
تابع زلازل المحيطات الأخطر.. كيف تحدث موجات تسونامي العاتية؟
وليست هناك علاقة مباشرة بين الزلازل أو موجات تسونامي مع التغير المناخي. لكن في القرن الحالي، زادت الخسائر بشكل كبير، ففي ديسمبر/كانون الأول 2004 أدى تسونامي بالمحيط الهندي إلى أكبر عدد من الوفيات تلك الفترة وتسبب ما يقدر بـ 227 ألف حالة وفاة في 14 بلدا، حيث كانت إندونيسيا وسريلانكا والهند وتايلند الأكثر تضررا.
وعام 2011، ضرب زلزال بقوة 9 درجات سواحل اليابان وغمرت موجات تسونامي سواحل شمال وشرقي البلاد مخلفة أكثر من 18 ألف قتيل ومفقود، وكارثة بيئية مدمرة بسبب انفجار مفاعل نووي لتوليد الطاقة في منطقة فوكوشيما.
وعقب الزلزال بقوة 8.8 درجات على مقياس ريختر -الذي ضرب اليوم الأربعاء شبه جزيرة كامتشاتكا قبالة الساحل الروسي- تشكلت موجات تسونامي في بعض سواحل المحيط الهادي، خصوصا جزر الكوريل الروسية والجزيرة الشمالية الكبرى لليابان هوكايدو، ووصلت إلى بعض سواحل كاليفورنيا بالولايات المتحدة.
كما انطلقت صفارات التحذير في عدة دول، وطُلب من السكان التوجه إلى مناطق مرتفعة. ومن جانبها حذرت كل من إندونيسيا والمكسيك والإكوادور من تشكل موجات تسونامي، ولم يتم حصر الخسائر بعد.
ما أمواج تسونامي؟
تشير كلمة تسونامي اليابانية إلى الأمواج العاتية وغير الطبيعية، وتعني مفردة "تسو" الميناء، أما "نامي" فتعني موجة. وهي موجات ضخمة تنشأ بفعل اضطرابات تحت الماء ولها علاقة مع الزلازل التي تحدث في الأسفل أو بالقرب من المحيط.
ويمكن أن تتسبب ثوران البراكين والانهيارات الأرضية الغواصة، وتساقط الصخور الساحلية أيضا، في توليد موجات المد العاتية، كما يمكن لكويكب كبير أن يؤثر على المحيط. إنها تنشأ نتيجة الحركة العمودية بقاع البحر والتي تتسبب في نزوح الكتلة المائية.
وتظهر موجات تسونامي في كثير من الأحيان كجدران من الماء ويمكن أن تهاجم الشاطئ وتصبح خطرة لعدة ساعات، مع قدوم موجات كل 5 دقائق إلى 60 دقيقة، ويختلف ارتفاع الموجات المد البحري حسب أسبابها.
وقد لا تكون الموجة الأولى هي الأكبر، ولكن غالبا ما تكون الثانية أو الثالثة او الرابعة أو حتى الموجات اللاحقة هي الأكبر. وبعد أن تفيض موجة واحدة، أو تفيض في المناطق البرية، فإنها تتراجع باتجاه البحر في كثير من الأحيان بقدر ما يمكن للشخص أن يرى ذلك، وبالتالي يصبح قاع البحر معرضا للخطر أو مكشوفا.
وبعد ذلك تندفع الموجة المقبلة إلى الشاطئ خلال دقائق، وتحمل في طياتها الكثير من كتل الحطام العائمة التي دمرتها موجات سابقة.
ما أسباب تسونامي؟
تعد الزلازل من أهم أسباب حدوث موجات تسونامي، وتولد الزلازل عن طريق تحركات على طول الصدوع المرتبطة بحدود الصفائح التكتونية، وتحدث معظم الزلازل القوية في مناطق الاندساس حيث تنزلق شرائح لوحة المحيط تحت الصفيحة القارية أو لوحة محيط أصغر. ولا تتسبب كل الزلازل في حدوث تسونامي. فهناك 4 شروط لازمة لتتسبب الزلازل في حدوث تسونامي:
– أن يحدث الزلزال تحت المحيط أو نتيجة انزلاق المواد في المحيط.
– أن يكون الزلزال قويا، أي ما لا يقل عن حجم 6.5 درجات على مقياس ريختر.
– أن يمزق الزلزال سطح الأرض، وأن يحدث في عمق ضحل أي أقل من 70 كيلومترا تحت سطح الأرض.
– أن يتسبب الزلزال في حركة عمودية لقاع البحر (تصل إلى عدة أمتار).
الانهيارات الأرضية
من الممكن أن يجبر الانهيار الأرضي الذي يحدث على طول الساحل كميات كبيرة من المياه باتجاه البحر، مما يتسبب في إخلال حركة المياه وبالتالي توليد تسونامي. ويمكن أيضا أن تؤدي الانهيارات الأرضية تحت الماء لموجات تسونامي عندما تتحرك المواد العائمة جراء الانهيارات الأرضية بعنف، مما يدفع الماء أمامها.
الثورات البركانية
على الرغم من ندرتها نسبيا، تتسبب الثورات البركانية العنيفة أيضا في تسريع الاضطرابات، والتي يمكن أن تحل محل وحدات كبيرة من المياه وتوليد موجات تسونامي مدمرة للغاية في المنطقة المجاورة للمصدر.
ففي 26 أغسطس/آب 1883، تم تسجيل أكبر تسونامي وأكثرها تدميرا على الإطلاق بعد انفجار وانهيار بركان كراكاتوا بإندونيسيا. حيث ولد هذا الانفجار موجات وصلت طولها إلى 41 مترا تقريبا، ودمرت المدن والقرى الساحلية على طول مضيق سوندا في كل من جزيرتي جاوة وسومطرة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 36 ألف شخص.
وقد تنشأ أمواج تسونامي أيضا جراء سقوط أجسام من خارج الأرض مثل الكويكبات والنيازك، وهو أمر نادر الحدوث للغاية. ولم يتم تسجيل تسونامي نتيجة نيزك أو كويكب بالتاريخ الحديث، لكن العلماء يدركون أنه في حالة اصطدام الأجرام السماوية هذه بالمحيط فإنها ستتسبب في موجات تسونامي عاتية.
أهمية الإنذار المبكر
ونظرا لخطورتها، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني ليكون اليوم العالمي للتوعية بأمواج تسونامي، ودعت البلدان والهيئات الدولية والمجتمع المدني لإذكاء الوعي بأمواج تسونامي وتبادل الأساليب المبتكرة للحد من مخاطرها.
وعام 2022، دشن مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث حملة "اصعدوا إلى الأرض المرتفعة" (#GetToHighGround) للتوعية بمخاطر أمواج تسونامي، والتشجيع على المشاركة في التدريبات المتعلقة بأساليب الهروب من الأمواج على طول الطرق المحددة للإخلاء، مما يساعد المجتمعات على الاستعدادات للكوارث الطبيعية وبناء قدرتها على الصمود.
وأكدت هذه الحملة أن الموت بالأمواج ليس أمرا حتميا. فالإنذار والاستعداد المبكر أداتان ناجعتان في حماية الناس وصون الأنفس، والحيلولة دون تحول الأخطار إلى كوارث.
ولنجاعة تلك الأدوات، ينبغي أن تشمل أنظمة الإنذار المبكر من أمواج تسونامي كل من يمكن أن يكون معرضا لمخاطرها، فضلا عن ضرورة أن تكون تلك الأنظمة قادرة على الإنذار من مخاطر متعدة، كما ينبغي أن تكون المجتمعات المعنية على أهبة الاستعداد لتستطيع التصرف بشكل سريع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
ثورة البراكين بعد زلزال كامتشاتكا الروسية تثير تفاعل المنصات
شبكات أيقظ زلزال شبه جزيرة كامتشاتكا الروسية سلسلة براكين متزامنة غير معتادة في المنطقة، مما أحدث مخاوف وتحذيرات وتساؤلات حول هذه الظاهرة الطبيعية. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟
في السادس من أغسطس/آب 1945، ألقت الولايات المتحدة أول قنبلة ذرية على هيروشيما. لماذا اختيرت هذه المدينة؟ جمع هذا الاختيار المدروس بعناية بين اعتبارات إستراتيجية وعسكرية وسياسية، وهو ما يوضحه الكاتب فينسان جوبير في تقرير له بمجلة لونوفيل أوبسرفاتور الفرنسية. ورغم الجدل الداخلي، كما يقول الكاتب، حيث أراد بعض العلماء والمسؤولين العسكريين عرضًا غير مميت أو إنذارًا مسبقًا، اتخذ البيت الأبيض القرار، إذ كان يرى أنه "لا بد من أن تكون الصدمة النفسية في أقصى درجاتها". ولفت جوبير، في تقريره، إلى أن لعلماء الذين كانوا يعملون على الأسلحة النووية منذ البداية طرحوا فكرة عدم استخدامها على الإطلاق لتجنب العار العالمي. وطالبوا سرا الرئيس الأميركي هاري ترومان بالتخلي عن فكرة ضرب اليابان، واقترحوا بدلا من ذلك تفجير القنبلة الأولى "في الصحراء أو على جزيرة مهجورة" أمام ممثلي الأمم المتحدة. واقترح باحثون آخرون، مثل الفيزيائي روبرت أوبنهايمر نفسه، "تدويلًا" فوريًا لهذا السلاح، ومشاركة المعرفة مع الحلفاء، بما في ذلك فرنسا ، التي كانت قد تحررت للتو. ومن جانبه، اقترح وزير البحرية الأميركية رالف بارد إصدار "تحذير" واضح للغاية لليابان حتى تتمكن أميركا من الحفاظ على مكانتها "كدولة إنسانية عظيمة". غير أن الكاتب أبرز أن مثل تلك الأفكار لم تجد آذانا مصغية لدى البيت الأبيض، لتدشن أميركا في فجر السادس من أغسطس/آب 1945 أول استخدام لهذه القنبلة، قائلا إن الجيش الأميركي ألقى قنبلة "ليتل بوي" النووية على هيروشيما. ولفت إلى أن هذا الهجوم، الذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف شخص، شكل بداية العصر النووي وكان السبب المباشر في نهاية الحرب العالمية الثانية. لكن جوبير تساءل: لماذا هيروشيما؟ ولماذا لا تكون طوكيو أو كيوتو؟ ليجيب بأن الكشف التدريجي عن الأرشيفات الأميركية واليابانية سلط الضوء الآن على الأسباب الحقيقية لذلك القرار ذي العواقب التاريخية الكبيرة. ويضيف أنه قد اتضح الآن أن الأميركيين بدؤوا نقاش أهدافهم المستقبلية في اليابان منذ الخامس من مايو/أيار 1943، رغم أن مصنع تخصيب اليورانيوم الخاص بهم لم يكن قد بدأ العمل آنذاك، مما يعني أن واشنطن لم تكن تمتلك بعد المواد الانشطارية اللازمة لتصنيع جهاز ذري. لماذا هيروشيما؟ وحتى في ذلك الوقت المبكر، يقول الكاتب، يبدو أن الأميركيين وضعوا نصب أعينهم عدة أهداف في اليابان وبالذات: طوكيو، وجزر تروك، ونيغاتا، وكيوتو، لكن هذه الأخيرة، التي كانت أولوية في البداية نظرًا لقيمتها الرمزية، استُبعدت في النهاية بناءً على توصية وزير الحرب هنري ستيمسون، الحريص على الحفاظ على "جوهرة ثقافية". واقترح أحد الضباط ضرب طوكيو لكن تم رفض فكرته، ليس لأسباب أخلاقية أو سياسية، وإنما لأن "القنبلة يجب أن تستخدم حيث يكون عمق المياه كافياً لمنع استعادتها في حالة عدم انفجارها". وتحدث ضباط آخرون عن يوكوهاما لكن تم العدول عن ذلك بعدما تبين أن تلك المدينة كانت تتمتع "بأفضل حماية مضادة للطائرات" في اليابان، كما تم النظر في قصف قصر الإمبراطور في طوكيو نظرا لـ"قيمته الرمزية العالية"، ولكن تم رفض ذلك بسبب "قلة أهميته الإستراتيجية"، حسب تقدير أولئك الضباط. وفي النهاية اختيرت هيروشيما، وهي مدينة متوسطة الحجم غير أنها مركز عسكري وصناعي مهم، فهي حسب تقييم الأميركيين: "مستودع عسكري كبير" و"ميناء صناعي، حجمه كبير لدرجة أنه قد يُدمر جزءًا كبيرًا من المدينة، لا سيما وأن التلال المجاورة له قد تُحدث تأثير تركيز، مما يزيد بشكل كبير من الضرر الناجم عن الانفجار". وبعد هيروشيما، اكتشف الأميركيون أن القادة اليابانيين لا يزالون مترددين في الاستسلام وأنهم كانوا مستعدين لمواصلة الحرب، عندها أمر ترومان بإلقاء القنبلة الثانية هذه المرة على ناغازاكي وذلك بعد 3 أيام من قنبلة هيروشيما. وكانت هناك خطة لاستخدام قنبلة ثالثة لضرب طوكيو لولا أن اليابان استسلمت أخيرا بعد 6 أيام، أي في 15 أغسطس/آب 1945 ليمثل ذلك نهاية للحرب العالمية الثانية. لماذا اليابان؟ وعلى عكس ألمانيا، التي لم تُستهدف قط بالأسلحة الذرية، صُنفت اليابان كعدوٍّ يجب ضربه. وبالنسبة لترومان ومستشاريه، كانت القنبلة ستمنع غزوًا بريًا قاتلًا (كان مخططًا له في نوفمبر/تشرين الثاني 1945) وستجبر اليابان على الاستسلام السريع. كان الضغط الإستراتيجي شديدًا، إذ كان الاتحاد السوفياتي يبرز كمنافس مستقبلي في المنطقة، وأرادت واشنطن تحديد مراكز نفوذها. وعلاوة على ذلك، "اختير اليابانيون" كأهداف، كما تشير المذكرة السرية للغاية، على وجه التحديد لأنهم إذا ما استعادوا الجهاز، فإنهم سيكونون "أقل قدرة من الألمان على استخلاص المعرفة المفيدة منه"، وفقا لما نقله الكاتب. منذ ذلك الحين، احتدم الجدل: هل كان هذا القصف ضروريا؟ يبدو أن المعلومات التي كان الأميركيون يحصلون عليها بالتجسس على الاجتماعات الإمبراطورية كشفت لهم أن اليابان لم تكن مستعدة للاستسلام، رغم ضخامة الخسائر، وهكذا، كانت القنبلة الذرية ستُعجّل بنهاية الصراع، حسب الرأي الأميركي. ولكن بأي ثمن؟ هذا هو السؤال الذي لا يزال يُطرح، بعد 80 عاما، في ذكرى هيروشيما.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
زلزال قوي في إقليم كامتشاتكا الروسي يعيد تنشيط براكين خامدة
تعرض إقليم كامتشاتكا الروسي مؤخرا لزلزال، صنف كأقوى هزة أرضية تضرب المنطقة منذ منتصف القرن الماضي. وقد تسبّب الزلزال في إعادة تنشيط عدد من البراكين الخامدة في الإقليم. اقرأ المزيد