
أعمال سحر في المقابر! بين التهويل والتهوين!
خلال الأسابيع الماضية، تطوّع بعض الشّباب في كثير من مدن وبلدات الوطن، في حملات لتنظيف المقابر، وقد فوجئوا بالكمّ الهائل من أعمال السّحر التي وجدوها في القبور، أعمال من عُقد وصور عليها طلاسم. ومع أنّ رواد مواقع التواصل الاجتماعي توسّعوا في نشر الصّور دون مراعاة لخصوصية أصحابها، وانخرط كثير منهم في حملة تضخيم وتهويل ضررها أكثر من نفعها، إلا أنّ الموضوع يحتاج إلى وقفة جادّة؛ فلم يعد في صالح المجتمع الإصرار على إهمال هذه المعضلة، بحجّة انتشار الوساوس والأوهام واستشراء ثقافة البحث عن مبرّرات للفشل.
كثير هم أولئك الذين يبحثون عن مبرّرات لفشلهم في الحياة، أو عن أسباب أخرى غير واقعية تغطّي على الأسباب الحقيقية لما نزل بهم من ضيق وتأخر في تحقيق المطالب، وهؤلاء من الواجب أن يؤخذ بتلابيبهم ليستفيقوا من غفوتهم ويتركوا أوهامهم ويتخلّوا عن مبرّراتهم الواهية التي أقنعهم بها شياطين الجنّ والإنس.. لكنّ وجود السّحر وتأثيره الملموس أصبح من الكثرة والانتشار إلى حدّ جعل التّهوين من شأنه لا يقلّ خطورة عن التهويل.
كلّ المقابر التي عرفت حملات تنظيف، وجد فيها الشّباب من أعمال السّحر ما يفوق التوقّعات؛ شباب في عمر الفتوّة والعطاء، وفتيات ونساء في عمر الزّهور، أعدّت لهم أعمال سحر قلبت حياة كثير منهم رأسا على عقب، فمنهم من يعاني الهموم والغموم والكآبة، ومنهم من أصيب بأمراض نفسية وبدنية لم يجد الطبّ لها تفسيرا ولا أثرا، ومنهم من اختلط عقله، ومنهم من يعاني الوساوس المبرحة، ومنهم من تعسّرت وتعطّلت أموره، ومنهم من يكابد مشاكل أسرية لا يكاد يعرف لها سببا، ومنهم من مات بقضاء الله أولا ثمّ بسبب تلك الأعمال الشيطانية التي يعملها سحرة كفرة.
السّبب في أعمال السّحر هذه هو في الغالب نساء خلت قلوبهنّ من خوف الله، وبعن آخرتهنّ بالدّنيا. نساء عشعش الحقد والحسد في قلوبهنّ، وحسدن عباد الله على ما آتاهم من فضله واعترضن على الله في قسمة أرزاقه بين عباده؛ فسلكن أقصر الطّرق وأحقرها للتنفيس عن أحقادهنّ الدّفينة وبلوغ مآربهنّ الخسيسة. ترى الواحدة منهنّ نعمة اختصّت بها جارتها أو قريبتها أو زوجة حماها، فلا تدعو لها بالبركة، بل تحسدها وتحقد عليها وتتمنّى زوال تلك النّعمة عنها، بل تسعى في إزالتها بالاستعانة بشرار خلق الله من السّحرة والمشعوذين.
تجد –مثلا- زوجةً تسمع من أختها كيف يعاملها زوجها بالمودّة والرّحمة، أو ترى جارتها تسعد بحسن معاملة زوجها، وبدل أن تتقي –الحاسدة- الله في زوجها وتحسن عشرته وتتودّد إليه لعلّه يحسن إليها، إذ بها تختار طريق السحر والشعوذة، فإمّا أن تسحر زوجها هي ليتحوّل إلى خاتم في يدها، أو تطلب لزوج جارتها أو أختها سحرا من ساحر خبيث، في صورة الزّوج أو شيء من أثره، ليتحوّل ذلك الزّوج إلى زوج غضوب صخاب يرى زوجته شيطانا بعد أن كان يراها ملاكا!
تجد أُمًّا تريد أن تنتقم من زوجة ابنها لأنها ترى أنّها أخذت منها ابنها، فتلجأ إلى السّحرة.. وتجد زوجة ترى أولاد حماها -أي أخي زوجها- ناجحين في دراستهم منظّمين في حياتهم، في حين ترى أبناءها فاشلين في دراستهم وحياتهم، وبدلا من أن تسأل الله أن يصلح لها أبناءها وتتعب في تربيتهم وإصلاحهم، تختار طريق الشّيطان، طريق الكفر والظّلم والفساد، وتلجأ إلى ساحر كافر ليعدّ لها سحرا لأسرة حماها، على صورةٍ توضع في قبر من القبور، أو في عُقد توضع في بيت المسحور أو بخور ومياه ترش عند بابه!
هناك أشباه رجال –بينهم مثقّفون!- ينفقون الملايين على السّحرة لأجل أن ينفّسوا أحقادهم في عباد الله المؤمنين، وهناك نساء قلوبهنّ قلوب الشّياطين، يعرفن كلّ السّحرة، بل وأصبحن معروفات وزبونات دائمات عند المشعوذين.. وهناك سحرة ومشعوذون يتظاهرون بأنّهم رقاة يرقون بالقرآن ويلبسون للنّاس لباس الصّلاح، وهم من أفجر خلق الله، ولو وجد الواحد منهم سبيلا إلى الفواحش ما تركه. يشترون الكفر بالإيمان ويطيعون الشّياطين ويشركون بالله ويمتهنون كلام الله يكتبونه بالنجاسات ودماء الحيض، ويدخل الواحد منهم بيت الخلاء بالمصحف وربّما يربط المصحف في قدمه ويدخل به الخلاء، كلّ ذلك لأجل أن يَرضى عنه الجنّ ويخدموه ويأتوه بأخبار النّاس ويعينوه في التنكيل بعباد الله!
فما هذا الذي يحصل في واقعنا؟ ما هذا الدّرك السّحيق الذي أوصلنا إليه الشّيطان وأوصلتنا إليه الأنفس المريضة الأمّارة بالسّوء، حتى يرضى عبد مسلم بأن يتخلّل من دينه ويكفر بالله ويخسر آخرته، لأجل أن يُنفّس حقده على جاره أو قريبه أو شريكه؟! أيّ كراهية هذه وأيّ حقد هذا الذي ملأ به الشّيطان قلوبنا؟ ثمّ لأجل ماذا؟! لأجل دنيًا فانية. لأجل عرض فانٍ ترضى امرأة بأن تبيع دينها وتفسد آخرتها وتضمن لنفسها النّار وتُحل عليها لعنة الله والملائكة.
أذية المسلمين كبيرة من أعظم الكبائر
إنّه لا يجوز أبدا لعبد مؤمن أن يلجأ إلى السّحرة لأجل أن يصلح دنياه، ومن لجأ إلى السّحرة والمشعوذين لأجل أن يصلح تجارته أو عمله أو بيته، فقد أتى بابا من أبواب الكبائر، بل قد يرتكس في الكفر، يقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: 'مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم'، هذا فيمن يصدّق كلام السّاحر والعرّاف، كيف بمن يطلب منه عمل سحر؟ ثمّ كيف بمن يلجأ إلى السّاحر أو المشعوذ ليفسد دنيا إخوانه المسلمين من حوله ويلحق بهم الأذى في أنفسهم وأهليهم وأبنائهم وأموالهم؟ واللهُ –تعالى- يقول: ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا))، ويقول –سبحانه-: ((إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ))؟ إنّ أذية المسلم ذنب عظيم، فكيف بمن يؤذي المسلم بعمل سحر يطلبه من ساحر كافر؟
من تكلّم في مسلم غيبة بأمر موجود فيه حقيقة، فقد أتى كبيرة من الكبائر، ومن نظر إلى مسلم باحتقار فقد اقترف ذنبا عظيما، ومن وضع شوكة في طريق مسلم فقد أتى إثما مبينا، كيف بمن يصل به الأمر إلى حدّ أن ينغّص حياة عبد مسلم ويتسبّب في جنونه أو مرضه وتشتيت أسرته؟
صعد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- المنبرَ يوما فنادى بصوتٍ رفيع فقال: 'يا معشرَ من أسلم بلسانِه ولم يُفْضِ الإيمانُ إلى قلبه، لا تؤذوا المسلِمين، ولا تعيّروهم، ولا تتَّبعوا عوراتِهم، فإنّه من تتبّع عورةَ أخيه المسلم تتبّع الله عورتَه، ومن تتبّع الله عورتَه يفضحه ولو في جوفِ رحله' (الترمذي).. بل وحذّر من أذية المسلمين في أمر نحسبه هيّنا، قال: 'إيّاكم والجلوسَ في الطرقات'. قالوا: يا رسول الله، ما لنا بدّ في مجالسنا، نتحدّث فيها! فقال: 'إذا أبَيتم إلاّ المجلس فأعطُوا الطريقَ حقَّه'، قالوا: وما حقُّ الطريق يا رسول الله؟ قال: 'غض البصر، وكفّ الأذى، وردّ السّلام، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر' (رواه مسلم)، وقال: 'من آذى المسلمين في طرقِهم وجبت عليه لعنتُهم'. هذا فيمن يؤذي المسلمين في طرقهم، يغلقها عليهم أو يجلس في الطّرق ينظر إلى النّاس؛ كيف بمن يؤذيهم في أنفسهم؟ يقول -عليه الصلاة والسلام-: 'لا يدخل الجنَّةَ من لا يأمن جارُه بوائِقه'(مسلم)، والبوائق هي الشرور. ولما قيل له: يا رسول الله، إنّ فلانة تصلّي الليلَ وتصوم النّهار وتؤذي جيرانَها بلسانها، قال: 'لا خيرَ فيها، هي في النّار'.
هذا في حقّ من تؤذي جيرانها بالكلام والنّظر والتضييق، كيف بمن تؤذي جيرانها بأعمال السّحر والشّعوذة؟ هذا فيمن تؤذي جارتها، كيف بمن تؤذي أقاربها وأرحامها؟ يقول الفضيل بن عياض -رحمه الله-: 'لا يحلّ لك أن تؤذيَ كلبًا أو خنـزيرًا بغير حقّ، فكيف بمن هو أكرم مخلوق؟!'.
من العجائب أنّك تجد بعض النّساء يصلّين الجمعات في بيوت الله، ومنهنّ من تصلّي التراويح في المسجد، لكنّها مع ذلك تطرق أبواب السحرة والمشعوذين، لأجل أن تنفّس حقدها في المسلمات والمسلمين! ألا تعلم هؤلاء النّسوة أنّ السّحر كفر، وأنّ السّاحر كافر ولو تظاهر بأنّه يصلّي ويصوم ويحجّ ويعتمر؟ ألا يعلمن أنّ من يطلب السّحر من السّحرة أيضا كافر في قول بعض العلماء، وفاسق ظالم على حافة الكفر عند علماء آخرين؟
ألا يعلم هؤلاء النّسوة أنّ السّاحر ومن يعينه ومن يستعين به لا يفلحون في الدّنيا ولا في الآخرة، فهم في الدّنيا من أراذل النّاس وأحقرهم، وفي الآخرة من أهل الويل والثّبور: يقول الله تعالى: ((وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حيث أتى))، ويقول –سبحانه-: ((مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِين)).
ألا تعلم هؤلاء النّسوة أنّ الظّلم وبال في الدّنيا وظلمات يوم القيامة؟ هل نسين أنّ الله قضى أن ينتقم من الظّالم في الدّنيا ويذيقه الوبال في الآخرة؟ هل أنساهنّ الشّيطان أنّ دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب؟ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: 'واتّق دعوةَ المظلوم، فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب'(مسلم)؟ يقول أحد العلماء: 'احذر أشدّ الحذر ممّن لا يملك لك أمام ظلمك له إلا أن يقول: حسبي الله ونعم الوكيل'. المشكلة ليست فيمن يخاصمك ويردّ عليك الإساءة بمثلها، إنّما المشكلة فيمن لا يجد معك حيلة إلا أن يقول: 'حسبي الله ونعم الوكيل'.
ربّما يُملي الله للظّالم أو للظّالمة التي تمتهن السّحر لتؤذي جيرانها وأقاربها، فتظنّ أنّها قد كسبت المعركة، يؤخّرها الله حتى تنسى ما فعلت أو تكاد تنساه، حتى إذا سلّط عليها انتقامه ندمت حيث لا ينفع النّدم، فربّما يكون من ظلمتهم وآذتهم تحت التّراب، وربّما يكونون بين الأحياء لكنّهم لا يستطيعون مسامحتها لأنّ الأذى عظيم والحصاد مرّ.
هذه بعض أسباب انتشار الحسد والسّحر
هذا الواقع الذي وصلنا إليه، حتى امتلأت مقابرنا بأعمال السّحر! المقبرة التي يفترض أن نتذكّر فيها الموت، ونتذكّر ظلمة تلك الحفر وعذاب القبر، ونتذكّر الحساب بين يدي الله، إذ بنا نستغلّها لأذية عباد الله! أيّ قلب تحمله امرأة تدخل المقبرة وتتّجه إلى قبر تحته نعيم أو عذاب، وصاحبه يتمنّى لو يرجع إلى الدّنيا ليسجد سجدة أو يتلو آية أو يسبّح تسبيحة، تلجأ إلى هذا القبر لتضع سحرا لعبد مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله؟!
هذا الواقع الذي وصلنا إليه، له أسباب، من أهمّها: عِظم الدّنيا في قلوبنا وأعيننا. أصبحت الدّنيا كبيرة في أعيننا حتى نسينا بسببها الآخرة والحساب. أمسينا نتحاسد على دنيا زائلة متاعها لا يساوي شيئا أمام متاع الآخرة. أصبحنا نتحاسد على المظاهر الفانية، على الألبسة والخرق، وعلى حليّ الذّهب، وعلى السّكنات والسيارات والأراضي.. ووالله إنّه لا صلاح لأحوالنا إلا إن نحن أرجعنا الدّنيا إلى حجمها الحقيقيّ، وجعلنا الآخرة همّنا وغايتنا.. ماذا يضرّك –أخي المؤمن- لو فاز عليك أخوك أو قريبك أو جارك بحظوظ الدّنيا، وفزت أنت عليه بحظّ الآخرة، فحرصت على صلاتك وكلام ربّك وربّيت أبناءك على حبّ القرآن والمساجد؟ هي أيام قليلة وتفنى الدّنيا ولا يبقى إلا العمل الصّالح. من رأيته قد فتح الله له من حظوظ الدّنيا ما فتح، فاسأل الله أن يبارك له فيما أعطاه ولا يشغله به عن الآخرة، واسأل الله أن يعطيك كما أعطاه، ونافس أخاك بشرف، فإن أعطاك الله فاحمده، وإن حرمك فأحسن به الظنّ وقل: عسى أن يكون خيرا، لعلّ الله يؤخّر لي نصيبي إلى الآخرة.
من أسباب انتشار السّحر كذلك: استهانتنا بالظّلم والمظالم: تجد المرأة تظنّ أنّها عندما تصلّي التراويح في المسجد فقد أدّت ما عليها! وتجد الرّجل يظنّ أنّه متى ما حجّ أو اعتمر فإنّ ذلك يمحو كلّ ذنوبه. فلا يعبأ بظلم إخوته وجيرانه وأقاربه، ولا يعبأ بما تفعله زوجته وبناته في حقّ الجارات والقريبات! وبعض النّاس يسوّل لهم الشّيطان أن يؤذوا عباد الله بشتى أنواع الأذى ويحدّثهم بالتوبة والإصلاح في آخر العمر، كما قال إخوة يوسف: ((اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)). وهؤلاء لا يدرون أنّ الظّالم المصرّ على الظّلم لا يوفّق في الغالب للتّوبة، وحتى لو تاب فإنّه يحتاج إلى طلب العفو من كلّ من ظلمهم، وقد لا يوفّق لذلك، وحتى لو طلب العفو ممّن ظلمهم، فلا يضمن أن يسامحوه ويعفوا عنه؟
ومن أسباب انتشار السّحر ورواج تجارة السّحرة –كذلك-: الغفلة عن القرآن وعن ذكر الله: أصبحنا لا نقرأ القرآن إلا قليلا وننسى تحصين أنفسنا وبيوتنا وأبنائنا بكلام الله وبأذكار الصّباح والمساء، وكادت بيوتنا تخلو من القرآن ومن ذكر الله، فتسلّطت علينا الشّياطين، وأصبحت تشاركنا بيوتنا ومآكلنا ومشاربنا، فسهل على السّحرة وعلى أوليائهم أن يَصِلوا منّا إلى مآربهم! ننسى أنّ البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا تدخله الشياطين، وننسى أنّ سورة البقرة تُعجز السّحرة، وننسى أنّ آية الكرسيّ بعد الفجر وبعد العصر تحصّن صاحبها، وننسى أنّ لزوم قراءة المعوّذتين يحصّن -بإذن الله- من السّحر والمسّ والعين، وننسى أنْ نحصّن أبناءنا بما كان النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- يحصّن به الحسن والحسين –رضي الله عنهما-، حيث كان يعوّذهما قائلا: 'أعيذكما بكلمات الله التامّة من كلّ شيطان وهامّة ومن كلّ عين لامّة'، ويقول كذلك: 'أعيذكما بكلمات التامّات من شرّ ما خلق'.
نعم، قد يحرص العبد على صلاته وعلى أذكار الصّباح والمساء، ومع ذلك يقدّر الله له أن يبتلى، لكنّ هذا قليل، والغالب أنّ من يصابون بالسّحر إنّما يصابون بسبب تفريطهم في تحصين أنفسهم وأهليهم وبيوتهم وأبنائهم.
منكر يجب أن يحاصر
إنّه لمنكر عظيم أن ينتشر السّحر في أمّة مسلمة، ويصبح للسّحرة فيها شأن ويكون لهم زبائن يتدافعون على أبوابهم.. السّحر كان من أعمال الشّياطين ومن أعمال اليهود الملاعين، وليس يليق أن يصبح من أعمال عبادٍ يفترض أنّهم مسلمون.. علينا جميعا أن نتعاون في محاربة السّحر، وفي توعية من يطرقون أبواب السحرة، ونُعلّم النّاس كيف يُميّزون بين السّاحر والمشعوذ والراقي، ونبلّغ الجهات المسؤولة عن السّحرة ونشهّر بهم حتى يحذرهم النّاس.. والجهاتُ المسؤولة من واجبها أن تتحرّك لوضع حدّ لهؤلاء السحرة والدجّالين والمشعوذين الذين يأكلون أموال النّاس بالباطل ويؤذون عباد الله المؤمنين، وتُسَلّط عليهم أشدّ العقوبات الممكنة.. ومن واجبنا قبل هذا وذاك أن نراجع أحوال بيوتنا ونتقصّى أعمال أبنائنا وزوجاتنا وبناتنا، فلربّما يصلّي الرّجل في بيت الله ويحسب نفسه على خير، وزوجتُه وبناته يطرقن أبواب السحرة والمشعوذين، ويؤذين عباد الله المؤمنين، ويوم القيامة يحاسب على تفريطه في أمرهنّ وعدم اهتمامه بسعيهنّ. فـ'كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته'.
ليس كلّ فاشل هو بالضّرورة مسحور!
أخيرا لعلّ من الواجب أن نعود لننبّه إلى مسألة مهمّة: هناك كثير من شبابنا وفتياتنا ضاقت بهم الدّنيا وتعسّرت أمورهم وابتلوا بالأسقام والأمراض، بسبب السّحر، وهناك من تعطّل عن الزّواج والعمل بسبب السّحر.. لكن ليس كلّ من ابتلي بتعسّر الأمور وبالأمراض والأسقام هو بالضّرورة مسحور، فقد تسلّط الأمراض على عبد وتغلق في وجهه الأبواب ابتلاءً وامتحانا، وقد يكون ذلك بسبب خموله وكسله وتواكله، وقد يكون بسوء طويته أو بسبب ظلمه لعباد الله، أو بسبب أكل الحرام، أو بأي سبب آخر، والعبد المؤمن قبل أن يتّهم النّاس بأنّهم سحروه وحسدوه يجب عليه أن يفتّش في نفسه وحاله، فلعلّ ذلك بما كسبت يده، ثمّ يبحث بعد ذلك عن الأسباب الأخرى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ 13 دقائق
- فيتو
سبب لمغفرة الذنوب، تعرف على فضائل حج بيت الله الحرام
ورد سؤال إلى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يقول فيه صاحبه:"ما هو فضل حج بيت الله الحرام؟". وجاء رد المركز على هذا السؤال كالتالي: الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد رغب الشرع الحنيف في أداء فريضة الحج ترغيبًا أكيدًا، أوجبه على من استطاعه، فهو من أفضل الأعمال التي يُتقرب بها إلى الله: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ بِاللَّهِ»، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ أَوْ عُمْرَةٌ» [أخرجه النسائي]، والحج المبرور: هو الحج الذي لا يخالطه إثم. ما هو فضل حج بيت الله الحرام؟ كما أن الحج سبب لغفران الذنوب: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». [أخرجه البخاري ومسلم] وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجِّ الْمَبْرُورِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ». [أخرجه الترمذي] والحج كالجهاد فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: إِنِّي جَبَانٌ، وَإِنِّي ضَعِيفٌ. قَالَ: «هَلُمَّ إِلَى جِهَادٍ لَا شَوْكَةَ فِيهِ، الْحَجُّ». [أخرجه عبد الرزاق، والطبراني] وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» [أخرجه البخاري]. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


التلفزيون الجزائري
منذ 16 دقائق
- التلفزيون الجزائري
المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي نور الدين عزوز – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري
تقدمت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية, بأصدق تعازيها إلى عائلة الصحفي نور الدين عزوز, الذي وافته المنية اليوم الثلاثاء. وجاء في نص التعزية: 'بتأثر وحزن عميق, تلقت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية نبأ فاجعة انتقال الصحفي القدير نور الدين عزوز إلى جوار ربه, تغمده الله بواسع رحمته, بعد مسيرة طويلة من العطاء الإعلامي الملتزم والمحترف, عبر العديد من المنابر الإعلامية في الصحافة المكتوبة'. وإثر هذا المصاب, 'تتقدم المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية بأصدق تعازيها إلى عائلته, وإلى الأسرة الإعلامية قاطبة. نتضرع إلى الله العلي القدير بأن يرحمه ويغفر له ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.


مصراوي
منذ 16 دقائق
- مصراوي
الشيخ أحمد خليل يحذر من خطأ شائع بين الحجاج عند الحجر الأسود
حذّر الشيخ أحمد خليل، أحد علماء وزارة الأوقاف، من خطأ شائع يتكرر كل عام في موسم الحج، يتمثل في التدافع الشديد حول الحجر الأسود، والسعي الحثيث لتقبيله بأي وسيلة، ولو ترتب على ذلك إيذاء الحجاج الآخرين. وقال الشيخ خليل في تصريح خاص لمصراوي: "من المؤسف أن بعض الحجاج يظنون أن تقبيل الحجر الأسود ركن لا يتم الحج إلا به، فيندفعون في الزحام ويدفعون الناس ويؤذونهم، وربما صدرت عنهم ألفاظ أو تصرفات لا تليق بمقام العبادة، بينما الحقيقة أن تقبيل الحجر سنة، لا ينبغي أن تُؤدى على حساب حرمة المسلمين وسلامتهم". وأكد أن "النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قدوتنا في أداء المناسك، ما كان ليؤذي أحدًا في سبيل تقبيل الحجر، بل إذا لم يتمكن من الوصول إليه، اكتفى بالإشارة إليه من بعيد"، مشددًا على أن "إيذاء المسلم حرام، بينما تقبيل الحجر سنة، ولا تُقدَّم السنة على الحرام". ودعا الشيخ الحجاج إلى التحلي بالرفق والرحمة والتعاون، معتبرًا أن "الحج ليس مجرد أداء شعائر، بل هو تدريب روحي على حسن الخلق وضبط النفس، وميزان الحاج عند الله لا يُقاس بعدد المرات التي قبّل فيها الحجر، بل بمدى التزامه بالسكينة والتقوى واحترام حقوق الآخرين.