
بين الفاجعة والاتهام: دعوة إلى العقلانية والعدالة في قضية وفاة الشيخ أنيس الجردمي
تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة الشيخ أنيس الجردمي، الذي وافته المنية في المستشفى بعد نقله إليها من سجن الحزام الأمني. ولا يسعنا بهذا المصاب الأليم، الا ان نتقدم بخالص التعازي القلبية الحارة لأسرته الكريمة ومحبيه كافة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
إن الموت حقيقة كونية لا مفر منها، وقدر محتوم يطال الجميع دون استثناء. يأتي بغتة، دون سابق إنذار، ويطال الصغير والكبير، والمريض والمعافى، والسجين والحر. ولا نملك القدرة على منعه أو صده، وعلينا أن نتقبله ونصبر على الفقدان، فتلك حكمة الله وإرادته التي لا راد لها، وليس لنا إلا التسليم والاحتساب.
وفي عدن، كما في كل بقعة من العالم، تتعدد أسباب الوفاة، فمئات الناس ومن أعمار مختلفة يموتون كل يوم لأسباب متنوعة، وبعضهم يفارق الحياة بشكل مفاجئ وهم في أتم الصحة ودون أسباب معروفة أو واضحة.
هذه الحقيقة العامة لا تقلل من حجم فاجعة فقدان أي إنسان، بمن فيهم الشيخ أنيس الجردمي. فموته فاجعة تحزن قلوبنا وتعتصر أفئدتنا ككل من يتوفاهم الأجل. ولكن اللافت في الأمر أن وفاة الشيخ الجردمي جاءت وهو رهن الاحتجاز، بعد أن ألمت به وعكة صحية استدعت نقله إلى المستشفى. هذا الظرف الخاص قوبل بتفسيرات كثيرة، وسرعان ما تحولت الفاجعة إلى موجة من التشكيك والاتهامات. فقد ذهبت بعض الأصوات إلى أن الشيخ الجردمي قد توفي بسبب تعرضه للتعذيب في مكان احتجازه بسجن الحزام الأمني فيما استغل آخرون من اصحاب الأجندات الخاصة هذه الفاجعة لتوجيه الاتهامات المباشرة ضد المجلس الانتقالي والحزام الأمني، وكأن الناس لا يموتون إلا خارج السجون، وكأن الأقدار المكتوبة بالموت لا تداهم إلا الناس غير المسجونين، أما المسجونون فلا ينبغي أن يموتوا إلا بالتعذيب أو بفعل فاعل.
هذا الافتراض يتجاهل حقيقة أن الموت يداهم الناس في كل مكان وفي أي ظرف. ففي كل يوم نشاهد مسؤولين وفنانين وأطباء وإعلاميين وناشطين يفارقون الحياة لأسباب تبدو تافهة أحياناً، أو بشكل مفاجئ ودون أسباب واضحة وهم في بيوتهم أو في أماكن تواجدهم . فلماذا لا ينبغي أن يموت الشيخ أنيس الجردمي في السجن أو في المستشفى موتًا طبيعيًا كما يموت بقية الناس؟ ولماذا يفترض المفترضون بأنه قد مات مقتولاً بفعل فاعل؟
ليس الهدف من هذا الطرح السعي لتبرئة الحزام الأمني من التهمة المنسوبة إليه، فهذه مهمة القضاء والعدالة، وليست مهمة أي طرف آخر. ولكني فقط أريد أن أوضح أنه لا يجوز إدانة أي جهة بجريمة لم ترتكبها، أو اتهامها بها قبل التأكد من الحقيقة الكاملة. فالموت إذا جاء لا يعذر أحداً، ولا يفرق بين سجين وحر، وبين مريض وصحيح متعافٍي.
كما أن المنطق يفرض التساؤل عن الدافع الحقيقي الذي قد يدفع الحزام الأمني لقتل المعتقل الشيخ الجردمي، مهما كانت التهمة المنسوبة إليه أو الجريمة المتهم بارتكابها. فلو كانت نية القائمين عليه هي قتله والتخلص منه، فلماذا يقومون بإسعافه ونقله إلى المستشفى؟
خصوصا وانهم كانوا قادرين على التخلص منه خارج السجن دون اعتقاله، ودون أن يضعوا أنفسهم في موضع الشبهة والإدانة العلنية؟ هذه التساؤلات المنطقية لا تعني النفي القاطع لوجود أي تجاوزات، ولكنها تدعو إلى التروي وعدم الانجراف وراء العواطف أو التكهنات.ففاجعة وفاة الشيخ أنيس الجردمي تتطلب منا جميعًا التعاطي معها بعقلانية ومسؤولية وعلى الجميع أن يترك المسألة للقضاء والعدالة لتفصل فيها، وأن لا يسقطوا في مستنقع اللغط والاتهامات التي قد تكون ظالمة ومبنية على افتراضات لا حقائق. فالحقيقة وحدها هي التي يجب أن تسود، والعدالة هي الميزان الذي يجب أن يُحتكم إليه، بعد تحقيقات شفافة ونزيهة تكشف كل الملابسات. في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها بلادنا، فإن تفكيك المجتمع بالاتهامات الباطلة والتحريض لا يخدم إلا أعداء الاستقرار والوئام، وينبغي أن نرتفع فوق هذه الخلافات
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الموقع بوست
منذ 2 ساعات
- الموقع بوست
الحوثي: أطلقنا 11 صاروخا ومسيرة على إسرائيل خلال الأسبوع الجاري
أكد زعيم جماعة الحوثي، الخميس، أن جماعته مستمرة في هجماتها المختلفة على الكيان الصهيوني، في ظل حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة منذ قرابة عامين. وقال الحوثي في كلمة أسبوعية لأنصاره، "في هذا الأسبوع نفذت العمليات بـ11 صاروخًا باليستيًا وفرط صوتي وطائرة مسيرة على أهداف للعدو في حيفا ويافا وأسدود، ومن عملياتنا لهذا الأسبوع خمسة صواريخ كانت باتجاه مطار اللد الذي يسميه العدو الإسرائيلي باسم المجرم بن غوريون في يافا المحتلة". وأضاف "كان من أبرز عملياتنا في هذا الأسبوع عملية مساء الثلاثاء والتي كانت عملية قوية ومؤثرة وناجحة بفضل الله سبحانه، ومن نتائجها إحداث إرباك وتخبط واضح في المنظومة الدفاعية للعدو الإسرائيلي، الذي أطلق العديد من الصواريخ الاعتراضية بعضها تزامن مع إقلاع إحدى الطائرات من مطار اللد". وأشار إلى أن أعمدة الدخان شُوهدت من محيط المطار، ما يعني وصول الصاروخ إلى هدفه، مؤكدًا أن عملية مساء الثلاثاء أجبرت ملايين المغتصبين والصهاينة اليهود على الهروب إلى الملاجئ وتفعيل صافرات الإنذار في مئات المدن والبلدات المغتصبة. وجددّ التأكيد على أن الحصار البحري في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، مستمر والملاحة ممنوعة على العدو الإسرائيلي في مسرح العمليات، معبرًا عن الأسف "في أن هناك أنظمة عربية وإسلامية وعبر البحر الأبيض المتوسط توصل البضائع للعدو الصهيوني من خلال السفن" حد زعمه.


الحدث
منذ 4 ساعات
- الحدث
"الغامدي": تحطم الطائرة الهندية أول حادث من نوعه لطراز 787 منذ 2011.. والطيران لا يزال آمنًا
قال الطيار المدني الكابتن عبدالله بن صالح الغامدي إن حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية من طراز بوينج 787-8 دريملاينر يُعد الأول من نوعه لهذا الطراز منذ دخوله الخدمة عام 2011، مشيرًا إلى أن الطائرة تُعد من أفضل ما أنتجته شركة "بوينج" من حيث التقنية والأداء، وأنها تحظى بثقة واسعة في قطاع الطيران المدني. وأوضح الغامدي في مقطع فيديو نشره عبر حسابه على منصة "إكس" تعليقًا على الحادث، أن الحديث عن الأسباب الدقيقة لا يزال مبكرًا، وأنه "لا يحق لأي شخص أن يتكلم عن الحادث قبل ظهور نتائج التحقيق الرسمية، فهذا من اختصاص الشركة المشغّلة، والشركة المصنّعة، والجهات المختصة". وأضاف: "أنا شخصيًا أتابع ما جرى معكم كما تتابعون في وسائل التواصل، وبحكم خبرتي في مجال الطيران أشارك بعض النقاط التي قد تكون مطمئنة للناس، خاصةً لمن يعانون من فوبيا الطيران"، مؤكدًا أن نسبة السلامة في مجال الطيران اليوم تُعد عالية وكبيرة جدًا. وتابع قائلًا: "طائرة البوينج 787 تُعتبر من أكثر الطائرات تقدمًا وأمانًا، وهذا أول حادث قاتل يقع لها منذ دخولها الخدمة. نحن نعلم أن أقدار الله في عباده نافذة، ولكن الطيران لا يزال آمنًا بفضل الله". وأشار الغامدي إلى أنه، وفي لحظة تسجيل الفيديو، كانت أكثر من 15 ألف طائرة تحلّق حول العالم بأمان وتعود بسلام، ما يعكس الثقة المستمرة بسلامة الرحلات الجوية على مستوى العالم. وفيما يتعلق بالتفاصيل الفنية المرتبطة بالحادث، أوضح الغامدي أن الطيارين لا يدخلون إلى مدرج الإقلاع إلا بعد إتمام قوائم فحص شاملة للتأكد من جاهزية الطائرة، وبعد الحصول على إذن الإقلاع من برج المراقبة. وأضاف: "الرحلات الطويلة مثل وجهة لندن تتطلب شحن كميات كبيرة من الوقود، والطائرات مزوّدة بتقنية قذف الوقود في حال حدوث طارئ يستدعي العودة أو الهبوط الاضطراري".


حضرموت نت
منذ 6 ساعات
- حضرموت نت
المستشار الاعلامي للرئيس الزُبيدي : القوات الجنوبية حصن الأمن وصمام الأمان في وجه المؤامرات
أكد الدكتور صدام عبدالله، المستشار الإعلامي للرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، رئيس قطاع الصحافة والإعلام الحديث في المجلس الانتقالي الجنوبي أن القوات الأمنية الجنوبية تمثل خط الدفاع الأول عن الجنوب وصمام الأمان لأمنه واستقراره، مشدداً على أن ما تحقق من إنجازات أمنية وعسكرية لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة لسنوات طويلة من التضحيات والعمل المؤسسي المنظم بقيادة الرئيس الزُبيدي، لبناء مؤسسة عسكرية وأمنية جنوبية قوية وفاعلة. وأوضح الدكتور صدام أن هذه الجهود هي التي مكنت الجنوب من إحباط العديد من العمليات الإرهابية، والقبض على مئات العناصر الإجرامية، واستعادة الأمن في مناطق شاسعة، مضيفاً: 'بينما تنام المدن آمنة مطمئنة، هناك رجال أبطال يسهرون في مواقع الشرف، لحمايتها وتأمينها، وهم يستحقون منا كل التقدير والدعم'. وأشار إلى أن القوات الأمنية الجنوبية تتعرض بين الحين والآخر لحملات تشويه ممنهجة، تنفذها خلايا إلكترونية تعمل لصالح أجندات خارجية، مؤكداً أن هذه الحملات لا تستهدف المؤسسة الأمنية فقط، بل تستهدف أمن المواطن الجنوبي واستقراره بشكل مباشر. وأضاف: 'إن محاولات شيطنة قواتنا المسلحة والأمنية ما هي إلا جزء من مشروع فوضوي يسعى للنيل من أمن العاصمة عدن وسائر محافظات الجنوب، في الوقت الذي تصمت فيه هذه الأبواق ذاتها عن جرائم ميليشيات الحوثي. وشدد الدكتور صدام عبدالله على أن 'استهداف قيادات أمنية جنوبية وازنة، كأركان قوات الحزام الأمني وقائدها في العاصمة عدن العميد جلال الربيعي، أمر مرفوض ومدان، ويجب أن يقابل بوعي شعبي وإعلامي واسع'، معتبراً أن الدفاع عن المؤسسة الأمنية والعسكرية واجب وطني على كل جنوبي حر. ودعا في هذا السياق جميع النخب الإعلامية والنشطاء الجنوبيين إلى التكاتف والتصدي لهذه الحملات المغرضة، مؤكداً أن الشارع الجنوبي لا يجب أن ينخدع بها، وقال: 'من يحميك اليوم على الأرض يستحق دعمك، لا الطعن في ظهره خدمة لأجندات خارجية مشبوهة تغذي هذه الحملات'. وبيّن الدكتور صدام أن كافة الادعاءات الصادرة من خلايا الإخوان ومليشيات الحوثي، خصوصاً تلك التي تنشط من الخارج في دول مثل هولندا، عمان وتركيا، ما هي إلا محض أكاذيب تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، خدمة لمشاريع معادية للجنوب، مؤكدًا أن أمن الجنوب خط أحمر، وأن قواتنا الأمنية هي درع الوطن وصمام أمانه. واختتم تصريحه بالقول: 'نرحب بأي نقد بناء يخدم المؤسسة الأمنية، أما التشويه المتعمد والممنهج فهو خيانة عظمى، لن نقبل بها، لقد تحقق الأمن في الجنوب بدماء وجهود أبنائه، لا بتغريدات من فنادق الخارج ولا من آلاف الحسابات الوهمية التي يعرف الجميع ولاءاتها وأهدافها. ومن هنا نوجّه تحية إجلال وفخر لكل جندي وضابط وقيادي جنوبي صادق، يرابط لحماية مدننا وقرانا، وإلى أبطال جبهات القتال، نقول: أنتم فخر الجنوب وعنوان عزته، وبفضل الله ثم تضحياتكم، يرفرف علم الجنوب عالياً. إن دعم المؤسسة الأمنية الجنوبية واجب وطني لا يجوز التهاون فيه، ولن نسمح بأي استهداف لها مهما كانت الدوافع'.