ثواني بين يدي فيروز
قالت لي صديقتي ميشا مخول: "شفتها… شفتها". لم تنطق بالاسم.صرخت " مين شفتي ؟" لم تنطق بالاسم. قالت " هي هي ". وكأننا معًا لا نجرؤ على قول اسمها. كررت السؤال "شفتيها هي…هي؟!". ردّت وهي تهزّ رأسها: "إيه، شُفتها وحكيت معاها". لكنها لم تقل "فيروز"، وكأننا لا نصدّق أن فيروز تجلس لتقبَل العزاء، أن فيروز بكل أسطوريتها، على بعد خطوات من الأرض.دخلتُ صالون الكنيسة، أتهيأ لمواجهة لحظة لا أعرف إن كنت أحتملها. لحظة سأقف فيها أمام فيروز، أسطورتي. هل كنت أتصوّر أن المسافة بيني وبينها ستكون خطوة؟ أقل من خطوة؟ هل كنت أتصوّر أن أقترب منها إلى هذا الحد؟وقفت أمامها. شعرت برهبة لا تشبه أي شعور آخر، وخشيت أن يخرج صوتي متعرّجًا، متذبذبًا، قبل أن يصل إليها. كانت هناك، فيروز، بكامل حزنها المهيب، ترتدي سوادًا أكثر من الحداد ذاته، تضع طرحتها السوداء على شعرها، ترتدي نظارتها، وتجلس على كرسيّ متواضع. لكن الهيبة التي ملأت المكان فاقت هيبة الملوك والسلاطين… هيبة لا يمكن تحديدها أو وصفها أو حتى تسميتها."أنا بين يدي فيروز"… هكذا قلت في سري. وكأني أدخل مقامًا لأتلو صلوات. فيروز في حزنها المهيب، في شموخها وتواضعها معًا.اقتربت، وتمتمت بكلمات عزاء لا أعلم كيف لم يتكسّر صوتي فيها. و أنا أمامها، شعرت برغبة أن أركع عند قدميها، أن أقبّل يدها. ثم راودني صوت داخلي: "لا… دَعيها تظل أسطورتك، دعها تبقى فوق اللمس".وما زاد من رغبتي في ألا ألمسها أنني حين رأيتها عن قرب، كان بياض بشرتها صاعقًا وناصعا . للحظة ظننت أنّ خيالي يبالغ، أنني أرى هالة من نور تحيطها. سألت زملائي بصوت هامس: "هي فعلًا بيضاء البشرة هكذا؟ أم أن عيوني تتوهّم وأن الخيال يتداخل مع الحقيقة؟" فأكدوا لي أنهم أيضًا صُدموا من بياض بشرتها النوراني، بياض ناصع كوقارها، مثل دموعها التي كانت تمسحها برفق، وأنا أقرأ في إيماءة رأسها ألف كلمة لا تُقال. وكنت أتساءل: هل تشعر بكل هذا الحب والمشاعر التي نرسلها إليها؟قد يظن البعض أنني أبالغ، أنني أرفعها إلى مصافّ الآلهة. لكن الأمر ليس كذلك. نحن جيلٌ نشأ وفيروز في بيوتنا أكثر من صلاة يومية. فيروز لم تكن صوتًا فقط. كانت سماءً "ثامنة"، كانت مجرّة بعيدة نحيا فيها. من صغرنا ونحن نراها مخلوقة من ضوء النجوم ومن وجه القمر ، من وهج الشمس، من عذوبة الأنهار وغموض البحار. وحين نسمع صوتها، لا يدخل أذننا أولاً، بل يتسلل إلى أرواحنا وأحلامنا وخلايانا… إلى الDNA الخاص بنا.رحل زياد… زياد الذي أنزل فيروز من عليائها قليلًا حين جعلها تغني : "كان غير شكل الزيتون". رحل زياد، وجعلها تتجلّى أمامنا، جعلنا نلتقيها وجهًا لوجه. ، نلتقيها للحظة عاجزون فيها عن أن نواسي حرقة قلبها، وعاجزون أكثر عن كبح الرجفة في قلوبنا والقشعريرة في أجسادنا.لحظة سنظل نرتجف ونحن نستعيدها، لأننا لمسنا الحلم، لأننا لمسنا فيروز بأم العينهكذا كانت الثواني القصيرة بين يدي مولاتي فيروز: رهبة وانتعاش في القلب، وخيط ضوء في الروح لا ينطفئ.رحم الله زياد الرحباني ابن فيروز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


في الفن
منذ 17 ساعات
- في الفن
نيللي وياسر جلال وماجدة زكي من بينهم … النجوم في حفل زفاف حفيدة فيروز وبدر الدين جمجوم
احتفل أيمن جمجوم نجل الفنانة الراحلة فيروز والفنان الراحل بدر الدين جمجوم، بزفاف ابنته "نور" بحضور عدد من النجوم. وعلى صوت جدتها في فيلم "ياسمين" زُفت "نور" إلى عريسها وسط فرحة عائلتها. وحضر حفل الزفاف الفنانة نيللي والفنانة لبلبة والفنان ياسر جلال والفنانة ماجدة زكي والمذيعة بوسي شلبي. ونشرت بوسي شلبي صورا من حفل الزفاف مع النجوم ومع والدة العروس وإيمان جمجوم عمة العروس. وفيروز هي الشقيقة الكبرى للفنانة نيللي لقبت بـ"الطفلة المعجزة" كانت أشهر طفلة في السينما المصرية والعربية، حاول الكثيرون تقليدها لكن تظل موهبة فريدة لم ولن تتكرر. كان أول فيلم ستظهر فيه فيروز "أربع بنات وضابط" وقتها بحث أنور وجدي عن طفلة ورشحها له إلياس مؤدب، لكنه وجد لديها طاقات أكبر من هذا الفيلم فأجله وقرر أن ينتج فيلما لها، قام بتدريبها لمدة 6 أشهر وكانت تعيش في منزله مع ليلى مراد وكان يريد جعلها مثل الطفلة تشيرلي تيمبل. وقع أنور وجدي معها عقد احتكار كان قيمته 1000 جنيه لكل فيلم وأنتج لها 3 أفلام فالمجموع وصل إلى 3000 جنيه، وغير حرف الباء من اسمها لتصبح فيروز. اعتزلت الفن عام 1959، وكان آخر أفلامها "بفكر في اللي ناسيني"، وتزوجت الفنان بدر الدين جمجوم وأنجبا إيمان وأيمن. توفيت فيروز في 30 يناير 2016 بعد صراع مع مرض الكلى عن عمر ناهز 72.


جريدة المال
منذ 17 ساعات
- جريدة المال
باسكال مشعلاني لـ«المال»: زياد الرحباني عبقري لن يتكرر في تاريخ الفن العربي
أعربت النجمة اللبنانية باسكال مشعلاني لـ« المال » عن كون الموسيقار الراحل زياد الرحباني نجل السيدة فيروز ، كان عبقريا حقيقيا بالكلمة واللحن والتوزيع الموسيقي . أضافت أنه قدم أعمال عظيمة لفيروز ولايمكن ان يكون فنانا عبقريا لهذه الدرجة على مستوى الكلمة والتلحين والتوزيع وتقديم مسرحيات أيضا عظيمة . تابعت قائلة أنها لم تكن على علاقة به على المستوى الشخصي ، فقد كان بالسنين الأخيرة بعيدا عن الأنظار تماما وظهر في آخر لقاء معه وكان متعبا بصورة كبيرة ، لذلك لم يكن يلتقي باأحدا منذ سنوات ونوهت باسكال أنها ترى أنه لن يتكرر أبدا وترك أرث فني كبير للشعب اللبناني والعربي ، واجتمع عليه مختلف الأعمار بمراسم جنازته عمر ١٠ اختتمت محنة كبيرة للسيدة فيروز ويصبرها على فراقه وتكون روحه بالسماء .


البشاير
منذ 2 أيام
- البشاير
شقيق السيد هاني : صديق ال الرحباني فيروز وعاصم وزياد
الصديقان .. ——————— السيد هانى .. ——————— رحل شقيقى 'يحيى يوسف' نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام عن الدنيا يوم ٢٤ فبراير عام ٢٠١١ عن عمر يناهز ٤٦ عاما .. كان من صفاته البساطة والألفة والقرب من الناس .. فضلا عن روح مرحة .. وثقافة واسعة .. ومعلومات غزيرة فى مجالات متنوعة .. تجعل الحديث معه ممتعا ومفيدا .. فتأنسه من أول لقاء معه .. وتشعر كأنكما أصدقاء منذ فترة من الزمن .. هذه الصفات جعلت لشقيقى رحمه الله أصدقاء كثيرين .. سواء فى الوسط الصحفى .. أو فى الوسط العلمى .. حيث كان من خريجى كلية العلوم جامعة الأزهر الشريف ويعمل فى القسم العلمى بالأهرام .. ومازلت أذكر يوم وفاته .. فما إن علم زملاؤه فى الأهرام برحيله المفاجئ .. حتى حضروا إلى قريتنا فى محافظة الشرقية .. ورافقوا معنا جثمانه إلى مثواه الأخير .. حملوا نعشه على أعناقهم .. وبكوا فوق قبره .. ونعوه بأقلامهم على صفحات الأهرام وغيره من الصحف .. وقد أهديت كتابى '١١ سبتمبر صناعة البيت الأبيض' إلى روح شقيقى 'يحيى يوسف' .. وكتبت له فى الإهداء : 'مازلت أعيش صدمة فراقك وأنت فى ريعان الشباب .. متعجلا الرحيل .. لتهنأ فى قبرك يا أخى بالحب الجارف الذى حباك به كل من عرفك..' * * * كان لشقيقى 'يحيى' رحمه الله صداقات عديدة فى أوساط مختلفة .. وربما يبدو غريبا أن أعز أصدقائه .. كان الموسيقار العظيم 'زياد الرحبانى' .. نجل المطربة الأسطورة السيدة 'فيروز' .. الذى رحل عن عالمنا منذ أيام قليلة .. وبكته لبنان . وكل الشعوب العربية المحبة للفن ولصوت السيدة 'فيروز' .. لا أعرف بالضبط المناسبة التى التقى فيها الراحلان .. شقيقى 'يحيى يوسف' .. والملحن العظيم 'زياد الرحبانى' .. لكن ما أعرفه عن شقيقى رحمه الله أنه كان مولعا بصوت الأسطورة 'فيروز' .. وكان فى مكتبته .. إلى جوار الكتب .. شرائط كل أغانى السيدة 'فيروز' .. كان الراحل 'زياد الرحبانى' كلما زار القاهرة ؛ فهو ضيف شقيقى الراحل 'يحيى يوسف' .. امتدت هذه الصداقة إلى أسرة 'زياد الرحبانى' والسيدة 'فيروز' شخصيا .. فأرسلوا إليه دعوة للسفر إلى بيروت لحضور حفل غنائى للسيدة 'فيروز' .. كان ذلك على ما أتذكر فى ديسمبر عام ٢٠١٠ .. سافر أخى 'يحيى' إلى بيروت .. فاستقبلوه بحفاوة كبيرة .. ورحبت به السيدة 'فيروز' فى بيتها .. وجلس معهم فى غرفة المعيشة .. مع 'فيروز' و 'وزياد الرحبانى' وكل الأسرة .. سهروا جميعا يتبادلون الأحاديث والذكريات .. ويسمعون الموسيقى .. والدندنة بصوت الأسطورة 'فيروز' .. * * * رحل شقيقى 'يحيى يوسف' عن الدنيا يوم ٢٤ فبراير ٢٠١١ .. وحزن عليه صديقه 'زياد رحبانى' .. كما حزنت عليه السيدة 'فيروز' .. وحزن عليه .. وبكاه .. كل من عرفه من أصدقائه .. الرحمة إليك أخى الغالى .. والرحمة إلى صديقك 'زياد الرحبانى' .. والصبر والسلوان لنا .. وللسيدة فيروز .. ولكل محبى الفن والطرب والصحافة .. Tags: ال الرحباني السيد يوسف زياذ الرحباني عاصم ومنصور