
7 أسئلة تشرح لماذا تمعن إسرائيل بنسف المباني السكنية بغزة؟
تأخذ حرب الإبادة في قطاع غزة منذ عدة شهور منحا يتسم من بين أمور أخرى بحرب التجويع وبالتركيز على هدم المباني والمنشآت، ونسف ما بقي من معالم البنية التحتية والمباني السكينة في أرجاء القطاع المدمر.
فمنذ أكثر من أسبوع، كثف الجيش الإسرائيلي بوتيرة متسارعة قصفه على المنازل والمباني السكنية المرتفعة التي ما زالت صامدة في قطاع غزة، مع تخوف الفلسطينيين من استمرار محاولات تهجيرهم واحتلال أراضيهم ضمن عملية "عربات جدعون".
وحذّر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن هناك نمطا متصاعدا من عمليات القصف التي تطال الخيام والمباني السكنية والمستشفيات المكتظة، بالإضافة إلى تدمير منهجي لأحياء بأكملها.
وفيما يلي بعض معالم سياسة الهدم الإسرائيلية التي بدأت عشوائية في بداية الحرب، ثم تحولت لاحقا إلى سياسة ممنهجة ومتعمدة.
لماذا الهدم الممنهج للمباني؟
يرى العديد من المحللين أن الاحتلال يسعى من خلال مسارعته في تنفيذ وتكثيف سياسة نسف المباني والمنشآت إلى تحقيق جملة أهداف من بينها:
تنفيذ سياسة التهجير التي فشل الاحتلال في تحقيها طيلة أكثر من عام ونصف من الحرب المدمرة على القطاع، حيث يهدف الاحتلال عبر سياسة التدمير إلى ترهيب من تبقى من الغزيين في تلك المناطق من أجل دفعهم للنزوح منها تحت وطأة النيران.
استحالة العودة إلى الديار: في 13 مايو/أيار الماضي، كشفت تسريبات من جلسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب- اعترف بأنه يتم تدمير منازل الفلسطينيين في غزة عمدا لجعل عودتهم مستحيلة.
وقال نتنياهو خلال الجلسة المغلقة: ندمر المزيد من المنازل في غزة يوميا، وبالتالي لن يجد الفلسطينيون مكانا يعودون إليه، وأضاف: النتيجة الوحيدة ستكون هجرة الغزيين خارج القطاع، لكن التحدي الأكبر هو إيجاد دول توافق على استقبالهم.
توسيع العملية البرية إلى نطاقات أكبر وفقا لمخططات الاحتلال المعلنة منذ فترة، خاصة في شمال القطاع.
احتلال المناطق التي يجري تدميرها وتهجير أهلها منها، وذلك ضمن عملية عربات جدعون، التي توعد فيها بالسيطرة على المناطق التي يتم احتلالها، وفق قوله.
وفي هذا الإطار تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية في 22 مايو/أيار المنصرم، عن مخطط الجيش الإسرائيلي للسيطرة على 75% من غزة خلال الشهرين القادمين.
جعل قطاع غزة في عمومه منطقة غير صالحة للعيش، وهو ما أكده تحقيق مشترك نشرته مجلة "972+" الرقمية الإسرائيلية، ويوثق هذا التحقيق بالصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو حجم الدمار الهائل في قطاع غزة ، الذي تسببت فيه الغارات الجوية والجرافات الإسرائيلية، وأوقعت أعدادا كبيرة من الشهداء والجرحى.
وأعد هذا التحقيق الصحفي ميرون رابوبورت وزميله المصور الصحفي أورن زيف، وتحدث جنود إسرائيليون عمّا وصفوها بحملة إسرائيلية ممنهجة لجعل القطاع مكانا غير صالح للعيش.
ما حجم الدمار في القطاع؟
تؤكد أحدث الإحصاءات التي نشرها المكتب الإعلامي في غزة في أواخر مايو/أيار المنصرم، أن:
نسبة الدمار الشامل الذي أحدثه الاحتلال في قطاع غزة، وصلت إلى 88% بعد مرور 600 يوم على الإبادة الجماعية في القطاع.
سيطر الاحتلال على 77% من مساحة القطاع بالاجتياح والنار والتهجير.
38 مستشفى قصفها الاحتلال أو دمرها أو أخرجها عن الخدمة.
82 مركزا طبيا قصفه الاحتلال أو دمره أو أخرجه عن الخدمة.
164 مؤسسة صحية قصفها الاحتلال أو دمرها أو أخرجها عن الخدمة.
144 سيارة إسعاف استهدفها الاحتلال الإسرائيلي.
54 مركبة للدفاع المدني (إنقاذ وإطفاء) استهدفها الاحتلال الإسرائيلي.
149 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية دمرها الاحتلال كليا.
369 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية دمرها الاحتلال جزئيا.
828 مسجدا دمرها الاحتلال "الإسرائيلي" بشكل كلي.
167 مسجدا دمرها الاحتلال "الإسرائيلي" بشكل جزئي.
3 كنائس استهدفها الاحتلال "الإسرائيلي.
19 مقبرة دمرها الاحتلال من أصل (60) مقبرة.
210 آلاف وحدة سكنية دمرها الاحتلال بشكل كلي.
110 آلاف وحدة سكنية دمرها الاحتلال بشكل بليغ غير صالح للسكن.
180 ألف وحدة سكنية دمرها الاحتلال بشكل جزئي.
280 ألف أسرة فلسطينية بدون مأوى.
113 ألف خيمة اهترأت كليا وغير صالحة للإقامة.
241 مركزا للإيواء والنزوح القسري استهدفها الاحتلال.
719 بئر ماء دمرها الاحتلال "الإسرائيلي" وأخرجها من الخدمة.
3.780 كيلو مترا أطوال شبكات كهرباء دمرها الاحتلال.
2.105 محولات توزيع كهرباء هوائية وأرضية دمرها الاحتلال.
330 ألف متر طولي شبكات مياه دمرها الاحتلال.
227 مقرا حكوميا دمرها الاحتلال الإسرائيلي.
46 منشأة وملعبا وصالة رياضية دمرها الاحتلال الإسرائيلي.
206 مواقع أثرية وتراثية تعرضت للقصف من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
إعلان
وتيرة التدمير في قطاع غزة
شنت إسرائيل غارات جوية على غزة بعد ساعات من هجوم المقاومة " طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وبدأت توغلها البري في المنطقة الواقعة شمال غزة، مع التركيز على المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل بيت حانون وجباليا.
وفي الشهر الأول من الحرب، تعرض 15% من جميع المباني للضرر أو التدمير، مع تضرر أو تدمير 34% و31% من المباني شمال القطاع ومدينة غزة على التوالي، بحلول العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني.
وبحلول الخامس من يناير/كانون الثاني، أي بعد 3 أشهر من القصف المتواصل على غزة، كان ما يقرب من نصف مباني غزة (44%) قد تضررت أو دمرت. وتركزت غالبية الأضرار بالشمال، حيث كان حوالي 70% من مباني شمال القطاع ومدينة غزة قد دمرت بحلول ذلك الوقت.
وتعرضت المرافق الطبية بدورها للقصف الإسرائيلي والغزو البري، تبعه محاصرة الجيش الإسرائيلي للمستشفيات، مثل مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وانقطاع خدماتها عن المحتاجين إلى أدوية الطوارئ والعلاج.
وبعد مرور 15 شهرا على الغارات الجوية الإسرائيلية، لم تعد غزة سوى هيكل لما كانت عليه من قبل. وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 60% من جميع مبانيها قد تضررت أو دمرت، وكانت مدينة غزة هي الأكثر تضررا، حيث دمر 74% من مبانيها.
وبعد أزيد من 600 يوم على اندلاع حرب الإبادة، وصلت نسبة التدمير إلى 88% وفقا للمكتب الحكومي في القطاع.
كيف يتم تدمير المباني؟
تفيد تقارير محلية ودولية بأن الجيش الإسرائيلي يستخدم أدوات عسكرية ثقيلة وأحزمة نارية لتسوية أحياء كاملة بالأرض، في استهداف واسع للبنية التحتية شمل منازل ومدارس ومستشفيات ومرافق مياه وكهرباء، مما حوّل مناطق واسعة إلى أراضٍ غير صالحة للسكن.
ووفق ما أورده تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن الجيش استخدم في إبادة المدن 4 وسائل وهي: النسف من خلال روبوتات وبراميل مفخخة، والقصف الجوي بالقنابل والصواريخ المدمرة، وزارعة المتفجرات والنسف عن بعد، والتجريف بالجرافات العسكرية والمدنية الإسرائيلية.
ووصف جندي عاد أخيرا من الخدمة الاحتياطية في رفح، لمجلة "+972" الأساليب التي يتبعها الجنود الإسرائيليون في هدم المباني، قائلا: "كانوا يهدمون 60 منزلا في اليوم الواحد. المنزل المكون من طابق أو طابقين يهدمونه في غضون ساعة، أما المنزل المكون من 3 أو 4 طوابق فيستغرق وقتا أطول قليلا، وكنت أنا أقوم بتأمين 4 أو 5 جرافات".
وأضاف أن مهمتهم الرسمية كانت فتح طريق إمدادات للمناورة، إلا أن الجرافات كانت في واقع الأمر تدمر المنازل، مشيرا إلى أن الجزء الجنوبي الشرقي من رفح دُمِّر بالكامل ولم تعد هناك مدينة.
وتتوافق أقوال هذا الجندي -بحسب المجلة- مع شهادات 10 جنود آخرين خدموا في أوقات مختلفة في قطاع غزة وجنوب لبنان منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما تنسجم مع مقاطع الفيديو التي نشرها جنود آخرون، وتصريحات مسجلة وغير مسجلة لضباط كبار حاليين وسابقين، وتحليل صور الأقمار الصناعية، وتقارير المنظمات الدولية.
ووفق التحقيق الصحفي الذي نشرته المجلة، فإن بعض هذا الدمار ناجم عن القصف الجوي، والمعارك البرية، وغير ذلك، ومع ذلك، يبدو أن معظم الدمار في غزة لم يتم تنفيذه من الجو أو أثناء القتال، بل بواسطة الجرافات الإسرائيلية أو المتفجرات، وهي أعمال متعمدة ومقصودة تنفيذا لقرار إستراتيجي بتسوية المباني أرضا، كما يقول الصحفيان رابوبورت وزيف.
وأفادت المجلة في تحقيقها الصحفي بأن السلاح الرئيسي في ترسانة الجيش الإسرائيلي للتدمير هو الجرافة المدرعة (دي 9) التابعة لشركة "كاتربيلر" التي طالما استخدمت في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لكن الجنود الذين تحدثوا إليها ذكروا أن هناك أساليب أخرى مفضلة تُستخدم لهدم كتل سكنية بأكملها، وهي ملء الحاويات أو المركبات العسكرية المعطلة بالمواد الناسفة، ومن ثم تفجيرها من بعد.
وانتشر فيديو تم تداوله، يظهر استعانة الجيش الإسرائيلي بمعدات هندسية وشركات مقاولات لتنفيذ عمليات الهدم المتسارعة، في إطار خطة شاملة لإزالة الأحياء السكنية في شمال القطاع ومدينة غزة ضمن عملية " عربات جدعون"، على غرار ما يجري من عملية مسح كاملة للأحياء في رفح.
ما المناطق التي تم تدميرها؟
يمكن القول إن الدمار طال جميع مناطق غزة، وإن معظم مبانيها تحول إلى أكوام من الركام تدفن تحتها أجساد ساكنيها، خصوصا في محافظة الشمال، حيث كثف الجيش الإسرائيلي خلال عملياته العسكرية المتتالية من سياسة "إبادة المدن"، عبر تنفيذ عمليات محو شامل وتدمير كامل للمنازل والأحياء السكنية والبنى التحتية.
كما اتسعت خريطة التدمير الممنهج لتشمل مناطق الوسط والجنوب. وفي هذا السياق، نقلت مجلة "972+" الرقمية الإسرائيلية عن موقع إخباري إسرائيلي يسمى (أسخن مكان في الجحيم) أن جيش الاحتلال دمر بشكل منهجي وكامل جميع المباني القريبة من السياج الحدودي على بعد كيلومتر واحد داخل القطاع، رغم أنها لم تُصنّف على أنها "بنية تحتية للإرهاب"، لا من المخابرات ولا الجنود على الأرض.
ونسب الموقع في تقرير سابق إلى الجنود القول إن ما بين 75% و100% من المباني في المناطق القريبة من السياج الحدودي مثل بيت حانون وبيت لاهيا وحي الشجاعية في شمال القطاع، وكذلك في خربة خزاعة في ضواحي خان يونس ، تم تدميرها بدون تمييز.
ولكن التدمير الذي بدأه الجيش الإسرائيلي في خربة خزاعة ما لبث أن أصبح أسلوبا شائعا في جميع أنحاء غزة لجعلها مناطق غير صالحة لعيش الفلسطينيين.
ولكن الواقع هو أن التدمير لم يقتصر فقط على المباني القريبة من السياج، بل إن أسلوب الاحتلال في التسوية المنهجية والمتعمدة للبنية التحتية المدنية بالأرض طال معظم مناطق القطاع.
وأفاد مدوّنون بأن بلدة خزاعة أصبحت منطقة منكوبة بالكامل، نتيجة الاستهداف المباشر والمستمر الذي طال كل مكونات الحياة فيها، من المنازل، والشوارع، وحتى المخيمات المؤقتة، قائلين إن "حجم الدمار فاق كل التقديرات، وجعلها غير صالحة للسكن بعد تدميرها بشكل كامل".
ماذا تقول المنظمات الحقوقية؟
تؤكد منظمات حقوق الإنسان بشكل مستمر أن عمليات نسف المباني والمنشآت التي يقوم بها الاحتلال تمثل جرائم حرب، وترقى إلى جرائم إبادة جماعية، بيد أن الاحتلال لا يعير أي اهتمام للإدانات والمطالب المتكررة بوقف تلك العمليات.
وفي هذا الإطار، أكدت منظمة " هيومن رايتس ووتش"، أن خطة إسرائيل لهدم البنية التحتية في غزة وتركيز المواطنين الفلسطينيين بمناطق ضيقة ترقى إلى الإبادة الجماعية، داعية لوقف الدعم العسكري والدبلوماسي لإسرائيل وفرض عقوبات على مسؤوليها.
وقالت المنظمة في بيان إن "السلطات الإسرائيلية، التي تمنع دخول الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية منذ أكثر من 75 يوما، وضعت خطة تشمل تسوية المباني السكنية بالأرض، وتهجير سكان غزة إلى منطقة إنسانية ضيقة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس بحلول منتصف مايو/ أيار الجاري".
وأضافت أن "التصدي للوضع الإنساني المتدهور في غزة، الناتج عن الحصار غير القانوني وتصعيد التهجير القسري والتدمير واسع النطاق، يتطلب استجابة دولية أكثر فاعلية، خصوصا من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا".
وقال المدير التنفيذي الانتقالي في "هيومن رايتس ووتش" فيديريكو بوريلو: "يتباهى المسؤولون الإسرائيليون بخططهم لحشر سكان غزة البالغ عددهم مليونين في مساحة أصغر مع جعل بقية الأرض غير صالحة للسكن. هذه التصريحات يجب أن تُسمَع كناقوس خطر في لندن، وبروكسل، وباريس، وواشنطن. تجاوز الحصار الإسرائيلي التكتيكات العسكرية ليصبح أداة للإبادة".
وأضاف: "عندما تقترن خطة إسرائيل بهدم البنية التحتية في غزة بالتدمير المنهجي للمنازل، والمدارس، والمستشفيات، والبساتين، ومرافق المياه والصرف الصحي، واستخدام التجويع سلاح حرب، فإنها تُشكل أفعالا ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية".
وفي أرجاء العالم تسمع النبرة ذاتها إدانة وتحذيرا من الاستمرار في المجازر وحرب الإبادة، بل حتى في إسرائيل، قال المحامي الإسرائيلي والخبير في حقوق الإنسان، مايكل سفارد، -في تصريح لمجلة +972- إن تدمير ممتلكات الناس الذي لا تقتضيه ضرورات الحرب، يعد جريمة حرب، مضيفا أن هناك أيضا جريمة حرب أشد خطورة تتمثل في التدمير المتعمد الواسع النطاق الذي لا تبرره الضرورة العسكرية.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة ، تصل التكلفة الإجمالية لإعادة بناء ما دمرته الحرب إلى 40 مليار دولار أميركي.
وحسب التقديرات نفسها، فإن كمية الأنقاض في القطاع بلغت نحو 37 مليون طن، كما أن أكثر من 70% من إجمالي المساكن في غزة تضررت أو تم تدميرها.
وأكدت الأمم المتحدة أن الدمار هائل ومخيف، وأن القطاعين التعليمي والصحي دمرا بشكل شبه كامل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 29 دقائق
- الجزيرة
لماذا لا تتراجع أسعار بعض السلع في سوريا رغم ارتفاع الليرة؟
دمشق – تشكو المواطنة شادية مطر من ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات في الأسواق السورية رغم ارتفاع سعر الليرة مقابل الدولار، قائلة: "لم تعد خرجية (مصروف) الـ200 دولار التي يرسلها لي ابني من العراق تكفيني لمنتصف الشهر.. لا بد من إيجاد حل لارتفاع الأسعار لأن الأمر أصبح لا يُطاق". وتضيف المدرِّسة المتقاعدة (56 عاما) في حديث لـ(الجزيرة نت): "ما يزال إيجار شقتي مليون ليرة (110 دولارات) بالرغم من أن قيمة الدولار قد انخفضت إلى نحو النصف مقارنة بقيمته في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، إذ كان إيجار شقتي حينها يعادل 75 دولارا فقط، أما الآن فتخطى الـ100 دولار وأنا لا طاقة لي بذلك. وهناك أيضا مواد غذائية كثيرة لم تنخفض أسعارها بصورة متناسبة مع ارتفاع سعر صرف الليرة". وشهد الاقتصاد السوري تحولات كبرى منذ سقوط نظام الأسد المخلوع في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وارتفعت الليرة بصورة ملحوظة أمام العملات الأجنبية لا سيما بعد صدور القرار الرسمي برفع العقوبات الأميركية ولاحقا الأوروبية عن سوريا الشهر الماضي. وسجل سعر صرف الدولار في السوق الموازية، في أحدث تعاملات 9250 ليرة مقابل الدولار، مقارنة بـ16 ألف ليرة في مطلع ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. غير أن أسعار بعض السلع والخدمات الأساسية في سوريا ما تزال مرتفعة مقارنة بتحسن سعر صرف الليرة، مما يشكل عبئا مضافا على السوريين، ولا سيما موظفي القطاع العام، وأولئك الذين يعتمدون في مصروفاتهم والتزاماتهم على الحوالات الخارجية التي يرسلها إليهم أبناؤهم وأقاربهم المهاجرون. أسعار مرتفعة وتبرز السلع الغذائية المنتجة محليا من أجبان وألبان ومعلبات ومنتجات للأطفال كأقل السلع تأثرا بالتحسن الذي يشهده سعر صرف الليرة مؤخرا، إذ تحافظ بعض هذه السلع على أسعارها التي كانت عليها قبل نحو شهر عندما كان سعر صرف الدولار يعادل 12 ألف ليرة. وتليها بضائع مصنعة محليا مثل الألبسة، والأدوات الكهربائية والصحية، والأدوية، وخدمات عديدة مثل المطاعم والفنادق والعيادات الطبية، بحسب ما رصدته الجزيرة نت في جولة لها في دمشق وريفها. وأوضح مدير دائرة الإعلام في وزارة الاقتصاد والصناعة السورية، حسن الأحمد، أن التحسن في سعر صرف الليرة من الطبيعي أن يواكبه انخفاض تدريجي في الأسعار. وقال في تصريح لـ(الجزيرة نت): "رأينا بالفعل تراجعا في أسعار بعض السلع والخدمات، خصوصا في القطاعات التي تعتمد على مدخلات محلية وتخضع للمنافسة الفعلية". لكن المسؤول الحكومي استدرك قائلا إن هذا التراجع لا يشمل جميع القطاعات، فما تزال الأسعار مرتفعة في قطاعات على رأسها الصناعات الغذائية وخدمات المطاعم وقطاع الألبسة، مرجعا ذلك إلى جملة من العوامل، أبرزها اختلال العرض والطلب، وارتفاع تكاليف التشغيل، وتفاوت جودة الخدمات المقدمة. وقال: "السوق لا يستجيب فورا وبشكل متساوٍ في جميع المجالات". وحول دور الحكومة في ضبط الأسعار، أوضح الأحمد أن الدولة بتوجهها نحو اقتصاد السوق الحر التنافسي، فإن وزارة الاقتصاد والصناعة لا تتدخل في فرض الأسعار، بل تركز على ضمان بيئة سوق عادلة وشفافة، إذ تُحدد الأسعار بناء على التكلفة والجودة وحجم الطلب، لا على قرارات إدارية. وأكّد أن دور الوزارة "يقتصر على ضبط الإطار العام للسوق، ومنع الاحتكار والمغالاة، وتشجيع المنافسة وزيادة العرض، حتى تصبح الأسعار أكثر توازنا واستقرارا بشكل طبيعي، وضمن منطق السوق". مضاربات ويجمع خبراء اقتصاديون على أن التحسن الأخير في سعر صرف الليرة السورية لا يستند بالمجمل إلى عوامل اقتصادية موضوعية، بل يعود بدرجة كبيرة إلى المضاربات في السوق الموازية والعوامل النفسية التي تحرك سلوك المتعاملين. ويرى الخبير الاقتصادي السوري حازم عوض أن ما يتحكم بسعر صرف الليرة في السوق الموازية هو قوى العرض والطلب والمضاربات، وهو ما يفسر انخفاض سعر الصرف فيها (9200 ليرة للدولار) عنه في المصرف المركزي (11 ألف ليرة للدولار). وأشار إلى أن السوق الموازية لا تحكمها عوامل اقتصادية واضحة، بل عوامل أخرى نفسية متعلقة بالخوف أو الراحة، فمتى ما نُشرَ خبر عن وجود استثمارات ضخمة دخلت إلى سوريا، أو عن رفع للعقوبات، يسود الخوف ويبيع المتعاملون أو التجار مدخراتهم من الدولار، فترتفع قيمة الليرة لكنها تعود إلى سعرها شبه الحقيقي بعد فترة وجيزة. ويوضح الخبير، في تعليق لـ(الجزيرة نت) أن بعض السلع المرتبطة بالدولار بصورة مباشرة قد تسجل انخفاضا جزئيا في أسعارها مع تحسن سعر صرف الليرة، لكن هذا الانخفاض لا يكون مكافئا لتحسن سعر الصرف تماما، لأن التاجر يتعامل مع واقع سوق غير مستقر، ويفضل الاحتفاظ بـ"هامش أمان" في التسعير، مما يدفعه إلى عدم خفض الأسعار بالوتيرة المتوقعة، في حين أن بعض السلع المنتجة محليا قد لا يتأثر سعرها إطلاقا بتذبذب سعر الصرف لأنها غير مستوردة وتخضع لشروط إنتاج مختلفة. ويشير الخبير الاقتصادي أدهم القضيماتي في تعليق لـ(الجزيرة نت) إلى مجموعة من العوامل التي تلعب دورا في ارتفاع أو انخفاض أسعار السلع والخدمات في سوريا، أبرزها: غياب اقتصاد حقيقي يقوم على أسس اقتصادية متينة: المؤسسات الاقتصادية في البلاد تعاني من إنهاك شديد منذ عهد النظام البائد، وهو ما يحدّ من قدرتها على إدارة الاقتصاد، رغم وجود جهد ملحوظ تبذله الحكومة السورية لمحاولة تمكين هذه المؤسسات من أداء دورها. تقلّب أسعار الصرف: وهي تنتج بمعظمها عن المضاربات في السوق الموازية، تلقي بظلالها على أسعار السلع والخدمات، إذ تُسعَّر معظم المواد وفق هذه التغيرات غير المستقرة. غياب الإنتاج المحلي الكافي: خاصة في السلع الغذائية الأساسية، مما يحول دون تحقيق الاكتفاء الذاتي ويجعل الأسواق المحلية مرتهنة للأسعار العالمية. استيراد أغلب السلع من الخارج مما يجعلها أكثر عرضة لتأثيرات التقلبات الخارجية، لا سيما في ظل غياب ثبات حقيقي في سعر الصرف.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
تحقيق لـ"سي إن إن" يؤكد تورط الاحتلال بمجازر المساعدات في رفح
كشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية، في تحقيق ميداني موسّع، أن الجيش الإسرائيلي أطلق نيرانا كثيفة على حشود من الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مركز لتوزيع المساعدات الإنسانية في منطقة تل السلطان غرب رفح جنوبي قطاع غزة ، مما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى. واعتمد التحقيق على شهادات أكثر من 12 شاهد عيان، بينهم مصابون، بالإضافة إلى مقاطع مصورة تم التحقق من مواقع تصويرها، أظهرت طلقات نارية ورصاصا من أسلحة ثقيلة يُعتقد أنها من دبابات إسرائيلية مزودة برشاشات "إف إن ماغ" (FN MAG)، وهو سلاح شائع الاستخدام في ترسانة جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقد حددت تسجيلات مصوّرة، قامت الشبكة الأميركية بتحليلها وتحديد مواقعها جغرافيا، أن إطلاق النار وقع قرب دوار "العلم" في منطقة تل السلطان، حيث كان مئات الفلسطينيين قد تجمعوا على بعد نحو 800 متر من موقع توزيع المساعدات الخاضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية. لحظات عصيبة ووثّق الشاب أمين خليفة (30 عاما) اللحظات العصيبة التي عاشها هو وآخرون وهم يحتمون من الرصاص قرب الدوار، في تسجيلات التقطها صباح الأحد الماضي. وأفاد أحد أصدقائه للشبكة بأنه عاد يوم الثلاثاء إلى الموقع نفسه، في محاولة للحصول على المساعدات لكنه استشهد. ووفقا لخبراء أسلحة، فإن وتيرة إطلاق النار التي سُمعَت في الفيديوهات والرصاص المستخرج من أجساد الضحايا تتطابق مع أسلحة رشاشة تستخدمها القوات الإسرائيلية، ويمكن تثبيتها على الدبابات. كما أكّد شهود عيان أنهم رأوا إطلاق النار ينطلق من دبابات إسرائيلية كانت متمركزة في الجوار. وقالت منظمة " مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة من الولايات المتحدة و إسرائيل وتتولى إدارة موقع المساعدات، إن القوات الإسرائيلية كانت تنشط في المنطقة خلال وقت إطلاق النار، لكنها نفت أن يكون إطلاق النار قد وقع داخل مركز التوزيع. وأظهر التحقيق مقاطع مصورة لانفجارات وطلقات رصاص مضيئة وأخرى لجثث ملقاة على الرمال، معظمها برؤوس مصابة بطلقات نارية، بحسب أطباء من مستشفى ناصر الذين استخرجوا رصاصات من أجساد الضحايا يُعتقد أنها من عيار 7.62 ملم. وراجع روبرت ماهر، أستاذ الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب في جامعة ولاية مونتانا والمتخصص في تحليل الصوت الجنائي، اللقطات وأوضح أن دفعات إطلاق النار كانت بمعدل يتراوح بين 15 و16 طلقة في الثانية (أي ما يعادل 900 إلى 960 طلقة في الدقيقة)، وقد أطلقت من مسافة تُقدر بحوالي 450 مترا. وبناء على الطابع العشوائي للأصوات، قال ماهر إن الطلقات بدت وكأنها تُطلق بشكل متكرر في اتجاه واحد، وأضاف "نظرا لأن أصوات الطلقات غير منتظمة، فإن الأمر يبدو أشبه بعملية رش نار عشوائي على المنطقة". ورغم نفي الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن الحادثة، أكد لاحقا أنه أطلق "طلقات تحذيرية" تجاه من وصفهم بـ"مشتبه فيهم" اقتربوا من مواقعه. كما زعم أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تبث "أكاذيب" بشأن الحادثة. وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت إسرائيل يوم 27 مايو/أيار الماضي تنفيذ مخطط مشبوه لتوزيع مساعدات إنسانية عبر مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة إسرائيليا وأميركيا والمرفوضة من قبل الأمم المتحدة. وحدد جيش الاحتلال الإسرائيلي 4 نقاط لتوزيع المساعدات عبر هذه المؤسسة، منها 3 جنوب القطاع وواحدة في محور نتساريم الذي يفصل بين جنوب القطاع وشماله. وتسمح إسرائيل فقط لهذه "المؤسسة المتواطئة معها" بتوزيع مساعدات شحيحة في مناطق عازلة جنوبي القطاع بهدف تفريغ الشمال من الفلسطينيين، في حين يباشر الجيش إطلاق النار على حشود الجائعين مخلفا قتلى وجرحى. ومنذ انطلاق العمل بهذه الآلية، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازر دامية قرب نقاط توزيع المساعدات، خصوصا في مدينة رفح جنوبي القطاع. ومرارا، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن الآلية الراهنة لتوزيع ما تسمى مساعدات هي أداة من أدوات الإبادة الجماعية، وتستهدف تهجير الفلسطينيين قسرا من شمال قطاع غزة إلى جنوبه. من جانبه، وصف المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك طريقة توزيع المساعدات بأنها "غير مقبولة" و"تمس بالكرامة الإنسانية"، وقال "تخيلوا أناسا ينتظرون طعاما ودواء منذ 3 أشهر، ثم يُطلب منهم الركض وسط إطلاق النار". ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال حرب إبادة على سكان قطاع غزة، وفق توصيف خبراء دوليين، وقد استشهد خلالها أكثر من 54 ألف فلسطيني وأصيب نحو 125 ألفا، وشُرد كل سكان القطاع تقريبا وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
عمال بفرنسا يرفضون نقل مكونات عسكرية لسفينة متجهة إلى إسرائيل
امتنع عمال الرصيف في ميناء مرسيليا-فوس بجنوب شرقي فرنسا عن تحميل مكونات عسكرية كانت ستنقل إلى إسرائيل اليوم الخميس، وذلك رفضا للمشاركة في حرب الإبادة المستمرة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ، بحسب ما أعلنت نقابة عمالية أمس الأربعاء. وقال كريستوف كلاريت الأمين العام في نقابة "سي جي تي" لعمال الرصيف وموظفي الموانئ في خليج فوس لوكالة الصحافة الفرنسية "أُبلغنا صباحا أن سفينة تعمل على خط بحري في المتوسط كان من المفترض أن تقوم بتحميل حاوية الخميس بداخلها قطع لأسلحة رشاشة تصنعها شركة يورولينكس. تمكنا من تحديدها ووضعها جانبا". وأكد كلاريت أنه عندما يرفض عمال الرصيف تحميل البضائع، لا يمكن لغيرهم أن يقوم بذلك نيابة عنهم. وشددت النقابة في بيان القول "نحن مع السلام ونرفض كل الحروب". ولم ترد يورولينكس على اتصالات وكالة الصحافة الفرنسية، ورفضت سلطات الميناء التعليق. وقد لقيت خطوة العمال ترحيب بعض أحزاب يسارية. وكتب مانويل بومبار النائب عن حزب "فرنسا الأبية" من أقصى اليسار في منشور عبر منصة إكس "المجد لعمال ميناء مرسيليا فوس. في جميع أنحاء العالم يتم تنظيم النضال من أجل وقف الإبادة في غزة!". ودعا زعيم الحزب جان لوك ميلانشون في رسالة إلى "فرض حظر الآن على الأسلحة المستخدمة في الإبادة". ووفقا لموقع ديسكلوز (Disclose) الاستقصائي، نقلت شحنتان أخريان مماثلتان بين فوس-سور-مير وحيفا في الثالث من أبريل/نيسان و22 مايو/أيار الماضيين. وأفاد موقع ديسكلوز وموقع مارساكتو (Marsactu) في مارس/آذار الماضي بأن يورولينكس تنتج سلاسل معدنية للربط بين الرصاصات بشكل يتيح إطلاق رشقات من الأسلحة الرشاشة الثقيلة، "وقد تستخدم ضد المدنيين في قطاع غزة". وتعقيبا على ذلك، قال وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو حينها إنه يمكن لإسرائيل أن تقوم حصرا "بإعادة تصدير" القطع التي تصدرّها الشركة. يشار إلى أن إسرائيل ترتكب بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب في غزة خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود.