
يوتيوب يخفف رقابته الصارمة على المحتوى لحماية حرية التعبير
بدأت منصة يوتيوب اتباع سياسة جديدة في التعامل مع المحتوى المنشور على منصتها، تركز على تخفيف الرقابة وتقليص معدلات حذف الفيديوهات المثيرة للجدل. وقد أعلنت الشركة أن هذه الخطوة تأتي في إطار سعيها لحماية مبدأ حرية التعبير، خاصة فيما يتعلق بالمحتوى الذي يصب في "المصلحة العامة". إلا أن هذه السياسة الجديدة أثارت كثيراً من الجدل، خصوصاً بعد السماح ببقاء فيديوهات تحتوي على معلومات خاطئة أو مضللة، تحت ذريعة أن النقاش العام يجب أن يُمنح مساحة أوسع.
تعديل معايير الحذف وإعادة تدريب الموظفين
في خطوة استراتيجية واضحة، قامت يوتيوب بتحديث إرشاداتها الداخلية وتعديل آلية عمل فرق الإشراف على المحتوى. حيث أصبح يُطلب من الموظفين، الذين يتولون مهمة مراجعة الفيديوهات، أن يتحلّوا بمزيد من الحذر قبل اتخاذ قرار بحذف أي محتوى، خاصة إذا كان ذلك المحتوى يتناول مواضيع ذات حساسية مجتمعية أو سياسية.
وتشمل هذه المواضيع مجالات متعددة مثل الانتخابات، الهوية العرقية، قضايا النوع الاجتماعي والميول الجنسية، الإجهاض، الهجرة، وحرية التعبير نفسها. وبدلاً من اعتماد قاعدة الحذف السابقة التي كانت تنص على إزالة الفيديو إذا تجاوزت نسبة المخالفة ربع محتواه، أصبح الآن يتعيّن أن تبلغ نسبة الانتهاك نصف
المحتوى على الأقل كي يتم حذفه.
ليس ذلك فحسب، بل تم تعديل البروتوكولات لتشجيع المشرفين على استشارة مديريهم في حال وجود شك أو تردد، بدلاً من اتخاذ قرارات فردية بالحذف. وتؤكد الشركة أن هذا الإجراء يهدف إلى ضمان دقة أكبر في تقييم المحتوى وعدم الانجراف نحو حذف تعسفي قد يؤثر على النقاش العام.
تؤكد إدارة يوتيوب أنها لا تزال ملتزمة بحماية المستخدمين من المحتوى المؤذي أو الضار، ولكنها في الوقت نفسه تسعى للحفاظ على مساحة آمنة للتعبير الحر. وصرّحت نيكول بيل، المتحدثة باسم المنصة، بأن تعريف "المصلحة العامة" ليس ثابتاً، بل يتطور مع تغير النقاشات والمجتمعات، وأن يوتيوب تقوم بتحديث إرشاداتها بشكل مستمر لتعكس هذا التغير.
السياق السياسي وتأثيره على سياسات الإنترنت
جاءت هذه التحولات في وقت حساس سياسياً في الولايات المتحدة، بعد إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب في نوفمبر الماضي، وهو ما غيّر ملامح المشهد الإعلامي والتقني. لطالما انتقد التيار المحافظ في أمريكا سياسات الرقابة التي تتبعها منصات مثل فيسبوك ويوتيوب، واعتبرها شكلاً من أشكال القمع والتكميم للأصوات المعارضة.
ومع صعود هذا التيار مجدداً إلى الحكم، أصبحت شركات التكنولوجيا الكبرى تشعر بتهديد حقيقي من تدخل الحكومة في طريقة إدارتها للمحتوى. ويبدو أن يوتيوب تحاول التكيف مع هذه الظروف السياسية، عبر تبني سياسات أكثر مرونة في الرقابة، تفادياً لأي صدام مستقبلي مع السلطة.
من اللافت أن يوتيوب ليست الوحيدة في هذا المسار؛ فقد أعلنت شركة "ميتا"، المالكة لفيسبوك وإنستجرام، عن وقف برنامجها للتحقق من المعلومات، في حين سارع إيلون ماسك، بعد استحواذه على تويتر، إلى إلغاء ضوابط الرقابة وتوسيع مساحة النشر، حتى لو كان المحتوى مثيراً للجدل أو مفرطاً في التسييس.
تأثير محدود نظرياً... لكنّه فعلياً أوسع بكثير
تشير إدارة يوتيوب إلى أن التغييرات الأخيرة لن تطال سوى نسبة صغيرة جداً من الفيديوهات المنشورة، مؤكدة أن هذه النسبة لا تمثل سوى "جزء ضئيل" من مجمل المحتوى. غير أن الحقيقة على الأرض قد تكون مغايرة؛ إذ أن الحسابات التي تنتج هذا النوع من الفيديوهات المثيرة غالباً ما تملك جماهير ضخمة وتتمتع بتأثير كبير على الرأي العام.
فعلى سبيل المثال، حسابات الشخصيات الجدلية أو الناشطين السياسيين، مثل روبرت كينيدي الابن، تملك ملايين المتابعين، ويمكن أن يؤدي أي تغيير في سياسات الرقابة إلى توسع غير محسوب في انتشار نظريات المؤامرة أو المعلومات الخاطئة، ما يشكل تهديداً مباشراً للوعي العام، خصوصاً في مجالات حساسة كالصحة والسياسة.
هل تقود الخوارزميات المستخدمين نحو دوامة المؤامرات؟
تبقى الأسئلة الكبرى مطروحة حول الآثار طويلة الأمد لهذه التغيرات. فحتى لو كانت النية المعلنة هي حماية حرية التعبير، فإن الخطر يكمن في قدرة خوارزميات المنصة على دفع المستخدمين بشكل غير مباشر نحو مشاهدة المزيد من المحتوى المضلل أو المثير للريبة.
وقد أثبتت الدراسات أن خوارزميات التوصية في يوتيوب تميل إلى إبراز الفيديوهات التي تثير الجدل، لجذب الانتباه وتحقيق مشاهدات أعلى. وإذا بقيت الفيديوهات المثيرة للمؤامرات أو المعلومات الطبية الخاطئة متاحة أمام المستخدمين، فإنها قد تُضفي شرعية ضمنية على هذه الأفكار، مما يؤدي إلى مضاعفة انتشارها وتعزيز تأثيرها.
نهاية مفتوحة لمعادلة حرية التعبير والمساءلة
في المحصلة، يبدو أن يوتيوب قررت خوض تجربة جديدة في إدارة المحتوى، توازن فيها بين الحذف الحذر وحرية التعبير. لكن هذا التوازن دقيق جداً، وقد ينقلب سريعاً إلى حالة من الفوضى إذا لم يتم ضبطه بآليات رقابية جديدة تراعي تأثيرات المحتوى وليس فقط طبيعته.
ما بين حرية التعبير وحماية المجتمع، لا تزال الإجابة محل جدل واسع، وربما تحتاج إلى إعادة تعريف مستمرة مع تغير الظروف والسياسات حول العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 3 ساعات
- العين الإخبارية
قفزة بأسعار الذهب والنفط.. توترات الشرق الأوسط تشعل الأسواق
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، شهدت الأسواق العالمية تقلبات حادة قادها صعود أسعار الذهب والنفط. يأتي هذا مع تزايد المخاوف من انزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة بين أمريكا وإيران، وسط مؤشرات اقتصادية أمريكية داعمة لاحتمال خفض أسعار الفائدة. الذهب يستجيب للتصعيد وقفز الذهب، فجر الخميس، بنسبة 0.3% ليصل إلى 3364.10 دولار للأوقية في المعاملات الفورية، فيما ارتفعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 1.2 بالمئة لتلامس 3384.40 دولار. هذا التحرك جاء مدفوعًا بزيادة إقبال المستثمرين على أصول الملاذ الآمن، وسط أجواء سياسية ملبدة بالتهديدات والتحركات العسكرية. وكان للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدور الأكبر في تأجيج هذه الأجواء، بعدما أعلن نية بلاده إجلاء مواطنين أمريكيين من الشرق الأوسط، محذرًا من أن المنطقة «قد تكون مكانًا خطيرًا». هذه التصريحات اعتُبرت مؤشرًا مباشرًا على استعدادات أمريكية لاحتمالات التصعيد مع إيران، في حال انهارت المساعي الدبلوماسية. وإلى جانب العوامل الجيوسياسية، أسهمت بيانات التضخم الأمريكية في دعم صعود الذهب. فقد أظهرت الأرقام الرسمية ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.1% في مايو/أيار، وهي نسبة دون توقعات المحللين التي بلغت 0.2%. هذه النتائج عززت التوقعات بأن يُقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المرتقب يومي 17 و18 يونيو/حزيران. وتراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.1%، ما زاد من جاذبية الذهب للمشترين من خارج أمريكا، في حين تنتظر الأسواق صدور بيانات مؤشر أسعار المنتجين لاحقًا اليوم لمزيد من التوجيه حول السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي. النفط يقفز أيضًا ولم تكن أسعار النفط بعيدة عن موجة الارتفاع، إذ سجل خام برنت زيادة بنسبة 0.2% ليصل إلى 69.92 دولار للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 0.3% إلى 68.37 دولار للبرميل. ويأتي هذا الارتفاع بعدما تجاوزت مكاسب الخامَين أكثر من 4% يوم الأربعاء، مسجلة أعلى مستوياتها منذ أوائل أبريل/نيسان، في ظل تنامي المخاوف من أن يؤدي التصعيد بين واشنطن وطهران إلى اضطرابات في الإمدادات النفطية من المنطقة، التي تُعد شريانًا رئيسيًا للسوق العالمية. وكانت مصادر أمريكية وعراقية قد كشفت لوكالة «رويترز» أن الولايات المتحدة تستعد لإخلاء جزئي لسفارتها في العراق، مع السماح لأُسر العسكريين الأمريكيين بمغادرة مناطق في الشرق الأوسط، ومن بينها البحرين، بسبب ما وُصف بـ«تصاعد المخاطر الأمنية». في المقابل، رد وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده محذرًا من أن بلاده ستستهدف القواعد الأمريكية في حال اندلاع صراع، مؤكدًا أن فشل المفاوضات النووية قد يفتح أبواب الحرب. العوامل الاقتصادية العالمية ورغم الطابع الجيوسياسي الطاغي على المشهد، ساهم أيضًا التفاؤل النسبي بشأن مفاوضات التجارة بين أمريكا والصين في رفع شهية المستثمرين تجاه النفط، مع ترجيحات بأن اتفاقًا تجاريًا قد يعزز الطلب العالمي على الطاقة، خصوصًا من أكبر اقتصادين في العالم. المعادن الأخرى تتحرك أيضًا وإلى جانب الذهب، ارتفعت أسعار الفضة بنسبة 0.3% لتبلغ 36.32 دولار للأوقية. بينما صعد البلاتين بنسبة 0.8% إلى 1265.32 دولار، محافظًا على موقعه قرب أعلى مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات. في المقابل، تراجع البلاديوم بنسبة 1% ليصل إلى 1069.65 دولار. aXA6IDQ1LjM4LjcyLjU3IA== جزيرة ام اند امز IT


سكاي نيوز عربية
منذ 5 ساعات
- سكاي نيوز عربية
تقرير: احتمال عقد جولة الأحد من المفاوضات النووية يتضاءل
ونقل الموقع عن مسؤول أميركي قوله إن "احتمال عقد الجولة السادسة من المحادثات المقررة الأحد في سلطنة عمان كما كان مخططا لها، بات يتضاءل بشكل متزايد". ويتناغم هذا التصريح مع حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، بشأن تراجع احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. وفي حديث مع صحيفة "نيويورك بوست" الأميركية نشر الأربعاء، قال ترامب: "أصبحت أقل ثقة بشأن احتمال التوصل إلى اتفاق" مع إيران حول الملف النووي. وهددت الولايات المتحدة مرارا بتوجيه ضربات عسكرية لإيران، إذا فشلت المفاوضات معها. وردا على ذلك، قال وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده في وقت سابق من الأربعاء: "نأمل أن تصل المفاوضات إلى نتيجة، لكن إذا لم يحقق ذلك وفرض علينا صراع فلا شك أن خسائر الطرف الآخر ستكون بالتأكيد أكبر بكثير من خسائرنا". وتابع: "لدينا القدرة على الوصول إلى كل قواعد (الولايات المتحدة). سنستهدفها كلها من دون تردد في البلدان المضيفة لها". وتعتزم الولايات المتحدة تقليص عدد موظفي سفارتها في بغداد "لأسباب أمنية"، حسبما قال مسؤولون، الأربعاء، وذلك عقب تهديد إيران باستهداف القواعد الأميركية في الشرق الأوسط في حال اندلاع نزاع.


سبوتنيك بالعربية
منذ 7 ساعات
- سبوتنيك بالعربية
البنتاغون يراجع مبادرة "أوكوس" للتأكد من توافقها مع أجندة ترامب "أمريكا أولا"
البنتاغون يراجع مبادرة "أوكوس" للتأكد من توافقها مع أجندة ترامب "أمريكا أولا" البنتاغون يراجع مبادرة "أوكوس" للتأكد من توافقها مع أجندة ترامب "أمريكا أولا" سبوتنيك عربي أكد مسؤول دفاعي أمريكي، يوم الأربعاء، أن وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) تراجع مبادرة "أوكوس" الأمنية، التي وُقعت في عام 2021 بين الولايات المتحدة وبريطانيا... 11.06.2025, سبوتنيك عربي 2025-06-11T21:24+0000 2025-06-11T21:24+0000 2025-06-11T21:24+0000 البنتاغون الأمريكي اتفاقية أوكوس ترامب واشنطن - سبوتنيك. وقال المسؤول الدفاعي في بيان لوكالة "سبوتنيك" إن "الوزارة [الدفاع] تجري مراجعة لمبادرة أوكوس لضمان توافقها مع أجندة الرئيس [دونالد ترامب] أمريكا أولاً".وأضاف المسؤول: "وكما أوضح وزير [الدفاع] هيغسيث، فإن ذلك يشمل ضمان أعلى درجات الجاهزية لقواتنا المسلحة، وتعزيز التزام الحلفاء بأداء دورهم في الدفاع الجماعي، إضافة إلى تلبية القاعدة الصناعية الدفاعية لاحتياجاتنا".وأعلنت كل من أستراليا وأمريكا وبريطانيا في سبتمبر 2021، عن شراكة استراتيجية أمنية تحمل اسم " AUKUS"، تركز على بناء أسطول غواصات نووية أسترالية بنهاية ثلاثينيات القرن الحالي.كما أعلنت أستراليا، كجزء من هذه الشراكة الأمنية، عزمها على الحصول على أسلحة صاروخية خاصة بها والمشاركة في تطوير مشترك للصواريخ الأسرع من الصوت مع الشركاء.وكانت وزارة الخارجية الصينية، فان فينبينغ، قد أكدت في وقت سابق، أن إعلان دول شراكة "أوكوس" (الولايات المتحدة، بريطانيا وأستراليا) حول نيتها الالتزام بمعايير عدم انتشار السلاح النووي هي مجرد نفاق. سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي البنتاغون الأمريكي, اتفاقية أوكوس, ترامب