
فيروز والشتاء
صوت فيروز جميل بكل الفصول ولكن صوتها في الشتاء له ميزة وميزات فهو ذاكرة لشتاء مضى وشتاء حاضر وإشارة منها لبدء فصل الشتاء .. رجعت الشتوية ورجع انهمار المطر.
صوتها يبعث الدفء في يوم قارص ويوم مثلج «شتي يا دنيا تيزيد موسمنا ويحلى .و تدفق مى وزرع جديد بحقلتنا يعلى»، هكذا وصفت فيروز الشتاء ولياليه وتغزلت بأمطاره .
فيروز تذكرنا بصباحات يوم شتائي والراديو والبث المباشر «وهبت ريح وجيب الريح».
وفجاة تبيض السماء ويتساقط الثلج كفراشات بيضاء ويأتي صوت فيروز «تلج تلج شتي خير وحب وتلج ع كل درب وع كل مرج» .
نعم يرافقنا صوت فيروز وتغني «بكرا بتشتي الدني ع القصص المجرحة» وتنادي «ليال الشمال الحزينة» وتذهب إلى بيت ستها الختيارة في يوم عاصف شتوي بامتياز حين تطرق حبات المطر نوافذ بيت ستها ولكنها تشعر بدفء غامر وترندح في الأشعار ويزداد الشتاء غزارة وصوت توقد نار المدفأة ومزاريب تغسل دورب الحارة والضيعة.
صوت فيروز يجعلنا نقفز لننظر لنوافذ المطر والغيث، نشعر بالبرد ولكن دفء صوتها وكنكنة بيوت الماضي تشعرنا بالدفىء .
وفي أغنية «أديش كان فى ناس» حيث رسمت مشهدا رومانسيا بجملة «أديش كان في ناس على المفرق تنطر ناس..وتشتي الدنى ويحملوا شمسية»،وجملة أخرى تقول «بكره لابد السما لتشتيلى عل الباب شمسيات واحباب بياخدوني بشى نهار والى تزكر كل الناس بالآخر زكرنى».وفى أغنية «حبوا بعضن» لخصت فيروز معانى الحب والرومانسية من خلال قصة حب بين اثنين بدأت فى الشتاء تحت الأمطار صورت فيروز مشاعر العشاق الملتهبة الدافئة وكأن بداية الشتاء تعني بداية جديدة لقصص الحب حيث قالت «بديت القصة تحت الشتى..بأول شتى حبوا بعضن..و خلصت القصة بتانى شتى..تحت الشتى تركوا بعضن..حبوا بعضن.. تركوا بعضن».ورغم تقديم العديد من النجوم الشباب أغاني ذكروا فيها الشتاء وأيامه إلا أن أغاني فيروز كانت ومازالت المتحدث الرسمي باسم الشتاء فمن منا لم يعشق صوت «جارة القمر» وهي تغني وتقول «بأيام البرد، أيام الشتا والرصيف بحيرة والشارع غريق..تيجي ها البنت من بيتها العتيق ويقولها أنطرينى وتنطر ع الطريق ويروح وينساها وتفضل بالشتا..حبيتك بالصيف حبيتك بالشتا نطرتك بالصيف نطرتك بالشتا وعيونك الصيف وعيونك الشتا مالقانة يا حبيبي خلف الصيف وخلف الشتا»، لذلك يكون للشتاء طعم ومذاق مختلف مع فيروز وأغانيها لم يزل الصوت الفيروزي يهمس بدفء ، في الاعماق الباردة حينما يشعرنا الشتاء بالغربة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- الدستور
من ذاكرة أيار ومدينة الحصن
نبيل عماري يطل أيار بخطواته الواثقة، والسنابل بدأت تميل إلى اللون الأخضر الفاتح. تشدّني الأرض كما اعتادت، فأغادر عمّان النائمة، كطفلة غافية بين ذراعي فجر هادئ. أتنشق رائحة الياسمين من بستاني العماني، وأرتشف فنجان قهوتي بهدوء، فثمّة عشق آتٍ، مكلل بندى الصباح. أنطلق شمالًا، أقطع الطريق وسط صباح يانع، متجهًا إلى مدينتي الحصن. صويلح، جرش، ثغرة عصفور، نزولًا نحو السهول. ومن بين تضاريس الأرض، تتراءى لي سهول حوران، ضاحكة بخُضرتها، فاتنة كعروس تتهيأ للموسم. في السماء، طيور البليقي والسنونو، كأنها مهاجرة عائدة إلى الوطن. السيارة تمضي، والنسمة الطريّة الشهية تعبق برائحة «هويسة الفريكة»، إنه موسمها... يا الله، ما أطيبها من رائحة، لا يشبهها طعم ولا يفوقها عبير. هي رائحة تعب الأجداد، رائحة الحب المغروس في تراب الأرض، رائحة الانتماء الحقيقي. في منتصف الطريق، أترجّل وأصعد إلى «بيارة العسل»، ذاك المرتفع الذي أحب. تدخل النسمة رئتي، تطرد منها شوائب المدينة وسخامها. من موقعي ذاك، يطلّ جبل الشيخ بثوبه الأبيض، قطرة ندى على جبين الشرق، وفي البعيد تمتد سهول حوران، أهراء روما القديمة، بمخزونها من القمح الصلب. أصل إلى الحصن القديمة، تستوقفني عقودها، عليّاتها، أقواسها الحجرية التي تنطق بجمال التاريخ. أشتم من أبوابها الخشبية عبق الماضي، وأحضن جدرانها القديمة كمن يستردّ ذاكرةً منسية. هنا بئر ماء، وهناك شجرة شاهدة على الزمن. قلبي يخفق، فصوت الماضي يدعوني... وذكريات فيروز تنساب إلى أذني: «راحوا مثل الحلم راحوا... بزهر حور جفّت رياحه...» أتذكر زيزفونة توفيق النمري، وأيار الذي يزهر بموعدها، ووجوهًا ضاحكة: ثلجي، وسويلم، وركاد، وطعمة، ونعمة... أولئك الذين كانت سهراتهم تمتدّ حتى الفجر، على وقع الحكايات وضحك القلب، استعدادًا للحصاد، وخبزات الطابون، والكعاكيل، وطبيخ الطينات، والمجدرة الحمراء. كانت الأيادي التي تُعدّ الطعام تحمل أسماءً لا تُنسى: رفقة، خزنة، تمام، مرثا، نصرة، عوفة، خضرا، زعيلة، جلوة، نفنافة، ووردة... يا حصن الروح والقلب والماضي الجميل... ما أبهى طيفك حين يمرّ في أيار.


خبرني
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- خبرني
من ذاكرة شهر ايار ومدينتي الحصن
أيار يزحف والسنابل بدأ يميل لونها ألى الأخضر الفاتح وتشدني الأرض كعادتي أترك عمان العاصمة نائمة مثل طفلة أنتشق رائحة الياسمين من بستاني العماني أرتشف فنجان قهوة فثمة عشق قادم مكلل بالندى أسير شمالاً أطوي الطريق وسط صباح فتي بأتجاة مدينتي الحصن -- صويلح ---- جرش ---- ثغرة عصفور نزولاً وما بين تضاريس الأرض ومن بعيد أشاهد سهول حوران تترأى لي ضحكة خضراء بهيجة ومن فوقي طيور البليقي وال...سنونو كأنها مهاجرة عائدة ألى وطنها السيارة تمشي وبنسمة طرية شهية أشتم رائحة هويسة الفريكة أنة موسمها الله ما أطيب تلك الرائحة التي لا يضاهيها طعم ولا رائحة هي رائحة تعب الجدود والأباء ومحبتهم للأرض وعشقهم لها . منتصف الطريق أتوقف أصعد الى تلك الرهوة المسماة ( بيارة العسل ) أقف فوق ذاك المرتفع تدخل النسمة الطرية ألى رئتي تطرد منها ما علق بها من سواد وشحبار المدينة أشاهد من موقعي جبل الشيخ الناصع البياض فهو قطر الندى وسهول حوران الممتدة على مد البصر أنها أهراءت روما بقمحها الصلب وصلت ألى الحصن القديمة أستوقفتني تلك العقود الجميلة والعليات وأقواس هندسية رائعة وحجارة تعبق بحلاوة الماضي أسرعت ألى تلك العقود أشتم رائحة الماضي من أبواب خشبية ونوافذ وأقواس هنا بئر ماء وجيعة قديمة وهنا شجرة قديمة من عبق الماضي قلبي ينبض فلغة الماضي تحرقني وتناديني أسرع ألى تلك البيوت أعانقها وتنزل دمعة بعد أن تذكرت أغنية فيروز (راحوا مثل الحلم راحوا ------ بزهر حور جفت رياحه ) وهنا أتذكر رائحة زيزفونة توفيق النمري وأيار موعد أزهارها وقهقهة ثلجي ---- وسويلم ----- وأشتيوي ----- وركاد ----- وطعمة ----- ونعمة والتي تمتد سهراتهم حتى الفجر يضحكون من القلب وهم على موعد مع الحصاد وخبزات طابون وكعاكيل وطبيخ الطينات والمجدرة الحمراء من تحت يدين رفقة ------- وخزنة ------ وتمام ----- ومرثا ------ ونصرة وعوفة وخضرا وزعيلة وجلوة ونفنافة ووردة الله ما اجملك يا حصن الروح والقلب والماضي الجميل .


صراحة نيوز
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- صراحة نيوز
'يا بياع العنب والعنبيّة'… أغنية فيروزية خالدة تخفي مأساة إنسانية
صراحة نيوز ـ يُردد الملايين من الناس أغنية السيدة فيروز 'يا بياع العنب والعنبيّة'، كواحدة من التهويدات التي تسكن ذاكرة الطفولة، دون أن يدركوا أن خلف كلماتها البسيطة مأساة إنسانية وقعت في مدينة معلولا السورية، المجبولة بالألم والإبداع والتراث العريق. القصة تعود إلى عقود مضت، عندما وقعت حادثة اختطاف مؤلمة لطفلة في العاشرة من عمرها، خُطفت من منزلها بينما كانت أسرتها منشغلة بقطف المشمش والخوخ من الوديان البعيدة. داهمت مجموعة من البدو منازل المدينة، فوجدوا الطفلة وحيدة، واختطفوها ونقلوها إلى إحدى القبائل البدوية الرحل. لم تُفلح محاولات عائلتها في العثور عليها، وبقيت لسنوات مصيرًا مجهولًا. مرت السنوات، وبينما كان أحد رجال معلولا، من منطقة جبل الحلو، يبيع التين والعنب في ديار تلك القبيلة، مرت لحظة مصيرية لا تُنسى. فقد تعرفت الطفلة المختطفة – التي كبرت وأصبحت أماً – على بائع العنب، لكنها خشيت أن تكشف عن هويتها علناً. فارتجلت أبياتاً باللهجة المعلولية الآرامية والعربية، غنتها من نافذة بيتها لتوصِل رسالة مشفّرة إلى الرجل، علّه يتعرف عليها وينقل قصتها. تقول كلماتها الأصلية: 'هيو هيو يالبني يالمزبن عنبي مليه لبي ملي لمينغبوني العربي بايثح كم الكليساحوني شموسا عيسى بقرتنا حمرا نفيسة وكلبنا اسلك سلوكي الله ينام يالله ينام لا دبحلو طير الحمام…' وترجمتها: 'يا بياع العنب والعنبيّة، قول لأبي وقول لأمي، خطفوني العرب (البدو)، بيتنا بجانب الكنيسة، وأخي شماس اسمه عيسى، بقرتنا حمراء سمينة، وكلبنا سلوقي نحيف…' فهم البائع مغزى الرسالة وتعرف على الفتاة، فعاد إلى معلولا حاملاً البشرى لأهلها بأنها لا تزال حية، وذكر لهم مكان وجودها. غير أن الأمل لم يكتمل، إذ كانت القبيلة قد ارتحلت إلى وجهة مجهولة قبل وصول أهلها. بقيت الحسرة في قلب العائلة، لكن الأغنية التي أنقذت الفتاة بقيت خالدة. هذه الكلمات التي ولدت من ألم ومعاناة، وصلت لاحقاً إلى الأخوين رحباني، اللذين أعادا صياغتها شعريًا، وغنتها السيدة فيروز بصوتها العذب، في واحدة من أشهر أغانيها: 'يا بياع العنب والعنبيّة، قولوا لأمي وقولوا لأبي، خطفوني الغجر من تحت خيمة مجدلَيّة…' الراوي لهذه القصة هو الأستاذ جورج رزق الله، أحد أساتذة اللغة الآرامية من مدينة معلولا، والذي قام بتوثيق الحادثة ضمن مشروع توثيق بصري عام 2014. ورغم رحيل الفتاة، بقيت الأغنية، شاهدة على مأساة ومقاومة، تُرددها الأمهات كتهويدة مقدسة قبل النوم، وتحمل في طياتها قصة مدينة، وطفلة، وثقافة لا تموت.