logo
لو قلنا كلنا لا.. من يقول نعم؟

لو قلنا كلنا لا.. من يقول نعم؟

الرياض٠٥-٠٥-٢٠٢٥

في السنوات الأخيرة، انتشرت ثقافة «قدّر نفسك، ولا تقبل إلا بما تستحق»، حتى كادت تتحول من دعوة للتوازن النفسي إلى وصفة جاهزة للأنانية والقطيعة.
صرنا نقرأ -ونردد- شعارات من قبيل: «لا تقل نعم، تعلّم أن تقول لا»، «لا تضحي لأجل أحد، فالكل يختار نفسه»، «ارفع استحقاقك، ولا ترضَ بالقليل». جميل، نظريًا، لا غبار على المفاهيم، لكن المشكلة لم تكن يومًا في الشعار، بل فيمن يحمله، وفي كيف يترجمه على أرض الواقع.
فما حدث فعلًا، أن تلك العبارات انتُزعت من سياقها العلاجي، وغُلفت بورق لامع من «الوعي»، ثم أُلقيت في يد شخص لم يعرف أصلاً كيف يقول «نعم» دون أن يشعر بالانكسار.
والنتيجة؟ جيل كامل يرى في كل علاقة فرصة للهرب، وفي كل خلاف مبررًا للانسحاب، وفي كل تضحية خيانة للذات. تحوّل مفهوم الاستحقاق من إدراك لقيمتي كإنسان، إلى مقارنة يومية بإنجازات غيري، وتحوّل رفض الاستغلال إلى رفض للمسؤولية، ورفض التنازل إلى تمرّد على كل شيء لا يُلبّي هواي فورًا.
حتى كلمة «نعم» البسيطة، تلك التي تُبنى بها الصداقات، وتُرمم بها الخلافات، وتُحفظ بها العلاقات.. صارت متهمة بالضعف والخنوع! لكن مهلاً.. لو قلنا كلنا «لا» -لا أقدر أحدًا لا يقدرني أولًا، لا أتصل إن لم يتصل هو، لا أعتذر إن لم أُخطئ بنسبة 100 %، لا أبذل جهدًا إن لم يُقابل بمثلِه- فمن الذي سيقول «نعم»؟
من الذي سيسامح أولاً؟ من الذي سيتنازل عن كبريائه ليحافظ على الود؟ من الذي سيبادر إذا ظللنا ننتظر المبادرة من الطرف الآخر؟
الاستحقاق الحقيقي لا يعني أن أعيش في برج عاجي لا أمدّ منه يدًا ولا أفتح فيه بابًا، بل أن أعرف متى أقول «لا» بكرامة، ومتى أقول «نعم» بنُبل. فالناس لا تلتف حول الأناني، حتى لو كان «يحب نفسه»، ولا تأنس بالمترفّع، حتى لو كان «واعيًا».
الحياة لا تبنى بالشروط، بل بالمواقف، ولا تستقيم بالمساواة المطلقة، بل بشيء من التغاضي، وكثير من الطيبة. في زمن أصبح فيه الجميع مشغولًا بتحديد «ما لا يريد»، صار من النادر أن نجد من يعرف ما الذي يريد فعلاً أن يعطيه.
فلا بأس أن تقول «لا» أحيانًا… لكن لا تجعلها جوابك الافتراضي، لئلا تستيقظ يومًا وتجد نفسك محاطًا بذاتك فقط، وقد رحل عنك كل من كان ينتظر منك.. «نعم».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الاحتواء في العلاقات
الاحتواء في العلاقات

مجلة سيدتي

timeمنذ 14 ساعات

  • مجلة سيدتي

الاحتواء في العلاقات

الطَّبطبةُ كلمةٌ لها وقعٌ كبيرٌ في القلوبِ والعقولِ، وتعني تخفيفَ الوطأةِ على الإنسانِ، وبثَّ إحساسٍ داخلي بأنَّ الدُّنيا لا تزالُ بخيرٍ، وأنَّ المرءَ، ما زال يعيشُ بأمانٍ، ولديه سندٌ، يتَّكئ عليه عند الضَّرورةِ، مع قدرةِ الاحتواءِ سواء كان رجلاً، أو امرأةً، أو حتَّى طفلاً صغيراً. الاحتواءُ أمرٌ مهمٌّ للغايةِ في العلاقاتِ، فالإنسانُ كائنٌ اجتماعي بطبعه، لا يستطيعُ العيشَ منفرداً، كما أنَّه يعدُّ أسرتَه السندَ له، والرَّجلُ، هو صمغُ الزَّواجِ بيده الزَّواجُ، وبيده الطَّلاقُ، الانفصالُ والتَّركُ. يهتمُّ، يُعطي ويمنحُ، والزَّوجُ هو حاوي ومحتوي أسرته. كذلك المرأةُ، هي صمغُ الأسرةِ من ناحيةِ الاهتمامِ بالأطفالِ والمنزلِ، وهي السَّكنُ لزوجها بابتسامتِها الهادئةِ، وشكلها المرتَّبِ اللطيفِ، واهتمامِها وعنايتِها بالزَّوجِ بكلِّ الأشكالِ. هذا كلّه يعدُّ احتواءً، فإن كان الزَّوجُ محتوياً لهذه الأسرةِ، فإنَّ المرأةَ، هي المحتويةُ الأكبرُ للأسرةِ والزَّوجِ والأولادِ. الاحتواءُ، هو احتواءُ مشاعرَ، احتواءُ مسكنٍ، إعطاءُ حلولٍ ومنحُ مشورةٍ دون انفعالٍ، والطَّرفُ الذي يحتوي الآخرَ، لا بدَّ أن يكون طرفاً حيادياً، يمتلكُ فكراً، وتقوى، ووعياً تجاهه وتجاه الآخرين. إنّ امتلاكَ كلٍّ من الزَّوجَين الذَّكاءَ العاطفي ومهاراته له دورٌ كبيرٌ في موضوعِ الاحتواء. نستنتجُ ممَّا سبق أنَّ العلاقاتِ، سواء بين الأزواجِ، أو الآخرين، لا بدَّ أن تتضمَّنَ الاحتواءَ، وهذا يشملُ احتواءَ الصَّغيرِ للكبيرِ، والعكس، احتواءَ الزَّوجَين لبعضهما ولأسرتهما، احتواءَ الأقرباءِ، وأيضاً احتواءَ المرءِ لذاته، وحتَّى تسير الحياةُ بالشَّكلِ الأمثلِ، لا بدَّ من الاحتواءِ كما تحتوي الطَّبيعةُ كلَّ ما فيها.

المكتبات العامة ضرورة وليست رفاهية
المكتبات العامة ضرورة وليست رفاهية

عكاظ

timeمنذ 17 ساعات

  • عكاظ

المكتبات العامة ضرورة وليست رفاهية

تابعوا عكاظ على المكتبات العامة ليست مجرد بناء يحوي كتباً وأرفف بداخله، لا! المكتبة روح تُضّفي على المدينة التي توجد فيها حلاوةً وجمالاً ولسكان المدينة ثقافةً وعلماً. على سبيل المثال، تعد مكتبة الملك فهد العامة بجدة، مقرّاً علميّاً يقصده كل راغبٍ للعلم، سواءً كان قارئاً أو طالباً أو باحثاً أو مؤلفاً وتعد مكاناً مناسباً للتشجيع على كتابة البحوث والمؤلفات العلمية التي تُساعد على الرقي بالمجتمع ورفع مكانته بين الأمم. المكتبة أيضاً ليست مكاناً للقراءة وحسب، بل بإمكانها أن تكون مركزاً للتوعية والتدريب عبر إقامة الدورات في مختلف المجالات بداخلها، ويمكن للمكتبات أيضاً إعارة الكتب بحيث تنتقل الفائدة لخارج حدودها، يمكن أيضاً أن تكون مساعدةً في تنشئة الأطفال تنشئةً صحيحة عبر إقامة برامج مخصصةٍ لهم وتوفير كتب تعليمية تناسبهم، وكذلك الحال لسائر أطياف المجتمع. لنضرب مثلاً آخر بالولايات المتحدة الأمريكية، فيها أكثر من ستة عشر ألف مكتبة عامة، تتوزع في ولاياتها ومدنها وأحيائها وتساهم في الاثراء المعرفي والعلمي للشعب الأمريكي. قد يكون بناء المكتبات في كل مدينة امراً مُكلفاً ولكن هناك في رأيي حلول أقل تكلفة وتؤدي ذات الغرض، منها: أولاً: تشجيع المحلات التجارية، المقاهي خصوصاً، على وضع كتب بداخلها يقرأ منها من يرتادها. ثانياً: تشجيع المجمعات التجارية بتخصيص محل أو محلات عدة كمكتبة عامة. يمكن كتشجيع إنشاء جوائز مناطقية لأفضل مكتبة داخل المقاهي والمراكز التجارية. حتى تقوم المكتبات ويتم تشغيلها بشكل مستمر تحتاج بالتأكيد لمصدر دخل لتشغيلها، يمكن توفير هذا المصدر في رأيي عبر: أولاً: توفير عضويات مدفوعة لها خصائص إضافية. ثانياً: توفير خدمات الطباعة والنسخ والمساحات المغلقة المدفوعة. ثالثاً: تأجير جزء من مساحة المكتبة لعمل تجاري. رابعاً: إقامة دورات متنوعة مدفوعة. أخيراً، وجود المكتبات في نظري أمرٌ مهم في أي مجتمع لرُقيه وعلو شأنه وتحضُّره وأتمنى أن يكون هناك تعاون مباشر بين رجال الأعمال وبلديات المناطق لإنشاء مئات المكتبات في أرجاء السعودية في الأعوام القادمة. أخبار ذات صلة /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} عمر عبدالكريم

حقولمنطلقات من الوعي
حقولمنطلقات من الوعي

الرياض

timeمنذ يوم واحد

  • الرياض

حقولمنطلقات من الوعي

من الضرورة بمكان أن نستحضر مقولة الفيلسوف الفرنسي ديكارت (أنا أفكر، إذاً أنا موجود) وحين نستحضر هذه المقولة في حياتنا اليومية فإن ذلك يجعلنا ننتهج سلوكاً حضارياً في التَعَلّم والمعالجة ونتطبع بهذا الأسلوب الذي يفضي بنا إلى المعرفة، ويجعلنا نقلص المسافة الفاصلة بيننا وبين الأشياء والموجودات في مسرح الحياة، ونسير وفق خطة نورانية تضع الأقدام في المسار الصحيح ونخطو على أرض صلبة لا تميد بنا أو تميل إلى العثرة، وهذا السلوك عندما ينتهجه الإنسان فإنه يعيش حالة من الثقة بالنفس وبالتالي الانفتاح المعرفي ومن ثم تتراكم الخبرة والتجربة التي يستحق أن يقال بعدها أنت خبير وحكيم وعارف، لأن التجارب بالضرورة قرينة بالفشل والسير قرين بالعثرة، وكما ورد في الأثر ( لَا حَلِيمَ إِلَّا ذُو عَثْرَةٍ، وَلَا حَكِيمَ إِلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ ) فالمهمة هنا نبيلة ومشرقة ودائرتها سوف تتسع بمدى حضورك والقدرة على التفاعل في درب المعرفة الواسع والطويل، وخصوصاً إذا كنت تؤمن أن المعارف تأتي تِباعاً وليس جملة وتتراكم حسب مدى الحضور الفاعلية، فكلما زاد الطموح والإرادة والرغبة زادت معارفك وكذا سعة خيالك واتسعت مداركك حتى يتراءى لك قول الحق (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلً ) الإسراء 85، لتكون هذه الآية حافزاً للمزيد وفي مؤداها الأخير تفجر جذوة الاتقاد لتولد حالة عطاء جديدة وتبعدك عن الأفكار النمطية الجامدة التي تقيد عقلك وتركس وعيك. إن الإنسان هو محور ارتكاز العملية في هذا الاتجاه وعليه أن يستجيب بأقصى طاقته ليحقق وجوده فكما يفكر يكون لأن استثمار حالة وجود وعيه حسب رؤية ديكارت هي الثروة الحقيقية والمبدأ الأول لتحقيق نجاحات متتالية وتقدم متسارع في كل الأصعدة وإلا سوف يضع نفسه في دائرة الاستجابة الحرجة وفي مرحلة فوات الأوان التي تضعه في الحلقة الأضعف والوقت المهدور، لأن المعرفة بالضرورة حكر على من يعمل العقل ويفكر حتى تتضح له معاني الوجود واستتباعاً لذلك فإن الحضور يتحدد بمدى قدرتك على إعمال العقل والمحاولة الجادة في إدخال المعلومة إلى دائرة الاحتكام ( العقل ) وبالتالي يتحقق المعنى السامي لمفهوم مبادئ الاستخلاف في الأرض حتى إن العلاقة نحو المعارف تكون علاقة طردية فكلما زاد حالات التفكر والتأمل زادت المعرفة والوعي وقابلية التطور، والوعي هو مهمة نمارسها وليس أصلاً فينا، ولأن منطلقات الوعي هي في أساس التفكر والتدبر والتأمل كان لابد من أخذ مقولة الفيلسوف الفرنسي بعين الاعتبار، وهكذا يطرأ تقدم الإنسان نحو المعرفة وينتقل من طور إلى آخر.. والى لقاء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store