logo
ملتقى بسوريا بشأن استخدام نظام الأسد المخدرات أداة للقمع والسيطرة

ملتقى بسوريا بشأن استخدام نظام الأسد المخدرات أداة للقمع والسيطرة

الجزيرة٢٧-٠٤-٢٠٢٥

دمشق- شهد فرع مكافحة المخدرات في مدينة جرمانا شرقي العاصمة دمشق أول أمس الجمعة أولى فعاليات مشروع "دولة فارماكون"، وهو ملتقى فني وثقافي ومشروع مجتمعي وحقوقي برعاية وزارة الثقافة السورية بدعم من منظمات ومؤسسات سورية مختلفة، ويشارك فيه فنانون ومثقفون وخبراء سوريون، لتسليط الضوء على العلاقة المركبة بين المخدرات والحرب في سوريا.
وانطلق المشروع بمجموعة من المعارض الفنية لأعضاء بتجمع الفنانين التشكيليين في جرمانا "تراكم"، واشتملت المعارض على مجموعة واسعة من اللوحات الزيتية والأعمال الفنية المعاصرة والمنحوتات المستوحاة من تجارب إدمان المخدرات والسبل الخاطئة لمكافحتها في عهد النظام السابق.
وأشار خالد بركة صاحب فكرة المشروع وأحد المنظمين في حديث للجزيرة نت إلى أن مشروع "دولة فارماكون" هو محاولة لتفكيك العلاقة المعقدة بين الحروب وتجارة المخدرات اجتماعيا وبصريا، وتسليط الضوء على كيفية استخدام النظام السابق الإدمان أداة للقمع والسيطرة.
وذلك إلى جانب تسليط الضوء على عدد من القضايا الحقوقية المرتبطة بالمدمنين كتغيير قانون المخدرات القائم ليصبح قانونا عصريا يتناسب مع الواقع الذي تشهده سوريا من انتشار كبير لظاهرة الإدمان، يضيف بركة.
"التعافي من السم"
وأوضح بركة أن سوريا قد تحولت تحت حكم دكتاتورية الأسد إلى إمبراطورية مخدرات عالمية تستخدم الكبتاغون عملة منشطة لاقتصادات الحرب ومصدرا لتمويل المليشيات ووسيلة لتخدير الجنود وإطالة قدرتهم على القتال.
وأضاف أنه في الوقت الذي كانت فيه الشحنات الضخمة المحملة بالمخدرات تهرّب من سوريا عبر الحدود كان النظام المخلوع يجرّم استخدام تلك المواد داخل البلاد ويعتقل المواطنين في السجون ويخضعهم للتعذيب الوحشي بتهمة استهلاك المادة نفسها التي كان يصدّرها بالملايين.
وقالت الفنانة التشكيلية رؤى بريك الهنيدي إن فكرة المعرض تفهم من خلال الاسم "فارماكون"، والذي يعني اسما طبيا يشير إلى معنيين متناقضين، أولهما يحيل إلى مادة الكبتاغون ومعناه في هذا السياق هو السم، وثانيهما يحيل إلى معنى "العلاج" باللغة اليونانية، وهكذا يمكن فهم المعرض بوصفه خطوة باتجاه التعافي من هذا السم.
وتضيف الهنيدي في حديث للجزيرة نت أن "اللوحات التي شاركت بها هدفها تغيير النظرة النمطية عن مدمني المخدرات والتنويه إلى ضرورة استبدال العقاب بالعلاج".
وأوضحت أن علاج الظاهرة يجب أن يكون من الجذور عبر معالجة المدمن بطريقة صحيحة بالتعاون مع الجهات المختصة ومعالجة أسباب إدمانه، سواء كانت نفسية أو اجتماعية أو مادية أو غيرها، معتبرة أن المعرض أقيم لتغيير مفهوم المدمن الذي لا يعد مجرما بل إنسانا وضحية.
تجربة السجناء
أما عن دلالة إقامة هذا المعرض في مبنى فرع مكافحة المخدرات (سابقا) فتقول الهنيدي إنه يعكس الرغبة في أن يتحول هذا المكان الذي كان شاهدا على العقاب الهمجي للمدمنين إلى مكان لعلاجهم من إدمانهم.
وإلى جانب اللوحات الزيتية اشتملت المعارض على منحوتات وتشكيلات فنية تنقل جانبا من تجربة السجناء من المدمنين في فرع المخدرات، ومن بينها كانت أعمال الفنان سليمان عبيد الذي شارك بمجموعة من التشكيلات المصنوعة من مادة "الأبوكسي"، والتي تم عرضها في إحدى المنفردات (زنزانة لشخص واحد)، لتجسيد حالة السقوط والعذاب التي كان يعيشها المدمن في سجون نظام الأسد.
ويقول سليمان للجزيرة نت "لطالما كان هذا المكان بمثابة الصندوق الأسود للنظام البائد، والعرض فيه تحديدا هو تأكيد على دور الفنان في التعافي من الصراع وإثبات إرادة شعب ما زال يقاوم الذل والهوان."
وبشأن رمزية أعماله يضيف سليمان "هذه الأعمال هي شكل من أشكال الألم والوجع الذي كان يعاني منه المدمن في الزنزانة، وللمفارقة فإن النظام الذي كان يصنع المواد المخدرة ويروجها هو ذاته الذي كان يعتقل ويحاسب متعاطيها، ومن هنا كان اختيار الثيمة السريالية لتشكيلاتي".
فخ الإدمان
بدورها، ترى الفنانة التشكيلية دنيا أيوب أن أهم رسالة يمكن أن ينقلها هذا المشروع هي "تأكيد حقيقة التعامل والتعذيب القاسي الذي كان يتعرض له المدمنون في فرع مكافحة المخدرات، إلى جانب العمل على تحويل مفهوم المكافحة إلى مفهوم المعالجة والمساهمة في إعادة تأهيل المدمن ودفعه إلى المجتمع مجددا ليكون فيه فردا فاعلا ومتمكنا".
وعبّرت أيوب في لوحة "الفراشة" -وهي لوحة من الخرز الماسي والأبيض تصور فراشة وهي تسقط في شبكة- عن حالة ما قبل الإدمان عندما ينظر الشباب إلى المخدرات التي يظنون أنها مغرية (الشبكة الماسية)، لكنهم يكتشفون بعد حين أن ما وقعوا فيه لم يكن إلا فخ الإدمان المميت.
من جهته، أشار الفنان بسام الحجلي إلى أهمية تسليط الضوء على حقيقة ترويج "النظام البائد" المواد المخدرة لأغراض سياسية خلال سنوات الحرب، مما أدى إلى تغييب الإنسان الحر عن واقعه وأهميته وحقوقه في وطنه.
وأضاف الحجلي في حديث للجزيرة نت إلى أن المخدرات هي "قتل بطيء للذات البشرية وانهيار لقيم المجتمع، ويكون السوريون بخير عندما ينتهي مجتمعنا من المخدرات، ولا سيما جيل الحرب الذي انجر إلى هذه المواد، سواء على جبهات القتال أو داخل المجتمع".
واعتبر أن المخدرات كانت استثمارا سياسيا في عهد النظام البائد لضرب البلد والإنسان، مؤكدا على دور الفن في المراحل الانتقالية من حياة الشعوب بوصفه "عين الحقيقة".
اهتمام رسمي
وشهد المعرض اهتماما رسميا وأهليا محليا، إذ زاره وفد من محافظة ريف دمشق، على رأسه مسؤول منطقة الغوطة الشرقية الدكتور محمد علي عامر، إلى جانب عدد من مشايخ الطائفة الدرزية ووجهاء مدينة جرمانا.
وعن أهمية المعرض في هذا التوقيت، قال عامر إنه يمثل فكرة جديدة قام بها مجموعة من الفنانين والفنانات سموا أنفسهم "تراكم" تعبيرا عن تراكم الأفكار والتجارب والمعلومات التي يمكن أن تقترح حلولا لمرض الإدمان الخطير "الذي أصّله النظام البائد في المجتمع وروّج له بدلا من محاربته ليصل أثره بذلك إلى كل دول العالم".
ويرى المسؤول في حديث للجزيرة نت أنه "من خلال مثل هذه التجمعات والمشاريع وغيرها يمكن من وضع خطة بالتعاون بين المجتمع المحلي والدولة لتحويل المدمنين من أشخاص ينظر لهم المجتمع كمجرمين إلى أشخاص لهم واقع أفضل".
بدوره، قال خالد بركة إن التجربة كانت مهمة ومميزة وغنية وتسهم في تغيير الصورة النمطية عن مدينة جرمانا التي كانت توصم بأنها مركز للمخدرات.
وبشأن أهداف المشروع الممتد إلى 15 يوما، يرى بركة أنها متمثلة في إعطاء مساحة للفنانين لمشاركة أعمالهم، وتحويل الفن من فن صالونات ومعارض إلى فن مجتمعي وسياسي يعطي صوتا للفنانين.
ويعتبر مشروع "دولة فارماكون" الفني والمجتمعي الأول من نوعه في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد المخلوع في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو استجابة مدنية وأهلية لظاهرة إدمان المخدرات التي تفشت بشكل غير مسبوق في سوريا التي حوّلها نظام الأسد إلى "إمبراطورية للمخدرات"، وفقا لتقارير صحفية عديدة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ارتفاع أسعار البناء يضاعف معاناة المهجّرين بعد عودتهم لقراهم بسوريا
ارتفاع أسعار البناء يضاعف معاناة المهجّرين بعد عودتهم لقراهم بسوريا

الجزيرة

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

ارتفاع أسعار البناء يضاعف معاناة المهجّرين بعد عودتهم لقراهم بسوريا

عاد محمد البرو إلى منزله في منطقة كفرومة جنوب إدلب، بعد 6 سنوات من التهجير والعيش في الخيام، جراء هجوم عام 2019 الذي شنه النظام السوري المخلوع، ليُفاجأ بمشهدٍ صادم حيث تهدّم سقف منزله وتعرّض للسرقة بالكامل. ويؤكد البرو، الذي شيّد منزله عام 2017 بتكلفة بلغت نحو 40 ألف دولار، أن إعادة ترميمه اليوم ستكلّفه أكثر من 80 ألفا بسبب تضاعف أسعار جميع المواد الأساسية من أجور العمال إلى الحديد والأسمنت والوقود، بالإضافة إلى تكاليف نقل المياه والبضائع. ويقول في حديثه للجزيرة نت "طيلة فترة نزوحي لم يكن لدي عمل ثابت، وكل ما كنت أكسبه أنفقه على المعيشة دون القدرة على التوفير. وبعد العودة، لا أملك حتى ما يغطي سقف المنزل بالنايلون". ويضيف "فكرت في بيع أرضي الزراعية لتمويل ترميم المنزل، لكن بعد اقتلاع الأشجار من قبل جيش النظام، بات السماسرة يعرضون ربع قيمتها فقط. لذلك، عدت إلى الخيمة وقررت البقاء فيها حتى تتكفل المنظمات يوماً ما بترميم منازلنا". جنون الأسعار قرر آلاف المهجرين العودة إلى منازلهم لترميمها بعد تحرير مناطقهم، بعد 6 سنوات من النزوح من ريف إدلب الشرقي والجنوبي، وريف حماة الشمالي، وريف حلب الغربي، وهي من أكثر المناطق تضرراً بفعل القصف والتخريب الذي نفّذه النظام. ولكنهم فوجئوا بارتفاع أسعار مواد البناء وأجور العمال بشكل كبير. فقد ارتفع سعر طن الحديد من 610 إلى 670 دولارًا، بينما زاد سعر طن الأسمنت من 103 إلى 123 دولارًا. وتستمر الأسعار في الارتفاع مع ازدياد الطلب. كما تضاعفت أجور العمال من 4 دولارات يومياً إلى ما بين 15 و20 دولارًا، في حين تطلب بعض الورش أرقامًا قياسية، بسبب ندرة العمال وتوجه الكثير منهم للعمل في الوظائف الحكومية. وارتفع سعر متر صب البيتون من نوع "هوردي" من 15 إلى 30 دولارًا، وزاد سعر صب البيتون من نوع "بلاطة" من 10 إلى 20 دولارًا. وتشير هذه الأرقام إلى تضاعف التكاليف مقارنةً بما كانت عليه قبل تحرير المناطق. ويعزو الكثيرون هذا الارتفاع إلى التعديلات الأخيرة في تعرفة الجمارك المفروضة على الإسمنت والحديد المستورد من تركيا عبر المعابر بين البلدين مما أثر بشكل كبير على حركة الأسواق في الشمال السوري. خدمات شبه غائبة يؤكد حازم الهادي (صاحب منشأة لبيع مواد البناء في كفرنبل جنوب إدلب) أن النشاط التجاري في قطاع البناء لا يزال ضعيفًا مقارنةً بعدد السكان، إذ تتراوح نسبة العائدين ما بين 5% و10%. وحتى من عاد، فإن معظمهم من الرجال الذين جاؤوا للعمل بسبب غلاء المعيشة. ويقول "جميع سكان هذه القرى من المهجرين الذين لا يملكون قوت يومهم، وغالبية منازلهم مدمّرة، وأي سقف مهما كان بسيطًا يحتاج إلى نحو ألفي دولار أميركي، وهو مبلغ كبير بالنسبة لأي مهجَّر خارج بلدته، خصوصًا أن السنوات الماضية كانت مليئة بالبطالة وتدني الأجور". وقد دفع غياب الخدمات الأساسية -من كهرباء ومدارس ونقاط طبية- الآلاف إلى التردد في العودة إلى منازلهم، فبات أقصى طموحهم دخول منظمات إنسانية لترميم منازلهم ولو بشكل جزئي، نظراً لعدم قدرتهم على تغطية جزء بسيط من التكاليف المرتفعة. أرقام صادمة يؤكد عبد الباري شحود، مهندس ومسؤول في المجلس البلدي، أن نسبة الدمار في المناطق الواقعة على خطوط التماس تصل إلى 50% دمارًا كليًا، ونحو 40% دمارًا جزئيًا، لافتًا إلى أن معظم المنازل تضررت باستثناء تلك التي استخدمها جيش النظام كثكنات عسكرية. ويضيف في حديثه للجزيرة "اجتمعنا مع المحافظ وطالبنا بتوجيه الدعم إلى الخدمات الأساسية، ووُعدنا بالعمل على إعادتها، خصوصاً النقاط الطبية وترحيل الأنقاض والمدارس قبل بداية العام الدراسي، إلى جانب إعادة التيار الكهربائي، وهو ما قد يسهل عودة عدد من سكان المخيمات". وبسبب تردي الأوضاع، اضطر العديد من النازحين إلى حمل خيامهم أو منازلهم البديلة المصنوعة من البلاستيك العازل، والعودة إلى قراهم المدمرة، رغم غياب الخدمات الحيوية وعلى رأسها الرعاية الطبية. محمود الأحمد، الذي عاد مع زوجته وابنه إلى معرة النعمان، وهي منطقة يبلغ عدد سكانها في المدينة والريف أكثر من نصف مليون نسمة، يصف الوضع في الليل بأنه "موحش" حيث لا توجد حركة مرور، ولا أضواء، ولا سكان. ويضيف "فقط 50 عائلة عادت إلى قريتنا من أصل 3200 عائلة، وهي نسبة ضئيلة للغاية. ولا يوجد جيران بالقرب منا، مما يجعل الأمر صعبًا جدًا في حال غيابي عن المنزل للعمل". ويروي قصة مأساوية عن شاب في الأربعين من عمره تعرّض لأزمة قلبية أثناء عمله في أرض زراعية، فحاول شقيقه إسعافه بدراجته النارية، لكن بعد ساعة من الوصول إلى أقرب نقطة طبية، كان الشاب قد فارق الحياة نتيجة التأخير. يُشار إلى أن هذه المناطق تعرّضت لاقتلاع ممنهج لعشرات الآلاف من الأشجار المثمرة، لا سيما الزيتون والتين والرمان، مما شكّل ضربة قاسية للقطاع الزراعي في ريف إدلب الجنوبي، الذي يعتمد على الزراعة البعلية كمصدر أساسي للدخل والغذاء، الأمر الذي زاد من تعقيد ظروف العودة بالنسبة لكثير من المهجرين.

عودة مظاهر الحياة إلى مدينة جرمانا بعد استكمال الترتيبات الأمنية فيها
عودة مظاهر الحياة إلى مدينة جرمانا بعد استكمال الترتيبات الأمنية فيها

الجزيرة

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

عودة مظاهر الحياة إلى مدينة جرمانا بعد استكمال الترتيبات الأمنية فيها

جرمانا- تعود مظاهر الحياة إلى مدينة جرمانا شرقي العاصمة دمشق بشكل تدريجي بعد اتفاق الحكومة السورية مع الهيئة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز وممثلي المجتمع الأهلي في المدينة على استكمال الترتيبات الأمنية الخاصة بها أول أمس الجمعة. وكشف مصدر محلي من مدينة جرمانا -رفض الكشف عن هويته- عن مضمون الترتيبات الأمنية التي تم التوصل إليها بموجب الاتفاق، والتي تضمنت نشر 100 عنصر من الأمن العام داخل المدينة، وقبول تطوع 85 عنصرا من شبان جرمانا في الأمن العام بشكل مبدئي، ريثما يتم النظر بحوالي 200 طلب تطوع آخر قُدِمَ من شبان المدينة للجهاز. وأضاف المصدر أنه تم الاتفاق على توزيع العناصر على الحواجز في جرمانا وفق "نظام المناوبات" لتكون الحواجز مشتركة بين متطوعي الأمن العام من المدينة ومن خارجها. ترتيبات أمنية ومن جهته، قال المسؤول في المكتب الإعلامي التابع لمجموعة العمل الأهلي في مدينة جرمانا، خلدون قسام، إن الاجتماع بين وفد الحكومة السورية والهيئات الروحية والأهلية في المدينة أول أمس الجمعة كان للتأكيد على ضرورة استكمال الترتيبات المتفق عليها في اجتماع سابق الشهر الماضي. وأكد قسام أن جميع الترتيبات الأمنية التي شهدتها مدينة جرمانا في الأيام القليلة الماضية من دخول الأمن العام إليها وقبول تطوع شبان من المدينة ما هي إلا إجراءات متفق عليها قبل الأحداث المؤسفة التي تعرضت لها المدينة الاثنين الماضي. وأوضح المسؤول الإعلامي أنه بموجب اتفاق بين الحكومة السورية والهيئة الروحية والمجتمع الأهلي في جرمانا يعود لشهر مارس/آذار الماضي، تم إنشاء مركز لجهاز الأمن العام يشمل عناصر من متطوعي مدينة جرمانا وآخرين من خارجها. ونص اتفاق مارس/آذار أيضا على تطوع حوالي 300 عنصر من أبناء مدينة جرمانا في جهاز الأمن العام يساندهم عناصر من خارج المدينة لإدارة الحواجز وضبط الأمن في جرمانا، بحسب قسام. ويشير قسام إلى أن جرمانا تنتظر استكمال الإجراءات الحكومية التي من شأنها إرساء حالة الأمن والاستقرار والدفع باتجاه تفريغ حالة الاحتقان الطائفي والمناطقي التي أجّجتها الأحداث المؤسفة في المدينة الاثنين الماضي. ويختتم المسؤول الإعلامي حديثه للجزيرة نت بالتأكيد على أن التواصل بين الهيئات في جرمانا والحكومة لم ولن يقتصر على الحوادث الأمنية، إذ إنه بدأ منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي وكان مثمرا ولا يزال مستمرا إلى اليوم. عودة مظاهر الحياة ورصدت الجزيرة نت في جولة بمدينة جرمانا عودة مظاهر الحياة إلى طبيعتها مع استئناف الفعاليات التجارية والصناعية والحرفية لأعمالها، وعودة حركة المواصلات إلى نشاطها السابق بين جرمانا والعاصمة دمشق. وقال إيهاب دلو (41 عاما)، أحد سكان مدينة جرمانا، إن إيقاع الحياة في المدينة عاد إلى طبيعته بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها الاثنين الماضي. وأضاف دلو أن الأحداث التي تخل بأمن جرمانا تؤدي إلى تعطيل أعمال وأشغال الآلاف من الموظفين والطلبة وعمال المياومة، مما ينعكس بشكل سلبي على حياتهم نظرا للأزمة المعيشية الحادة التي تعيشها سوريا والتي لا يحتمل معها الوضع توقف الأعمال، مشيرا إلى أن تعداد سكان جرمانا يتجاوز المليون نسمة. وبالرغم من غياب الإحصاءات الرسمية حول تعداد سكان جرمانا، فإن المدينة الكائنة في محيط العاصمة دمشق قد تزايد عدد سكانها منذ عام 2012 بشكل ملحوظ بعد موجات النزوح السورية إليها على خلفية الصراع المسلح في البلاد. وكانت مدينة جرمانا قد شهدت، الاثنين الماضي، اشتباكات عنيفة أودت بحياة 8 أشخاص، وذلك على خلفية انتشار تسجيل صوتي مسيء إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- منسوب إلى أحد أبناء الطائفة الدرزية، مما أدى إلى موجة غضب واسعة بين السوريين. وأوضح بيان لوزارة الداخلية السورية، الثلاثاء الماضي، أن التحقيقات الأولية بشأن التسجيل الصوتي أشارت إلى أن الشخص الذي وجهت إليه أصابع الاتهام لم تثبت علاقته بالتسجيل، وأن العمل جار للوصول إلى صاحب التسجيل، وتقديمه للعدالة لينال العقوبة المناسبة وفق القوانين المعمول بها في البلاد.

بعد أيام من التوتر.. ترتيبات أمنية متفق عليها بالسويداء
بعد أيام من التوتر.. ترتيبات أمنية متفق عليها بالسويداء

الجزيرة

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

بعد أيام من التوتر.. ترتيبات أمنية متفق عليها بالسويداء

السويداء- أعلن مدير أمن ريف دمشق المقدّم حسام الطحان أن قوات إدارة الأمن العام قد انتشرت في محيط صحنايا وأشرفية صحنايا لضبط الحالة الأمنية، ومنع حدوث مزيد من الاعتداءات الجديدة، وأن الجهات الأمنية الحكومية تمكنت من إلقاء القبض على عدد من الخارجين عن القانون في المنطقة. وألقى الهدوء في صحنايا، بضواحي العاصمة دمشق، بظلاله على محافظة السويداء -ذات الأغلبية الدرزية – وصرّح مسؤول الأمن العام عمار الحريري، أثناء تفقّده بلدة الصورة الكبيرة بعد ظهر اليوم الجمعة، أن الشعب السوري شعب واحد، ولا أحد يرغب بتقسيم البلاد، والقيادة السورية الحالية هي قيادة عادلة لا يضيع عندها حق. قلق وتوتر وزاد التوتر الأربعاء، بعد إطلاق النار الذي تعرضت له مجموعة من فصائل درزية مسلحة في منطقة براق على طريق دمشق السويداء، أثناء توجهها إلى بلدة صحنايا في ريف دمشق لمؤازرة الدروز هناك. وأوضح رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري في جنوب سوريا نجيب أبو فخر، ملابسات ما جرى بأنهم كانوا قد تلقّوا تحذيرا من دمشق بشأن عدم أمان الطريق الواصل ما بين براق ومفرق الحرجلي (بلدات على طريق دمشق السويداء)، أثناء تأمين زيارة مشايخ العقل إلى ريف دمشق ظهر يوم الأربعاء الماضي لأجل التباحث مع الحكومة السورية لتهدئة الاشتباكات في مدينة صحنايا، ونصحتهم دمشق بالتوجه عبر طريق درعا القديم. ويضيف أبو فخر للجزيرة نت "لكننا لم نسلك طريق درعا القديم، وقامت بعض السيارات التي كانت مجتمعة في قرية الصورة الكبيرة بهدف مؤازرة دروز أشرفية صحنايا، باللحاق بسيارات الوفد وتجاوزه، وجميعها كانت مسلحة بأسلحة متوسطة، وهنا تعرضت كامل المجموعة لإطلاق نار مباشر من دون أي إنذار، مما أدى إلى إصابة 6 أشخاص بجروح في لحظة واحدة". وكانت السويداء قد عاشت ليلة طويلة من الرعب بعد دخول مجموعات مسلحة إلى قرية الصورة الكبيرة، وهي أولى القرى الدرزية الملاصقة لريف دمشق، ولم تنجح الفصائل الدرزية المسلحة في إعادة بسط سيطرتها على تلك القرية، منتظرين دخول أرتال قوات الأمن العام التابعة للحكومة، لتفرض التهدئة على الجميع. وذكر محافظ السويداء في وقت سابق من يوم أمس الخميس بأن دخول الأمن العام إلى قرية الصورة الكبيرة جاء للحفاظ على أمن المواطنين هناك من تعديات بعض الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون على حد وصفه. وكانت قرى كناكر وعرى ورساس القريبة من ريف درعا الشرقي قد تعرضت لرشقات من قذائف الهاون ليلة الأربعاء، ثم تعرضت قرى لبين وحران والجرين والدور، وجميعها على طريق السويداء- درعا إلى قصف متفرق بالهاون ليلة الخميس إلى الجمعة. وتطورت هذه المواجهة بعد انتشار تسجيل صوتي على منصات التواصل الاجتماعي منسوب لأحد مشايخ الدروز يسيء للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو ما نفت الحكومة السورية في دمشق أنه يعود للشخص المنسوب إليه. وأدى التسجيل إلى اشتباكات وقع فيها 14 قتيلا بينهم 6 من قوى الأمن العام. أمن المحافظة وعلى إثر هذه التوترات والاشتباكات، علمت الجزيرة نت بأن الشيخ ليث البلعوس قائد قوات مضافة الكرامة (درزية)، والمقرّب من الخطّ السياسي للحكومة السورية، كان يسعى لأخذ الموافقة من مشيخة العقل الدرزية لقبول تطوع الدروز في جهاز الأمن العام، واستلام أمن محافظة السويداء خشية امتداد الاشتباكات إليها. سبق ذلك، إصدار الشيخ حكمت الهجري ، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، وهو أحد مشايخ العقل الثلاثة، صباح أمس الخميس، بيانا تحدث فيه عن ضرورة "توفير حماية دولية للدروز على أثر ما تعرضوا له في صحنايا وجرمانا". لكن مشايخ العقل الثلاثة في السويداء: حكمت الهجري، وحمود الحناوي، ويوسف جربوع عادوا واجتمعوا مساء أمس الخميس بحضور قادة الفصائل العسكرية في المحافظة، ووجهاء المجتمع المحلي، من دون حضور أي ممثل عن الحكومة السورية. وحسب مصادر محلية، هدف الاجتماع إلى حل القضايا العالقة مع الحكومة في دمشق، وفي مقدمتها تفعيل جهاز الأمن العام في السويداء، غير أن البيان الختامي للاجتماع عاد للتأكيد على أن يكون عناصر جهاز الأمن العام من أبناء المحافظة. وعلمت الجزيرة نت بأن الشيخ الهجري هو تمسك بهذا المطلب. وسرعان ما قبلت الحكومة السورية بمخرجات اجتماع ليلة يوم أمس، في تصريحات نسبت لمحافظ السويداء مصطفى البكور، وصار معمولا به على الأرض اعتبارا من اليوم الجمعة. ونصّت التوافقات على: الموافقة على انضمام 700 عنصر من فصائل السويداء إلى جهاز الأمن العام. الموافقة على انتشار عناصر مسلحة محلية في السويداء تحت إشراف الأمن العام، على أن يكون الانتشار داخل المدينة، وعلى مداخلها. استعداد 200 عنصر من أبناء السويداء من المنتسبين إلى الأمن العام للانتشار داخل المحافظة. الترحيب بطلبات أكثر من 1500 من عناصر الفصائل المسلحة، الراغبين بالانضمام إلى جهاز الأمن العام. وقال محافظ السويداء، اليوم الجمعة، إن ما صدر عن مشايخ العقل ووجهاء السويداء "هدفه تحقيق الأمن وطمأنة الأهالي". وأشار بكور في تصريحات للجزيرة الليلة الماضية، إلى استمرار الجهود لتنظيم المحافظة وترسيخ سيادة القانون فيها، كاشفا عن تعيين أكثر من ألفي عنصر من أبناء السويداء في الشرطة بالتزامن مع مشاورات واسعة مع مشايخ العقل والأكاديميين وأعيان المنطقة. ولم ينكر المحافظ وجود معارضة من بعض الفصائل للخطط الحكومية، لكنه شدد على أن غالبية سكان المحافظة يؤيدون وجود وتفعيل قوات أمنية من أبناء المنطقة نفسها. وأكد البكور أن الهدف الأساسي هو أن "تستتب الأمور" في المحافظة، معترفا بوجود "تأجيج وتصور خاطئ" لدى البعض بأن الجيش والأمن يريدون دخول المحافظة بالقوة، مؤكدا أن الإجراءات الأمنية تهدف لحماية المواطنين وليس لاقتحام المحافظة. وحاولت الجزيرة نت الوقوف عند المستجدات العسكرية والميدانية في ريف السويداء الشمالي الشرقي حيث الحدود الإدارية مع العاصمة، وحسب الناطق الرسمي باسم حركة رجال الكرامة، الشيخ باسم أبو فخر، فإنهم يتحصنون منذ صباح الخميس في تلك التخوم، قريبا من مطار خلخلة العسكري، على الطريق الواصل بين دمشق والسويداء. مخاوف من ناحية أخرى، تحدث محمد بركة أحد مؤسسي تجمع القوى الوطنية في السويداء للجزيرة نت، عن "مخاوف كبيرة" من عدم الالتزام بما جاء في التوافقات، ولا سيما كما قال بعد "سلسلة الهجمات التي جاءت عقب اتفاقات سابقة على الأمن والتأكيد على الثقة بالحكومة الجديدة وانتظار تحسين الوضع وتعزيز الأمن". وقال بركة ما حدث يوم أمس من هجمات على الجهة الغربية للسويداء باتجاه درعا، "وعدم تدخل الأمن العام نهائيا، أصبح مبرِرا لعدم الثقة". وأضاف "لا ينبغي أن يحاسب الناس على كلمة أو خطأ شخص مجهول تآمر على سوريا وعلى الدروز". في إشارة إلى التسجيل الصوتي المسيء، والذي أدى إلى موجة اشتباكات عنيفة في جرمانا وريف دمشق. وشدد بركة " تأتي الهجمات في الوقت الذي نسعى فيه للاقتراب والتفاهم مع السلطة الحالية بهدف بناء دولة، ونؤكد تمسكنا، سابقا وحتى الآن، بمواطنتنا السورية، كوننا جزءا لا يتجزأ من هذا الجسم التاريخي". وهذا ما ذهب إليه عضو الهيئة العامة لحراك السويداء محمود السكر، الذي قال للجزيرة نت، إن "أحداث صحنايا افتقدت للحكمة في تعامل الدولة، حيث سمحت لمجموعات "إرهابية" بممارسة العنف ضد أهالي صحنايا، وهم مكون أساسي من الشعب السوري (الطائفة الدرزية)". و"هذا التصرف جاء بسبب تسجيل صوتي مجهول المصدر، وحتى ولو كان مصدره معروفا، فلا يمكن محاسبة مكون ديمغرافي كامل بسببه". ووفق سكر، فإن أفضل سبيل للتعامل مع الوضع الأمني في السويداء هو طمأنة أهلها من خلال تشكيل قوة أمن عام من أبناء المحافظة، وأن يتم سحب السلاح بشكل تدريجي، بدءا من الفصائل، ثم السلاح الفردي على مدى زمني يسمح بتحقيق الطمأنينة لدى السكان". ووسط حذرٍ مشوب بالترقّب، تواصل الفصائل المسلحة في السويداء تحصيناتها الدفاعية على طول الطريق الدولية مع دمشق، خشيةً من اتساع دائرة المواجهات مع عناصر مسلحة في أكثر من موضع في ريف درعا الشرقي. وتعتبر السويداء المحافظة السورية الوحيدة التي تقطنها غالبية درزية، حيث يشكل الدروز نحو 90% من النسيج العام للسكان، وما تبقى ينقسمون بين مسيحيين أرثوذكس شرقيين، ومسلمين سنّة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store