logo
"ضجيج كبير وردع قليل".. لماذا فشلت ضربات إسرائيل بتحييد جبهة اليمن؟

"ضجيج كبير وردع قليل".. لماذا فشلت ضربات إسرائيل بتحييد جبهة اليمن؟

الجزيرةمنذ 2 أيام

تواصل جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) تنفيذ ضرباتها الصاروخية باتجاه أهداف إسرائيلية، في إطار معركة "إسناد غزة"، وهو ما يثير تساؤلات بشأن فشل تل أبيب في تحييد هذه الجبهة رغم ضرباتها المكثفة على اليمن.
وفي هذا الإطار، يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إن إسرائيل باتت تعاني اختلالا في مفهوم الردع والدفاع، إذ اعتادت تاريخيا أن تكون ضرباتها أكثر ردعا وأثرا وأقل تكلفة، لكن بالأعوام الـ30 الأخيرة باتت تقوم بعملية ردع عبر الاحتلال.
ووفق حديث جبارين لبرنامج "مسار الأحداث"، فإن إسرائيل تنفذ عمليات في اليمن ذات ضجيج إعلامي وبتكلفة كبيرة، لكن بأثر ردع قليل.
وبناء على ذلك، فإن إسرائيل عالقة بين البعد الإستراتيجي الاستخباراتي، وبين كل ما يريده وزيرا المالية والأمن القومي الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش و إيتمار بن غفير للحفاظ على توليفة الحكومة.
وأمس الأحد، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع تنفيذ 4 عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية حيوية بصاروخ باليستي فرط صوتي وطائرات مسيّرة، مؤكدا أنهم يعملون على فرض حظر كامل على حركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون بعد النجاح في فرض حظر جزئي.
بدوره، يقول الخبير العسكري العميد عابد الثور إن الحوثيين يرسلون رسالة مفادها بأنهم "يمتلكون القوة الكافية لتوجيه ضربات للاحتلال طالما استمر بارتكاب جرائم الإبادة في قطاع غزة".
واستبعد الخبير العسكري ما يدعيه الاحتلال بإسقاط الصواريخ اليمنية، مشيرا إلى تقدم الصناعات العسكرية للحوثيين، وأنها "ستثير رعبا، وستصل إلى مستوى إفشال قدرة الاحتلال في اعتراضها".
أما الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي فأكد أن ضربات الحوثيين تعد إحدى المشكلات التي تواجهها إسرائيل في غزة، لكنها ليست الوحيدة.
وحسب مكي، فإن هذه الضربات "لا تسبب صدمة لإسرائيل في منظومة الردع فحسب، وإنما بقدرتها في التعامل مع المحيط الخارجي".
وأعرب عن قناعته بأن صواريخ اليمن "سببت أزمة لإسرائيل في نظرتها لنفسها كدولة متفوقة في المنطقة".
وبشأن تداعياتها، قال الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات إن عمليات الحوثيين "تزيد تكاليف العدوان على غزة، وتجعل من الزمن عدوا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومخططه الكبير".
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الحوثيين أطلقوا 43 صاروخا باليستيا من اليمن على إسرائيل، إضافة إلى ما لا يقل عن 10 طائرات مسيرة، منذ استئناف إسرائيل حربها على قطاع غزة في 18 مارس/آذار الماضي.
فشل إسرائيلي
وأعرب عابد الثور عن قناعته بأن إسرائيل "فشلت في ضرباتها ضد منشآت مدنية واقتصادية وحيوية يمنية"، مؤكدا أن هذه الضربات تعد جريمة واضحة.
وأضاف "لو كانت إسرائيل قادرة على فرض حظر بحري وجوي على اليمن لنفذته منذ بداية طوفان الأقصى"، مشيرا إلى أن "الحوثيين يعلمون بنتائج إسناد غزة، وأصروا على ذلك للرد على المجازر".
وعلى مدار الأشهر الماضية، شنت إسرائيل غارات عدة على اليمن، إحداها في السادس من مايو/أيار الماضي، وألحقت أضرارا كبيرة ب مطار صنعاء الدولي و ميناء الحديدة على البحر الأحمر.
وأطلق الحوثيون 17 صاروخا منذ الثاني من الشهر الماضي، أي بمعدل صاروخ كل يومين تقريبا، مما يعطل حركة الطيران ويحدث إرباكا مستمرا في الحركة الطبيعية للإسرائيليين.
من جانبه، يرى الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي أن ذهاب إسرائيل إلى تصعيد مع الحوثيين يعني تصعيدا مع إيران، "لذلك تبقى عالقة في جبهة اليمن، دون أي قدرة بسبب العمى الاستخباراتي وغياب الردع الحقيقي".
وجدد تأكيده على أن ضربات الحوثيين لديها تكلفة اقتصادية واجتماعية على إسرائيل.
ويشأن الدور الأميركي، قال الخبير العسكري إن واشنطن خرجت عسكريا من البحر الأحمر ، لكن إسنادها الاستخباراتي واللوجستي لا يزال مستمرا مع إسرائيل.
ولا يمكن للإستراتيجية الأميركية -وفق عابد الثور- أن تتخلى عن إسرائيل، التي "لا تتجاوز قدرتها الإستراتيجية العسكرية بما لا يتخطى فلسطين المحتلة بألف كيلومتر".
في المقابل، قال مكي إن الولايات المتحدة لم تبدِ أي رد فعل سياسي أو عسكري واضح باتجاه ضربات اليمن، مشددا على أن واشنطن يهمها وجود ضغوط على نتنياهو، و"ألا يشعر بالأمان المطلق".
ووفق مكي، فإن المفاوضات بين واشنطن وطهران لن تنعكس على ضربات الحوثيين باتجاه إسرائيل، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اقتنع بعد ضربات واشنطن على اليمن بأنه "دخل مستنقعا ومغامرة خاسرة، مما سيعرضه لخسائر أخلاقية وعسكرية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

7 أسئلة تشرح لماذا تمعن إسرائيل بنسف المباني السكنية بغزة؟
7 أسئلة تشرح لماذا تمعن إسرائيل بنسف المباني السكنية بغزة؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

7 أسئلة تشرح لماذا تمعن إسرائيل بنسف المباني السكنية بغزة؟

تأخذ حرب الإبادة في قطاع غزة منذ عدة شهور منحا يتسم من بين أمور أخرى بحرب التجويع وبالتركيز على هدم المباني والمنشآت، ونسف ما بقي من معالم البنية التحتية والمباني السكينة في أرجاء القطاع المدمر. فمنذ أكثر من أسبوع، كثف الجيش الإسرائيلي بوتيرة متسارعة قصفه على المنازل والمباني السكنية المرتفعة التي ما زالت صامدة في قطاع غزة، مع تخوف الفلسطينيين من استمرار محاولات تهجيرهم واحتلال أراضيهم ضمن عملية "عربات جدعون". وحذّر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن هناك نمطا متصاعدا من عمليات القصف التي تطال الخيام والمباني السكنية والمستشفيات المكتظة، بالإضافة إلى تدمير منهجي لأحياء بأكملها. وفيما يلي بعض معالم سياسة الهدم الإسرائيلية التي بدأت عشوائية في بداية الحرب، ثم تحولت لاحقا إلى سياسة ممنهجة ومتعمدة. لماذا الهدم الممنهج للمباني؟ يرى العديد من المحللين أن الاحتلال يسعى من خلال مسارعته في تنفيذ وتكثيف سياسة نسف المباني والمنشآت إلى تحقيق جملة أهداف من بينها: تنفيذ سياسة التهجير التي فشل الاحتلال في تحقيها طيلة أكثر من عام ونصف من الحرب المدمرة على القطاع، حيث يهدف الاحتلال عبر سياسة التدمير إلى ترهيب من تبقى من الغزيين في تلك المناطق من أجل دفعهم للنزوح منها تحت وطأة النيران. استحالة العودة إلى الديار: في 13 مايو/أيار الماضي، كشفت تسريبات من جلسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب- اعترف بأنه يتم تدمير منازل الفلسطينيين في غزة عمدا لجعل عودتهم مستحيلة. وقال نتنياهو خلال الجلسة المغلقة: ندمر المزيد من المنازل في غزة يوميا، وبالتالي لن يجد الفلسطينيون مكانا يعودون إليه، وأضاف: النتيجة الوحيدة ستكون هجرة الغزيين خارج القطاع، لكن التحدي الأكبر هو إيجاد دول توافق على استقبالهم. توسيع العملية البرية إلى نطاقات أكبر وفقا لمخططات الاحتلال المعلنة منذ فترة، خاصة في شمال القطاع. احتلال المناطق التي يجري تدميرها وتهجير أهلها منها، وذلك ضمن عملية عربات جدعون، التي توعد فيها بالسيطرة على المناطق التي يتم احتلالها، وفق قوله. وفي هذا الإطار تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية في 22 مايو/أيار المنصرم، عن مخطط الجيش الإسرائيلي للسيطرة على 75% من غزة خلال الشهرين القادمين. جعل قطاع غزة في عمومه منطقة غير صالحة للعيش، وهو ما أكده تحقيق مشترك نشرته مجلة "972+" الرقمية الإسرائيلية، ويوثق هذا التحقيق بالصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو حجم الدمار الهائل في قطاع غزة ، الذي تسببت فيه الغارات الجوية والجرافات الإسرائيلية، وأوقعت أعدادا كبيرة من الشهداء والجرحى. وأعد هذا التحقيق الصحفي ميرون رابوبورت وزميله المصور الصحفي أورن زيف، وتحدث جنود إسرائيليون عمّا وصفوها بحملة إسرائيلية ممنهجة لجعل القطاع مكانا غير صالح للعيش. ما حجم الدمار في القطاع؟ تؤكد أحدث الإحصاءات التي نشرها المكتب الإعلامي في غزة في أواخر مايو/أيار المنصرم، أن: نسبة الدمار الشامل الذي أحدثه الاحتلال في قطاع غزة، وصلت إلى 88% بعد مرور 600 يوم على الإبادة الجماعية في القطاع. سيطر الاحتلال على 77% من مساحة القطاع بالاجتياح والنار والتهجير. 38 مستشفى قصفها الاحتلال أو دمرها أو أخرجها عن الخدمة. 82 مركزا طبيا قصفه الاحتلال أو دمره أو أخرجه عن الخدمة. 164 مؤسسة صحية قصفها الاحتلال أو دمرها أو أخرجها عن الخدمة. 144 سيارة إسعاف استهدفها الاحتلال الإسرائيلي. 54 مركبة للدفاع المدني (إنقاذ وإطفاء) استهدفها الاحتلال الإسرائيلي. 149 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية دمرها الاحتلال كليا. 369 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية دمرها الاحتلال جزئيا. 828 مسجدا دمرها الاحتلال "الإسرائيلي" بشكل كلي. 167 مسجدا دمرها الاحتلال "الإسرائيلي" بشكل جزئي. 3 كنائس استهدفها الاحتلال "الإسرائيلي. 19 مقبرة دمرها الاحتلال من أصل (60) مقبرة. 210 آلاف وحدة سكنية دمرها الاحتلال بشكل كلي. 110 آلاف وحدة سكنية دمرها الاحتلال بشكل بليغ غير صالح للسكن. 180 ألف وحدة سكنية دمرها الاحتلال بشكل جزئي. 280 ألف أسرة فلسطينية بدون مأوى. 113 ألف خيمة اهترأت كليا وغير صالحة للإقامة. 241 مركزا للإيواء والنزوح القسري استهدفها الاحتلال. 719 بئر ماء دمرها الاحتلال "الإسرائيلي" وأخرجها من الخدمة. 3.780 كيلو مترا أطوال شبكات كهرباء دمرها الاحتلال. 2.105 محولات توزيع كهرباء هوائية وأرضية دمرها الاحتلال. 330 ألف متر طولي شبكات مياه دمرها الاحتلال. 227 مقرا حكوميا دمرها الاحتلال الإسرائيلي. 46 منشأة وملعبا وصالة رياضية دمرها الاحتلال الإسرائيلي. 206 مواقع أثرية وتراثية تعرضت للقصف من قبل الاحتلال الإسرائيلي. إعلان وتيرة التدمير في قطاع غزة شنت إسرائيل غارات جوية على غزة بعد ساعات من هجوم المقاومة " طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وبدأت توغلها البري في المنطقة الواقعة شمال غزة، مع التركيز على المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل بيت حانون وجباليا. وفي الشهر الأول من الحرب، تعرض 15% من جميع المباني للضرر أو التدمير، مع تضرر أو تدمير 34% و31% من المباني شمال القطاع ومدينة غزة على التوالي، بحلول العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني. وبحلول الخامس من يناير/كانون الثاني، أي بعد 3 أشهر من القصف المتواصل على غزة، كان ما يقرب من نصف مباني غزة (44%) قد تضررت أو دمرت. وتركزت غالبية الأضرار بالشمال، حيث كان حوالي 70% من مباني شمال القطاع ومدينة غزة قد دمرت بحلول ذلك الوقت. وتعرضت المرافق الطبية بدورها للقصف الإسرائيلي والغزو البري، تبعه محاصرة الجيش الإسرائيلي للمستشفيات، مثل مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وانقطاع خدماتها عن المحتاجين إلى أدوية الطوارئ والعلاج. وبعد مرور 15 شهرا على الغارات الجوية الإسرائيلية، لم تعد غزة سوى هيكل لما كانت عليه من قبل. وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 60% من جميع مبانيها قد تضررت أو دمرت، وكانت مدينة غزة هي الأكثر تضررا، حيث دمر 74% من مبانيها. وبعد أزيد من 600 يوم على اندلاع حرب الإبادة، وصلت نسبة التدمير إلى 88% وفقا للمكتب الحكومي في القطاع. كيف يتم تدمير المباني؟ تفيد تقارير محلية ودولية بأن الجيش الإسرائيلي يستخدم أدوات عسكرية ثقيلة وأحزمة نارية لتسوية أحياء كاملة بالأرض، في استهداف واسع للبنية التحتية شمل منازل ومدارس ومستشفيات ومرافق مياه وكهرباء، مما حوّل مناطق واسعة إلى أراضٍ غير صالحة للسكن. ووفق ما أورده تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن الجيش استخدم في إبادة المدن 4 وسائل وهي: النسف من خلال روبوتات وبراميل مفخخة، والقصف الجوي بالقنابل والصواريخ المدمرة، وزارعة المتفجرات والنسف عن بعد، والتجريف بالجرافات العسكرية والمدنية الإسرائيلية. ووصف جندي عاد أخيرا من الخدمة الاحتياطية في رفح، لمجلة "+972" الأساليب التي يتبعها الجنود الإسرائيليون في هدم المباني، قائلا: "كانوا يهدمون 60 منزلا في اليوم الواحد. المنزل المكون من طابق أو طابقين يهدمونه في غضون ساعة، أما المنزل المكون من 3 أو 4 طوابق فيستغرق وقتا أطول قليلا، وكنت أنا أقوم بتأمين 4 أو 5 جرافات". وأضاف أن مهمتهم الرسمية كانت فتح طريق إمدادات للمناورة، إلا أن الجرافات كانت في واقع الأمر تدمر المنازل، مشيرا إلى أن الجزء الجنوبي الشرقي من رفح دُمِّر بالكامل ولم تعد هناك مدينة. وتتوافق أقوال هذا الجندي -بحسب المجلة- مع شهادات 10 جنود آخرين خدموا في أوقات مختلفة في قطاع غزة وجنوب لبنان منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما تنسجم مع مقاطع الفيديو التي نشرها جنود آخرون، وتصريحات مسجلة وغير مسجلة لضباط كبار حاليين وسابقين، وتحليل صور الأقمار الصناعية، وتقارير المنظمات الدولية. ووفق التحقيق الصحفي الذي نشرته المجلة، فإن بعض هذا الدمار ناجم عن القصف الجوي، والمعارك البرية، وغير ذلك، ومع ذلك، يبدو أن معظم الدمار في غزة لم يتم تنفيذه من الجو أو أثناء القتال، بل بواسطة الجرافات الإسرائيلية أو المتفجرات، وهي أعمال متعمدة ومقصودة تنفيذا لقرار إستراتيجي بتسوية المباني أرضا، كما يقول الصحفيان رابوبورت وزيف. وأفادت المجلة في تحقيقها الصحفي بأن السلاح الرئيسي في ترسانة الجيش الإسرائيلي للتدمير هو الجرافة المدرعة (دي 9) التابعة لشركة "كاتربيلر" التي طالما استخدمت في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. لكن الجنود الذين تحدثوا إليها ذكروا أن هناك أساليب أخرى مفضلة تُستخدم لهدم كتل سكنية بأكملها، وهي ملء الحاويات أو المركبات العسكرية المعطلة بالمواد الناسفة، ومن ثم تفجيرها من بعد. وانتشر فيديو تم تداوله، يظهر استعانة الجيش الإسرائيلي بمعدات هندسية وشركات مقاولات لتنفيذ عمليات الهدم المتسارعة، في إطار خطة شاملة لإزالة الأحياء السكنية في شمال القطاع ومدينة غزة ضمن عملية " عربات جدعون"، على غرار ما يجري من عملية مسح كاملة للأحياء في رفح. ما المناطق التي تم تدميرها؟ يمكن القول إن الدمار طال جميع مناطق غزة، وإن معظم مبانيها تحول إلى أكوام من الركام تدفن تحتها أجساد ساكنيها، خصوصا في محافظة الشمال، حيث كثف الجيش الإسرائيلي خلال عملياته العسكرية المتتالية من سياسة "إبادة المدن"، عبر تنفيذ عمليات محو شامل وتدمير كامل للمنازل والأحياء السكنية والبنى التحتية. كما اتسعت خريطة التدمير الممنهج لتشمل مناطق الوسط والجنوب. وفي هذا السياق، نقلت مجلة "972+" الرقمية الإسرائيلية عن موقع إخباري إسرائيلي يسمى (أسخن مكان في الجحيم) أن جيش الاحتلال دمر بشكل منهجي وكامل جميع المباني القريبة من السياج الحدودي على بعد كيلومتر واحد داخل القطاع، رغم أنها لم تُصنّف على أنها "بنية تحتية للإرهاب"، لا من المخابرات ولا الجنود على الأرض. ونسب الموقع في تقرير سابق إلى الجنود القول إن ما بين 75% و100% من المباني في المناطق القريبة من السياج الحدودي مثل بيت حانون وبيت لاهيا وحي الشجاعية في شمال القطاع، وكذلك في خربة خزاعة في ضواحي خان يونس ، تم تدميرها بدون تمييز. ولكن التدمير الذي بدأه الجيش الإسرائيلي في خربة خزاعة ما لبث أن أصبح أسلوبا شائعا في جميع أنحاء غزة لجعلها مناطق غير صالحة لعيش الفلسطينيين. ولكن الواقع هو أن التدمير لم يقتصر فقط على المباني القريبة من السياج، بل إن أسلوب الاحتلال في التسوية المنهجية والمتعمدة للبنية التحتية المدنية بالأرض طال معظم مناطق القطاع. وأفاد مدوّنون بأن بلدة خزاعة أصبحت منطقة منكوبة بالكامل، نتيجة الاستهداف المباشر والمستمر الذي طال كل مكونات الحياة فيها، من المنازل، والشوارع، وحتى المخيمات المؤقتة، قائلين إن "حجم الدمار فاق كل التقديرات، وجعلها غير صالحة للسكن بعد تدميرها بشكل كامل". ماذا تقول المنظمات الحقوقية؟ تؤكد منظمات حقوق الإنسان بشكل مستمر أن عمليات نسف المباني والمنشآت التي يقوم بها الاحتلال تمثل جرائم حرب، وترقى إلى جرائم إبادة جماعية، بيد أن الاحتلال لا يعير أي اهتمام للإدانات والمطالب المتكررة بوقف تلك العمليات. وفي هذا الإطار، أكدت منظمة " هيومن رايتس ووتش"، أن خطة إسرائيل لهدم البنية التحتية في غزة وتركيز المواطنين الفلسطينيين بمناطق ضيقة ترقى إلى الإبادة الجماعية، داعية لوقف الدعم العسكري والدبلوماسي لإسرائيل وفرض عقوبات على مسؤوليها. وقالت المنظمة في بيان إن "السلطات الإسرائيلية، التي تمنع دخول الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية منذ أكثر من 75 يوما، وضعت خطة تشمل تسوية المباني السكنية بالأرض، وتهجير سكان غزة إلى منطقة إنسانية ضيقة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس بحلول منتصف مايو/ أيار الجاري". وأضافت أن "التصدي للوضع الإنساني المتدهور في غزة، الناتج عن الحصار غير القانوني وتصعيد التهجير القسري والتدمير واسع النطاق، يتطلب استجابة دولية أكثر فاعلية، خصوصا من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا". وقال المدير التنفيذي الانتقالي في "هيومن رايتس ووتش" فيديريكو بوريلو: "يتباهى المسؤولون الإسرائيليون بخططهم لحشر سكان غزة البالغ عددهم مليونين في مساحة أصغر مع جعل بقية الأرض غير صالحة للسكن. هذه التصريحات يجب أن تُسمَع كناقوس خطر في لندن، وبروكسل، وباريس، وواشنطن. تجاوز الحصار الإسرائيلي التكتيكات العسكرية ليصبح أداة للإبادة". وأضاف: "عندما تقترن خطة إسرائيل بهدم البنية التحتية في غزة بالتدمير المنهجي للمنازل، والمدارس، والمستشفيات، والبساتين، ومرافق المياه والصرف الصحي، واستخدام التجويع سلاح حرب، فإنها تُشكل أفعالا ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية". وفي أرجاء العالم تسمع النبرة ذاتها إدانة وتحذيرا من الاستمرار في المجازر وحرب الإبادة، بل حتى في إسرائيل، قال المحامي الإسرائيلي والخبير في حقوق الإنسان، مايكل سفارد، -في تصريح لمجلة +972- إن تدمير ممتلكات الناس الذي لا تقتضيه ضرورات الحرب، يعد جريمة حرب، مضيفا أن هناك أيضا جريمة حرب أشد خطورة تتمثل في التدمير المتعمد الواسع النطاق الذي لا تبرره الضرورة العسكرية. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة ، تصل التكلفة الإجمالية لإعادة بناء ما دمرته الحرب إلى 40 مليار دولار أميركي. وحسب التقديرات نفسها، فإن كمية الأنقاض في القطاع بلغت نحو 37 مليون طن، كما أن أكثر من 70% من إجمالي المساكن في غزة تضررت أو تم تدميرها. وأكدت الأمم المتحدة أن الدمار هائل ومخيف، وأن القطاعين التعليمي والصحي دمرا بشكل شبه كامل.

ميديا بارت: مرحبا بصحوة الضمير العالمية بشأن فلسطين رغم تأخرها
ميديا بارت: مرحبا بصحوة الضمير العالمية بشأن فلسطين رغم تأخرها

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

ميديا بارت: مرحبا بصحوة الضمير العالمية بشأن فلسطين رغم تأخرها

كلما سعت إسرائيل جاهدة لتدمير فلسطين ، ازداد اعتراف العالم بها وتحولت إلى قضية عالمية، ومن هنا يأتي بصيص الأمل وسط هذه الكارثة اللامتناهية مهما تأخر، ليشكل نبض ضمير يحفظ مبادئ الإنسانية والعدالة والمساواة. بهذه المقدمة افتتح موقع ميديا بارت -مقالا مطولا للصحفي اليساري المخضرم إدوي بلينيل- حاول فيه إلقاء الضوء على صحوة ضمير واسعة النطاق، قال إنها موضع ترحيب رغم تأخرها، لأنها تناهض سبات معظم الدول الطويل، لا عن مصير فلسطين فقط، بل عن نهاية القانون الدولي. بدأ الكاتب فصول هذه الصحوة بانطلاق " أسطول الحرية" الجديد من ميناء كاتانيا في صقلية متوجها إلى غزة الأحد الماضي، وعلى متنه شخصيات بارزة في القضية الفلسطينية، من بينها ريما حسن، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب فرنسا الأبية ، وشخصيات مرموقة دوليا مثل الناشطة البيئية غريتا ثونبرغ والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام، وذلك بعد أن تعرض الأسطول الإنساني السابق لهجوم من طائرات إسرائيلية مسيرة أثناء إبحاره في المياه الدولية، الشهر السابق. انتفاضة متنامية ويأتي هذا الجهد النشط الجديد -كما يقول الكاتب- في ظل تنامي انتفاضة المجتمع المدني، بقيادة الشباب الذين أصبحت فلسطين قضيتهم الأساسية، تماما كما كانت حربا الجزائر وفيتنام بالنسبة للأجيال السابقة، وتعبيرا عن تقاعس الدول وجبنها وتواطئها في مواجهة حرب إسرائيل على غزة ضد الشعب الفلسطيني. غزة ضد الشعب الفلسطيني. وذكّر الكاتب في هذا السياق، بتضامن مشجعي نادي باريس سان جيرمان خلال نهائي دوري أبطال أوروبا، عندما رفعوا لافتة كتب عليها "أوقفوا إبادة غزة" و"كلنا أبناء غزة"، وهتفوا بذلك أثناء مسيراتهم في شوارع ميونخ. وكان 300 كاتب ناطق بالفرنسية قد صرحوا في مقال رأي نشرته صحيفة ليبراسيون بأنه "لم يعد بإمكاننا الاكتفاء بكلمة رعب، بل اليوم يجب أن نسمي ما يحدث " الإبادة الجماعية في غزة". ومن بين الموقعين، بالإضافة إلى العديد من الحائزين على جائزة غونكور، اثنان من الحائزين على جائزة نوبل في الأدب، وانضم إليهما أيضا اثنان آخران من الحائزين على الجائزة، وقد أعاد نداؤهم إلى الأذهان ذكرى الشاعرة الفلسطينية هبة أبو ندى، التي قتلت بقصف إسرائيلي في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023. لم يعد بإمكاننا الاكتفاء بكلمة رعب، بل اليوم يجب أن نسمي ما يحدث "الإبادة الجماعية في غزة". وقبل أسبوعين من نداء الكتّاب هذا، وفي افتتاح مهرجان كان السينمائي ، ألقى أكثر من 350 محترفا سينمائيا دوليا كلمة في ذكرى مقتل المصورة الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة على يد الجيش الإسرائيلي في غزة، في الوقت الذي اختير فيه فيلم "ضع روحك على يدك وامش"، للمخرجة زبيدة فارسي. وقال الفنانون في رسالة مفتوحة: "بصفتنا فنانين وثقافيين، لا يمكننا أن نلتزم الصمت في الوقت الذي تحدث إبادة جماعية في غزة. ما جدوى مهنتنا إن لم تكن تعلم دروس التاريخ، وإنتاج أفلام ملتزمة، إن لم نكن حاضرين لحماية الأصوات المضطهدة لماذا هذا الصمت؟ (…) يقع على عاتقنا واجب النضال. دعونا نرفض أن يكون فننا متواطئا في أسوأ ما يمكن. دعونا ننهض من أجل فاطمة، ومن أجل كل من يموتون في غفلة". أصوات فردية إلى هذه الانفجارات الجماعية، تضاف أصوات فردية ترتفع، مثل الكاتب جان هاتزفيلد، مؤلف كتاب مهم عن الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا، وقد سبق أن سافر إلى غزة لتغطية الأحداث، وصرح لصحيفة لوموند بوجود "مقدمات الإبادة الجماعية"، ومثل المؤرخ الإسرائيلي إيلي بارنافي الذي قال "علينا أن نواجه الحقائق. هناك مرتكبو إبادة جماعية في الحكومة الإسرائيلية، يعلنون ذلك يوميا". ويضاف إلى هؤلاء تأثير شهادة المؤرخ والكاتب جان بيير فيليو الأخيرة، بمناسبة نشر روايته الاستثنائية "مؤرخ في غزة" بعد إقامة 32 يوما هناك برعاية منظمة أطباء بلا حدود ، فقد قال إن الأمر ليس فقط مصير فلسطين، بل نهاية القانون الدولي. وقد تأخرت هذه الصحوة الضميرية الواسعة كثيرا -حسب الكاتب- وجاءت بعد 16 شهرا منذ أن أمرت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة ، في 26 يناير/كانون الثاني 2024، دولة إسرائيل "باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع ارتكاب أي فعل، ضد الفلسطينيين في غزة، ضمن نطاق" اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. وفي تحد للعدالة الدولية، أقدم القادة الإسرائيليون على عكس ذلك تماما، فصعدوا من تطرفهم في حملة التطهير العرقي في غزة و الاستيطان المفرط في الضفة الغربية ، وظل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحظى باستقبال رسمي في أوروبا والولايات المتحدة رغم أنه خاضع، منذ أكثر من 6 أشهر، لمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية ، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وفي الوقت الذي يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إعلانه أن الاعتراف بدولة فلسطين "ليس مجرد واجب أخلاقي، بل ضرورة سياسية"، فإنه لم يحرك ساكنا، كما لم يقرر الاتحاد الأوروبي تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل ، رغم إصرار إسبانيا وأيرلندا والنرويج التي اعترفت بفلسطين كدولة مستقلة قبل عام. واستعرض الكاتب بعض ما كتبته أنييس ليفالوا، الباحثة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط من معهد العلوم السياسية بباريس في مقدمة كتابها "الكتاب الأسود لغزة" من أن "فكرة الإنسانية المشتركة ذاتها تدمر بفعل انتقام دولة إسرائيل الجامح واللامحدود من سكان غزة الفلسطينيين ردا على هجوم (حركة المقاومة الإسلامية) حماس". كما استعرض كلمات الكاتبة الهندية أرونداتي روي عندما قالت إنه "لم يعد بإمكان كل القوة والمال، وكل الأسلحة والدعاية في العالم إخفاء جرح فلسطين. جرح ينزف منه العالم أجمع، بما في ذلك إسرائيل". محاولة إسكات ونبه الكاتب إلى أن التاريخ لم يبدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، كما لم تكن هجمات 11 سبتمبر/أيلول التي شنتها القاعدة عام 2001 على الولايات المتحدة، بداية له، ولكن إسرائيل صنعت من أحداث ذلك اليوم آلة مذهلة، حولتها إلى فيلم رعب دعائي لا هوادة فيه، استخدمته لإسكات أي أسئلة أو استفسارات أو تأملات حول الدورة الاستعمارية للقمع والتشريد والإذلال التي أدت إلى هجوم حماس. إعلان وخلص الكاتب إلى أن علينا أن نعترف، بأننا، نواجه الآن كصدى مؤلم للنضال القديم ضد منكري إبادة يهود أوروبا، إنكارا جديدا في الوقت الفعلي، إنكار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها دولة إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. وهذا على الرغم من أنها تنشر على نطاق واسع وتوثق بدقة، لا سيما من قبل منظمة العفو الدولية ، و هيومن رايتس ووتش ، وأطباء بلا حدود، في تقارير صدرت في ديسمبر/كانون الأول 2024. وبين التواطؤ والتخلي، سيظل التخلي الدائم عن فلسطين من قبل المجتمع الدولي وصمة عار، ولذا -كما يقول الكاتب- يقع على عاتق مجتمعاتنا والشباب خصوصا، إنقاذ الأمل لأن التعبئة والنداءات والعرائض والخطابات مهما عجزت عمليا عن وقف الإبادة الجماعية المستمرة، فإنها بهذه المبادرات تمهد الطريق لبزوغ فجر في أعقاب الكارثة، وليلها الذي لا ينتهي، وجرائمها التي لا تحصى. حقنا في الدفاع عن أنفسنا ضد الإبادة لا يمنحنا الحق في قمع الآخرين. وذكّر الكاتب بأن 12 مواطنا إسرائيليا أطلقوا نداء في 22 سبتمبر/أيلول 1967، في صحيفة هآرتس، استذكره صانعو الأفلام حول العالم في 28 ديسمبر/كانون الأول 2023، داعين إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وقد جاء في ذلك النداء "حقنا في الدفاع عن أنفسنا ضد الإبادة لا يمنحنا الحق في قمع الآخرين، لأن الاحتلال يؤدي إلى الهيمنة الأجنبية، والهيمنة الأجنبية تؤدي إلى المقاومة، والمقاومة تؤدي إلى القمع، والقمع يؤدي إلى الإرهاب ومكافحة الإرهاب، وضحايا الإرهاب أبرياء عموما، والاستيلاء على الأراضي المحتلة سيجعلنا قتلة ومقتولين. لنغادر الأراضي المحتلة الآن".

الدفاع المدني بغزة: مركباتنا لا تصلح والاحتلال يدعم سرقة المساعدات
الدفاع المدني بغزة: مركباتنا لا تصلح والاحتلال يدعم سرقة المساعدات

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الدفاع المدني بغزة: مركباتنا لا تصلح والاحتلال يدعم سرقة المساعدات

أعلن المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود البصل أن عدد الشهداء في صفوف الدفاع المدني ارتفع إلى 115 شهيدًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي، إضافة إلى أكثر من 300 مصاب بينهم حالات بتر وفقدان للبصر، فضلا عن 27 جريحًا يرقدون في العناية المركزة وحالات أخرى تحتاج للعلاج خارج القطاع. ووصف البصل -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- آلية توزيع المساعدات الموجودة حاليا بأنها "كارثية" وتُدار وفق نظام "عشوائي ومرتبك تماما"، وهناك "سياسة دعم للسارقين الذين يستولون على المساعدات بالتعاون مع الاحتلال". وأكد أن الأضرار التي لحقت بجهاز الدفاع المدني خلال الفترة الأخيرة بلغت 15 مبنى من أصل 20 تابعة للجهاز دمرت كليا، في حين تضررت المباني المتبقية جزئيا، و"كل هذه الانتهاكات موثقة ومؤكدة، في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية وتصاعد أزمة الخدمات الإنسانية في القطاع المحاصر". وأوضح البصل أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت بشكل مباشر سيارات الإسعاف والإطفاء التابعة للدفاع المدني، مما أدى إلى تدمير مركبتي إسعاف وإطفاء في رفح ووفاة 6 شهداء من أفراد الطواقم هناك، إلى جانب شهيدين في المنطقة الوسطى وشهيد في الشمال. وأشار المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة إلى أن المركبات العاملة حاليا في القطاع "مهترئة ولا تصلح للعمل"، إلا أنها تمثل الوسيلة الوحيدة المتبقية للفرق العاملة بعد خروج رفح والشمال من الخدمة بشكل كامل. وبيّن المتحدث نفسه أن كل ما يمتلكه الدفاع المدني حاليا يتمثل في 13 مركبة إطفاء ومركبتي إنقاذ و7 سيارات إسعاف و3 مركبات تدخل سريع فقط، وتخدم جميع مناطق القطاع. وفيما يخص المباني، أكد البصل أن 15 مبنى من أصل 20 تابعة للدفاع المدني دمرت كليا نتيجة القصف الإسرائيلي، بينما لحقت أضرار جزئية بالخمس الأخرى، وهو ما أدى إلى صعوبة في تقديم الخدمات الإغاثية والإنسانية، ووضع ضغطا كبيرا على الأبنية المتبقية. وفي ما يتعلق بآلية توزيع المساعدات الموجودة في القطاع، وصف المتحدث باسم الدفاع المدني الوضع الإنساني في قطاع غزة "بالكارثي"، واتهم الاحتلال الإسرائيلي باتباع " سياسة التجويع كأسلوب حرب واضح"، موضحا أن شمال غزة لم تدخله أي شاحنة مساعدات منذ 18 مارس/آذار الماضي، عندما استأنف الجيش الإسرائيلي عدوانه على القطاع. وعن تفاصيل آلية التوزيع، ذهب البصل إلى أن نقاط توزيع المساعدات التي أُنشئت في رفح تقع ضمن مناطق مصنفة "حمراء" وخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، مثل تل السلطان ودوار العالم ونتساريم، وهذا يجعلها غير آمنة وغير مناسبة لتوزيع المواد الإغاثية. وأضاف أن المساعدات التي تصل إلى جنوب غزة تظل "غير كافية بالمطلق لحاجة المواطنين"، وتُدار وفق نظام "عشوائي ومرتبك تماما، موضحا أن "عدد نقاط التوزيع لا يتناسب مع عدد السكان؛ إذ توجد فقط نقطتان في كامل القطاع، مقابل نحو 10 نقاط سابقا في كل مدينة، وكانت مع ذلك لا تفي بالغرض في الأساس". ووصف البصل نظام توزيع المساعدات الحالي بأنه "نظام إذلال يشبه معسكرات الجيش"، إذ يُطلب من المستفيدين الدخول إلى "قفص" وأخذ ما يستطيعون من دون أي نظام أو قاعدة بيانات واضحة لتحديد أعداد المستفيدين أو احتياجاتهم، مؤكدا أن "ما يدخل من مساعدات لا يصل لمستحقيه، بل يباع بأسعار خيالية، ولا يجد المواطن ما يُطعم به أطفاله". وعلق البصل على تصريحات السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هوكابي بأن الشركة الأميركية وزعت 5 ملايين وجبة غذائية، قائلا إن هناك "تناقضًا واضحًا في الأرقام" التي تقدم عن عدد الوجبات التي توزع في القطاع. ومن خلال حسبة بسيطة، أوضح المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة أن "كل مواطن من المفترض أن يحصل على وجبة يوميًا، أي أنه ينبغي توزيع 2.3 مليون وجبة فقط وليس 5 ملايين كما زعم السفير الأميركي، مما يشير إلى خلل أو مبالغة كبيرة في الأرقام المطروحة". وأكد البصل في ختام تصريحاته للجزيرة نت أن هناك "سياسة دعم للسارقين الذين يستولون على المساعدات بالتعاون مع الاحتلال، ويتم استهداف وقتل كل من يعمل على تأمين وصول المساعدات الحقيقية للمواطنين". يذكر أن قطاع غزة يتعرض إلى حصار تام وعدوان مستمر منذ أكثر من 20 شهرا، ويعاني نحو 2.3 مليون فلسطيني من مجاعة حقيقية، حسب تقارير الأمم المتحدة. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استشهد أكثر من 54 ألفا وأصيب نحو 125 ألفا، فضلا عن أعداد غير معلومة من المفقودين تحت ركام منازلهم أو من الذين لا تستطيع فرق الدفاع المدني أو الإسعاف الوصول إليهم نتيجة القصف الإسرائيلي المكثف، حسب وزارة الصحة في غزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store