
زياد الرحباني: الثائر الذي غنّى للناس لا للسلطة، وكتب بالبيانو نشيد المقاومة… وداعا !غانية ملحيس
غانية ملحيس
ها قد رحلت، يا زياد
لكننا لم نكن نتهيأ لهذا الرحيل، لأنك كنت حيا أكثر من زمن ميت، ولأن حضورك كان دائما أكبر من المسرح، أعمق من اللحن، وأصدق من السياسة.
لم ترحل كفنان وحسب، بل كضمير حي ظل يقاوم الغرق في وحل الطائفية، في مستنقعات الصفقة، وفي أسواق الفن المعقمة من القيم.
أنت سليل العائلة الرحبانية، صحيح. لكنك كنت أكثر من امتداد… كنت خروجا واعيا على النمط، ثورة على الوراثة، وولادة جديدة للفن المقاوم.
في بيت الرحباني الكبير كانت النجوم تعلق على الحان الأمل، لكنك نزلت إلى الشارع، مزجت الموسيقى بصوت المقهورين، وأطلقت ضحكة مرة على لسان سعيد عقل، وشتيمة ساخرة في وجه الطغاة.
زياد…
كنتَ فنانا، مفكرا، كاتبا مسرحيا، موسيقيا استثنائيا… لكنك قبل ذلك وبعده، كنت لبنانيا أصيلا فلسطيني الهوى، يساري الضمير، متمردا على الزيف، واقفا على جبهة الصدق وحدك، حين اختار الآخرون الاصطفاف مع الأقوى.
لم تعتذر يوما عن انحيازك… بل صنعت من انحيازك تيارا، ومن فكرتك ملاذا لكل غريب في وطن لا يشبهه.
لم تغن لفلسطين كقضية بعيدة، بل كأنها المخيم المجاور، والرفيق الغائب، والنشيد المكبوت في القلب.
رثاؤك صعب، لأنك لم تكن يوما تابعا للموت.
كنت ابن الحياة بصخبها، وبجنونها، وحتى بعبثها.
كنت تحترف السخرية من الجنرالات، وتسخر من السخرية ذاتها، وتبكي ساخرا دون أن تذرف دمعة.
لم تكن ابن فيروز فقط، ولا ابن عاصي فقط، بل ابن القضية، وابن الشارع، وابن اللغة التي رفعت مستوى الناس، لا مستوى الطرب.
سكنت المقاهي، وفضحت النخب، وكتبت ما لم يجرؤ أحد على كتابته، لا في الجريدة، ولا على الخشبة، ولا في النوتة.
نم قرير العين يا ابن بيروت العنيدة.
نم يا من ظل يقاوم حتى سقط الزمن من حوله، ولم يسقط هو.
سنبكيك، لا كنجم آخر هوى، بل كمبدأ ظل حيا حتى آخر نفس.
وسنبقى نسمع موسيقاك لا لنهرب من الواقع، بل لنفهمه.
نقرأك لا لنتذكر ماضيا جميلا، بل لنبني معنى لما تبقى من وطن يحتضر.
المجد لك يا زياد،
المجد لفنك الثائر،
المجد لفلسطين التي أحببتها كما يجب…
والمجد لك لأنك بقيت كما أنت: حرا، متمردا، صادقا، وقاسيا كالحقيقة.
26/7/2025

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ 21 ساعات
- ساحة التحرير
بشور: زياد الرحباني لا نقول وداعاً فأنت بإبداعك باق بيننا!
بشور: زياد الرحباني لا نقول وداعاً فأنت بإبداعك باق بيننا! وطنية – رثا المنسق العام ل'تجمع اللجان والروابط الشعبية' معن بشور الفنان المبدع زياد الرحباني، وقال في كلمة : 'حين كنا نلتقي في مقر تجمع اللجان والروابط الشعبية في المصيطبة صيف 1976، في عزّ الحرب اللبنانية القاسية، نستمع كل مساء إلى حلقة إذاعية بعنوان 'بعدنا طيبين قول الله' لزياد الرحباني والمبدع الآخر الراحل جان شمعون، لم أكن أظن للحظة واحدة أن ذلك الفنان العبقري ما زال دون العشرين من عمره، وأنه كان يلتقط مع المبدع الآخر الصديق جان مشاعر المواطن اللبناني في عزّ أيام الحرب على لبنان والتي يسميها البعض بالحرب اللبنانية، مشاعر الإنسان اللبناني العادي الذي يكتوي بنيران تلك الحرب على يد بعض أهل الحرب بل تجارها إلى حد كبير'. وقال :'منذ تلك الأيام، وانا اتابع زياد الرحباني، لأجد صوته يسبقني إلى كل ناحية من نواحي لبنان حيث كنت أقول في لبنان يجتمع اللبنانيون على أمرين: أرز لبنان وزياد الرحباني ممثلاً لعائلة، أيقونتها فيروز، أعطت الفن اللبناني والعربي قدراً من الإبداع قلّ نظيره.. وفي إحدى زياراتي للمغرب العزيز، وانا اتجول في الأسواق الشعبية لمدينة الدار البيضاء وجدت صوت زياد، أغانيه ومسرحياته يلعلع من جوانب وحوانيت صغيرة في تلك المدينة الجميلة التي تمردت على الترجمة الفرنسية لأسمها (كازابلانكا) لتتمسك باسمها العربي (الدار البيضاء). وفي كل زيارة إلى بلد عربي كنت أواجه السؤال ذاته: هل لك علاقة بزياد الرحباني لأكتشف أن المبدعين في بلادنا العربية، كزياد وغيره، هم الأكثر قدرة على تحطيم كل جدران التجزئة والتفتيت التي حاولوا إقامتها بين أبناء العروبة، بل كنت أشعر أن بعض أغاني زياد تتحول إلى ما يشبه النشيد الوطني في البلاد العربية من المحيط إلى الخليج، لاسيّما حين تربط بين الهم الوطني والهم الاجتماعي.. ولا أبالغ إذا قلت أن زياد وأمثاله من الفنانين والفنانات العرب الكبار وبقدرتهم على الوصول إلى آخر بيت عربي في أي قطر عربي مهما كان بعيداً عن مسقط رأسهم هو الدليل الأول على أن العرب أمّة واحدة وحضارة واحدة، وحملة رسالة واحدة.. ورغم كل الآلام التي يعيشها العرب هذه الأيام بفعل ما يجري في غزّة اليوم وعموم فلسطين، فأن نبأ رحيل زياد الرحباني قد تخطى كافة الأخبار لأن الأمّة كلها التي اكتوت بحزنها الكبير على ما يصيب أبناؤها من غزّة إلى كل أرض عربية مروراً بدماء أبنائها المقاومين، وهي إذ تبكي كل جراحها، فهي تبكي أيضاً فقيداً لم يغادر أوجاع وطنه وأمّته يوماً، بل فقيداً لم يفارقه الإبداع منذ أن كان فتى يافعاً.. رحمك الله يا زياد، وإذا كانت ظروف قاهرة قد حالت دون أن أكون في عداد مودعيك في المحيدثة – بكفيا، فأن في كل واحد منهم من يحمل دعائي لك بالرحمة الواسعة ولإبداعك الخلود'. 2025-07-28


شفق نيوز
منذ يوم واحد
- شفق نيوز
بحضور نادر لفيروز.. اللبنانيون يشيعون جثمان "زياد الرحباني"
شيع اللبنانيون، صباح الاثنين، الفنان والموسيقي زياد الرحباني، الذي توفي عن عمر ناهز الـ 69 عاماً، وسط حضور جماهيري في منطقة الحمرا بالعاصمة بيروت. وظهرت الفنانة اللبنانية فيروز، التي نادرا ما تطل أمام الكاميرات، إلى جانب ابنتها ريما الرحباني، خلال مراسم الوداع التي حضرها عدد من أفراد العائلة والأصدقاء المقربين. كما شاركت فيروز، مراسم تشييع نجلها التي أقيمت في كنيسة رقاد السيدة في بلدة المحيدثة بكفيا شمال شرق بيروت. وكانت عائلة الرحباني قد أعلنت وفاة زياد، نجل الفنانة فيروز، صباح يوم السبت الماضي، بعد صراع مع المرض. ويُعد زياد الرحباني من أبرز الوجوه الفنية في لبنان والعالم العربي، كاتباً وملحناً وموسيقياً ومسرحياً، عُرف بأسلوبه الساخر والناقد للواقع السياسي والاجتماعي اللبناني، وبأعماله الجريئة التي شكلت مدرسة فنية خاصة. ولد الرحباني في 1 كانون الثاني 1956، وهو ابن الفنانة العالمية فيروز والملحن الراحل عاصي الرحباني، وقد بدأ مسيرته الفنية في سن مبكرة، ملحناً لوالدته أغنية "سألوني الناس"، وتوالت أعماله الفنية بعد ذلك لتشمل الأغاني والمسرحيات ذات الطابع النقدي والسياسي. ورغم ما شهده من تألق فني، فقد عانى زياد في السنوات الأخيرة من تدهور صحي أثر على نشاطه، قبل أن يرحل تاركاً خلفه إرثاً فنياً كبيراً شكّل علامة فارقة في الموسيقى والمسرح العربي.


ساحة التحرير
منذ 2 أيام
- ساحة التحرير
وداعًا زياد … وسط هذا الموت الكبير!نصير شمّه
وداعًا زياد … وسط هذا الموت الكبير! الموسيقار : نصير شمّه رحل زياد.وفي القلب شيءٌ لا يُحتمل.كان صديقي، بل أكثر من ذلك:رفيق لحنٍ، ونقاشٍ، وضحكةٍ خافتة، ولحظات صمتٍ طويلة نعرف فيها كيف تتكلم الموسيقى حين تصمت الكلمات.زياد لم يكن فنانًا عاديًا.كان حالة فكرية، موسيقية، وجودية.كان يشبه هذا الشرق المتعب: يضحك وهو ينزف، يسخر وهو يحترق، يعزف وهو يختنق بصوته الداخلي. وفي آخر لقاء لنا، في بيت العود في أبو ظبي، كنت أشعر وكأن الزمن يوشك أن يتوقف قليلاً ليصغي إلى كل ذلك الإرهاق المختبئ خلف صوته، وإلى ما لم يقله، وهو كثير.رحيله الآن، في هذا التوقيت بالذات، ليس مجرد مصادفة. إنه صوت يغادرنا وسط الضجيج اليومي للموت في غزة، وفي فلسطين، وفي خرائطنا التي تآكلت بالخذلان. كأن الأرض العربية تمارس حزناً جماعياً لا يتوقف، وكأن زياد الذي لطالما عبّر عن سخطه وغضبه وأمله وألمه أراد أن يرحل في عزّ هذا الصمت الدولي، ليُكمل صرخته بطريقة أبدية. زياد كان من القلائل الذين جدّدوا الأغنية اللبنانية المعاصرة، لا بمجرّد التوزيع الموسيقي أو الكلمة، بل بروحه المتمرّدة، بعينه الحادّة، بتلك المسافة الذكية التي وقف فيها دائمًا،لا على طرف السلطة، ولا على طرف الإنكار… بل في منتصف النزف. وله في مسيرة السيدة فيروز مقام لا يُمّحى لا فقط لأنه ابنها في الموسيقى، بل لأنه كان أحد الذين عبّروا عن وجدانها المعاصر، وجعلوا الصوت الفيروزي يتنفس أسئلة جديدة، حارقة، وحقيقية.زياد…لم يكن غريبًا عن كل هذا الوجع، لكنّه هذه المرة غاب عنه. غاب جسده، أما صوته، فسيبقى مثل نغمة غير مكتملة، تسألنا كل يوم، لماذا ماتت قلوبنا قبل أن نموت؟وداعًا يا صديقي…الموسيقى ستبكيك،لكنها ستكمل الدرب، لأنك كنت دومًا مؤمنًا بأن اللحن لا يموت،حتى لو مات العالم من حوله. 2025-07-27 The post وداعًا زياد … وسط هذا الموت الكبير!نصير شمّه first appeared on ساحة التحرير.