logo

رئيس الأركان الإسرائيلي: جاهزون لمعركة طويلة وتنتظرنا أيام صعبة

المركزيةمنذ 4 ساعات

الرئيسية
أخبار محلية
تحليل سياسي
خاص
اقتصاد
عدل وأمن
اقليميات
دوليات
مركزية شباب
تكنولوجيا
مجتمع
منوعات
رياضة
صحة
متفرقات
دراسة واتفاقيات
صحف
مقالات

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل جُمّدت مساعي الإصلاح الاقتصادي في لبنان؟
هل جُمّدت مساعي الإصلاح الاقتصادي في لبنان؟

المدن

timeمنذ 10 دقائق

  • المدن

هل جُمّدت مساعي الإصلاح الاقتصادي في لبنان؟

مع اشتداد وتيرة التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، واستمرار الاستهدافات الإسرائيلية جنوب لبنان، يجد لبنان نفسه اليوم في قلب معادلة إقليمية خطيرة تُشتّت اهتمام المجتمع الدولي وتفاقم هشاشته الداخلية. فبينما كان تشكيل الحكومة الجديدة مطلع هذا العام بارقة أمل لإطلاق عجلة الإصلاح، لا تعكس المؤشرات العملية اليوم اندفاعة فعلية أو خارطة طريق واضحة نحو التعافي المالي والاقتصادي. ورغم إطلاق بعض المبادرات الحكومية في مجالات تحسين الإدارة وتحديث الخدمات، لا تزال معظم الملفات الإصلاحية الجوهرية عالقة، من إعادة هيكلة القطاع المصرفي، إلى ضبط المالية العامة، واستعادة الثقة بالمؤسسات الرقابية والقضائية. إن غياب التعيينات في مواقع حساسة، وتباطؤ تنفيذ الوعود، وتفاقم الشلل في مجلس النواب، جميعها عوامل تُفرغ الحكومة من زخمها وتُضعف قدرتها على التحرّك الفعّال. على الصعيد الخارجي، فإن تباطؤ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتعثّر التفاهمات حول خطة تعافٍ متكاملة، إلى جانب شحّ الدعم الخليجي والدولي، تشير إلى تراجع الحماسة الدولية لمواكبة لبنان في مشروع إصلاحه. حتى التزامات مؤتمر الدعم الأخير بقيت دون تنفيذ، وسط انعدام الثقة بخطاب الدولة وغياب أيّ ضمانات فعلية للإصلاح. ويتقاطع ذلك مع تراجع دور الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية لصالح أولويات الإنفاق العسكري والأزمات المستجدة عالميًا، ما يزيد من عزلة لبنان التمويلية. وسط هذا المشهد الإقليمي والمحلي المأزوم، وتفكك أدوات الدولة، يطرح السؤال نفسه: هل لا تزال هناك فرصة واقعية للإصلاح الاقتصادي في لبنان؟ أم أن الجهود قد جُمّدت، أُفرِغت من مضمونها، أو تمّ تأجيلها إلى أجل غير مسمّى؟ المشكلة بمواقع القرار لا بالكفاءات تشير رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي ونائبة رئيس لجنة الأمم المتحدة للخدمة العامة، لمياء المبيّض بساط، إلى أن المعضلة الأساسية لا تكمن في غياب الكفاءات أو الحلول التقنية، بل في تغييب هذه الكفاءات عن مواقع القرار. وتلفت إلى هيمنة الوجوه المعتادة أو عديمي الخبرة على المواقع التنفيذية، ما يجعل إمكانية الإصلاح مستبعدة بفعل العجز أو رفض المساءلة والتنفيذ. لكن، بحسب حديث بساط لـ"المدن"، تتجاوز المشكلة الأشخاص، لتكمن في طبيعة النظام السياسي اللبناني نفسه: نظام محاصصة، طائفية، ركود مؤسسي، ممارسات إقطاعية مترسخة. نظام "متمرّس"، بحسب وصفها، لا يكتفي بإهمال محاولات الإصلاح، بل يقوم بـ"تفخيخها"، كما في ملف الإصلاح المالي وهيكلة القطاع المصرفي، الذي يشهد منذ ست سنوات، حملات تضليل وتشويه، وحماية منظمة لمصالح مكتسبة. وتلفت بساط إلى غياب الوعي أو حالة من الإنكار الجماعي لحجم الخسائر الوطنية، رغم تفاقم الفقر، وهجرة الشباب، وتراجع المؤشرات الدولية على مختلف المستويات. وتقول: "لبنان وحده أمام نفسه، لكن اللبناني يفضّل إدارة وجهه والعيش يومًا بيوم". كما أن غياب الدعم المالي الدولي ليس محض صدفة، بل هو مرتبط مباشرة بالغموض السياسي والمخاطر الأمنية وتحوّل الأولويات الدولية نحو الإنفاق العسكري وتقليص المساعدات. وترى بساط أن الخروج من الأزمة يتطلّب "مصارحة وجرأة" وفرض توافق وطني عابر للطوائف حول الحلول، إلا أن هذا التوافق يبدو بعيد المنال حتى الساعة. تعافٍ هش وغياب الدفع البنيوي من جهتها، ترى الخبيرة الاقتصادية الدكتورة علا الصيداني أن الحديث عن تعافٍ اقتصادي في لبنان لا يمكن فصله عن الواقع البنيوي الأوسع، المتمثّل في غياب مقومات الدولة القادرة على التخطيط والتنفيذ، وفي انكماش قدرة المؤسسات العامة على استيعاب الأزمات أو تحويلها إلى فرص. فالتعافي الاقتصادي، كما تشير، لا يحصل تلقائيًا، بل يتطلب "دفعًا ماليًا كبيرًا" في مرحلة أولى يعيد وضع القطاعات الأساسية على السكة، ويمنح القطاع الخاص حدًا أدنى من الأمان لتحريك العجلة الإنتاجية. وهذا الدفع، بحسبها، غائب بالكامل في الحالة اللبنانية. وتضيف الصيداني أن أي جهود إصلاحية جزئية تبقى، في غياب هذا الدفع، محكومة بالفشل أو محدودة النتائج على المدى المتوسط، ومرتبطة بشروط دقيقة: غياب الحرب، تحسّن المناخ السياسي، ووجود شركاء دوليين قادرين على توفير الدعم المادي والتقني. إلا أن هذه الشروط غير متوفرة اليوم، في ظل التدهور الأمني في الجنوب، والانكماش الدولي في تمويل الأزمات المعقّدة، وتراجع ثقة المانحين في قدرة الدولة اللبنانية على التنفيذ. ورغم أن الحكومة الحالية باشرت خطوات مهمّة، كالإصلاح الإداري، محاولة ترشيد القطاع العام، إدخال التكنولوجيا في العلاقة بين القطاعين العام والخاص، وإعادة تحريك بعض ملفات التعاون الاقتصادي، إلا أن الوتيرة البطيئة، والنقص الحاد في الكفاءات داخل الإدارة العامة، إضافة إلى غياب رؤية استراتيجية متكاملة، تجعل هذه المبادرات غير كافية أو غير مستدامة. وتحذّر الصيداني من الوقوع في فخ قراءة الأرقام بمعزل عن السياق. فحتى لو أظهرت بعض المؤشرات نموًا اقتصاديًا موسميًا أو فئويًا، فإن هذا النمو يفتقر إلى مقومات الاستدامة، خصوصًا مع غياب النشاط المصرفي المنظّم، واستمرار التوسّع في ممارسات الاقتصاد النقدي. ما يحصل اليوم، بحسبها، هو تعافٍ هش وغير إنتاجي، يخفي هشاشة كبيرة في البنية الاقتصادية. وتشير إلى أن القدرة الشرائية باتت منقسمة بوضوح: مرتفعة نسبيًا لدى من يملكون "الفريش دولار"، ومتدهورة بشدة لدى المتعاملين بالليرة اللبنانية، من موظفين ومتقاعدين وفئات فقيرة. كما أن المساعدات الإنسانية – نقدية أو عينية – لا تُشكّل مدخلًا إلى تحسين الدخل أو تعزيز الإيرادات العامة، بل تؤدي إلى تضخيم مؤشرات الاستهلاك بشكل زائف، وتخلق وهمًا بالتعافي. وتضيف أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة زادت من تعقيد المشهد، إذ قوّضت أي فرص فعلية للنمو، وأثقلت كاهل الفئات الأكثر هشاشة. أما الدولة، فتسعى إلى تقليص النفقات بهدف تحقيق فائض مالي، لكن هذا يأتي على حساب الإنفاق الاستثماري في قطاعات حيوية مثل الصحة، التعليم، والبنية التحتية، مما يجعلنا أمام سياسات تأجيل الأزمة لا حلّها. في المحصّلة، ترى الصيداني أن لبنان بحاجة إلى تحوّل بنيوي حقيقي في منهجية إدارة التعافي، يبدأ بضخّ موارد استراتيجية، ويواكبه تخطيط متكامل مبني على واقع كل قطاع وقدرته على التكيّف مع الأزمات. أما الإصلاحات المتفرقة في ظل الانكماش المالي والعزلة السياسية، فهي غير كافية لتحقيق تعافٍ مستدام. فرص الإصلاح مقيّدة ومحدودة ما بين فقدان الزخم الحكومي وتجميد الالتزامات الدولية، وبين ترسّخ البنية السياسية الرافضة للتغيير وتعاظم الكلفة الاجتماعية والاقتصادية للحروب، تتقاطع الشهادتان على خلاصة واحدة: فرص الإصلاح السياسي والاقتصادي في لبنان موجودة نظريًا، لكنها مقيّدة ومحدودة في الواقع. الأسباب متعددة، تبدأ ببنية النظام السياسي، وتمر بانعدام التوافق الوطني وغياب الموارد والقدرة التنفيذية، ولا تنتهي بعزوف المانحين والمستثمرين عن خوض مغامرة في بلد يفتقر إلى الحد الأدنى من الاستقرار والحكم الرشيد. لقد انقلبت اللحظة المفترضة للإصلاح إلى لحظة من الجمود والتباطؤ، ومع أن بعض المبادرات قد تؤتي ثمارًا تدريجية، إلا أن هشاشتها، وعزلتها عن مشروع وطني جامع، تحوّلها إلى محاولات موضعية بلا أثر عميق. وهنا يبقى السؤال: هل يملك لبنان ترف الانتظار؟ وهل يمكن، في ظل هذا الانهيار الخروج بخريطة طريق إصلاحية تعيد الاعتبار لمفاهيم العدالة، الإنتاجية، والاستقرار؟ أم أن البلاد ستبقى عالقة بين خطاب الإصلاح... واستحالة تنفيذه؟

خطط ودراسات الجيش الإسرائيلي للحرب على إيران منذ 2021
خطط ودراسات الجيش الإسرائيلي للحرب على إيران منذ 2021

المدن

timeمنذ 10 دقائق

  • المدن

خطط ودراسات الجيش الإسرائيلي للحرب على إيران منذ 2021

نشر موقع "العربي الجديد" تقريراً للصحفي والباحث الفلسطيني مالك سمارة، شرح فيه كل الخطط والأهداف الإسرائيلية للحرب على إيران المبنية على دراسات للجيش الإسرائيلي، ويقول التقرير:" ثمّة إجماع لدى جنرالات إسرائيل وباحثيها، وكذلك خبراء نوويين، على أن تدمير أصول المشروع النووي الإيراني من الجو غير ممكن. آخر شهادة في هذا الصدد هي من وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق الذي كان في صلب المناقشات الداخلية حول ضرب إيران بين 2009 و2012، إيهود باراك، الذي أقرّ، في مقابلة مع "سي أن أن" قبل يومين، بأن الضربات الإسرائيلية "ربّما أخّرت القدرات النووية الإيرانية شهرًا على الأكثر". حتى دخول المقاتلات الأميركية الحرب، وأهمّها قاذفة بي 2، الوحيدة القادرة على حمل قنابل Bunker Buster، وإسقاطها على مفاعل "فوردو" المحصّن على عمق 90 مترًا تحت الأرض في أحد جبال قم، لن يجدي إلا في "شراء بعض الوقت الإضافي"، كما يقول إيريك برور، وهو محلل سابق في "سي آي إيه"، لوكالة "رويترز". السبب الرئيسي في ذلك هو أن المشروع النووي الإيراني يتجاوز المفاعلات إلى التقنيات، "والتي يمكن أن تخبأ في مصنع صغير، أو في أعماق أبعد من فوردو"، كما يقول جيمس أكتون، وهو عالم بريطاني يدير برنامج السياسة النووية في مبادرة كارنيغي للسلام. السؤال البديهي، إذن: لو كان حلّ المسألة النووية الإيرانية غير ممكن عسكريًّا -أقلّه من الجو- فما حسابات إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، من وراء الحرب، ولا سيّما أنها تحظى بتزكية أوروبية لافتة؟ يمكن أن نجد بعض الإجابات في الدراسات العسكرية المنشورة خلال السنوات القليلة الماضية، الصادرة تحديدًا عن معهد "دادو"، وهي مؤسسة بحثية تتبع لجيش الاحتلال، ويكتب فيها ضباط احتياط وآخرون في الخدمة. يعدّ عام 2021 مهمًّا بوصفه نقطة ارتكاز، لأنه العام الذي حظي فيه جيش الاحتلال بميزانية ضخمة لثلاث سنوات، مرصودة لإعداد خطة شاملة من أجل ضرب إيران؛ ويمكن القول إن كثيرًا مما رسم في الخطط والتصورات النظرية يحدث اليوم. قصّ أظافر القط: حزب الله أولويةً تعود استعارة "القط" هذه إلى تهديد مبطن، جرى على لسان وزير الاستخبارات الإيراني السابق، محمود علوي، مطلع عام 2021. خاطب علوي القوى الغربية حينها بالقول: "النووي محرّم في فتوى المرشد، لكن لا يمكن التنبؤ بسلوك قطّ حين يُحشر في الزاوية". لاحقًا في العام ذاته، نشر رئيس معهد "دادو"، العميد عيدان أورتال، دراسة بعنوان "إرهاق القط"؛ وفيها يفصّل استراتيجية شاملة لهزيمة إيران تقوم على ركيزتين: "قصّ أظافر القط، وإرهاقه حتى الانهيار". تذهب هذه الاستراتيجية عكس كثير مما نسمعه في تعليقات الساسة والمحللين عن "ضرب رأس الأخطبوط"، في إشارة إلى إيران، إذ تحدد التهديدات المحيطة، المتّصلة أساسًا بإيران، باعتبارها أولوية، وتحديدًا "حزب الله". ينبع تقدير أورتال هذا من عاملين رئيسيين، أوّلًا أن "الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران لن يلحق إلا ضرراً مؤقتاً ببرنامجها النووي (...) كما أن عمليات التخريب والمعلومات الاستخبارية وحدها لا تكفي لتقويض التهديد الإيراني"؛ وثانيًا أنه "على الرغم من التفوق الاقتصادي والتكنولوجي البيّن لإسرائيل، لكن قدرة إيران على تهديد إسرائيل بالقوة تفوق قدرة إسرائيل بما لا يقاس"، في إشارة إلى الحزام الناري "الأقل كلفة والمؤثر نسبياً" المحاطة به إسرائيل، عبر حركة حماس وحزب الله. إلى ذلك، يرى أورتال أن هزيمة حماس، وحزب الله على وجه الخصوص، من شأنه أن يحقق "ركيزتي" النصر المقترحتين على إيران: "قص أظافر القط وإرهاقه"، ذلك بأنه "حتى بعد صراع واسع النطاق في الشمال، ستبذل إيران جهوداً كبيرة لاستعادة قوتها في لبنان وسورية"، وأيضاً "استثماراً ضخماً في حماية منشآتها من هجوم إسرائيلي متوقع". ومن ثم، فإن "تدمير قاعدة إطلاق النار الإيرانية في لبنان سيجرّ إيران إلى جهود إعادة إعمار مكلفة وطويلة الأمد، وإن كانت ميؤوسًا منها، تحت أعين إسرائيل الساهرة، ومع استخلاص دروس الماضي". ما المطلوب لتحقيق هذه الغاية؟ اللافت أن الجنرال الإسرائيلي لا يتحدث عن "نصر مطلق" هنا، أو حتى هجوم برّي، بل تحديداً "بناء القدرات العسكرية التي تمكّن من هزيمة حزب الله وإزالة التهديد الصاروخي من لبنان"، ثمّ عدم تكرار سيناريو حرب تموز؛ أي إن الهزيمة وفق هذه الرؤية لا تعني تفكيك حزب الله بالكامل، وإنما تفكيك "معادلة الردع" التي حكمت العلاقة معه منذ الانسحاب من جنوب لبنان، والتي بموجبها حظي بأريحية مراكمةِ القوة. نرى هذه الرؤية قائمة اليوم على أرض الواقع، مع انفتاح الساحة اللبنانية أمام الغارات الإسرائيلية بشكل شبه يومي، عدا عن طيرانه الاستطلاعي. تذهب الدراسات الصادرة في الأعوام اللاحقة إلى الاستخلاص ذاته: أولويّة حزب الله لا تكمن فقط في حسابات التهديد الفعلي المباشر، بل في الصراع الأكبر مع إيران. على هذا النحو، يكتب العميد احتياط، مئير فينكل، في دراسة أخرى منشورة عام 2022، أنه في سيناريو حرب متعددة الجبهات "من الصواب أن يكون التركيز على العدو الأقرب والأكثر قدرة، وهو حزب الله"، معتقداً بأن "أي نصر حاسم سيكون أكثر تأثيراً على أعداء إسرائيل الآخرين من ضربة غير حاسمة على إيران". الجنرال احتياط عاموس غلعاد يذهب في الاتجاه ذاته، موصياً بأن يكون الهدف الرئيسي في أية حرب واسعة "هزيمة حزب الله عسكرياً بما يُمكّن من تشكيل حكومة جديدة تُمثل جميع عناصر القوة في لبنان، وتحظى بدعم الغرب ودول الخليج ومساعدتهم، وتُشكّل أيضاً ثقلاً موازناً للنفوذ الإيراني في لبنان". يضيف رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، اللواء يعقوب عميدرور، في دراسة منشورة عام 2022، أنه "على المدى البعيد، سيمنح تدمير هذه القدرات الإيرانية على (الحدود) إسرائيلَ حرية في اتخاذ القرار والتصرف عند الحاجة إلى تدمير القدرة النووية الإيرانية". يكفي هذا لفهم الانسجام الإسرائيلي الراهن، على امتداد العصبتين السياسية والأمنية حول الضربة، والمعبّر عنه، مثلًا، بمشاركة رئيس "الشاباك" المقال، رونين بار، في اجتماعات ما قبل ساعة الصفر. في الواقع، كلّ تلك السيناريوهات المطروحة آنفًا كانت مرصودة لحالات أسوأ، تكون فيها إسرائيل أمام حرب مفتوحة على امتداد الجبهات، وفرضيات تقتضي "سقوط مئات القتلى من الجنود والمدنيين، واحتلالًا مؤقتًا لأراضٍ في شمال البلاد، وأسرى حرب إسرائيليين"، كما يقول فينكل ذاته. كان سيناريو الحرب المتعددة الجبهات هذا أيضًا في صلب خطّة خمسية وضعها رئيس الأركان الأسبق، أفيف كوخافي، وأسماها "تنوفا"، وترمي إلى تجاوز حالة الردع نحو "إلحاق الهزيمة بالمنظمات الإرهابية"، وتوسيع دائرة العمل إلى "الدول المعادية غير المحاذية لإسرائيل". خاضت إسرائيل حربها هذه تواليًا، جبهة تلو جبهة، في سيناريو أكثر تفضيلًا؛ والخطط كانت مرسومة سلفًا. "الاحتواء العدواني" تبعًا لمقاربة "إرهاق القط" ذاتها، يرى أورتال أن هزيمة إيران في محيط إسرائيل القريب سيضعها أمام خيارين "إعادة النظر في سياستها الإقليمية العدوانية، أو الانهيار على نفسها". هنا، ومع مغادرة العقيدة العسكرية إزاء حركات المقاومة مفهوم "الاحتواء السلبي"، وفق خطة "تنوفا"، يقترح أورتال في مقابل ذلك مفهوم "الاحتواء العدواني" في التعامل مع إيران. يوازن هذا النوع من الاحتواء ما بين "حرب حاسمة على الحدود، وسياسة احتواء عدوانية طويلة الأمد في جميع أنحاء المنطقة"، تستتبع استنزاف قدرات إيران في ترميم بنيتها التحتية ودعم وكلائها، على طريقة "الإماتة عبر ألف طعنة صغيرة". لكن ذلك يتطلّب أيضًا "قدرة إسرائيلية على استعراض القوة داخل إيران، رغم الإقرار بمحدوديتها"، بالإضافة إلى "بناء قدرة دفاعية واسعة ونشطة". يذهب المقدّم إيتاي خيمينيز في المسلك ذاته، لكنه يقترح أيضًا "نقل الحرب إلى الأراضي الإيرانية عبر العمل السري"، وكذلك إنشاء "قواعد حصار أمامية، قريبة من الحدود البرية أو البحرية لإيران". بطبيعة الحال، فقد رأينا شيئًا من ذلك أيضًا في الحرب الراهنة؛ ولعلّ مبدأ "استعراض القوة" هذا هو ما يبرّر نشر "الموساد" مقطع فيديو، يفترض أن يبقى طيّ العمل السري، لعملاء له يطلقون طائرات مسيّرة من داخل إيران. في المحصّلة، فإن الاستنزاف المقترح هنا ذو طابع ديناميكي، يجمع ما بين "استعراض القوة" فحسب داخل إيران، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية بشكل حيوي وفعلي خارج حدودها. الأصول الداعمة لذلك هو أن "إسرائيل، ليست كما السابق، دولة غنية الآن وتستطيع مواكبة حرب استنزاف كتلك، فيما يظلّ الاقتصاد الإيراني هشًّا"، وفق قراءة أورتال. المنطق الاستراتيجي وراء هذا الطرح، الذي تتفق معه معظم الدراسات اللاحقة أيضًا، هو عدم جدوى أي حرب مباشرة مع إيران بالنظر إلى أن الأخيرة، من جهة، "تمتلك قدرة كبيرة على الاستيعاب والصمود بسبب حجمها ومواردها الوافرة"، كما يكتب عقيدان في مكتب الاستراتيجية والدائرة الثالثة، التي تأسست بموجب خطة "تنوفا"، في دراسة نشرها معهد الجيش بالأحرف الأولى من اسميها؛ ومن جهة أخرى، لأن "إسرائيل لن تتمكن من الحفاظ على قوة عسكرية مؤثرة تشمل قدرة مناورة واسعة النطاق، وضربات (تدمج الاستخبارات والنيران)، ودفاعًا مضادًّا للصواريخ على نطاق كافٍ لتحقيق إنجاز استراتيجي كبير"، كما يكتب العميد فينكل؛ وهذا مع عدم احتساب الخسائر المادية المباشرة من أثر القصف المتبادل. رغم ذلك، تتفق الدراسات الأربع المذكورة عند مبدأ "إظهار القوة"، وإن بشكل مباشر، مع إيران. من هذا المنطلق، يوصي خيمينيز، استشرافًا لحرب ممكنة مع إيران، بالتركيز على "الأهداف ذات القيمة المعنوية"، كالمراكز الحكومية، والقادة، والمؤسسات، وهذا إدراكًا للأفضلية التي تتمتع بها إيران في تعويض الخسائر المادية، والتكلفة الثقيلة للحملات الجوية الإسرائيلة؛ وكذلك خدمة للهدفين الاستراتيجيين المذكورين: دفع النظام إلى نقطة "الانهيار الذاتي" في "أفضل الأحوال"، وفي "أسوئها"، دفعه إلى الإقرار بالمقدرة الإسرائيلية، وقبول توازنات جديدة مع فقدانه أوراق القوة. هذا منطلق من قناعة أن "إيران مصممة على عقيدة براغماتية استراتيجية تقوم على تفكير بعيد المدى"، كما يكتب العقيدان بالأحرف الأولى من اسميها. على هذا النحو، يرى البروفيسور مئير ليتفيك، في دراسة نشرها معهد الجيش، أنه وفق مبدأ الاستنزاف هذا، فإن "الفهم الصحيح لطبيعة التفكير في إيران يفضي إلى استنتاج أن الوقت يعمل ضد النظام هناك، وأن النظام سيضطر إلى تغيير سياسته الحالية إذا أراد البقاء". وهذا متطابق أيضًا مع طرح أورتال، الذي يدعو إلى "استراتيجية تنافسية قائمة على احتواء عسكري وسياسي عدواني لإيران وإجبارها على الاعتراف بفشل استراتيجيتها". ينطوي ذلك أيضًا على اعتراف مقابل "بمكانة إيران الإقليمية". يذهب خيمينز في هذا الاتجاه، ثم يخلص إلى القول: "هل ستكون إيران مستعدة للتنازل عن القضايا التي تُمثل "خطوطًا حمراء" لإسرائيل- البرنامج النووي والتدخل العسكري في بلاد الشام؟ في رأيي، الإجابة هي نعم. إن تحقيق المصالح الجوهرية لإيران -الحفاظ على النظام والاعتراف بمكانتها القوية في المنطقة– يدفع إيران إلى تقديم تنازلات صعبة وعملية، كما أثبتت استعدادها لذلك في الماضي". أيضًا، رأينا تجلّيات من ذلك على أرض الواقع؛ من قبيل ما كشفه قادة في جماعة الحوثيين باليمن عن عرض أميركي بالاعتراف بسلطتهم مقابل الانكفاء عن دعم غزة. كذلك أيضًا، يمكن أن نضع الاغتيال المتكرر للقادة، والتلويح باستهداف المرشد، وإفراغ طهران، وقصف مقرّ التلفزيون الإيراني، ضمن فكرة "الأهداف ذات القيمة المعنوية" التي يقترحها المقدّم خيمينيز، ومن ورائها استراتيجية دفع النظام إلى أحد مصيرين: الانهيار أو المساومة للحفاظ على ديمومته. نموذج الاتحاد السوفييتي فكرة "الاعتراف بمكانة إيران في المنطقة" التي يقترحها خيمينيز ليست بناشزة، بل مشتقة من دروس التاريخ، وقد تبنّتها أيضًا دراسات لاحقة. في واحدة منشورة في مجلة "بين القطبين"، التابعة لجيش الاحتلال، عشية "طوفان الأقصى"، يدعو العميد إيال بيخت إلى اعتماد منهجية مركّبة من نموذجي حرب أكتوبر (المصرية) والحرب الباردة لهزيمة إيران. يستدعي الضابط الإسرائيلي هنا مثال الرئيس المصري، أنور السادات، الذي لم يكسب الحرب بالمطلق في الميدان، لكنه أفلح في دفع عملية سياسية حصل من خلالها على تنازلات. لكن للفروقات الجوهرية في الحالة الإيرانية، الأكثر عقائدية بالطبع، فإنه يقترح نموذجًا هجينًا مع الحرب الباردة، التي يتخللها سباق تسلح استراتيجي وحروب غير مباشرة، ولكن أيضًا، تقدير متبادل من كلّ طرف لمقدرة الآخر. تعدّ هذه المقاربة الهجينة تكثيفًا للأفكار السابقة: تركيز القوة في مواضع ألم إيران من جهة، حتى في داخلها، وتقدير مكانها في الإقليم من جهة أخرى. لكن النهاية المتصوّرة هي ذاتها التي انتهى إليها الاتحاد السوفييتي: الاحتواء، ثم الاستنزاف حتى التفكك. يرى بيخت أن ثمة مشتركات جوهرية بين إيران والاتحاد السوفييتي: العقائدية، والقمعية، والانغلاق الثقافي الدافع إلى الغطرسة، والتوسع الزائد عن المقدرة الاقتصادية الهشة. من هنا، تذهب الدراسة إلى اقتباس نظرية "التوسع المفرط"، التي صاغها المؤرخ والباحث البريطاني، بول كينيدي، والتي ترى علاقة سببية بين تراجع القوى الكبرى عبر التاريخ وتوسعها في تدخلات عسكرية أكبر من سعتها الاقتصادية. لكن رغم ذلك، لم تكن الولايات المتحدة لترى نهاية خصمها الألد في عهد القطبين لولا مزيج من حروب الظل والاعتبار المتبادل. يشرح جون شيتل، في مقال منشور عام 1995 في مجلة "ذا ناشونال إنترست"، كيف أن عهد الانفتاح على الاتحاد السوفييتي، الذي دشّن في سنوات الضعف الظاهري للولايات المتحدة إبّان حرب فيتنام، كان بادئة سلسلة من التقلبات التي أفضت إلى تفكك النظام الشيوعي. دفع هذا الانفتاح السوفييت إلى الانكشاف على ثقافة الغرب، والارتباط الوثيق بأسواقها، حتى دخلوا في حالة من "الارتياح المفرط"، قبل أن يصطدموا بصلف الرئيس الأميركي السابق، رونالد ريغان الذي سدّ عليهم كل المنافذ؛ ثم لم يكن الانهيار بعيدًا. وقع شيء شبيه مع إيران، بعد انفراجة الاتفاق النووي التي حررت مدخراتها في الخارج، وفتحت الأسواق العالمية أمام ثرواتها النفطية والغازية الهائلة؛ قبل أن يسدّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. بين هذه التقلبات العنيفة، من العقوبات إلى الانفراجة إلى الضغط الأقصى فالحرب المباشرة، ربما ينتظر خصوم إيران أن تأتي لحظة الانهيار من تلقاء نفسها. حدود "الصبر الاستراتيجي" كلّ ما ذكر كان مجرد استقراء للرؤية الاستراتيجية الكبيرة تجاه إيران، وتحديدًا من منظورها العسكري -المهني، لا السياسي- وليس تبنّيًا لها. بطبيعة الحال، نرى كثيرًا مما رسم سلفًا يتنزّل على أرض الواقع اليوم، لكن هذا أيضًا لا يعني بالضرورة نجاحه. على المقلب الآخر، فإن لدى إيران، في صورة نظامه الحالي، تاريخ طويل من العناد والمرونة، يمتدّ من حرب السنوات الثماني مع العراق، والتي كانت هي من رفض قرار وقف إطلاق النار فيها بعد صدوره عن مجلس الأمن. لكن الأهم، في الوجه المقابل من الصورة، أن كل تلك المعطيات توثّق حقيقة أن خطط الحرب موضوعة سلفًا، لا على الورق فحسب، بل في العقيدة العسكرية، والموازنة، والرؤية الاستراتيجية الأوسع، وحتى المخيال؛ وأنها عند اللحظة المؤاتية لن تعوزها ذريعة.

هل يكفي مخزون إسرائيل الصاروخي لردع إيران؟
هل يكفي مخزون إسرائيل الصاروخي لردع إيران؟

المدن

timeمنذ 10 دقائق

  • المدن

هل يكفي مخزون إسرائيل الصاروخي لردع إيران؟

مع تصاعد التوترات الإقليمية، ترسخ إسرائيل رهانها الاستراتيجي على منظومات الدفاع الجوي المتقدمة، في محاولة لاحتواء الهجمات المتزايدة من إيران، وبحسب تحقيق موسع نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن هذه المنظومات، التي أثبتت فعاليتها خلال العقد الأخير في اعتراض الصواريخ القادمة من غزة وجنوب لبنان، باتت تواجه اختباراً حاسماً مع تحول طبيعة التهديدات القادمة من الشرق، وتحديداً من طهران. وتعتمد إسرائيل على بنية دفاعية متعددة الطبقات تشمل القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، ومقلاع داوود للتعامل مع الصواريخ متوسطة المدى والطائرات المسيّرة، ومنظومة آرو 3 لاعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي. وفيما ظلت القبة الحديدية عنوان الدفاع الجوي الإسرائيلي في المواجهات مع الفصائل الفلسطينية وحزب الله، يتزايد اليوم اعتماد تل أبيب على منظومتي مقلاع داوود وآرو، في سياق الاستعداد لمواجهة صاروخية محتملة مع إيران، بعدما باتت الأخيرة تملك قدرات هجومية استراتيجية تتجاوز مستوى الوكلاء الإقليميين. وأعلنت إسرائيل، في أواخر عام 2023، عن تنفيذ أول اعتراض ناجح لصاروخ باليستي خارج الغلاف الجوي، باستخدام منظومة آرو 3 التي طورتها بالشراكة مع الولايات المتحدة، واعتبر المسؤولون في تل أبيب هذا الاعتراض "اختراقاً عملياتياً"، إذ مثل نقطة تحول في طبيعة التهديدات التي تواجهها إسرائيل، من صواريخ بدائية عشوائية إلى مقذوفات استراتيجية دقيقة التوجيه. ومع ذلك، امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن إعلان المنظومات التي استخدمتها تحديداً لصد الهجمات المرتبطة بالتصعيد مع إيران، وهو ما يعكس سياسة الغموض الاستراتيجي التي تعتمدها تل أبيب في ملفاتها الدفاعية الحساسة. وعلى الرغم من أن نسبة النجاح التي تعلن عنها إسرائيل في اعتراض المقذوفات، بما فيها الباليستية، تتجاوز 90%، فإن هذا الرقم لا يعكس حماية مطلقة، بل يعبر عن منظومة تعتمد على سلسلة معقدة من الرصد والتحليل والتوجيه اللحظي. وفي هذا السياق، حذر الخبير عوزي روبين، الرئيس السابق لهيئة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، من أن أي خلل بشري أو تقني في واحدة من حلقات هذه السلسلة قد يؤدي إلى فشل تام في الاعتراض، ما يعني أن الفاعلية مرهونة بدقة التنسيق بين كل وحدات المنظومة. المدى والدقة وتحدي الكلفة وتمثل الترسانة الصاروخية الإيرانية، تحدياً متعدد الأبعاد، ليس فقط على صعيد الكثافة، بل أيضاً من حيث المدى والدقة، سيما أن إيران طورت صواريخ قادرة على بلوغ العمق الإسرائيلي من داخل أراضيها، مثل "خرمشهر"، و"غدير"، و"سومار"، التي يتراوح مداها بين ألف و180 كيلومتراً إلى أكثر من ألف و800 كيلومتر، بحسب مصادر استخباراتية أميركية. وفي مقابل هذا التصعيد، تبرز معضلة التوازن بين كلفة الدفاع وكلفة الهجوم، فكل صاروخ اعتراضي ضمن منظومات آرو ومقلاع داوود يكلف مئات الآلاف من الدولارات، بينما تبقى كلفة الصواريخ الهجومية الإيرانية أدنى بكثير، وتلفت الصحيفة إلى أن تعرض إسرائيل لهجمات صاروخية مكثفة من جبهات متعددة قد يؤدي سريعاً إلى استنزاف مخزونها من الصواريخ الاعتراضية، ما يفتح الباب أمام أسئلة جوهرية حول استدامة هذا الرهان الدفاعي في حال اندلاع حرب واسعة. ماذا إذا نفد المخزون؟ وفي حال نفاد هذا المخزون، تملك إسرائيل سلسلة من البدائل، أبرزها اللجوء إلى المخزون العسكري الأميركي الموجود داخل إسرائيل، والذي يُعرف باسم "War Reserve Stockpile for Allies"، وكانت تل أبيب قد استفادت منه خلال حرب غزة في العام 2014، كما يمكن زيادة وتيرة الإنتاج المحلي عبر شركتي "رفائيل" والصناعات الجوية الإسرائيلية، رغم محدودية القدرة التصنيعية في تلبية متطلبات حرب استنزاف طويلة، ويُحتمل أيضاً أن تتجه إسرائيل إلى شركائها الأوروبيين، مثل ألمانيا وإيطاليا، للحصول على دعم فني أو مادي، وإن كان هذا الخيار معقداً سياسياً وتعاقدياً. وعلى الصعيد العملياتي، قد تلجأ إسرائيل إلى توسيع دائرة "الضربات الوقائية" والهجمات الاستباقية كبديل دفاعي في حال تراجع قدرة الاعتراض، حيث تشير تقديرات منشورة في "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز"، نقلاً عن مصادر أميركية، إلى أن مخزون إسرائيل من صواريخ القبة الحديدية يتراوح بين ثلاثة وخمسة آلاف صاروخ، يستهلك منها المئات في كل تصعيد كبير، أما صواريخ مقلاع داوود، فعددها لا يتجاوز بضع مئات، نظراً لتكلفتها التي تصل إلى نحو مليون دولار للصاروخ الواحد. ويُقدّر عدد صواريخ منظومة آرو – بطبقتيها الثانية والثالثة – بعشرات أو بضع مئات، نظراً لتعقيد تصنيعها وارتفاع كلفتها، ويجمع محللون عسكريون على أن أي حرب تستمر أكثر من أسبوعين، وتترافق مع هجمات متعددة الاتجاهات، قد تستنزف هذا المخزون بسرعة قياسية. شراكة أميركية حاسمة ودعم أوروبي رمزي وتلعب الولايات المتحدة دوراً حاسماً في ضمان الجاهزية الإسرائيلية، ليس فقط عبر التمويل، بل من خلال الإنتاج المشترك والتعاون الصناعي، خاصة بمشاركة شركات أميركية مثل "رايثيون" و"بوينغ" في تصنيع صواريخ "آرو" و"مقلاع داوود"، وقد خصص الكونغرس الأميركي في 2021 مليار دولار لدعم القبة الحديدية بعد تصعيد غزة، ومنذ 2011، ساهمت واشنطن بأكثر من خمسة مليارات دولار في تطوير وصيانة منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، ما يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين. أما الدعم الأوروبي، فرغم أهميته التقنية، يبقى محدوداً من الناحية العملية، فبينما تشارك ألمانيا في تمويل وتطوير منظومة "آرو 3"، وتخطط لشرائها ضمن مشروع "درع السماء الأوروبية"، يقتصر دور دول مثل بريطانيا وإيطاليا على التعاون الاستخباري والدعم الفني في مجالات الرادار والتشويش، ولا يُتوقع أن تلعب أوروبا دوراً حاسماً في سد أي فجوة تسليحية إسرائيلية خلال صراع شامل، نظراً لحساباتها السياسية ومحدودية بنيتها العسكرية الذاتية. وفي ضوء هذه المعطيات، يبدو أن الرهان الإسرائيلي على منظومات الدفاع الجوي يمثل خياراً مكلفاً من الناحيتين اللوجستية والسياسية، وهو مرهون باستمرار الدعم الأميركي من جهة، وقدرة إسرائيل على منع تعدد الجبهات من جهة أخرى. وإذا ما اندلع نزاع إقليمي واسع النطاق، فإن فعالية هذا الدرع الجوي لن تُختبر فقط في سماء تل أبيب، بل في دوائر صنع القرار في واشنطن، حيث تتقاطع ضرورات التمويل والتسليح مع اعتبارات السياسة الدولية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store