
طهران بين جمعتين... من الصدمة إلى الصدارة
لم تكن فجر الجمعة 13 يونيو مجرّد لحظة عدوان، بل كانت لحظة انقلاب في الموازين. ففي ذلك الصباح الملبّد برائحة المفاجأة، اخترق الكيان الصهيوني كل التوقعات بشنّه هجومًا مباشرًا على العاصمة الإيرانية طهران، في سابقةٍ أذهلت المراقبين، وأربكت التقديرات التي استبعدت خيار الحرب وعدّته أقرب إلى مناورات إعلامية للهروب من المستنقع الغزّي الذي تاه فيه جيش الاحتلال لأشهر طويلة دون حسم. صمتُ الصباح آنذاك لم يدم طويلاً، لكن وقع الخبر كان أثقل من أن يُحتمل، خاصة لدى أنصار القضية الفلسطينية ومحور المقاومة، إذ بدا وكأنّ العدو قد كسر حاجز الهيبة، وتمكّن من نقل المعركة إلى عمق الجمهورية الإسلامية. وما زاد الأمر تعقيدًا أن الإعلام المطبّع، من المحيط إلى الخليج، التقط لحظة الصدمة ليبني عليها روايته المتعجّلة عن سقوط وشيك لنظام طهران، وانهيار مفترض لـ'محور الشر' كما يحب الكيان الصهيوني أن يسميه. كانت الجمعة الأولى جمعة قلق، وتيه، وكأنها آخر جمعة في تاريخ الأمة الإسلامية. لكن شيئًا ما تغيّر بعد المغيب… ففي ليلة عيد الغدير، وفي توقيت يفيض بالرمزية، جاء الرد الإيراني بحجم غير مسبوق: موجة صاروخية ومسيرات هجومية انطلقت من عمق إيران، لتصل إلى العمق الصهيوني في أضعف نقطة: مراكز القيادة والسيطرة، القواعد الجوية، والمستودعات الحساسة. ومن لحظتها بدأت الموازين تعود إلى نصابها، بل تتجاوز ما كانت عليه، فبات العدو في موقع الدفاع، والتحليل الإسرائيلي يتحدث علنًا عن 'خلل استراتيجي' في منظومة الردع و'عجز استخباري' عن توقع حجم الرد أو احتوائه. في الجمعة التالية، كان المشهد مختلفًا كليًا. خرج اليمنيون إلى الساحات بوجوه مشرقة، وقلوب ثابتة، مرددين هتافهم الخالد: 'الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل'. لم يكن ذلك مجرد شعار، بل كان ترجمةً لحالة معنوية استثنائية عمّقتها معطيات الواقع: نتنياهو الذي بدا منهكًا ومترددًا، وتصريحات قادة الاحتلال التي تنذر بالخذلان، واعترافات الصحف العبرية بأن 'الحرب انتقلت إلى داخلنا'، و'الإيرانيون يديرون المعركة بدقة وسرعة تفوق التوقع. وأستحضر في هذا المقام كلمةً للأستاذ محمد البخيتي ألقاها عام 2019 في ساحة الجامعة الجديدة، خلال فعالية جماهيرية أقيمت ابتهاجًا بانتصار عملية 'نصرٌ من الله' في محور نجران، حيث تناول فيها الحديث عن وعد الآخرة كما ورد في سورة الإسراء، مستشهدًا بقوله تعالى: 'لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ'، وبيّن أن هذا الوعد لا يقتضي بالضرورة اقتحام الأرض واجتياح المدن، بل إن سلاح الجو ـ من صواريخ دقيقة ومسيرات هجومية ـ سيكون كفيلًا بكشف الهزيمة، وإظهار المهانة والانكسار على وجوه قادة العدو، تمامًا كما حدث في وعد الإفساد الأول، يوم أن مكّن الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه من المؤمنين، من اجتثاث ملك بني إسرائيل في خيبر، وفتح حصونهم الحصينة، وفضح فسادهم. وها نحن اليوم نشهد تحقق هذا المعنى بأجلى صوره، فالصواريخ تُسقط هيبة الكيان، وتكشف عورته الأمنية، وترسم الذل على ملامح قادته، دون أن يُكلّف المجاهدون أنفسهم عبور الحدود أو اقتحام الديار. لقد أضحى الرعب والهزيمة يتجلّيان على وجوه قادة الاحتلال، ويظهران في ارتباكهم، وتصريحاتهم المرتعشة، وتخبط إعلامهم، وكأن آية الوعد قد نُزّلت في حاضرهم. ولم يبقَ من وعد الآخرة إلا ختامُه العظيم: دخول المسجد الأقصى محررًا، وهو ما نرجوه قريبًا بإذن الله، بل ونتطلع إليه بأمل راسخ، أن يكون على أيدي المجاهدين من أبناء اليمن، أولئك الذين تتلهف أرواحهم للجهاد في سبيل الله، وتحترق قلوبهم شوقًا لتراب القدس، وسماء فلسطين. ــــــــــــــــــــــــــــــــ

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الأنباء اليمنية
منذ ساعة واحدة
- وكالة الأنباء اليمنية
الحرس الثوري الإيراني: إطلاق الموجة الـ19 من عملية "الوعد الصادق3' تجاه الأراضي المحتلة
طهران – سبأ: أعلن المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، العميد نائيني، اليوم الأحد، عن إطلاق الموجة التاسعة عشرة من عملية "الوعد الصادق 3" لاستهداف الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة. ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء عن العميد نائيني، أن الموجة التاسعة عشرة من عملية "الوعد الصادق 3" بدأت، وشهدت إطلاقاً واسعاً لطائرات مسيّرة هجومية وانتحارية باتجاه أهداف استراتيجية في عمق الأراضي المحتلة، من شمالها إلى جنوبها. وقال: "هذه العملية، بإذن الله، ستكون ممتدة ومتواصلة، وستؤدي إلى اختلال توازن العدو وزعزعة استقراره العسكري". وأكد المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، أن موجة القصف الصاروخي الثامنة عشرة على الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة أسفرت عن إصابات ناجحة لـ14 موقعاً عسكرياً استراتيجياً في مدينتي حيفا ويافا (تل أبيب). وأوضح أن برج "Sail Tower" (برج الشراع) الواقع في مركز مدينة حيفا، والذي يضم مكتب شركة الذكاء الاصطناعي AI12 Labs وعددًا من شركات البرمجيات المرتبطة بوزارة الحرب الصهيونية، كان من بين الأهداف التي تم قصفها بصاروخ بعيد المدى من طراز "قدر F". وحذر العميد نائيني منظومة الدفاع الجوي المرتبكة للعدو أن عمليات الحرس الثوري الإيراني ستكون مستمرة وتصاعدية.


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
رئيس مجلس الشورى يعزي بوفاة ربيع كشميم بن هلابي
صحيفة 17يوليو/ خاص أجرى رئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد عبيد بن دغر، اتصالاً هاتفياً بالأستاذ عوض كشميم بن هلابي، قدّم خلاله أحر التعازي وصادق المواساة في وفاة اخيه المغفور له بإذن الله ربيع كشميم بن هلابي. وعبّر الدكتور بن دغر عن بالغ حزنه لأسرة وذوي الفقيد بهذا المصاب الأليم، سائلاً الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.إنا لله وإنا إليه راجعون.


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
التلفزيون الإيراني: انطلاق الموجة 19 من عملية الوعد الصادق 3
أعلن المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني اليوم الأحد، بدء الموجة التاسعة عشرة من عملية "وعد صادق 3" قبل ساعات ضد إسرائيل. وقال المتحدث في بيان: "هذه الليلة، وفي إطار الموجة التاسعة عشرة، انطلقت موجة واسعة من الطائرات المسيرة الهجومية والانتحارية نحو أهدافها الاستراتيجية في جميع أنحاء النظام من شمال الأراضي المحتلة إلى جنوبها لساعات، مما وضع منظومة الدفاع الصهيونية المضطربة في حالة تأهب. ستستمر هذه العملية بلا هوادة، وستُزعزع توازنها، إن شاء الله".