي، فإن المفاوضات بين واشنطن وطهران لن تنعكس على ضربات الحوثيين باتجاه إسرائيل، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اقتنع بعد ضربات واشنطن على اليمن بأنه "دخل مستنقعا ومغامرة خاسرة، مما سيعرضه لخسائر أخلاقية وعسكرية".

الحرب على غزة مباشر.. تكذيب رواية الاحتلال بشأن مجزرة رفح وحماس مستعدة لجولة جديدة من المفاوضات
الحرب على غزة مباشر.. تكذيب رواية الاحتلال بشأن مجزرة رفح وحماس مستعدة لجولة جديدة من المفاوضات

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

الحرب على غزة مباشر.. تكذيب رواية الاحتلال بشأن مجزرة رفح وحماس مستعدة لجولة جديدة من المفاوضات

في اليوم الـ77 من استئناف حرب الإبادة على غزة، رحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باستمرار الجهود القطرية والمصرية للتوصل إلى إنهاء حرب الاحتلال في قطاع غزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store