
'اشتقت لمدرستي' بي بي سي تطلق برنامج 'درس' للتعليم في مناطق الحروب
Join our Telegram
BBC
بين صفاء عصام الدين في السودان وطارق يزن في غزة مسافة ألفي كيلومتر، ورغم هذه المسافة البعيدة يتقاسمان مصيرا مشتركا، إذ وضعت الحروب والصراعات مستقبلهما التعليمي على المحك.
'التعليم هو مفتاح مستقبلى كفتاة '
BBC
في خضم اشتداد المعارك في الخرطوم، دبرت صفاء أمورها بحكمة وإصرار؛ فقد حرصت منذ البداية على حفظ كتبها وملازمها الدراسية، حاملًة إياها في كل خطوة من رحلة نزوحها المرهقة، أملا في يومٍ يُسدل فيه ستار الحرب لتعود العملية التعلمية إلى مسارها الطبيعي.
كانت صفاء، الطالبة المتفوقة في مدرسة 'دار السلام' بالخرطوم، تنظر إلى المرحلة الثانوية كخطوة أولى نحو تحقيق حلمها الكبير بأن تصبح طبيبة. لكن هذا الحلم تلاشى قليلاً مع اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان 2023، ما جعل واقعها يتبدل بمرارة.
ورغم كل الصعاب، لم تستسلم الفتاة ذات الأربعة عشر ربيعًا للواقع المرير؛ بل حولت خيمتها المتواضعة إلى مركز تعليمي مصغر، تقدم من خلاله الدعم والمعرفة للفتيات الأخريات الأصغر سناً. وما زالت متمسكة بطموحها، مؤمنة أن المستقبل لا يُبنى إلا بالتعليم.
ففي حديثها لبي بي سي، تقول: 'رغم تراجع شغفي في البداية، إلا أن طموحي جارف لا يعترف بالمستحيل. أنصح الفتيات اللواتي بدأن يفقدن الأمل بالتمسك بالتعليم وعدم الانجرار وراء مشاريع الزواج الذي باتت كثيرات ترى فيها حلا للنجاة في ظل هذا الوضع القاتم'.
وتصر الفتاة على ملاحقة حلمها في أن تصبح جراحة ناجحة وتؤكد أن 'الحرب رغم بشاعتها شجعتها أكثر على تحقيق ذلك الهدف'.
وتسترجع في حديثها ذكريات الحرب قائلة: 'عندما غادرنا الخرطوم نحو العيلفون (مدينة شرق الخرطوم)، كانت الجثث ملقاة في كل مكان، ما جعلني أشعر برغبة عميقة في أن أكون سببًا في إنقاذ الأرواح بدلًا من أن تزهق. عندها قررت أن أصبح جرّاحة قلب'.
'لم يبق من مدرستي سوى الجدران '
وفي قطاع غزة، لم يستطع طارق يزن ( 10 سنوات) هذا العام شراء القرطاسية التي كان يتطلع إليها مع بداية كل عام دراسي، ولم يحصل حتى على الزي المدرسي. فمنذ اندلاع الصراع المرير، اضطر هو وعائلته إلى النزوح مرارًا؛ فقد رحلوا من شمال غزة إلى قلب القطاع ثم إلى رفح، حتى عادوا أخيرًا إلى منازلهم مع إعلان الهدنة.
وعندما زار طارق مدرسته، وجد أمام عينيه ما تبقى من جدران محطمَة. ويقول :'عندما رأيت مدرستي كومة من الحطام، اجتاحني حزن عميق. وأتوق إلى أن تعود كما كانت.'
ويضيف بإصرار: 'لم أتوقف عن الدراسة، أتعلم في المنزل وأحرص على استغلال كل لحظة. وحتى إن لم تُفتح المدارس، سنواصل التعلم في بيوتنا وسنحفظ دروسنا كما لو كنا في الفصول. أتمنى أن تُرمم المدارس والبيوت قريبًا.'
أما بالنسبة إلى جاره وصديقه يوسف (12 عاما)، فقد كان لخسارته سنة دراسية كاملة أثر عميق على حياته الاجتماعية.
ويقول بحنين: 'قبل سنة ونصف، كنت في الصف السادس، أذهب إلى المدرسة يوميًا مع أصدقائي، ندرس ونلعب معًا، ثم نعود إلى منازلنا سويًا. أما اليوم، فقد تفرقنا، منهم من توفي ومنهم من غادر القطاع والحال ذاته مع المدرسين. أفتقد مدرستي كثيرًا. وكل ما أطمح إليه الآن هو أن أصبح طبيباً'.
30 مليون طفل مستقبلهم على المحك
BBC
ما يقارب 30 مليون طفل باتوا خارج أبواب المدارس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقًا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، التي تشير إلى أن أكثر من نصف هؤلاء الأطفال، بما يعادل حوالي 16.5 مليون طفل، يعيشون في السودان وحده.
وبيّنت اليونيسف أنّ النزاعات والأزمات في السودان وفلسطين وسوريا وبلدان أخرى تؤدّي إلى 'تراجع مهول' في المكاسب التي حُقّقت في مجال التعلّم بالمنطقة.
وتظهر بيانات من 12 دولة في المنطقة أن عدد الأطفال (من 5 إلى 18 عامًا) غير الملتحقين بالمدارس قد ازداد، ما يعني أن طفلا واحدا من كل ثلاثة لم يعد يذهب إلى مدرسته.
وقد حذرت المنظمة من أن هؤلاء الأطفال معرضون لعواقب طويلة الأمد تؤثر على تعليمه ورفاههم.
وفي قطاع غزة، يُقدَّر عدد الأطفال خارج المدارس بحوالي 645 ألف طفل، فيما تحتاج 84% من المدارس إلى إعادة بناء أو تأهيل كامل، كما أفاد سليم عويس، مسؤول الإعلام في اليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يكمل عويس 'بتنا نلاحظ نمطًا متكررًا لكيفية تأثير النزاعات وانعدام الأمن والأزمات على تعليم الأطفال وقدرتهم على التعلم.' مشيرًا إلى أن 'العديد من الأطفال قد أصيبوا خلال النزاع وتعرضوا لصدمات نفسية، أثرت على قدرتهم التعليمية.'
وفي السودان، يعيش ملايين الأطفال في مخيمات اللاجئين، حيث بات التعليم متاحًا فقط من خلال مبادرات محلية. ومن اللافت أن 7 ملايين طفل من أصل 16.5 مليون كانوا خارج المدرسة حتى قبل اندلاع الحرب، التي أسفرت عن أكثر من 20 ألف قتيل وأسفرت عن نزوح ولجوء نحو 14 مليون شخص، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
ولم يقتصر تأثير الحرب على الأطفال فحسب، بل امتد ليشمل المعلمين والمدارس والبنية التعليمية في البلاد.
فقد أدى تعطل الدراسة وإغلاق المدارس إلى انقطاع رواتب المعلمين، ما دفع حوالي 1.5 مليون مدرس وأسرهم إلى مواجهة ظروف معيشية قاسية؛ إذ اضطر بعضهم إلى التخلي عن مهنة التعليم نهائيًا بحثًا عن بدائل، فيما لجأ آخرون إلى دول الجوار.
وفي الوقت نفسه، دُمرت آلاف المدارس والمرافق التعليمية وتحولت المئات منها إلى ملاجئ للنازحين.
وفي تصريح خاص لبي بي سي، سلط وزير التعليم السوداني، أحمد خليفة، على حجم الأضرار التي طالت المؤسسات التعليمية قائلا ' الأضرار طالت جميع الولايات تقريبا يوجد في السودان نحو 15 ألف مدرسة حكومية، وقد تعرض ما بين 60 في المئة و70 في المئة منها لدمار كامل، ما تسبب في فقدان الأساسات والبنية التحتية والأدوات المدرسية'.
وتابع: 'حتى في الولايات الأكثر أمانًا، تعرضت المدارس لأضرار بسبب التدمير المنهجي من قبل الميليشيات'.
بي بي سي تزرع الأمل
BBC
وفي ظل هذا الواقع المؤلم، قررت الخدمة العالمية لبي بي سي إطلاق نسخة عربية من برنامجها التعليمي 'درس' .
يُعدُّ البرنامج، الحائز على عدة جوائز، منصة تعليمية مبتكرة تهدف إلى دعم الأطفال من سن 11 إلى 16 عامًا الذين حُرموا من فرصة التعليم.
تحتوي كل حلقة على مواد في الرياضيات والعلوم وتعليم اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى أخبار وقصص عالمية ملهمة. كما تتضمن الحلقات قصصًا لأطفال مثل طارق وصفاء، الذين رغم معاناتهم في خضم الحرب، يظلون مصممين على مواصلة التعلم.
منذ انطلاقه في عام 2023، يُعرض 'درس' بلغتي الداري والباشتو للأطفال الأفغان عبر شاشات التلفزيون والراديو والمنصات الرقمية.
ستُعرض الحلقة الأولى من 'درس' يوم الأحد 9 فبراير /شباط على قناة بي بي سي نيوز عربي، إذ تُذاع الحلقات الجديدة أسبوعيا في تمام الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش، مع إعادة العرض في الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش.
كما يتوفر البرنامج على المنصات الرقمية، بما في ذلك قناة بي بي سي نيوز عربي على يوتيوب، إلى جانب خدمات الراديو في غزة وسوريا.
مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
٠٢-٠٣-٢٠٢٥
- سيدر نيوز
بالصور: بي بي سي ترصد أجواء أول يوم من رمضان في غزة
Join our Telegram على الرغم من الدمار الذي حل بقطاع غزة، إلا أن هذا الشهر يشهد بعض البهجة التي تبدد أجواؤها وألوانها رماد الرصاص والركام، بعد حرب دامت 15 شهراً، تخللها شهر رمضان الماضي الذي قضاه سكان القطاع الصائمون تحت وطأة الغارات الإسرائيلية. ففي رمضان من هذا العام، تمكنت العديد من العائلات الغزية من التجمع لتناول طعام إفطار اليوم الأول من رمضان، بصحبة الأسرة والعائلة، الأمر الذي افتقدوه منذ اندلاع الحرب عام 2023. التقى برنامج 'غزة اليوم'، الخدمة الإذاعية الخاصة التي تقدمها بي بي سي، عدداً من المواطنين، عقب تناولهم طعام الإفطار بصحبة ذويهم، معربين عن شعورهم بالدفء الأسري الذي افتقدوه لأكثر من عام، في أجواء غلبت عليها مصاعب النزوح والهرب إلى الملاجئ في محاولة للهرب من نيران المدفعية والصواريخ. Getty Images وأعرب أحمد كريّم من حي التفاح بمدينة غزة شمالي القطاع، عن تفاؤله برمضان هذا العام، الذي وصفه بأنه 'استثنائي'، بعد أن كان كل ما يتذكره 'الحرب والاجتياحات'. وأضاف كريّم لبي بي سي أنه تمكن من الإفطار مع عائلته، الأمر الذي حُرم منه في العام الماضي، حيث كان 'كل واحد في جهة مختلفة، ولم يكن هناك طعام متوافر كما هو اليوم'. Reuters فرحة منقوصة أما أم عابد الغفري، فأعربت عن افتقادها لـ 'راحة البال' حيث لا تزال تعيش أجواء من الرعب والخوف، على الرغم من الهدوء النسبي وتوافر الطعام، مقارنة بالعام الماضي الذي شهد 'مجاعة'. وقال غسان حمدان من بيت حانون، إن الأجواء الرمضانية رغم أنها أفضل من العام الماضي، إلا أنها لا تشبه أجواء ما قبل الحرب بأي حال من الأحوال، فأسرته الصغيرة تعيش بمعزل عن بقية الأهل والأصدقاء. وأضاف لبي بي سي: 'نعيش بعيداً عن بيتنا الذي قُصف في الحرب، وبعيداً عن أقاربنا. نعيش بين أناس أغراب عنا لا نعرفهم ولا يعرفوننا'. 'نفتقد رمضان الأمس' Reuters وعلى الرغم من استمرار أجواء وقف إطلاق النار حتى الآن، لم تتمكن عائلات أخرى من التجمع في أول أيام رمضان على مائدة الإفطار. وقارن يوسف الطويل بين أجواء رمضان هذا العام، وما اعتادوا عليه قبل اندلاع الحرب، حين كان يجتمع حول مائدة الطعام الأب والأم والإخوة جميعاً. Reuters وقال الطويل لبي بي سي إنه يعيش اليوم 'مأساة كبيرة؛ فرغم الأجواء الرمضانية، إلا أنه يعاني، في ظل تشتت الأسرة الواحدة. وأوضح قائلاً: 'أنا في خيمة وأخي في خيمة أخرى بمنطقة أخرى، وأبي بعيد عنا'، مضيفاً أنه يحاول 'قدر الإمكان التعايش مع الشهر الفضيل، لكننا نفتقد رمضان الأمس'. Getty Images في حين أعرب أبو هاشم عن شعوره بالألم والحزن؛ فرمضان هذا العام 'لا نكهة له ولا طعم ولا لون، بعد أن تشتتنا، وحياة الخيام مهينة'. Getty Images وقد اعتاد أهل غزة سابقاً على تناول الدجاج والملوخية في اليوم الأول من رمضان، بحسب أبو هاشم، الذي اعتاد سابقاً أيضاً أن يتصل هاتفياً بمن حوله لإيقاظهم لتناول وجبة السحور قبل بدء يوم الصيام. وأضاف لبي بي سي: 'هذه المظاهر لم تعد موجودة اليوم على الإطلاق، وحتى لو حاول أحدنا القيام بشيء من ذلك، يشعر بأنه أمر مصطنع، لا ينبع من القلب'. ** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.


سيدر نيوز
٠٩-٠٢-٢٠٢٥
- سيدر نيوز
'اشتقت لمدرستي' بي بي سي تطلق برنامج 'درس' للتعليم في مناطق الحروب
Join our Telegram BBC بين صفاء عصام الدين في السودان وطارق يزن في غزة مسافة ألفي كيلومتر، ورغم هذه المسافة البعيدة يتقاسمان مصيرا مشتركا، إذ وضعت الحروب والصراعات مستقبلهما التعليمي على المحك. 'التعليم هو مفتاح مستقبلى كفتاة ' BBC في خضم اشتداد المعارك في الخرطوم، دبرت صفاء أمورها بحكمة وإصرار؛ فقد حرصت منذ البداية على حفظ كتبها وملازمها الدراسية، حاملًة إياها في كل خطوة من رحلة نزوحها المرهقة، أملا في يومٍ يُسدل فيه ستار الحرب لتعود العملية التعلمية إلى مسارها الطبيعي. كانت صفاء، الطالبة المتفوقة في مدرسة 'دار السلام' بالخرطوم، تنظر إلى المرحلة الثانوية كخطوة أولى نحو تحقيق حلمها الكبير بأن تصبح طبيبة. لكن هذا الحلم تلاشى قليلاً مع اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان 2023، ما جعل واقعها يتبدل بمرارة. ورغم كل الصعاب، لم تستسلم الفتاة ذات الأربعة عشر ربيعًا للواقع المرير؛ بل حولت خيمتها المتواضعة إلى مركز تعليمي مصغر، تقدم من خلاله الدعم والمعرفة للفتيات الأخريات الأصغر سناً. وما زالت متمسكة بطموحها، مؤمنة أن المستقبل لا يُبنى إلا بالتعليم. ففي حديثها لبي بي سي، تقول: 'رغم تراجع شغفي في البداية، إلا أن طموحي جارف لا يعترف بالمستحيل. أنصح الفتيات اللواتي بدأن يفقدن الأمل بالتمسك بالتعليم وعدم الانجرار وراء مشاريع الزواج الذي باتت كثيرات ترى فيها حلا للنجاة في ظل هذا الوضع القاتم'. وتصر الفتاة على ملاحقة حلمها في أن تصبح جراحة ناجحة وتؤكد أن 'الحرب رغم بشاعتها شجعتها أكثر على تحقيق ذلك الهدف'. وتسترجع في حديثها ذكريات الحرب قائلة: 'عندما غادرنا الخرطوم نحو العيلفون (مدينة شرق الخرطوم)، كانت الجثث ملقاة في كل مكان، ما جعلني أشعر برغبة عميقة في أن أكون سببًا في إنقاذ الأرواح بدلًا من أن تزهق. عندها قررت أن أصبح جرّاحة قلب'. 'لم يبق من مدرستي سوى الجدران ' وفي قطاع غزة، لم يستطع طارق يزن ( 10 سنوات) هذا العام شراء القرطاسية التي كان يتطلع إليها مع بداية كل عام دراسي، ولم يحصل حتى على الزي المدرسي. فمنذ اندلاع الصراع المرير، اضطر هو وعائلته إلى النزوح مرارًا؛ فقد رحلوا من شمال غزة إلى قلب القطاع ثم إلى رفح، حتى عادوا أخيرًا إلى منازلهم مع إعلان الهدنة. وعندما زار طارق مدرسته، وجد أمام عينيه ما تبقى من جدران محطمَة. ويقول :'عندما رأيت مدرستي كومة من الحطام، اجتاحني حزن عميق. وأتوق إلى أن تعود كما كانت.' ويضيف بإصرار: 'لم أتوقف عن الدراسة، أتعلم في المنزل وأحرص على استغلال كل لحظة. وحتى إن لم تُفتح المدارس، سنواصل التعلم في بيوتنا وسنحفظ دروسنا كما لو كنا في الفصول. أتمنى أن تُرمم المدارس والبيوت قريبًا.' أما بالنسبة إلى جاره وصديقه يوسف (12 عاما)، فقد كان لخسارته سنة دراسية كاملة أثر عميق على حياته الاجتماعية. ويقول بحنين: 'قبل سنة ونصف، كنت في الصف السادس، أذهب إلى المدرسة يوميًا مع أصدقائي، ندرس ونلعب معًا، ثم نعود إلى منازلنا سويًا. أما اليوم، فقد تفرقنا، منهم من توفي ومنهم من غادر القطاع والحال ذاته مع المدرسين. أفتقد مدرستي كثيرًا. وكل ما أطمح إليه الآن هو أن أصبح طبيباً'. 30 مليون طفل مستقبلهم على المحك BBC ما يقارب 30 مليون طفل باتوا خارج أبواب المدارس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقًا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، التي تشير إلى أن أكثر من نصف هؤلاء الأطفال، بما يعادل حوالي 16.5 مليون طفل، يعيشون في السودان وحده. وبيّنت اليونيسف أنّ النزاعات والأزمات في السودان وفلسطين وسوريا وبلدان أخرى تؤدّي إلى 'تراجع مهول' في المكاسب التي حُقّقت في مجال التعلّم بالمنطقة. وتظهر بيانات من 12 دولة في المنطقة أن عدد الأطفال (من 5 إلى 18 عامًا) غير الملتحقين بالمدارس قد ازداد، ما يعني أن طفلا واحدا من كل ثلاثة لم يعد يذهب إلى مدرسته. وقد حذرت المنظمة من أن هؤلاء الأطفال معرضون لعواقب طويلة الأمد تؤثر على تعليمه ورفاههم. وفي قطاع غزة، يُقدَّر عدد الأطفال خارج المدارس بحوالي 645 ألف طفل، فيما تحتاج 84% من المدارس إلى إعادة بناء أو تأهيل كامل، كما أفاد سليم عويس، مسؤول الإعلام في اليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يكمل عويس 'بتنا نلاحظ نمطًا متكررًا لكيفية تأثير النزاعات وانعدام الأمن والأزمات على تعليم الأطفال وقدرتهم على التعلم.' مشيرًا إلى أن 'العديد من الأطفال قد أصيبوا خلال النزاع وتعرضوا لصدمات نفسية، أثرت على قدرتهم التعليمية.' وفي السودان، يعيش ملايين الأطفال في مخيمات اللاجئين، حيث بات التعليم متاحًا فقط من خلال مبادرات محلية. ومن اللافت أن 7 ملايين طفل من أصل 16.5 مليون كانوا خارج المدرسة حتى قبل اندلاع الحرب، التي أسفرت عن أكثر من 20 ألف قتيل وأسفرت عن نزوح ولجوء نحو 14 مليون شخص، بحسب بيانات الأمم المتحدة. ولم يقتصر تأثير الحرب على الأطفال فحسب، بل امتد ليشمل المعلمين والمدارس والبنية التعليمية في البلاد. فقد أدى تعطل الدراسة وإغلاق المدارس إلى انقطاع رواتب المعلمين، ما دفع حوالي 1.5 مليون مدرس وأسرهم إلى مواجهة ظروف معيشية قاسية؛ إذ اضطر بعضهم إلى التخلي عن مهنة التعليم نهائيًا بحثًا عن بدائل، فيما لجأ آخرون إلى دول الجوار. وفي الوقت نفسه، دُمرت آلاف المدارس والمرافق التعليمية وتحولت المئات منها إلى ملاجئ للنازحين. وفي تصريح خاص لبي بي سي، سلط وزير التعليم السوداني، أحمد خليفة، على حجم الأضرار التي طالت المؤسسات التعليمية قائلا ' الأضرار طالت جميع الولايات تقريبا يوجد في السودان نحو 15 ألف مدرسة حكومية، وقد تعرض ما بين 60 في المئة و70 في المئة منها لدمار كامل، ما تسبب في فقدان الأساسات والبنية التحتية والأدوات المدرسية'. وتابع: 'حتى في الولايات الأكثر أمانًا، تعرضت المدارس لأضرار بسبب التدمير المنهجي من قبل الميليشيات'. بي بي سي تزرع الأمل BBC وفي ظل هذا الواقع المؤلم، قررت الخدمة العالمية لبي بي سي إطلاق نسخة عربية من برنامجها التعليمي 'درس' . يُعدُّ البرنامج، الحائز على عدة جوائز، منصة تعليمية مبتكرة تهدف إلى دعم الأطفال من سن 11 إلى 16 عامًا الذين حُرموا من فرصة التعليم. تحتوي كل حلقة على مواد في الرياضيات والعلوم وتعليم اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى أخبار وقصص عالمية ملهمة. كما تتضمن الحلقات قصصًا لأطفال مثل طارق وصفاء، الذين رغم معاناتهم في خضم الحرب، يظلون مصممين على مواصلة التعلم. منذ انطلاقه في عام 2023، يُعرض 'درس' بلغتي الداري والباشتو للأطفال الأفغان عبر شاشات التلفزيون والراديو والمنصات الرقمية. ستُعرض الحلقة الأولى من 'درس' يوم الأحد 9 فبراير /شباط على قناة بي بي سي نيوز عربي، إذ تُذاع الحلقات الجديدة أسبوعيا في تمام الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش، مع إعادة العرض في الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش. كما يتوفر البرنامج على المنصات الرقمية، بما في ذلك قناة بي بي سي نيوز عربي على يوتيوب، إلى جانب خدمات الراديو في غزة وسوريا. مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.


سيدر نيوز
٣٠-١٢-٢٠٢٤
- سيدر نيوز
هل من المحتمل أن يكون اصطدام طائر السبب الحقيقي لتحطم طائرة في كوريا الجنوبية؟
يجري المسؤولون في كوريا الجنوبية تحقيقاً طارئاً للسلامة بعد مقتل 179 شخصاً في أسوأ حادث تحطم طائرة في البلاد على الإطلاق يوم الأحد. وقبل لحظات من هبوط الرحلة، أصدر مراقبو الحركة الجوية تحذيراً من اصطدام طائر. ويحاول التحقيق تأكيد ما إذا كان اصطدام طائر قد أدى إلى التحطم، أو ما إذا كانت عوامل أخرى قد تكون متسببة فيه. ما هو 'اصطدام الطيور'؟ اصطدام الطيور هو اصطدام بين طائر وطائرة أثناء الطيران. يشكل ذلك خطراً على الطائرات لأن محركات الطائرات النفاثة يمكن أن تفقد قوتها إذا ما نفذت الطيور إلى داخلها، كما أنّ اصطدام الطيور شائع جداً. وفي الولايات المتحدة، تم إبلاغ إدارة الطيران الفيدرالية عن أكثر من 19600 اصطدام للكائنات البرية في عام 2023، وكانت غالبيتها تتعلق بالطيور. وحدث أكثر من 1400 اصطدام طيور في بريطانيا عام 2022، حوالي مئة منها فقط أثرت على الطائرات، وفقاً لبيانات من هيئة الطيران المدني. ما مدى خطورة اصطدام الطيور بالطائرات؟ نادراً ما يرتبط اصطدام الطيور بحوادث تحطم طائرات مميتة، إذ يمكن أن تتوقف المحركات أو تتعطل إذا دخل فيها طائر، ولكن الطيارين لديهم الوقت عادة للتعامل مع هذا الأمر والقيام بهبوط اضطراري. ويتم تدريب الطيارين على أن يكونوا يقظين خاصة في الصباح الباكر أو عند غروب الشمس، عندما تكون الطيور أكثر نشاطاً، وفقاً لخبير الطيران البروفيسور دوغ دروي. لكن تقع بعض الحوادث المميتة جراء اصطدام الطيور أحياناً. وبين 1988 و2023، توفي نحو 76 شخصاً في الولايات المتحدة بعد اصطدام طائرات بطيور، وفقاً لإدارة الطيران الفيدرالية. ومن بين الحوادث الهامة حادث تحطم طائرة عام 1995 بالقرب من قاعدة جوية في ألاسكا. حيث قُتل نحو 24 طياراً كندياً وأميركياً بعد اصطدام طائرة بسرب من الأوز. كما تسبب اصطدام طائر في حادثة 'المعجزة على نهر هدسون' الشهيرة في عام 2009، عندما سقطت طائرة إيرباص على نهر هدسون في نيويورك بعد اصطدامها بسرب من الأوز. ونجا جميع الركاب وأفراد الطاقم البالغ عددهم 155. وتم تصوير الأحداث بشكل درامي في فيلم Sully لعام 2016، والذي قام ببطولته توم هانكس في دور قائد الطائرة تشيلسي 'سولي' سولينبرغر. هل تسبب اصطدام طائر في تحطم الطائرة في كوريا الجنوبية؟ لم يؤكد المسؤولون ما إذا كانت الطائرة قد اصطدمت بالفعل بأي طيور، ولكن ذكرت وسائل إعلام محلية أن أحد الركاب على متن الرحلة أرسل رسالة إلى أحد أقاربه، قائلاً إن طائراً 'علق في الجناح' وأن الطائرة لم تتمكن من الهبوط. وقال لي جونج هيون، رئيس إدارة الإطفاء في موآن، إن اصطدام طائر بالطائرة وسوء الأحوال الجوية ربما ساهما في الحادث – لكن السبب الدقيق لا يزال قيد التحقيق. ويقول خبير الطيران كريس كينغسوود، وهو طيار تصل خبرته إلى أكثر من 40 عاماً وقاد نفس نوع الطائرة التي تعرضت للحادث، إن لقطات الفيديو لا تظهر بوضوح سبب الحادث. وعلى الرغم من ذلك، فقد أشار إلى أن الطائرة كانت بدون عجلات الهبوط ولم تكن تستخدم اللوحات بالطريقة المتوقعة، مما يشير إلى أن 'كل شيء حدث بسرعة كبيرة حقًا'. وقال لبي بي سي: 'عادة ما تُجبر على الدخول في هذا النوع من المواقف إذا فقدت كلا المحركين'. إذ 'يمكن للطائرة التجارية أن تطير بشكل جيد وآمن بمحرك واحد'. وأضاف أن الارتفاع أمر بالغ الأهمية إذا تسبب اصطدام طائر بالطائرة في إتلاف كلا المحركين، حيث سيواجه الطيارون على ارتفاع منخفض 'عدداً كبيراً من القرارات في فترة زمنية قصيرة جداً'. وقال إن هناك نظاماً بديلاً لتشغيل كل من عجلات الهبوط واللوحات إذا فشلت المحركات. ولكن كينغسوود قال: 'إذا كانوا على ارتفاع منخفض نسبيًا، بضعة آلاف من الأقدام فقط، فعليهم حقاً التركيز على قيادة الطائرة وإيجاد مكان آمن لإسقاطها'. وتساءل خبراء آخرون عما إذا كان اصطدام الطيور وحده قد يتسبب في الحادث. وقال جيفري توماس، محرر موقع آيرلاين نيوز لرويترز: 'اصطدام الطيور ليس أمراً غير معتاد، والمشاكل في عجلات الهبوط ليست أمراً غيرعادي'. وأضاف: 'تحدث اصطدامات الطيور بشكل متكرر، لكنها عادة لا تتسبب في خسارة طائرة بمفردها'. وقال جيفري ديل، خبير سلامة الطيران الأسترالي، لرويترز: 'لم أر قط اصطدام طائر يمنع تمديد عجلات الهبوط'. وقال إن اصطدام الطيور كان من الممكن أن يؤثر على محركات الطائرة إذا دخل سرب من الطيور، لكنه لم يكن ليغلقها على الفور، مما يعني أن الطيارين كان لديهم الوقت للتعامل مع الموقف. مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.