
فيلم "Novocaine"… يحاول المزج بين الكوميديا والخيال
في آخر عروض "سينيكو"، شاهدت فيلم الأكشن الجديد Novocaine الذي يطرح فكرة غريبة بطابع ساخر، بطل يعاني من متلازمة نادرة تجعله غير قادر على الشعور بالألم. المفارقة أن هذه الحالة موجودة فعلاً في الواقع، وهو ما أثار دهشتي بعد انتهاء الفيلم. لكن السؤال الذي يطرحه الفيلم دون قصد هو: هل غياب الألم ميزة أم عبء خفي؟
تكمن إشكالية الفيلم الأساسية في أنه يسير وفق قوالب جاهزة، بدل أن تنمو القصة بشكل عضوي من نوع الفيلم. التصنيف هنا يُفرض فرضاً، بحيث تتحكم فكرة "الأكشن الكوميدي" بمسار الأحداث بشكل مبالغ فيه، فيُنتج مشاهد تفتقر إلى المنطق فقط من أجل إرضاء جمهور النوع.
شخصيًا، أجد متعة أكبر في الأفلام التي تكسر التوقعات وتسوّق لنفسها بطريقة غير تقليدية، كأن يُصنّف عمل درامي على أنه كوميدي بطريقة غير مباشرة. أما أن نشاهد شخصية تنهض من موت مؤكد لتوجه ضربة "خارقة" بهدف تحقيق لحظة أكشن نمطية، فهذا "رغم الإبهار البصري" يُفقد القصة عمقها ويجعل التجربة مفتعلة أكثر مما هي ممتعة.
في النصف ساعة الأولى من فيلم Novocaine، نُلقى في قلب عالم بطل يعاني من حالة عصبية نادرة تمنعه من الإحساس بالألم. هذه "الهدية الملعونة" تجعله يفتقر لما يمكن وصفه بجهاز إنذار داخلي، وهو ما يحول حياته إلى مزيج مرعب من اللامبالاة الجسدية والتحديات اليومية. المفارقة أن هذا القيد الجسدي يتحول إلى نوع من "القوة الخارقة"، تتيح له مواجهة المواقف دون خوف من العواقب... أو هكذا يبدو.
جاك كوايد في دور البطولة يقدم أداءً مزيجاً من الطرافة والعاطفة، مع لمسة من الأكشن الراقص أقرب ما تكون إلى أسلوب جون ويك في القتال، لكن مع نكهة خفيفة الظل. ينجح كوايد في إدخال طابعه الخاص على الشخصية، ما يمنح الفيلم جرعة كوميديا تلقائية غير مصطنعة.
الفيلم يبدأ بإيقاع محسوب، يبني عالمه الخاص ويقدّم شخوصه بهدوء. ثم، وبشكل مفاجئ، يتحول المسار من رومانسية كوميدية إلى أكشن صاخب. هذا التحول المفاجئ كان مبشّرًا، لكنه لم يُبْنَ عليه بشكل متوازن، مما جعل بقية السرد يتخبط بين الفكاهة والدراما دون اتجاه واضح.
أحد أبرز إخفاقات Novocaine هو الوقوع في فخ التكرار. فبدلاً من تعميق فكرة البطل الذي لا يشعر بالألم، يكرر الفيلم مشاهد تعتمد على عنف جسدي مبالغ فيه دون تقديم تطور درامي يُذكر، لتتحول الفكرة إلى "مزحة مطولة" تفقد تأثيرها مع الوقت.
الرومانسية، التي كان من الممكن أن تُشكل نقطة توازن قوية، تم تقديمها بشكل سطحي، حيث افتقرت العلاقة الجسدية لأي نوع من العمق أو الإحساس الحقيقي، وكأنها تفصيل ثانوي في قصة كان من المفترض أن تمنح الشخصيات دفئًا إنسانيًا يكسر طغيان الأكشن.
في النهاية، Novocaine يطرح فكرة فريدة لكنه يعجز عن تطويرها بذكاء. فهو فيلم ممتع بصريًا، خفيف الإيقاع، لكن مع سرد متذبذب ونصّ يتجنب الغوص في العمق، وكأنّه خائف من لمس الألم... حتى مجازيًا.
في الفصل الأول، برز الجانب الرومانسي بين البطلين كأحد أكثر العناصر جاذبية في الفيلم. علاقة قائمة على الندوب المخفية والأسرار غير المعلنة، حيث تلتقي نظرات الإعجاب بشيء من الشفقة، وتتشكل بينهما رابطة تنبع الداخل. كانت العلاقة بينهما مبنية على أرضية من الألم والدمار، لكنها قُدمت بلمسة شاعرية تحمل دلالات إنسانية عميقة للأسف، سرعان ما تم اختزالها داخل إطار كوميدي خفيف، لتضيع تلك الأبعاد وسط سطور النكات.
أما بالنسبة للأشرار، فقد حملوا شيئًا من الجدية اللافتة. لم يكونوا شخصيات عدوانية بالشكل التقليدي، بقدر ما كانوا أدوات داخل فيلم اختار الدمويّة كوسيلة للتعبير. بعض المشاهد استحضرت روح مسلسل The Boys، سواء من حيث المبالغة في العنف أو الدماء المتطايرة، مقابل أسلوب قتالي ناعم في التنفيذ، لكنه يحمل طاقة خارقة.
بشكل عام Novocaine يقدم تجربة مشاهدة مسلية، خاصة إذا شاهدته ضمن مجموعة. هو من تلك الأفلام التي لا تأخذ نفسها بجدية، وتطلب منك كمتفرج أن تفعل الشيء ذاته فقط اجلس، استمتع، ولا تحاول أن تبحث عن منطق في كل مشهد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
وصلة من التصفيق لمدة 15 دقيقة وإشادات نقدية لفيلم سماء بلا أرض
أخذت المخرجة أريج السحيري جمهور الدورة الـ 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي ليلة أمس في افتتاح مسابقة نظرة ما، في رحلة إنسانية استثنائية بفيلمها "سماء بلا أرض" الذي ينافس ضمن المسابقة التي افتتحها، بحكاية بسيطة عن ثلاثة نساء يعشن في بيت واحد على وشك الانهيار، ويؤازرن بعضهن في مواجهة واقعهن القاسي . عقب افتتاح المسابقة مباشرة يوم أمس وفي الساعة الـ 7:30، حضرت المخرجة أريج السحيري وبطلات فيلمها الثلاث آيسا مايغا وليتيسيا كي وديبورا ناني، وبطل الفيلم الممثل التونسي محمد جرايا ومديرة التصوير فريدا مرزوق وجميع المنتجين المشاركين، عرض فيلمهم سماء بلا أرض في قاعة ديبوسي الشهيرة، وحظى بعدها بوصلة من التصفيق امتدت لـ 15دقيقة كاملين. بعد العرض صعدت السحيري إلى المسرح، مرتدية دبوسًا عليه العلم الفلسطيني، في لفتة هادئة وجريئة. و ألقت خطابًا اتسم بالامتنان والثقة. شكرت فريق مهرجان كان، وكل من شاركها في العمل من ممثلين وفريق العمل، وتمنّت لجميع صانعي الأفلام الآخرين النجاح الذي يستحقونه. قالت: "أنا فخورة، ومليئةٌ بالحب لكل من صنع هذا الفيلم معي. آمل أن يُسهم كل فيلم، بطريقته الخاصة، في إنهاء تهميش وتجريد الآخرين من إنسانيتهم". واختتمت كلمتها بتوجيه شكر صادق للجمهور الذي عاش معها الرحلة العاطفية التي نقلها الفيلم. وبدأت الإشادات النقدية في الظهور منذ لحظة نهاية العرض. لخصّ آلانهانتر من سكرين دايلي الحالة التي أثارها الفيلم حيث كتب "فيلم "سماء بلا أرض" احتفالًا تشوبه مرارة بالصمود والتضحية، حيث تُقدّم الممثلة الجديدة البارزة ديبورا ناني أداءً رائعًا كروحٍ نابضة بالحياة، مُصمّمة على الصمود في وجه كل ما تُلقيه الحياة في طريقها". أكمل هانتر "تبني السحيري القصة حول حول التحديات الفردية والجماعية التي تواجهها النساء. وهناك خط واحد حول الأمهات والبنات." أما فابيان ليميرسييه من سينيروبا، فركز على الجانب الإنساني العميق في الفيلم، حيث كتب ""تأسر أريج السحيري المشاهدين بفيلم إنساني لا يُصدق، يُركز على ثلاث نساء محبوبات من أفريقيا جنوب الصحراء يعشن في تونس، ويُطورن وعيًا متزايدًا بالعالم". وأكمل ""بإيقاعه الرائع، وروحه الانسيابية المذهلة في الحركة والديكور، يزيح فيلم "سماء بلا أرض" ببطء ومهارة الستار عن الجوانب المختلفة لأبطاله الثلاثة". سماء بلا أرض من إخراج أريج السحيري وشاركت في تأليفه مع آنا سينيك ومليكة سيسيل لوات، وإنتاجه مع ديدار دومهري، وهو ثاني أفلامها الروائية، يتتبع الفيلم ماري، قسيسة إيفوارية وصحفية سابقة، تعيش في تونس. يصبح منزلها ملاذًا لناني، الأم الشابة التي تسعى لمستقبل أفضل، وجولي، الطالبة الشجاعة التي تحمل آمال عائلتها. يُشكّل وصول طفلة يتيمة صغيرة تحديًا لروح التضامن لديهما في مناخ اجتماعي متوتر، كاشفًا عن هشاشتهما وقوتهما. يستكشف سماء بلا أرض التوتر والتآزر اللذين ينشآن في أوقات الأزمات. وهو مستوحى من أحداث حقيقية وقعت في تونس في فبراير، عندما استُهدف المهاجرون من جنوب الصحراء الكبرى بعنف في وسائل الإعلام وفي الشوارع. وقد أجج الخطاب السياسي الملتهب موجة من العداء، أدت إلى اعتقالات تعسفية وطرد. الفيلم من بطولة آيسا مايغا وليتيسيا كي وديبورا ناني، والممثل التونسي محمد جرايا، وتصوير فريدا مرزوق، المصورة السينمائية الفرنسية التونسية التي سبق لها العمل مع السحيري في فيلم "تحت الشجرة" وعملت مع عبد اللطيف كشيش في ألعاب الحب والصدفة وحياة أديلوشاركت في جميع أفلام جون ويك. وتتولى MAD Distribution توزيعه في العالم العربي.


البلاد البحرينية
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
سماء بلا أرض فيلم افتتاح مسابقة نظرة ما
يفتتح فيلم سماء بلا أرض للمخرجة المتوجة بالجوائز أريج السحيري مسابقة نظرة ما التي ينافس فيها بالدورة الـ 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي (13 - 24 مايو) حيث يشهد عرضه العالمي الأول، وذلك يوم الأربعاء 14 مايو الساعة 7 مساءً عقب الافتتاح مباشرةً. سماء بلا أرض من إخراج أريج السحيري وشاركت في تأليفه مع آنا سينيك ومليكة سيسيل لوات، وإنتاجه مع ديدار دومهري، وهو ثاني أفلامها الروائية. يتتبع الفيلم ماري، قسيسة إيفوارية وصحفية سابقة، تعيش في تونس. يصبح منزلها ملاذًا لناني، الأم الشابة التي تسعى لمستقبل أفضل، وجولي، الطالبة الشجاعة التي تحمل آمال عائلتها. يُشكّل وصول طفلة يتيمة صغيرة تحديًا لروح التضامن لديهما في مناخ اجتماعي متوتر، كاشفًا عن هشاشتهما وقوتهما. يستكشف سماء بلا أرض التوتر والتآزر اللذين ينشآن في أوقات الأزمات. وهو مستوحى من أحداث حقيقية وقعت في تونس في فبراير، عندما استُهدف المهاجرون من جنوب الصحراء الكبرى بعنف في وسائل الإعلام وفي الشوارع. وقد أجج الخطاب السياسي الملتهب موجة من العداء، أدت إلى اعتقالات تعسفية وطرد. الفيلم من بطولة آيسا مايغا وليتيسيا كي وديبورا ناني، والممثل التونسي محمد جرايا، وتصوير فريدا مرزوق، المصورة السينمائية الفرنسية التونسية التي سبق لها العمل مع السحيري في فيلم "تحت الشجرة" وعملت مع عبد اللطيف كشيش في ألعاب الحب والصدفة وحياة أديل وشاركت في جميع أفلام جون ويك. وتتولى MAD Distribution توزيعه في العالم العربي. أريج السحيري مخرجة ومنتجة وصحفية سابقة فرنسية تونسية. يمزج عملها بين الواقعية الوثائقية والسينما السردية. بدأت مسيرتها السينمائية في الأفلام الوثائقية، بإخراج فيلم عالسكة (2018) الذي نال استحسان النقاد، والذي سلط الضوء على المعاناة اليومية لعمال السكك الحديدية التونسيين. في عام 2022، كتبت وأخرجت وأنتجت أول أعمالها الروائية الطويلة تحت الشجرة وهو استكشاف حميمي للشباب والعمل ولحظات التواصل العابرة في بستان تين ريفي. عُرض الفيلم لأول مرة في الدورة الرابعة والخمسين من نصف شهر المخرجين في مهرجان كان السينمائي، واختير لتمثيل تونس في جوائز الأوسكار 2023. منذ ذلك الحين، عُرض الفيلم في مهرجانات دولية كبرى، وصدر في أكثر من عشرين دولة. إلى جانب مسيرتها السينمائية، تُعدّ سحيري مناصرةً متحمسةً لحرية التعبير ومحو الأمية الإعلامية. شاركت في تأسيس منصة "إنكيفادا" الإعلامية، والمنظمة غير الحكومية التونسية "الخط". وهي أيضًا عضوٌ مؤسس في "راويات - أخوات في السينما"، وهي مجموعةٌ مُكرّسةٌ لدعم صانعات الأفلام في جميع أنحاء العالم العربي وشتاته.


البلاد البحرينية
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
أريج السحيري تعود إلى كان بفيلم "سماء بلا أرض"
تعود المخرجة التونسية الشابة أريج السحيري إلى مهرجان كان السينمائي من خلال أحدث أعمالها السينمائية "سماء بلا أرض"، وذلك بعدما كشف مهرجان كان السينمائي الدولي (الذي يُقام في الفترة من 13 إلى 24 مايو) عن قائمة أفلام دورته الـ78، والتي تضمنت الفيلم في عرضه العالمي الأول ضمن الأفلام المتنافسة في مسابقة "نظرة ما". وتُعنى هذه المسابقة بتسليط الضوء على الأفلام الفنية وأعمال سينما الاكتشاف والمواهب الجديدة. ومن المعروف أن فيلم "سماء بلا أرض" مستوحى من أحداث واقعية شهدتها تونس في شهر فبراير، حين تعرض المهاجرون القادمون من دول جنوب الصحراء الكبرى لحملة من العنف في وسائل الإعلام وفي الشوارع. وقد أسهم الخطاب السياسي المتوتر آنذاك في إشعال موجة عداء، أدّت إلى اعتقالات تعسفية وعمليات طرد جماعي. *يستكشف الفيلم حالة التوتر والتكافل التي تنشأ في أوقات الأزمات. وتقول المخرجة أريج السحيري: "ما يثير اهتمامي حقًا هو تجاوز الصورة النمطية للمهاجرين، من خلال تقديم شخصيات حقيقية، معقدة، وغير متوقعة – شخصيات قادرة على تحدي نظرة الجمهور ومشاعره". يتتبع فيلم "سماء بلا أرض" قصة ماري، قسيسة إيفوارية وصحفية سابقة تعيش في تونس، حيث يتحول منزلها إلى ملاذ آمن لكل من ناني، الأم الشابة التي تحلم بمستقبل أفضل، وجولي، الطالبة الشجاعة التي تحمل على عاتقها آمال عائلتها. لكن وصول طفلة يتيمة إلى هذا المكان يضع روح التضامن بينهن على المحك، في ظل مناخ اجتماعي متوتر، كاشفًا عن هشاشة العلاقات الإنسانية، وفي الوقت ذاته، عن قوتها الكامنة. "سماء بلا أرض" هو الفيلم الروائي الطويل الثاني للمخرجة أريج السحيري، التي شاركت أيضًا في كتابة السيناريو إلى جانب آنا سينيك ومليكة سيسيل لوات، كما شاركت في إنتاجه مع ديدار دومهري. وتتولى شركة MAD Distribution توزيع الفيلم في العالم العربي.* يضم طاقم العمل مجموعة بارزة من الممثلين، منهم: آيسا مايغا، ليتيسيا كي، ديبورا ناني، والممثل التونسي محمد جرايا. أما التصوير، فتتولاه فريدا مرزوق، المصورة الفرنسية التونسية، التي سبق لها التعاون مع السحيري في فيلم "تحت الشجرة"، كما عملت مع عبد اللطيف كشيش في "ألعاب الحب والصدفة" و"حياة أديل"، بالإضافة إلى مشاركتها في سلسلة أفلام "جون ويك". في عام 2022، كتبت أريج السحيري وأخرجت وأنتجت أول أفلامها الروائية الطويلة "تحت الشجرة"، الذي يُعد استكشافًا حميميًا لقضايا الشباب والعمل ولحظات التواصل العابرة، في سياق ريفي داخل بستان تين. عُرض الفيلم لأول مرة ضمن تظاهرة "نصف شهر المخرجين" في الدورة الـ54 من مهرجان كان السينمائي، واختير لاحقًا لتمثيل تونس رسميًا في جوائز الأوسكار لعام 2023. وقد حظي الفيلم بإشادة نقدية واسعة، وشارك في مهرجانات سينمائية دولية مرموقة، كما تم توزيعه في أكثر من عشرين دولة حول العالم. ويُعد "تحت الشجرة" أحد أبرز إنجازات السحيري السينمائية، حيث أثبت حضورها القوي كمخرجة متميزة، خاصة بعد نجاح عرضه في مهرجان كان ضمن تظاهرة "أسبوع المخرجين"، حيث لاقى صدى لافتًا بين النقاد والجمهور.