عن محسنة توفيق
جاءت ذكرى غيابها لتعيدها إلى الفضاء الرقمي. يكتبون عن محسنة توفيق ويستعيدون مواقف وأدواراً مشهودة لها فأتذكّر لقائي بها يوم زارتنا في بغداد.ذهبت إليها في الفندق وفق موعد مسبق. هاتفتها من مكتب الاستقبال فطلبت مني أن أصعد إلى غرفتها. لديها وعكة طارئة. وجدت في السرير بهية التي هزّتنا في فيلم «العصفور» مع يوسف شاهين. خياطة بسيطة تخرج إلى الشارع بعد خطاب التنحّي وهي تصرخ: «لا... هنحارب!».لم ينقطع هاتف غرفتها عن الرنين. آلو... أهلاً يا أمير... اطلع لي الغرفة. ويُطرق الباب ويدخل زميلنا في جريدة «الثورة» الصحافي المصري أمير إسكندر. يسلّم عليها ويقبل يدها. كنت في بداياتي، لم يغادرني التحفظ الذي يطبع حياتنا البغدادية والخفر الذي يلوّن الوجنات. كيف يمكن لنزيلة في فندق أن تستدعي رجلاً إلى غرفتها؟ لكن زميلنا لم يكن الوحيد. وخلال سويعة من وجودي معها تعاقب على الحضور خمسة مصريين آخرين من أصدقائها. جاءوا يسلمون عليها وكأنها واحد منهم. من دون تاء التأنيث. فهي لم تكن ممثلة مثل نبيلة عبيد أو نادية الجندي. ليست نجمة شاشة أو مدام فلانة ولا حتى زميلة في المهنة. كانت الرفيقة المناضلة محسنة توفيق.كان السادات، في ذلك الوقت من أوائل السبعينات، قد أصدر قراره بفصل قائمة طويلة من أبرز المثقفين. وقد لا يصح القول إن «مصائب قوم عند قوم فوائد»، لكنها كانت بالفعل فرصة عظيمة لنا في بغداد التي احتضنت عدداً منهم. صحافيون ومفكرون وفنانون تابعناهم وقرأنا لهم. نراهم يقيمون بيننا. نتحاور معهم ونسمع تجاربهم ونتعلم أو لا نتعلم.هي الفترة التي تعرفنا فيها على غالي شكري، وعبد الرحمن الخميسي، ومحمد عفيفي مطر، ومصطفى طيبة، وأمير إسكندر، ونوال السعداوي، وشريف حتاتة، وصلاح زكي، ونبيل زكي، وعلية إحسان، وسعد التايه وآخرين. وهي أيضاً الفترة التي تعاقد فيها معهد التدريب الإذاعي مع المخرجين صلاح أبو سيف وتوفيق صالح والسيناريست علي الزرقاني لتقديم دورة لعدد منا في فن كتابة السيناريو. وكان هناك في قسم الصحافة الدكتور خليل صابات. وفي الجامعة المستنصرية الأستاذة صافي ناز كاظم. كان رأي غالي شكري أنها كاتبة إسلامية إلا عندما تكتب في النقد المسرحي.وحدث أن جاءت الصحافية سكينة السادات في زيارة خاطفة. وأقام لها زميلنا سعد زغلول فؤاد حفل عشاء حضره محمود السعدني. وطوال السهرة لم يتوقف السعدني عن التنكيت على شقيقها الرئيس. وكانت تضحك والكل يضحك وأنا أتعجب من سماحة أولئك المصريين. أين منهم طبعنا العراقي الحامي؟وكل يوم، كانت غرفة محسنة توفيق، المطلة على دجلة، تتحول إلى ملتقى للفن والود. فلما شاهدناها، بعد سنوات، في مسلسل «ليالي الحلمية»، لم نفهم كيف ستملأ الموقع الذي غادرته فردوس عبد الحميد. يمامة بدل صقر. لكن «أنيسة» أخذتنا معها إلى صحبة من نوع آخر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 5 أيام
- السوسنة
ليلى علوي تستعيد ذكرياتها مع فيلم المصير
السوسنة- استعادت الفنانة ليلى علوي ذكريات مشاركتها في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، وذلك تزامناً مع انطلاق فعاليات دورته الـ78، حيث شاركت بصورة من أرشيفها تعود إلى عرض فيلم "المصير" في المهرجان عام 1997، أحد أبرز المحافل السينمائية العالمية.ونشرت ليلى علوي عبر حسابها صورة جمعتها بفريق عمل الفيلم، يتقدّمهم المخرج الراحل يوسف شاهين، والنجم الراحل نور الشريف، والفنان هاني سلامة، وعلّقت قائلة:"السوفنير ده معايا بقاله 28 سنة، وغالي على قلبي جدًا، أخدته وقت عرض فيلم المصير في مهرجان كان".وأكدت أن هذه الذكرى لا تزال حاضرة في وجدانها، وتعتبرها من المحطات المميزة في مشوارها الفني.وشاركت الفنانة روجينا في هذه الذكرى، إذ أعادت نشر الصورة ذاتها عبر حسابها الشخصي، وعلّقت عليها بكلمات مؤثرة قالت فيها: "الأستاذ يوسف شاهين... عندما يتحول الحلم الى حقيقة".فيلم "المصير" يُعد من أبرز محطات السينما المصرية في التسعينيات، عُرض لأول مرة عام 1997، وحقق حضورًا قويًا على الساحة الدولية، خاصة بعد مشاركته الرسمية في مهرجان كان.الفيلم من تأليف وإخراج يوسف شاهين، وضم نخبة من نجوم الفن المصري، أبرزهم نور الشريف، ليلى علوي، محمود حميدة، صفية العمري، محمد منير، خالد النبوي، هاني سلامة، عبد الله محمود، الى جانب عدد آخر من الفنانين.تناول الفيلم حياة الفيلسوف ابن رشد، وسلّط الضوء على الصراع بين الفكر والانغلاق، مقدمًا رسالة إنسانية عابرة للزمن:

الدستور
منذ 6 أيام
- الدستور
مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يحتفي بمئوية يوسف شاهين في دورته الـ 15
القاهرة - الدستور أعلن مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية أن دورته الخامسة عشرة، المقررة في الأسبوع الأخير من مارس 2026، ستُقام تحت شعار" يوسف شاهين.. حدوتة مصرية"، وذلك احتفاءً بمئوية ميلاد المخرج المصري العالمي يوسف شاهين (1926 /2026)، أحد أبرز روّاد السينما العربية والعالمية. وأكد السيناريست سيد فؤاد، رئيس المهرجان، أن هذه الدورة ستخصص برنامجًا خاصًا ليوسف شاهين، يشمل إصدار كتاب توثيقي باللغتين العربية والفرنسية عن يوسف شاهين، حياته، أفلامه، ومدرسته السينمائية، كما سيقام معرض كبير بالفيديو آرت لأفيشات أفلامه وفوتوغرافيا خاصة بحياته وأعماله كممثل، كما ستُعرض أربعة من أبرز أفلامه المرمّمة، والتي قامت شركة أفلام مصر العالمية بترميمها ضمن مشروع إعادة إحياء أعماله. وستقوم إدارة المهرجان بتنظيم عروض موازية لهذه الأفلام في عدد من الدول الأفريقية خلال عام 2026، إلى جانب تكريمات خاصة لأسماء تعاونت مع شاهين في أفلامه المختلفة. من جانبها، كشفت المخرجة عزة الحسيني، مديرة المهرجان، عن تطوير برنامج "نظرة خاصة" هذا العام ليُخصص للسينما في دولة جنوب أفريقيا، احتفاءً بتاريخها العريق وتطور صناعتها السينمائية، وسيتضمن البرنامج عرض أربعة أفلام تمثل محطات مهمة في تطور السينما الجنوب أفريقية، بالإضافة إلى إعادة طبع كتاب مرجعي حول هذه السينما. كما أعلنت الحسيني عن تقديم تكريم خاص لاسم المخرج المالي الراحل سليمان سيسيه (21 أبريل 1940 – 19 فبراير 2025)، الذي تُعد أعماله من العلامات البارزة في تاريخ السينما الأفريقية. وكان سيسيه من الأصدقاء المقربين لمهرجان الأقصر، حيث سبق تكريمه وعرض عدد من أفلامه خلال حياته. وقد نال العديد من الجوائز من مهرجانات دولية، من بينها مهرجان كان السينمائي. وسيصدر المهرجان نشرة خاصة عنه بهذه المناسبة. ويواصل مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، منذ تأسيسه في 2011، دوره المحوري في تعزيز العلاقات الثقافية بين مصر والدول الأفريقية، ودعم صناعة السينما الأفريقية من خلال العروض والبرامج المتخصصة والشراكات المؤسسية. يقام المهرجان بتنظيم من مؤسسة شباب الفنانين المستقلين، ويترأسه شرفيًا النجم محمود حميدة، بينما يرأس لجنته العليا المنتج والموزّع جابي خوري. ويُقام بالتعاون مع وزارات الثقافة، السياحة والآثار، الخارجية، الشباب والرياضة، وبرعاية البنك الأهلي المصري، الهيئة المصرية العامة لتنشيط السياحة، كيميت للسلام والمعرفة، أفريكسيم بنك، نقابة المهن السينمائية، ومحافظة الأقصر.


العرب اليوم
١١-٠٥-٢٠٢٥
- العرب اليوم
عن محسنة توفيق
جاءت ذكرى غيابها لتعيدها إلى الفضاء الرقمي. يكتبون عن محسنة توفيق ويستعيدون مواقف وأدواراً مشهودة لها فأتذكّر لقائي بها يوم زارتنا في بغداد. ذهبت إليها في الفندق وفق موعد مسبق. هاتفتها من مكتب الاستقبال فطلبت مني أن أصعد إلى غرفتها. لديها وعكة طارئة. وجدت في السرير بهية التي هزّتنا في فيلم «العصفور» مع يوسف شاهين. خياطة بسيطة تخرج إلى الشارع بعد خطاب التنحّي وهي تصرخ: «لا... هنحارب!». لم ينقطع هاتف غرفتها عن الرنين. آلو... أهلاً يا أمير... اطلع لي الغرفة. ويُطرق الباب ويدخل زميلنا في جريدة «الثورة» الصحافي المصري أمير إسكندر. يسلّم عليها ويقبل يدها. كنت في بداياتي، لم يغادرني التحفظ الذي يطبع حياتنا البغدادية والخفر الذي يلوّن الوجنات. كيف يمكن لنزيلة في فندق أن تستدعي رجلاً إلى غرفتها؟ لكن زميلنا لم يكن الوحيد. وخلال سويعة من وجودي معها تعاقب على الحضور خمسة مصريين آخرين من أصدقائها. جاءوا يسلمون عليها وكأنها واحد منهم. من دون تاء التأنيث. فهي لم تكن ممثلة مثل نبيلة عبيد أو نادية الجندي. ليست نجمة شاشة أو مدام فلانة ولا حتى زميلة في المهنة. كانت الرفيقة المناضلة محسنة توفيق. كان السادات، في ذلك الوقت من أوائل السبعينات، قد أصدر قراره بفصل قائمة طويلة من أبرز المثقفين. وقد لا يصح القول إن «مصائب قوم عند قوم فوائد»، لكنها كانت بالفعل فرصة عظيمة لنا في بغداد التي احتضنت عدداً منهم. صحافيون ومفكرون وفنانون تابعناهم وقرأنا لهم. نراهم يقيمون بيننا. نتحاور معهم ونسمع تجاربهم ونتعلم أو لا نتعلم. هي الفترة التي تعرفنا فيها على غالي شكري، وعبد الرحمن الخميسي، ومحمد عفيفي مطر، ومصطفى طيبة، وأمير إسكندر، ونوال السعداوي، وشريف حتاتة، وصلاح زكي، ونبيل زكي، وعلية إحسان، وسعد التايه وآخرين. وهي أيضاً الفترة التي تعاقد فيها معهد التدريب الإذاعي مع المخرجين صلاح أبو سيف وتوفيق صالح والسيناريست علي الزرقاني لتقديم دورة لعدد منا في فن كتابة السيناريو. وكان هناك في قسم الصحافة الدكتور خليل صابات. وفي الجامعة المستنصرية الأستاذة صافي ناز كاظم. كان رأي غالي شكري أنها كاتبة إسلامية إلا عندما تكتب في النقد المسرحي. وحدث أن جاءت الصحافية سكينة السادات في زيارة خاطفة. وأقام لها زميلنا سعد زغلول فؤاد حفل عشاء حضره محمود السعدني. وطوال السهرة لم يتوقف السعدني عن التنكيت على شقيقها الرئيس. وكانت تضحك والكل يضحك وأنا أتعجب من سماحة أولئك المصريين. أين منهم طبعنا العراقي الحامي؟ وكل يوم، كانت غرفة محسنة توفيق، المطلة على دجلة، تتحول إلى ملتقى للفن والود. فلما شاهدناها، بعد سنوات، في مسلسل «ليالي الحلمية»، لم نفهم كيف ستملأ الموقع الذي غادرته فردوس عبد الحميد. يمامة بدل صقر. لكن «أنيسة» أخذتنا معها إلى صحبة من نوع آخر.