
ذكرى رحيل الأنبا بيشوي "الرجل الكامل" ورفيق المسيح في البرية
ويُعد القديس أنبا بيشوي من العلامات الروحية الخالدة في تاريخ الكنيسة، إذ عاش حياة رهبانية عميقة قوامها الزهد والتأمل، حتى استحقّ أن يظهر له المسيح أكثر من مرة، كما يُروى في سيرته، وأن يغسل قدميه بيديه المباركتين، مكافأة على طهارة قلبه وتواضعه الشديد.
نشأته وحياته الرهبانية.. من بني سويف إلى قلالي وادي النطرون
وُلد القديس الأنبا بيشوي في عام 320م تقريبًا، في مدينة شِنشِيف التابعة لمحافظة بني سويف حاليًا، من أسرة مسيحية تقية. وظهر تميّزه الروحي منذ صغره، حيث رأته والدته في رؤيا، وبعد أن التحق بالرهبنة في برية شيهيت، تلمذ على يد الأنبا بَاخُوم.
عُرف بفضائله العديدة: التواضع، الصمت، المحبة، وتعليم الإخوة. وكان يهرب من المديح والظهور، ويقضي لياليه في الصلاة والانفراد، مما جعله من أكثر رهبان البرية عمقًا وتأثيرًا كما اشتهر بحكمته في الإرشاد الروحي، وكان كثيرون يأتون إليه من مختلف الأماكن للتعلم من تعاليمه.
ظهورات ومعجزات حية… الرجل الذي غسل المسيح قدميه
من أبرز ما يُروى عن القديس الأنبا بيشوي، أنه في أحد الأيام ظهر له المسيح مع مجموعة من التلاميذ، وسمح له بأن يغسل قدميه بيديه، وعندما رأى باقي الرهبان أن قدمي المخلّص لا تزالا تحملان آثار الطيب، حاولوا اللحاق به، لكنهم لم يستطيعوا لأنهم لم يكونوا مستحقين.
من معجزاته أيضًا أن جسده لم يرَ فسادًا، وبقي سليمًا منذ رحيل في عام 417م وحتى اليوم، وهو محفوظ في ديره الشهير بوادي النطرون، دير الأنبا بيشوي، الذي يحمل اسمه ويُعد من أهم أديرة مصر وأكثرها جذبًا للزوار من داخل وخارج البلاد.
دير الأنبا بيشوي… إرث روحي ومعلم أثري
يقع دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، ويضم جسده ، إلى جانب جسد البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بناءً على وصيته الخاصة.
ويعد الدير من أكثر الأديرة التي تزدهر بالحياة الرهبانية اليوم، وهو مركز روحي وعلمي يحتضن عشرات الرهبان، إلى جانب مكتبة أثرية وكنائس متعددة.
الكنيسة تحتفل بذكراه في كل العالم
تقيم الكنيسة اليوم قداسات وصلوات خاصة في الأديرة والكنائس باسم الأنبا بيشوي، حيث يتبارك المصلون من سيرته، ويطلبون شفاعته كما تنشر الإيبارشيات مقاطع مصورة وكلمات لقداسة البابا تواضروس الثاني عن فضائل هذا القديس الفريد، الذي يشكّل قدوة لكل راهب ولكل مؤمن يسعى للاقتراب من الله بمحبة وأمانة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 3 ساعات
- البوابة
رسائل إلى الأسقف.. أوراق تكشف هموم الأقباط قبل 1400 عام
في مطلع القرن السابع الميلادي، سيم القديس "الأنبا بيسنتاؤس" أسقفًا على مدينة قفط بمحافظة قنا، وظلّ راعيًا لإيبارشيته ثلاثين عامًا، اتسمت حكمته بالرؤية الرعوية العميقة ومحبة الناس له. ومؤخرًا، تم العثور على أرشيف بريدي نادر يحتوي على رسائل وُجهت إليه من كهنة وشمامسة ورهبان، وحتى من عامة الشعب والمسؤولين، وتناول كتاب 'تاريخ المسيحية والرهبنة وآثارهما في أبروشيتي نقادة وقوص، وإسنا والأقصر وأرمنت' لنبيه كامل عادل فخري، مؤسسة القديس مارمرقس لدراسات التاريخ القبطي، 2008م تلك الرسائل مما أضاء لنا جانبًا إنسانيًا وروحيًا من تاريخ الأقباط في تلك الحقبة. قضية زوجية كادت تصل إلى البطريرك الرسالة الأولى جاءت من القس "كلابيسيوس"، الذي أوفده الأسقف لحلّ نزاع عائلي. المشكلة كانت بين 'بيلا' ابن أحد الكهنة، وزوجته 'تسارا' ابنة الشماس 'ديوس'، بعد أن هجرها الزوج. القس حاول معالجة الأزمة محليًا، محذرًا من أن ذوي الفتاة يعتزمون رفع القضية للإسكندرية، في إشارة ربما لعرضها على الأب البطريرك. الرسالة تكشف عن آلية حل المشكلات الأسرية وحرص الكنيسة على احتواء النزاعات داخل المجتمع المحلي. استغاثة من أجل "مسكينة فقيرة" رسالة أخرى تفيض بالمشاعر، كتبها رجل يُدعى "أخنوخ"، يرجو فيها تدخل الأسقف لإنقاذ سيدة فقيرة حبسها أحد الدائنين، 'يوحنا بن سليمان'، لعجزها عن سداد دينها. كتب أخنوخ: 'اصنع رحمة معها وأرسل… فإني أعانى كثيرًا من أجلها'. الخطاب يعكس الدور الاجتماعي للأسقف كملجأ للمهمشين والمعوزين، ويُظهر كيف كانت الكنيسة ملاذًا للضعفاء. هروب ابنة وطلب عدالة كنسية الرسالة الثالثة تحمل شكوى أب من هروب ابنته مع شاب، وسط خلافات عائلية متشابكة. بعد فشل الوساطات، توجه الأب إلى الأنبا بيسنتاؤس قائلًا بثقة: 'احكم بيننا في هذا الأمر ومهما أمرت فإنني سأنفذ حكمك'. تُظهر الرسالة احترام الناس لسلطة الأسقف وثقتهم في عدله، حتى في أكثر القضايا حساسية. زوج يذعن لهيبة الأسقف رسالة رابعة من 'أنطونيوس'، الذي كُلف من الأسقف بالتدخل لدى زوج طرد زوجته. ما إن علم الزوج أن الأسقف مهتم بالقضية، حتى أعاد زوجته وتراجع عن اتهاماته، تقديرًا لمكانة الأنبا بيسنتاؤس. وهنا يتجلى نفوذ رجل الدين ليس فقط روحيًا، بل اجتماعيًا وتأثيرًا مباشرًا في حياة الأفراد. حرمان من ميراث وشكوى من ظلم الأهل شاب أرسل برسالة حزينة، يشكو حرمانه من الميراث بسبب تدخل البعض في علاقته بوالديه. كتب بأسى: 'لقد ضللوا أمي العجوز وخدعوا أبي المسن.. لا شك أن الله الذي يرتب الأمور سوف لا يسمح أن يحرمني هكذا'. ويكشف نص الرسالة أن الشاب كان يعاني من مشكلات مالية حادة، ربما كانت السبب الحقيقي لغضب والديه عليه، بعد أن تورّط في قروض بنكية لم يستطع سدادها. أعشاب ومحبة.. لا تخلو من دعاء أكثر الرسائل طرافة وإنسانية جاءت من 'جيثاديوس'، أحد أبناء الأسقف، الذي أرسل له أعشابًا طبية لعلاج آلام التبول، بناءً على نصيحة طبيب. كتب بمحبة: 'لقد ذكرت لي في خطاب سابق معاناتك… وقد أرسلت لك هذا لتختبره… اقبل قدميك المقدستين، اذكرني يا سيدي وأبي بيسنتاؤس الأسقف'. رسالة تعكس ليس فقط المحبة الشخصية، بل عمق العلاقة بين الشعب وراعيهم. رسائل تتجاوز الزمان والمكان اللافت أن مشكلات الأقباط في تلك الحقبة لم تكن بعيدة عن واقعنا المعاصر: خلافات أسرية، قضايا ميراث، قروض، وحتى استغاثات اجتماعية. واللافت أكثر أن الأسقف لم يكن مجرد مرشد ديني، بل حَكَم ومُصلح اجتماعي وطبيب قلوب. خاتمة: من القلب إلى قلب الأسقف جميع الرسائل اختُتمت بعبارات تبجيل ومحبة وطلب بركة، في صورة رائعة لعلاقة رعوية تقوم على المحبة والثقة لا الهيمنة والرهبة. وقد جاء هذا الأرشيف النادر ليعيد لنا صورة حية للكنيسة القبطية في القرون الأولى، كبيت للمحبة والعدل والرعاية الحقيقية.


الاتحاد
منذ 7 ساعات
- الاتحاد
التعايش في الفكر الإسلامي رؤية معرفية وتأصيل ديني
التعايش في الفكر الإسلامي رؤية معرفية وتأصيل ديني يُعد التعايش أحد المرتكزات الجوهرية في بنية الفكر الإسلامي، ليس بوصفه مجرد فضيلة أخلاقية عابرة، بل باعتباره منظومة متكاملة تنبثق من التصور الإسلامي للوجود والإنسان. فالتعايش في الإسلام يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفلسفة الخلق، التي تنظر إلى التعدد والتنوع بين البشر باعتباره سنة كونية وإرادة إلهية حاكمة للعلاقات الإنسانية. قال تعالى:﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ (هود: 118)، وهو تصريح قرآني صريح بأن التعدد أمر مقصود في الخلق وليس مجرد انحراف عن الأصل. ومن هذا المنطلق، لا يمكن مقاربة التصور الإسلامي للإنسان والمجتمع بمعزل عن مبدأ التعايش، الذي يتجلى في النصوص التأسيسية للقرآن والسنة النبوية، ويُشكل القاعدة التي تنبني عليها قيم أخرى كالتعارف، والتعاون، والاحترام المتبادل. وقد نص القرآن بوضوح على ذلك في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: 13)، مما يؤكد أن الغاية من التعدد ليست الصراع، بل التعارف والتكامل. والتعايش في الإسلام ليس نتاج اجتهاداتٍ فقهيةٍ عابرة، بل هو مؤصل في أرفع مصادر التشريع الإسلامي. قوله تعالى:﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ (البقرة: 256)، يُعد قاعدة مركزية تنفي الإكراه وتؤسس لحرية المعتقد كحق أصيل يقتضي احترام وجود الآخر المختلف دينياً وثقافياً. كما أن التجربة النبوية قدمت نموذجاً عملياً في تأسيس مجتمع مدني تعددي، تجلى بوضوح في وثيقة المدينة، التي أُبرمت بعد هجرة النبي إلى المدينة المنورة. هذه الوثيقة وضعت الأساس لعقد اجتماعي يعترف بتعدد الأديان والأعراق ويكفل الحريات الدينية والسياسية، ويحمي الحقوق المتبادلة بين مكونات المجتمع، من مسلمين ونصارى ويهود وغيرهم. وشكّلت سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مرجعيةً حية للتعايش، إذ استقبل وفود الديانات الأخرى بالحوار والاحترام، كما حدث مع وفد نصارى نجران، الذين استقبلهم النبي وسمح لهم بإقامة شعائرهم في مسجده الشريف، وهو موقف يحمل دلالات عميقة في الاعتراف بالآخر الديني وشرعية وجوده. أما في خطبة الوداع، فقد أرسى النبي مبادئ المساواة والكرامة بقوله: «يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب…»، في دعوة صريحة لتجاوز كل أشكال التمييز العرقي والديني والاجتماعي. وعلى مستوى التراث الإسلامي، نجد عند الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، تأصيلاً فلسفياً للتعايش في قوله الشهير: «الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق»، وهو تعبير بليغ يجسد جوهر الأخوّة الإنسانية، التي تقوم على الاعتراف المتبادل بالكرامة بغض النظر عن الدين أو العرق. ففي ظل تعقيدات العالم المعاصر، حيث تتفاقم الصراعات الدينية والثقافية، تستعيد هذه المبادئ الإسلامية الراسخة أهميتها الاستراتيجية لبناء مجتمعات مدنية قائمة على التعددية واحترام الاختلاف. فتفعيل مبدأ التعايش اليوم يتطلب استحضار هذه الرؤية الإسلامية في بعدها الإنساني الكوني، بما يعزز قيم المواطنة المشتركة والحوار بين الأديان والثقافات، بعيداً عن التوظيف الأيديولوجي أو السياسي للدين. إن التعايش في الإسلام ليس شعاراً، بل هو منظومة معرفية وأخلاقية وتشريعية متكاملة، تتأسس على الإيمان بوحدة الأصل الإنساني وحق الاختلاف، وتشكل مدخلاً ضرورياً لتحقيق السلم الاجتماعي وبناء حضارة إنسانية جامعة. وقد أدرك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هذه الحقيقة الراسخة، فجعل من قيم التسامح والتعايش حجر الأساس في بناء دولة الإمارات، التي باتت اليوم نموذجاً عالمياً يحتذى به في ترسيخ ثقافة التنوع والاحترام المتبادل بين جميع الشعوب والثقافات. * مستشار برلماني


البوابة
منذ 10 ساعات
- البوابة
الأكاديمية المصرية الأذربيجانية للصداقة بين الشعوب تكرم طلاب اللغة
نظمت الأكاديمية المصرية الأذربيجانية للصداقة بين الشعوب، التابعة لجمعية الصداقة المصرية الأذربيجانية، حفلًا لتكريم الطلاب الدارسين للغة الأذربيجانية تقديرًا لجهودهم وإنجازهم اللغوي. إشادة بالطلاب وأشاد الدكتور سيمور نصيروف، رئيس مجلس إدارة الجمعية ورئيس الجالية الأذربيجانية في مصر، بالطلاب المكرمين، مؤكدًا على أهمية تعلم اللغة الأذربيجانية كلغةٍ تزداد انتشارًا في العصر الحديث، لا سيما في ظل العلاقات المتميزة التي تربط بين الدول العربية وأذربيجان، والتي تسعى الجمعية إلى تعزيزها من خلال البرامج الثقافية والتعليمية. روابط تاريخية ممتدة وقد أكد أن العلاقات الأذربيجانية بالدول العربية علاقات متميزة عبر التاريخ وقد ذكر رواية ابن فقيه في كتابه البلدان أنه لما فتح أذربيجان -في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه- انتقلت القبائل المصرية والشامية إلى أذربيجان. ويدرس حاليا في الأكاديمية أكثر من 650 طالبا وطالبة من 61 جنسية في الأنشطة المختلفة كالقراءات العشر، صغرى وكبرى للقرآن الكريم، بسند متصل إلى سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، والعلوم العربية: كالنحو والصرف والأدب والبلاغة والمنطق، وكذلك الفنون: كالخط العربي والزخرفة بشقيها النباتي والهندسي، واللغة الأذربيجانية واللغة الانجليزية وكذلك فن السجاد اليدوي وفن المقامات الصوتية وكل ذلك بدون مقابل، حيث تؤمن جمعية الصداقة المصرية الأذربيجانية أن خدمة طلاب العلم والمعرفة شرف لكل إنسان.