
جزيرة غامضة..لا ولادات ولا أموات
تداولت حسابات على فيس بوك وإكس منشوراً يتضمّن معلومات غريبة عن جزيرة سفالبار في المحيط المتجمّد الشمالي، منها أن الولادة فيها غير ممكنة لغياب مستشفيات توليد النساء، والدفن فيها ممنوع لأن الجثث لا تتحلل في تربتها المتجمدة.
وسفالبار أرخبيل في المحيط المتجمّد الشمالي، بين النرويج والقطب الشمالي، ويخضع للنرويج، ويبلغ عدد سكانه أقل من 3000، لكنه يستقبل سنوياً 140 ألف سائح.
وكانت مناجمُ الفحم، إضافة إلى صيد الحيتان، سبب وجود البشر في هذه البقعة النائية من أقصى شمال كوكب الأرض، ومع إغلاق معظم المناجم على مر السنوات، أصبحت السياحة والبحث العلمي الركائز الرئيسية للاقتصاد المحلي، والقطاع الذي يشكل أكبر مصدر لفرص العمل.
تشكّل المحميات الطبيعية 65% من مساحة سفالبار، وعلى الزوار، والسكان الامتثال لقواعد صارمة لحماية الحياة البرية، ويفرض القانون مثلاً غرامات كبيرة على من يتصيد الدببة القطبية أو يقطف الزهور.
وفي 2017، ألزمت السلطات النرويجية مرشداً سياحياً بدفع غرامة بـ1300 يورو لأنه أزعج دباً قطبياً أبيض، فأخافه وجعله يهرب، وقالت السلطات حينها في بيان: "تحظر القواعد الاقتراب من الدببة القطبية لمسافة تزعجها، مهما كانت هذه المسافة".
تشكّل الرحلة بطائرة عادية إلى أرخبيل سفالبار على بعد نحو 1000 كيلومتر من القطب الشمالي مغامرة قطبية مثيرة، إذ أن المشهد يتألف من مساحات برية شاسعة خلابة، ودبب قطبية، ويمكن مشاهدة الشمس في سمائه في منتصف الليل، أو الاستمتاع بألوان الشفق القطبي، تبعاً للموسم.
وفي 2008، صمم علماء في لونغييربين، في جزر سفالبار، مخزناً أشبه ما يكون بسفينة نوح لبذور النبات، يضمّ بذور أكثر من مليون نوع، للمحافظة على هذه الأنواع إذا وقعت كارثة طبيعية على الأرض أو حرب أو مرض أو تغيّر مناخي.
وللوصول إلى مكان التخزين، يجب عبور أبواب حصينة ونفق طوله 120 متراً، يؤدي إلى ثلاث غرف محاطة بأسلاك، وداخل هذه الغرف تخزّن البذور من القارات الخمس في صناديق.
تدّعي المنشورات أن الولادة غير متاحة في سفالبار لأن "لا جناح للولادة"، وأن "النساء الحوامل مضطرات للسفر إلى البر الرئيسي في النرويج قبل شهر من موعد الولادة". ولكن معظم النساء الحوامل المقيمات في سفالبار يفضّلن الانتقال إلى برّ النرويج حيث المنشآت الطبيّة أكثر تقدماً، من أجل الولادة هناك.
وتطلب شركات الطيران أن يكون ذلك قبل، على الأقل، ثلاثة أسابيع من موعد الولادة.
لكن هذا لا يعني أن الولادة غير ممكنة في سفالبار، ففي 2009 أنجبت امرأة توأمين بجراحة قيصرية في مستشفى هناك، وسُجلت قبل ذلك بثلاث سنوات ولادة مبكرة.
ويوجد في لونغييريين، المدينة الرئيسية في سفالبار، مستشفى، لكن الخدمات الطبية فيه محدودة.
ويُحظر الدفن في توابيت، ولا يوضح القانون سبب المنع، لكن الشائع هناك هو أن البرد يحول دون تحلّل الجثث، وفي المقابل، يُسمح بالدفن بعد حرق الجثة وترميدها، ويتطلّب ذلك التنسيق مع كنيسة سفالبار لترتيب الإجراءات اللازمة.
ولا تزالت سفالبار تضمّ قبوراً من القرنين الـ17 والـ18 فيما كان صيد الحيتان نشاطاً اقتصادياً رائجاً هناك.
وفي 1918، دُفن في سفالبار 7 بحارة من النرويج بعد إصابتهم بالإنفلونزا الإسبانية، كما جاء في المنشور، وقرّر السكان حرق ملابسهم وأمتعتهم ودفنهم على الفور خوفاً من انتشار العدوى، وفق موقع متحف سفالبار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 2 أيام
- الاتحاد
تقنية جديدة لتكييف الهواء دون غازات ملوثة
يمهّد ابتكار جديد هو عبارة عن عجينة ناعمة شمعية بيضاء اللون تتمتع بخصائص واعدة وتتغير حرارتها بأكثر من 50 درجة تحت الضغط، الطريق لجيل ثوري من مكيفات الهواء الخالية من الغازات المسببة للاحترار المناخي. على عكس الغازات المستخدمة في الأجهزة الحالية، فإن هذه "المبردات الصلبة" لا تتسرّب. ويقول البروفيسور كزافييه مويا، الأستاذ في فيزياء المواد في جامعة كامبريدج البريطانية، إن هذه المواد "أكثر كفاءة في استخدام الطاقة". هناك نحو مليارَي مكيّف هواء قيد الاستخدام في مختلف أنحاء العالم، ويتزايد عددها مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب. وبين التسريبات واستهلاك الطاقة، تتزايد الانبعاثات المرتبطة بها أيضا كل عام، بحسب وكالة الطاقة الدولية. يدرس كزافييه مويا، منذ 15 عاما، خصائص هذه "البلورات البلاستيكية" في مختبره في الجامعة البريطانية المرموقة. على طاولة عمله، آلة ضخمة بالأحمر والرمادي تعلوها أسطوانة، تختبر درجة حرارة المادة اعتمادا على الضغط. البروفيسور كزافييه مويا في مختبره تهدف هذه الخطوة إلى تحديد أفضل المبرّدات بين هذه الفئة من المواد المستخدمة أصلا في الكيمياء والتي يسهل الحصول عليها إلى حد ما (يبقى التركيب الدقيق للجزيئات سريا). ليست هذه الظاهرة مرئية للعين المجردة، لكنّ البلورات تتكوّن من جزيئات قادرة على الدوران حول نفسها. عند الضغط عليها، تتوقف حركتها وتبدد طاقتها على شكل حرارة. ومن ناحية أخرى، يؤدي إطلاقها إلى خفض درجة الحرارة المحيطة، وهو ما يسمّى بـ"تأثير الباروكالوري". مشروبات غازية باردة يقول كلايف إيلويل أستاذ فيزياء البناء في جامعة "يو سي ال" في لندن، في حديث صحافي، إن "الطلب على تكييف الهواء سيرتفع بشكل كبير على مستوى العالم بحلول عام 2050". ويرى أنّ المواد الصلبة الباروكالورية لديها القدرة على أن تكون بنفس كفاءة الغاز، إن لم تكن أكثر كفاءة. ويضيف "مهما كانت التكنولوجيا الجديدة، التي سيتم إطلاقها، يتعيّن أن تلبّي المتطلبات الأساسية"، مثل حجم الجهاز أو الضجيج الذي تصدره، إذا كانت تأمل في إيجاد طريقها إلى المنازل والسيارات. إلى جانب أبحاثه في كامبريدج، أنشأ كزافييه مويا عام 2019 شركة ناشئة تحمل اسم "باروكال" لاستخدام اكتشافات مجموعته البحثية عمليا. تضم الشركة تسعة أشخاص وتمتلك مختبرها الخاص، هو حاليا عبارة عن مستودع متواضع في موقف للسيارات. لكن "الشركة الناشئة" تجتذب المتابعين. ففي السنوات الأخيرة، جمعت نحو أربعة ملايين يورو خصوصا من مجلس الابتكار الأوروبي، وهو برنامج تابع للاتحاد الأوروبي تشارك فيه المملكة المتحدة، ومنظمة "بريكثرو إنرجي" التي أنشأها الملياردير الأميركي بيل غيتس. وتخطط الشركة لزيادة قوتها العاملة إلى 25 أو 30 شخصا هذا العام. داخل المستودع، يعادل حجم النموذج الأولي لمكيف الهواء حجم حقيبة سفر كبيرة. وبعيدا عن كونه صغيرا، يصدر صوت طنين مرتفعا عندما تزيد أو تقلل الدائرة الهيدروليكية الضغط في الأسطوانات الأربع المملوءة بالحبيبات. لكنّ هذا الجهاز يعمل. وقد ثُبّت برّاد صغير على النظام فيما تحافظ علب المشروبات الغازية الموجودة بداخله على برودة تامة. خفض الفواتير يقرّ محسن العبادي مهندس المواد في شركة "باروكال" بأنّ هذا النموذج الأولي "لم يتم تحسينه بشكل فعلي حتى الآن، لا من حيث كتلته، ولا حجمه، ولا حتى صوته". لكنّ الأنظمة الجديدة، التي تعمل الشركة على تطويرها، ستكون مماثلة في الحجم لتلك التي تعمل بالغاز وصوتها منخفض مثلها. وفي حين تركّز الشركة حاليا على التبريد، من الممكن أيضا استخدام هذه التكنولوجيا لإنتاج الحرارة. تدرس فرق عدة في مختلف أنحاء العالم هذه المواد، لكنّ فريق كامبريدج هو الرائد في هذا المجال، بحسب "بريكثرو إنرجي" التي تشير إلى أن هذه الأجهزة "لديها القدرة على خفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى 75%" مقارنة بالأنظمة التقليدية. وتأمل شركة "باروكال" في إطلاق "أول منتج في السوق خلال ثلاث سنوات"، بحسب مدير المبيعات فلوريان شابوس. وسيكون هذا المنتج في البداية عبارة عن "وحدات تبريد لمراكز التسوق الكبيرة والمستودعات والمدارس" وحتى "مراكز البيانات". يُعتقد أن إقناع الشركات بالتكنولوجيا سيكون أسهل في البداية إذا كانت أكثر تكلفة للشراء ولكن ستساهم في خفض الفواتير. وتسعى شركة "باروكال" في نهاية المطاف للوصول إلى أسعار تعادل الأنظمة التقليدية لاستهداف الأفراد.


البوابة
منذ 4 أيام
- البوابة
الهروب الكبير.. سباق عالمى على الباحثين الأمريكيين فى ظل تخفيضات إدارة ترامب لتمويل البحوث الأمريكية
مع تطبيق الرئيس دونالد ترامب تخفيضات جذرية فى تمويل العلوم والبحوث الأمريكية، تنتهز دول العالم الفرصة لجذب الباحثين والأكاديميين الأمريكيين المحبطين. بعد أن كانت تُعتبر رائدة عالميا فى الابتكار العلمي، تشهد الولايات المتحدة الآن هجرة جماعية للمواهب مدفوعةً بسياسات تقييدية، وتخفيضات فى التمويل، وبيئة معادية للمهاجرين بشكل متزايد. دفعت هذه التطورات الدول المنافسة إلى اتخاذ خطوات استباقية لاستقطاب باحثين من الطراز الأول من أمريكا، مستغلةً ما يُوصف بـ"فرصة نادرة لاكتساب العقول". لعقود، كانت الولايات المتحدة نقطة جذب لألمع العقول فى العالم، حيث وفرت ميزانيات بحثية لا مثيل لها، ومرافق متطورة، ورواتب تنافسية. فى عام ٢٠٢٤، أنفقت الولايات المتحدة ما يقرب من تريليون دولار - أى ما يعادل ٣.٥٪ تقريبًا من ناتجها المحلى الإجمالى - على البحث والتطوير. مع مساهمة الحكومة بنحو ٤٠٪ من هذا الإنفاق، لطالما كانت البلاد فى طليعة التقدم العلمى والتكنولوجي. إلا أن سياسات إدارة ترامب، بما فى ذلك خفض التمويل الفيدرالى للمؤسسات العلمية وتقييد مواضيع البحث، قد عرّضت هذه القيادة للخطر. حملة عالمية نتيجةً لذلك، تتنافس دولٌ حول العالم الآن على استقطاب الباحثين الأمريكيين، مقدمةً لهم التمويل والحرية الأكاديمية وتحسين ظروف المعيشة، فى محاولةٍ لوقف هجرة الأدمغة. على سبيل المثال، التزم الاتحاد الأوروبى مؤخرًا بمبلغ إضافى قدره ٥٠٠ مليون يورو (٥٥٦ مليون دولار) على مدى العامين المقبلين لجعل القارة وجهةً أكثر جاذبيةً للباحثين. ورغم أن هذا الاستثمار متواضعٌ مقارنةً بميزانيات الولايات المتحدة، إلا أنه يعكس إدراكًا متزايدًا بأن هذه لحظةٌ حاسمةٌ لإعادة تشكيل المشهد البحثى العالمي. وتحذو دولٌ أخرى حذوها بمبادراتٍ مُستهدفة. فقد تعهدت فرنسا بتقديم ١١٣ مليون دولار لجذب الباحثين الأمريكيين، كما قدمت مؤسساتٌ مثل جامعة إيكس مرسيليا ما يصل إلى ١٦.٨ مليون دولار لتمويل المواهب الأجنبية. خصصت إسبانيا ٤٥ مليون يورو (٥٠ مليون دولار) لجذب الباحثين، بينما يقدم برنامج كتالونيا ٣٤ مليون دولار لرعاية علماء أمريكيين ذوى كفاءة عالية. الجاذبية المالية فى حين أن الرواتب فى أوروبا أقل عمومًا من تلك فى الولايات المتحدة، إلا أن شبكات الأمان الاجتماعى القوية فى القارة تُسهم فى تعويض هذا الفارق. فالرعاية الصحية والتعليم المجانيان وانخفاض تكاليف المعيشة فى بعض المناطق تجعل أوروبا خيارًا جذابًا للباحثين الباحثين عن الاستقرار وجودة الحياة. فى فرنسا، يمكن للباحث أن يتوقع دخلًا شهريًا يقارب ٣٦٠٠ يورو قبل الضرائب، مقارنةً براتب شهرى يبلغ حوالى ٦٦٨٥ دولارًا أمريكيًا لزميل ما بعد الدكتوراه فى الولايات المتحدة. على الرغم من فجوة الرواتب، تُعتبر المزايا الاجتماعية السخية التى تقدمها الدول الأوروبية عامل جذب رئيسي، لا سيما لمن يسعون إلى توازن أفضل بين العمل والحياة والحرية الأكاديمية. نداءات وطنية بذلت عدة دول جهودًا خاصة للتواصل المباشر مع الباحثين الأمريكيين، مؤكدةً على الحريات السياسية والأكاديمية التى تتعرض لتهديد متزايد فى الولايات المتحدة. وجهت الدنمارك نداءً للباحثين الأمريكيين مؤكدةً دعمها للعلم والحقائق، حتى أنها استخدمت أغنية "وُلِد فى الولايات المتحدة الأمريكية" لبروس سبرينغستين فى حملة ترويجية. وحثّ وزير التعليم السويدي، يوهان بيرسون، الباحثين الأمريكيين على التفكير فى الانتقال إلى السويد، مشيرًا إلى أن السويد تُقدّر الحرية الأكاديمية والنزاهة العلمية. تُقدّم النرويج ١٠٠ مليون كرونة (٩.٦ مليون دولار) لتمويل الباحثين الأمريكيين والدوليين، مُدركةً الضغط المتزايد على الحرية الأكاديمية فى الولايات المتحدة. وتُخطّط المملكة المتحدة لتخصيص ٥٠ مليون جنيه إسترلينى (٦٦ مليون دولار) لنقل العلماء الدوليين، بينما تُستثمر كندا فى جهود التوظيف، مثل برنامج شبكة الصحة الجامعية الذى تبلغ قيمته ٢١.٥ مليون دولار لاستقدام ١٠٠ عالم من الولايات المتحدة. وأعلنت دول أخرى، منها أستراليا والبرتغال والنمسا، عن برامج مماثلة لدعم الباحثين الذين يشعرون بخيبة أمل من سياسات إدارة ترامب. على سبيل المثال، أطلقت الأكاديمية الأسترالية للعلوم حملة بحث عالمية عن المواهب لجذب ألمع العقول المُغادرة للولايات المتحدة، مُشددةً على الفرصة الفريدة لتأمين مواهب بحثية رفيعة المستوى. تزايد الاستياء كشف استطلاع رأى أجرته مجلة "نيتشر" فى مارس أن ٧٥٪ من طلاب الدكتوراه وباحثى ما بعد الدكتوراه فى الولايات المتحدة يُفكّرون فى مغادرة البلاد بسبب سياسات إدارة ترامب. يشعر الكثيرون بقلق بالغ إزاء تآكل الحرية الأكاديمية والتدخل السياسى فى البحث العلمي. وقد أدى تغيير الأولويات فى ظل الإدارة الحالية، إلى جانب حالة عدم اليقين المحيطة بسياسات الهجرة، إلى شعور العديد من الباحثين الأمريكيين بخيبة الأمل وعدم التقدير. قد يكون للتنافس العالمى المتزايد على المواهب الأمريكية تداعيات طويلة المدى على البحث والابتكار الأمريكيين. فبينما تواجه الولايات المتحدة احتمال فقدان بعضٍ من ألمع عقولها، تُهيئ دول العالم نفسها للاستفادة من هجرة المواهب هذه. ويعتمد نجاح الولايات المتحدة فى استعادة مكانتها كقائدة فى مجال البحث العالمى على قدرتها على عكس هذه الاتجاهات وإعادة إرساء بيئة تُقدّر البحث العلمى والحرية الأكاديمية. فى غضون ذلك، تُهيئ دول فى أوروبا وآسيا والأمريكيتين نفسها لتصبح مراكز عالمية جديدة للبحث، مُقدمةً التمويل والحرية الأكاديمية وظروف معيشية مُحسّنة، فى محاولة لجذب المواهب الأمريكية المُهجّرة. وبينما يتكيف مجتمع البحث الدولى مع هذا الواقع الجديد، يبقى أن نرى كيف ستتغير الديناميكيات العالمية للابتكار العلمى فى السنوات القادمة. *نيويورك تايمز


صحيفة الخليج
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- صحيفة الخليج
الخوارزميات تحكمنا: من داخل «فيسبوك» إلى قلب السياسة العالمية
في عصر تتقاطع فيه التكنولوجيا مع موازين القوة، لم تعد القرارات التقنية شأناً محايداً، بل أصبحت امتداداً للسياسة نفسها، إذ ما يُتخذ في الخفاء من خيارات رقمية قد يعيد تشكيل واقعنا العام بطرق لا نملك السيطرة عليها. ومع تصاعد نفوذ الشركات التكنولوجية، بات من الضروري مساءلة من يملكون مفاتيح الخوارزميات، لا بوصفهم مهندسين فحسب، بل بصفتهم فاعلين سياسيين يؤثرون في مصائر المجتمعات. يحمل كتاب «أناس مستهترون» بُعداً يتجاوز حدود المذكرات الشخصية، إذ يُمثّل وثيقة تحليلية مهمة تعاين العلاقة المعقّدة بين التكنولوجيا والسياسة، من خلال تجربة الكاتبة سارة وين-ويليامز داخل واحدة من أكثر شركات التكنولوجيا تأثيراً في العالم: فيسبوك (ميتا حالياً). تقدّم الكاتبة التي عملت في موقع مسؤول ضمن قسم السياسات العامة، رؤية من الداخل تكشف عن التوترات بين الطموحات المثالية لبناء فضاء رقمي مفتوح والواقع المملوء بالمصالح الاقتصادية والضغوط السياسية العابرة للحدود. وتكشف المؤلفة عن آليات صناعة القرار في شركة بحجم وتأثير فيسبوك، موضحة كيف يتم التوفيق بين الضغوط الحكومية والمصالح التجارية، مشيرة إلى هذه القرارات لا تنحصر في قضايا تقنية بحتة، بل تمس مباشرة حياة ملايين المستخدمين حول العالم، وخاصة في مناطق النزاع والانقسامات العرقية والسياسية. تعاين سارة وين-ويليامز، خطاب الشركة الذي يروّج للحيادية والحرية، وتُظهر عبر أمثلة دقيقة كيف أن السياسات المعتمدة على الخوارزميات قد أدت إلى تفاقم العنف والكراهية في مجتمعات هشة، كما حدث في أزمة الروهينغا، التي يشير إليها الكتاب بوصفها علامة فارقة في انكشاف هشاشة الادعاءات الأخلاقية لفيسبوك. تُحلّل المؤلفة طبيعة العلاقة بين الشركات التكنولوجية والسلطات السياسية، مركّزة على المفاوضات التي تجري خلف الأبواب المغلقة، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى تسويات تمسّ مبادئ الشفافية وحرية التعبير. يظهر في الكتاب أن تلك التسويات لم تكن استثناءات، بل أصبحت نمطاً مكرراً في تعامل الشركة مع الدول والأنظمة المختلفة. تُبرز الكاتبة الأثر الإنساني العميق لهذه السياسات، من خلال قصص لأشخاص وجماعات تأثرت حياتهم بالقرارات الصادرة من مقارّ بعيدة لا تعرف شيئاً عن واقعهم. هذه المقاربة تمنح الكتاب قوة أخلاقية، وتضع القارئ في مواجهة مباشرة مع ما يمكن أن يُنتج عن «الإهمال المؤسسي» عندما يتعلق الأمر بمصائر الناس. تُضيء سارة جوانب الغموض في بنية العمل الداخلي لفيسبوك، وتنتقد مركزية القرار وضعف المساءلة، ما يؤدي إلى تكرار الأخطاء ذاتها في أكثر من منطقة حول العالم. تعترف الكاتبة بأنها كانت جزءاً من هذا النظام، لكنها تكتب اليوم من موقع من يسعى إلى تفكيكه عبر النقد لا الانتقام. تربط الكاتبة بين تجربتها الشخصية ومسار التحولات الكبرى في العلاقة بين التكنولوجيا والقوة، فهي لا تكتفي بتوصيف ما جرى، بل تدعو إلى التفكير الجماعي في بدائل ممكنة تضمن الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، ضمن أطر قانونية وأخلاقية أكثر توازناً وعدلاً. توجّه دعوة ضمنية إلى القارئ، خاصة الباحثين والمهتمين بالسياسات العامة وحرية التعبير، من أجل التعمق في فهم دور شركات التكنولوجيا في صياغة الرأي العام وتوجيه السلوك السياسي والاجتماعي على نطاق واسع. كما تُلمّح إلى الحاجة الملحّة لبناء أطر مساءلة تتجاوز النوايا الحسنة وتصل إلى آليات الفعل والمسؤولية. تُحذّر من استمرار هذا النهج من دون مراجعة، إذ ترى أن الإهمال الذي تتحدث عنه ليس فقط فردياً، بل مؤسسيّ الطابع، قابل للتكرار في ظل غياب التوازن بين الربح والمبدأ. يحمل كتاب «أناس مستهترون» بُعداً يتجاوز حدود المذكرات الشخصية، إذ يُمثّل وثيقة تحليلية مهمة تعاين العلاقة المعقّدة بين التكنولوجيا والسياسة، من خلال تجربة الكاتبة سارة وين-ويليامز داخل واحدة من أكثر شركات التكنولوجيا تأثيراً في العالم: فيسبوك (ميتا حالياً). تقدّم الكاتبة التي عملت في موقع مسؤول ضمن قسم السياسات العامة، رؤية من الداخل تكشف عن التوترات بين الطموحات المثالية لبناء فضاء رقمي مفتوح والواقع المملوء بالمصالح الاقتصادية والضغوط السياسية العابرة للحدود. وتكشف المؤلفة عن آليات صناعة القرار في شركة بحجم وتأثير فيسبوك، موضحة كيف يتم التوفيق بين الضغوط الحكومية والمصالح التجارية، مشيرة إلى هذه القرارات لا تنحصر في قضايا تقنية بحتة، بل تمس مباشرة حياة ملايين المستخدمين حول العالم، وخاصة في مناطق النزاع والانقسامات العرقية والسياسية. تعاين سارة وين-ويليامز، خطاب الشركة الذي يروّج للحيادية والحرية، وتُظهر عبر أمثلة دقيقة كيف أن السياسات المعتمدة على الخوارزميات قد أدت إلى تفاقم العنف والكراهية في مجتمعات هشة، كما حدث في أزمة الروهينغا، التي يشير إليها الكتاب بوصفها علامة فارقة في انكشاف هشاشة الادعاءات الأخلاقية لفيسبوك. تُحلّل المؤلفة طبيعة العلاقة بين الشركات التكنولوجية والسلطات السياسية، مركّزة على المفاوضات التي تجري خلف الأبواب المغلقة، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى تسويات تمسّ مبادئ الشفافية وحرية التعبير. يظهر في الكتاب أن تلك التسويات لم تكن استثناءات، بل أصبحت نمطاً مكرراً في تعامل الشركة مع الدول والأنظمة المختلفة. تُبرز الكاتبة الأثر الإنساني العميق لهذه السياسات، من خلال قصص لأشخاص وجماعات تأثرت حياتهم بالقرارات الصادرة من مقارّ بعيدة لا تعرف شيئاً عن واقعهم. هذه المقاربة تمنح الكتاب قوة أخلاقية، وتضع القارئ في مواجهة مباشرة مع ما يمكن أن يُنتج عن «الإهمال المؤسسي» عندما يتعلق الأمر بمصائر الناس. تُضيء سارة جوانب الغموض في بنية العمل الداخلي لفيسبوك، وتنتقد مركزية القرار وضعف المساءلة، ما يؤدي إلى تكرار الأخطاء ذاتها في أكثر من منطقة حول العالم. تعترف الكاتبة بأنها كانت جزءاً من هذا النظام، لكنها تكتب اليوم من موقع من يسعى إلى تفكيكه عبر النقد لا الانتقام. تربط الكاتبة بين تجربتها الشخصية ومسار التحولات الكبرى في العلاقة بين التكنولوجيا والقوة، فهي لا تكتفي بتوصيف ما جرى، بل تدعو إلى التفكير الجماعي في بدائل ممكنة تضمن الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، ضمن أطر قانونية وأخلاقية أكثر توازناً وعدلاً. توجّه دعوة ضمنية إلى القارئ، خاصة الباحثين والمهتمين بالسياسات العامة وحرية التعبير، من أجل التعمق في فهم دور شركات التكنولوجيا في صياغة الرأي العام وتوجيه السلوك السياسي والاجتماعي على نطاق واسع. كما تُلمّح إلى الحاجة الملحّة لبناء أطر مساءلة تتجاوز النوايا الحسنة وتصل إلى آليات الفعل والمسؤولية. تُحذّر من استمرار هذا النهج من دون مراجعة، إذ ترى أن الإهمال الذي تتحدث عنه ليس فقط فردياً، بل مؤسسيّ الطابع، قابل للتكرار في ظل غياب التوازن بين الربح والمبدأ.