
"كابوس التلوث" يطبق على سماء العراق و"يخنق" أنفاس البغداديين
شفق نيوز/ سلطت وكالة "فرانس برس" الضوء على حجم التلوث الخطير في أجواء العاصمة بغداد وما يمثله من مخاطر صحية على حياة المواطنين، وذلك بعدما حلّ العراق بالمركز السادس عالمياً بمعدل تلوث الهواء قبل أكثر من عام وتحديداً سنة 2023.
وقالت الوكالة في تقريرها "في شارع محاذ لمحطة الدورة لإنتاج الكهرباء، يعاني أبو أمجد الزبيدي على غرار كثر من جيرانه، مشاكل في القلب والجهاز التنفسي إذ ينهك هواء بغداد الملوَّث رئتيه مع تكثف النشاط الصناعي".
رائحة الكبريت
يستيقظ تسعة ملايين شخص في بغداد، ثاني أكبر عاصمة عربية من حيث عدد السكان، يومياً تقريباً على رائحة كبريت، سببها النفط الثقيل غير المُعالج الذي تحرقه عشرات مصانع الطابوق والأسفلت المنتشرة في ضواحي المدينة.
وأعلنت السلطات العراقية نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2024 إغلاق 111 معملاً لإنتاج الطابوق في منطقة النهروان جنوب شرقص بغداد منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2024 "بسبب الانبعاثات غير الملتزمة بشروط البيئة، بالإضافة إلى 57 معملاً للأسفلت المؤكسد".
وأصدرت أيضاً توجيها لمعامل الطابوق "لاستخدام الغاز بدلاً من النفط الأسود" في غضون 18 شهراً.
ويؤدي حرق النفط الثقيل غير المعالج الذي توفره الحكومة العراقية بأسعار مدعومة، إلى انبعاث غازات الدفيئة مثل ثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد النيتروجين، وانتشار رائحة كبريت باتت أقوى منذ أسابيع مع "تغيّر اتجاهات الرياح وازدياد معدلات الرطوبة" في الشتاء وفق وزارة البيئة.
لكن في بغداد كذلك، محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية مملوكة للدولة تنفث دخاناً كثيفاً، بالإضافة إلى مولدات منتشرة في كل زوايا المدينة لتعويض انقطاع الكهرباء، ومصاف للنفط وحرق للنفايات.
المحطات الكهربائية
ويقول أبو أمجد الزبيدي المقيم منذ أكثر من 40 عاماً على بعد أمتار من محطة الدورة "المواد السامة تلتصق على سياراتنا وعلى أسطح منازلنا حتى، لم نعد نصعد إليها".
ويتابع الزبيدي وهو بقال "ناشدنا أكثر من مرة رئاسة الوزراء ومجلس الوزراء والبرلمان، وجاء برلمانيون إلى هنا، لكن من دون نتيجة".
ويشير الزبيدي وخلفه أربع مداخن ضخمة يمكن رؤيتها من مسافة مئات الأمتار إلى أن غالبية جيرانه مصابون بـ"الربو والحساسية المزمنة".
وكلما عاينه طبيب، يطلب منه التوقف عن التدخين لإصابته بالتهاب في القصبات الهوائية، إلا أن الرجل الخمسيني يؤكد أنه لا يدخن ويعود السبب في مرضه إلى إقامته قرب محطة كهربائية.
هواء غير صحي
وكان العراق سادس أكثر دولة تعاني من تلوث الأجواء في 2023، بحسب تصنيف شركة "آي كيو إير" التي تراقب جودة الهواء في جميع أنحاء العالم.
وفي العام نفسه، تجاوز تركز الجسيمات الدقيقة (PM2.5) القادرة على دخول مجرى الدم عبر الرئتين وهي خليط سام من الكبريتات والكربون الأسود والنترات والأمونيوم، توصيات منظمة الصحة العالمية سبع إلى عشر مرات في العراق.
ويتسبب التعرّض لهذه الجزيئات بـ"عدة مشاكل صحية ويؤدي إلى تفاقمها، بما في ذلك الربو والسرطان والسكتة الدماغية وأمراض الرئة" على ما تفيد "آي كيو إير".
وبحسب بيانات تسجّلها أجهزة استشعار تابعة للسفارة الأميركية في بغداد، غالباً ما تصبح جودة الهواء في العاصمة العراقية ولعدّة ساعات، "غير صحية، ما يعني أن الجميع قد يبدأ بالشعور بتأثير على صحته، وقد يكون هذا التأثير أكثر خطورة على الفئات الضعيفة".
لجنة خاصة
وكلّف رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، لجنة خاصة تحديد أسباب انبعاث "رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة وبيان أسبابها ومعالجتها".
وفي رد على أسئلة "فرانس برس"، وجّه المتحدث باسم وزارة البيئة أمير علي حسون أصابع الاتهام إلى "الأنشطة الصناعية الكثيرة أغلبها في محيط العاصمة، تحديداً في النهروان حيث سُجل أكبر عدد مصانع تطلق انبعاثات".
تُضاف إلى هذه المصانع، مصافي التكرير مثل مصفاة الدورة، والمولدات الكهربائية التي يُضطر سكان العراق الذين يزيد عددهم عن 45 مليون نسمة إلى استخدامها للحصول على الكهرباء في بلد يقوضّه الفساد فيما بناه التحتية متهالكة بسبب نزاعات استمرت لعقود وسياسات عامّة غير فعّالة.
وزاد عدد المولدات الكهربائية في العام 2023 عن 48 ألف مولدة وفق السلطات في العراق حيث يعيش نحو 70% من السكان في المدن.
الصحة أهم
وحظرت الحكومة العراقية حرق النفايات وتعهدت "إضافة الوحدات اللازمة لتحسين الوقود المنتج في مصفى الدورة ومعالجة الغازات المنبعثة منه".
وفي العراق الغني بالموارد النفطية التي تؤمن 90% من دخله، لكنه لا يزال يكافح من أجل التحول إلى الطاقة النظيفة، يدعو الناشط البيئي حسام صبحي قطاع النفط إلى الابتعاد عن النفط الثقيل.
استحداث قوانين
ويوضح لوكالة "فرانس برس" أن "الاستغناء عن النفط شيء صعب جداً في بلد مثل العراق لكن مع ذلك نستطيع على الأقل استخدام نفط جودته أفضل من النفط الثقيل الذي يتم استخدامه حالياً والذي يسبب رائحة الكبريت".
ويدعو إلى "استحداث قوانين" تواكب التغيرات المناخية السريعة، بالإضافة إلى اعتماد حلول مستدامة مثل إنشاء أحزمة خضراء والتشجير وتعزيز النقل العام.
ويوضح "بغداد أصبحت بحاجة ملحّة إلى حزام أخضر يمتدّ على آلاف الكيلومترات يعمل كرئة للمدينة".
وتقدّر منظمة الصحة العالمية أن يكون تلوث الهواء تسبب بنحو 4,2 ملايين وفاة مبكّرة في العالم في 2019، سجل نحو 89% منها في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وعلى بعد أمتار من محطة الدورة، يقول سائق سيارة الأجرة حسين (32 عاماً) إن الحياة قرب المنشأة "تزداد سوءا مع مرور السنين".
ويشير إلى أن والده الذي يعاني سعالاً مزمناً "بسبب السموم التي ترميها علينا المحطة" دخل قبل فترة قصيرة المستشفى لمدة 20 يوما جرّاء تدهور صحته التنفسية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي العام
منذ 9 ساعات
- الرأي العام
الصحة العالمية: النظام الصحي في غزة تجاوز نقطة الانهيار
حذرت منظمة الصحة العالمية من أن العمليات الإسرائيلية البرية المكثفة في قطاع غزة وأوامر الإخلاء الجديدة، دفعت النظام الصحي في القطاع إلى ما هو أبعد من 'نقطة الانهيار'. وفي منشور عبر منصة 'إكس' أشار مدير عام منظمة الصحة العالمية يدروس أدهانوم غيبريسوس إلى أن عددا من المرافق الطبية، بينها مستشفيات الإندونيسي وكمال عدوان والعودة، إلى جانب 3 مستوصفات و4 نقاط صحية، تقع ضمن منطقة الإخلاء التي أعلنها الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء. وأوضح أن مستشفيين آخرين و4 مستوصفات و6 نقاط صحية إضافية، تقع على بعد كيلومتر واحد فقط من منطقة الإخلاء ذاتها. وأضاف أن مستشفى غزة الأوروبي ونقاطا صحية في جنوب القطاع، باتت أيضا ضمن مناطق الإخلاء التي جرى الإعلان عنها يوم الاثنين. كما لفت إلى أن مجمع ناصر الطبي ومستشفى شهداء الأقصى، و5 مستوصفات و17 نقطة صحية أخرى، تقع على بعد نحو كيلومتر واحد من مناطق الإخلاء، ما يجعلها عرضة لخطر مباشر. وأكد غيبريسوس أن حتى المرافق الصحية التي لم تستهدف بشكل مباشر أو لم تجبر على الإخلاء، تعاني من شلل شبه تام بسبب العمليات العسكرية الواسعة وانتشار القوات على الأرض، ما يعيق وصول المرضى إلى الرعاية الصحية، ويمنع المنظمة من تزويد المستشفيات بالإمدادات اللازمة. وحذر من أن ذلك قد يؤدي إلى توقف عمل هذه المستشفيات قريبا، مجددا دعوته إلى ضرورة توفير الحماية الفورية للمرافق والخدمات الصحية، مؤكدا أن المستشفيات ليست أهدافا عسكرية. وفي الختام شدد غيبريسوس على الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار في القطاع.


شفق نيوز
منذ يوم واحد
- شفق نيوز
الصحة العالمية تقر اتفاقاً "تاريخياً" بشأن الوقاية من الجوائح
شفق نيوز/ أقرت منظمة الصحة العالمية، يوم الثلاثاء، اتفاقاً "تاريخياً" في جنيف، بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها. وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، في بيان أوردته وكالة "فرانس برس"، إن "هذا الاتفاق انتصار للصحة العامة والعلوم والعمل المتعدد الأطراف، وسيسمح لنا، على نحو جماعي، بحماية العالم بشكل أفضل من تهديدات الجوائح". وأضاف في تصريح للوكالة الفرنسية "اليوم يوم كبير.. تاريخي". ويهدف الاتفاق الذي أقرّ خلال جمعية الصحة العالمية الثامنة والسبعين، إلى التأهّب بشكل أفضل للجوائح المقبلة وتعزيز سبل مكافحتها وتقرر إعداده في ضوء الفشل الجماعي في التعامل مع جائحة كوفيد-19 التي أودت بحياة الملايين وقوّضت الاقتصاد العالمي. ووفقاً لـ"فرانس برس"، كانت المفاوضات الآيلة إلى النسخة النهائية من النصّ شاقة ومرت بأوقات كانت فيها على وشك الانهيار، لا سيّما في ظلّ الاقتطاعات المالية الشديدة التي تواجهها المنظمة بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب منها وإحجامها عن دفع اشتراكات العامين 2024 و2025. واعتمد القرار في جلسة مساء الإثنين لإحدى لجنتي الجمعية بـ 124 صوتاً مؤيداً، ولم تصوّت أيّ دولة ضدّه، في حين امتنعت دول مثل إسرائيل وإيران وروسيا وإيطاليا وبولندا عن التصويت. ورغم أن قرار الانسحاب الأميركي من المنظمة لن يصبح سارياً سوى في كانون الثاني/ يناير 2026، إلا أن الولايات المتحدة لا تشارك في المفاوضات منذ أشهر وهي لم ترسل مندوبين لحضور جمعية الصحة العالمية التي تختتم أعمالها في السابع والعشرين من أيار/ مايو الجاري. وينصّ الاتفاق الذي أنجزت النسخة النهائية منه بالتوافق في 16 نيسان/ أبريل الماضي على آلية تنسيق عالمية على نحو أبكر وأكثر فعالية في آن للوقاية والرصد والاستجابة لأيّ مخاطر قد تؤدّي إلى جائحة. ويقضي الهدف منه أيضا بضمان الإنصاف في الحصول على المنتجات الصحية في حال حدوث جائحة وهو ما طالبت به البلدان الأكثر فقرا خلال كوفيد-19 عندما احتكرت الدول الثرّية اللقاحات وفحوص التشخيص.


شفق نيوز
منذ 2 أيام
- شفق نيوز
عجز ضخم يربك خطط الصحة العالمية للعامين المقبلين
شفق نيوز/ أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، يوم الاثنين، أن المنظمة تواجه عجزاً مالياً قدره 1.7 مليار دولار خلال العامين المقبلين، وهو ما يشكل تهديداً واضحاً لخططها المستقبلية. وقال تيدروس، في تصريحاته خلال اليوم الأول من اجتماع الجمعية السنوية للمنظمة المنعقد في جنيف ويستمر ثمانية أيام، إن هذا المبلغ "ليس كافياً"، مشيراً إلى أنه يعادل ما يُنفق على المعدات العسكرية في العالم كل ثماني ساعات. وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أوضح تيدروس أن منظمة الصحة العالمية خفضت عدد وظائف هيئة الإدارة العليا من 14 إلى 7، وقلصت عدد الإدارات من 76 إلى 34. كما قررت المنظمة تقليص عدد موظفيها حول العالم بنسبة 20% من أصل نحو 9500 موظف. وشمل التخفيض أيضاً مغادرة عدد من الأسماء البارزة، من بينهم مايك رايان، منسق الاستجابة للطوارئ الذي لمع اسمه خلال جائحة فيروس كورونا من خلال مؤتمراته الصحفية العامة. وتعود الأزمة المالية الحالية جزئياً إلى انسحاب الولايات المتحدة والأرجنتين من المنظمة، التي تأسست عام 1948. وكانت الولايات المتحدة تساهم بنحو خمس نفقات المنظمة، ولا تزال مدينة لها بمبلغ يقارب 130 مليون دولار عن عام 2025، رغم أن فرص تسديد هذه الأموال تبدو ضئيلة. ومن المقرر أن يدخل انسحاب واشنطن حيز التنفيذ مطلع عام 2026. وأفاد تيدروس بأن المنظمة خفضت بالفعل ميزانيتها المخطط لها للعامين 2026 - 2027 بنسبة 20%، لتصل إلى 2.1 مليار دولار سنوياً. ومن المقرر أن يركّز الاجتماع السنوي للمنظمة هذا العام على التبني الرسمي لمعاهدة دولية بشأن الجوائح العالمية، والتي تم إعدادها بسرعة قياسية في أعقاب جائحة "كوفيد-19". وتهدف المعاهدة إلى تفادي الفوضى التي شهدها العالم في التهافت على الإمدادات الطبية، وضمان توزيع أكثر عدالة للقاحات خلال الأزمات الصحية مستقبلاً، ومن المرتقب اعتمادها رسمياً يوم غد الثلاثاء