
أيام موسكو في القاهرة.. احتفالات ثقافية وتعاون ثنائي بين مصر وروسيا
شهدت القاهرة على مدار يومي 24 و25 نوفمبر سلسلة من الفعاليات المميزة ضمن إطار "أيام موسكو"، والتي نظمتها حكومة موسكو بالتعاون مع السفارة الروسية في مصر، و"روس سوترودنيتشيسفو"، وشركة "روساتوم" المسؤولة عن إنشاء أول محطة نووية في مصر.
تضمن البرنامج مؤتمرًا حول التعاون الثنائي بين مدن دول البريكس، بمشاركة خبراء من روسيا ومصر، بالإضافة إلى موائد مستديرة تناولت موضوعات العمارة الحضرية والتنمية الاجتماعية.
كما افتتح في "البيت الروسي" بالقاهرة معرض للطوابع والملصقات النادرة التي تحتفي بمدينة موسكو، وتلا ذلك عرض سينمائي لفيلم "ماروسيا فوريفا"، مع أمسية إبداعية خاصة بكاتب السيناريو إيدار أكمانوف.
وشهد المسرح الرئيسي لدار الأوبرا عرضًا للأطفال شارك فيه بابا نويل وعذراء الثلج، رمزا الشتاء الروسي، مما أضفى أجواء مميزة على الاحتفالات.
واختتمت الفعاليات بحفل موسيقي مميز قدمته فرقة الباليه التابعة لمسرح الدولة الأكاديمي للباليه الكلاسيكي، حيث عرضت إنتاج "دون كيشوت"، وسط تفاعل كبير وتصفيق حار من الحضور.
وفي كلمته أمام الجمهور، أكد السفير الروسي في مصر، جورجي بوريسنكو، عمق العلاقات بين البلدين، معربًا عن شكره للجمهور المصري على اهتمامه المتواصل بالثقافة والفنون الروسية.
ومن المقرر أن يستمر البرنامج الثقافي في مدينة الإسكندرية، حيث يواصل الوفد الروسي زيارته لتعزيز الروابط بين الشعبين.
IMG-20241125-WA0020
IMG-20241125-WA0021
IMG-20241125-WA0017
IMG-20241125-WA0019
IMG-20241125-WA0014
IMG-20241125-WA0015
IMG-20241125-WA0012
IMG-20241125-WA0013
IMG-20241125-WA0016
IMG-20241125-WA0022
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 5 أيام
- صحيفة الخليج
وفاة يوري غريغوروفيتش مصمم الرقصات التاريخي لـ «البولشوي»
توفي يوري غريغوروفيتش، مصمم الرقصات التاريخي لمسرح البولشوي في موسكو، الاثنين، عن 98 عاماً، وفق ما أعلنت المؤسسة العريقة في العاصمة الروسية. وقال مسرح البولشوي، في بيان على «تيليغرام»: «توفي يوري غريغوروفيتش، أحد ألمع الأسماء في عالم الباليه في النصف الثاني من القرن العشرين». وأكد البيان أن الرجل الذي أشرف على رقصات الباليه على مسرح البولشوي بين 1964 و1995، «درب أجيالاً من الفنانين المتميزين». وأضاف البيان: «إدارة مسرح البولشوي وموظفوه يعربون عن خالص تعازيهم لأحباء يوري نيكولايفيتش، وسيبقى دوماً في ذكراهم، ويحافظون على إرثه الذي لا يُقدّر بثمن». ونعى مسرح ماريانسكي في سانت بطرسبرغ (شمال غرب) في بيان غريغوروفيتش، قائلاً، إنه «مع وفاة مصمم الرقص الأسطوري هذا، تطوى صفحة حقبة بأكملها»، مشيداً بـ«إرثه» الفني. ولد يوري غريغوروفيتش عام 1927 في لينينغراد (سانت بطرسبرغ حالياً)، وهو ابن شقيق جورج روزاي، الراقص الشهير في مسرح ماريانسكي في العاصمة الإمبراطورية الروسية السابقة وفي فرقة «الفصول الروسية» لسيرج دياغيليف. تخرج من مدرسة لينينغراد للرقص، وأصبح عازفاً منفرداً في مسرح كيروف (مسرح ماريانسكي كما كان يُعرف خلال الحقبة السوفييتية)، في تلك المدينة في أواخر أربعينيات القرن العشرين. ثمّ اكتسب شهرة في عام 1957 بعد إخراجه المبتكر لباليه «زهرة الحجر» المستند إلى سلسلة من الحكايات الشعبية من جبال الأورال. ثم عمل مديراً لباليه البولشوي لثلاثة عقود، وقدّم للجمهور راقصين مشهورين من أمثال ناتاليا بيسميرتنوفا، التي أصبحت زوجته، والثنائي الشهير إيكاترينا ماكسيموفا، وفلاديمير فاسيلييف. بعد استقالته من مسرح البولشوي في عام 1995، أسس غريغوروفيتش فرقته الخاصة في كراسنودار (جنوب). ومع ذلك، عاد إلى المسرح الشهير في موسكو، ليصبح أحد مصممي الرقصات الرئيسيين لفرقة الباليه في عام 2008. خلال مسيرته المهنية، أخرج غريغوروفيتش عدداً كبيراً من كلاسيكيات الباليه الروسية، مثل «كسارة البندق» لتشايكوفسكي، و«سبارتاكوس» لخاتشاتوريان، و«إيفان الرهيب» لبروكوفييف، و«العصر الذهبي» لشوستاكوفيتش.


العين الإخبارية
١١-٠٥-٢٠٢٥
- العين الإخبارية
متاجر «دون كيشوت».. وجهة السائحين الأولى للتسوق الذكي باليابان
تم تحديثه الأحد 2025/5/11 06:22 م بتوقيت أبوظبي في الممرات الضيقة لأحد المتاجر الكبرى في طوكيو، يتزاحم مئات السائحين لملء سلالهم بالوجبات الخفيفة والأدوات الإلكترونية والهدايا التذكارية، قبل أن يصطفوا في طوابير أمام صناديق الدفع في «دون كيشوت»، «ملك التخفيضات» باليابان. تغصّ رفوف متجر "دون كيشوت" المعروف أيضا بـ"دونكي" بمنتجات متنوعة وخارجة عن المألوف في آن، من رقائق بطاطا إلى مستحضرات تجميل وأزياء غريبة وأجهزة منزلية. وقد حطّمت سلسلة المتاجر ذات الأسعار المخفّضة والتي أسسها تاكاو ياسودا في ثمانينات القرن العشرين، قواعد تجارة التجزئة اليابانية مع ساعات عمل تستمر حتى وقت متأخر من الليل وأجواء فوضوية. في حديث عبر وكالة "فرانس برس"، قال موتوكي هارا، مدير خدمة الزبائن في "دون كيشوت" إن ياسودا الذي كان متأثراً بالشخصية المثالية لدون كيشوت في كتاب الروائي الإسباني سيرفانتس، حدد هدفاً لنفسه بـ"التفوّق على متاجر السوبرماركت الكبرى في تلك الحقبة من خلال أفكار جديدة وأساليب مبتكرة". وتابع وهو يقف أمام كومة من البسكويت بنكهة الشوكولا إنّ تجربة التسوّق مصممة لتكون بمثابة "بحث حقيقي عن الكنز"، مضيفا "تنتهي عملية التسوق بشراء منتجات مختلفة عمّا كان الزبون يخطط لشرائه". التسوّق الممتع تجذب تجربة "التسوّق الممتع" هذه أعدادا كبيرة من الأجانب، الذين يستفيدون من تراجع الين والأسعار المنخفضة للماركات. وفي حديث إلى وكالة "فرانس برس"، قال الأمريكي غاريت براين (27 سنة) وهو يحمل كيساً مليئاً بالهدايا التذكارية "اشتريت سلعاً كثيرة بسبعين دولاراً فقط". وقال البرازيلي برونو بوسي "إنه نوع المتاجر التي يمكنك شراء أي شيء تريده منها. ولكن عليك أن تتساءل في الوقت نفسه ما إذا كنت بحاجة بالفعل إلى السلعة". في آخر طبقة من المتجر، يمتد طابور طويل أمام نقاط الدفع. وتعتزم سلسلة "دون كيشوت" افتتاح متجرين جديدين العام المقبل، مخصصين للأجانب، مع مجموعة من المنتجات المعفاة من الضرائب. وقال مؤسس شركة "جابان آي كيو" الاستشارية بول كرافت لوكالة "فرانس برس" إن "السائحين يحبون التسوّق وشراء الهدايا التذكارية"، والأهم من ذلك "يحبون شراء كل شيء دفعة واحدة (...) حتى يتمكنوا من الاستمتاع ببقية رحلتهم وبالهم مرتاح". وبالإضافة إلى الزبائن من شرق آسيا، "ارتفعت منذ جائحة كوفيد، أعداد العملاء من أوروبا والولايات المتحدة بشكل كبير أيضاً"، بحسب هاتا. وهو أشار إلى أن هذا التدفق العالمي ساهم في زيادة إجمالي الإيرادات الذي أصبح حالياً "أعلى بنحو 1.7 مرة مما كان عليه قبل الجائحة". و"دون كيشوت" هي الماركة الرئيسية لمجموعة "بان باسيفيك إنترناشونال هولدينغز" (PPIH) اليابانية التي بلغ حجم مبيعات متاجر "الأسعار المخفّضة" التابعة لها 9 مليارات دولار (1318,6 مليار ين) للسنة المالية 2024، مما شكل زيادة بنحو 12% على أساس سنوي. وبلغت مبيعات السلع المعفاة من الضرائب 812 مليون دولار (117,3 مليار ين)، بفضل السياح من كوريا الجنوبية (28,3%) والصين (18,5%) ودول جنوب شرق آسيا (18,3%). قدرة على التكيّف تسعى "دون كيشوت" أيضا إلى زيادة معدّل زبائنها المحليين والاحتفاظ بهم، في ظل تسارع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في اليابان (باستثناء المنتجات الطازجة) في مارس/آذار بنسبة 3,2% على أساس سنوي. وقال بول كرافت "إن ما يجذب (اليابانيين) هو توفّر المنتجات والوعد بالحصول على صفقة جيدة، وهي مسألة مهمة جدا في المرحلة الراهنة". وقد دفع التضخم بعض المستهلكين إلى اختيار هذه السلسلة لمنتجات مثل مستحضرات التجميل والأجهزة المنزلية. وقالت كوروكي، وهي من سكان طوكيو وتتسوّق من "دون كيشوت" مرة إلى مرتين في الأسبوع، لوكالة فرانس برس "إنّه أرخص من أي متجر آخر، ويضم أيضا منتجات لماركات". يشتري شوجي راكو (20 عاما) من "دون كيشوت" "الشامبو، والإلكترونيات، وأي سلعة لا يمكن العثور عليها في أي متجر آخر". وفي السنة المالية 2024، افتتحت المجموعة 24 متجر "دون كيشوت" ومتاجر مماثلة ولديها 501 فرع في اليابان. لكنّ آثار الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تلقي بظلالها على استراتيجية التوسع التي تنتهجها الشركة والتي تعوّل على 110 متاجر على المستوى العالمي، تحت كيانات أخرى، بما في ذلك 64 متجرا في أمريكا الشمالية. وقال كرافت "أعتقد أن (الرسوم الجمركية) قد تؤثر بالتأكيد على (الشركة) بسبب استيراد منتجات من اليابان". وأضاف "لكن هناك أمر واحد مؤكد: لن أراهن مطلقا ضد دون كيشوت. لا أحد في القطاع الياباني يتكيّف بهذه السرعة مثلها (...) لأنّها تمنح متاجرها قدرا كبيرا من الاستقلالية". وفي ظل منافسة الشركات العمالقة في قطاع تجارة التجزئة مثل "إيون" في اليابان أو "أمازون" عبر الإنترنت، تتميز "دون كيشوت" بنموذج أعمالها الذي "لا يقلّد" تقريبا، بحسب كرافت. وقال موتوكي هارا "من ناحية كمية المنتجات، لا يمكننا التنافس مع أمازون أو راكوتن، لكنّ مفهومنا يعتمد على القدرة على تقديم منتجات غير متوقعة (...) يكتشفها الزبائن ويقدّرونها"، مضيفا "هذه هي قوّتنا". aXA6IDE4NS4xNjguMTU5Ljg5IA== جزيرة ام اند امز FR


الإمارات اليوم
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- الإمارات اليوم
«ميديا» متوّجة بذنوبها وهزيمة رقمية لـ «دون كيشوت» في «مونودراما الفجيرة»
اختارت عروض اليوم الثالث من مهرجان الفجيرة للمونودراما أن تكون محنة الإنسان ومآزقه الوجودية موضوعها المحوري، وبينما ذهب العرض الآتي من إسبانيا نحو الأسطورة والتاريخ لتشريح مفاهيم معقدة، مثل الذنب والغفران والحرية، في فضاء مسرحي رمزي طقوسي، اختار العرض الإيراني أن يكون ابن لحظته التقنية الراهنة من خلال فرجة بصرية اعتمدت على «الفيديو آرت» والتلاعب الضوئي، واستعادة رحلة «دون كيشوت» الرمزية، لكن هذه المرة بمنظور الصراع مع سطوة تقنيات التواصل الحديثة. ترنيمة مسرحية منذ اللحظة الأولى وضع العرض الإسباني «قطار ميديا»، للفنان رافائيل بينتو، جمهوره في مساحة طقوسية أسطورية، كنا أمام استعادة ومعالجة خاصة للأسطورة اليونانية الشهيرة «ميديا»، استعادة لم تكن بأي شكل من الأشكال لتسليط الضوء على الأسطورة نفسها، بل كانت بمثابة اختبار شخصي في أن تنطق «ميديا» بصوت الرجل من خلال سؤال محوري: ماذا يمكن أن تفعل أو تقول «ميديا» أمام كل ذنوبها لو صارت إنسانة من لحم ودم؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتعايش مع أثقال الفقد، والذنوب العميقة التي لا تسقط بالتقادم ولا يمحوها الزمن؟ من اللحظة الأولى عبّر هذه العرض عن نفسه، كنا أمام فرجة بنيت بهدوء مفرط، وتحولات متقنة، كنا أمام أداء منضبط بشكل مدهش، على صعيد تقنيات وأدوات الممثل، وعلى صعيد الشكل، وتفاصيل الديكور التي تحولت بين يدي الممثل إلى أدوات لبناء شكل العمل الخارجي بهشاشة قابلة للانهيار في أي لحظة بينما كان يروي الحكاية، كنا في هذا العرض أمام الحد الأدنى من العناصر البصرية التي صنع منها الممثل البارع عالماً متكاملاً من الضوء والموسيقى والحركة الرمزية، وأصبح الجسد المتجسد للأسطورة بانضباطه الشديد هو محور الفراغ والصمت والمنطلق الأساسي لأدوات السرد. بنيت حكاية «قطار ميديا» على سينوغرافيا بسيطة لكنها أعطت الممثل كل ما يريده للذهاب بعيداً في رحلة تعريته لمفاهيم عميقة في النفس البشرية، اعتمد العمل على الموسيقى كمؤثر جوهري في بنية الحكاية وفضائها، موسيقى موازية، وأخرى يصنعها الممثل بنفسه على الخشبة من خلال بعض الأدوات الوترية والإيقاعية المبنية كجزء من ديكور العمل ودلالاته البصرية، التي أضافت مناخ التراتيل السوداوية الأقرب إلى المرثيات والجنائزيات الأسطورية التي ترثي الفقد والغياب. على خيط رفيع بين الإبهار والهشاشة سار الممثل طول مدة العرض بانضباط حسي فريد، فلم يكن هناك أي فرصة للخطأ، وكان عليه التعاطي مع مشاعره وانفعالاته بميزان من ذهب، فنحن لم نكن، من حيث المبدأ، أمام سرد لحكاية بل لعبة نفسية تتصاعد وتتحرك بأدوات تأخذ الواحدة منها معاني متنوعة، وتتصاعد بالإحساس المشدود تماماً، خصوصاً عندما تكون الريشة بكل هشاشتها وضعفها الحامل التي يبني عليها الممثل كتلة ديكوره، وهي التي تتسبب في انهياره في آخر العرض. يدمج العرض الثقافة المحلية مع الأسطورة المعولمة، ويمضي في بحث حرية المرأة، من دون الوقوع في خطاب مباشر أو تقريري، بل من جانب نفسي ملهم مع استدعاء شخصية «ياسون»، ما ضاعف البعد المأساوي والجنائزي في هذه المونودراما، وحوّل الغائب إلى حاضر داخلي يتصارع قي كيان «ميديا» الممزق والمأزوم. نجح العرض في بناء عالم متكامل من الضوء والموسيقى والحركة الرمزية، ليصبح الجسد والفراغ والصمت أدوات سرد قوية بحد ذاتها. «قطار ميديا» لم يكن مجرد قراءة معاصرة لأسطورة قديمة، بل عمل ينتصر للقيم الإنسانية بامتياز، ويطرح أسئلة وجودية منبعها القيم الإنسانية، ويراهن على قوة الفن والإبداع في تحويل الألم والخوف إلى معنى. لعبة الفضاء البصري من إيران جاء العرض المميز الذي حمل عنوان «مستطيل»، بأداء الفنان الإيراني، سيد إمام أصفهاني رشيدي، تأليف وإخراج سحرا رمزانيان، ليقدم لنا لعبة مغايرة كسرت قوالب الفرجة المعهودة، ينقل العرض الجمهور إلى خشبة المسرح ويلغي الصالة، ووسط الجمهور الذي صار على خشبة المسرح يوجد ذلك المستطيل البصري الضوئي الذي تدور فيه حكاية ولعبة هذه التجربة الدلالية المكثفة. سرعان ما يكتشف المتلقي أن هذا المستطيل الذي يلازمه الممثل ليس أكثر من سجن بمفاهيم معقدة، ومساحة دلالية لصراع إنساني لكن في شبكات التواصل وتقنيات التواصل، التي بات العمل أسيراً لها، إلى الدرجة التي بدأت الحياة الواقعية تتحول إلى عالم موازٍ وليس العكس. يستنهض العرض البطل الشعبي من رمزيته المتمثلة في «دون كيشوت»، باعتباره نموذجاً في الذاكرة الإنسانية للبطل الباحث عن نفسه والمعنى الإنساني في عالم صعب ومليء بالشر والخديعة، لكن هنا لن يكون «دون كيشوت» ذلك الفارس الذي يخوض حروبه مع طواحين الهواء، بل مع عالم موازٍ حافل بالخدائع، ومقومات العصر التي باتت تحكم حياة الفرد وتحدد مساره، في حالة مريبة من الهيمنة المعقدة على أنماط التفكير والعيش وحتى الأحلام. بطل المسرحية، على نهج صراع «دون كيشوت» الباحث عن الخلاص، ليست لديه القدرة على خوض معاركه بنفسه وسط هذا المستطيل، بل تحوّل إلى رجل ضائع ومشتت مستسلم لتحكم معالج بالطاقة، هو الذي يزيد من قيوده وحصاره، ونكتشف أنه يعيق توقه إلى التحرر والوصول إلى العالم الحقيقي. وعلى مدى 37 دقيقة، مدة العمل، يرتحل بنا إلى عالم هذياني مأزوم ومعقد، يغادر «دون كيشوت» سياقة التاريخي المعروف إلى لحظة راهنة شديدة التأزم، إنها أمامنا شخصية إنسانية مشوشة وحائرة وضائعة تنشد خلاصها من غربة نفسية مركبة، لتسقط تحت سيطرة «المدرب الروحي»، الذي يتفنن بالاستثمار في معاناته، بينما يتحول «سانشو» من الرفيق والصديق الطيب إلى مجرد مدير أعمال جشع يستثمر هو الآخر بمفهوم البطولة الأخلاقية، ويحولها إلى منتج استهلاكي خاضع لموازين الربح والخسارة. في هذا العرض المكثف، كنا أمام ممثل استطاع ضبط مشاعره المتداخلة والمركبة، وطاقته الحركية التي حولها إلى طاقة نقدية أكثر من أدائية، منتصراً لفكرة أن البطل المنهزم ليس مجرد إنسان خاسر بقدر ما هو كائن عالق في مكان بين الحقيقة والوهم. بساطة الفضاء المسرحي كانت من مكامن قوة هذا العرض، مجرد مستطيل صغير تحول إلى مساحة تعبير مدهشة بالاستفادة طبعاً من تقنيات الضوء والظل والصوت، مستطيل هذا العرض هو بكل وضوح سجن العصر الحديث، إنه سجن داخلي مظلم وخانق وقاتل رغم كل الحرية الكاذبة التي يعد ويروج لها. العرض لا يقدّم بطلاً تقليدياً، بل شخصية مأزومة ترى في الجمهور خصماً وصديقاً في آن، ولا يخلص العرض إلى خلاص أو انتصار وهزيمة، بل إلى لحظة فريدة من التلاشي الرقمي، إنها النهاية التراجيدية لأبطال العالم الافتراضي، الذين ينتهون بنقرة «ديليت» على الكيبورد. «مستطيل» عرض يعرّي سجون العصر الحديث، المتمثلة في التقنيات، والعالم الافتراضي المظلم، رغم كل الحرية الكاذبة التي يعد ويروج لها. نجح «قطار ميديا» في بناء عالم متكامل من الضوء والموسيقى والحركة الرمزية، ليصبح الجسد والفراغ والصمت أدوات سرد قوية بحد ذاتها.