logo
ورثة رقميون وأشباح ناصحة: الموت لم يعد النهاية

ورثة رقميون وأشباح ناصحة: الموت لم يعد النهاية

النهارمنذ 5 أيام

كان من المعتاد أن يموت الإنسان، وتُدفن معه قصصه، صوته، وحتى ملامح شخصيته. لكن ماذا لو توقف الموت عن كونه نهاية؟ ماذا لو عاد الجد ليخبر حفيدته كيف يُصلَح صنبور الماء، أو لتقديم نصيحة عن الحب؟ هذا ليس مشهدًا من فيلم خيال علمي، بل سيناريو واقعي يتشكل تدريجيًا بفضل الذكاء الاصطناعي.
ما يُعرف اليوم بـ"الأشباح التوليدية" لم يعد مجرد فكرة افتراضية. إنها نسخ رقمية من الراحلين، تُصمّم لتحاكي أصواتهم، سلوكهم، وحتى طريقة تفكيرهم. في بعض الحالات، تتطوّر هذه الأشباح لتصبح مساعدين رقميين، يتحدثون، يعلّمون، ويقدّمون النصائح، بل وقد يكسبون المال لعائلاتهم بعد موتهم.
تقوم هذه التقنية على تدريب نماذج ذكاء اصطناعي على بيانات شخصية من الشخص المتوفى أو من يرغب في حفظ إرثه قبل وفاته: تسجيلات صوتية، مقابلات طويلة، صور، وسرد للذكريات. بعد الوفاة، تصبح هذه المادة الخام وسيلة لبناء كيان رقمي يمكن التفاعل معه – نسخة رقمية تحاكي الأصل بدقة مدهشة.
شركات ناشئة دخلت هذا المجال فعليًا، مثل "Re;memory" التي تُجري مقابلات تستمر لعدة ساعات لتكوين أرشيف تفاعلي رقمي، وتطبيق "HereAfter AI" الذي يبني شخصية رقمية قائمة على المحادثة. النتيجة هي روبوت محادثة يمكن للعائلة التفاعل معه، ليس فقط لاستعادة الذكريات، بل لمتابعة أخبار العائلة أو الحديث عن مناسبات حالية.
HereAfter AI
بعض الثقافات، خصوصاً في شرق آسيا، أبدت تقبّلاً أكبر لهذه الفكرة نظراً لوجود تقاليد راسخة في التواصل الرمزي مع الأجداد. أما في المجتمعات الغربية، فيعتمد الأمر أكثر على مواقف الأفراد من التكنولوجيا والموت والفقد.
لكن الأمر يتجاوز الجانب العاطفي؛ الأشباح التوليدية قد تُكلّف بمهام عملية. يمكنها شرح إجراءات إدارية، مشاركة وصفات طعام منزلية، أو تقديم نصائح مهنية، خاصة إذا كانت تستند إلى شخصية خبير أو متخصص. من غير المستبعد أن نرى "أشباحًا عاملة" تكتب كتبًا، تُدرّس مواد، أو تُنتج موسيقى جديدة باسم أصحابها الراحلين.
مع ذلك، لا تخلو هذه الظاهرة من المخاطر. أولها التعلّق العاطفي بكائن رقمي لا يمكنه أن يحل محل الشخص الحقيقي. كما أن هذه النماذج قد تعاني من ما يُعرف بـ"هلوسات الذكاء الاصطناعي"، فتُنتج معلومات خاطئة، أو تعبر عن أفكار لم تكن أصلًا من صُلب شخصية المتوفى، ما قد يؤدي إلى تشويه صورته أو كشف أسرار مدفونة.
الأسوأ من ذلك أن تُستغل هذه الأشباح لأغراض ضارة، كالمضايقة بعد الوفاة، أو بث رسائل عدائية، أو حتى تنفيذ أنشطة مشبوهة باسم شخص ميت. وهنا تظهر الحاجة إلى تأطير قانوني وأخلاقي يواكب هذا التطور غير المسبوق.
في النهاية، يبدو أننا مقبلون على مرحلة جديدة يعاد فيها تعريف "النهاية". لم يعد الموت قاطعًا كما عرفناه. في زمن الذكاء الاصطناعي، قد يصبح الموتى أكثر حضورًا من الأحياء – ينصحون، يتحدثون، يشاركون، وربما يعملون... من العالم الآخر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اختراع يمكّن الحيوانات التحدّث بلغتنا: عصر الحوار بين الأنواع
اختراع يمكّن الحيوانات التحدّث بلغتنا: عصر الحوار بين الأنواع

المدن

timeمنذ 2 أيام

  • المدن

اختراع يمكّن الحيوانات التحدّث بلغتنا: عصر الحوار بين الأنواع

هل تساءلت يوماً عمّا يحاول حيوانك الأليف إخبارك به؟ أو إذا كان يحتاج إلى المزيد من الطعام، أو أنه يحاول أن يحذرك من شيءٍ ما أو من رجلٍ غريب يقف على مقربة من منزلك ويشكل لك تهديداً وشيكاً؟ تخيل أنك ستستيقظ في يومٍ من الأيام وتفهم كل ما يقوله لك حيوانك الأليف بلغةٍ إنكليزية أو عربية واضحة. هذا المشهد سيتحول إلى حقيقة بفضل شركة "بايدو" الصينية التي تهدف إلى فكّ شيفرة لغة الحيوانات باستخدام الذكاء الاصطناعي. أصوات الحيوانات لغة بشرية قدمت شركة "بايدو" الصينية هذا الأسبوع براءة اختراع إلى الإدارة الوطنية الصينية للملكية الفكرية لنظام ذكاء اصطناعي يُستخدم لتحويل أصوات الحيوانات إلى لغةٍ بشرية. ولا بد لنا أن نشير هنا بأنها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها العلماء، أو حتى عمالقة التكنولوجيا، فك شيفرة التواصل مع الحيوانات. ومع ذلك، تُعد براءة اختراع "بايدو" أحدث وأهم الجهود المبذولة في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق هذا الهدف. وفقاً لبراءة الاختراع، سيُستخدم نظام الذكاء الاصطناعي الجديد لجمع بيانات الحيوانات، مثل الأصوات الصوتية والأنماط السلوكية والإشارات الفسيولوجية، ويصار إلى تحليلها بواسطة نظام ذكاء اصطناعي خاص لفهم الحالة العاطفية للحيوان. وبعد ذلك يجري ربط البيانات المجمعة بالمعاني الدلالية وترجمتها إلى اللغة البشرية لتحسين دقة وكفاءة الاتصال بين البشر والحيوانات بشكلٍ أفضل. تطبيق على الهاتف المحمول ولا يقتصر مشروع "بايدو" الطموح على الصوت فحسب، إذ تُحدّد براءة الاختراع، المقدّمة إلى الإدارة الوطنية للملكية الفكرية في الصين، نظاماً يجمع ويعالج مجموعةً من سلوكيات الحيوانات تشمل الأصوات، وتغيرات لغة الجسد، والإشارات البيولوجية بدءاً من هزّ الذيل وصولاً إلى المشي بعصبية. وتَعِد "بايدو" بأن النظام سيُتيح تواصلاً وفهماً عاطفياً أعمق بين الحيوانات والبشر، مبشّرةً بعصرٍ جديد من الحوار بين الأنواع. وحسب الخبراء، من المرجح أن تكون هذه التقنية عبارة عن تطبيق توجه هاتفك عبره نحو حيوانك الأليف، وتسجل حركاته وصوته، وتحصل على ترجمةٍ فورية لما يقوله. ما الذي يميز "بايدو"؟ ليست "بايدو" المجموعة الوحيدة التي ينكبّ تركيزها على فهم لغة الحيوانات، فهناك "مشروع أنواع الأرض"، المدعوم من عمالقة التكنولوجيا مثل "لينكد إن"، يحاول فك شيفرة التواصل بين الأنواع منذ عام 2017. وقد تمكن علماء دانماركيون مؤخراً من تفسير همهمات الخنازير على أنها تعبيراتٍ عاطفية باستخدام الذكاء الاصطناعي. لكن ما يميز "بايدو" هو أنها واحدة من أبرز مطوري الذكاء الاصطناعي في الصين، حيث استثمرت الشركة بكثافة في نماذج اللغات على نطاق واسع، بما في ذلك روبوتها "إرني 4.5 توربو"، المنافس الطموح لبرنامج "تشات جي بي تي"، ورغم أن روبوت الدردشة هذا لم يتفوق على نظرائه الأميركيين بعد، إلا أن اقتحام "بايدو" الجريء لعالم الحيوان يُشير إلى أن الشركة تفكر بما يتجاوز الحوار البشري. ومع أن البعض قد يسخر منها، إلا أن الانعكاسات الإيجابية لهذه التقنية كثيرة. وفي حال نجاحها، قد يُحدث اختراع "بايدو" ثورة في رعاية الحيوانات الأليفة، والتشخيص البيطري، وبحوث الحياة البرية، وحتى الزراعة. كما يُمكنه أن يُغير الرابط العاطفي بين البشر والحيوانات من الافتراض إلى التعبير.

ورثة رقميون وأشباح ناصحة: الموت لم يعد النهاية
ورثة رقميون وأشباح ناصحة: الموت لم يعد النهاية

النهار

timeمنذ 5 أيام

  • النهار

ورثة رقميون وأشباح ناصحة: الموت لم يعد النهاية

كان من المعتاد أن يموت الإنسان، وتُدفن معه قصصه، صوته، وحتى ملامح شخصيته. لكن ماذا لو توقف الموت عن كونه نهاية؟ ماذا لو عاد الجد ليخبر حفيدته كيف يُصلَح صنبور الماء، أو لتقديم نصيحة عن الحب؟ هذا ليس مشهدًا من فيلم خيال علمي، بل سيناريو واقعي يتشكل تدريجيًا بفضل الذكاء الاصطناعي. ما يُعرف اليوم بـ"الأشباح التوليدية" لم يعد مجرد فكرة افتراضية. إنها نسخ رقمية من الراحلين، تُصمّم لتحاكي أصواتهم، سلوكهم، وحتى طريقة تفكيرهم. في بعض الحالات، تتطوّر هذه الأشباح لتصبح مساعدين رقميين، يتحدثون، يعلّمون، ويقدّمون النصائح، بل وقد يكسبون المال لعائلاتهم بعد موتهم. تقوم هذه التقنية على تدريب نماذج ذكاء اصطناعي على بيانات شخصية من الشخص المتوفى أو من يرغب في حفظ إرثه قبل وفاته: تسجيلات صوتية، مقابلات طويلة، صور، وسرد للذكريات. بعد الوفاة، تصبح هذه المادة الخام وسيلة لبناء كيان رقمي يمكن التفاعل معه – نسخة رقمية تحاكي الأصل بدقة مدهشة. شركات ناشئة دخلت هذا المجال فعليًا، مثل "Re;memory" التي تُجري مقابلات تستمر لعدة ساعات لتكوين أرشيف تفاعلي رقمي، وتطبيق "HereAfter AI" الذي يبني شخصية رقمية قائمة على المحادثة. النتيجة هي روبوت محادثة يمكن للعائلة التفاعل معه، ليس فقط لاستعادة الذكريات، بل لمتابعة أخبار العائلة أو الحديث عن مناسبات حالية. HereAfter AI بعض الثقافات، خصوصاً في شرق آسيا، أبدت تقبّلاً أكبر لهذه الفكرة نظراً لوجود تقاليد راسخة في التواصل الرمزي مع الأجداد. أما في المجتمعات الغربية، فيعتمد الأمر أكثر على مواقف الأفراد من التكنولوجيا والموت والفقد. لكن الأمر يتجاوز الجانب العاطفي؛ الأشباح التوليدية قد تُكلّف بمهام عملية. يمكنها شرح إجراءات إدارية، مشاركة وصفات طعام منزلية، أو تقديم نصائح مهنية، خاصة إذا كانت تستند إلى شخصية خبير أو متخصص. من غير المستبعد أن نرى "أشباحًا عاملة" تكتب كتبًا، تُدرّس مواد، أو تُنتج موسيقى جديدة باسم أصحابها الراحلين. مع ذلك، لا تخلو هذه الظاهرة من المخاطر. أولها التعلّق العاطفي بكائن رقمي لا يمكنه أن يحل محل الشخص الحقيقي. كما أن هذه النماذج قد تعاني من ما يُعرف بـ"هلوسات الذكاء الاصطناعي"، فتُنتج معلومات خاطئة، أو تعبر عن أفكار لم تكن أصلًا من صُلب شخصية المتوفى، ما قد يؤدي إلى تشويه صورته أو كشف أسرار مدفونة. الأسوأ من ذلك أن تُستغل هذه الأشباح لأغراض ضارة، كالمضايقة بعد الوفاة، أو بث رسائل عدائية، أو حتى تنفيذ أنشطة مشبوهة باسم شخص ميت. وهنا تظهر الحاجة إلى تأطير قانوني وأخلاقي يواكب هذا التطور غير المسبوق. في النهاية، يبدو أننا مقبلون على مرحلة جديدة يعاد فيها تعريف "النهاية". لم يعد الموت قاطعًا كما عرفناه. في زمن الذكاء الاصطناعي، قد يصبح الموتى أكثر حضورًا من الأحياء – ينصحون، يتحدثون، يشاركون، وربما يعملون... من العالم الآخر.

اكتشاف تشابه مدهش بين أنماط التفكير البشري والذكاء الاصطناعي
اكتشاف تشابه مدهش بين أنماط التفكير البشري والذكاء الاصطناعي

الديار

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • الديار

اكتشاف تشابه مدهش بين أنماط التفكير البشري والذكاء الاصطناعي

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب كشفت الأبحاث سمة مدهشة مشتركة بين البشر والذكاء الاصطناعي، حيث يُظهر الأخير نفس الميل للأخطاء والتحيزات المعرفية مثل الإنسان. على الرغم من الاختلافات الكبيرة بين العمليات الفكرية البشرية والذكاء الاصطناعي، اكتشف العلماء أن حتى أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي تطورا تتمتع أحيانا بالسلوك غير العقلاني. ووفقا لنتائج دراسة أجراها المتخصصون من جامعات كندا وأستراليا، فإن روبوت الدردشة ChatGPT يظهر في 47% من الحالات أفخاخا نفسية نموذجية مميزة للبشر. وكشفت اختبارات نماذج GPT-3.5 وGPT-4 المطورة من تصنيع شركة OpenAI أن هذه الأنظمة ليست محصنة ضد أنماط السلوك البشري المماثلة، على الرغم من أنها تتمتع بدرجة عالية من الاتساق في الاستنتاجات. ويشير الباحثون إلى أن هذا الاتساق له جوانب إيجابية وسلبية. واختبرت دراسة الشبكة العصبية على التحيزات المعرفية البشرية المعروفة، مثل تجنب المخاطرة، والثقة المفرطة، وتأثير الإنجاز والنجاح. وطالت الأسئلة علم النفس التقليدي وسياقات الأعمال الواقعية على حد سواء. وأظهرت GPT-4 نتائج أفضل النتائج في المهام ذات الحلول الرياضية الواضحة، حيث ارتكبت أخطاء أقل في السيناريوهات القائمة على المنطق والاحتمالات. لكن في المحاكاة الذاتية، مثل إيجاد خيار محفوف بالمخاطر لتحقيق مكاسب، غالبا ما انعكست في ردود روبوت الدردشة العقلانية نفسها غير المنطقية المتأصلة في البشر. مع ذلك فإن الباحثين يشيرون إلى أن "GPT-4 أظهر ميلا أكبر للتنبؤية والأمان مقارنة بالبشر". ونصح البروفيسور يانغ تشين الأستاذ المساعد في قسم الإدارة التشغيلية بكلية "آيفي" للأعمال في كندا:" للحصول على مساعدة دقيقة وموضوعية في اتخاذ القرارات، استخدم الذكاء الاصطناعي في المواقف التي تثق فيها بالكومبيوتر. لكن عندما يتطلب القرار بيانات استراتيجية أو ذاتية، فإن الإشراف البشري يصبح ضروريا. لا ينبغي اعتبار الذكاء الاصطناعي موظفا يتخذ قرارات مصيرية، بل يحتاج إلى رقابة وإرشادات أخلاقية. وإلا فإننا نخاطر بأتمتة التفكير الخاطئ بدلا من تحسينه".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store