logo
«ميديا» متوّجة بذنوبها وهزيمة رقمية  لـ «دون كيشوت» في «مونودراما الفجيرة»

«ميديا» متوّجة بذنوبها وهزيمة رقمية لـ «دون كيشوت» في «مونودراما الفجيرة»

الإمارات اليوم١٥-٠٤-٢٠٢٥

اختارت عروض اليوم الثالث من مهرجان الفجيرة للمونودراما أن تكون محنة الإنسان ومآزقه الوجودية موضوعها المحوري، وبينما ذهب العرض الآتي من إسبانيا نحو الأسطورة والتاريخ لتشريح مفاهيم معقدة، مثل الذنب والغفران والحرية، في فضاء مسرحي رمزي طقوسي، اختار العرض الإيراني أن يكون ابن لحظته التقنية الراهنة من خلال فرجة بصرية اعتمدت على «الفيديو آرت» والتلاعب الضوئي، واستعادة رحلة «دون كيشوت» الرمزية، لكن هذه المرة بمنظور الصراع مع سطوة تقنيات التواصل الحديثة.
ترنيمة مسرحية
منذ اللحظة الأولى وضع العرض الإسباني «قطار ميديا»، للفنان رافائيل بينتو، جمهوره في مساحة طقوسية أسطورية، كنا أمام استعادة ومعالجة خاصة للأسطورة اليونانية الشهيرة «ميديا»، استعادة لم تكن بأي شكل من الأشكال لتسليط الضوء على الأسطورة نفسها، بل كانت بمثابة اختبار شخصي في أن تنطق «ميديا» بصوت الرجل من خلال سؤال محوري: ماذا يمكن أن تفعل أو تقول «ميديا» أمام كل ذنوبها لو صارت إنسانة من لحم ودم؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتعايش مع أثقال الفقد، والذنوب العميقة التي لا تسقط بالتقادم ولا يمحوها الزمن؟
من اللحظة الأولى عبّر هذه العرض عن نفسه، كنا أمام فرجة بنيت بهدوء مفرط، وتحولات متقنة، كنا أمام أداء منضبط بشكل مدهش، على صعيد تقنيات وأدوات الممثل، وعلى صعيد الشكل، وتفاصيل الديكور التي تحولت بين يدي الممثل إلى أدوات لبناء شكل العمل الخارجي بهشاشة قابلة للانهيار في أي لحظة بينما كان يروي الحكاية، كنا في هذا العرض أمام الحد الأدنى من العناصر البصرية التي صنع منها الممثل البارع عالماً متكاملاً من الضوء والموسيقى والحركة الرمزية، وأصبح الجسد المتجسد للأسطورة بانضباطه الشديد هو محور الفراغ والصمت والمنطلق الأساسي لأدوات السرد.
بنيت حكاية «قطار ميديا» على سينوغرافيا بسيطة لكنها أعطت الممثل كل ما يريده للذهاب بعيداً في رحلة تعريته لمفاهيم عميقة في النفس البشرية، اعتمد العمل على الموسيقى كمؤثر جوهري في بنية الحكاية وفضائها، موسيقى موازية، وأخرى يصنعها الممثل بنفسه على الخشبة من خلال بعض الأدوات الوترية والإيقاعية المبنية كجزء من ديكور العمل ودلالاته البصرية، التي أضافت مناخ التراتيل السوداوية الأقرب إلى المرثيات والجنائزيات الأسطورية التي ترثي الفقد والغياب.
على خيط رفيع بين الإبهار والهشاشة سار الممثل طول مدة العرض بانضباط حسي فريد، فلم يكن هناك أي فرصة للخطأ، وكان عليه التعاطي مع مشاعره وانفعالاته بميزان من ذهب، فنحن لم نكن، من حيث المبدأ، أمام سرد لحكاية بل لعبة نفسية تتصاعد وتتحرك بأدوات تأخذ الواحدة منها معاني متنوعة، وتتصاعد بالإحساس المشدود تماماً، خصوصاً عندما تكون الريشة بكل هشاشتها وضعفها الحامل التي يبني عليها الممثل كتلة ديكوره، وهي التي تتسبب في انهياره في آخر العرض.
يدمج العرض الثقافة المحلية مع الأسطورة المعولمة، ويمضي في بحث حرية المرأة، من دون الوقوع في خطاب مباشر أو تقريري، بل من جانب نفسي ملهم مع استدعاء شخصية «ياسون»، ما ضاعف البعد المأساوي والجنائزي في هذه المونودراما، وحوّل الغائب إلى حاضر داخلي يتصارع قي كيان «ميديا» الممزق والمأزوم.
نجح العرض في بناء عالم متكامل من الضوء والموسيقى والحركة الرمزية، ليصبح الجسد والفراغ والصمت أدوات سرد قوية بحد ذاتها.
«قطار ميديا» لم يكن مجرد قراءة معاصرة لأسطورة قديمة، بل عمل ينتصر للقيم الإنسانية بامتياز، ويطرح أسئلة وجودية منبعها القيم الإنسانية، ويراهن على قوة الفن والإبداع في تحويل الألم والخوف إلى معنى.
لعبة الفضاء البصري
من إيران جاء العرض المميز الذي حمل عنوان «مستطيل»، بأداء الفنان الإيراني، سيد إمام أصفهاني رشيدي، تأليف وإخراج سحرا رمزانيان، ليقدم لنا لعبة مغايرة كسرت قوالب الفرجة المعهودة، ينقل العرض الجمهور إلى خشبة المسرح ويلغي الصالة، ووسط الجمهور الذي صار على خشبة المسرح يوجد ذلك المستطيل البصري الضوئي الذي تدور فيه حكاية ولعبة هذه التجربة الدلالية المكثفة.
سرعان ما يكتشف المتلقي أن هذا المستطيل الذي يلازمه الممثل ليس أكثر من سجن بمفاهيم معقدة، ومساحة دلالية لصراع إنساني لكن في شبكات التواصل وتقنيات التواصل، التي بات العمل أسيراً لها، إلى الدرجة التي بدأت الحياة الواقعية تتحول إلى عالم موازٍ وليس العكس.
يستنهض العرض البطل الشعبي من رمزيته المتمثلة في «دون كيشوت»، باعتباره نموذجاً في الذاكرة الإنسانية للبطل الباحث عن نفسه والمعنى الإنساني في عالم صعب ومليء بالشر والخديعة، لكن هنا لن يكون «دون كيشوت» ذلك الفارس الذي يخوض حروبه مع طواحين الهواء، بل مع عالم موازٍ حافل بالخدائع، ومقومات العصر التي باتت تحكم حياة الفرد وتحدد مساره، في حالة مريبة من الهيمنة المعقدة على أنماط التفكير والعيش وحتى الأحلام.
بطل المسرحية، على نهج صراع «دون كيشوت» الباحث عن الخلاص، ليست لديه القدرة على خوض معاركه بنفسه وسط هذا المستطيل، بل تحوّل إلى رجل ضائع ومشتت مستسلم لتحكم معالج بالطاقة، هو الذي يزيد من قيوده وحصاره، ونكتشف أنه يعيق توقه إلى التحرر والوصول إلى العالم الحقيقي.
وعلى مدى 37 دقيقة، مدة العمل، يرتحل بنا إلى عالم هذياني مأزوم ومعقد، يغادر «دون كيشوت» سياقة التاريخي المعروف إلى لحظة راهنة شديدة التأزم، إنها أمامنا شخصية إنسانية مشوشة وحائرة وضائعة تنشد خلاصها من غربة نفسية مركبة، لتسقط تحت سيطرة «المدرب الروحي»، الذي يتفنن بالاستثمار في معاناته، بينما يتحول «سانشو» من الرفيق والصديق الطيب إلى مجرد مدير أعمال جشع يستثمر هو الآخر بمفهوم البطولة الأخلاقية، ويحولها إلى منتج استهلاكي خاضع لموازين الربح والخسارة.
في هذا العرض المكثف، كنا أمام ممثل استطاع ضبط مشاعره المتداخلة والمركبة، وطاقته الحركية التي حولها إلى طاقة نقدية أكثر من أدائية، منتصراً لفكرة أن البطل المنهزم ليس مجرد إنسان خاسر بقدر ما هو كائن عالق في مكان بين الحقيقة والوهم.
بساطة الفضاء المسرحي كانت من مكامن قوة هذا العرض، مجرد مستطيل صغير تحول إلى مساحة تعبير مدهشة بالاستفادة طبعاً من تقنيات الضوء والظل والصوت، مستطيل هذا العرض هو بكل وضوح سجن العصر الحديث، إنه سجن داخلي مظلم وخانق وقاتل رغم كل الحرية الكاذبة التي يعد ويروج لها.
العرض لا يقدّم بطلاً تقليدياً، بل شخصية مأزومة ترى في الجمهور خصماً وصديقاً في آن، ولا يخلص العرض إلى خلاص أو انتصار وهزيمة، بل إلى لحظة فريدة من التلاشي الرقمي، إنها النهاية التراجيدية لأبطال العالم الافتراضي، الذين ينتهون بنقرة «ديليت» على الكيبورد.
«مستطيل» عرض يعرّي سجون العصر الحديث، المتمثلة في التقنيات، والعالم الافتراضي المظلم، رغم كل الحرية الكاذبة التي يعد ويروج لها.
نجح «قطار ميديا» في بناء عالم متكامل من الضوء والموسيقى والحركة الرمزية، ليصبح الجسد والفراغ والصمت أدوات سرد قوية بحد ذاتها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

متاجر «دون كيشوت».. وجهة السائحين الأولى للتسوق الذكي باليابان
متاجر «دون كيشوت».. وجهة السائحين الأولى للتسوق الذكي باليابان

العين الإخبارية

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • العين الإخبارية

متاجر «دون كيشوت».. وجهة السائحين الأولى للتسوق الذكي باليابان

تم تحديثه الأحد 2025/5/11 06:22 م بتوقيت أبوظبي في الممرات الضيقة لأحد المتاجر الكبرى في طوكيو، يتزاحم مئات السائحين لملء سلالهم بالوجبات الخفيفة والأدوات الإلكترونية والهدايا التذكارية، قبل أن يصطفوا في طوابير أمام صناديق الدفع في «دون كيشوت»، «ملك التخفيضات» باليابان. تغصّ رفوف متجر "دون كيشوت" المعروف أيضا بـ"دونكي" بمنتجات متنوعة وخارجة عن المألوف في آن، من رقائق بطاطا إلى مستحضرات تجميل وأزياء غريبة وأجهزة منزلية. وقد حطّمت سلسلة المتاجر ذات الأسعار المخفّضة والتي أسسها تاكاو ياسودا في ثمانينات القرن العشرين، قواعد تجارة التجزئة اليابانية مع ساعات عمل تستمر حتى وقت متأخر من الليل وأجواء فوضوية. في حديث عبر وكالة "فرانس برس"، قال موتوكي هارا، مدير خدمة الزبائن في "دون كيشوت" إن ياسودا الذي كان متأثراً بالشخصية المثالية لدون كيشوت في كتاب الروائي الإسباني سيرفانتس، حدد هدفاً لنفسه بـ"التفوّق على متاجر السوبرماركت الكبرى في تلك الحقبة من خلال أفكار جديدة وأساليب مبتكرة". وتابع وهو يقف أمام كومة من البسكويت بنكهة الشوكولا إنّ تجربة التسوّق مصممة لتكون بمثابة "بحث حقيقي عن الكنز"، مضيفا "تنتهي عملية التسوق بشراء منتجات مختلفة عمّا كان الزبون يخطط لشرائه". التسوّق الممتع تجذب تجربة "التسوّق الممتع" هذه أعدادا كبيرة من الأجانب، الذين يستفيدون من تراجع الين والأسعار المنخفضة للماركات. وفي حديث إلى وكالة "فرانس برس"، قال الأمريكي غاريت براين (27 سنة) وهو يحمل كيساً مليئاً بالهدايا التذكارية "اشتريت سلعاً كثيرة بسبعين دولاراً فقط". وقال البرازيلي برونو بوسي "إنه نوع المتاجر التي يمكنك شراء أي شيء تريده منها. ولكن عليك أن تتساءل في الوقت نفسه ما إذا كنت بحاجة بالفعل إلى السلعة". في آخر طبقة من المتجر، يمتد طابور طويل أمام نقاط الدفع. وتعتزم سلسلة "دون كيشوت" افتتاح متجرين جديدين العام المقبل، مخصصين للأجانب، مع مجموعة من المنتجات المعفاة من الضرائب. وقال مؤسس شركة "جابان آي كيو" الاستشارية بول كرافت لوكالة "فرانس برس" إن "السائحين يحبون التسوّق وشراء الهدايا التذكارية"، والأهم من ذلك "يحبون شراء كل شيء دفعة واحدة (...) حتى يتمكنوا من الاستمتاع ببقية رحلتهم وبالهم مرتاح". وبالإضافة إلى الزبائن من شرق آسيا، "ارتفعت منذ جائحة كوفيد، أعداد العملاء من أوروبا والولايات المتحدة بشكل كبير أيضاً"، بحسب هاتا. وهو أشار إلى أن هذا التدفق العالمي ساهم في زيادة إجمالي الإيرادات الذي أصبح حالياً "أعلى بنحو 1.7 مرة مما كان عليه قبل الجائحة". و"دون كيشوت" هي الماركة الرئيسية لمجموعة "بان باسيفيك إنترناشونال هولدينغز" (PPIH) اليابانية التي بلغ حجم مبيعات متاجر "الأسعار المخفّضة" التابعة لها 9 مليارات دولار (1318,6 مليار ين) للسنة المالية 2024، مما شكل زيادة بنحو 12% على أساس سنوي. وبلغت مبيعات السلع المعفاة من الضرائب 812 مليون دولار (117,3 مليار ين)، بفضل السياح من كوريا الجنوبية (28,3%) والصين (18,5%) ودول جنوب شرق آسيا (18,3%). قدرة على التكيّف تسعى "دون كيشوت" أيضا إلى زيادة معدّل زبائنها المحليين والاحتفاظ بهم، في ظل تسارع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في اليابان (باستثناء المنتجات الطازجة) في مارس/آذار بنسبة 3,2% على أساس سنوي. وقال بول كرافت "إن ما يجذب (اليابانيين) هو توفّر المنتجات والوعد بالحصول على صفقة جيدة، وهي مسألة مهمة جدا في المرحلة الراهنة". وقد دفع التضخم بعض المستهلكين إلى اختيار هذه السلسلة لمنتجات مثل مستحضرات التجميل والأجهزة المنزلية. وقالت كوروكي، وهي من سكان طوكيو وتتسوّق من "دون كيشوت" مرة إلى مرتين في الأسبوع، لوكالة فرانس برس "إنّه أرخص من أي متجر آخر، ويضم أيضا منتجات لماركات". يشتري شوجي راكو (20 عاما) من "دون كيشوت" "الشامبو، والإلكترونيات، وأي سلعة لا يمكن العثور عليها في أي متجر آخر". وفي السنة المالية 2024، افتتحت المجموعة 24 متجر "دون كيشوت" ومتاجر مماثلة ولديها 501 فرع في اليابان. لكنّ آثار الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تلقي بظلالها على استراتيجية التوسع التي تنتهجها الشركة والتي تعوّل على 110 متاجر على المستوى العالمي، تحت كيانات أخرى، بما في ذلك 64 متجرا في أمريكا الشمالية. وقال كرافت "أعتقد أن (الرسوم الجمركية) قد تؤثر بالتأكيد على (الشركة) بسبب استيراد منتجات من اليابان". وأضاف "لكن هناك أمر واحد مؤكد: لن أراهن مطلقا ضد دون كيشوت. لا أحد في القطاع الياباني يتكيّف بهذه السرعة مثلها (...) لأنّها تمنح متاجرها قدرا كبيرا من الاستقلالية". وفي ظل منافسة الشركات العمالقة في قطاع تجارة التجزئة مثل "إيون" في اليابان أو "أمازون" عبر الإنترنت، تتميز "دون كيشوت" بنموذج أعمالها الذي "لا يقلّد" تقريبا، بحسب كرافت. وقال موتوكي هارا "من ناحية كمية المنتجات، لا يمكننا التنافس مع أمازون أو راكوتن، لكنّ مفهومنا يعتمد على القدرة على تقديم منتجات غير متوقعة (...) يكتشفها الزبائن ويقدّرونها"، مضيفا "هذه هي قوّتنا". aXA6IDE4NS4xNjguMTU5Ljg5IA== جزيرة ام اند امز FR

خواطر فايسبوكية صباحية الحياة رحلة قصيرة
خواطر فايسبوكية صباحية الحياة رحلة قصيرة

صدى مصر

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • صدى مصر

خواطر فايسبوكية صباحية الحياة رحلة قصيرة

خواطر فايسبوكية صباحية الحياة رحلة قصيرة بقلم المعز غني الحياة … ما هي إلا غفوة بين لحظتين ، ومضة تمرّ سريعًا بين شهيق الميلاد وزفير الرحيل. نمشي على أرضها وكأننا باقون ، نخطط ، نركض ، نتألم ، نفرح ، نحزن ، نؤجّل… ننسى أنها لا تنتظر أحدًا. في كل صباح جديد ، تمنحنا الحياة فرصة أخرى لنُدرك أن كل ما نملكه هو هذا اليوم ، في هذه اللحظة . كم من الأشياء نؤجلها حتى ' الغد '، دون أن نعلم إن كان الغد سيأتينا ؟ كم من القلوب نؤذيها دون أن ندرك أن الإعتذار قد لا يجدها حين نقرره ؟ الحياة قصيرة ، نعم … لكنها تتسع لمن يفهم سرّها. من يزرع فيها لطفًا ، من يختار الصمت على الجرح ، والصفح على الكِبر ، والحب على القسوة. تتسع لأولئك الذين يمشون بخفة ، يتركون أثرًا لا يُنسى ، ولا يطلبون شيئًا في المقابل. تأمل في شروق الشمس ، في وجه عجوز يبتسم رغم التجاعيد ، في يدٍ صغيرة تبحث عن الدفء. هناك رسائل كثيرة تهمس: عش بلين ، أمش ِ برفق ، قف حين يستحق الوقوف ، وغادر حين يحين الوقت دون ضجيج. ففي النهاية … نحن مجرّد عابرين. وكم هو جميل أن نكون عابرين بلُطف. اللهم بإسم أسمائك الحسنى وصفاتك العلى نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في البدن والدين واللهم نسألك الستر في الدنيا والآخرة وأحسن خاتمتنا وتوفانا مسلمين وألحقنا بالأنبياء والصالحين والشهداء. —

«ميديا» أفضل عرض متكامل والتونسي كوشكار أفضل ممثل في «الفجيرة للمونودراما»
«ميديا» أفضل عرض متكامل والتونسي كوشكار أفضل ممثل في «الفجيرة للمونودراما»

الإمارات اليوم

time٢٠-٠٤-٢٠٢٥

  • الإمارات اليوم

«ميديا» أفضل عرض متكامل والتونسي كوشكار أفضل ممثل في «الفجيرة للمونودراما»

تقاسمت إسبانيا وألمانيا وإيران جوائز أفضل عرض متكامل في مسابقة مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، التي رأس لجنة تحكيمها الفنان فايز قزق، إذ خطف العرض الإسباني «قطار ميديا» المركز الأول كأفضل عرض متكامل، ولفت هذا العرض المتقن للفنان رافائيل بينتو، جمهور المهرجان بمعالجته الابداعية المتقنة للأسطورة اليونانية الشهيرة «ميديا». استعادة الأسطورة هنا لم تكن لتسليط الضوء على الأسطورة نفسها، بل كانت بمثابة اختبار شخصي في أن تنطق «ميديا» بصوت الرجل من خلال سؤال محوري: ماذا يمكن أن تفعل أو تقول «ميديا» أمام كل ذنوبها لو صارت إنسانة من لحم ودم؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتعايش مع أثقال الفقد، والذنوب العميقة التي لا تسقط بالتقادم ولا يمحوها الزمن؟ قدم العرض بناء مسرحياً متقناً، وكنا أمام أداء منضبط بشكل مدهش، على صعيد تقنيات وأدوات الممثل، وعلى صعيد الشكل، وتفاصيل الديكور التي تحولت بين يدي الممثل إلى أدوات لبناء شكل العمل الخارجي بهشاشة قابلة للانهيار في أي لحظة بينما كان يروي الحكاية، كنا في هذا العرض أمام الحد الأدنى من العناصر البصرية التي صنع منها الممثل البارع عالماً متكاملاً من الضوء والموسيقى والحركة الرمزية، وأصبح الجسد المتجسد للأسطورة بانضباطه الشديد هو محور الفراغ والصمت والمنطلق الأساسي لأدوات السرد. المركز الثاني كأفضل عرض متكامل جاء من نصيب تجربة بصرية ألمانية استثنائية حملت عنوان «عمق ضحل» من إخراج جوناس كلينينبرغ، وتمثيل جان جيديناك، في هذا العرض كنا أمام فرجة بصرية مدهشة أشبه بالحفر البصري القائم على أداء جسدي شديد الدقة والانضباط وبلا إمكانية واحدة للخطأ. ينتمي العرض إلى ما يمكن اعتباره «التكنو-مسرح»، الذي يمزج بين تقنيات الإضاءة والفلسفة الذهنية، لتحليل الكثير من القضايا الإنسانية الوجودية المعاصرة، وبدا في لحظات كثيرة كأنه يعيد بناء إنسان جديد بعد تعريته من الداخل ووضعه في مواجهة كل مخاوفه ومآزقه. أما العرض الإيراني «مستطيل» الذي خطف الجائزة الثالثة كأفضل عمل متكامل بأداء الفنان سيد إمام أصفهاني رشيدي، تأليف وإخراج سحرا رمزانيان، فقدم لعبة مغايرة كسرت قوالب الفرجة المعهودة، بنقل الجمهور إلى خشبة المسرح وإلغاء الصالة، ليخلق ذلك الصراع الإنساني الذي انتقل من الحقيقة إلى شبكات التواصل. استنهض العرض البطل الشعبي من رمزيته المتمثلة في «دون كيشوت»، باعتباره نموذجاً في الذاكرة الإنسانية للبطل الباحث عن نفسه والمعنى الإنساني في عالم صعب ومليء بالشر والخديعة، لكن هنا لن يكون «دون كيشوت» ذلك الفارس الذي يخوض حروبه مع طواحين الهواء، بل مع عالم موازٍ حافل بالخدائع، ومقومات العصر التي باتت تحكم حياة الفرد وتحدد مساره في حالة مريبة من الهيمنة المعقدة على أنماط التفكير والعيش وحتى الأحلام. أما جائزة أفضل ممثل فذهبت للممثل أسامة كوشكار (تونس) الذي قدم عرضاً كبيراً في المسرحية التي حملت عنوان «وحدي» تأليف وإخراج وليد دغسني. عاش الجمهور مع هذا الممثل رحلة محزنة ومبهجة من خلال حكاية سائق شاحنة ثقيلة، قرر أن يروي لنا حكايته أو حكاياه التي لا تنتهي، وبين الضحكة والدمعة، القسوة المفرطة والشعرية الساحرة، الأنا والآخر، حفر هذا الممثل مسار حكاية صارمة من حيث الأداء، وسط انتقالات وتحولات في فضاء مسرحي متقشف. على الخشبة ليس هناك إلا فراغ واسع، وممثل متمكن قاد الحكاية بكل اقتدار. أما في مسابقة النصوص المونودرامية، التي ترأسها الدكتور سامح مهران، فجاءت النتائج على الشكل التالي: المركز الأول: «السماء ليست لك» – هوشنك وزيري (العراق)، المركز الثاني: «3.0» – مهند العرقوص (سورية)، المركز الثالث (مناصفة) بين «ميسي فوق الخشبة» محمد عبدول (الجزائر)، و«على شفاه الريح» – ميسون عبدالعزيز عمران (سورية).

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store