
أسطورة الثقافة الأميركية بعد الإبادة... "الكراهية المُبرَّرة"؟
نشر في 25 مارس 2025 الساعة 10 و 15 دقيقة
إيطاليا تلغراف
بثينة حمدان
بثينة حمدان صحافية فلسطينية
الفيلم الأميركي 'No Escape' عرضته، أخيراً، إحدى محطّات التلفزة تزامناً مع استمرار حرب الإبادة، يحكي عن عائلة أميركية، مكوّنة من الأب والأم وطفلَين، تحاول الهروب من القتل في بلد آسيوي قرّر الانقلاب على الشركات الأجنبية (الأميركية) التي تسيطر على مقدّراته، وإعدام الأجانب فيه. كانت المشاهد مثيرةً وصعبةًُ، مع محاولات نجاة أكثر من مرّة من فم الموت؛ في مشهدٍ، يُخفي الأب عائلته تحت جثث القتلى الأجانب كي لا يراهم المنقلبون، ويتبوّل طفله الأصغر لا إرادياً من شدة الخوف. وفي مشهد مؤثرّ، يحاول الأبوين، ضمن مطاردة طويلة ومُرهِقة، إقناع طفليهما بالقفز من مبنى مرتفع في ثوان معدودة، ثمّ يضطرّ الأب لإلقاء أطفاله واحداً تلو الآخر إلى المبنى المجاور، في قرار صعب ينطوي على خطورة كبيرة. وكان المفترض أن يتفاعل المُشاهِد مع الحبكة الإنسانية التي يطرحها الفيلم، إلا أن مشاهد القتل الحقيقية، ورائحة الموت في غزّة، وقفت حائلاً أمام هذا التفاعل المعتاد مع سينما احترافيةٍ عالميةٍ، فالـ'تعاطف' معها لم يعد تلقائياً أو مبرّراً في ظلّ السياسة الأميركية الداعمة للإبادة.
التناقض وسياسة الكيل بمكيالين يُضعفان الخطاب الأميركي السياسي والثقافي والاجتماعي ويعرّيانه، ويعزّزان العداء الدولي وخطاب الكراهية
يزخر التاريخ الأميركي بشواهد تعزّز سلوك الولايات المتحدة العنجهي، فهل تضرب واشنطن عرْض الحائط بالعداء العالمي المتصاعد ضدّها بعد دعمها العسكري والسياسي والثقافي لحرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزّة؟… لِمَ لا، فقد واجهت أميركا العالم بأسره قبيل (وخلال) غزوها العراق عام 2003، بمسوّغ غير مثبت يتعلّق بامتلاكه أسلحة دمار شامل، تبيّن فيما بعد عدم وجودها، وما تلا ذلك الغزو من حربٍ مفتوحة وموجات عداء ضدّ العالمين، العربي والإسلامي. وازدادت النار اشتعالاً عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول 2001)، إذ استعرت ردّة الفعل الأميركي على قتل مدنيين أميركيين، واعتبرته واشنطن مبرّراً لشنّ حرب عالمية على ما أسمته 'الإرهاب'، إلا أنها اليوم دعمت علناً، بل ساهمت في قتل المدنيين الفلسطينيين وإبادتهم في ما يعتبر جرائم حرب دولية، بل رفعت حقّ النقض (فيتو) ضدّ وقف إطلاق النار في غزّة في مجلس الأمن، وهذا كلّه يعني حتماً أن عليها مواجهة 'العالم' الذي يرفض أخلاقياً، وعلى الأقلّ لفظياً، قتل المدنيين.
التناقض وسياسة الكيل بمكيالين (الأميركية) يُضعفان الخطاب الأميركي السياسي والثقافي والاجتماعي ويعرّيانه، ويعزّزان العداء الدولي وخطاب الكراهية. هذا الخطاب، الذي رغم أن مفهومه لم يُحدّد أُممياً، إلا أنه ينطوي على كلامٍ مسيء يستهدف مجموعةً دينيةً أو عرقيةً، وهو في واقعنا اليوم كراهية ضدّ أنظمة بكلّ أدواتها الاقتصادية، التي تموّل مطامعها الاستعمارية عبر الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة العربية. فهل طورّت تلك المطامع والسياسات بُعداً جديداً إلى ذلك الخطاب يمكن وصفه بـ'خطاب الكراهية المُبرّر'؟
مؤكّدٌ أن هذا العداء سيشمل الثقافة الأميركية التي اعتُبِرت دوماً جزءاً أساسياً من قوّتِها الناعمة، فالأدب والفنون والقيم ليست مجرّد أدوات للهيمنة، بل وسائل لإقناع العالم بجاذبية النموذج الأميركي، الذي يتعرّض اليوم لاهتزازٍ غير مسبوق. لقد اعتمدت أميركا على المزج بين القوة العسكرية والدبلوماسية الناعمة لترسيخ صورتها رمزاً للثقافة والحضارة والديمقراطية، وهذا طبعاً يرفع صادراتها وإيراداتها ويدعم اقتصادها ليبقى الأقوى عالمياً، فهل سيشهد العالم تحوّلاتٍ تُغيّر نظرتَه إلى هذه القوة الناعمة فيتراجع الشغف بمتابعة الأفلام الأميركية أو حتى التفاعل معها؟ هل نقف على أعتاب مرحلة تفكّك النموذج الأميركي في الفنّ والسلوك والموضة، إذ لا يُمكن لثقافة الإبادة والاستعمار أن تستمرّ بلا ثمن، فهي مرفوضةٌ إنسانياً وعالمياً، أم أن تسيّد الثقافة الأميركية سيستمرّ برغم جوهرها الإبادي؟
كان هروب العائلة الأميركية في الفيلم المُشار إليه أعلاه مؤثّراً، إذ يصعُب على أيّ إنسان ألا يتعاطف مع معاناة المدنيين. ولكن في سياق الإبادة الجارية، من الصعب على المشاهد أن يظلّ قادراً على التفاعل مع هذه الرواية أو يتجاهل السينما بوصفها إحدى أدوات الهيمنة، وجزءاً من منظومة اقتصادية تدعم الاحتلال. إن تزامن عرض الفيلم (وهو من إنتاج عام 2016) أثار أسئلةً أعمق عن علاقتنا جمهوراً ومثقّفين بالمُنتَج الأميركي، وعن قدرتنا على فصله عن سياسات دولته. لكن من المؤكّد أن الناس سيجدون صعوبةً في التحكّم بمشاعرهم، ودرجة استمتاعهم بالمنتجات الأميركية، فهؤلاء الناس رأوا أيضاً ذبح الفلسطينيين وقتلهم في مشاهد لن يستطيع فيلم أميركي أو غير أميركي تجسيدها، لكن من الممكن أن يتحدّ الفلسطيني 'الضحية' مع الإسرائيلي 'الجلاّد'، ليس في سياق التطبيع الذي يساوي بين الظالم والمظلوم، بل في سياق الانتصار لمعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، وهذا الاتحاد حدث في فيلم 'لا أرض أخرى' لأربعة مخرجين فلسطينيين وإسرائيليين، نال في النهاية جائزة الأوسكار عن أفضل وثائقي طويل لهذا العام.
نجاح أميركا وإسرائيل في السيطرة على الخطاب الثقافي لن يكون سهلاً في ظلّ مقاطعة تطاول المنظومة الثقافية الأميركية كلّها
كلّف قتلُ المدنيين وتعذيبهم، في فيتنام والعراق وأفغانستان، الأميركيين ثمناً باهظاً في حروبهم، إذ بدت بشاعة النظام الأميركي الذي يدّعي الإنسانية والديمقراطية. وبناء عليه، أعادت أميركا تقييم مصالحها وسياستها في هذه المناطق، كذلك فعلت بعد أحداث '11 سبتمبر' (2001). ومثل ما كان هناك مصطلح 'قبل وبعد' سبتمبر، سيكون هناك 'قبل وبعد' حرب الإبادة على قطاع غزّة، فلم يعد العالم يتقبّل الفكر والثقافة الأميركيين كالسابق. ولا داعي لأن تؤكّد لنا وثائق ويكيليكس، المسرّبة من رسائل بريد إلكتروني، وتشير إلى دعم موظّفي شركة إنتاج سينمائية أميركية الحربَ الصهيونية الاسرائيلية على غزّة عام 2014، التي وقع ضحيتها مئات، وشرّدت آلافاً، بل هناك شركات تعمل مباشرة في الإنتاج السينمائي المدافع عن الفكر الصهيوني، وضدّ مقاطعة إسرائيل ثقافياً.
نعم، تمتلك أميركا وإسرائيل أدوات ضخمة للسيطرة على الخطاب الثقافي عبر الإنتاجيْن، الفنّي والإعلامي، إلا أن التحكّم بالشعوب لن يكون سهلاً في ظلّ مقاطعةٍ تتسّع وتنجح، وتطاول المنظومة الثقافية الأميركية كلّها، والأكثر أهمية أن أصواتاً من داخل المنظومة الثقافية نفسها من فنّانين ومؤثّرين عالميين بدأت تتحدّى السردية الأميركية معلنةً تضامنها مع القضية الفلسطينية، رغم محاولات القمع كلّها.
وكما نقول دوماً، الحرب الثقافية لا تعرف الهدنة، فهي تسبق الحروب وترافقها وتظلّ بعدها. واليوم، بينما تستثمر أميركا مواردها في دعم الاحتلال، فإنها تهدم بيدها ما بنته خلال عقود من الهيمنة الثقافية. وسيؤدّي العداء العالمي لحرب الإبادة في غزّة عاجلاً إلى تفكّك وتراجع تأثيرها الثقافي الأسطوري تماماً كما تراجع نفوذها الأخلاقي. أسطورة الثقافة الأميركية بعد الإبادة... "الكراهية المُبرَّرة"؟بثينة حمدان
السابق
حجر أساس 'الريفيرا'
التالي
موفد ميدي1 تيفي يرصد آخر الاستعدادات قبل لقاء الأسود وتنزانيا

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
٢٥-٠٣-٢٠٢٥
- إيطاليا تلغراف
أسطورة الثقافة الأميركية بعد الإبادة... "الكراهية المُبرَّرة"؟
نشر في 25 مارس 2025 الساعة 10 و 15 دقيقة إيطاليا تلغراف بثينة حمدان بثينة حمدان صحافية فلسطينية الفيلم الأميركي 'No Escape' عرضته، أخيراً، إحدى محطّات التلفزة تزامناً مع استمرار حرب الإبادة، يحكي عن عائلة أميركية، مكوّنة من الأب والأم وطفلَين، تحاول الهروب من القتل في بلد آسيوي قرّر الانقلاب على الشركات الأجنبية (الأميركية) التي تسيطر على مقدّراته، وإعدام الأجانب فيه. كانت المشاهد مثيرةً وصعبةًُ، مع محاولات نجاة أكثر من مرّة من فم الموت؛ في مشهدٍ، يُخفي الأب عائلته تحت جثث القتلى الأجانب كي لا يراهم المنقلبون، ويتبوّل طفله الأصغر لا إرادياً من شدة الخوف. وفي مشهد مؤثرّ، يحاول الأبوين، ضمن مطاردة طويلة ومُرهِقة، إقناع طفليهما بالقفز من مبنى مرتفع في ثوان معدودة، ثمّ يضطرّ الأب لإلقاء أطفاله واحداً تلو الآخر إلى المبنى المجاور، في قرار صعب ينطوي على خطورة كبيرة. وكان المفترض أن يتفاعل المُشاهِد مع الحبكة الإنسانية التي يطرحها الفيلم، إلا أن مشاهد القتل الحقيقية، ورائحة الموت في غزّة، وقفت حائلاً أمام هذا التفاعل المعتاد مع سينما احترافيةٍ عالميةٍ، فالـ'تعاطف' معها لم يعد تلقائياً أو مبرّراً في ظلّ السياسة الأميركية الداعمة للإبادة. التناقض وسياسة الكيل بمكيالين يُضعفان الخطاب الأميركي السياسي والثقافي والاجتماعي ويعرّيانه، ويعزّزان العداء الدولي وخطاب الكراهية يزخر التاريخ الأميركي بشواهد تعزّز سلوك الولايات المتحدة العنجهي، فهل تضرب واشنطن عرْض الحائط بالعداء العالمي المتصاعد ضدّها بعد دعمها العسكري والسياسي والثقافي لحرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزّة؟… لِمَ لا، فقد واجهت أميركا العالم بأسره قبيل (وخلال) غزوها العراق عام 2003، بمسوّغ غير مثبت يتعلّق بامتلاكه أسلحة دمار شامل، تبيّن فيما بعد عدم وجودها، وما تلا ذلك الغزو من حربٍ مفتوحة وموجات عداء ضدّ العالمين، العربي والإسلامي. وازدادت النار اشتعالاً عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول 2001)، إذ استعرت ردّة الفعل الأميركي على قتل مدنيين أميركيين، واعتبرته واشنطن مبرّراً لشنّ حرب عالمية على ما أسمته 'الإرهاب'، إلا أنها اليوم دعمت علناً، بل ساهمت في قتل المدنيين الفلسطينيين وإبادتهم في ما يعتبر جرائم حرب دولية، بل رفعت حقّ النقض (فيتو) ضدّ وقف إطلاق النار في غزّة في مجلس الأمن، وهذا كلّه يعني حتماً أن عليها مواجهة 'العالم' الذي يرفض أخلاقياً، وعلى الأقلّ لفظياً، قتل المدنيين. التناقض وسياسة الكيل بمكيالين (الأميركية) يُضعفان الخطاب الأميركي السياسي والثقافي والاجتماعي ويعرّيانه، ويعزّزان العداء الدولي وخطاب الكراهية. هذا الخطاب، الذي رغم أن مفهومه لم يُحدّد أُممياً، إلا أنه ينطوي على كلامٍ مسيء يستهدف مجموعةً دينيةً أو عرقيةً، وهو في واقعنا اليوم كراهية ضدّ أنظمة بكلّ أدواتها الاقتصادية، التي تموّل مطامعها الاستعمارية عبر الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة العربية. فهل طورّت تلك المطامع والسياسات بُعداً جديداً إلى ذلك الخطاب يمكن وصفه بـ'خطاب الكراهية المُبرّر'؟ مؤكّدٌ أن هذا العداء سيشمل الثقافة الأميركية التي اعتُبِرت دوماً جزءاً أساسياً من قوّتِها الناعمة، فالأدب والفنون والقيم ليست مجرّد أدوات للهيمنة، بل وسائل لإقناع العالم بجاذبية النموذج الأميركي، الذي يتعرّض اليوم لاهتزازٍ غير مسبوق. لقد اعتمدت أميركا على المزج بين القوة العسكرية والدبلوماسية الناعمة لترسيخ صورتها رمزاً للثقافة والحضارة والديمقراطية، وهذا طبعاً يرفع صادراتها وإيراداتها ويدعم اقتصادها ليبقى الأقوى عالمياً، فهل سيشهد العالم تحوّلاتٍ تُغيّر نظرتَه إلى هذه القوة الناعمة فيتراجع الشغف بمتابعة الأفلام الأميركية أو حتى التفاعل معها؟ هل نقف على أعتاب مرحلة تفكّك النموذج الأميركي في الفنّ والسلوك والموضة، إذ لا يُمكن لثقافة الإبادة والاستعمار أن تستمرّ بلا ثمن، فهي مرفوضةٌ إنسانياً وعالمياً، أم أن تسيّد الثقافة الأميركية سيستمرّ برغم جوهرها الإبادي؟ كان هروب العائلة الأميركية في الفيلم المُشار إليه أعلاه مؤثّراً، إذ يصعُب على أيّ إنسان ألا يتعاطف مع معاناة المدنيين. ولكن في سياق الإبادة الجارية، من الصعب على المشاهد أن يظلّ قادراً على التفاعل مع هذه الرواية أو يتجاهل السينما بوصفها إحدى أدوات الهيمنة، وجزءاً من منظومة اقتصادية تدعم الاحتلال. إن تزامن عرض الفيلم (وهو من إنتاج عام 2016) أثار أسئلةً أعمق عن علاقتنا جمهوراً ومثقّفين بالمُنتَج الأميركي، وعن قدرتنا على فصله عن سياسات دولته. لكن من المؤكّد أن الناس سيجدون صعوبةً في التحكّم بمشاعرهم، ودرجة استمتاعهم بالمنتجات الأميركية، فهؤلاء الناس رأوا أيضاً ذبح الفلسطينيين وقتلهم في مشاهد لن يستطيع فيلم أميركي أو غير أميركي تجسيدها، لكن من الممكن أن يتحدّ الفلسطيني 'الضحية' مع الإسرائيلي 'الجلاّد'، ليس في سياق التطبيع الذي يساوي بين الظالم والمظلوم، بل في سياق الانتصار لمعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، وهذا الاتحاد حدث في فيلم 'لا أرض أخرى' لأربعة مخرجين فلسطينيين وإسرائيليين، نال في النهاية جائزة الأوسكار عن أفضل وثائقي طويل لهذا العام. نجاح أميركا وإسرائيل في السيطرة على الخطاب الثقافي لن يكون سهلاً في ظلّ مقاطعة تطاول المنظومة الثقافية الأميركية كلّها كلّف قتلُ المدنيين وتعذيبهم، في فيتنام والعراق وأفغانستان، الأميركيين ثمناً باهظاً في حروبهم، إذ بدت بشاعة النظام الأميركي الذي يدّعي الإنسانية والديمقراطية. وبناء عليه، أعادت أميركا تقييم مصالحها وسياستها في هذه المناطق، كذلك فعلت بعد أحداث '11 سبتمبر' (2001). ومثل ما كان هناك مصطلح 'قبل وبعد' سبتمبر، سيكون هناك 'قبل وبعد' حرب الإبادة على قطاع غزّة، فلم يعد العالم يتقبّل الفكر والثقافة الأميركيين كالسابق. ولا داعي لأن تؤكّد لنا وثائق ويكيليكس، المسرّبة من رسائل بريد إلكتروني، وتشير إلى دعم موظّفي شركة إنتاج سينمائية أميركية الحربَ الصهيونية الاسرائيلية على غزّة عام 2014، التي وقع ضحيتها مئات، وشرّدت آلافاً، بل هناك شركات تعمل مباشرة في الإنتاج السينمائي المدافع عن الفكر الصهيوني، وضدّ مقاطعة إسرائيل ثقافياً. نعم، تمتلك أميركا وإسرائيل أدوات ضخمة للسيطرة على الخطاب الثقافي عبر الإنتاجيْن، الفنّي والإعلامي، إلا أن التحكّم بالشعوب لن يكون سهلاً في ظلّ مقاطعةٍ تتسّع وتنجح، وتطاول المنظومة الثقافية الأميركية كلّها، والأكثر أهمية أن أصواتاً من داخل المنظومة الثقافية نفسها من فنّانين ومؤثّرين عالميين بدأت تتحدّى السردية الأميركية معلنةً تضامنها مع القضية الفلسطينية، رغم محاولات القمع كلّها. وكما نقول دوماً، الحرب الثقافية لا تعرف الهدنة، فهي تسبق الحروب وترافقها وتظلّ بعدها. واليوم، بينما تستثمر أميركا مواردها في دعم الاحتلال، فإنها تهدم بيدها ما بنته خلال عقود من الهيمنة الثقافية. وسيؤدّي العداء العالمي لحرب الإبادة في غزّة عاجلاً إلى تفكّك وتراجع تأثيرها الثقافي الأسطوري تماماً كما تراجع نفوذها الأخلاقي. أسطورة الثقافة الأميركية بعد الإبادة... "الكراهية المُبرَّرة"؟بثينة حمدان السابق حجر أساس 'الريفيرا' التالي موفد ميدي1 تيفي يرصد آخر الاستعدادات قبل لقاء الأسود وتنزانيا


الجمهورية
١٤-٠٣-٢٠٢٥
- الجمهورية
إذاعة الجزائر الدولية تحتفي باليوم الوطني للثقافة الفلسطينية
أحيت إذاعة الجزائر الدولية بالتنسيق مع سفارة فلسطين بالجزائر, سهرة الخميس بالجزائر العاصمة, اليوم الوطني للثقافة الفلسطينية المصادف لذكرى مولد أيقونة شعر المقاومة الشاعر محمود درويش (1941- 2008 ). واحتضنت قاعة العروض لمين بشيشي بمقر الإذاعة الجزائرية, هذه الاحتفالية تحت شعار "على هذه الأرض ما يستحق الحياة", بحضور المدير العام للإذاعة الجزائرية, السيد عادل سلاقجي, ومديري مؤسسات إعلامية وطنية, الى جانب سفير دولة فلسطين بالجزائر, السيد فايز أبو عيطة, والعديد من أفراد الجالية الفلسطينية المقيمة بالجزائر. وقال السفير الفلسطيني أن هذه الإلتفاتة التي سجلتها الإذاعة الجزائرية بمناسبة اليوم الوطني للثقافة الفلسطينية "تدل على أن الشعب الجزائري بكل مكوناته وبكل مؤسسات وطنه الإعلامية والثقافية مع الشعب والدولة الفلسطينية ونحن نقدر وقوفهم الدائم وإصرارهم على إحياء كل مناسبة وطنية فلسطينية". وأردف في سياق ذي صلة بالقول "إننا نقدر لدولة الجزائر رئاسة وحكومة وشعبا كل ما تقدمه من دعم على المستوى السياسي والمادي والمعنوي والوطني لدولة وشعب فلسطين, سيما في ظل العدوان الآثم والمجرم على أهلنا وشعبنا في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وفي كافة الأراضي الفلسطينية", مذكرا في سياق كلامه بـ "الدور المميز الذي قامت به الجزائر سيما في مجلس الأمن, حيث أفضت جهودها إلى وقف هذا العدوان على شعبنا الفلسطيني", وأيضا في "حصول فلسطين على أغلبية ساحقة في الجمعية العامة كدولة ذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة". وطاف ضيوف الإذاعة الوطنية بأجنحة معرض منظم بالموازاة مع هذا الاحتفاء بالتراث والثقافة الفلسطينية, حيث تم تقديم مجموعة من الأعمال الحرفية والفنية التي تشتهر بها مختلف مناطق فلسطين من صناعات تقليدية كفن التطريز على القماش والنسيج وفنون الطبخ والحلي, ناهيك عن لوحات فنية معبرة تستعيد مجد الأرض وتضحية الفلسطينيين من أجل إثبات هويتهم والدفاع عن تراثهم. وعبرت السيدة سميرة حجير, مهتمة بإحياء التراث الفلسطيني, عن حرصها الدائم لتقديم مختلف المهارات الثقافية والفنية التي تشتهر بها فلسطين وحمايتها من السرقة التي تطالها من قبل الكيان الصهيوني, مؤكدة –في ذات المنحى- بأنها تسعى إلى "الترويج للثوب الفلسطيني وإبراز مهارة التطريز والتفصيل والإبداع فيه" وكذلك "النسيج بمختلف ألوانه وأشكاله, فضلا عن تنوع المطبخ الفلسطيني وارتباطه بخيرات الأرض منها زيت الزيتون والزعتر". ومن جهته, أمتع الفنان الفلسطيني حاكم عبد الرحمن الجمهور بعزفه الجميل على آلة العود مقدما معزوفات لأشهر قصائد درويش مثل "وطني" وأخرى لسميح القاسم "منتصب القامة أمشي" والتي تفاعل معها الحضور بكثير من الحنين والمحبة للوطن. كما تخلل الحفل عرض للأزياء أبرز خصوصيات الثوب الفلسطيني وجمال أنامل المرأة الفلسطينية, تم اتباعه بقراءات شعرية وأغاني من أداء الأخوين فؤاد وتوفيق ومان. وسجل طلبة المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر مشاركتهم برسم بورتريهات شاعر المقاومة محمود درويش, تم إهداؤها إلى السفير الفلسطيني, كما تم بالمناسبة تقديم واحدة من الجداريات التي أنجزتها مجموعة من الفنانين الجزائريين المقيمين في الخارج تحمل بصمتهم ومساندتهم للشعب الفلسطيني تم إنجازها تضامنا مع الشعب الفلسطيني في غزة المحاصرة.


حدث كم
١٨-٠٢-٢٠٢٥
- حدث كم
زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي إلى الأقاليم الجنوبية تجدد تأكيد موقف فرنسا الداعم لمغربية الصحراء
تشكل الزيارة التي قامت بها وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، اليوم الاثنين، إلى الأقاليم الجنوبية، تجديدا لتأكيد موقف فرنسا الداعم لمغربية الصحراء. وأوضح بلاغ لوزارة الشباب والثقافة والتواصل أن هذه الزيارة، التي تعد الأولى من نوعها لمسؤول حكومي فرنسي إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة، تأتي لتجدد تأكيد موقف فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، الداعم لمغربية الصحراء. وأبرز أن السيدة داتي، التي كانت مرفوقة بوزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد، استهلت هذه الزيارة التي تحمل أبعادا سياسية بعد اعتراف فرنسا بالسيادة الكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية، بزيارة مدينة طرفاية، وبالضبط معلمة 'Casa del mar'، والتي سيتم ترميمها. كما قامت بزيارة قصبة طرفاية، ومتحف أنطوان دوسانت إكزوبيري، حيث أقام الكاتب والطيار الفرنسي (1900- 1944)، في هذا البيت الذي تم تحويله إلى متحف يقصده السياح من مختلف دول العالم. وبعد مدينة طرفاية، حلت السيدة داتي بمدينة العيون، في زيارة تميزت بإعطاء الإنطلاقة لمشروع التحالف الفرنسي (Alliance Française)، وهو مشروع ثقافي سيمكن ساكنة المنطقة من اكتساب مهارات جديدة والانفتاح على ثقافات أخرى. كما زارت الوزيرة الفرنسية مرافق مكتبة محمد السادس، وهو صرح يعتبر من أهم المراكز الثقافية بالمملكة. وشملت زيارة الوزيرة الفرنسية إلى الصحراء المغربية أيضا مدينة الداخلة، حيث أعطت الانطلاقة، إلى جانب السيد بنسعيد، لملحقة المعهد العالي لمهن السينما، والتي ستفتح أبوابها للتكوين في مهن السينما والسمعي البصري أمام ساكنة الأقاليم الجنوبية، في مشروع يروم تعزيز العرض الثقافي والتكوين في مجال السينما والمساهمة في تطوير الصناعات الثقافية والإبداعية. وتتواصل زيارة عمل السيدة داتي إلى المغرب يوم غد الثلاثاء بلقاء ثنائي موسع مع السيد بنسعيد، وكذا بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجال الثقافة والفنون والسينما. ح/م