وانتهت الحرب على الإرهاب
التقارير التي تفيد بأنني قلت إن أوباما وكلينتون أسّسا داعش تأخذ كلامي بجدية زائدة. ألا يفهمون السخرية؟... سأكون صادقًا، لم تكن سخرية كبيرة- ترامب.في أوائل الثمانينيات، حين كنت طفلًا، كان الشيخ عبد الله عزام – رحمه الله – يحضر إلى مسجد الشريعة أثناء حرب أفغانستان، ويجلس بعد صلاة الجمعة مع بعض أصدقائه يحدّثهم عن مجريات الحرب. كانت قصصه تدور حول كرامات المجاهدين وظهور الملائكة التي تقاتل إلى جانبهم ضد جيش الاتحاد السوفييتي، فتأسر القلوب وتلهب المشاعر.أعلم أن نوايا الشيخ ورفاقه كانت صادقة، لكنه لم يحدثنا يومًا عن مجلته الجهاد، التي خُصصت لتغطية أخبار حرب أفغانستان بهدف جذب التمويل وتجنيد الشباب. كانت المجلة تُطبع بسبعين ألف نسخة على نفقة الولايات المتحدة، وتُوزَّع في مختلف أنحاء العالم الإسلامي والولايات المتحدة، وتصل إلى اثنين وخمسين مكتبًا مخصصًا لتجنيد الشباب للذهاب إلى هناك. بل إن القنصلية الأمريكية في جدة كانت تمنح تأشيرات للراغبين في «الجهاد» للسفر إلى الولايات المتحدة والتدرب هناك.وبعد هذه السنوات الطويلة، لا يختلف اثنان على أن المجاهدين قد خاضوا حربًا بالوكالة عن الولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان لقتال الروس هناك.ثم في أوائل التسعينيات، انتقل أولئك المجاهدون، بعد أن هزموا الاتحاد السوفييتي، إلى البوسنة والهرسك، حيث حاربوا إلى جانب الأمريكيين. لكن سرعان ما حوّلتهم الولايات المتحدة إلى أعداء، ليكونوا بيادق في خطتها التالية، حتى بلغ هذا العداء ذروته في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حين اتهمت واشنطن تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن بالوقوف وراء الهجمات.وأثناء التحضيرات للحرب، التقى الصحفي الشهير روبرت فيسك بأسامة بن لادن في أحد كهوف أفغانستان. بدأ الشيخ أسامة الحديث بسؤاله عن مجريات الأحداث في العالم، ويذكر فيسك أن مصدر معلوماته آنذاك كان نسخة قديمة من مجلة نيوزويك يعود تاريخها إلى ثلاثة أشهر مضت.انطلقت بعدها ما عُرف بـ»الحرب على الإرهاب»، فتوجّهت الولايات المتحدة لمحاربة حلفاء الأمس في أفغانستان، ثم اتهمت العراق زورًا بوجود صلة له بتنظيم القاعدة، فغزته واحتلته. وقد بلغت كلفة هذه الحرب الطويلة نحو 8 تريليونات دولار، وراح ضحيتها قرابة 950 ألف إنسان تحت القصف المباشر، بالإضافة إلى 4.7 مليون شخص بشكل غير مباشر نتيجة لانهيار المنظومات الصحية وانتشار الأمراض. كما تسببت في تهجير ما يزيد على 38 مليون شخص من أوطانهم.ثم لم تلبث أن ظهرت عشرات التنظيمات الإرهابية التي تلقت دعمًا من جهات متعددة، وكان هدفها الأساسي تمزيق الدول الحاضنة لإيران، لكسر «الهلال الشيعي» الممتد من طهران إلى بيروت. وسرعان ما بلغت هذه التنظيمات من القوة ما مكّن «داعش» من السيطرة على مساحات واسعة من العراق وسوريا، لكنها كما ظهرت بسرعة، اختفت بسرعة أكبر.في عام 2017، قدّمت النائبة في الكونغرس الأمريكي تولسي غابارد مشروع قانون بعنوان قانون وقف تسليح الإرهابيين، بهدف منع الولايات المتحدة من تقديم أي دعم مالي أو عسكري لجماعات مثل القاعدة، وداعش، وجبهة النصرة. إلا أن المشروع تم تعطيل طرحه للتصويت، ولم يُقر.والآن، يأتي دونالد ترامب، رجل «السلام» و»أمريكا أولًا»، وصاحب الصفقات، الذي منع في ولايته الأولى رعايا سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، ووصف الإرهابيين بأنهم «أسوأ حثالة في التاريخ». ومع ذلك، رأيناه حين أصبح أعداء الأمس شركاء اليوم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 2 ساعات
- عمون
الأمير هاشم بن الحسين ينعى والد زوجته الأميرة فهدة
عمون - ينعى صاحب السمو الملكي الأمير هاشم بن الحسين، بمزيد من الحزن والتأثر، والد صاحبة السمو الملكي الأميرة فهدة هاشم، المغفور له، بإذن الله، الشيخ محمد بن إبراهيم بن سليمان أبو نيان الحربي، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى، في المملكة العربية السعودية، يوم أمس الاثنين، الواقع في ٢١ ذي القعدة ١٤٤٦ هجرية، الموافق ١٩ أيار ٢٠٢٥ ميلادية.. ويعرب سموه عن صادق وخالص التعازي والمواساة بهذا المصاب الأليم، ضارعا إلى الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه، وأن يلهم الأميرة فهدة وأسرته الكريمة جميل الصبر وحسن العزاء.. إنا لله وإنا إليه راجعون

الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
الأمير هاشم ينعى والد الأميرة فهدة المغفور له الشيخ محمد بن إبراهيم بن سليمان أبو نيان الحربي
الدستور ينعى صاحب السمو الملكي الأمير هاشم بن الحسين، بمزيد من الحزن والتأثر، والد صاحبة السمو الملكي الأميرة فهدة هاشم، المغفور له، بإذن الله، الشيخ محمد بن إبراهيم بن سليمان أبو نيان الحربي، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى، في المملكة العربية السعودية، يوم أمس الاثنين، الواقع في ٢١ ذي القعدة ١٤٤٦ هجرية، الموافق ١٩ أيار ٢٠٢٥ ميلادية. ويعرب سموه عن صادق وخالص التعازي والمواساة بهذا المصاب الأليم، ضارعا إلى الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه، وأن يلهم الأميرة فهدة وأسرته الكريمة جميل الصبر وحسن العزاء. إنا لله وإنا إليه راجعون.


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
سلسلة «المسلمين في الأندلس»
أ.د. محمد عبده حتاملة*الحلقة الأولى: فتح الأندلس والعهود التي مرت بهابدأ انهيار دولة القوط في إسبانيا يتسارع في عهد الملك غيطشة Witiza (709-701م)، فبعد وفاة أبيه أخيكا اعتلى العرش، مخالفاً مبدأ الانتخاب الذي اتفق عليه النبلاء والتزموا به، مما أثار حنقهم عليه. وأثار غضبهم أيضاً وغضب رجال الدين أمره بإزالة الأسوار عن المدن، ومنع استعمال الأسلحة حتى لا يثور عليه أحد. وزاد نقمة الناقمين عليه اختياره ابنه الصبي أخيلا (Achila) - أو كما تسميه المصادر العربية (وقلة) - حـاكـمـاً على طركونة وسبتمانيا، تمهيداً لاعتلائه العرش بعد وفاته، يضاف إلى ذلك أن غيطشة مال إلى إنصاف الناس من استبداد نبلاء القوط الذين أبعدهم عن نفسه، وحرمهم من بعض امتيازاتهم، وفرق شملهم، وقد اجتمعت كل هذه الأسباب لتكون حافزاً للنبلاء من أجل مضاعفة العمل للقضاء على غيطشة ودولته.وتوفى الملك غيطشة عام 709م تاركاً وراءه ثلاثة أبناء هم: أخيلا (وقلة)، وألمند، وأرطباس، بالإضافة إلى أخوين آخرين كان أحدهما أسقفاً لإشبيلية أبة (Oppa)، وكان الآخر وصياً على أخيلا المرشح لوراثة العرش. وعندما توفي غيطشة تخوف النبلاء من استبداد الوصي بالحكم، واجتمعت لديهم الأسباب كلها للامتناع عن طاعة أخيلا، بل اسـتـقـل بعضهم في الأطراف والنواحي، وعمت الفوضى والارتباك البلاد.وقد أسرع أخيلا (وقلة) بالعودة إلى العاصمة طليطلة قادماً من إحدى المقاطعات الشمالية حيث كان يقيم، ولكنه مُنع بالقوة العسكرية من دخول العاصمة، واختار النبلاء والقساوسة شخصاً آخر من غير الأسرة المالكة لتولي العرش، وهو الدوق لذريق (Rodrigo)، وأقاموه ملكاً على إسبانيا، وعندئذ انقسم الجيش والرأي العام على نفسه بين مؤيد للملك المخلوع ومعارض لـه، وعمت الفوضى السياسية البلاد.وقد كان لذريق رجلاً شجاعاً، وقائداً وفارساً، إلا أنه كان بحاجة ملحة للمال بسبب ظروف توليه العرش، ولذلك بدأ حكمه بالاستيلاء على خزائن من سلفه من الملوك.ولم يرض أتباع غيطشة ومؤيدوه وأفراد أسرته عن تعيين لذريق ملكاً، وأخذوا يتحينون الفرص، ويبحثون عمّن يعيد إليهم عرش أبيهم، ووجدوا ضالتهم في المسلمين الذين استكملوا فتح شمالي إفـريـقـيـة، وقد ظن أبناء غيطشة ومؤيدوهم أن المسلمين طلاب غنائم لا أكثر، ولذلك لن يستقروا في إسبانيا، فساعدوا في تمهيد الطريق أمامهم لدخولها.وقبل تناول فتح المسلمين إسبانيا التي أصبحت في عهدهم تعرف باسم (الأندلس) لا بد من الإشارة إلى أمر بالغ الأهمية، وهو أن طريق الفتح لم يكن سهلاً، أو مفتوحاً من دون عقبات، ذلك أن الاضطراب والـفــســاد الاجتماعي، والتخلف الاقتصادي الذي عانت منه إسبانيا قبـيـل الـفـتـح لا يعني أنها كانت بلا قوة عسكرية، فقد كان بإمكانها أن تحشد جيشاً قوياً مدرباً، ذلك أن دولة القوط ظلت رغم كل ما مر بها من ظروف تتمتع بقوة عسكرية كبيرة، وكان جيشها، بل جيوشها، تحارب على أرضها التي تعرفها جيداً، بينما كان جيش العرب المسلمين الفاتح يحارب في أرض مجهولة، كثيرة الشعاب، وعرة المسالك، إلا أنه كان مسلحاً بعقيدة يفتديها بالنفس، ويتحلى بقيم إنسانية، وروح جهادية ليس هدفها القتل والتدمير، وإنما نشر الإسلام، وإعلاء كلمة الله، ولذلك استطاع المسلمون فتح الأندلس خلال فترة وجيزة مع أنهم أقل عدداً وعدة من عدوهم الذي يحارب على أرضه، قريباً من إمداداته.وقد مرت الأندلس منذ بداية الفتح حتى سقوط غرناطة بثمانية عهود هي: عهد الفتح، وعهد الولاة، وعهد الإمارة الأموية، وعهد الخلافة الأموية، وعهد ملوك الطوائف، وعهد المرابطين، وعهد الموحدين، وعهد مملكة غرناطة. وفيما يلي نبذة مختصرة عن كل من هذه العهود التي استغرقت نحو ثمانية قرون من الزمان.أستاذ شرف في قسم التاريخ ـ الجامعة الأردنية