logo
د. عمّار محمد الرجوب يكتب: جلالة الملكة رانيا… الحضور حين يغيب الجسد

د. عمّار محمد الرجوب يكتب: جلالة الملكة رانيا… الحضور حين يغيب الجسد

بقلم :
قال جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين
رانيا… صديقتي وشريكتي وملهمتي
في عيد الاستقلال التاسع والسبعين، حيث تتزيّن القلوب قبل الأعلام، وتحتشد المعاني قبل الحروف، كان المكان يتطلّع بحدسه قبل عينه… إلى ملامح أنيقةٍ غابت عن واجهة الصورة، لكنها لم تغب عن عمق الوطن.
غابت جلالة الملكة رانيا العبدالله عن الحفل الرسمي، لكنّ حضورها كان أثقل من الغياب، وأقرب من الغائبين، وأوفى من الحاضرين.
في منشورٍ على حسابها الرسمي على إنستغرام، أوضحت جلالتها سبب الغياب، قائلة:
" كل عام ووطننا بألف خير. حفل الاستقلال جنب سيدنا الأحب على قلبي كل سنة. للأسف هالمرة تابعته من العقبة عالتلفزيون بسبب الالتزام بفترة راحة لعلاج بسيط لألم في الظهر بعد ما انضميت لنادي الديسك الأردني، وحبيبتي إيمان الله يرضى عليها مش مقصرة".
الملكة التي اعتادت أن تكون، فشعر بها كلّ من اعتاد دفء طلّتها، وصدق تعبيرها، وأنيقة التزامها تجاه الشأن العام، فكان غيابها "حدثًا" لا يُفتعل، بل يُستشعر، تمامًا كما يُفتقد العطر حين يغيب عن الذاكرة لا عن المكان.
الملكة التي علّمت الأردنيين أن الحضور ليس في البروتوكولات بل في القلوب، وأن الوطن لا يُخاطب بالكلمات فقط، بل يُغزل بالإحساس، ويُبنى بالحبّ والصدق والرؤية، جعلت من كل غيابٍ لها فرصة للتأمّل في وزنها الحقيقيّ في الوعي الجمعيّ… في وجدان الناس لا في عدسات الكاميرات.
لم تكن جلالة الملكة غائبة عن الوطن يومًا… فمن مشروع التعليم إلى رعاية الأطفال، من دعم المرأة إلى إحياء الحرف اليدوية، من تطوير القرى الأقل حظًا إلى تمكين الشباب، ومن الدفاع عن صورة الإسلام إلى صناعة الأمل… مواقفها ليست مواقف عابرة بل محطات مشرفة تعيد تعريف الدور الحقيقي للملكة في الزمن الصعب.
ومن جهة أخرى، يمضي وليّ العهد بخطىً واثقة، يُوزّع التواضع من ذات السقف الذي علّمهما كيف يكون الشموخ منبثقًا من التراب لا من الأبراج، يواصل طريق الخدمة والعطاء كامتدادٍ طبيعيٍّ لقيم ملكٍ وملكةٍ آمنوا دومًا بأنّ المسؤولية تبدأ من الإنسان… وتعود إليه.
لم يكن غياب الملكة عن الحفل تخلّيًا، بل استراحة إنسانية نبيلة، بعد أن أوضحت في منشورها أنها تتابع الحفل من العقبة، التزامًا بفترة راحة لعلاج ألم في الظهر.
وهذا الغياب ليس غيابًا فعليًا، بل تجلٍّ آخر لحضورها النوعي… حضورٌ يُترجم العطاء بصور متعددة، ويُعيد تعريف القرب بأنه ليس دائمًا مكانيًا، بل وجداني، عاطفي، وفكري.
الملكة رانيا… الغالية التي حين تغيب، لا يغيب الأثر، ولا يغادر الانطباع، ولا تبهت الرسالة.
الملكة رانيا… السيّدة التي وضعت للأنوثة كرامة، وللأناقة هدفًا، وللذكاء خلقًا، وجعلت من دور الملكة عمقًا إنسانيًا لا زينةً شكلية.
وغابت، فامتلأ الكرسي بصورتها لا بجسدها، وبذكرها لا بصوتها، وبحنينٍ جماعيٍّ كشف كم أصبحت قريبة من كلّ بيتٍ أردنيّ… حتى ظنّ البعض أنها واحدة من عائلاتنا.
هكذا تغيب الملكات… حين يُجبرهنّ الحُبُّ على التواري، لا الابتعاد…
وحين يترجمن معنى المسؤولية في بيت الأب، تمامًا كما في حضن الوطن.
فشكرًا لغيابٍ كشف كم أنتِ حاضرة،
وشكرًا لفراغٍ أفصح كم أنتِ ممتلئة بالمعنى…
وشكرًا لعيدٍ استدلّ بكِ، حتى وإن لم ترفرف يدكِ بين الأيادي.
فأنتِ في الوجدان… حيث لا تصل كاميرات التلفاز.
وأنا أقول:
"الغياب لا يعني الرحيل، بل هو شكلٌ راقٍ من أشكال الحضور… حين تكون القيم هي التي تمثّلك."
وهنا أقول شعرًا:
رَانيا… يا سيدةَ الضوءِ حين تَغيبينْ
يبقى البهاءُ على العرشِ منكَ يَستَبينْ
فأنتِ الحضورُ، وإن غابَ طيفُ الجمالِ
وأنتِ الدليلُ، وإن غابَ خطوُ اليقينْ
️ بقلم د. عمّار محمد الرجوب

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

معركة نهر طلاس .. المواجهة التي أدخلت الإسلام لآسيا الوسطى
معركة نهر طلاس .. المواجهة التي أدخلت الإسلام لآسيا الوسطى

سرايا الإخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • سرايا الإخبارية

معركة نهر طلاس .. المواجهة التي أدخلت الإسلام لآسيا الوسطى

سرايا - أطلق بودكاست سرايا مؤخرًا ثالث حلقات برنامج زمن الفاتحين، الذي يأتي ضمن سلسلة حلقات متتالية تسلط الضوء على أبرز الانتصارات الإسلامية والفتوحات التي شكلت ملامح الدولة الإسلامية في بداياتها، الذي يعده ويقدمه الدكتور محمد طاهر عزام. وفي الحلقة الثالثة، روى الدكتور عزام، بأسلوبه المشوق والمميز سردًا تاريخيًا لمعركة نهر طلاس، حيث تحدث عن أبرز التخطيطات العسكرية التي قام بها القائد زياد بن صالح الحارثي الذي انتدبه أبي مسلم الخراساني، في مواجهة جيش الصين. واستعرض الدكتور عزام، هذه المعركة الحاسمة التي كانت أحد الوحيدة وواحدة من أهم المعارك في التاريخ الإسلامي؛ حيث كانت هذه المعركة؛ سببًا في دخول الإسلام إلى منطقة أسيا الوسطى، وأثبتت الخلافة العباسية هيبتها وسطوتها للجميع. وتاليا الفيديو عبر موقع سرايا:

مجلة "كتاب" تتناول أعمال الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا
مجلة "كتاب" تتناول أعمال الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا

الدستور

timeمنذ 3 ساعات

  • الدستور

مجلة "كتاب" تتناول أعمال الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا

عمان – الدستور - عمر أبو الهيجاء تناولت مجلة "كتاب" في عددها الـ 80، إبداع الروائي البيروفي العالمي، ماريو بارغاس يوسا وجوانب من سيرته. ووصفت المجلة الكاتب الذي تصدّرت صورته غلاف العدد، بأنه "آخر الأدباء الكبار في أميركا اللاتينية"، وأنّه يتميز بأسلوبه اللاذع واستخدامه صوراً مجازية مبتكرة. وتشكّل أعمال الأديب الذي رحل في 13 أبريل/ نيسان الماضي، رحلة جمالية وفكرية لفهم الطبيعة الإنسانية بكل تناقضاتها. وتضمن عدد يونيو/ حزيران من المجلة الشهرية التي تصدر عن هيئة الشارقة للكتاب، دراسات ومقالات وموضوعات في مجالات الكتابة والنشر والقراءة، من بينها حوار مع الكاتب السنغالي، تفسير نديكي دياي، العائدة أصوله لعائلة مرابطيّة نشرت الإسلام في مدينة ثيادياي، والذي قال في الحوار إنّ اللغة العربية حاضرة في السنغال منذ قرون، مؤكداً على دور الأدب في إيقاظ الضمائر. وفي افتتاحية العدد الجديد، كتب الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، رئيس تحرير المجلة، أحمد بن ركاض العامري عن دور المعهد الثقافي العربي في ميلانو، بقوله إنّ نشاط المعهد "يتواصل نوعيّاً وكميّاً، منذ صباح الجمعة، في 30 أغسطس/ آب 2024، عندما افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، مقر المعهد في قلب جامعة القلب المقدس الكاثوليكية في المدينة الإيطالية"، مضيفاً "عندما أطلق سموه مبادرته العالمية بإنشاء شبكة للمعهد الثقافي العربي في عواصم ومدن ثقافية في مختلف القارات، كان الحاكم الحكيم يعرف أن هذه المبادرة الاستراتيجية بالغة الأهمية والضرورة لتعريف شعوب العالم بثقافتنا العربية وقيمها النبيلة، ونشر لغة الضاد، وفتح جسور للحوار الثقافي المتكافئ بين الشرق والغرب". وتابع أحمد العامري "على الرغم من أن المعهد لم تمرّ على تأسيسه سوى تسعة أشهر، إلّا أنه يواصل نشاطه المتميز في إطار مشروع الشارقة الثقافي التنويري، وبتوجيهات الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب التي تؤكد دائماً على أهمية الثقافة في العلاقة بين الشعوب، وتؤكد على دور شبكة المعهد الثقافي العربي في تعزيز الحوار الثقافي وتعمير العلاقات بالتفاهم والتعاون والشراكة، انطلاقاً من مبادرات الشارقة العابرة للقارات، والمتجاوزة لكل الحدود والحواجز والجدران". ونشرت المجلة موضوعات عن أدباء وكتّاب ومفكرين من الجزائر، فرنسا، ألمانيا، سلوفينيا، بيرو، إسبانيا، مصر، عُمان، المغرب، الكويت، تشيلي، فنزويلا، العراق، تونس، هولندا، وإيرلندا. وفي زاوية "رقيم"، كتب مدير تحرير المجلة، علي العامري، عن أدب الرحلة، قائلاً "يفتح هذا الأدب نافذة على سيرة الناس والجغرافيا"، مضيفاً أنّ الرحّالة "يصوّر لنا حالاته والصعاب التي يعبرها والمحطات التي يتوقف فيها، حتى أننا ونحن نقرأ خطوط رحلته نتعرف على مزاجه وثقافته ودقة ملاحظاته لتفاصيل في زمان محدد ومكان مقصود".

الكويت.. مشهد إنساني لعامل توصيل مع قطة يثير تفاعلاً
الكويت.. مشهد إنساني لعامل توصيل مع قطة يثير تفاعلاً

جو 24

timeمنذ 4 ساعات

  • جو 24

الكويت.. مشهد إنساني لعامل توصيل مع قطة يثير تفاعلاً

جو 24 : أثار عامل توصيل في الكويت موجة تفاعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما التُقط له مقطع فيديو وهو يقوم بتصرّف إنساني لافت تجاه قطة صغيرة كانت على وشك الهلاك من شدة الحر. وتحوّل المشهد الذي صُوّر خلسة من أحد المارة في ساحة انتظار سيارات إلى حديث الناس في الكويت وخارجها، حيث تداوله الآلاف وأعادوا نشره مع تعليقات مؤثرة تشيد بإنسانيته وتعاطفه مع الكائنات الضعيفة. ويُظهر الفيديو العامل وقد ترجّل من مركبته واقترب من قطة تبدو في حالة إنهاك شديد، فحملها برفق وجلس بها في الظل، ثم أخرج زجاجة ماء وسكب بعضه في كفه محاولًا أن يسقي القطة، ثم احتضنها بهدوء، وبدأ يطمئن على حالها دون أن يكترث بحرارة الجو أو بعمله الذي تركه جانباً في تلك اللحظة. صاحب الحساب الذي نشر الفيديو على "إنستغرام" أرفقه بتعليق قال فيه: "هذا الرجل جعلني أبكي عندما رأيناه في موقف السيارات.. جزاه الله خيراً على وقته لمساعدة هذه القطة المسكينة في هذا اليوم الحار". الفيديو حصد ملايين المشاهدات ومئات الآلاف من التفاعلات، وسط سيل من التعليقات التي أجمعت على تقدير الموقف الإنساني النبيل للعامل، بل وطالب كثيرون من يعرفه أن يتواصل معهم لمساعدته إن كان بحاجة إلى دعم، تقديراً لما فعله. تابعو الأردن 24 على

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store