
حماس وفتح: ماذا يقول الطرفان عن الانقسام بينهما؟
Getty Images
فلسطينيون يلوحون بالأعلام الفلسطينية وأعلام حركتي حماس وفتح خلال مسيرة تضامن مع غزة، في نابلس 26 أكتوبر/ تشرين أول 2023
يزداد اليوم المشهد السياسي الفلسطيني انقساماً، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ نحو 18 شهراً حتى الآن. راح ضحية الحرب حتى اليوم، أكثر من 50 ألف فلسطيني، وأصيب أكثر من 113 ألف.
يبرز الخلاف بين أكبر فصيلين: حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تحكم غزة منذ عام 2007، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، التي تحكم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية من خلال مؤسسات السلطة الفلسطينية.
ومع استمرار معاناة أهل القطاع، يستمر الفصيلان بتبادل اتهامات وتصريحات، في وقت ظهرت فيه أصوات تطالب حماس بالتنحي عن حكم غزة، كما اقترح البعض أن تحكم السلطة الفلسطينية عوضاً عنها.
تطرح هذه الأصوات أسئلة هامة: ما هي جذور وأسباب انقسام "البيت الفلسطيني" الذي يمنع وحدته، وما طبيعة العلاقة التاريخية بين هذين الفصيلين؟
ما الذي يمنع وحدة "البيت الفلسطيني"؟
الطرفان يُلقيان بالمسؤولية على بعضهما في الإجابة عن هذا السؤال
،
فيقول رئيس المكتب الاعلامي لحركة فتح، منير الجاغوب، في حديثه مع بي بي سي عربي، إنّ ما يمنع وحدة الفلسطينيين هو فكر حركة حماس الذي انطلقت به من الأساس "لمناكفة" منظمة التحرير منذ تأسيسها كجمعية إسلامية، واستمر حتى انطلقت الحركة رسمياً باسم حماس بحسب تعبيره، فهو قائم على "الاختلاف في كل البرامج".
ويضيف الجاغوب أنّ الاختلاف تعزّز بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ أوسلو عام 1993، لأنّ "باقي الفصائل الفلسطينية ذهبت باتجاه السلام مع إسرائيل باستثناء حماس".
في حين ترى حماس أن حركة فتح تستمر في "تجاهل صريح لآمال وتطلعات الشعب الفلسطيني"
،
وقال متحدث من حركة حماس لبي بي سي (دون ذكر الاسم لأسباب أمنية)، إنّ العديد من المشاورات واللقاءات حدثت بين حركتي فتح وحماس أثناء استمرار مفاوضات وقف إطلاق النار الأخيرة بين حماس وإسرائيل "لكن حتى هذه اللحظة لم يتم التوصل إلى قواسم مشتركة تفضي للإعلان عن اتفاق واضح، لكن تم التفاهم على الكثير من النقاط الخلافية (بين الحركتين الفلسطينيتين)".
وأشارت الحركة إلى أن هناك "تباينات وضغوطات خارجية، وخاصة أمريكية، على السلطة الفلسطينية"، وهو ما يعرقل التوصل لأي اتفاق.
يعلّق شرحبيل الغريب، رئيس منتدى العلاقات الدولية للحوار والسياسات، قائلاً إنّ اختلاف برامج الحركات الفلسطينية وإصرار كل منها على برنامجه، ورغبة كل طرف بفرض شروطه على الآخر، وغياب الإرادة السياسية، هو ما يمنع الوحدة الفلسطينية.
هل نحن أقرب اليوم، إلى الوحدة أم إلى الخلاف؟
يجيب منير الجاغوب، أنّ الفجوة مع حركة حماس "تكبر ولا تصغر"، مشيراً إلى أن "العالم كله" يطالب بعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، لكنّه يرى أن "حماس وإسرائيل ترفضان ذلك"، الأمر الذي يجعل "الفجوة واسعة" بين الحركتين، إذا "لم تدرك حماس الأهمية الوطنية لعودة السلطة إلى قطاع غزة".
برأي الجاغوب، وحتى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فإن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023 "دمّر كل الحالة الفلسطينية وانتقل الآن لتدمير الضفة الغربية". مشيراً إلى أنّ حركة حماس التي حاربت فتح لسنوات "عادت لتوقع اتفاقية في الدوحة - اتفاقية وقف إطلاق النار في يناير/ كانون ثاني 2025 - سقفها أقل من سقف اتفاق أوسلو، وأقل مما كانت تطرحه (حماس)".
أما حماس فقالت إنها "مع ترتيب البيت الفلسطيني، وإنها سعت وما زالت تسعى لذلك". وأكدت الحركة أنه "يجب على الجميع المشاركة في حكومة وحدة وطنية أو إدارة قطاع غزة في المستقبل القريب، ويجب على الجميع وضع الخلافات جانباً".
لكنّ شرحبيل الغريب يقول إنّ الوحدة الفلسطينية غير واردة اليوم، نظراً لاختلافات كثيرة أهمها ترتيبات "اليوم التالي" في غزة، والخلافات حول تشكيل حكومة وطنية.
هل كانت تفاصيل الصراع العربي- الإسرائيلي ستختلف بوحدة "البيت الفلسطيني"؟
يقول شرحبيل الغريب، إنّه بوجود استراتيجية فلسطينية موحدة لمواجهة تحديات الفلسطينيين باختلافهم، ستختلف المعادلة سياسياً وحقوقياً وميدانياً، فحينها "سيحسب المجتمع الدولي وإسرائيل ألف حساب للموقف الفلسطيني".
ويضيف أنّ الموقف الفلسطيني، والالتفاف العربي حول الفلسطينيين سيصبحان أكثر قوة. لذلك، يرى الغريب أنّ "أهمية العمل على هذا الأمر مهم ومُلّح ومطلوب في هذا الوقت الذي تواجه فيه القضية الفلسطينية محاولة تصفية".
"الموقف الفلسطيني يجب أن يكون موحداً لمعالجة وترميم آثار الحرب"، يقول الغريب.
كيف تشكلت الحركتان؟
في أواخر خمسينيات القرن الماضي، وبعد نحو عشر سنوات من الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 (التي تعرف عربياً بـ"النكبة" وإسرائيلياً بـ"حرب الاستقلال") عقد ستة أشخاص، أبرزهم ياسر عرفات، اللقاء التأسيسي الأول لحركة فتح، وصاغوا ما سُمّي آنذاك "هيكل البناء الثوري" و"بيان حركتنا".
وفي أواخر عام 1964، قررت فتح بدء "الكفاح المسلح"، ونفذت عدة عمليات ضد إسرائيل. وفي عام 1965 صدر البيان السياسي الأول للحركة، بهدف توضيح أن "المخططات السياسية والعسكرية للحركة لا تتعارض مع المخططات الرسمية الفلسطينية والعربية"، كما أكدت الحركة لاحقاً على ضرورة "التعبئة العسكرية".
وفي العام ذاته، أعلنت الحركة انطلاقتها "كيوم لتفجر الثورة الفلسطينية المعاصرة".
ومع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، عام 1965، دعت فتح في مجلتها "فلسطيننا"، ليكون كيان المنظمة "ذا مضمون ثوري، ومرتكزاً للثورة المسلحة، وليس بديلاً منها، وأن يكون التنظيم العسكري أساساً للكيان الفلسطيني".
وبعد حرب عام 1967 (التي تعرف عربيا بـ"النكسة" وإسرائيلياً بـ"حرب الأيام الستة")، تزايدت أعداد التنظيمات الفلسطينية المسلحة، وتزعمت حركة فتح المطالبة بتجديد منظمة التحرير، حتى أصبحت الحركة في تقدير الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر "أخلص الجماعات الفلسطينية، وأقدرها على تولّي قيادة منظمة التحرير"، بحسب وصف موقع المنظمة الرسمي.
وفي عام 1993، الذي كان فاصلاً في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وقّعت منظمة التحرير وإسرائيل اتفاقية أوسلو، وتأسست بعدها بعام السلطة الفلسطينية، برئاسة ياسر عرفات، لتكون إدارة حكم ذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
أما حركة حماس، فتأسست رسمياً، بالتزامن مع اندلاع الاحتجاجات في الضفة الغربية المحتلة وغزة، وبدء "الانتفاضة الفلسطينية الأولى" عام 1987، مع تصاعد النشاط السياسي لجماعة الإخوان المسلمين هناك.
تهدف حركة حماس، بحسب وثيقة المبادئ والسياسات العامة التي صدرت عام 2017، إلى "تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني" مؤكدةً على أن "مرجعيتها الإسلام".
Getty Images
ملصقات حركتي حماس وفتح معلقة بجانب بعضها في مخيم مار إلياس للاّجئين في بيروت، لبنان، 14 مايو/أيار 2024
الاختلافات الأيديولوجية وبداية الانقسام
تختلف الحركتان اختلافاً أيديولوجياً جذرياً، ويظهر أثر ذلك جلياً على علاقتهما بإسرائيل وكيفية التعامل معها.
فحركة حماس، تحمل فكر حركة الإخوان المسلمين التي انبثقت عنها، وتعرّف نفسها بأنها "حركة مقاومة فلسطينية إسلامية، مرجعيتها الإسلام في الأهداف والوسائل والمنطلقات".
ورغم أنها أشارت إلى استعدادها لقبول وجود دولة فلسطينية "مؤقتة" في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة فقط، إلا أنها تعارض وجود إسرائيل، وتقبل بهذه الدولة "المؤقتة" دون التنازل عن مطالبها بكامل "فلسطين التاريخية".
ولحماس، كتائب عز الدين القسام، جناحها العسكري الذي تأسس عام 1991، والذي خاض عدة معارك ضد إسرائيل منذ ذلك الحين، أبرزها هجوم 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023، حيث عبر أكثر من ألف مقاتل وهاجموا قواعد عسكرية إسرائيلية وعدة بلدات ومهرجان موسيقي. قُتل في الهجوم 1200 إسرائيلي، منهم مدنيون وأطفال، وخُطف 251 آخرين إلى غزة، حيث قامت الحركة بتسليم بعضهم لإسرائيل لاستبدالهم بمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ونفذت الكتائب عدة عمليات خطف وأسر جنود إسرائيليين منذ نشأتها. كما تمتلك القسام قوة أمن داخلي خاصة بها تسمى "المجد".
أما حركة فتح، التي تدير السلطة الفلسطينية منذ تأسيها، فتعرف نفسها بأنها "حركة تحرر وطني تمثل الشعب بطوائفه وطبقاته وقطاعاته"، ولم تحمل عند تأسيسها أيديولوجيا واضحة كالحركات الفلسطينية الأخرى - الإسلامية منها واليسارية، إذ تصف تركيبتها بالـ"فسيفسائية".
وهي الفصيل الأكبر في منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت بإسرائيل ووقعت معها اتفاقية أوسلو.
واليوم، أمام حركة حماس "الإسلامية"، بات البعض يعتبر فتح، "الاتجاه الوطني العلماني" الفلسطيني.
من يمثل الفلسطينيين؟
في عام 1974، تبنّت منظمة التحرير الفلسطينية برنامجاً يسمح بالتوصل لحلول وسطية مع إسرائيل، ما رفضته فصائل عدة كانت منضوية تحت جناح المنظمة، حيث انفصلت وشكلت جبهة القوى الفلسطينية الرافضة للحلول الاستسلامية أو ما عُرف بجبهة الرفض، التي تزعمتها "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".
تبنّت هذه الجبهة "المقاومة المسلحة، واعتبرت "العمل الفدائي في الداخل المحتل هو الأساسي، والعمل في الساحة الخارجية هو الرديف".
في العام ذاته، اعترفت جامعة الدول العربية بمنظمة التحرير بوصفها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" وقبلتها عضواً كاملاً في الجامعة، وأصبح ياسر عرفات أول "زعيم بدون دولة" يلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لكنّ الخلاف الحقيقي مع حركة حماس تحديداً
،
بدأ قبل التشكل الرسمي لحماس، مع بروز نشاط الإسلاميين في بداية الثمانينيات، إذ ظهرت بوادر الخلاف، الذي وُصِفَ حينها بالتنافسي داخل الجامعات، خاصةً حول المنطلقات الفكرية لكل طرف.
احتدم خلاف البيت الفلسطيني مع توقيع اتفاق أوسلو، ففي حين اختارت حركة فتح "طريق السلام"، واعترفت بوجود إسرائيل، وأقرت أن حدود الدولة الفلسطينية هي حدود عام 1967، واعترفت بكل القوانين والاتفاقيات الدولية التي تصب في ذلك الاتجاه، رفضت حماس هذا التحول.
واستمرت، حماس، بالتأكيد على عدم اعترافها بإسرائيل، معتبرةً جميع القرارات الدولية الخاصة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والاعتراف بإسرائيل كدولة، قرارات "غير شرعية"، ورفضت وقف عملياتها ضد إسرائيل، الأمر الذي اعتبرته فتح تهديداً لمشروعها السياسي.
زادت حدة التوتر بين الحركتين خلال السنوات التي تلت "أوسلو"، وانعكس الخلاف على الشارع الفلسطيني بوضوح. ففي نوفمبر/ تشرين ثاني عام 1994، دارت اشتباكات في مدينة غزة، بعدما دعت حماس لمسيرة تؤيد تنفيذ عملية عسكرية ضد إسرائيل، حيث فجر الشاب هشام حمد من الجناح العسكري للجهاد الإسلامي نفسه وسط جنود إسرائيليين قرب مستوطنة نتساريم السابقة في غزة، رداً على اغتيال إسرائيل القيادي في الحركة هاني عابد، وقتل في تلك العملية ثلاثة جنود إسرائيليين.
منعت السلطة الفلسطينية المسيرة، الأمر الذي أدى لاشتباكات بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، ومؤيدين لحماس، قُتل آنذاك عشرات الفلسطينيين، واتهم كلا الجانبين الآخر بالتسبب بالحادثة.
استمر الانقسام الفلسطيني بالتأزّم، ونفّذت الأجهزة الأمنية الفلسطينية حملات اعتقال واسعة ضد قادة وعناصر حماس بين عامي 1996 و2000، بررت تلك الاعتقالات بـ "تقويض الأمن" بحسب تصريحاتها الرسمية.
كذلك شكلت قضية التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل نقطة أخرى في الخلاف حول شرعية من "يمثل الفلسطينين"؛ فحماس لطالما اتهمت فتح "بملاحقة المقاومين" وطالبتها بالتوقف عن التنسيق الأمني والاستجابة لما وصفته بـ"النداءات الوطنية للشعب"، فيما قال مسؤولون في فتح "إن حماس تريد أن تُلهي الشارع الفلسطيني بمعارك هامشية" مدافعين عن التنسيق الأمني بوصفه "نوع من إدامة حياة الفلسطيني تحت الاحتلال، والتنسيق فيما يتعلق بالتصاريح والسفر وما إلى ذلك من أمور حياتية يومية" على حد قول المتحدث باسم حركة فتح إياد أبو زنيط سابقاً لبي بي سي.
تصاعد التوتر بشكل أكبر، عندما حققت حماس فوزاً بالأغلبية في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، حين قررت المشاركة في الانتخابات العامة، وشكلت حكومة برئاسة إسماعيل هنية.
رفضت فتح وبقية الفصائل الانضمام إلى الحكومة.
في مارس/آذار 2007 اتفقت الحركتان على تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد أشهر من الصراع والمواجهات وأعمال العنف. ثم أطاحت حماس بسلطة حركة فتح في قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007، حيث طردت القوات الأمنية الفلسطينية من القطاع بعدما أرغم رئيس السلطة الفلسطينية حماس على التنحي عن السلطة، ومنذ ذلك الوقت أصبح قطاع غزة تحت إدارة حركة حماس وحدها، الأمر الذي أدى إلى تعميق الخلاف الفلسطيني بشكل أكبر.
ورغم أنّ حماس، عدّلت وثيقتها الأساسية عام 2017، واعتبرت أنّ حدود الدولة الفلسطينية لعام 1967 "صيغة توافقية مشتركة"، إلاّ أنّها ما زالت تُصر على "تحرير كامل فلسطين"، مع أنه وردت كذلك تصريحات لقادتها وافقوا فيها على هدن طويلة الأمد في حال اعتماد دولة فلسطينية على حدود عام 1967.
هذه التفاصيل، توضح جلياً اختلاف نظرة الحركتين للمفاهيم التاريخية الفلسطينية المتعلقة بـ "المقاومة والكفاح المسلح". فرغم أنّ حركة فتح، بدأت كحركة "مقاومة مسلحة"، ومع تمسكها بأحقية "الشعب الفلسطيني بالنضال بكافة الأشكال"، إلا أن قادتها يقدّمون خيار "النضال السلمي"، باستخدام ما منحته إياهم المعاهدات والاتفاقيات الدولية من حقوق لإقامة دولتهم.
أما حماس، فتُعلي شأن "المقاومة المسلحة" ضد إسرائيل، وهو ما باتت السلطة الفلسطينية اليوم تلتزم بمنعه والحد منه، بموجب اتفاقية أوسلو، حيث أدانت السلطة مراراً قتل الإسرائيليين.
وهناك اختلاف جوهريٌ آخر، يتعلق بمسألة: من يمثل الفلسطينيين؟
حركة حماس ليست عضواً في منظمة التحرير الفلسطينية، التي تأسست عام 1964 بهدف "إعادة تنظيم الشعب الفلسطيني وإبراز كيانه شعباً موحداً"، بينما فتح هي العضو الأبرز فيها.
ورغم ذلك، تعترف حماس بالمنظمة كإطار يمثل الفلسطينين، مع ضرورة تطويرها وإعادة بنائها بما يسمح لانضمام الفصائل المختلفة.
في حين ترى حركة فتح بأن منظمة التحرير الفلسطينية، وإن كانت لا تشمل حماس، فهي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني وخياراته.
محاولات المصالحة
بعد احتدام خلاف حماس مع السلطة الفلسطينية عام 1994، كانت هناك محاولات مصالحة أيضاً،
فما أبرز هذه المحاولات؟
توسطت عدة دول عربية لاجراء حوار بين الطرفين عام 2006. وفي عام 2007، استضافت السعودية حواراً نتج عنه تشكيل حكومة وحدة وطنية لإنهاء أشهُر من الاشتباكات المتقطعة في غزة، لكن سرعان ما انهار هذا الاتفاق، واندلعت اشتباكات شديدة بين الحركتين، أقامت حماس على إثرها حكومة منافسة في غزة، في حين تدير حكومة السلطة الفلسطينية وفتح المناطق غير الخاضعة لإسرائيل في الضفة الغربية المحتلة.
جرت بعد ذلك جهود مصالحة جديدة في اليمن، ومن ثم في القاهرة، لكنها تعثرت مجدداً إثر احتجاج حماس على اعتقال السلطة الفلسطينية نشطاء منتمين لها في الضفة الغربية.
وفي عام 2011، اتفقت الحركتان في محادثات على إصلاح حكومة الوحدة الوطنية وإجراء انتخابات جديدة، فيما يعرف باتفاق القاهرة، لكن الاتفاق لم يتم تنفيذه عملياً.
وبعد عام، في قطر هذه المرة، وقعّت فتح وحماس اتفاقاً لتشكيل حكومة وفاق وطني، ثم تبادلتا الاتهامات حول المتسبب في تأجيل تنفيذ هذا الاتفاق.
عام 2014، حاول الطرفان التوصل إلى اتفاق مصالحة جديد تشكّل بموجبه حكومة وحدة وطنية.
وصل وفد من فتح إلى غزة، وسارت الأمور بشكل إيجابّي حتى أنّ الحركتين توافقتا على رامي الحمدلله رئيساً للحكومة الجديدة، وكلفتاه بتشكيل حكومة تسيير أعمال .
لكن، تعثرت المصالحة بعد وقوع انفجارات متزامنة استهدفت منازل قيادات في حركة فتح في قطاع غزة في العام ذاته، وحملّت فتح قيادة حماس المسؤولية، فيما نفت الأخيرة ضلوعها في تلك التفجيرات، ووصفتها بـ "الحادث الإجرامي".
استقالت بعد ذلك حكومة الوحدة الوطنية، وعاد الخلاف بين الطرفين للتصاعد بعد اتهامات حماس للسلطة باعتقال عناصر لها في الضفة الغربية مجدداً.
عام 2017، وقعّت الحركتان اتفاق مصالحة وصفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس "بالاتفاق النهائي" الذي ينهي الانقسام الفلسطيني.
واتفقت فتح وحماس على تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها والقيام بمسؤوليتها الكاملة في إدارة شؤون قطاع غزة.
لكنّ حادثة استهداف موكب رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، في قطاع غزة خلال شهر مارس/ آذار عام 2018، كانت صادمة للشارع الفلسطيني، وأثرت على جهود المصالحة، لا سيما بعد اتهام السلطة الفلسطينية المباشر لحركة حماس بوقوفها وراء الحادث.
حماس أدانت الانفجار في وقتها، ووصفته بمحاولة "العبث بأمن قطاع غزة".
توالت الخلافات بعدها حول قضايا تنفيذية وإدارية وعاد تراشق الاتهامات. أبرز تلك الخلافات تمحور حول المعابر ورواتب الموظفين في غزة والذمم المالية للحكومة.
اشتد الخلاف مجدداً بعد السابع من أكتوبر/تشرين أول عام 2023، فرغم أنّ حركة فتح، قدمت تعازيها وعبرت عن تضامنها مع حماس بعد اغتيال وقتل اسرائيل لعدة قادة منها خلال الحرب، لكنها كذلك حمّلت حماس في عدة تصريحات مسؤولية ما آلت إليه الأمور في غزة.
ودعا مؤخراً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حركة حماس إلى إطلاق سراح الرهائن والتخلي عن مسؤوليتها عن قطاع غزة، وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية، والتحول إلى حزب سياسي، فيما اتهمت حماس عباس بالـ"الاستمرار في انتهاك شرعية التمثيل الوطني الفلسطيني".
وقال محمود عباس، في مايو/ أيار 2024 في اجتماع الجامعة العربية في المنامة: "حماس نفذت العملية العسكرية في 7 أكتوبر بقرار منفرد، ووفرت لإسرائيل المزيد من الذرائع لمهاجمة غزة".
في المقابل، وعلى الرغم من تصريحات إيجابية سابقة لقادة حماس تجاه رموز حركة فتح وأبرزهم ياسر عرفات، لكنّ الحركة اتهمت السلطة الفلسطينة في عدة مواقف بأنها تتخذ قرارات فردية دون إجماع وطني وتعمّق الانقسام، آخرها تكليف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى بتشكيل حكومته في مارس/آذار 2024، إلى جانب اتهام السلطة الفلسطينية بأنها تقوم بأفعال تخدم إسرائيل.
استمرت محاولات المصالحة حتى يوليو/تموز من عام 2024، حيث أعلن عن الوثيقة الثالثة عشر بين الحركتين، التي عرفت باسم "اتفاق بكين".
هدفت الوثيقة إلى وحدة وطنية شاملة تضم كافة القوى والفصائل الفلسطينية في إطار منظمة التحرير، ثم جرى لاحقاً لقاء في موسكو، بدعوة رسمية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لرعاية المصالحة الفلسطينية.
إلا أنّ المواجهات تجددت بين الطرفين، بعدما أطلقت السلطة الفلسطينية عملية أمنية كبرى في نهاية 2024 في مخيم جنين للاجئين، مستهدفة الجماعات المسلحة هناك، وحاصرت خلالها المخيم، ووقعت اشتباكات مسلحة طالت مدنيين. يتبادل الطرفان الاتهامات بخصوص المسؤولية عن مقتلهم.
قالت السلطة الفلسطينية إنّ العملية تهدف "لحفظ الأمن والسلم الأهلي، وبسط سيادة القانون في مخيم جنين"، فيما وصفت حماس العملية الأمنية في المخيم "بالجريمة التي تخدم إسرائيل".
وفي أواخر يناير/كانون ثاني 2025، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية سماها "السور الحديدي" في مدينة جنين ومخيمها، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
اتهمت حماس، أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بـ"المشاركة" في العملية، واستنكرت ما وصفته بـ "تواصل نزيف الدم الفلسطيني على يد أجهزة السلطة في الضفة الغربية".
ثم استنكرت فتح كذلك، ما وصفته بـ "المواقف والتصريحات الغريبة التي تصدر عن حركة حماس"، مضيفة أنها "تنم عن تناقض واضح في توجهاتها وسياستها".
وقالت فتح، إن حماس أبدت "مرونة غير مسبوقة وتنازلات كبيرة" لإسرائيل للوصول إلى تفاهمات "تحفظ سلطتها في قطاع غزة"، بينما تصر على "منح كل مبررات تدمير الضفة الغربية".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 5 ساعات
- الوسط
"المزاج يتغير": تصاعد الأصوات الإسرائيلية الغاضبة من حرب غزة
Getty Images متظاهرون مناهضون للحرب يحملون صور أطفال فلسطينيين قُتلوا في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بينما تدخل الحرب الإسرائيلية في غزة مرحلة جديدة من العنف، تتصاعد الأصوات الرافضة لها في إسرائيل، وللطريقة التي تتعامل بها الحكومة. وكان يائير غولان، السياسي اليساري البارز ونائب القائد السابق للجيش الإسرائيلي، قد أشعل موجة غضب يوم الاثنين عندما قال: "إسرائيل تسير نحو أن تُصبح دولة منبوذة، كما حدث مع جنوب أفريقيا، إذا لم نعد إلى رشدنا كدولة". وأضاف أثناء حديثه في برنامج إخباري صباحي في إذاعة إسرائيل: "الدولة العاقلة لا تخوض حرباً ضد مدنيين، ولا تمارس قتل الرضّع كهواية، ولا تتبنى هدفاً يتمثل في إجلاء السكان من مناطقهم". وردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تلك التصريحات، ووصفها بأنها "محض افتراء". أما موشيه "بوغي" يعالون، وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، فذهب لما هو أبعد من ذلك في تصريحاته. وقال في منشور على منصة إكس يوم الأربعاء: "ما يحدث ليس 'هواية'، بل سياسة تتبعها الحكومة، وغايتها النهائية هي التشبث بالسلطة، تلك السياسة تجرّنا نحو الدمار". هذه التصريحات كان لا يمكن تصوّرها، قبل 19 شهراً فقط، عندما اجتاز مسلحو حركة حماس السياج الحدودي إلى داخل إسرائيل وقتلوا نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، بحسب بيانات الحكومة الإسرائيلية، واحتجزوا 251 رهينة آخرين في غزة. أما الآن، فغزة غارقة في الدمار، وأطلقت إسرائيل هجوماً عسكرياً جديداً، وعلى الرغم من إعلانها الموافقة على إنهاء الحصار الذي دام 11 أسبوعاً، فإن المساعدات التي وصلت حتى اللحظة لا تزال ضئيلة جداً. وكشف استطلاع رأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية مؤخراً أن 61 في المئة من الإسرائيليين يرغبون في إنهاء الحرب وضمان عودة الرهائن، في حين يؤيد 25 في المئة فقط تصعيد العمليات العسكرية واحتلال غزة. وتصر إسرائيل على تدمير حماس وإنقاذ الرهائن المتبقين، كما يصرّ نتنياهو على قدرته على تحقيق "انتصار كامل"، معتمداً في ذلك على قاعدة دعم شعبية قوية لا تزال متمسكة به. لكن الشعور السائد بين فئات أخرى داخل المجتمع الإسرائيلي هو "الإحساس باليأس والصدمة، وغياب الشعور بالقدرة على إحداث أي تغيير"، وفقاً لما قاله غيرشون باسكين، المفاوض الإسرائيلي السابق في قضايا الرهائن. وأضاف: "الغالبية العظمى من عائلات الرهائن ترى جميعها أن الحرب يجب أن تنتهي، مع ضرورة التوصل إلى اتفاق". كما ترى نسبة ضئيلة أن الهدف الرئيسي يجب أن يكون القضاء على حماس أولاً، ثم تحرير الرهائن. Getty Images يطالب متظاهرون بوقف إطلاق النار وإعادة الرهائن الإسرائيليين وشهد يوم الأحد خروج نحو 500 متظاهر، العديد منهم يرتدون قمصاناً تحمل عبارة "أوقفوا الرعب في غزة"، ورفعوا صوراً لأطفال قُتلوا في الضربات الجوية الإسرائيلية، ونظموا مسيرة من مدينة سديروت إلى الحدود مع غزة، احتجاجاً على الهجوم العسكري الجديد لإسرائيل. ونظمت التظاهرة مجموعة تُطلق على نفسها "الوقوف معاً"، وهي مجموعة صغيرة يتزايد عددها من مواطنين يهود وفلسطينيين داخل إسرائيل يعارضون الحرب، وسعوا إلى إغلاق طريق، واعتُقل قائد المجموعة، ألون-لي غرين، وثمانية آخرون. وقال غرين لبي بي سي: "أعتقد أنه من البديهي ملاحظة وجود صحوة بين الإسرائيليين، وملاحظة تبني المزيد من الأشخاص لموقف صريح". ولفت أوري فيلتمان، أحد نشطاء مجموعة "الوقوف معاً"، إلى أنه يعتقد أن ثمة قناعة تتزايد بأن استمرار الحرب "لا يضر المدنيين الفلسطينيين فحسب، بل يعرض حياة الرهائن، وحياة الجنود، وحياة الجميع منا للخطر". جدير بالذكر أن الآلاف من قوات الاحتياط الإسرائيلية، من مختلف أسلحة الجيش، وقّعوا في شهر أبريل/نيسان الماضي، رسائل تطالب حكومة نتنياهو بوقف المعارك والتركيز على التفاوض من أجل إعادة الرهائن المتبقين. وعلى الرغم من ذلك تتفاوت وجهات النظر الأخرى بين الكثيرين في إسرائيل. وأجرت بي بي سي، عند معبر كرم أبو سالم المؤدي إلى غزة، يوم الأربعاء، مقابلة مع غيديون هاشافيت، عضو في مجموعة تحتج على السماح بدخول المساعدات. ووصف الموجودين في غزة بأنهم "ليسوا أبرياء، لقد اتخذوا قرارهم، عندما اختاروا الانتماء إلى منظمة إرهابية". وأعلنت المملكة المتحدة، الثلاثاء، فرض عقوبات جديدة على بعض من أكثر الفئات تطرفاً في المجتمع الإسرائيلي، وهي جماعات المستوطنين. وفي أقوى إجراء اتخذته حتى الآن، أوقفت المملكة المتحدة محادثات متعلقة باتفاقية تجارية مع إسرائيل واستدعت سفير الدولة، كما وصف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، التصعيد العسكري في غزة بأنه "غير مبرر أخلاقياً". كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن مراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، التي تحكم العلاقات السياسية والاقتصادية بينهما، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية، كايا كالاس، إن "أغلبية قوية" من الأعضاء يؤيدون إعادة النظر في هذه الاتفاقية التي مضى عليها 25 عاماً. وشاركت أيضاً المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، يوم الاثنين، في توقيع بيان مشترك شديد اللهجة، يدين العمليات العسكرية الإسرائيلية، ويحذر من "اتخاذ مزيد من الإجراءات الحاسمة" في حال عدم تحسّن الوضع الإنساني في غزة. وقال فيلتمان: "الأجواء تتغير، والرياح بدأت تعصف في الاتجاه المعاكس".


الوسط
منذ 17 ساعات
- الوسط
"يجب وضع حدّ لهذا الصمت المُطبق حيال ما يحدث في غزة"- الإندبندنت
Getty Images أدى تفاقُم الأوضاع الإنسانية في غزة إلى إعلان عدد من العواصم الغربية أخيراً عن رفضها لاستمرار تلك الأوضاع، وقد ترددت أصداء هذا الموقف الغربي في عدد من أعمدة الرأي العالمية، ونستعرض في جولة الصحف لهذا اليوم بعضاً من تلك الآراء. نستهل جولتنا من الإندبندنت البريطانية، والتي نشرت افتتاحية بعنوان: "أخيراً الغرب يتحدث بصوت عالٍ عن غزة- لكن لا يجب أن يتوقف الأمر عند ذلك". وقالت الصحيفة إنه "يجب وضع حدّ لهذا الصمت المُطبق حيال ما يحدث في غزة، وإن الوقت قد حان للحديث بصوت عالٍ"؛ على أن يكون هذا الحديث مصحوباً بنشاط دبلوماسي قوي، مع التركيز على إقناع واشنطن بخطورة وأهوال ما يقع في القطاع الفلسطيني. ورأت الإندبندنت أن الأوضاع في غزة تُعطي دافعاً أخلاقياً وإنسانياً لإدارة ترامب لكي تتخذ موقفاً، كما تعطي أيضاً دافعاً سياسياً ودبلوماسياً قد يجده الرئيس الأمريكي والدائرة المحيطة به أكثر إقناعاً- وهو أن "تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تصُبّ في مصلحة أمريكا"، بحسب الصحيفة. وأوضحت الإندبندنت أن الحرب في غزة الآن يبدو أنها تستهدف تسوية القطاع بالأرض وإجبار أهله على النزوح منه، على نحو يستحيل معه تحقُّق طموح ترامب فيما يتعلق بتوسيع نطاق اتفاقيات أبراهام والاعتراف الرسمي بإسرائيل من قبل أصدقاء ترامب في دول الخليج، على حدّ تعبير الصحيفة. وقالت الإندبندنت إنه على الرغم من الصفقات المثمرة- العامة والخاصة- التي أبرمها ترامب في الخليج، فإن "المنطقة لن تنعم أبداً بالاستقرار ما لم تنتهِ الحرب في غزة". كما أن الاستثمارات الأمريكية في كل من السعودية والإمارات وقطر لن تكون آمنة، فضلاً عن أن الاتفاق النووي مع إيران سيكون مستحيلا، وفقاً للصحيفة. ونبّهت الإندبندنت إلى أن الرئيس ترامب أظهر قدرة على اتخاذ موقف مستقل إزاء الحوثيين في اليمن، وعلى صعيد العلاقات مع القيادة السورية الجديدة بل وحتى على الصعيد الإيراني- وكلها مواقف لا تروق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو؛ "أما على صعيد غزة، فإن الرئيس الأمريكي لم يُحرّك ساكناً بعد"، على حدّ تعبير الصحيفة. وحذّرت الإندبندنت من أن المأساة في غزة قد تُسفر قريباً عن موجة من هجرة آلافٍ عديدة من الفلسطينيين إلى الغرب بحثاً عن حياة جديدة- فيما يُعتبر دافعاً آخر ومُبرّراً قوياً لإنهاء الحرب في غزة فوراً. ولفتت الصحيفة البريطانية إلى تدابير أخرى يمكن أن يتّخذها المجتمع الدولي في هذا الصدد- ومنها "الحدّ من تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة"، وهناك أيضاً، "مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية" والتي يمكن أن تُطرَح أكثر للنقاش المفتوح، في إطار حلّ الدولتين، وفقاً للإندبندنت التي أشارت كذلك إلى خيار الضغوط الاقتصادية على حكومة نتنياهو. ورأت الصحيفة أنه سيكون مفيداً في هذا الصدد، أن يكسِب الساسة البريطانيون ونظراؤهم حول العالم، الجدال مع نتنياهو بشأن الحرب في غزة- بالإشارة إلى أنه "لم ينجح في إطلاق سراح الرهائن بسرعة؛ ولم يكسر حركة حماس ولا هو أنهى تماماً تهديد الهجمات الإرهابية؛ وأنه (نتنياهو) ربما نجح في التخلّص من عدد من قيادات حماس، لكن ذلك لم يأتِ نتيجة للقصف العشوائي وإنما نتيجة لسياسة الاغتيالات". "وليقُل الساسة البريطانيون لنتنياهو إن حربه في غزة لم تتسبب فقط في كارثة إنسانية مستمرة، وإنما فشلت في تحقيق أهدافها المُعلَنة؛ كما تركت هذه الحرب الشعب الإسرائيلي أقلّ أماناً مما كان عليه قبلها- وهذا في حدّ ذاته ينبغي أن يكون أكبر تُهمة توجّه إلى نتنياهو"، وفقاً للصحيفة البريطانية. "أقلّ ما يمكن فِعلُه في سبيل تحقيق السلام" AFP وننتقل إلى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية والتي نشرت افتتاحية بعنوان "المساعدات الإنسانية تعود إلى غزة- وحماس". وقالت الصحيفة إن "إسرائيل أعادت تدفُّق المساعدات إلى غزة يوم الاثنين رغم إدراكها الكامل بأن الكثير من هذه المساعدات ستسرقه حركة حماس، وبأن بعض الإمدادات ستُباع مُجدداً للناس، بما يموّل المجهود الحربي لحماس ويساعدها في البقاء في حُكم القطاع". ونوّهت وول ستريت جورنال إلى أن إسرائيل كانت قد سهّلت دخول 25 ألف شاحنة مُحمّلة بالمساعدات الإنسانية أثناء الهدنة التي انتهت في 18 مارس/آذار، وأنها كانت واثقة أن غزة لديها إمدادات تكفيها لمدة تتراوح بين خمسة إلى سبعة أشهر، لكن بعد أن "سرقت حماس المساعدات"، ظهر نقص الإمدادات بشكل واضح بعد ثلاثة أشهر فقط، وفقاً للصحيفة الأمريكية. "فماذا كان للعالم أن يفعل- هل يضغط على حماس لإعادة ما سرقته؟ أم يضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المزيد لحماس لكي تسرقه؟ الإجابة دائما تأتي باختيار الشق الثاني من السؤال، رغم ما يعنيه ذلك من إطالة زمن الحرب"، بحسب الصحيفة. ورأت وول ستريت جورنال أنه "ينبغي أن يكون من مصلحة الجميع ألّا تصل المساعدات إلى أيادي حماس"، قائلة إن "التوقف عن تزويد الإرهابيين بالإمدادات هو أقل ما يمكن للمنظمات الحقوقية أن تفعله في سبيل تحقيق هدف السلام"، وفقاً للصحيفة الأمريكية. غولان "نطق بحقيقة غير مريحة للأُذن الإسرائيلية" Reuters عضو الكنيست الإسرائيلي وزعيم حزب الديمقراطيين المعارض يائير غولان. ونختتم جولتنا من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وافتتاحية بعنوان "الحقيقة المزعجة هي أن يائير غولان مُحقّ بشأن ما أصبحت عليه إسرائيل". وقالت هآرتس إن عضو الكنيست الإسرائيلي وزعيم حزب الديمقراطيين المعارض يائير غولان "نطق بحقيقة غير مريحة للأُذن الإسرائيلية". ورأت الصحيفة أن "هذا هو التفسير الأكثر دقّة للهجوم الذي يتعرض له غولان من كل الطيف السياسي الإسرائيلي تقريباً- من أقصى اليمين إلى الوسط المعتدل، بعد أنْ أدلى بتصريحاته يوم الثلاثاء". ونقلت هآرتس بعضاً مما قاله غولان من أن "إسرائيل على الطريق لكي تصبح دولة منبوذة، على نحو ما كانت عليه جنوب أفريقيا ذات يوم، إذا هي لم تعُد وتتصرف كدولة عاقلة.. وإن الدول العاقلة لا تشنّ حرباً ضد مدنيين، ولا تقتل أطفالاً رُضّع كهواية ولا تضع لنفسها أهدافاً من قبيل طرد الشعوب". وأكدت هآرتس أن الحقيقة التي انطوت عليها هذه التصريحات هي بالضبط السبب وراء الهجوم الشامل الذي تعرض له صاحبها- غولان. ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو، الذي يعرف الجميع علاقته بهذه الحقيقة التي نطق بها غولان، اتّهم الأخير بالـ "تحريض ضد الجنود الإسرائيليين وضد دولة إسرائيل". كما حذّر وزير الخارجية جدعون ساعر من أن تصريحات غولان من شأنها أن "تغذّي نيران معادات السامية". أيضاً، وزير الدفاع يسرائيل كاتس وصف تصريحات غولان بأنها "افتراء دموي وضيع"، مطالباً بإقصاء صاحب هذه التصريحات من الحياة العامة. ووزير الاتصالات شلومو كرعي هو الآخر اتهم النائب يائير غولان بأنه "إرهابي"، وفق الصحيفة. ولفتت هآرتس إلى وصول هيستريا الهجوم على غولان إلى خطوط المعارضة؛ فاتهم أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا غولان بالإضرار بالأمن القومي الإسرائيلي. وقال زعيم حزب الوحدة الوطنية بِيني غانتس إن تصريحات غولان "تضع حرية الجنود الإسرائيليين في خطر". كما سارع زعيم حزب هناك مستقبل، يائير لابيد إلى الإعلان عن أن "القول إن الجنود الإسرائيليين يقتلون الأطفال الرُضّع كهواية هو خطأ وهديّة لأعداء إسرائيل". ونبّهت هآرتس إلى أن "الةقل التي تناضل من أجل إنهاء الحرب تخضع للاضطهاد ولتكميم الأفواه"، مشيرة إلى أن تسعة ناشطين أُلقي القبض عليهم هذا الأسبوع لأنهم تظاهروا احتجاجاً على استمرار الحرب. وطالبت الصحيفة بإطلاق سراح هؤلاء المحتجزين على الفور، قائلة إن "الطريق الوحيد للدفاع عن الحق هو: الانضمام لهؤلاء الذين تجرّأوا ونطقوا به؛ والدعوة إلى إنهاء الحرب والقتل؛ وإلى إطلاق سراح الرهائن".


الوسط
منذ 2 أيام
- الوسط
حرب غزة: هل هناك بوادر شقاق بين إسرائيل والدول الغربية الحليفة لها؟
Getty Images في تطور جديد بشأن الموقف الدولي بخصوص حرب غزة، علقت المملكة المتحدة المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة يوم الثلاثاء 20 مايو/ أيار. وفي حديثه أمام مجلس العموم، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي: "لقد علّقنا المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة. سنراجع التعاون معها بموجب خارطة الطريق الثنائية 2030، وإنّ "تصرفات حكومة نتنياهو جعلت هذا الأمر ضرورياً". كما أعلنت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، استدعاء سفيرة إسرائيل تسيبي حوتوفلي في البلاد على خلفية توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة. وأشارت إلى أنه "من غير الممكن إحراز تقدم في المناقشات بخصوص اتفاقية تجارة حرة جديدة ومحدثة مع حكومة نتنياهو التي "تنتهج سياسات فظيعة في الضفة الغربية وغزة". وأكد لامي أن أسلوب إدارة الحرب في غزة يضر بالعلاقات مع حكومة إسرائيل. في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية رفضها الشديد لقرار الحكومة البريطانية تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين وفرض عقوبات على عدد من سكان المستوطنات في الضفة الغربية. وقالت الوزارة في بيان رسمي إن "المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة لم تشهد أي تقدم يُذكر في الفترة الأخيرة بسبب عدم تجاوب الحكومة البريطانية، رغم أن الاتفاق كان من شأنه أن يعود بالنفع المتبادل على كلا الطرفين". وأضاف البيان: "إذا كانت الحكومة البريطانية، بدافع مواقف معادية لإسرائيل واعتبارات سياسية داخلية، مستعدة للإضرار بمصالحها الاقتصادية، فهذا قرار تتحمّل مسؤوليته بنفسها". واعتبرت الخارجية الإسرائيلية أن "فرض العقوبات على سكان يهودا والسامرة (الضفة الغربية) خطوة غير مبررة ومؤسفة، خاصة في ظل تصاعد الهجمات الإرهابية". واختتم البيان بالتشديد على أن "الانتداب البريطاني انتهى قبل 77 عاماً، وأن أي ضغوط خارجية لن تثني إسرائيل عن الدفاع عن وجودها وأمن مواطنيها في مواجهة التهديدات المستمرة". كان قادة كل من بريطانيا وفرنسا وكندا هددوا يوم الاثنين 19 مايو/ أيار باتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل إذا لم توقف حملتها العسكرية على قطاع غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية. وذكر بيان مشترك للدول الثلاث نشرته الحكومة البريطانية أن "منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكان المدنيين أمر غير مقبول وينتهك القانون الإنساني الدولي". وجاء في البيان أنه "إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري الجديد وترفع القيود التي تفرضها على المساعدات الإنسانية، سنتخذ إجراءات ملموسة أخرى ردا على ذلك". وقال القادة الثلاثة في البيان المشترك "دعمنا دوما حق إسرائيل في الدفاع عن الإسرائيليين ضد الإرهاب. لكن هذا التصعيد غير متناسب على الإطلاق". وأضافوا أنهم لن يقفوا متفرجين بينما تواصل حكومة نتنياهو "هذه الأعمال الفظيعة". وعبروا أيضا عن دعمهم للجهود التي تقودها الولايات المتحدة وقطر ومصر من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وقالوا إنهم ملتزمون بالاعتراف بدولة فلسطينية كمساهمة في تحقيق حل الدولتين. وفيما يتعلق بالأنشطة الاستيطانية، قالت الدول الثلاث إنها "نعارض أي محاولة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية… ولن نتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات، بما في ذلك فرض عقوبات محددة الهدف". يأتي تحرك الدول الثلاث بعد إعلان نتنياهو أن إسرائيل ستسيطر على قطاع غزة بأكمله وبعد يومين من بدء الجيش الإسرائيلي عملية جديدة في القطاع. كما يأتي أيضا بعد تحذيرات دولية من نذر مجاعة تلوح بالفعل في قطاع غزة بسبب استمرار إسرائيل منع دخول المساعدات إليه. نتنياهو يرد Getty Images وفي رده على بيان الدول الثلاث قال نتنياهو إن "القادة في لندن وأوتاوا وباريس يعرضون جائزة ضخمة للهجوم على إسرائيل بهدف الإبادة في السابع من أكتوبر تشرين الأول، ويدعون إلى المزيد من هذه الفظائع". وأضاف نتنياهو أن إسرائيل ستدافع عن نفسها بالوسائل العادلة حتى تحقيق النصر الكامل، مؤكدا شروط إسرائيل لإنهاء الحرب والتي تشمل إطلاق سراح الرهائن المتبقين ونزع السلاح من قطاع غزة. كانت إسرائيل منعت دخول الإمدادات الطبية والغذائية والوقود إلى غزة منذ بداية شهر مارس/ آذار في محاولة للضغط على حركة حماس لتحرير الرهائن المحتجزين منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عندما قادت الحركة هجوما على بلدات في جنوب إسرائيل. يأتي هذا في وقت أفادت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغت إسرائيل بأنها ستتخلى عنها إذا لم تُنه حرب غزة. ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على المناقشات قوله، شرط عدم الكشف عن هويته، إن فريق ترامب أبلغ إسرائيل أنه "سنتخلّى عنكم إذا لم تنهوا هذه الحرب". في المقابل ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل" أن السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، نفى هذا الادعاء، قائلاً لموقع واي نت الإخباري: "تقاريرهم هراء. عليهم أن يستمعوا إلى ما يقوله الرئيس لا إلى ما يدّعيه مصدرغير مطلع". وأضاف مسؤول أمريكي كبير لموقع "تايمز أوف إسرائيل" أنه على الرغم من احتمال وجود خلافات بين إدارة ترامب وإسرائيل، فإن "فكرة التخلي عن إسرائيل سخيفة". استمرار المأساة الإنسانية Getty Images في غضون ذلك، حذّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثية، توم فليتشر، من أنّ حوالي 14 ألف رضيع قد يموتون في غزة في غضون الـ 48 ساعة المقبلة إذا لم يحصلوا على مساعدات إغاثية. وكان المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يانس لايركه، أعلن أن المنظمة الدولية حصلت من إسرائيل على إذن بإدخال "نحو 100 شاحنة" مساعدات إلى قطاع غزة، لكنه لم يحدد موعدا لدخولها. وسمحت إسرائيل بدخول 9 شاحنات تحمل مساعدات تابعة للأمم المتحدة إلى قطاع غزة يوم الاثنين، وهو ما وصفه مسؤول الشؤون الإنسانية بالمنظمة الدولية بأنه "قطرة في محيط" بعد 11 أسبوعا من الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل. من جانبه قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين، إن 5 شاحنات تابعة للأمم المتحدة تحمل مساعدات إنسانية من بينها أغذية للأطفال سُمح لها بدخول قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم. وقال نتنياهو يوم الاثنين إن على إسرائيل تفادي حدوث مجاعة في غزة "لأسباب دبلوماسية". وأضاف نتنياهو، في مقطع مصور نشر على قناته على منصة تلغرام، "يجب ألا نسمح للسكان (في غزة) بالانزلاق نحو المجاعة، وذلك لأسباب عملية ودبلوماسية على السواء"، مشيراً إلى أن حتى الداعمين لإسرائيل لن يكونوا متسامحين مع "مشاهد المجاعة الجماعية". برأيكم لماذا جاء الموقف الجديد للدول الثلاث في هذا التوقيت؟ هل هناك تنسيق أوروبي أمريكي ما لزيادة الضغط على نتنياهو؟ إلى أي مدى ستنجح الضغوط الأوروبية والأمريكية في إنهاء الأزمة الإنسانية والحرب في غزة؟ هل بدأ حلفاء إسرائيل النأي بأنفسهم عنها بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة؟ سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 21 مايو/ أيار. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب