
هل تؤثر رسوم ترامب الجمركية على اقتصاد المغرب؟
الرباط – فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية بنسبة 10% على البضائع المستوردة من المغرب ، في خطوة أثارت تساؤلات حول تداعياتها على الاقتصاد المغربي، خصوصا في ظل اتفاقية التبادل الحر المبرمة بين البلدين منذ عام 2006 التي كانت تعفي المنتجات المغربية من هذه الرسوم.
والمغرب الدولة الأفريقية الوحيدة التي لها اتفاقية تبادل حر مع الولايات المتحدة الأميركية، وكان من نصيبها الحد الأدنى من الرسوم الجمركية مقارنة مع جيرانها في منطقة المغرب العربي، إذ فُرضت على تونس والجزائر وليبيا رسوم بلغت 28% و30% و31% على التوالي.
أرقام عن التجارة بين المغرب وأميركا
بلغت قيمة المعاملات التجارية المغربية الأميركية عام 2023 حوالي 73 مليار درهم (7.7 مليارات دولار)، وفق بيانات مكتب الصرف.
بلغت قيمة الواردات المغربية من الولايات المتحدة الأميركية حوالي 360 مليار درهم (حوالي 6.3 مليارات دولار).
مقابل 12.6 مليار درهم (حوالي 1.3 مليار دولار) قيمة الصادرات المغربية ما يمثل 3% من حجم التجارة الخارجية المغربية.
يعني هذا أن الميزان التجاري يميل لصالح واشنطن، فقد بلغ العجز التجاري المغربي 47 مليار درهم (حوالي 4.9 مليارات دولار).
ويرى محللون أن التأثير المباشر للرسوم سيكون محدودا، لكن في المقابل، تبرز انعكاسات غير مباشرة تتعلق بمناخ الاستثمار وتوازنات الشراكات الاقتصادية العالمية.
شراكة إستراتيجية
في أول تفاعل رسمي مع قرار الإدارة الأميركية فرض نسبة 10% رسوما جمركية على المغرب، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس إن المغرب والولايات المتحدة الأميركية تجمعهما شراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد.
وأضاف، في مؤتمر عقب اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي، أن "المملكة هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي تربطها اتفاقية تبادل حر مع الولايات المتحدة الأميركية"، مؤكدا أن هذه الاتفاقية هي أساس قوي للشراكة بين البلدين.
كما أكد أن المغرب مستعد دائما لتعزيز هذا الاتفاق في إطار دوره كبوابة للاستثمار في أفريقيا والعالم العربي.
تأثير محدود
يستورد المغرب من الولايات المتحدة الأميركية غاز البترول وهيدروكربونات أخرى بقيمة 13.5 مليون درهم (1.4 مليون دولار) وتمثل 43.4% من مجموع الواردات، إلى جانب الوقود الصلب وقطع غيار الطائرات والذرة والمواد البلاستيكية والفواكه الطازجة والمجففة.
تتصدر الأسمدة المعدنية والكيميائية صادرات المغرب نحو الولايات المتحدة الأميركية بقيمة 3.35 مليارات درهم (354 مليون دولار)، وهو ما يمثل 20.8% من إجمالي صادرات المغرب إلى الولايات المتحدة.
تخضع منتجات المكتب الشريف للفوسفات الموجهة للسوق الأميركية حاليا لرسوم تعويضية بنسبة 16.6%، فرضتها وزارة التجارة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 (ستستمر إلى 2026)، وأضيف إليها رسم 10% الجديد الذي بدأ تطبيقه ابتداء من الخامس من أبريل/نيسان 2025، وهو ما يعني أن هذه المنتجات ستخضع لضريبة إجمالية بنسبة 26.6% عند دخولها السوق الأميركية.
وتأتي صناعة السيارات في المرتبة الثانية ضمن القطاعات بقيمة 1.85 مليار درهم (195 مليون دولار) وهو ما يمثل 11.4% من إجمالي الصادرات.
تليها صناعة أشباه الموصلات بقيمة 1.73 مليار درهم (حوالي 182 مليون دولار) وتمثل 10.6%
ثم الحمضيات وتمثل 9.6%
والأسماك المصنعة (5.1%)
إلى جانب النسيج ومكونات السيارات والطائرات
ويرى المحلل الاقتصادي بدر زاهر الأزرق أن التأثير المباشر للرسوم الجمركية الجديدة على المغرب سيبقى محدودا، نظرا لحجم المبادلات التجارية المتواضع بين البلدين الذي لا يتجاوز نحو 3% من إجمالي التجارة الخارجية للمملكة، بيد أن المخاوف تتزايد من التداعيات غير المباشرة على مناخ الاستثمار وسلاسل الإنتاج العالمية.
ولفت زاهر الأزرق -في حديث للجزيرة نت- إلى أن "الأثر الفعلي لا يكمن في النسبة الجمركية المعلنة فقط، بل في التحولات الكبرى التي بدأت تضرب الاقتصاد العالمي".
وقال إن دخول الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر الشريك الاقتصادي الأول للمملكة في حالة كساد أو تضخم سيكون له انعكاس سلبي على الاقتصاد المغربي.
وأضاف أن "المغرب يعمل منذ سنوات على استقطاب استثمارات أجنبية في قطاعات السيارات والصناعات التكنولوجية، خاصة من الصين والاتحاد الأوروبي، غير أن السياسات الحمائية الأميركية قد تعرقل هذه المشاريع أو تجعل استمرارها غير مضمون، خصوصا في ظل محاولات واشنطن تطويق التوسع الصيني عالميا".
تأثيرات غير مباشرة
ورغم أن الرسوم المفروضة على المغرب تبقى أقل من تلك التي طالت دولا أخرى، فإن الخبير الاقتصادي إدريس الفينة يرى أن ذلك "قد يشكل نظريا فرصة لجذب بعض الاستثمارات الراغبة في الاستفادة من هذا الامتياز الجمركي، لكن الواقع الجيواقتصادي الحالي يجعل من الصعب تحقق ذلك في ظل القيود على حركة رؤوس الأموال، والتحول نحو شكل جديد من العولمة لا تزال ملامحه غامضة".
وأوضح الفينة للجزيرة نت أن المغرب قد يستفيد، في جانب معين، من تراجع أسعار النفط، وهو ما يشكل عاملا إيجابيا للاقتصاد الوطني، بالنظر إلى اعتماده الكبير على واردات الطاقة، إلا أن التأثيرات غير المباشرة قد تكون معقدة.
وأضاف: "عندما تُفرض رسوم جمركية على دول أخرى، فإن ذلك ينعكس على المغرب أيضا، ولو بشكل غير مباشر، فعلى سبيل المثال، منتجات مثل هواتف آيفون التي تُصنع في الصين، سترتفع كلفتها عند دخول السوق الأميركية، ومن ثم السوق المغربية، مما يؤثر على المستهلك المغربي".
تنويع الشركاء
ويتفق المحللان على أن المغرب مدعو -أكثر من أي وقت مضى- إلى تنويع شركائه التجاريين، وتقليص ارتهانه للاتحاد الأوروبي، مع إعادة تفعيل الاتفاقية التجارية مع الولايات المتحدة، التي لم تُستثمر بالشكل الكافي منذ توقيعها قبل 20 عاما.
ويُرجع الأزرق ضعف المبادلات المغربية الأميركية إلى أن الصناعات المغربية تستجيب أساسا لمعايير السوق الأوروبية، نظرا لارتباط نحو 70% من الاقتصاد المغربي بالاتحاد الأوروبي، من حيث التشريعات والذوق الاستهلاكي.
ودعا الفينة الشركات المغربية إلى استثمار هذه الفرصة للرفع من الصادرات الموجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية وتنويعها.
أما الأزرق فيقول: "إذا أراد المغرب فعلا رفع حجم صادراته للسوق الأميركية، فلا بد من تحفيز القطاع الخاص على تطوير منتجات موجهة خصيصا للمستهلك الأميركي، وتتناسب مع عقليته ومعاييره".
وتابع: "حان الوقت كي يعيد المغرب النظر في خريطة شركائه التجاريين، ويقلل من ارتهانه للاتحاد الأوروبي، مستفيدا من الإطار القانوني للعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، التي ظلت طيلة 20 عاما غير مستغلة بالشكل الأمثل".
أما من حيث السياسات الحكومية، فيدعو المحلل إلى التريث وعدم الانجرار وراء أي خطوات متسرعة، لأن الرسوم المفروضة حاليا لا تبرر مراجعة اتفاقية التبادل الحر، مشيرا إلى أن الظرفية الدولية تتيح أيضا فرصا، مثل انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 60 دولارا وانخفاض أسعار الذهب، مما يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، بالنظر إلى اعتماد المغرب الكبير على استيراد الطاقة.
ويختم الفينة قراءته للوضع الاقتصادي حاليا بالقول: "نحن في بداية حرب تجارية مفتوحة بين واشنطن وبكين، ولا نعلم إلى أين ستنتهي، الضحايا سيسقطون يوميا، والسيناريوهات تتغير باستمرار. وفي حالة اللايقين هذه، المطلوب اليوم ليس فقط التأني، بل اليقظة الإستراتيجية واستباق التحولات".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العرب القطرية
منذ 15 ساعات
- العرب القطرية
17 % ارتفاعا في إيرادات الشحن الجوي.. «القطرية» تحقق أرباحاً قياسية بـ 7.85 مليار ريال
الدوحة - العرب الكعبي: ترسيخ صدارة الناقلة الوطنية والمجموعة كقوة اقتصادية عالمية المير: نسعى إلى تطوير خدماتنا الاستثنائية للمسافرين حول العالم أصدرت مجموعة الخطوط الجوية القطرية تقريرها السنوي عن السنة المالية 2025/2024 مظهرةً أداءً مالياً يعد الأقوى في تاريخها وفي جميع أقسامها بما في ذلك القطرية للشحن الجوي والشركة القطرية لتموين الطائرات والسوق الحرة القطرية، حيث بلغ صافي الأرباح 7.85 مليار ريال (2.15 مليار دولار أمريكي)، محققةً بذلك زيادة قدرها 1.7 مليار ريال مقارنة بالعام الماضي. ومن جانبها، قدّمت القطرية للشحن الجوي، الشركة الرائدة عالمياً في قطاع الشحن الجوي، أداءً ماليّاً مبهراً حيث سجلت زيادة في الإيرادات بلغت نسبتها 17 بالمائة، محققةً بذلك أرباحاً تعدّ الأفضل منذ جائحة كوفيد-19. ويعزى ذلك إلى مرونة الشركة في التكيف مع ظروف سوق الشحن المتغيرة، والتركيز على الاستثمار في مجالات الرقمنة، والتحليلات العميقة المستندة إلى البيانات وموثوقيتها التي تعدّ الأفضل في فئتها. مكانة رائدة وقال سعادة السيد سعد بن شريده الكعبي، وزير الدولة لشؤون الطاقة ورئيس مجلس الإدارة لمجموعة الخطوط الجوية القطرية: « تعكس هذه النتائج المالية المتميزة المكانة الرائدة لمجموعة الخطوط الجوية القطرية ليس فقط في قطاع الطيران العالمي، وإنما أيضاً في قيادة الاقتصاد العالمي. وعليه، تستمر الإنجازات التي تم تحقيقها خلال السنة المالية 2025/2024 في ترسيخ صدارة الناقلة القطرية والمجموعة كقوة اقتصادية عالمية. إن هذا الأداء القياسي هو نتيجة التخطيط المدروس والمعتمد والاستراتيجي، فضلاً عن تفاني موظفينا الجاد، ما أتاح المجال أمام الازدهار بطريقة مستقرة ومستدامة». وأضاف سعادته: «إن الطفرة في الأرباح جاءت نتيجة قرارات تجارية سليمة تعد السمة المميزة لنجاحنا. لهذا أنا كلّي ثقة بقدرتنا على مواصلة سلسلة إنجازاتنا في المستقبل». إستراتيجية طموحة ومن جانبه، قال المهندس بدر محمد المير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية: «تعد هذه النتائج التي حطمت الأرقام القياسية دليلاً على العمل الجاد والمهارة والتفاني الذي تقوم به جميع أقسام مجموعة الخطوط الجوية القطرية. كلنا ثقة بأن أيّا من النتائج البارزة التي نعلن عنها اليوم لن تكون ممكنة لولا موظفينا الذين يتجاوز عددهم 55 ألفا في جميع أنحاء العالم، وتركيزنا على تعزيز هذه المواهب، وهو ما يعد محوراً أساسياً لاستراتيجية الخطوط الجوية القطرية 2.0». وتابع: «كما نجحنا في تنفيذ شراكات استراتيجية متعددة في قطاع الطيران، لكي تظل المجموعة مرنة في مواجهة الأحداث العالمية المتغيرة باستمرار، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو بيئية». وأضاف المهندس المير: «إن هذه الإنجازات تؤكد سعينا لمواصلة تقديم وتطوير خدماتنا الاستثنائية في الأجواء، سواء كانت مقصورة كيوسويت الحائزة على العديد من الجوائز العالمية، أو خدمة الطعام الفاخرة أو خدمة Starlink للاتصال بالإنترنت فائق السرعة والمجاني لجميع المسافرين». إنجازات تعزز الخدمات وذكرت الخطوط القطرية في بيان أن الإنجازات الرئيسية للمجموعة خلال السنة المالية الماضية تشمل ما يلي: زيادة قياسية في الأرباح بنسبة 28 بالمائة في السنة المالية 2024/2025، توسعة مطار حمد الدولي لتمكينه من تلبية احتياجات 65 مليون مسافر سنوياً، أول شركة طيران عالمية والأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعزز كامل طائراتها من طراز بوينغ 777 بتقنية Starlink للإنترنت فائق السرعة، الاستحواذ على حصة أقلية بنسبة 25 بالمائة في شركة فيرجن أستراليا، الاستحواذ بنسبة 25 بالمائة في شركة Airlink، شركة الطيران الإقليمية الرائدة في جنوب إفريقيا، بالإضافة إلى تعزيز سما أول فرد من أفراد طاقم الضيافة المطوّرة بتقنية الذكاء الاصطناعي في العالم، إلى جانب توقيع مجموعة من مذكرات التفاهم التي تشجع على توسيع نطاق الأعمال في جميع أقسام قطاع الطيران والعمل على تحقيق طموحات رؤية قطر 2030.


أخبار قطر
منذ 16 ساعات
- أخبار قطر
إعادة تأهيل المخابز في سوريا: السعودية تخصص 5 ملايين دولار
بدأت السعودية، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مبادرة جديدة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لتأهيل المخابز المتضررة في سوريا. وقد وقعت السعودية على هذا المشروع بقيمة 5 ملايين دولار أميركي خلال فعاليات المنتدى الإنساني الأوروبي 2025 في بروكسل. وقع الاتفاقية المشرف العام على المركز الدكتور عبد الله الربيعة ومدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكيم شتاينر. سيتم تأهيل 33 مخبزًا حكوميًا متضررًا في عدة محافظات سورية من خلال ترميمها وتوفير خطوط إنتاج جديدة وإعادة تأهيل وحدات متنقلة لإنتاج الخبز. تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز الأمن الغذائي في المناطق المتضررة وتوفير فرص عمل جديدة. يأتي هذا المشروع ضمن جهود السعودية في دعم الأمن الغذائي والتعافي المبكر في جميع أنحاء العالم بالتعاون مع الأمم المتحدة.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
كالكاليست: تقلبات الدولار تكشف اختلالات أعمق باقتصاد إسرائيل
تراجع الدولار الأميركي بحدة على خلفية قيام وكالة " موديز" بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما انعكس فورا على الأسواق الإسرائيلية. فقد انخفض الدولار بنسبة 0.3% إلى 3.54 شيكلات في بداية تعاملات الأسبوع، فيما صعد اليورو بنسبة 0.7% متجاوزا حاجز 3.99 شيكلات، وهو ما يعكس ضعف الثقة في استقرار السياسة النقدية الأميركية، ولكن في السياق المحلي الإسرائيلي، فإن هذه التقلبات كشفت عن اختلالات أعمق في الاقتصاد. ضغوط على بنك إسرائيل وسط تسارع التضخم ورغم إعلان نمو الناتج المحلي الإسرائيلي بنسبة 3.4% سنويا في الربع الأول من عام 2025، وارتفاع الناتج للفرد بنسبة 2.2% بعد عامين من الجمود والانكماش، إلا أن معدل التضخم لأبريل/نيسان فاجأ الأسواق -بحسب صحيفة كالكاليست الإسرائيلية- مسجلا ارتفاعا شهريا بنسبة 1.1% مقابل توقعات عند 0.6%. وبلغ التضخم السنوي 3.6%، ما وضع بنك إسرائيل في زاوية ضيقة، إذ إن خفض سعر الفائدة لم يعد مطروحا للنقاش، بل بات تجميدها عند مستوى 4.5% هو الخيار المرجح في الاجتماع المقبل. وبحسب كبير الاقتصاديين في "ميطاف"، ألكس زبجينسكي، فإن بيئة التضخم الحالية "لا تسمح بخفض سعر الفائدة"، إلا في حال حدوث تباطؤ حاد في الاستهلاك، مؤكدا أن التوقعات تشير إلى أن سعر الفائدة خلال الـ12 شهرا المقبلة سيبلغ 4.0%. أما التقديرات المستقبلية للأسواق فتشير إلى فائدة متوقعة عند 3.9%، مع محو تدريجي لتوقعات الخفض التي سادت مطلع الشهر. اضطراب داخلي رغم نمو اقتصادي على الورق ورغم أن الحكومة الإسرائيلية سارعت إلى التباهي بنمو الناتج المحلي، فإن واقع السوق يُظهر تناقضا صارخا، خاصة بعد الزيادة الحادة في أسعار الإيجارات بنسبة 4.2%، مقارنة بـ3.9% في الشهر السابق و3.1% في يناير/كانون الثاني، وفق قول الصحيفة. هذا التسارع في الإيجارات دفع محللي "ليدر" إلى رفع توقعاتهم لارتفاع أسعار العقارات إلى 4.0%، بعد أن كانت 3.3% في الشهر الماضي. وتشير بيانات "ليدر" إلى أن التغيرات في منهجية احتساب أسعار تذاكر الطيران، منذ سبتمبر/أيلول 2023، زادت من حدة التقلبات في هذا القطاع، وهو ما يخلق صورة زائفة حول تضخم السفر. ووفق تقديراتهم، فإن مايو/أيار سيشهد انخفاضا بنسبة 12% في أسعار الرحلات الخارجية، ما سيدفع مؤشر الأسعار للارتفاع بنسبة طفيفة تبلغ 0.1% فقط، في حين يُتوقع أن يظل مؤشر يونيو/حزيران مستقرا، ويصعد مؤشر يوليو/تموز بنسبة 0.5% لأسباب موسمية، تضيف الصحيفة. في هذا السياق، تقول "ليدر" إن السياسة النقدية لبنك إسرائيل باتت مقيدة بشكل كبير، مشيرة إلى أن أي خفض للفائدة "لن يحدث قبل أغسطس/آب"، ما يعكس تخوفا ضمنيا من اتساع الفجوة بين التضخم الجامح والأدوات المحدودة المتاحة للسيطرة عليه. إسرائيل تدفع ثمن اضطراب واشنطن التقرير يشير أيضا إلى أن خفض تصنيف الولايات المتحدة فاقم الضغط على الدولار عالميا، حيث انخفض "مؤشر الدولار" بنسبة 0.9% إلى 100.2 نقطة، بينما قفز اليورو بنسبة 1% إلى 1.128 دولارا، وارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.9% إلى 1.339 دولار. هذا الضعف في العملة الأميركية -تتابع الصحيفة- ترافق مع تعميق أزمة الثقة في أدوات الدين الأميركية، حيث يعتقد خبراء، مثل جورج سارافيلوس من "دويتشه بنك"، أن الأسواق بدأت تعيد التفكير في "مدى استعدادها لتمويل العجز الأميركي". وتجد إسرائيل، التي ترتبط ماليا واقتصاديا ارتباطا وثيقا بالسوق الأميركي نفسها الآن عُرضة لموجة مزدوجة من عدم اليقين، الخارجي بسبب ارتباك السياسة المالية في واشنطن، والداخلي بفعل اختلالات التضخم وتجميد الفائدة وارتفاع كلفة المعيشة بحسب كالكاليست.