
غزة تموت جوعًا.. والعالم المتخاذل يشاهد
يواجه سكان قطاع غزة اليوم واحدة من أقسى وأشد صور الحصار والجوع فى العصر الحديث، حيث أصبح الحصار المفروض من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلى معاناة يومية يقاسيها أهل القطاع، الذين يعيشون فى وضع إنسانى مأساوى يسوده الألم والفقر وعدم الاستقرار، لم تترك إسرائيل أى فرصة للسكان للتنفس أو الحياة الطبيعية، فالمعابر البرية والبحرية والجوية كلها مغلقة بإحكام منذ أكثر من شهرين، ما يحرم أهل القطاع من أبسط حقوقهم الأساسية، ومنها إدخال المواد الغذائية الحيوية وعلى رأسها الدقيق.
يشكل الدقيق، الذى كان سابقًا أحد البنود الرئيسية والأساسية فى الغذاء اليومى لسكان غزة، اليوم مادة نادرة وصعبة المنال، حتى إنه تطور إلى حلم مستحيل يبحث عنه الناس بلا جدوى.
إن هذا الحصار لا يأتى فى ظروف عادية، بل يصحبه صمت دولى مخيف، وانعدام أى موقف عربى حقيقى يدافع عن حقوق ومصير أهل غزة الذين يعانون فى صمت وألم، هذا الصمت يترك فيه الناس فى مواجهة وحشية طغت على إنسانيتهم، ووُضع مصيرهم بين يدى من لا يرحم، لا يُفرق بين طفل أو شيخ، أو امرأة فقدت زوجها وأصبحت أرملة، ولا يكترث للدموع التى تذرف أمامه بلا توقف، إنه حصار لا يراعى أى معايير للحقوق الإنسانية أو القيم الأخلاقية، ويبدو أنه أشبه بوحوش جائعة لا تشبع ولا تكتفى.
لقد أدى هذا الحصار القاسى، إلى اختفاء الكثير من السلع والمواد الغذائية من الأسواق فى قطاع غزة، فيما شهدت الأسعار ارتفاعات غير مسبوقة فى جميع ما تبقى من مواد متوفرة، وعلى سبيل المثال، وصل سعر كيس الدقيق الذى يزن 25 كيلوجرامًا إلى ما يزيد على 1600 شيكل، أى ما يعادل حوالى 500 دولار أمريكى، وهو مبلغ خيالى يفوق قدرة كل الأسر على تحمله، هذا الارتفاع الفاحش فى الأسعار يشكل عبئًا إضافيًا على الأهالى الذين يعيشون أصلًا فى ظل ظروف اقتصادية صعبة للغاية، حيث البطالة متفشية ونسبة الفقر مرتفعة بشكل غير مسبوق.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، بدأت رحلة العذاب والشقاء لدى السكان، خاصة لدى الأمهات الغزيات، حيث اجتهدن فى إيجاد طرق بدائية لتصنيع الخبز، عبر طحن ما توفر لديهن من أرز وعدس ومعكرونة، فى مشهد مؤلم يعكس عمق المأساة التى يعيشها القطاع، هذا المشهد يعبر عن مرارة الحاجة وقسوة الجوع التى تجتاح حياة آلاف الأسر، ويعبر عن اليأس الذى استبد بأهالى غزة فى مواجهة كابوس المجاعة الذى يهددهم.
لم تتوقف الأزمة على الغذاء فقط، بل امتدت لتشمل النقص الحاد والخطير فى الإمدادات الطبية والأدوية، التى تنفد بشكل سريع، مع ازدياد الحاجة إليها بسبب تردى الظروف المعيشية واستمرار التصعيد العسكرى والقصف على القطاع، ما يزيد من المعاناة الإنسانية بصورة مأساوية، من المؤسف أن ما يدخل قطاع غزة حاليًا لا يتعدى «القنابل»، بينما تُمنع كل مستلزمات الحياة الأساسية، حتى تلك التى تحفظ حياة الأطفال والمرضى.
هذا الواقع يعكس انهيارًا أخلاقيًا عميقًا، يعكس فشل المجتمع الدولى فى حماية حقوق الإنسان والحفاظ على كرامته، هذا الانهيار لا يطال الضحايا فقط، بل سيدفع ثمنه كل الأطراف، إذ لا يمكن لأى أحد أن ينجو من عواقب هذه اللامبالاة التى تقرّبت من التواطؤ.
لقد أصبح الحصار الذى يفرضه الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، مع استمرار منع إدخال المواد الغذائية وغيرها من الحاجات الأساسية، بمثابة أزمة إنسانية كبرى تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الملايين من المدنيين، حيث توضح البيانات التى نشرتها وكالة «الأونروا» أن 92% من الأطفال بين ستة إلى ثلاثة وعشرين شهرًا، إضافة إلى النساء الحوامل والمرضعات، لا يستوفون احتياجاتهم من المغذيات، ما يفضى إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات.
كما تشير التقارير إلى إصابة نحو 65 ألف طفل بسوء تغذية حاد، وتم نقلهم إلى ما تبقى من المنشآت الصحية والمستشفيات التى لا تكاد تفى بقدرتها المحدودة أمام حجم الأزمة المتزايد بسبب الدمار المستمر الذى أصاب هذه المنشآت جراء الاعتداءات المتكررة.
ولا تقتصر الكارثة على ذلك، فعدد ضحايا الأطفال الذين فقدوا حياتهم نتيجة الجوع قد وصل إلى 50 حالة وفاة مؤلمة، ما يعكس تداعيات الحصار الوخيمة التى تسلّطت على شريحة الأطفال الأبرياء.
إذا نظرنا إلى هذه الأزمة من منظور تاريخى واستراتيجى، نكتشف أن حصار التجويع لم يكن أمرًا جديدًا، بل كان طوال القرن العشرين جزءًا أساسيًا من التفكير الاستراتيجى الغربى، حيث جسّد أداة مهمة للحفاظ على النظام الدولى القائم، فقد استخدم هذا التكتيك الوحشى بشكل فعال ومرعب فى الحربين العالميتين الأولى والثانية، إذ اعتبره المنتصرون والمهزومون على حد سواء سلاحًا حاسمًا للفوز بالحرب عبر تدمير إرادة العدو من خلال تجويعه وإفقاره.
فقد شهدت هذه الحروب حالات من الحصار القاسى الذى استهدف المجتمعات بأكملها، ما أدى إلى معاناة إنسانية هائلة وارتفاع غير مسبوق فى أعداد الضحايا من المدنيين جراء المجاعة والمرض، وعلى الرغم من هذه المآسى، ظلّ حصار التجويع محل قبول غير معلن ضمن استراتيجيات الحروب الكبرى، رغم الجدل الأخلاقى والقانونى الذى يحيط به.
من الناحية القانونية، وعلى الرغم من أن ميثاق جنيف والقوانين الدولية تحظر استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، فإن هذا الحظر ظلّ مجرّد حبر على ورق، إذ لا توجد عقوبات محددة أو رادعة تُطبّق على الدول التى تلجأ إلى هذه الاستراتيجية، فالمحكمة الجنائية الدولية، على سبيل المثال، لم تصدر حتى الآن أحكامًا صارمة أو معاقبة واضحة للدول التى تستخدم حصار التجويع كتكتيك حرب، ما يعكس نوعًا من التهاون أو عدم القدرة على فرض القانون الدولى فى ظل الأوضاع السياسية المعقدة.
وفى ظل هذا الواقع، يصبح السؤال المطروح هو: إلى متى سيظل سكان غزة حياتهم معلقة بين أمل يتبدد وواقع مؤلم يزداد سوءًا؟ وكيف ستتغير موازين القوى التى تفرض هذا الحصار الظالم؟
من المؤكد أن الحلول الإنسانية العاجلة أصبحت ضرورة قصوى، فلا يمكن السماح باستمرار معاناة مثل هذه الشعوب التى كانت وما زالت قصة صمود فى أقسى الظروف، ويتطلب ذلك تحركًا دوليًا جادًا يضغط على الاحتلال الإسرائيلى لرفع الحصار فورًا، وتنشيط كل الجهود لتوفير المواد الأساسية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة بشرية تستحق أن تحيا بكرامة.
وفى الوقت ذاته، فإن المسئولية تقع على عاتق الجميع لخلق بيئة سياسية وأخلاقية تدعم هذه الخطوات وتمنع تكرار مثل هذه الكوارث الإنسانية التى لا علاقة لها بأى معقولية أو إنسانية.
إن معاناة غزة اليوم ليست مجرد قضية محلية، بل هى اختبار حقيقى لضمير الإنسانية، وتحدٍ لمعنى العدالة والحرية، وفرصة للوقوف إلى جانب المظلومين فى وجه بطش الاحتلال، فلا يمكن أن تستمر صرخات الجوع والعطش والصمت المطبق من القوى الكبرى، بينما تسكن غزة قلب العالم العربى والإنسانى، تئن وتنتظر أن يأتى الفرج الذى طال انتظاره، وينقلب الواقع المرير إلى حياة كريمة وأمل مستمر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 34 دقائق
- مصراوي
بعد تعهدها بـ20 مليون دولار لبيروت.. الرئيس اللبناني يزور العراق اليوم
بغداد - (د ب أ) يبدأ الرئيس اللبناني جوزيف عون، اليوم الأحد، زيارته إلى بغداد على رأس وفد وزاري وحكومي، لبحث ملفات متميزة عنها ملف مصنع لبنان بالوقود لتشغيل المحطات الكهربائية. وذكر تلفزيون "العراقية" الحكومي، أن الرئيس اللبناني سيصل اليوم إلى بغداد على رأس وفد حكومي بارز في زيارة خاصة لبحث ملفات في مجالات الطاقة وتجهيز لبنان بالوقود لتشغيل المحطات الكهربائية. وقد تعهد العراق خلال القمة العربية ببغداد منتصف الشهر الماضي على التبرع بمبلغ 20 مليون دولار للمساهمة في إعادة إعمار المدن اللبنانية التي تضررت من الاعتداء عليها.


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
أخبار مصر : نورهان خفاجي تكتب: صنعاء بلا أجنحة
الأحد 1 يونيو 2025 08:00 صباحاً نافذة على العالم - قبل نحو عامين أو أكثر جمعني لقاء مع الدكتور محمد عبدالقادر رئيس هيئة الطيران المدني اليمني، حينها كان في رحلة علاجية بالقاهرة، ولم ينشر للأسف هذا اللقاء؛ اليوم، حيث يتم الإعلان عن تدمير آخر طائرة يمنية مدنية على مهبط مطار صنعاء.. يحضرني تفاصيل هذا اللقاء وما تناوله عن أوضاع اليمن الشقيق بشكل عام وعن أجواء – قطاع الطيران - اليمن بشكل خاص. قبل نحو عامين، كان بالكاد قد عادت صناعة الطيران المدني العالمية يبزغ نجمها من جديد، محاولةٍ نفض غبار أزمة الجائحة الوبائية التي كبلت العالم كله، حينها كان اليمن في هدنة وجيزة من الحرب، يخطط خلالها بأمل خافت في تأهيل مطار صنعاء بكلفة قدرتها السلطات حينها بنحو أكثر من 15 مليون دولار، كان مازال هناك طائرات، أربعة للخطوط اليمنية وكانت تنتظر انضمام الخامسة وطائرة تابعة لشركة السعيدة، كانا ينفذان إلى خارج صنعاء، ربما ليس لعالمِ بعيد ولكن كانا على الأقل يذهبان في فسحة إلى دول الجوار: ' القاهرة وعمان والأردن والخرطوم وجيبوتي وأحيانا بومبي بالهند'.. اليوم بإعلان تدمير آخر الطائرات، باتت صنعاء بلا طائرات.. بلا أجنحة ترفرف في السماء'. في أوان الجائحة، كتبت عن اليمن، وقولت: إنه إذا كانت دول العالم تتأفف وتعاني نزيف الخسائر بالمليارات، لإغلاق حدودها الجوية لعدة أشهر بسبب الوباء، فما بالك باليمن الشقيق وهو يصارع وحيدا منذ 7 سنوات - حتى عام 2022 تاريخ اللقاء - ؛ بعدما أغلقت الأجواء على سكانه .. سنوات متواصلة من الغلق لم تأخذ خلالها طائرات صنعاء فسحة للسماء. المشهد يصور الحال، إن مطارات اليمن لم تطأ مدارجها طائرة منذ سنوات؛ أبراج المراقبة الجوية لم تُفتح شاشات راداراتها أيضا منذ سنوات؛ صالات الركاب مسدلة نوافذها.. 7 سنوات من العزلة والحرب ازدادت اليوم إلى عشرة وعادت صنعاء بلا طائرات. في وجود الطائرات حتى شهور قريبة، قبل أن يلتهم جميعها القصف، كان المواطنون اليمنيون الراغبون في الخروج من البلاد وغالبيتهم طلاب أو مرضى أو بعض رجال الأعمال الراغبين في الاستثمار، يخرجون في طريق يستغرق قرابة الـ 20 ساعة بالتحديد 18 ساعة، يمرون بين عشرات نقاط التفتيش حتى يستطيعون الوصول لأحد المطارات التي مازالت تعمل وكان على الأغلب مطاري عدن وسيئون، بديلا عن مطار العاصمة صنعاء الذي كان أيضًا قد دمرت قدراته بالكامل. يحكي رئيس هيئة الطيران المدني اليمني، عن الحال، أنه في الطريق بين المطارات كانت تسقط بعض حالات المرضى صريعة، الطلاب يتعرضون للنهب والسرقة والتعدي وأيضًا رجال الأعمال، لا أحد يُستثني من النهب، كان هذا هو الحال في وجود الطائرات!. يقول إنه في وجود الطائرات المُصرح لها الهبوط على أرض مطار صنعاء، رغم القصف وقلة الإمكانيات، كان المهندسون اليمنيون يبذلون كامل جهدهم في صيانة التجهيزات الفنية والملاحية الموجودة بالمطار حتى لا تنقطع الخدمة، في ظل حرمانهم من تجديدها أو استبدالها بسبب الحصار المفروض على البلاد، ذاك الحصار الذي منع إدخال شحنة مساعدات وتجهيزات ملاحية جديدة للمطار، ولجأت صنعاء حينها إلى جيبوتي قبل ثلاث سنوات لتخزين هذه المساعدات حتى تأذن ساعة فك هذا الحصار. اليوم تضاف ثلاث سنواتٍ جديدة منذ تاريخ هذا اللقاء، ويزداد معه تضييق الخناق على صنعاء، خاصة بعد الاستهداف الأخير على المطار من قبل الاحتلال لآخر طائرة مدنية كانت تستعد لنقل فوجٍ من الحجاج، أربعة صواريخ إسرائيلية استهدفت طائرة صنعاء وتناثرت أجنحتها في ساحة المطار، وتناثر معه آمال عودة التشغيل القريب لهذا المطار، خاصة بعد أن وصلت كلفة إصلاح التدمير إلى 500 مليون دولار بدلا من 15 مليون دولار قبل ثلاثة أعوام، وتم إعلان وقف العمليات بالمطار لأجل غير مسمى!


وكالة نيوز
منذ 3 ساعات
- وكالة نيوز
الديار: لا «كيمياء» بين بري وسلام «وخلاف على الهوية» مع حزب الله
ضغوط «اسرائيلية» لسحب الطوارئ واجتماع بين صفا والامم المتحدة وطنية – كتبت صحيفة 'الديار' تقول: سوريا الان مصدر الاهتمام العربي والدولي الاول، ولبنان ثانيا، والجهود مركزة على نجاح مفاوضات السلام بين إسرائيل وسوريا، واذا حصل الامر، فان لبنان يوقع بالجاذبية عندها، ودون عناء يذكر، واذا رفض اللبنانيون من منطلقات عقائدية فإنهم امام احتمالين، اما عودة الحرب الاهلية او تكليف سوريا بقيادة الشرع بالملف اللبناني مجددا بوهج الاتفاقات السورية الاسرائيلية. وفي المعلومات التي ينقلها مشايخ سوريين في جبل العرب، ان الاجتماعات السورية الاسرائيلية على المكشوف في الجنوب السوري وتحديدا في مقر القوات الدولية في الجولان،ادت اولا الى وقف الغارات الاسرائيلية على سوريا مع استثناءات تطال بعض الفصائل الارهابية، وكذلك وقف التقدم نحو العاصمة واعطاء حرية الحركة للامن العام السوري في الجنوب، وطلب ضباط اسرائيليون من فاعليات السويداء التهدئة مع نظام الشرع مقابل ترتيب الاوضاع بشكل يحفظ امن جبل العرب وأهله تحت سلطة الشرع، وهذا الامر يسري على الاكراد، فتوقيع السلام السوري الاسرائيلي ثمنه سيطرة الشرع على كل سوريا وتدفق الاستثمارات مع تقديم اكثر من 500 شركة دولية وعربية حتى الان طلبات للاستثمار ليس بينهم اي شركة لبنانية، بالإضافة إلى رفع العقوبات كليا واعلان واشنطن تقديم 7 مليارات دولار للبنى التحتية بالتزامن مع فتح السفارة في دمشق،، كما تتواصل المحادثات في واشنطن بين مسؤولين اميركيين واسرائيليين وسوريين، فالشرع اخذ القرار بالصلح مع اسرائيل والباقي تفاصيل، وهذا ما سيؤدي الى اعادة سوريا لدورها الإقليمي على حساب العرب جميعا. وحسب المصادر السياسية المتابعة للملف، فان اورتاغوس التي تزور لبنان اواخر الاسبوع القادم لن تطرح اي مهل لسحب سلاح المقاومة، ولن تطلق اي تهديدات لكنها ستدعو المسؤولين الى الاقتداء بالشرع واستثمار اللحظة التاريخية بالسلام مع اسرائيل اذا كانوا يريدون حصة من «كعكة» الشرق الاوسط الجديد والتسويات الكبيرة، وهذا ما قالته اورتاغوس امام لبنانيين يعملون في اللوبي اللبناني المناهض لحزب الله في واشنطن. الموقف الأميركي المتشدد يدفع رئيس الحكومة الى الاستعجال في طرح سحب سلاح حزب الله باي ثمن، ودعوة المقاومة الى الاستسلام ورفع الإعلام البيضاء، هذا الطرح لن يكتب له النجاح، ويؤدي الى زيادة الشرخ بين سلام وحزب الله وامل وأطراف سياسية، رغم الجهود التي تبذل لعقد لقاء خلال اليومين القادمين بين سلام وكتلة الوفاء للمقاومة لبحث المساحات المشتركة وتهدئة الاجواء، وهذا ما يسعى اليه رئيس الجمهورية الذي دعا الوزراء خلال الجلسة الاخيرة للحكومة الى الإبتعاد عن المواقف المتشنجة، لكن الخلاف بين سلام وحزب الله جذري واعمق من قضية السلاح، لأنه خلاف على الهوية والدور، حتى المساكنة بينهما مستحيلة، فيما رئيس المجلس النيابي نبيه بري لايخفي امتعاضه من الأداء الحكومي في موضوع الاعمار والاعتداءات الاسرائيلية. وتسال مصادر الثنائي الحكومة عن جهودها واتصالاتها لوقف الاعتداءات الاسرائيلية في ظل المعلومات عن ارتفاع وتيرتها وتوسعها نحو البقاع قبل وصول اورتاغوس الى بيروت. وفي موازاة الخلافات بين الثنائي الشيعي وسلام، فان العلاقة بين الرئيس عون والثنائي «سمن وعسل» ووصف بري اللقاء مع الرئيس «بالممتاز كالعادة» وتطرق الى مختلف المواضيع ومن ضمنها التجديد لقوات الطوارئ وفتح دورة استثنائية للمجلس النيابي والوضع في الجنوب واستمرار الاعتداءات الاسرائيلية وجرى تقييم عام للانتخابات البلدية وبعض النتائج. وفي المعلومات، ان سلام استاء جدا من التسريبات عن مفاوضات اميركية إيرانية جرت في مسقط بشان الاسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية وتقديم واشنطن عرضا يقضي بالافراج عن 8 اسرى لبنانيين من حزب الله بينهم قبطان لبناني مقابل اطلاق السلطات العراقية مواطنة من اصول روسية متهمة بالتعامل مع اسرائيل، وتم استبعاد الحكومة اللبنانية كليا من المفاوضات. المساعدات للعسكريين تبخرت تبخرت المساعدات للعسكريين بعد ساعات من إعلانها في مجلس الوزراء اثر قيام شركات النفط برفع سعر صفيحة البنزين 170 الف ليرة، وبرروا ذلك بفرض الحكومة ضرائب جديدة بعد اقرار التقديمات المالية للعسكريين، مما ادى ايضا الى رفع اسعار المواد الغذائية، علما ان ارتفاع الأسعار فاق باضعاف ما حصل عليه العسكريون، فموضوع الزيادات بحاجة إلى دراسة متكاملة بدلا من اعتماد العشوائية، كون المساعدات تبخرت بساعات، واللافت، ان حصر التقديمات بالعسكريين ادى الى تحرك موظفي القطاع العام والاعلان عن الإضراب المفتوح بدءا من الاثنين، والسؤال، لماذا لم تاخذ الحكومة ما اقرته لجنة مؤشر الغلاء برئاسة الوزير محمد حيدر برفع الحد الأدنى للاجور الى 320 دولارا واقرار سلم متحرك للدرجات والزيادات. التجديد للقوات الدولية موضوع التجديد للقوات الدولية في الجنوب في آب، سيشكل الملف التفجيري في المرحلة القادمة على الساحة الداخلية في ظل الضغط الاسرائيلي لسحب قوات الطوارئ وانهاء مهامها نتيجة فشلها في تحقيق الأمن والقيام بدورها وسيطرة حزب الله على المنطقة أثناء وجودها، بينما تمسكت فرنسا بوجود الطوارئ دون تعديل مهامها، وتقوم بالتنسيق مع لبنان فيما أبلغت واشنطن المسؤولين عدم تحبيذها التجديد للطوارئ، هذا الملف كان موضع بحث بين عون وبري الذي تمسك بوجود الطوارئ ودورها الحالي، وانه مع قوات الطوارئ ظالمة او مظلومة، وضرورة الحفاظ على افضل العلاقات مع جنود الطوارئ، كما عقد مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا اجتماعا مع المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان السيدة جينين بلاسخارت، وتم البحث في القرار 1701 والتطورات الراهنة في الجنوب، والمستجدات على طول الخط الأزرق والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان ومخاطر التصعيد المحتمل وضرورة الالتزام والتقيد بالقرار الأممي حفاظا على الاستقرار في المنطقة. يوم قضائي طويل دعا الرئيس جوزيف عون القضاة، الى ان يكونوا شركاء كاملين في محاربة الفساد، كما دعاهم الى تحكيم ضمائرهم وتطبيق القانون، وعدم الرضوخ الى الترهيب، جاء ذلك خلال قسم ثلاثة قضاة جدد في مجلس القضاء الأعلى وهم: ندى دكروب، غادة ابو كروم،وحبيب رزق الله. في موازاة ذلك، سجل امس يوم قضائي طويل ومميز، شهد اصدار القاضية المنفردة الجزائية في بيروت فاطمة الجوني حكما مبدئيا قضى بحبس الوزير السابق وئام وهاب شهرين في قضية الذم والتحقير المقامة من القاضية غادة ابو كروم والزامه دفع مليار ليرة لبنانية كتعويض، ورد وهاب، بان القرار مبدئي وسيتم استئنافه قائلا للبعض «ما تنبسطوا كتير» واشار وهاب، الى انه مع الرئيس بري ظالما او مظلوما، وانه ليس ضد القاضية غادة ابو كروم بل ضد القرار التي اتخذته بسجن امرأة مسنة تعاني السرطان. من جهة اخرى، استجوب المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري واستغرقت الجلسة ربع ساعة عاد بعدها الخوري الى مكتبه، ويبقى على قائمة المدعى عليهم غير المستجوبين وزير الاشغال السابق غازي زعيتر والنائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات وسيحدد موعدا لاستجوابهما قبل ختم الملف واحالته على النيابة العامة التمييزية لابداء مطالعتها بالأساس تمهيدا لإصدار القرار المتوقع في 4 اب ذكرى تفجير المرفا، وقد يحدث زالزلا في البلد.