
"إكس-59".. الطائرة الصامتة الأسرع من الصوت
وتتميز هذه الطائرة عن سابقاتها الأسرع من الصوت، بتغلبها على مشكلة الانفجارات الصوتية الهائلة التي تنتجها تلك الطائرات، والتي مثلت لها تحديا كبيرا، وتسببت في حظرها فوق المناطق المأهولة بالسكان.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية والعديد من الدول قد حظرت الطيران الأسرع من الصوت فوق اليابسة منذ عام 1973، بسبب الضوضاء الشديدة التي يحدثها، وهو ما حال دون توسع استخدامه للأغراض المدنية للحد من آثاره السلبية على البشر والبيئة، واقتصر استخدامه فوق المحيطات ضمن عدد قليل نسبيا من الطرق العابرة للقارات.
وتم إنتاج "إكس- 59" على مدى سنوات بالتعاون بين وكالة ناسا وشركة "لوكهيد مارتن سكَنك" لصناعات الطيران. وفي عام 2023، صنفتها مجلة تايم ضمن أفضل الاختراعات في فئة النقل، وذلك في إصدارها الخاص "أفضل الاختراعات".
الفكرة والتصنيع
قادت شركة صناعات الطيران "لوكهيد مارتن سكَنك ووركس" تصميم وبناء واختبار الطائرة "إكس-59" الأسرع من الصوت بالتعاون مع مشروع كويست التابع لوكالة الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا).
وتُعد طائرة "إكس-59" ثمرة جهود بحثية أجرتها وكالة ناسا واستمرت عقودا، بدءا من الطائرة "إكس-1″، التي كسرت حاجز الصوت أول مرة عام 1947، والتي مثلت بداية عصر الطيران الأسرع من الصوت.
وقد طُرحت فكرة الحد من الضوضاء الناتجة عن الطيران الأسرع من الصوت نظريا أول مرة في ستينيات القرن الـ20، وفي غضون سنوات بدأت وكالة ناسا إجراء أبحاث على تقنيات تهدف إلى خفض الصوت في هذا النوع من الطيران.
وفي العامين 2003 و2004، أثبتت أبحاث ناسا إمكانية تقليل هدير الطائرات الأسرع من الصوت، حين تم تعديل مقدمة طائرة مقاتلة من طراز "إف- 5 إي تايغر" إلى "أنف" فريد الشكل.
وبدأ العمل فعليا على مشروع "طائرة إكس-59" عام 2016، حين قدمت شركة لوكهيد مارتن تصميما أوليا للطائرة، طورته بموجب عقد منحته إياها وكالة ناسا.
وحصلت الوكالة على تمويل أولي للمشروع بداية عام 2018، وفي أبريل/نيسان من العام ذاته، منحت عقدا لشركة لوكهيد مارتن بقيمة 247.5 مليون دولار بهدف بناء الطائرة في مصانع الشركة في مدينة بالمديل بولاية كاليفورنيا.
وخضعت طائرة "إكس-59" إلى مراحل طويلة من التطوير والاختبار، استمرت سنوات عديدة، وشاركت جميع مراكز أبحاث الطيران التابعة لناسا -مركز أبحاث أميس ومركز أرمسترونغ لأبحاث الطيران ومركز غلين ومركز لانغلي- في مراحل الإنتاج كافة.
وأسهمت المراكز في إنجاح المشروع، عبر تعديل تصميم الطائرة وتطوير أنظمتها، إضافة إلى تقييم أنظمة الطيران والسلامة واختبار أداء الطائرة في البيئات الحقيقية وجمع البيانات وتحليلها.
وكان من المفترض، وفقا للعقد، إتمام التصنيع وتسليم لوكهيد مارتن الطائرة إلى مركز أرمسترونغ بحلول نهاية عام 2021، لكن جائحة كورونا (كوفيد-19) أخرت مراحل الإنتاج وأعاقت تسليمها في الوقت المحدد.
وفي 12 يناير/كانون الثاني 2024، كشفت كل من وكالة ناسا وشركة لوكهيد مارتن عن طائرة "إكس- 59" أثناء حفل إطلاق بكاليفورنيا، وتم عرض الطائرة أمام حشد بلغ نحو 150 فردا.
وتُعتبر "إكس- 59" طائرة تجريبية، فهي تتمتع بحجم صغير لا يرقى إلى حجم طائرة ركاب، لكن الغرض من إنتاجها هو تصنيع نموذج تجريبي وجمع البيانات المتعلقة بالضجيج الصادر عنه.
التصميم
تُشبه "إكس- 59" طائرة مقاتلة مُعدّلة، وتحتوي على قمرة قيادة تستوعب طيارا واحدا ويبلغ طولها 99.7 قدما (30.4 مترا)، وعرض جناحيها 29.6 قدما (9 أمتار)، بينما يصل ارتفاعها إلى 14 قدما.
وخُطط لها على ألا يتعدى وزنها الإجمالي 25 ألف رطل (نحو 11 ألفا و340 كيلوغراما)، ويُقدر وزنها فارغة بنحو 14 ألفا و990 رطلا، مع قدرة على استيعاب حمولة تصل إلى 600 رطل وخزان وقود بسعة حوالي 8700 رطل.
وتعمل الطائرة بمحرك واحد من نوع "إف 414- جي إي- 100" مُعدل، يُستخدم على نطاق واسع في الطائرات العسكرية، مثل طائرة "إف-18 سوبر هورنت" التابعة للبحرية الأميركية.
ويُنتج المحرك ما يصل إلى 22 ألف رطل من الدفع لتحقيق سرعة طيران تبلغ 1.42 ماخ (1510 كيلومترات في ساعة) وسرعة قصوى تصل إلى 1.5 ماخ (1590 كيلومترا في الساعة)، ويسمح لها الجناح بالتحليق على ارتفاع يصل إلى 55 ألف قدم (16 ألفا و800 متر).
وزودت الطائرة بعجلات هبوط من نوعي "إف-16 بي آي كي 25 إن إل جي" و"إم إل جي".
واستخدمت في تصنيع الطائرة مجموعة متنوعة من قطع غيار مستمدة من طائرات أخرى بهدف خفض التكلفة وتركيز موارد المشروع على حل المشكلة الأساسية المتمثلة في خفض دوي الانفجار الصوتي.
ومن أبرز القطع المعاد استخدامها: معدات الهبوط التي تم الحصول عليها من مقاتلة " إف-16"، وقمرة القيادة ومظلتها والمقعد القاذف المأخوذة من طائرة التدريب العسكرية "تي- 38" التابعة لوكالة ناسا. كما أُخذ المحرك من مقاتلة من طراز "إف- 18" وجزء من نظام الدفع من طائرة التجسس "يو-2" وعصا التحكم من المقاتلة الشبح " إف-117".
ميزات التصميم
رغم اعتماد طائرة "إكس- 59" على العديد من القطع المستمدة من طائرات أخرى، فإنها تتمتع بمجموعة من المميزات التي تجعلها فريدة وقادرة على التغلب على أحد أكثر التحديات التي تواجه الطيران الخارق للصوت، وهو الضجيج الهائل الذي يُسببه هذا النوع من الطيران.
فعندما تحلق الطائرات التقليدية بسرعات تفوق سرعة الصوت، تصطدم بالهواء مُشَكِّلة موجات تتداخل لتصدر انفجارا قد يصل مستوى ضجيجه إلى 110 ديسيبل (وحدة قياس شدة الصوت) وهو ما يُشبه صوت الرعد القوي.
أما طائرة "إكس-59" فابتُكر لها هيكل جديد بالكامل، بغرض تقليل موجات الصدمة ومنع اندماجها عبر إعادة توزيعها وتمديدها، وهو الأمر الذي يجعل تلك الموجات تصل إلى الأرض منفصلة مسببة مستويات ضجيج مقبول، بما يشبه سلسلة من الضربات الخفيفة أو الارتطام البسيط.
وتصدر عن الطائرة نبضة ضوضاء قصيرة بقوة أقل من 75 ديسيبل، مقارنة بأكثر من 100 ديسيبل التي تُصدرها طائرات " كونكورد" والطائرات العسكرية الأسرع من الصوت، وهو الأمر الذي قد يُسهم في رفع الحظر المفروض على طائرات المسافرين الأسرع من الصوت.
وتتميز الطائرة بتصميم خارجي فريد طويل وضيق، ويتميز بمقدمة على شكل "أنف" ممدود ومدبب يشكل طوله حوالي ثلث إجمالي طول الطائرة وزودت بما لا يقل عن 3 أسطح رفع أفقية بهدف تمديد منطقة ضغط الهواء، مما يمنع تصادم موجات الصدمة.
وتحتوي الطائرة على محرك نفاث واحد مُركّب على سطحها لتقليل الضوضاء، وتحتوي على فتحات هواء علوية مصممة بغرض تشتيت دوي الانفجار. أما جناحها الرئيسي، فقد صُمم على شكل "دلتا" للتفاعل مع "أنفها" الطويل ومحركها العلوي وجناحها الخلفي، مما يساعد في التحكم في موقع وقوة موجات الصدمة.
كما جاء تصميم الطائرة دون نافذة أمامية، وهو تصميم يُساعد على تقليل دوي الصوت الناتج، واستبدل بالنافذة نظام تُطلق عليه ناسا "نظام الرؤية الخارجية"، ويتكون من كاميرا متصلة بشاشة مثبتة في قمرة القيادة، تتيح للطيارين الرؤية الأمامية بدقة عرض فائقة الوضوح (4K) عبر تقنية الواقع المعزز.
اختبارات الأداء
طورت وكالة ناسا في مركز "أرمسترونغ" لأبحاث الطيران التابع لها، وعلى مدى سنوات، أدوات قياس وتصوير لتقييم موجات الصدمة الخاصة بطائرة "إكس-59" عند تحليقها بسرعة 1.4 ماخ، وعلى ارتفاعات تزيد على 50 ألف قدم.
واستخدم فريق التجارب طائرتي أبحاث من طراز "إف-15" لعمل تجارب تمهيدية قبل البدء بتجارب فعلية على الطائرة، وتم التحقق من صحة 3 أدوات أساسية:
مسبار قياس موجة الصدمة: وهو جهاز دقيق مُثبت في مقدمة الطائرة، يُستخدم لقياس وتحليل موجات الصدمة الناتجة عن الطيران بسرعات تفوق سرعة الصوت.
نظام الملاحة الجغرافية المتكامل لتحديد المواقع الجوية.
نظام التصوير الفوتوغرافي المحمول جوا، والذي يسمح بالتقاط صور توضح التغيرات في كثافة الهواء التي تسببها طائرة "إكس-59".
ومرت طائرة "إكس-59" بتجارب طويلة ودقيقة للتحقق من أدائها، وبدأت تلك الاختبارات بمراقبة أداء أنظمة التحكم الهيدروليكية والكهربائية والبيئية في الطائرة أثناء تشغيل المحرك، تبعها اختبار دواسة الوقود، إلى جانب اختبارات رفع طاقة الطائرة إلى حدها الأقصى.
وفي أوائل عام 2022، أجرى فريق التجارب اختبارا بهدف ضمان قدرة الطائرة على امتصاص القوى التي تتعرض لها أثناء الطيران. وفي أغسطس/آب من العام نفسه خضع نموذج مصغر للطائرة لاختبار نفق الرياح في وكالة استكشاف الفضاء اليابانية، وقاس العلماء موجات الضغط أثناء مرور تدفق الهواء الأسرع من الصوت فوق النموذج.
أما في 2023، فقد أجرى الفريق اختبارات تقييم تتعلق باستجابة الطائرة للاهتزازات، وبحلول عام 2024 خضعت لاختبارات هيكلية، وشهدت تحريك أسطح التحكم الخاصة بها بواسطة الحاسوب، بما في ذلك الأجنحة واللوحات والدفة، كما تم اختبار المقعد القاذف.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أُجري آخر فحص رئيسي لنظام الطائرة قبل انطلاق أول رحلة تجريبية على المدرج، إذ تم تشغيل محركها ونظامها الداخلي كاملا. وفي ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، نجحت ناسا في إتمام أول اختبار للمحرك بأقصى طاقة احتراق.
إعلان
وفي فبراير/شباط 2025، اجتازت الطائرة بنجاح اختبارات التوافق الكهرومغناطيسية، وتأكد فريق الاختبار من عدم تداخل الأنظمة، مثل: أجهزة الراديو ومعدات الملاحة وأجهزة الاستشعار مع بعضها البعض، أو تسببها في مشاكل غير متوقعة.
وأجرى فريق ناسا اختبارا أرضيا في مارس/آذار 2025، بهدف ضمان قدرة الطائرة على الحفاظ على سرعة محددة أثناء التشغيل، وأثبت الاختبار أن مثبت السرعة يعمل بشكل صحيح، وأكد قدرة الطائرة على التحكم الدقيق بالسرعة، وأن جميع مكوناتها تعمل وفق التصميم.
وفي مايو/أيار نجحت طائرة "إكس-59" في اجتياز سلسلة من اختبارات تحاكي ظروف الطيران في بيئة أرضية، إذ أجرت محاكاة للطيران على ارتفاعات عالية فوق صحراء كاليفورنيا دون مغادرة الأرض على الإطلاق.
وأثناء عمليات المحاكاة، فعل الفريق معظم أنظمة الطائرة، مع إبقاء المحرك متوقفا، وفي الوقت نفسه، رُبطت الطائرة إلكترونيا بجهاز حاسوب أرضي يُرسل إشارات مُحاكاة لتغييرات تشمل الارتفاع والسرعة ودرجة الحرارة وحالة النظام.
ووجه الطيارون في قمرة القيادة الطائرة لمراقبة استجابتها لجميع المؤثرات، بما في ذلك التعرض للأعطال.
إلى جانب ذلك، ساهم هذا الاختبار في تطوير الطائرة، عبر تحديد مواضع القصور في الأنظمة وإجراء التعديلات المطلوبة لتحسين الأداء.
وفي يوليو/تموز 2025، أجرى باحثون من وكالة ناسا ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية اختبار نموذج مصغر لطائرة "إكس-59" في نفق رياح أسرع من الصوت يقع في مدينة تشوفو باليابان، بهدف تقييم الضوضاء المسموعة أسفل الطائرة.
كما أجرى فريق مكون من موظفين من وكالة ناسا وشركة "لوكهيد مارتن" أول اختبار سير منخفض السرعة للطائرة باستخدام قوتها الذاتية في مصنع القوات الجوية الأميركية في مدينة بالمديل بكاليفورنيا.
ويمثل السير على المدرج آخر سلسلة اختبارات أرضية تسبق الرحلة الأولى للطائرة، وأثناء هذه الاختبارات تزيد الطائرة سرعتها تدريجيا حتى تصل إلى سرعة عالية تمكنها من الوصول إلى نقطة الإقلاع.
وفي أواخر يوليو/تموز 2025، أجرت وكالة ناسا تجربة كاملة في جزء من صحراء موهافي في كاليفورنيا، للتحضير لكيفية قياس الضوضاء التي تولدها الطائرة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الوطن
منذ 11 ساعات
- جريدة الوطن
وفاة قائد بعثة أبولو
توفي جيم لوفيل رائد الفضاء الأميركي وقائد بعثة أبولو 13 الذي ساهم في تحويل مهمة القمر الفاشلة إلى انتصار، عن عمر يناهز 97 عاما. وقالت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في بيان لها،: «توفي لوفيل الخميس، في ليك فورست، بولاية إلينوي الأميركية». وأضافت ناسا، «إن شخصية جيم وشجاعته الثابتة، ساعدت أمتنا في الوصول إلى القمر وحوّلت مأساة محتملة إلى نجاح تعلّمنا منه الكثير.. نحن ننعى رحيله حتى ونحن نحتفل بإنجازاته». وكان لوفيل، واحدا من أكثر رواد الفضاء في ناسا سفراً في العقد الأول للوكالة - حيث شارك في أربع بعثات هي جيميني 7 وجيميني 12 وأبولو 8 وأبولو 13.وقد أثارت رحلتا أبولو 8 و13 اهتمام سكان الأرض. وفي عام 1968، كان طاقم أبولو 8 المكوّن من لوفيل وفرانك بورمان ووويليام أندرس أول من غادر مدار الأرض وأول من سافر إلى القمر ودار حوله. ورغم أنهم لم يتمكنوا من الهبوط، إلا أنهم جعلوا الولايات المتحدة تتقدم على السوفيات في سباق الفضاء في ذلك الوقت. ولكن مهمة الإنقاذ الكبرى، لم تكن قد جاءت بعد، حيث حدثت خلال رحلة أبولو 13 الشاقة في أبريل 1970.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
احذر فالحيتان لها آذان.. كيف تستخدم الاستخبارات الحيوانات للتجسس؟
قبل أكثر من 6 عقود من الآن، وتحديدا في عام 1964، جرى اصطياد 5 دلافين وتدريبها لتصبح أبطال 3 مواسم متتالية في برنامج تلفزيوني أميركي يُسمى "فليبر (Flipper)". حقق البرنامج شعبية كبيرة، وأصبحت الدلافين تحظى بمحبة الأطفال الأميركيين. في الوقت نفسه تقريبا، أصبح الدلفين، هذا الكائن البحري الذي جُسّد بصورة ودودة ممتعة ومسلية خلال برنامج فليبر، بطلا لمغامرة أخرى أكثر إثارة في معامل وكالة المخابرات المركزية الأميركية " سي آي إيه". بذلت وكالة المخابرات المركزية الأميركية قصارى جهدها لتصبح الدلافين جزءا من نظام تسلحها في الحرب الباردة. هذا ما كشفته وثيقة رُفعت عنها السرية جزئيا من وثائق عام 1976 حول تدريب الدلافين البحرية للأهداف العسكرية والاستخباراتية لأغراض جمع المعلومات من المناطق الساحلية، وربما أكثر من ذلك. ليست الدلافين فقط التي حاولت أجهزة المخابرات الدولية استغلالها وتوريطها في صراعاتها، فلم تنجُ العديد من المخلوقات غير البشرية، سواء أكانت تعيش في البر أو البحر أو الجو، من محاولات استغلال الجيوش وأجهزة المخابرات الدولية. خلال الحرب العالمية الأولى ، حاول الجيش البريطاني تدريب طيور النورس على التبرز على مناظير الغواصات الألمانية، لإعاقة الرؤية لدى طواقم الغواصات. لم تكن تلك المحاولة ناجحة تماما، بعكس توظيف الحمام المُدرب على حمل رسائل مشفرة عبر خطوط القتال، حيث كان لدى الجيش البريطاني زهاء 20 ألف طائر في الخدمة بحلول عام 1918. خلال الحرب العالمية الثانية ، عرف العالم الاستخدام المنظم وواسع النطاق للكلاب في الكشف عن الألغام والمتفجرات وغيرها من المهام الحسية، وهي ممارسة لا تزال قائمة إلى اليوم. وخلال حرب فيتنام بدأت البحرية الأميركية في برنامجها لتدريب الثدييات البحرية الذي ظل مغلفا بإطار من السرية حتى مطلع التسعينيات. ولا تزال البحرية الأميركية إلى اليوم تدير برنامجا خاصا لـ"خدمة الحيوانات" مقره في القاعدة البحرية في سان دييغو، بكاليفورنيا، حيث تقوم الحيوانات البحرية المدربة بدوريات في المياه المحظورة وتفتش عن الأجسام المشبوهة. وللغرابة، لم تَسْلم الحشرات من محاولات تجنيد أجهزة الاستخبارات. يشير تقرير صادر عام 1972 إلى مساعي مختبرات الجيش الأميركي استغلال "القدرات الحسية للحشرات" مثل بق الفراش والبعوض والقراد للكشف عن الأشخاص. ولا تزال العديد من أجهزة الاستخبارات حول العالم تستثمر في برامج لتدريب الحيوانات وتوظيف قدراتها الحسية للأغراض العسكرية والاستخباراتية. "القطط" عملاء لـ"سي آي إيه" في الواقع، اشتهرت وكالة المخابرات المركزية الأميركية بمحاولاتها المستميتة للإبداع في التجسس في الستينيات. وقد تجلت وحشية هذه المحاولات وقسوتها خلال عملية عُرفت باسم "القطة الصوتية" (Acoustic Kitty). وكما كتب "توم فاندربيلت"، الكاتب الأميركي، لمجلة "سميثسونيان (smithsonianmag)" آنذاك: "بهدف التجسس على خصوم الحرب الباردة، نشرت الحكومة الأميركية عملاء غير بشريين، مثل الغربان والحمام وحتى القطط". تشير المجلة إلى أن هذا المشروع لم يكن قطّ موضوع جلسة استماع في الكونغرس، إلا أن بعض الوثائق والمصادر من داخل أروقة الاستخبارات تشير إلى أن المشروع كان حقيقيا. فقد اعتقدت وكالة المخابرات الأميركية أنه في ظل التدريب المناسب، يمكن أن تتحول القطط ببعض الجهد إلى "جواسيس". أرادت الوكالة أيضا استغلال سمة "الفضول" في القطط، والتي لن تجعل أي شخص يشك في وجود قطة في مكان ما. بُنيت الخطة على افتراض أن قطة موصولة بأسلاك لتسجيل الصوت سيمكنها بسهولة أن تكون قادرة على القدوم والذهاب دون أن يلاحظها أو يشك فيها أحد، وباستخدام الإشارات الصوتية، يمكن التحكم فيها لتتحرك وتصل إلى المكان الذي يمكنها فيه تسجيل الأصوات المطلوبة، مثل المحادثات بين القادة السوفيات. لم يكن إنشاء قطة عالية التقنية مهمة بسيطة أو سهلة في عصر التسجيل الصوتي البدائي وأجهزة الحاسوب التي كان يصل حجمها إلى حجم غرفة، ويزيد من صعوبة الأمر هنا أنه يجب أن تظل القطط تبدو قططا طبيعية بدون نتوءات غريبة أو ندوب تثير الشكوك. لتحقيق هذا، قامت وكالة المخابرات المركزية بإنشاء جهاز إرسال يبلغ طوله 3/4 بوصة لوضعه في قاعدة جمجمة القط بشكل جراحي، وحينما تقوم القطط بالتسلل ستتمكن الأجهزة المزروعة في جسد القطة من التنصت على الأنشطة المطلوب مراقبتها. تمت الإشارة إلى المشروع ذاته من قبل "جيفري تي ريتشلسون"، المؤلف الأميركي والباحث الأكاديمي الذي تخصص في دراسة كيفية جمع المعلومات الاستخباراتية، في كتابه "سحرة لانغلي" (The Wizards of Langley)، وهو أول كتاب يؤرخ لجهود وكالة المخابرات المركزية الأميركية المكثفة لاستغلال العلم والتكنولوجيا لأغراض التجسس. ويقدر أن الوكالة الأميركية ضخت حوالي 10 ملايين دولار في تصميم القطط الأولى وتشغيلها وتدريبها ضمن المشروع، لكن المشكلة الكبرى التي واجهها المسؤولون هنا هي أنه لم يكن هناك طريقة لضبط حركة القطط أو تقييدها بالشكل المرغوب، حيث كانت القطط تتجول عندما تشعر بالملل أو التشتت أو الجوع. عولجت مشكلات الجوع لدى القطة من خلال عمليات جراحية أخرى. تشير التقديرات إلى أن نفقات الجراحة والتدريب الإضافية أدت إلى رفع التكلفة الإجمالية إلى 20 مليون دولار. كل هذه التكاليف والتدريبات والجهود جعلت المسؤولين يظنون أن القطة جاهزة أخيرا لبدء تنفيذ مهمتها في العالم الحقيقي، وعندما حان وقت بدء المهمة، أطلق عملاء وكالة المخابرات المركزية سراح عميلهم من مؤخرة شاحنة وشاهدوه بفارغ الصبر وهو ينطلق في مهمته. اندفعت القطة تجاه السفارة، لكن ما حدث لم يكن ليخطر ببال رجال المخابرات، فقبل أن تصل القطة إلى السفارة اصطدمت بسيارة أجرة عابرة وماتت قبل أن تبدأ في تنفيذ مهمتها المرجوة. ألغت وكالة المخابرات المركزية الأميركية المشروع في النهاية، ووفقا لوثائق منقحة جزئيا في أرشيف جامعة جورج واشنطن، خلصت الوكالة إلى أنه على الرغم من جهد وخيال أصحاب فكرة استخدام القطط في التجسس، لن يكون من العملي الاستمرار في محاولة تدريب القطط لأغراض التجسس نظرا لصعوبته وتكلفته المرتفعة، فضلا عن عوائده غير المضمونة في نهاية المطاف. تجنيد الدلافين لا يقف الأمر عند القطط، ففي أغسطس/آب عام 2015، نقلت تقارير صحفية أن حركة حماس الفلسطينية اكتشفت أن الإسرائيليين استخدموا الدلافين في التجسس. وفقا للتقارير الفلسطينية، فإن الاحتلال الإسرائيلي قام بتجنيد حيوان مائي أليف، وهو الدلفين، وثبّت معدات تصوير وأجهزة تجسس على ظهره. وكما أشرنا لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم خلالها الدلافين في التجسس، ففي ستينيات القرن الماضي، أظهرت الوثائق أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية بحثت في استخدام الدلافين من أجل "اختراق الموانئ" والتجسس على خصومها. وللمفاجأة، لم تقتصر مهمات الدلافين على التجسس فقط، فقد استخدمتها البحرية الأميركية سابقا في عمليات إزالة الألغام. أكثر من ذلك، حاول المسؤولون الأميركيون استخدام دلافين قارورية الأنف لشن هجمات تحت الماء ضد سفن العدو. كانت هناك أيضا اختبارات حول ما إذا كانت الدلافين يمكنها حمل أجهزة استشعار لرصد الغواصات النووية السوفياتية أو البحث عن آثار أسلحة مشعة أو بيولوجية من المنشآت القريبة. جاء خلال وثيقة منشورة على موقع "سي آي إيه" بتاريخ الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1964 تحت عنوان "مشروع أوكسي غاز" (Project Oxygas) القول: "أنفقت الوكالة والبحرية قدرا كبيرا من الوقت والمال في تطوير المشروع لكن النتائج المتحققة كانت "هامشية" في أحسن الأحوال. على سبيل المثال، قد تتجاوز تكلفة توصيل السباحين والمعدات المتخصصة وحدها سنويا نحو 5 ملايين دولار، والنتيجة ليست مرضية بدرجة كافية. ورغم ذلك، أكدت الوثيقة أن "التقدم في العملية يشجع على إيلاء المزيد من الانتباه لهذا المشروع. ورغم أنه لا يمكن توقع أن يحل الدلفين محل الرجل في الماء تماما، فلربما كان باستطاعة الدلفين أن يوفر جزءا كبيرا من جهودنا البشرية". بحلول عام 1967، كانت "سي آي إيه" تنفق مئات الآلاف من الدولارات على 3 برامج استخباراتية، تشمل تدريب واستخدام الدلافين والطيور والقطط والكلاب ليصبحوا عملاء. في السياق ذاته يذكر تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية أن البحرية الأميركية دربت الدلافين وأسود البحر منذ حرب فيتنام، بوصف ذلك جزءا من برنامج استخدام الثدييات البحرية، حيث دُرب ما يقرب من 70 دولفينا قاروري الأنف و30 أسدا في قاعدة سان دييغو. تتميز الدلافين وأسود البحر بالذكاء والقدرة على التعلم ومواكبة التدريبات، وقد تفوقت حواسها الطبيعية على قدرات أي آلة أو حاسوب أنشئ بواسطة البشر. وتتمتع الدلافين، بالإضافة إلى قدرتها على الغوص بعمق كبير، بإمكانية "تحديد الموقع بالصدى"، التي تسمح لها باكتشاف أماكن الألغام المدفونة تحت الماء. أما أسود البحر فهي تتمتع ببصر ممتاز، وقد ساعدت الجيش الأميركي في العثور على بعض المعدات المفقودة. يوضح تقرير الغارديان مثلا أن الدلافين استُخدمت بالفعل للمساعدة في إزالة الألغام في الخليج العربي أثناء حروب الخليج و غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003. لا يزال استخدام الدلافين في الحروب والصراعات البشرية قائما حتى الآن. ففي شهر أبريل/نيسان عام 2019 أبلغ صيادون نرويجيون عن حوت يتصرف بشكل غير طبيعي ويستمر في مطاردة قواربهم بصورة غير معتادة. سرعان ما تبين أن هناك سرجا غريبا ملفوفا حول جسم الحوت كتب عليه "معدات سانت بطرسبرغ"، مما أثار تكهنات جديدة حول برنامج عمليات خاصة للثدييات البحرية تحت إدارة البحرية الروسية. لاحقا في عام 2022، نشرت إذاعة "إن بي آر" تقريرا حول استخدام الجيش الروسي دلافين مدربة بشكل خاص للدفاع عن قاعدة بحرية مهمة قبالة شبه جزيرة القرم. أضاف التقرير أن هناك صورا ملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية تظهر وجود الدلافين عند مدخل ميناء سيفاستوبول، الذي يستضيف القاعدة البحرية "الأكثر أهمية" للبحرية الروسية في البحر الأسود. لم تكن تلك سابقة على أي حال، فمن المعلوم أن البحرية السوفياتية أدارت العديد من برامج استخدام الثدييات البحرية خلال الحرب الباردة، بما في ذلك تدريب الدلافين بالقرب من سيفاستوبول. يُضيف تقرير "إن بي آر" أن هذه الوحدة بالذات انتقلت إلى الجيش الأوكراني عندما انهار الاتحاد السوفياتي، لكن الوحدة ظلت غير فاعلة حتى استعادتها روسيا بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014، وأحيت البرنامج مرة أخرى. حتى الحمام لم يَسْلم! تعددت القصص والروايات التي تفسر سبب اختيار الحمام رمزا للسلام، لكن ربما لم تكن هذه القصص والروايات مقنعة بما يكفي للمسؤولين العسكريين ورجال المخابرات، الذين قرروا إقحام الطائر المسالم في الحروب والنزاعات وعمليات التجسس. يعود استخدام الحمام في الاتصالات إلى آلاف السنين، حتى قبل ظهور خطوط التلغراف، حيث كان الحمام يصل بالرسائل من مكان إلى آخر مهما طالت المسافة الفاصلة بينهما. بعد توصيل رسالته، يمتلك الحمام قدرة خاصة تمكنه من أن يجد طريقه عائدا للنقطة الأولى التي انطلق منها حاملا رد الطرف الآخر. لكن مهمة الحمام في مساعدة البشر على التواصل لم تقتصر على التواصل "السلمي"، ففي الحرب العالمية الأولى بدأ استخدام الحمام لجمع المعلومات الاستخبارية. بحلول الحرب العالمية الثانية، كان هناك فرع سري من المخابرات البريطانية يدير "خدمة الحمام السرية"، كانت مهمة هذا الفرع هي إسقاط الطيور في حاوية بمظلة فوق أوروبا. وقد استطاع الحمام بالفعل حينها تنفيذ المهمة المطلوبة بنجاح، فقد عاد أكثر من ألف طائر حمام برسائل تتضمن تفاصيل عن مواقع إطلاق صواريخ ومحطات رادار ألمانية. بعد الحرب، توقفت لجنة الحمام الفرعية التابعة للمخابرات البريطانية، بينما استمرت وكالة المخابرات المركزية الأميركية في استغلال قوة الحمام. تكشف الوثائق كيف قامت وكالة المخابرات المركزية الأميركية بتدريب الحمام للقيام بمهمات سرية لتصوير مواقع حساسة داخل الاتحاد السوفياتي. وفقا لموقع "بي بي سي"، فإن عملية استخدام الحمام في التجسس خلال السبعينيات كان يُطلق عليها اسم "تاكانا" (Tacana)"، وقد زُود الحمام خلالها بكاميرات صغيرة لالتقاط الصور تلقائيا. لقد حاولت وكالة المخابرات المركزية هنا الاستفادة من الميزة الحاسمة في الحمام، وهي أنه يمتلك قدرة مذهلة على إيجاد طريق العودة إلى الوطن مهما ابتعد. كشفت الوثائق أن وكالة المخابرات المركزية دربت أيضا غرابا على تسليم واستعادة أشياء صغيرة يصل وزنها إلى 40 غراما من عتبات نوافذ المباني التي يتعذر الوصول إليها، كما حاولت الوكالة أيضا تدريب الصقور الكندية والببغاء، لكن من بين كل هذه الفصائل، أثبت الحمام وحده، لسوء حظه، أنه الأكثر فاعلية. بحلول منتصف السبعينيات، بدأت الوكالة في القيام بسلسلة من المهمات التجريبية، كان أحدها فوق سجن والآخر فوق مقر للبحرية في واشنطن العاصمة. زُود الحمام بكاميرات تبلغ تكلفة إحداها ألفي دولار ووزنها 35 غراما فقط، أظهرت الصور الملتقطة بواسطة الحمام بالفعل تفاصيل واضحة بشكل ملحوظ لأشخاص يمشون وسيارات متوقفة في باحة مقر البحرية في واشنطن العاصمة. وجد الخبراء أن جودة الصور كانت أعلى من تلك التي تنتجها أقمار التجسس الصناعية العاملة في ذلك الوقت. كانت المهمة المقصودة هي استخدام الحمام ضد أهداف استخباراتية "ذات أولوية" داخل الاتحاد السوفياتي. أشارت الوثائق إلى أنه كان من المقرر شحن الطيور سرا إلى موسكو ، لكن لم يُعرف المزيد من التفاصيل حول هذه المهمة.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
مفاجأة علمية.. كيميائيون يبتكرون بلاستيك مرن وقوي وقابل للتحلل بسهولة
في خطوة جديدة نحو مستقبل خالٍ من التلوث البلاستيكي، أعلن فريق بحثي من جامعة واشنطن في سانت لويس عن تطوير مادة بلاستيكية حيوية مبتكرة، سميت "ليف"، وهي مستوحاة من التركيب الطبيعي للورقة النباتية. وبحسب الدراسة التي نشرها الباحثون في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، تتميز هذه المادة بقدرتها على التحلل الكامل في درجة حرارة الغرفة، من دون الحاجة إلى مرافق صناعية خاصة، وهذا يجعلها مرشحة قوية لاستبدال البلاستيك التقليدي في الصناعات الغذائية والتعبئة. أزمة البلاستيك وينتج العالم أكثر 400 مليون طن من البلاستيك، أكثر من 50% من هذا البلاستيك يُستخدم مرة واحدة فقط ثم يرمى، علما أن 9% من نفايات البلاستيك عالميا يعاد تدويرها فعليا، بينما يُحرَق نحو 19%، ويترك الباقي في الطبيعة أو يُطمر في مكبّات النفايات. على الجانب الآخر، بعض أشهر أنواع البلاستيك تستغرق أكثر من 400 سنة لتتحلل بالكامل، وهذا يعني أن معظم البلاستيك الذي استُخدم منذ منتصف القرن الـ20 ما زال موجودا في مكان ما على الكوكب. هذه الأرقام تكشف أن البلاستيك ليس مجرد مادة نستخدمها، بل أزمة بيئية متراكمة تهدد الكوكب بأكمله، وتحتاج إلى حلول ذكية مثل "ليف"، والذي استلهمت فكرته من بنية الورقة النباتية، التي تتكوّن من طبقات دقيقة منظمة، تجمع بين المرونة والقوة وسهولة التحلل في الطبيعة. 3 طبقات من الكيمياء المعقدة على نفس النمط، قام الباحثون بتطوير مادة بلاستيكية مكونة من 3 طبقات: طبقتان خارجيتان من البلاستيك الحيوي القابل للتحلّل، وهو نوع من البلاستيك يُصنَع من مصادر طبيعية متجددة، مثل الذرة وقصب السكر والبطاطس أو حتى البكتيريا، وهو يختلف عن البلاستيك التقليدي المصنوع من النفط ومشتقاته. وبشكل خاص استخدم العلماء مواد مثل حمض البولي لاكتيك (يُستخرج من مصادر نباتية مثل الذرة أو قصب السكر) وبولي هيدروكسي بيوتيرات (يُنتج من تخمير السكريات بواسطة بكتيريا معينة). بعد ذلك، أضاف العلماء طبقة وسطى من ألياف نانوية من السليلوز، مأخوذة من مصادر نباتية، توفر دعامة ميكانيكية وتقوي من خصائص المادة، بحسب الدراسة. هي خيوط دقيقة مصنوعة من السليلوز النباتي، وفي العادة يكون قطرها 5–20 نانومترا وطولها يمتد لعدة ميكرومترات، ما يمنحها نسبة طول إلى عرض عالية جدا. تستخرج هذه الألياف من السليلوز الطبيعي، مثل لب الأشجار أو المخلفات الزراعية، باستخدام عمليات ميكانيكية قوية مثل الطحن أو التحبيب أو التسييل عالي الضغط، وأحيانا تُستخدم معالجة كيميائية مسبقة لتقليل استهلاك الطاقة وتحسين النقاء. هذه الألياف صلبة للغاية، مقاومة قدرتها على الشد أقوى من الألياف الزجاجية والعديد من البلاستيكات، كما أنها خفيفة الوزن، وشفافة تقريبا، وشديدة الالتصاق بعضها ببعض بخيوط هيدروجينية. التخلص من قيود البلاستيك الحيوي وبحسب الدراسة، كانت النتيجة من تلك الطبقات الكيميائية المعقدة مادة تجمع بين الصلابة والمتانة والقابلية للتحلل الكامل في ظروف بيئية بسيطة، والقدرة على الاحتفاظ بالطباعة والألوان من دون الحاجة إلى ملصقات. كما أن ليف يتيح للعلماء تجاوز بعض قيود البلاستيك الحيوي، بعض الأنواع مثل حمض البولي لاكتيك لا تتحلل في البيئة الطبيعية بسهولة، بل تحتاج إلى منشآت صناعية خاصة بدرجات حرارة ورطوبة محددة، وفي حال رُميت في الطبيعة أو دفنت في مكب، قد تبقى لسنوات طويلة مثل البلاستيك التقليدي. أضف لذلك أن البلاستيك الحيوي غالبا ما يكون أغلى من البلاستيك التقليدي، وبعض أنواعه أقل مقاومة للحرارة أو الرطوبة أو الضغط مقارنة بالبلاستيك البترولي، ولا يصلح دائما لتطبيقات تحتاج قوة ميكانيكية أو مرونة عالية (مثل أجزاء السيارات أو الإلكترونيات الثقيلة). نهج جديد وبحسب الدراسة، فإن الاختبارات أشارت إلى أن "ليف" كان أقوى من معظم أنواع البلاستيك البترولي الشائع، مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين، من حيث مقاومة الشد والانثناء. إلى جانب ذلك، ظهر أن المادة البلاستيكية الجديدة تمنع تسرب الرطوبة والغازات، مما يجعلها مثالية لتغليف المواد الغذائية والمنتجات الحساسة. والأهم من ذلك، أن هذه المادة لا تحتاج إلى حرارة عالية أو ظروف صناعية خاصة للتحلل، بل يمكنها أن تتحلل طبيعيا خلال أسابيع، في درجة حرارة الغرفة. ويرى الباحثون أن فكرة أن تنتج عبوات قابلة للتحلل من دون التضحية بالقوة أو الأداء، كما تتيح الطباعة المباشرة على سطحها دون ملصقات، قد تغير قواعد اللعبة في عالم كيمياء البلاستيك. ويقول الباحثون كذلك إن هذا الابتكار قد يكون نواة لنهج جديد في تصميم المواد، يعتمد على محاكاة الطبيعة لاختراع حلول صناعية قابلة للتحلل والتكامل البيئي، دون التأثير على الأداء أو الجودة.