
رغم الصدام مع رؤساء أميركا... نتنياهو دائما ينال مراده
منذ أكثر من شهر بقليل، بدا أن دونالد ترامب يتجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذ قام الرئيس الأميركي بجولة في الشرق الأوسط دون زيارة إسرائيل، الحليف الإقليمي الأقرب لواشنطن.
والأسوأ من ذلك بالنسبة لنتنياهو، أن ترامب رفع العقوبات عن سوريا - وهو ما عارضته إسرائيل - وتحدث عن احتمالات إبرام اتفاق نووي مع إيران، وهو أمر حذر منه نتنياهو دوما.
بعد مرور خمسة أسابيع، قصفت الولايات المتحدة المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية محققة بذلك حلما راود نتنياهو لعقود من الزمن وهو إقناع واشنطن باستخدام كامل قوتها العسكرية للقضاء على طموحات طهران الذرية.
ويؤكد الهجوم الأميركي على حقيقة أهم ميزت مسيرة نتنياهو.. وهي أنه مهما شاب التوتر علاقاته مع الرؤساء الأميركيين المتعاقبين، فإن الأمر عادة ما ينتهي بحصوله على مراده.
فعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، اصطدم نتنياهو -على نحو مذهل في كثير من الأحيان- مع القادة الأميركيين. فقد وبخهم وتحداهم وأحرجهم في السر والعلن. ومع ذلك، تدفقت المساعدات العسكرية الأميركية على إسرائيل دون انقطاع تقريبا في عهد الإدارات الديموقراطية والجمهورية المتعاقبة. ولا تزال واشنطن المورد الرئيسي للأسلحة والدرع الدبلوماسي الحصين لإسرائيل.
وقال مسؤول كبير بالأمم المتحدة في القدس طلب عدم الكشف عن اسمه: "ربما خلص إلى أنه يفعل دائما ما يريد دون خوف من العواقب... من الصعب أن نقول خلاف ذلك".
قبل شهر واحد فقط، اتهم زعيم المعارضة يائير لابيد نتنياهو بتدمير علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة. وتمثل الهجمات الأميركية على إيران أوثق تحالف عسكري بين الولايات المتحدة وإسرائيل حتى الآن في مواجهة خصم مشترك.
الصمود أمام الضغوط
إن ثقة نتنياهو بقدرته على تنفيذ أجندته، والصمود في وجه الضغوط الأميركية عند الحاجة، لها تاريخ طويل.
فبعد شهر واحد فقط من توليه رئاسة الوزراء للمرة الأولى في عام 1996، التقى بالرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون في واشنطن وأثار غضبه على الفور.
وذكر الدبلوماسي الأميركي آرون ديفيد ميلر، الذي كان حاضرا، أن كلينتون سأل مساعديه لاحقا "من... يظن نفسه؟ من هي القوة العظمى... هنا؟".
ولكن المساعدات الأميركية بالغة الأهمية لإسرائيل استمرت في التدفق، وهو ما لم يتغير على مر السنين.
ترك نتنياهو منصبه بعد انتخابات في عام 1999 ولم يعد إلى السلطة إلا بعد 10 سنوات، وفي ذلك الوقت كان باراك أوباما، وهو ديموقراطي مثل كلينتون، يتولى الرئاسة.
وتحولت العلاقات بين الجانبين إلى عداء علني، في البداية بسبب بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة التي يطالب بها الفلسطينيون لتكون جزءا من دولتهم في المستقبل، وهي مسألة تعد مبعث توتر دائم في العلاقات بين الدولتين الحليفتين.
وتدهورت الأمور أكثر عندما دخل أوباما في مفاوضات مع إيران لكبح برنامجها النووي، وهو برنامج قالت إسرائيل إنه يهدف إلى صنع قنابل نووية بينما قالت طهران إنه لأغراض مدنية بحتة.
وفي عام 2015، ألقى نتنياهو كلمة بالكونغرس بدعوة من الجمهوريين ندد فيها بالاتفاق المرتقب دون إبلاغ البيت الأبيض. وقال: "الاتفاق لا يقطع الطريق أمام إيران نحو صنع القنبلة، بل يمهد لها الطريق".
وتردد على نطاق واسع أن أوباما غضب بشدة، ولكن رغم ذلك قررت واشنطن في العام التالي تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة، والتي تبلغ قيمتها 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات.
ويقول محللون سياسيون إن نتنياهو يعتبر الدعم الأميركي أمرا مسلما به، إذ يثق في أن دعم المسيحيين الإنجيليين والجالية اليهودية الصغيرة في الولايات المتحدة سيضمن تسليحا جيدا مستمرا لإسرائيل، بغض النظر عن مدى الخصومة بينه وبين البيت الأبيض.
إقناع ترامب
عندما شن مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) هجوما مباغتا على إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر 2023، سافر الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن إلى إسرائيل لإظهار الدعم، وسمح بتدفق كميات هائلة من الأسلحة للمساعدة في الصراع الذي اندلع في قطاع غزة.
لكن العلاقات بين نتنياهو، وهو يميني، وبايدن، وهو ديموقراطي، تدهورت بسرعة، مع تزايد قلق واشنطن إزاء العدد المتزايد من القتلى المدنيين والأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع الفلسطيني.
أحجم بايدن عن تسليم بعض الذخائر الثقيلة وفرض عقوبات على عدد من المستوطنين الإسرائيليين، لذا احتفى نتنياهو بهزيمة بايدن على يد ترامب في الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وأخيرا أصبح لديه رئيس ينتمي للحزب الجمهوري في المكتب البيضاوي في لحظة حاسمة بالنسبة لإسرائيل.
ومع ذلك، لم تسر الأمور بسلاسة، على الأقل في البداية.
فعلى غرار سلفه بايدن، كان ترامب مستاء من الصراع الذي طال أمده في غزة، ثم فاجأ نتنياهو خلال اجتماع عُقد في السابع من نيسان/أبريل، عندما كشف عن إطلاقه محادثات مباشرة مع طهران بهدف إيجاد حل دبلوماسي للمواجهة النووية التي طال أمدها مع إيران.
وبينما روج ترامب لنفسه علنا كصانع سلام، دعا نتنياهو دوما إلى التدخلات العسكرية. ووفقا لمسؤولين أميركيين كبيرين ومصدر إسرائيلي رفيع المستوى، لم يتضح إذا كان نتنياهو أقنعه "بالموافقة" على خطط الحرب الإسرائيلية، لكنه على الأقل لم "يرفضها".
وقال مسؤولان إسرائيليان الأسبوع الماضي إنه بمجرد أن شنت إسرائيل هجومها الجوي على إيران في الساعات الأولى من يوم 13 حزيران/يونيو، حثت إسرائيل واشنطن للانضمام إليها، داعية ترامب إلى أن يقف مع الجانب المنتصر من التاريخ.
وكتب على لوحات كبيرة انتشرت في تل أبيب "سيدي الرئيس، انجز المهمة!".
وكان الشعور بالارتياح واضحا عندما قصفت القاذفات الأميركية المواقع النووية الإيرانية اليوم الأحد.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطاب مصور مقتضب: "تهانينا للرئيس ترامب. قرارك الجريء باستهداف المنشآت النووية الإيرانية بقوة الولايات المتحدة المهيبة سيغير مجرى التاريخ".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 36 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
'نجاح باهر'… ترامب: حرمنا إيران من القنبلة النووية
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أننا 'حققنا أمس نجاحا عسكريا باهرا في إيران'. وقال في تصريح اليوم الأحد، إن 'ايران قتلت وأضرت بآلاف الأميركيين واستولت على سفارتنا بطهران في عهد إدارة الرئيس كارتر '. وختم، 'حرمنا إيران من القنبلة النووية وكانت ستستخدمها لو استطاعت'. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


بيروت نيوز
منذ 43 دقائق
- بيروت نيوز
ما هي الخطوة التالية لإيران؟ تقريرٌ إسرائيلي يتحدث
نشرت صحيفة 'جيروزاليم بوست' الإسرائيلية تقريراً جديداً تحدثت فيه عما أسمته 'الخطوة التالية لطهران' وذلك بعد القصف الأميركي الذي طالها، فجر الأحد، واستهدف 3 منشآت نووية كبيرة. ]]> ويقول التقرير الذي ترجمهُ 'لبنان24' إنَّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب صرّح، الأحد، بأن الجيش الأميركي نفذ ضربات دقيقة وشاملة على 3 مُنشآت نووية رئيسية وهي نطنز وفوردو وأصفهان'، وأضاف: 'كذلك، قال ترامب إن هذه الضربات حققت نجاحاً عسكرياً كبيراً وذكر أنَّ الهدف كان تدمير التهديد النووي وقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم'. ويشير التقرير إلى أنَّ 'ترامب أراد أن يرى إيران تجلس على طاولة السلام وهو يأمل أن يتحقق ذلك، لكنه يحذر من احتمال وقوع المزيد من الضربات في حال لم تبادر إيران إلى ذلك. من جهتها، لم تُبدِ إيران استعداداً للجلوس إلى طاولة المفاوضات أو الموافقة على شروطها حتى الآن. وعندما أتيحت لها الفرصة، فضّلت المحادثات غير المباشرة في نيسان وأيار الماضيين. حينها، لم تُسفر هذه المحادثات عن اتفاق مع الولايات المتحدة، بل بدت إيران مُماطلة في المفاوضات'. وأكمل: 'أرادت طهران الحفاظ على قدرتها على التخصيب، ويبدو أن بعض هذه القدرة، أو كلها، قد تضررت بشدة جراء الضربات الأميركية والإسرائيلية. كانت الضربات الاميركية ضرورية للوصول إلى عمق الأرض وتدمير مواقع رئيسية مثل فوردو'. وتابع: 'سيستغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة ما إذا كانت الضربات الأميركية، إلى جانب الضربات الإسرائيلية، قد ألحقت الضرر بالبرنامج النووي الإيراني بالقدر الذي أرادته الدولتان'. وأضاف: 'لقد أجرت إيران بالفعل محادثات مع القوى الأوروبية وتركيا بشأن خطواتها التالية. النظام الإيراني يريدُ الخروج من هذه الأزمة بحفظ ماء وجهه. ومع ذلك، فقد أُهين بالفعل، إذ فقد دفاعاته الجوية وأصبح عُرضة للهجمات'. واستكمل: 'قد تُصعّد إيران وتُهدد القوات الأميركية في المنطقة أو شركاء الولايات المتحدة في الخليج. كذلك، قد تسعى إلى إطلاق العنان لما تبقى من وكلائها، مثل كتائب حزب الله في العراق والحوثيين في اليمن'. ورأى التقرير أن 'الخيارات المستقبلية أمام إيران ليست سهلة'، وقال: 'إذا قبلت باتفاق الآن، فسيتعين عليها تبرير رفضها اتفاقاً قبل بضعة أسابيع كان من شأنه أن يحافظ على جزء كبير من برنامجها النووي ويمنع سقوط القنابل، وعندها سيُعرف أنها أضاعت فرصة. إذا لم تقبل طهران باتفاق واختارت المضي قدماً، فستحاول كشف ما قد تراه خدعة من الولايات المتحدة. قد تسعى إلى جر الولايات المتحدة وإسرائيل إلى حرب أطول'. وختم: 'وسط كل ذلك، فإنه من الواضح أن أصدقاء إيران وشركاءها ربما يحثونها على قبول نوع من الصفقة وتخفيف التوترات في المنطقة'.


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
هل أنهت ضربات ترامب برنامج إيران النووي؟
سؤال وحيد مطروح بعد الضربة الأميركية على المواقع النووية الثلاثة: هل أنهت الولايات المتحدة البرنامج النووي الإيراني؟ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن نجاح استهداف مفاعلات فوردو ونطنز وأصفهان، فيما رصدت الأقمار الاصطناعية حركة شاحنات غير اعتيادية في محيط فوردو قبل أيام، مع احتمال أن مهمتها كانت نقل اليورانيوم المخصّب إلى مواقع أخرى. ما هو مؤكّد أن الضربة الأميركية لم تُصب موادّ نووية، ومسؤول إيراني كبير أكّد في تصريح لـ"رويترز" رواية نقل اليورانيوم المخصّب من فوردو قبل الاستهداف الأميركي، إضافة إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تسجّل "أي زيادة في مستويات الإشعاع خارج الموقع"، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المركز الوطني للسلامة النووية في إيران. السردية الأولى تشير إلى أن الولايات المتحدة نفّذت عمليتها، وكان هدفها تدمير المنشآت النووية الثلاث القادرة على تخصيب اليورانيوم في إيران وتقنياتها وليس اليورانيوم المخصّب، لأنها تريد تدمير مستقبل البرنامج النووي وإنهاء قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم مستقبلاً وصنع قنبلة نووية، لا ضرب الموادّ الحالية التي من شأنها أن تترك انبعاثات قد تصيب دولاً عديدة. لكن ثمّة سردية ثانية تثير الشكوك، عزّزتها تصريحات إيرانية وروسية مفادها أن الضربات الأميركية لا يمكن أن توقف البرنامج النووي، مما فتح الباب على احتمال امتلاك إيران منشآت نووية أخرى، أو قدرتها على ترميم الأضرار التي أصابت المنشآت، فتكون العملية الترامبية نجحت في "تدمير" المنشآت الثلاث، لكنها فشلت في إنهاء البرنامج النووي الإيراني. مواقع سرية أخرى؟ يحاول المراقبون متابعة مسار شحنات اليورانيوم الخارجة من فوردو لمعرفة الوجهة، وما إذا كانت منشآت نووية سرّية تمتلكها إيران قادرة على ضمان استمرار عمل البرنامج النووي. لكن الخبير في الشأن الإيراني ملحم ريّا لا يعتقد أن إيران تمتلك منشآت أخرى، بل يرى أن اليورانيوم "تم نقله" إلى مخازن سرّية لضمان سلامته و"إعادته" إلى المنشآت بعد انتهاء الحرب. يشرح ريّا لـ"النهار" بعض التفاصيل عن المواقع الإيرانية النووية، فيقول إن المنشآت الثلاث المستهدفة وحدها قادرة على تخصيب اليورانيوم، وهذه المواقع هي سلسلة عمل متكاملة وليست وحدات منفصلة؛ فالعملية تبدأ في أصفهان، ثمّ تنتقل إلى نطنز، وتستكمل في فوردو حيث تصل إلى أعلى نسب التخصيب. أما المواقع الأخرى، كمنشأة بوشهر - على سبيل المثال - فهي لا تُخصّب بل تُنتج الطاقة، وغير قادرة على تعويض أيٍ من المنشآت الثلاث المذكورة. انتهاء البرنامج النووي تصريحات إسرائيلية تقول إن البرنامج النووي الإيراني قد تأخّر لسنوات، ووزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث يقول إن الضربات الأميركية "قضت" على "الطموحات" النووية الإيرانية و"دمّرت" البرنامج. لكن إيران على المقلب الآخر تشدّد على استمرار برنامجها. وفي هذا السياق، يشير ريا إلى أن مستقبل البرنامج النووي مرتبط بحجم أضرار الضربات. ويستطرد في هذا السياق، فيلفت إلى صور الأقمار الاصطناعية التي تظهر "أضراراً طالت المداخل والمخارج"، لكنه يستبعد أن تكون المنشآت العميقة تحت الأرض قد دُمّرت "بشكل كامل" رغم استخدام القنابل الخارقة للتحصينات، إلّا أنه لا يتوقف عند نقطة التدمير، بل يقول إن البرنامج النووي مرتبط بالصناعة المحلية لأجهزة التخصيب وليس بالمنشآت. تلاقي معلومات ريّا تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي يقول إن البرنامج النووي "ليس مستورداً" حتى يتم القضاء عليه، بل هو "علم أنتجه العلماء" الإيرانيون، وهو الواقع الذي يتحدث عنه ريا، فيقول: "حتى ولو تم تدمير المنشآت، فإن إيران تصنع أجهزة التخصيب ولا تستوردها، وبالتالي قد يكون لديها أجهزة مخزّنة وقادرة على تصنيع أجهزة جديدة". في المحصلة، فإن ترامب ضرب قدرات إيران النووية الحالية، وإسرائيل اغتالت عدداً من العلماء، واستعادة هذه القدرات قد تحتاج سنوات. كذلك تحتاج الاستعادة مقومات سياسية واقتصادية؛ والقضاء على الطموحات وفق تعبير الرئيس الأميركي قد يحمل في طياته اتفاقاً مع إيران يستكمل الضربة العسكرية الأميركية، فينهي خطط إيران النووية مقابل عودتها إلى المجتمع الدولي، وكل ذلك رهن التطورات المقبلة.